المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
قصة رومانسية حزينة... القصة كاملة
[CENTER]((صقيع وقلب حائر))
بدئ الليل يسدل استارة ..وتلاشى بعدة آخر خيوط الشمس الذهبية الخافتة..ازدادت حدة الرياح الماره شيئا فشيئا..تسللت برودة الجو المتزايدة الى الاطراف مع حلول الليل..واكتست المنازل الطينية المتجاورة
ظلالا رمادية قاتمة غامضة..والتجئ الكل معتكفين داخل منازلهم الدافئة بين افراد اسرهم يلتمسون الدفء ..تلاعبت النسمات بشجيرات الفسحة الخارجية لذلك المنزل الطيني الصغير..وبدت الشجيرات المنتشرة هنا وهناك تتمايل كحسناء اطربها صوت موسيقى خالدة..اهتزت نوافذ الغرف الصغيرة بفعل الرياح ..كان كل شئ هادئ باستثناء صوت الريح التي تصفر بين الحين والاخر...
وتناهى الى سمع تلك المراة المتكومة على نفسها صوت صفير الرياح الموحش..كانت تقبع في احدى زوايا الغرفة تستند الى ذلك الجدار الطيني المتشقق..متدثرة بغطاء بالي علها تتقي بذلك هجمات البرد الشرسة..كانت ترتجف بصورة غير طبيعية وهي لا تلبث تنفخ في يديها الجامدتين من اثر البرد..وهي تضم كلتا رجليها الى صدرها اتقاء لوخزات الرياح..لم تكن تشعر بحال طيبة في هذا الجوا الشتوي
القارس ..فقد شعرت بتسلل الوهن والضعف اليها منذ فترة..اتراها محمومه ..دفنت راسها الصغير بين طبقات الغطاء حتى لم يظهر بعد ذلك الى شعيرات قليلة متناثرة هنا وهناك..كانت تزفر بين الحين والاخر ..وكانها تجاهد لاخراج انفاسها من رئتيها المجهدتين..حتى ان خديها الساخنين اكتسبى حمرة متوهجة خالطى بذلك بياض وجهها النقي الناصع..شعرت بانها تكاد تختنق ..حتى حلقها تسلل الالم اليه حتى لم تعد قادرة على بلع ريقها ..زمت شفتيها المتوهجتان كقطعتي جمر حاميتان..وابعدت خصلات شعرها المشوشة وهي تحاول استنشاق الهواء..لاول مرة في حياتها ..تشعر بهذا الوهن الشديد..لكان جسمها النحيل قد وقع من اعلى جبل شاهق..نظرت الى الساعة الحائطية ..انها الساعة الثانية عشرة..لم تحاول كثيرا ان تشغل نفسها بسبب تاخيرة الغير مبرر..يكفيها ما تعاني من ضعف ووهن..ثم انها لم تعتد يوما على التفكير في سبب تاخيرة او حتى سبب خروجة..اعتادت ان تتركه هكذا يعيش حياتة بالطول والعرض دون ان تناقشة او حتى تلفت نظرة الى ذلك..رات انه من السلامة والامان لها ان تبتعد عن كل ما يخصة..لا تحتمل ابدا طباعة القاسية وتصرفاتة الهوجاء..ربما كانت تلك الصفات هي ما جعلها تتردد وتاخذ المزيد من الوقت للموافقة على ربط مصيرها بمصيرة..على الرغم من انها كانت تعاني الامرين من زوجة والدها الخبيثة المتسلطة..بعد وفاة والدتها بمرض عضال ..شعرت ((نورة)) ان الدنيا ادرات لها ظهرها ..وان الابواب اغلقت في وجهها دون رحمة او شفقة..خصوصا بعد ان تزوج والدها بتلك المراة ..التي لم تشعر نحوها باي من مشاعر الارتياح والالفه..لم تعرف لماذا تكابل الزمان والناس عليها ليتركوها فريسة يتم الام..وقسوة الاب وخبث زوجتة الماكرة..حتى خالتها الوحيدة ..لم تعرها اي اهتمام ..