لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


قلب بلا مرفأ

‏"جعلوني أكثر هدوءًا، انتزعوا منّي اندفاعاتي." _______________ ليلة صاخبة رغم الهدوء , ليلة استطيع فيها سماع صوت حشرة الليل كأنها بجانبي , الهواء ساكن جدا والجميع نيام , لكن

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-10-24, 09:47 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Apr 2017
العضوية: 325209
المشاركات: 2
الجنس أنثى
معدل التقييم: somaiaqa عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
somaiaqa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي قلب بلا مرفأ

 

‏"جعلوني أكثر هدوءًا، انتزعوا منّي اندفاعاتي."
_______________

ليلة صاخبة رغم الهدوء , ليلة استطيع فيها سماع صوت حشرة الليل كأنها بجانبي , الهواء ساكن جدا والجميع نيام , لكن النوم يجافي عيناي انا فقط .

أخاف النوم كما أخاف الصحو , يبدو كل شيء ضخما لاذناي , لأني تعلمت كيف أكون مستمعة جيدة , كان الشيء الوحيد الذي أستطيع القيام به مع كل وقت الفراغ الذي حصلت عليه .

استطيع سماع حفيف الاشجار في الحديقة كأنها اشباح باكية ,وها انا ذا اسمع صرير باب الغرفة المجاورة , أنها تلك العجوز تحاول الهرب مرة اخرى , تظن أنها اذا فتحت بابها ببطء لن يشعر بها احد ... تظن أنها تهرب من المكان لكنها تهرب من نفسها قل كل شيء , لكن الابواب هنا لا تساند الغرف ولا ساكنيها وتفضح كل من يريد ان يتعدى عليها الابواب هنا لا تنام ولا تحب ان تخل بالنظام .

وهناك حارس على باب المركز مستيقظ على مدار الساعة كأنه لا يعرف النوم , لم اره غائبا مرة , ولا مرتاحا مرة , ولا حتى نائما مرة واحدة في الليالي الكثيرة التي أكون محرومة فيها من النوم .

انه من الأشياء القليلة التي تلفت نظري هنا .. خطواته رتيبة كأنه في نوبة حراسة في الجيش وليس مكان اغلب قاطنيه مجانين , لربما كان جنديا في شبابه حتى أنه منضبط بشدة هكذا .

بالنسبة لي تكون الأصوات واضحة جدا بسبب الهدوء فأسمع نحيب الشابة في اخر الرواق, ورنين الهاتف على مكتب الاستقبال , ووشوشات الممرضات المناوبات , اسمع جارتي العجوز التي تحاول الهرب في الغرفة المجاورة تتحدث الى ابنائها الذين تركوها هنا , مرة محبة مرة معاتبة مرة مستاءة مره مبتهجة , واسمع حارس الامن في الاسفل يغني او لعله ينوح .

أكون مستلقية على ظهري اتجنب النافذة خوفا من الخيالات التي قد تطاردني , ارهف السمع لكل شيء اخر غير افكاري وحين ارهف السمع اعرف الكثير من الأسرار والأوجاع التي يخبئها سكان المكان هنا .

هذه واحدة من هذه الليالي وجارتي التي قامت بفتح بابها ذو الصوت الصاخب لاذني فقط على ما يبدو قد غيرت رايها وها هي تعود , صوت خطواتها الرتيب يشي بمدى حزنها , هذه الليلة التي تدرك فيها انه غير مرغوب بها .. وأنها رميت هنا وتخلى عنها الجميع .. وها هي تجلس على سريرها تتأمل الفراغ ان لم يخب ظني , تجوب عينيها ذات العدسة السوداء انحاء الغرفة ولربما أنها الأن تدمع تريد ان تنهار لكنها لا تستطيع .

