المنتدى :
كتب التاريخ والحضارة و القانون و السياسة
محمد حسنين هيكل , المفاوضات السرية بين العرب و إسرائيل , دار الشروق , 2001
يقول محمد حسنين هيكل في مقدمة كتابه "المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل" بأن موضوعه كما هو بادٍ من أول نظرة ومن مجرد العنوان صعب وعسير، لكن قصته يجب أن تروى الآن وعند هذا المنعطف من التاريخ العربي، وخشيته أن عواصف الحرب والسلام أخذت الأمة من خناقها وسحبتها إلى بعيد بحيث اختلطت الحقائق بالأوهام والوقائع بالخيال وضاع المعنى . وعلى نحو ما فقد كان مفيداً،، أن تطل الأمة على مشهد كامل للمواقع التي تقف قرب تخومه اليوم وتتبين كيف وصلت بها الحوادث إلى هذه التخوم، وذلك أنه من الضروري للأمم أن تعرف عند كل موضع من مواضع تاريخها كيف وصلت إليه، ولا بأس بعدها من أن تواصل مسيرها على الدروب طالما أن تعرف من أين هي قادمة وإلى أين هي قاصدة
لمفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل الجزء الاول
إن الفصول الأولى من الكتاب تمثل مسرحاً للميادين التي جرت عليها "قصة المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل"، ثم أن نفس هذه الفصول تتعرض أيضاً لنقطة هامة، إذ تجيب على سؤال كامن في عنوان الكتاب ذاته، وهو: "لماذا كان مطلوباً أن تجري أية اتصالات أو مفاوضات بين العرب وإسرائيل من وراء حجب وأستار!" ومن الإجابة على هذا السؤال عن حتمية السرية وضروراتها، يصبح ممكناً أن تبدأ وتتصل وتتداعى فصول القصة من أولها، إلى العقد المستحكمة فيها، إلى النهايات المقدرة لها، في سياق متصل يحاول أن يصل إلى الحقيقة أو يقاربها، مدركاً أن هذه الحقيقة ملك الناس لأنها وسيلتهم إلى المعرفة، على أساس أن المعرفة هي أهم عناصر الإرادة التاريخية لدى الشعوب والأمم.
هذا وأن "المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل" قصة واحدة، لكنها طويلة. والواقع أن الظروف والأجواء التي أحاطت بالقصة، امتدت قرب عبر سنوات طويلة تعاقبت عليها قوى ودول، وأحياناً قبائل وأسر حاكمة أو مطالبة بعروش. في وقت من الأوقات كانت المفاوضات السرية بين بريطانيا وبين الحركة الصهيونية. وفي وقت آخر كان التفاوض بين الإمبراطورية العثمانية وبين الحركة الصهيونية. وفي وقت لاحق كانت المفاوضات بين الهاشميين وبين الحركة الصهيونية، ثم اتسعت الدائرة فدخلت فيها مصر مع المرحلة الأخيرة من العصر الملكي.
ثم جاء وقت وقعت فيه المسؤولية، أو معظمها، على مصر، وكان ذلك بالدرجة الأولى في أعقاب ثورة 1952. وكانت هذه المرحلة المصرية حقبتين، حقبة قادها "جمال عبد الناصر"، وأثناءها جرت محاولات لكن الاتصالات والمفاوضات السرية استحالت لأن مصر في ذلك الوقت كان لها دورها في قيادة حركة قومية عامة شملت قضية فلسطين، وغيرها من قضايا العمل القومي العام. ولقد تلت ذلك حقبة مصرية قادها الرئيس "أنور السادات"، وقد تصرف، ومعه آخرون بظن أو وهم أنه "سلام"، وبظن أو وهم أنه "صالح القضية المركزية لكل العرب" وبظن أو وهم أن زعامة مصر للعالم العربي تعطيه الحق في أن يتصرف، وهنا يقول هيكل، أنه وفي اعتقاده، وقد يكون لغيره رأي مخالف، أن هذه الظنون والأوهام كانت هواه، لكنها في نفس الوقت كانت تحريضاً وغواية من رفاق له خطر ببالهم أن الصراع العربي الإسرائيلي سبب سهرهم وأرقهم، وقد آن لهم أن يناموا مستريحين وأن يستيقظوا هانئين. وفيما يظهر من فصول القصة فليس مؤكداً أن ما جاء في النهاية "سلام".