تشاغلت باطفالها وزوجها التاجر الكبير دون ان تلتفت الى معاناة تلك الفتاة النحيلة الحزينة بفقد اعز ما لديها..لم تجعل ((نورة)) الحقد يتسلل الى قلبها على خالتها ..حاولت ان تتفهم وضعها كثيرا والتمست لها الف عذر وعذر ..هي بطبيعتها مسالمه ..حتى زوجة والدها المتعجرفة لم ترفع صوتها عليها يوما ..ولم تتذمر ابدا عندما كانت تاخذ والدها من يده وتبتعد الى غرفتهما..ام عندما كانت تلقي اليها بنظرة ازدراء عندما تهم بطلب شيئا ما منه ..كانت تشعر انها تريد والدها لها فقط..نسيت انه والد طفلة يتيمة قبل ان يصبح زوجها المطيع الوديع..جعلت الايام المتوالية تمر بها هكذا دون منغصات او مكدرات ..حتى تصرفات تلك المراة لم تخرجها من سكونها الابدي..اكتفت بالتواري والابتعاد محتضنة بذلك ثوب والدتها البالي ..وذكرى عينيها الحنونتين..كانت السنوات الكئيبة تمر دون اي جديد..الفتها ..وتكيفت معها ..دون ان تبدي امتعاضا او احتجاج..لكن تلك السنوات المتوالية ..والتي تقاذفتها من شاطئ الى شاطئ دون ان تجد الامان..اثمرت عن حسناء جميلة ..في غاية الرقة ..رغم قحط الزمن وقسوة الايام.. نمت كملاك عذب نزل من السماء رغم النحول البادي عليها..عندما فطنت تلك المراة الى تفتح الزهرة ..وتنامي البرعم الصغير ..شعرت باظافر الغيرة تنهشها فيء صدرها الحاقد الاسود..هناك ما يهدد عرش سطوتها وجبروتها ..خصوصا وانها لا تملك الا القلة القليلة من الجمال..اللذي يبدوا كشحوب وملامح مبهمة امام تلك الحسناء اليتيمة القابعة دوما في غرفتها ..
فدبرت مكيدة متخذة من ذلك ذريعة ان الفتاة اصبحت امراة ..والخاطبين لها في ازدياد..وزعمت انها تقدم لها شقيقها الوحيد على طبق من فضة..واختلقت كافة الاعذار والاسباب لتزويجها اياة دون تردد او تاخير..رغم ان الفتاة ذات الثامنة عشرر بيعا ..كانت لا زالت خائفة متوجسة من تلك الخطوة التي تعتبر مغامرة بالنسبة اليها..لا سيما وانها سوف تعيش مع شقيق من اذاقتها الوان العذاب والذل..
وما ادراها ما سيكون علية شقيق هذة الافعى الساحرة..توجست خيفة هل سيقدمها والدها اليه كقربان دون ثمن ..الا يكفي ما لاقتة من يتم وقسوة وعذاب..لماذا يسوقونها عنوة الى حبل المشنقة الذي لا يرحم ..
لم يعبئ والدها الاهي بدموعها الغزيرة على خديها التي بدت كحبات من الثلج على بشرتها البيضاء الصافية..لفها بعباءة قاتمة سوداء كحياتها القادمة المبهمة وجرها اليه وكانه يجر اسيرا حرب لا ابنتة الوحيدة ..ارتجفت اكثر عندما تسللت تلك الافكار المؤلمة الى عقلها المنهك ..وضمت كلتا يديها بقوة وهي تحاول ان تحبس دمعة حائرة على مقلتيها ..اهتزت رموشها الطويلة وكانها تشاركها الخوف والتوتر..هذا المنزل الطيني القديم هو كل ما يملكة ((ابراهيم))..ورثة عن والده المتوفي وبقي وحيدا فيه بعد ان تزوجت شقيقتة ..وقرر ان يسكن فية مع زوجتة المستقبلية..
رنت كلمة زوجتة طويلا في عقلها ترددت في اعماقها الخاوية ..وشعرت بنوع ممن الحزن والكآبه المفاجئة..هل هي زوجتة فعلا ذلك الرجل الطويل الضخم الذي يكبرها بعشر سنوات طوال ..صاحب العينين القاسيتين..
