وقفت امام النافذة طويلا وانا احدق الى الخارج..كنت انظر بشرود الى الاشياء ..بدى الجو ضبابيا في ساعات الصباح الاولى..كانت افكاري مشوشة صاخبة لاتستقر على حال ابدا..بدى لي ان كل ماحدث لايمت الى الواقع بصلة ..شعرت انني في طريق لا اعرف معالمة ..
منتدى ليلاس الثقافياكتسى فية عقلي ضبابية تفوق الضباب الذي في الخارج..تسائلت كثيرا لماذا حدث كل هذا ..اتراها الاقدار ترسم خطوط حياتنا ..وتنهيها متى تشاء ..ام ان كل ما حدث ما هو الا عن سابق تخطيط ..ولكنها كانت تبتسم ..نعم لقد رايت تلك الابتسامة الوادعة ترقد على ثغرها الصغير ..ربما لم تكن قد!!!..هززت راسي بشدة ماهذا اتراني بدات افقد عقلي ام ماذا..ولكنها بدت نشيطة تضج بالحياة..وكانها فراشة من نور ..كلنا اعتقدنا انها قد ودعت معاناتها الى الابد ..
اترانا كنا مخطأين هل جانبنا الصواب ..ام اننا من الغفلة بحيث لم نلاحظ ان نهايتها قد اقتربت ..انا نفسي لم اشعر بهذا وانا شقيقتها المقربة ..لقد اخفت كل ذلك عنا بمهارة ..ربما ارادت ان تقضي ايامها الاخيرة بيننا ..ارادت ان تكتنز وجوهنا وملامحنا في داخلها ..عقدت حاجبي وانا اربت على جبيني المتصفد بالعرق ..
عندما عادت الينا بعد تلك ذلك السفر الطويل ..توهمنا انها قد تماثلت الى الشفاء ..فقد عادت الى ثغرها تلك الابتسامة التي تميزها عن غيرها ..اخبرنا ابي انها ارادت ان تترك كل شئ هناك بشكل مفاجئ ..حاول ان يقنعها ..ولكنه رضخ اخيرا الى اصرارها ...
انتابنا كثيرا من الارتياح لذلك ..لقد من الله عليها بالشفاء ..ورجعت الينا اخيرا..كان جسدها الرقيق الواهن من طول المرض والمعاناة يتراقص دون ان يراعي
هزاله الواضح..تكلم ذاك وتداعب هذا ..لا تهدا ابدا ..كانت نظرات امي تتابعها طويلا بغبطة وسرور ..وكانها قد وجدت اخيرا كانت تبحث عنة طويلا ..
لم افارقها انا ابدا فقد شعرت ان تلك المدة التي تركتنا فيها طويلة جدا وقاسية ..
بدى في عينيها بريق غريب غامض ..وشعرنا انها اكتست سنوات اضافية الى سنوات عمرها الاثنى عشر..في تلك الليلة نظرت الى طويلا وهي ترى دميتها المفضلة ترقد بين ذراعي ..اهدتني اياها قائلة انها تريد ان تظل ذكرى ..فزعت كثيرا عندما سمعت كلماتها ..انتابني شيئا غريب ..
ارتجفت شفتاي وانا احاول ان اجيبها بشئ يبدد الخوف الذي سيطر علي ..تسللت ابتسامة عذبة الى شفتيها وهي ترى حيرتي ..هذة الدمية كانت من اعز الاشياء بالنسبة اليها ..حتى انها لم تفارقها في رحلة العلاج..
نهضت من مكاني وذهبت اليها اردت ان احتضنها طويلا ..شعرت بضلوعها تستكين بين ذراعي ..تبلل شعرها الحريري ..بسبب دموعي المتساقطة ..
ابعدتني عنها بلطف لا زالت تلك الابتسامة ترقد على شفتيها ..شعرت ان قلبي يكاد ينفطر ..
استلقت على الفراش دون ان تقول اي كلمة اخرى ..كان وجهها في الجهة الاخرى بحيث لا اراه ..احتضنت دميتها وانا ارجع الى فراشي ..بت تلك الليلة قلقة
لم استقر على حال ..في الصباح فتحت عيني وانا ابحث عنها ..لازالت راقدة ..حاولت ان ابعد تلك الافكار عني ..
تذكرت ان اليوم هو عطلة والدي وقد وعدنا ان نذهب جميعا في رحلة برية ..فلقد كانت تحب ذلك كثيرا ..عندما هززتها لم تستجب الي ..بدى وجهها جميلا جدا
وعيناها مسبلتان كانها اميرة ..شعرها الحريري كان يتناثر بعفوية على المخدة ..يحيط بوجهها الدائري الطفولي ..
كانت تيتسم بعذوبة وكانها تحت تاثير حلم جميل ..ابتسمت وانا اعاود محاولة ايقاظها مرة اخرى ..لم يخطر في بالي ابدا ان تكون قد فارقت الحياة لان وجهها كان
يضج بالحياة بدت لي انها اجمل من اي وقت مضى ..كانت يداها دافئتان ..لم افهم لماذا حدث كل ذلك ..واذا كانت قد فارقت الحياة لماذا ترقد تلك الابتسامة على
ثغرها ..على الرغم مني تسللت بضع دمعات الى وجنتي..حدقت الى فضاء الغرفة الواسع ..بين دموعي رايت تلك الدمية ترقد هناك بسكون ..