المنتدى :
الارشيف
العجوز !!صاحبة تلك الابتسامة....
((العجوز...صاحبة تلك الابتسامة))
في تلك اللحظات كان شعوري بالاختناق لازال يلازمني.. على الرغم من الطبيعة الخلابة التي تحيط بنا ..
ينتابني شعور بالضيق..واكاد اجزم..انني الان لا اقدر على الوقوف فاوصالي متعبة..واشعر ان راسي يدور..
لا زلت اعاني من اثار الحمة الشديدة التي اصابتني..ولا زال صدري ي يعاني من اثر السعال رغم انة قد خف نسبيا..
ولست افهم لماذا اصر والداي على احضاري الى هنا..وانا قد كررت لهم القول بعدم قدرتي على المجئ ..
لماذا لم يراعوا انني لا زلت متعبة..وفوق ذلك ها انا الان اجلس لوحدي..بت اشعر ان اكثر المستفيدين من هذة الرحلة..
هم اشقائي الصغار ..فانا لم يكن حاجة الى المجئ انما الحديقة مكان للترفية عن الصغار قبل الكبار..
اتوق الان الى الانزواء بين جدران الغرفه..والتلحف بغطائي السميك..ان قراءة بضع صفحات من كتاب ..
او مقرر ما في تخصص دراستي ..اهون علي من الجلوس هكذا انتظر ان يحين موعد العودة وابتعد عن هذا المكان..
بعيدا عن كل الازعاجات والفوضى في هذا المكان..لا زلت اسئل نفسي لماذا اقنعني والدي بالحضورالى الحديقة..
بيد ان اعتقادهما بان جو الحديقة سوف يزيل عني اثار الارهاق..وينعش روحي المنهكة ما هو الا تخمين..
لانني اشعر فعلا بمزيد من الضيق اصوات الاطفال ومشاغباتهم تزعجني كثيرا..انني هنى منذ مدة وجيزة
ولم اشعر باي تحسن غريب فعلا..ربما يجب ان تكون الرغبة والاستعداد موجودان داخلي لكني استاء من كل شئ هذة الايام..
حتى ولو كان لمصلحتي ..حتى خوف والدي الشديد علي ..
اسندت راسي المتعب على جذع الشجرة الضاربة جدورها في الارض..حدقت الى غصونها المتشعبة الممتدة في الهواء ..كانت عيناي معلقتان على اوراقها المتراقصة...
شغلت نفسي بالاستماع الى صوت الاغصان وهي تتحرك بفعل نسمات الهواء المارة..
وكنت بين الفينة والاخرى اراقب اشقائي الصغار وهم يتراقصون هنى وهناك..كي لا تغفل عيني عنهم فيبتعد احدهم عن المكان..لفتني منظرهم المرح وهم لا يستقرون في مكان واحد...بت اتاملهم غريبه هذه السعادة التي تبدوا على وجوههم..يتناهى الى صوت اصواتهم الضاحكة ..
يتسارعون ليتلقفوا الكرة بينهم...وكان الدنيا لا تسعهم من السعادة..يلهثون من جراء الركض المتواصل هنا وهناك..ورغم لهاثهم..تراهم لا يفرطون في لحظات لعبهم ابدا ..
شعرت بالملل..لا زالت امي مع اختي الصغيرة..لقد رافقتها الى محل الالعاب بعد ان انزوت غاضبة..
لعدم سماح اشقائها لها باللعب بينهم ..
ورغم الضجر الذي اشعر بة ..ابعدت عني فكرة النهوض..فضلت ان استلقي على جذع الشجرة واراقب اشقائي..
تمنيت ان يضحي احدهم بقليل من وقتة ويقطع اللعب لياتي الي قليلا ..فلقد شعرت بالوحدة ..
ظننت ان والدي سوف يبقى معي..ولكنة تركني ايضا..تلقى اتصالا من احد الاشخاص..قال لي انة امرا ضروري..
وعدني انة لن يتاخر..ولست ادري لماذا طال غيابة..تلفت حولي بضجر..لماذا اتيت هنا اذا..كلا منهم لة شؤونة..
لو علمت انني سوف اظل وحيدة هنى..لما وافقت على مفارقة فراشي..لم اعلم ماذا افعل ..
لابدد وطأة الضيق والسأم الذي تسلل الى نفسي..لم املك الا المراقبة..ربما تاتي والدتي فتؤنسني ..
كنت لا زلت استند على جذع الشجرة واضعا يدي على العشب الطري..لكني ما لبثت ان شعرت بحركة خفيفة عليها..التفت اليها..
رفعت يدي لارى ماهو ذلك الشئ وانا اقطب جبيني ..فوجئت انها حشرة غريبة..بدت لي انها مخيفة بلونها الاسود..
دق قلبي بقوة..نسيت الالامي ومرضي..نهضت مذعورة وانا اصرخ بجزع..لوحت بيدي عاليا الى الهواء ..
وانا احاول ان اتخلص منها..كان قلبي لا زال يخفق ..وانا احدق بامعان الى يدي..