والصوت الذي يبدوا وكانة ياتي من بعيد..لم تشعر يوما بهذة الكلمة الجميلة ..على الاقل من جهتها هي..لا تعلم لماذا لا تعيرة تلك المشاعر التي تسكن فؤاد كل زوجة مخلصة لزوجها ..رغم انه في احيان قليله يحاول كثيرا التقرب منها وبث الدفئ في اوصالها وقلبها ..لكنه لم ينجح ابدا في اختراق حجب الحزن العميقة التي تشكل حائل بينهما..رغم انه يختلف عن شقيقتة كل الاختلاف..رغم قسوتةفي بعض الاحيان وجمودة في احيان اخرى..كان لا يقلرن بشقيثقتة ابدا بل انة يختلف عنها كثيرا .. ربما حياتة السابقة اثرت علية ..وجعلتة يبدوا بهذة القسوة او الجمود ربما..قال لها قبل ان يخرج ان كانت تريد اي شئ من الخارج هزت راسها بصمت ثم ابتعدت ..وماذا عساها تريد منه ..كان انسحابها الدائم من امامه هو الراحة الوحيدة بالنسبة اليها..ولم تعلم لماذا كان يبدي انزعاجا من ابتعادها الدائم ..اليس هو من وضع حاجز الجمود بينهما ..واغلق باب الرحمة في حياتها ..
ماكان عليه ان يقبل بامراة لا تريدة زوجا وشريكا..
القت نظرة اخرى على ساعة الحائط دون ان تفارقها افكارها المتعبة التي تغرقها في الوهن والضعف بالاضافة الى تلك الحمى البغيضة..شعرت بشئ من الندم ..لماذا لم تخبرة انها تشعر بتوعك..
لربما عدل عن الخروج..او حتىيخطر له ان يحضر لها شئء من الدواء يخفف تلك الحمى..ولكنها عذلت عن افكارها ..حتى بينها وبين نفسها ترفض تماما انها بحاجة الية..بحاجة الى وقوفة الى جانبها ..
والتخفيف عنهاولو ببضع كلمات حانية..انسلت الدموع اخيرا الى خديها ..لم تعلم الى من تلجا ..هي لا تريدة ابدا ان يقترب منها ولو بالكلمات ..وهو يزداد صدودا بسبب جفائها وبرودها..
والحمى تكاد تقضي على ما تبقى من انفاسها المتقطعة..تمنت بشدة ان تكون والدتها الحنونة بجانبها ..انها تشعر بانها طفلة تائهه بحاجة الى الحنان والرحمة..
مسحت دموعها بظاهر كفها المرتجفة وهي تشعر ان خديها قد توهجا بفعل الحمى الشديدة..لم ترد ابدا ان يحضر ويراها بهذة الحالة المزرية ..فضلت ان تموت قبل ان ترى تلك النظرة في عينية..
تحاملت على نفسها ..حاولت لملة اشلاء قوتها المبعثرة ..واستندت على الجدار بيد واهنة ضعيفة ..اسبلت عينيها ..لهثت بقوة وهي تخرج الهواء الساخن من فمها المتوهج ..
وضعت يدها الاخرى على صدرها ..تتحسس دقاتة السريعة المجهدة..بدت وكانها تصارع مرضها وضعفها ..اوشكت ان تتهاوى..دارت الدنيا في عينيها وهي تحاول ان توازن وقفتها المرتجفة..
بقت للحظات بجانب الجدار وكانها كانت تحتمي بة خشية من ان تنهار وا تترنح هنا اوهناك..كانت الريح القوية لا تزال تصفر وتضرب ابواب النوافذ الخشبية المهترئة..تناهى الى سمعها صوت اصطفاق باب المنزل واهتزازة..لا شك انها الريح ..لقد ازدادت قسوتها ..واخذت تحرك كل شئ كانها تعلن احتجاجا..تسلل الخوف الى نفس تلك المراة الضعيفة الواهنة..ازدادت ضربات قلبها ..
هذا الموقف اكثر مما تحتمله روحها الشفافة ..واطرافها الرقيقة الواهنة..اخذت ترتجف بقوة هذة المرة ..انهارت مقاومتها تماما ..شعرت انها ريشة مترنحة في مهب الريح..تعصف بها كيفما تشاء دون رحمة او هوادة..شعرت بحرقة في صدرها المختنق ..شهقت بقوة وكان روحها تكاد تخرج من جسدها توالت ..شهقاتها العنيفة ..وهي تحاول ان تكتم سعالها القوي ..