فعندما مشت مصر على طريق الاتصالات والمفاوضات السرية مع إسرائيل، وتوصلت إلى ما توصلت إليه، فإن العالم العربي الذي انفك جامعه، لم يترك للفلسطينيين خياراً غير أن يجربوا بأنفسهم وفي أسوأ الظروف. وجربوا فعلاً ووصلوا إلى أوسلو وتوابعها في القاهرة وواشنطن مروراً بهزات وقعت لهم على مساحات شاسعة في المنطقة ما بين بيروت وتونس وطهران والجزائر، واستكهولم وجنيف، وغيرها! وفي قصة طويلة ومتواصلة من هذا النوع، ومعقدة بالخفايا والجنايا على هذا النحو، وتدقيقها وتوثيقها مطلوبان وضروريان، إلى هذه الدرجة، فإن قصة المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل اتسعت بحيث احتلت ثلاثة أجزاء في ثلاثة كتب تصدر متوالية: 1-الجزء الأول، وهو الجزء الذي نقلب صفحاته، يبدأ محمد حسنين هيكل فيه القصة من دواعي السرية، ويتابع في فصوله تداخل الأساطير مع الإمبراطورية، واختلاط الديانات مع السياسات، وصراع المحرمات مع المقدسات، وصدام الحقوق مع الأسلحة، بحيث تظهر مقدمات وأرضيات وخلفيات الساحة العامة التي جرت وتجري عليها المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل. 2-الجزء الثاني أو الكتاب الثاني، يركز فيه هيكل على الحقبة المصرية: عصر "جمال عبد الناصر" والمحاولات التي جرت فيه لاختبار درجة حرارة المياه وقياس سرعة تياراتها، وعصر "أنور السادات" حيث جرت تجربة القفز والسباحة مع التيار أو ضد التيار. الجزء الثالث أو الكتاب الثالث فيه يصل هيكل بالقصة إلى مرحلتها الفلسطينية التي توهجت فجأة مثل شهاب ظهر بسرعة وسط ضباب الشمال "أوسلو" ثم انفجر وراحت شظاياه وما زالت حتى الآن تتدحرج على ساحة عربية وإقليمية ودولية جياشة بالعنف والفوضى. وأخيراً وليس آخراً أن القراءة في سطور هيكل لهي مدعاة لتجلي الغموض، وتكشف المستور والذي يدور في كواليس مفاوضات هذا السلم الموعود
لمفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل لجزء الثاني
في هذا الكتاب يتابع هيكل ما بدأ به في كتابه الأول حول المفاوضات السرية مركزاً على الحقبة المصرية: عصر "جمال عبر الناصر" والمحاولات التي جرت فيه الاختبار درجة حرارة المياه السياسية وقياس سرعة تياراتها، وعصر "نور السادات" حيث جرت تجربة القفز والسباحة مع التيار أو ضد التيار. وقد أغنى هيكل كتابه هذا، إلى جانب المعلومات المباحة التي ساقها، أنحناه بتلك الوثائق وبنصوص لرسائل كان لها أثرها ي مسيرة العمل السياسية في تلك الفترة التي كانت مثار البحث والتي شكلت محطة هامة من محطات المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل
الجزء الثالث والأخير من كتاب "المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل" الذي يركز بالدرجة الأولى على الدور الذي قام به الفلسطينيون في التفاوض بأنفسهم ولأنفسهم و يبحث الدور الفلسطيني في التفاوض من أوله إلى آخره عبر محطات تتباعد المسافات بينها على خريطة العالم: القاهرة-عمان-بيروت-طهران-جنيف-ستوكهولم-أوسلو-واشنطن-عزة. وتلك كلها محطات كما يقول الكاتب متباعدة وبينها مسافات شاسعة، والسفر يكاد أن يكون مشياً على الأقدام من دون دروب فرعية معتمة.
والرحلة لم تكن متعبة مرهقة طوال الوقت فقط، وإنما كانت محزنة مأساوية أحياناً، وكانت إسرائيل ترفض من البداية أن تستقبل منظمة التحرير استقبال متفاوض، بل أن تعترف بوجودها أصلاً كشريك توصل للتفاوض.
إن الطرف الإسرائيلي غيّر رأيه فيما بعد، وقبل المنظمة، بعد سفرها الطويل في التيه، كشريك بنصيب من نوع ما، مرشح على الأقل لاختبار التفاوض. لكن ذلك لم يحدث مرة واحدة، وإنما هو تطور بطيء يمكن رصده كخيط رفيق يسري في فصول القصة ينحني ويتفرج، ويستدير ويلتوي، لكن مساره مرئي طوال رحلة العذاب، وربما أن دراسة هذا المسار وما طرأ عليه تجيب على أسئلة كثيرة عن التغيير الذي طرأ على الأحوال: كيف وقع التغيير؟ ومتى وقع؟ ولماذا وقع؟ ومن الذي تغير؟ ثم ما الذي تغير؟ وأهم من ذلك كله: ما الذي بقي؟
التعديل الأخير تم بواسطة dali2000 ; 07-07-20 الساعة 01:15 PM
سبب آخر: تجديد الرابط الاول فقط ، الله يرحمك يا استاذ بدر وعسى المشاركة تكون بميزان حسناتك
|