تود ان تبكي و تصرخ لكن شيء ما يمنعها , ربما يكون الكبرياء او الصدمة , او قد يكون الخوف , الخوف من ان لا يسمعها احد ان لا يشعر بها احد ان لا يبالي احد فتشعر ان انهيارها لن يجدي ... هاي هي تعود لتستلقي .. أستطيع سماع ثقلها على السرير الذي صرخ متألما معها هناك ( ممرضتان تمشيان في الممر انه وقت تفقد المرضى ).
______________

هنا لا أعرف كم غرفة تسبق غرفتي ولا كم واحدة تأتي بعدها ولا أعرف رقمها حتى , أحفظ عدد الخطوات بشكل تلقائي.. اعرف لون بابها الذي يشابه كل الأبواب ويده وشكله , اخرج منها واعود اليها مباشرة , لم اخطئ مرة لم ابحث مرة لم أته ولو لمرة واحدة .. وكأن خيطا خفيا يربطني بها يقودني مباشرة اليها .

اتخذها ك قلعة او كحصن وخروجي منها كأنني اتوجه الى الحرب , ما ان اتعب او اشعر انني انهزم حتى ألجأ اليها مرة اخرى لأختبئ , كنت هكذا هناك ايضا كان منزلا كبيرا ذو حديقة حقيقية كبيرة , له سور عالي لا ترى ما يقع خلفة إلا اذا تجاوزته وانا لم أعرف قط ما يقع خلف ذاك السور الذي تجاوزته مرة واحدة .

كان منزلا مكون من طابقين على النظام الامريكي المساحة الارضية كانت غرفة معيشة ومطبخ وصالة وشرفة صغيرة اما الطابق الثاني كان مكونا من اربعة غرف للنوم لم ازر الا واحدة منها فقط .

لم أفكر باستكشاف المنزل رغم الفترة الطويلة التي عشتها هناك , في الغرفة الخاصة بي كان هناك نافذة زجاجية على طول الحائط تطل على الحديقة , مغطاة بستائر بيضاء ناعمة ما ان أفتح النافذة حتى تبدأ بالتطاير الى الخارج كأنها أسيرة ايضا , كان الحزن يتلبسني ما ان أراها ولأن لا حول لي ولا قوة اقوم بمعاقبة الستائر , كنت اغلق النافذة واقف ناظرة اليها كأني اخبرها انك لن تكوني حرة وحدك , نبقى معا او نخرج معا , لقد خنتها , خنت ستائري هربت من هناك وحدي .

لذلك اكره نافذتي هنا واحبها الوقت نفسه , احيانا اقضي يوما كاملا جالسة عليها دون ان امل واحيانا اقضي يومي هاربة منها لا انظر لها ولا لثانية واحدة .. النافذة كانت شيئا حملته معي حين هربت , انا هربت من ذاك المنزل .... هربت .

____________

لدي موعد اليوم مع الطبيب النفسي , لا اعرف الوقت هنا كما لم اعرفه هناك , لا اعرف الايام من بعضها ولا اهتم حقا , ما الذي قد يتغير حين تعرف الوقت ؟ لا شيء , انت فقط تخاف من سرعته في الركض او من شدة بطئه .

في البداية .. حين اخبروني ان لدي موعد مع الطبيب النفسي ظننت اني وجدت اخيرا شخصا يمكنني ان اشكو له وابكي عنده واصرخ واغضب وافرغ كل ما احمله معي , توقعت ما ان اراه ان ابدأ بالبوح له كان الكلام اسهل ما يمكنني فعله , لكني كنت كصخرة عنيدة لن تنطق بكلمة واحدة عما مرت به .

نحن نكبر فعليا دون ارادتنا دون ان نعرف , نتغير ونتشكل ويؤثر كل شيء فينا فنصبح اقسى او اضعف نصبح صامتين جدا او ثرثارين جدا , لكل شخص طريقته التي يتشكل بها ويعبر بها.