غامت الرؤية في عينيها وتساوى كل شئ امامها ..شعرت بغيوم رمادية تغطي كل شئ ..لم تعد تسمع اي شئ الا صوت اهتزازات صدرها الذي بدى يعلو ويهبط بقوة..وكانة ينفظها نفظا ..تخاذلت ساقيها ..وانسلت يديها دون ان تعي ماذا يحدث لها..انهارت شاهقة بجانب الجدار تغالب ضعفها الشديد ..خيل اليها ان مطارق قاسية تكاد تحطم راسها الصغير ..وان اضلاعها الواهنة تلاشت واختفت ..
اغمضت عينيها والعرق الغزير يتصفد على جبينها الناصع كذرات مطر ..تسلل ذلك الاسم الى داخل شعورها وهي تحاول ان تغالب الانهيار الذي انتابها ..تمتمت بوهن حتى كاد صوتها الضعيف لا يسمع..تحركت شفتاها بما يشبة النداء او الرجاء..((ابراهيم))
خطر اليها ان تنطق بذلك الاسم رغم يقينها انة من المستحيل ان يتواجد الان..خفت صوتها رويدا رويدا حتى شعرت انها تلاشت من الوجود..
************************************************************ **************
بين غياهب الضياع والغيبوبة..كانت ترقد متاثرة بتلك الحمى الشديدة..تنتابها بين الحين والاخر هلوسات محمومة ..تتحرك اصابعها الضعيفة قابضة على اطراف السرير وكانهامن تخاف شيئا سوف ينتزعها من عالمها..لا زال خديها وشفتيها متوهجتان..فيما كان وجهها شاحبا شديد البياض وكانة كان يرقد منذ وقت طويل..كانت ثمة كف كبير ة تمتد الى جبينها المتصفد بين الحين والاخر..وثمة عينان غارقتان في الهم والتفكير العميق ..لا تنفكان تحدقان الى الوجة المحموم..تناهى الى سمعة انينها الخافت يتخلله بضع كلمات غامضة غير مفهومة ..انقبضت عضلات كفة وهي تحاول ان تهدا من روعها ..وترسل الى اعضائها المرتجفة بعض الراحة والاستقرار..نهض من على كرسية الخشبي القريب من السرير ..وجلس على طرفة ممسكا بيدها الرقيقة الصغيرة..بدى وكانة يعاني كثير من الصراعات والاختلاجات القاسية في اعماقة..بدى ذلك جليا على ملامح وجهه التي اكتست بظلال داكنة..تناهى الى سمعة صوت قرقعة الريح وهي تتلاعب بالاشجار في صحن الدار الخارجي..تمثلت امامه صورتها وهي ملقية على ارض الغرفة لا تشعر بما حولها..لا زال يشعر بها وهي ترتجف بين يديه عندما حملها الى السرير ..وقع في روعة انه هو السبب الوحيد لوصول تلك الطفلة الصغيرة الى هذة الحاله المزرية..لا ينكر انه لاحظ بعض الشحوب والانهاك عليها عندما اراد ان يغادر المنزل قبيل الغروب ذاهبا الى اصحابة التي تعود ان يقضي اول الليل معهم..ربما كان علية ان يصر بالسؤال والاستفسار عنها ..لام نفسة كثيرا واخذ في تقريعها دون رحمة ..تحركت عضلات فكة القاسية وهو يصر على اسنانة وكانة يحاول ان يخفف ما انتابة من مشاعر بغيضة مزعجة..لو انها فقط تتخلى عن صمتها المطبق وعنادها الدائم..انة يتذكر جيدا كيف اجابتة ببرود انها لا تشكوا من شئ..وتركتة بعدها منسلة الى داخل الغرفة دون ان تتلفظ بحرف اخر ..