لا اثر لها لقد تخلصت منها..تنفست الصعداء..ورميت نفسي على الارض المعشوشبة..
اسرعت بنظري الى المكان الذي يلعب فية اشقائي ..لارى ان كانوا قد لا حظوا شيئا..وجدتهم لا زالو يلعبون..
لقد الهتهم فرحتهم..عن كل شئ حولهم..
حمدت الله في سري..انهم لم ينتبهوا لي..ادرت عيناي في المكان المكتظ بالعائلا ت كل ملتفت الى شؤونة وهذا ما اراحني قليلا ..
ولكن ماهذا لدهشتي فوجئت بتلك العينان تراقباني ..عاد الي الشعور بالحرج والانزعاج ..
ما بال هذه العجوز ..تنظر الي هكذا..لماذا هذه الابتسامة على ثغرها..
وضعت عيني فورا على الارض..شعرت بالخجل انتابني شعور بان الحرارة الشديدة تحيط بي يا الهي ..
ماهذا الموقف الذي وضعت فية..انني فعلا في مأزق..
حاولت ان اتخيل ما الممكن ان تردد في نفسها الآن..لابد انها تقول عني انني فتاة حمقاء خرقاء..اذ ليس من الطبيعي ..
ان يقوم احدا فجأة في مكان عام ويلوح بيدة كالمجنون..
اخذت اشغل نفسي باي شئ..تناولت المجلة التي بجواري ..وتظاهرت بانني منغمسة في قرائتها
قلبت الصفحات بعقل شارد..تملكني الفضول..اردت ان اعرف ..هل لا زالت تلك العجوز تحدق الي..
رفعت عيناي ببطء..حاولت التظاهربانني نظرت عن غير قصد الى مكانها..
لا زالت تحدق الي..وهي على جلستها تلك وسط كرسيها المتحرك..لم تغيرها ابدا..
فوجئت لماذا تحدق الي بهذه الطريقة..كل انسان معرض لهذه المواقف ..لم افعل شيئا غريبا..يستوجب الاستنكار
ليتها تبعد عيناها عني لتخلصني من موقفي المحرج هذا..
انتابتني الحيرة هل انهض من مكاني لارتاح من نظراتها ..ام اظل واقنع نفسي بعدم الالتفات اليها..
القيت نظرة اخيرة عليها وهممت ان اتابع تصفح اوراق المجلة التي كانت بيدي..
ولكني عندما هممت ان ابعد ناظري رايتها تتنهد وتشيح ببصرها..
تسائلت هل تشعر بالوحدة هي ايضا لقد لا حظت انها وحيدة..ليس هناك احدا يشاركها جلستها الا كرسيها المتحرك..
الهذا السبب هي تحدق الي..ربما كانت تحاول ان تشغل نفسها باي شئ كما كنت افعل ..
كان ذلك هو السبب الوحيد لنظراتها على الاقل من وجهت نظري..
شعرت بما يجول بخاطرها الان..لا شك ان الوحدة والفراغ يحيطون بها..
فانا على الاقل معي عائلتي..واملك الشباب والصحة..استطيع ان افعل ما اريد..دونما صعوبة او عناء..
اما هي فالواضح انها حبيسة هذا الكرسي المتحرك..اسيرة العجز ..
تسلل احساس غريب الي ..كنت اشفق عليها مسكينة..
قررت ان ابادلها الابتسامة..على الاقل اجاملها لن ياخذ مني هذا مجهودا كبيرا..
رفعت راسي نظرت اليها..بادلتها بابتسامة خفيفة..رايت ابتسامتها تتسع لا حظت بعدها انها ترفع يديها المعروقتان
انها تشير الي ماذا الان..هل فعلت الصواب عندما تجاوبت معها..انها تشير الي بالاقتراب..
وانا ليست لدي معرفة سابقة بها..انتابتني حالة من الارتباك..
لا زالت تحدق الي ..تنتظر الاجابة حزمت امري على الذهاب..
انها مجرد عجوز ضعيفة..نهضت وانا احاول ان اطمئن نفسي..اتجهت بخطوات وئيدة اليها كنت انظر اليها بحذر وانا اشبك يدي..
استمريت الى ان اقتربت منها..احطتها بنظرات التساؤل والارتباك دون ان انطق بحرف..
اشارت الى شئ ما بقرب الكرسي المتحرك انة وعاء ماء..كان بجانبة كاس فارغ ارادتني اذا ان اناولها كاس من الماء..
انة شئ بسيط لا يذكر ..اومات اليها بابتسامة خفيفة..وناولتها كاس الماء..
تناولتة وعلى شفتيها ابتسامة امتنان وشكر..
انتظرتها الى ان اعادت الي الكاس..اخذته منها بخفة ووضعته مكانة اردت ان استاذن منها بالعودة ..
سوف تحضر والدتي في اي وقت..ولست اريد ان اسبب القلق اليها يكفي قلقها علي بسبب مرضي
ههممت بالانصراف..فوجئت بها تمسكني من ذراعي التفت اليها خائفة مرتبكة..