وقف للحظات في صحن الدار وهو يتامل باب الغر فة التي ضم تلك الفتاة النحيلة ..زفر بقوة واضعا كلتا يداة على وسطة ..وكانة يفكر بحل مسالة عويصة عصية على الفهم والادراك..هذة الفتاة الصامتة
سوف تورثة الجنون..انها بذلك تزيدة صدودا وعنادا وصلابة وهو المعروف بعنادة وكبرياءة..تردد سؤال في اعماقة في تلك اللحظة بالحاح غريب ..اترى هل ارتكبت شقيقتة خطا فادحا عندما ربطت مصير تلك الفتاة بة..وهل شاركها هو بذلك عندما قبل بذلك..لكن ان له ان يعرف ما يختلج في اعماقها ..وما يدور في راسها..اذا كانت لا تريدة زوجا وشريكا كيف قبلت بة..حتى ان والدها اسرع بتعجيل الزواج دونما سبب ..تنهد بعمق عندما تسلل الياس الى قلبة ومنظرها البائس يحكي الكثير من المعاناة..ربما لا يملك لها الكثير من المشاعر..ربما لم يكن احساسة بها عميقا كاي زوج ..كل ما ارادة ان يخرج من وحدتة الكئيبة ويتزوج امراة تملي علية حياتة وتبدد الفراغ القاتل الذي يعانية في هذا المنزل ..صارح شقيقتة بذلك وقامت هيبمهمة الاختيار والتنقيب ..واخير اقترحت علية ابنة زوجها واقنعتة انها فتاة هادئة رزينة لن تزعجة وتثير اعصابة ..لماكانت تعرف عنة من قلة الصبر وضيق الخلق..قطب حاجبية وزفر ارادها ان تكون هادئة لا صامتة..لم يكن يريد جسدا دون روح..
تحركت بوهن على ذلك السرير وهي تبلع ريقها ..اكتسى وجهها نوع من الالم والانزعاج اقترب منها قرب وجهه اليها ..لفحت انفاسة الحارة وجهها المحموم..تاملها مليا ..كانت عيناة غارقتان في بحر
جمالها الملائكي تدوران فية ..تتاملان انفها الطويل وشفتاها الصغيرتان..لم يخطر بباله ابدا ان يقرب وجهه اليها في يوما من الايام..لم يسمح لنفسة ان يتامل وجهها البرئ الممتلئ حزنا وصمتا ..كانت دائما بعيدة عنة وكانها تتعذب بالفعل بسببة..تسللت ابتسامة شاحبة الى ثغرة يالها من طفلة صغيرة ..ان وجهها على الرغم من مظاهر التعب والانهاك يبدوا في غاية الجمال..بل ان بدى له في هذة اللحظات اكثر توهجا ..كانت وجنتيها محمرتان ..بفعل الحمى ..ولكنة بدت اجمل بكثير من اي وقت مضى..تحركت كفة بدت وكانها تصارع نفسها ..لم يستطيع الا ان يمد يدة دون ان يجرا على لمس بشرتها الملتهبة ..شعر باصابعة ترتجف بشدة وكانة يراها لاول مرة..هزة كثيرا منظرها وحالها المزري..تمنى فقط لو يمد يدة الى خديها ويتلمسة ..وقفت اشياء كثيرة بينة وبين فعل ذلك ..ربما لو كانت مستيقظة لابتعدت وسارعت بالاختفاء بحركة لا ارادية سحب يدة سريعا وهو يجفل من حركتها المفاجئة ..دق قلبة بقوة عندما راى عينيها النائمتين تنفرجان ببطء ..كانت لا تزال تحت وطاة الاغماء رغم انفراجة عينيها البطيئة..ابتعد عنها قليلا واصبح على حافة السرير تماما ..نظر اليها بهدوء مصطنع ..وقلبة لا يزال يخفق لسبب هو لا يعرفة ولا يدركة ربما شعر انها انتبهت الى حركة يدة الاارادية عندما حاول ان يقربها الى خدها..شعر بالخجل تمنى لو انها لم تعي ما كان يحدث للتوا..اجالت بصرها في انحاء الغرفة الطينية وهي تغالب ان لا تغلق جفنيها مرة اخرى..كان فمها لا زال مطبقا يختزن داخلة الكثير من الاشياء..عندما وقع نظرها على ذلك الرجل الجالس امامها بهدوء ..تغيرت كثير من الاشياء في داخلها شعرت بشئ يغلي في اعماقها ..اكتست عينيها نظرة لم يستطع تفسيرها وكانها للتوا وجدت شخص يشاركها ماهي فية في وسط جزيرة صمتها المطبق..زمت شفتيها وكانها تغالب نشيجا يريد ان ينفلت مندفعا الى فضاء الغرفة..اكتست عيناها نظرة عتاب لم يستطع معها ان يرفع عينية الى وجهها ..اشاح بوجهه بعيدا وهو يداري ارتباكة وتوتر اصابع يدة..غار قلبة عميقا لتلك النظرة المتلهفة القاتلة..تمنى لو ترحمة من نظرة العتاب القاسية ..انها تدك حصون مقاومتة وتسقطها واحدا بعد الاخر..تشاغل بالخرقة الموضوعة جانبا على السرير ..تناولها واخذ يمررها على جبينها يمسح بها العرق المتجمع ..
كانت لا تزال تلك النظرة تسكن عينيها وكانها تريد ارسال سهامها الية عنوة لتتركة اعزلا دون مقاومة او سلاح..امسكت بيدة واحتضنتها بطريقة غريبة وكانها غريق يتمسك بطوق النجاة..حدق اليها طويلا يحاول سبر اغوارها الغائمة الغامضة ترك يدة بين كفيها الصغيرين ..حاول ان يشرح لها ببضع كلمات ولكنة تلعثم والجم لسانة..حتى الكلمات تقف جامدة عنيدة على شفتية ..ليتة يستطيع ان ينطق بحرف واحد فقط ..ليتة يستطيع ان يعطيها تبريرا او سببا لاهماله او تاخرة ..وهي بامس الحاجة الية ..ضغطت باصابعها على ذراعة وانهمرت الدموع غزيرة منسابة على خذيها دون سابق انذار..فوجئ بها ..مالذي اخرجها من صمتها الطويل وعنادها المطبق ..ارتفع صوت نشيجها عاليا وهي ترتجف بقوة كسعفة يابسة..امتدت يدها الاخرى الى فمها تحالول ان تدارك ما بقي من الم ولوعة داخلها ..بيد انعها لم تستطع الا ان تزيد في نشيجها وبكائها المستمر..شعر بقلبة يسقط بين ضلوعة انتابتة حالة من الحنان والعطف ..لم يستطع معها الا ان يمد كلتا يدية اليها ويضمها الى صدرة تاركا اياها تدفن راسها
بين ضلوعة..لم يشعر بنفسو وهو يطبق بكلتا ذراعية القويين عليها وهو يحني راسة على شعرها ويقبلة مرارا ..الان انفجر كل شئ داخلة تدافعت امواج العشق والعاطفة مندلعة خارج صدرة بعد ان كانت حبيسة كبريائة وعنادة..تبللت ملابسة من دموعها الغزيرة وهي تتشبث به بقوة واصرار عجيبين..وكانها توشك ان تفقدة ..التصقت به اكثر عندما اصطفقت ابواب النافذة بفعل الرياح القوية في الخارج ..استمرت طويلا وهي تذرف دموعها وتفرغ ما كان يختلج في قلبها من خوف..ربت هو على شعرها المسترسل الحريري ..كان جسدها بالغ الحرارة ..تعجب كيف لفتاة نحيلة الجسم مثلها ان تتحمل كل ذلك ..عندما اراد ان يبعدها عن احضانة ليرى وجهها ..كان لا زال مدفونا بين ملابسة..قالت بصوت مكتوم ..ارجوك لا تتركني ..لا ترميني الى المجهول..فانا امراة ضعيفة من دونك ..سكن راسة الف سؤال وسؤال..مابالها لا تستقر على حال اليوم كانت لا تطيق النظر اليه..والان ترجوة ان يبقى معها..اتراها الحمى اثرت عليها ..ام ان هناك شيئا اخر لا يعلمة..ربت على ظهرها وقال متصنعا ابتسامة رغم ضيقة واحساسة العميق بالذنب..انا اسف عزيزتي تركتك طويلا دون ان افطن الى معاناتك..لم اكن اعلم انك محمومة..ابعدت وجهها عن صدرة كانت لا تزال الدموع تبلل رموشها الطويلة..((ان الحمى لم تكن سبب ضعفي ابدا الا تدرك..انني وحيدة هنى ))ثم عادت الى ذرف دموعها الغزيرة مرة اخرى..وبدت اكثر تاثرا وحزنا من ذي قبل..لم تسعفة الكلمات في هذا الضع ..ماذا عساة يقول لها وهي بهذة الحالة وبتلك الدموع الغزيرة اصبح واثقا الان ان الكلمات لم تعد تفيد..ادرك متاخرا انه كان سبب اخر لعذابها واحساس المرارة الذي يسكنها بالاضافة الى يتمها وفقدها لوالدها الغائب عنها..لماذا كان بتلك القسوة لماذا لم يفطن الى ان صمتها وعنادها ما كان الا ضعف شديد وحزن عميق يستقر داخل اعماقها ..كيف تركها وحيدة تصارع الالامها كريشة في مهب الريح..تملكة مشاعر متباينة بالذنب والشفقة على طفلة صغيرة ..ليس بقربها شخص يحميها ..ربما تعود كثيرا على حياتة السابقة ..لا زالت ايام وحدتة تؤثر علية..بحث عن شخص يؤنس وحدتة ونسي هو ان لهذا الشخص قلب ومشاعر وروح شفافة رقيقة..ماذا فعل بهذة الصغيرة ..اخذ يجيل نظرة في انحاء الغرفة يبحث عن الذي يختلج في اعماقة ..مالذي يسكنة اتراة يكن اليها مشاعر ما...ام انة يعتبرها مجرد جليسة وشريكة لا غير..