مدت يدها الاخرى الى راسي قربت جبيني الى شفتيها طبعت قبلة..وربتت برفق على يدي التي كانت ممسكة بها..
شكرا كثيرا وفقك اللة وحفظ لك شبابك يا ابنتي..
بعد كلماتها الحنونة شعرت بالخجل بدا صدري يعلوا ويهبط..لقد وضعتني في موقف لا استطيع تحملة..
ارتبكت وانا احاول ان اقول لها اي شئ ابتعدت بسرعة بعد ان تمتمت لها بعدة كلمات..
عدت الى مكاني السابق وانا اضع يدي على صدري شعرت بالذنب لقد اسات فهم هذه العجوز المسكينة ..
كيف لم اشعر انها عاجزة الى هذا الحد..
ليتني لم اشك فيها لقد غمرتني بطيبتها الغريبة لا زلت اشعر بقبلتها على جبيني..
استندت على جذع الشجرة..وانا اتحسس مكان قبلتها ياة كم شعرت انها حنونة لا اراديا اتجهت بانظاري الى ذلك المكان ..
حيث تقبع على كرسيها المتحرك يبدوا انها نائمة الان لقد كان راسها مائلاوعينيها مغمضتان..
لا بد انها كانت تشعر بالمزيد من التعب..اوربما كانت نائمة فايقظها العطش.. فلمى روت عطشها لجئت الى الراحة..
عاد الي الملل مرة اخرى ليت هذه العجوز الطيبة تستيقظ الان..
على الاقل اجد ما اقتل بة وقت الفراغ والملل..حتى ولو من بعيد..
تهللت اساريري عندما رايت والدتي بعد قليل تتجة الي وهي تحمل بين ذراعيها..
اختي الصغيرة يبدوا انها ايضا شعرت بالتعب فاسندت راسها الى ذراع والدتي وغطت في النوم يبدوا انه كان يوما حافلا للجميع..
سالتني والدتي ان كنت اشعر بالتحسن اجبتها بان لا تقلق علي انني بخير
عاد بعدها اشقائي يطلبون الراحة فلقد انهكهم اللعب المستمر وشارفت الشمس على المغيب..
كانوا لا يكفون عن الصياح والثرثرة حتى وهم منهكون وامي تهدد هذا وتحذر ذاك انهم يثيرون الفوضى والصخب ..
في اي مكان يحلون فية..رغم ذلك شعرت ان عقلي ليس معهم بدوت ساهمة لا استطيع التركيز..
كانت امي بين الحين والاخر تسالني اذا كنت في حاجة الى شيئا ما ..
كنت اجيبها بالنفي..وكانت تبادلني نظرات قلقة ..ربما ادركت ان هذه الرحلة لم تفلح في تحسني..لما رات في من شرود..
الهاني حركات ااشقائي المزعجة واصواتهم المرتفعة عن التفكير في تلك العجوز ..
فتجاوبت معهم قليلا بعض الوقت ..عند المغيب حضر والدي..
اعتذر لتاخرة ..كان علية مساعدة صديق ولم يستطع المجئ الا الان..
كان انضمام والدي الينا سبب لا معان اخوتي في طلباتهم..فهو حنون ولا يستطيع ان يرد احدا منهم ابدا..
كانت الا صوات ترتفع طالبة للعشاء..كان كلا منهم يعلن عن الطعام الذي يفضلة..
سالني والدي بود عن رغبتي مططت شفتي تركت الامر لهم لا نني في الحقيقة لا اشعر برغبة في الطعام ولا اي شئ اخر..
كادت الشمس ان تختفي عندما هممنا النهوض فالصغيرة نائمة..
ولكننا فوجئنا بلغظ وصخب من مكان ما في الحديقة ارتسمت على وجوهنا علامات التساؤل ماذا هناك..ما هذة الفوضى المفاجئة..
ذهب والدي ليرى ما الامر..كان التجمع هناك في المكان التي تقبع فية العجوز..
وضعت يدي على قلبي شعرت بالقلق مالذي حدث..غاب والدي قليلا..
ثم رجع بعد فترة ليست بالطويلة..كان وجهه ينطق بالاسى والرثاء..بادرتة امي بقلق ماذا هناك لماذا كل ذلك التجمع..
اجابها وهو يحدق الى ذلك المكان لقد توفيت عجوز في ذلك المكان..
ويبدوا انها وفاتها كانت منذ زمن لم يعرفوا بوفاتها الا بالصدفة..اخبرهم بذلك عامل النظافة ..
سالت امي بحزن اليس لها احدا هنا ليس لها اولاد او اقارب يرافقونها..
هز ابي راسة باسى قال بخفوت ان حارس الحديقة يقول ان شخصا غريبا احضرها وتركها وحيدة وذهب مسرعا..اكد لنا ان حاول ان يلحقة ..
او ان يعرف شيئا عنها دون فائدة..وضعت كفي على فمي كنت اريد ان اصرخ..
شعرت بدموعي الحارة تتسابق على خدي لا اعلم لماذا دارت الدنيا حولي لم اشعر بشئ الا بذراع والدي وانا اتهاوى ..
|