ماذنبها لتتحمل لا مبالاتة ليس عليها ان تختلق له الاعذار لمجرد انة لم يعتد الى الان على الحياة المشتركة رغم توقة اليها..عندما اعاد النظر اليها كانت عيناها الجميلتان تحدقان الية وكانها طفلة تنظر من والدها كلمة حنان او لمسة عطف..هي لم تطلب هذا منه في يوما من الايام حتى كان يتملكة العجب والحيرة..الا تتوق الى شخص ينسيها كل الذي تعانية..اذن لماذا كانت دائما تبتعد..لا زالت تلك النظرة المتلهفة المنتظرة تسكن عينيها..كان جمالها يتجلى في عينيها الواسعتين ورموشها الطويلة المسبلة بانكسار ..امسك راسها بكلتى يدية قرب جبينها الناصع من ثغرة وطبع عليه قبلة طويلة حانية اودعها كل ما يختلج في اعماقة..همس لها وهو لا زال يقربها الى وجهه((لا عليك منذ الان انا بجانبك ياصغيرتي))اكتسى وجهها نضارة رائعة وهي تحدق اليه غير مصدقة ..كانت تحاول ان تصدق النظرة الحانية في عينية لم ينظر اليها بهذة النظرة شخص ما الا والدتها الراحلة..امسكت كفة الكبيرة وهي تضمها الى صدرها قائلة بخوف((احقا الن تتركني ابدا بعد ذلك..الن تفعل كالباقين الذين تخلوا عني))شعر نفسة الان انة لا يستطيع ان يقاوم نفسة لا يستطيع الا ان يضمها الى صدرة بقوة ..تلقى قلبها المرهف تلك الرساله عاهدتها يداه الحنونتان على ذلك ..انها واثقة..لاول مرة منذ ان انتقلت الى هذا المنزل تشعر انها لا تريد ان تبقى وحيدة فية..تريد لا براهيم ان يبقى جنبها وبقربها ..بل انها كانت دائما تحتاج اليه ..ولكنها كانت تخفي ذلك في صدرها بعيدا عنه ..ربما كانت لا تريد ان تصدم بابتعادة عنها في نهاية الامر فلقد ملت الخوف والضعف والفراق..ولانها تحمل له في اعماقة شئ لا تدركة لا تعرف كنهه ..كانت تتهرب من نفسها قبل تهربها منه...ولكنها الان لا تستطيع ان تخفية ..فلقد ملك عليها كل شئ في حياتها ..انها...كان ينظر الى النافذة وهو يقول بابتسامة عذبة...((ان البرد شديد هذة الليلة..والرياح تعصف بالخارج))ثم التفت اليها وهو يداعبها بلطف((اتريدين ان تظلي في احضاني هذة الليلة ربما كنت تشعرين بالبرد))كانت تسبل عينهاوهي تتلاعب باطراف الشال الصوفي الذي يغطي كتفها ..تسللت ابتسامة الى ثغرها وقالت دون ان تنظر اليه((احبك))...
((تمت))
((اتمنى ردودكم))[/CENTER
|