تصقلنا الحياة بقسوة تغير جذورنا ومبادئنا فنقلم اوجاعنا بحدة وعنف حتى لا نتأثر بها ثانية , حتى لا تنمو وتتطاول علينا , وحدتنا تلك تجعلنا قساة على انفسنا ومع القسوة نصبح جامدين ككتلة جليد فيصبح البكاء ضعف مستغنى عنه والكلام تفريغ لا فائدة منه وحين تأتيك فرصة للبوح ترغب بان تحتفظ بكل شيء لنفسك فقط ان لا تشارك ولا تتكلم .. فلن يفهم احد شيء عشت انت فيه اعواما وفصولا ووجع , ولن تجد ابجدية تعبر عما تريد قوله , فتبدو كل اللغات خائنة وكل الحروف غير مفهومة وكأنك طفل حديث الولادة لا تستطيع ان تنطق مهما فتحت فمك واغلقته .

حين نكبر قبل الاوان نعرف ..... كمية الضعف الذي يتلبسنا , كمية الانهزام التي يمكن ان تسيطر علينا , اننا لسنا بالقوة التي نظن ولسنا بالثبات الذي نؤمن اننا عليه , يمكننا فجأة ان نتنازل عن ارواحنا وعن مبادئنا , يمكننا ان نتاكد اننا لسنا اهلا للرحلة حين ننطلق بها .

*

جلستي الاولى مع الطبيب كانت بعد شهر من ادخالي الى المركز , لم يتحدث باي شيء , سألني عن حالي ولم اجب , صمت بعدها ! ( لربما انه مجبر على هذه الجلسة ) فكرت .. كنت قد ادخلت هنا بعد ان احضرني غريب حسب كلامهم الى المشفى غائبة عن الوعي , دفع التكاليف كاملة ولم يعد , لم يعرفوا اسمي ولا أي معلومة تدلهم على شخصي .
استيقظت لاجد نفسي محاطة بالأبيض من كل جانب , احتجت بعض الوقت لاستوعب اين انا ومهما حاولوا لم اتحدث ولو بحرف واحد , كان صوتي مفقودا , لم اعرف من انا , ماذا اقول وكيف اقول , وما ان مر اسبوعان حتى كانوا يلقون بي هنا , تحت اسم مجهول دون هوية او عنوان .

لم تكن جلساتي مع الطبيب مفرحة , كان يجلس هناك مدة ساعة كاملة يتكلم معي ويلقي نكاتا واحيانا يخبرني بعض مواقفه الشخصية او بعض الاسرار محاولا تشجيعي على الكلام , لم ينجح قط في اي من محاولاته , لم اكن استمع الى اغلب حديثه , اعرف فقط انه يتحدث دون ان التقط شيئا , يحزنني انه يضيع هذا الكم من الجهد دون نتيجة .

لكنني و دون وعي مني اتجهت اليه يوما اثناء وجوده في الحديقة , وقفت امامه وتلك النظرة المتسائلة تملئ عينيه , واخبرته ( انا لا اتذكر اي شيء يمكنك ان تتوقف عن السؤال ) استدرت بعدها متوجهة نحو غرفتي اضع يدي على عنقي كأني اتحسس صوتي الذي بدى غريبا لي , كأن شخصا اخر من تكلم عني , كان شعورا مؤلما ان تصبح انت نفسك غريبا عنك , واجزم لو اني قابلت نفسي في الشارع كشخصين منفصلين لما عرفتني ولتجاهلت ذاتي هذه التي تبدو كل شيء الا انا .

في الحقيقة انا اتذكر , تلك السنوات الثلاث التي عشتها هناك واضحة جدا , انا فقط لا اعرف حقيقة ما قبلها , كيف كنت قبلها , لذا انا لم اكذب على الطبيب حقا , انا فقط لم احدد ما هو الذي لا اذكره , انقطعت بعد ذاك اليوم جلساتي مع الطبيب لمدة اسبوعين او اكثر , لم اعرف بسبب ما قلت ام لأسباب خاصة به لم اكن لاهتم فعلا .

عدت بعدها لاخذ جلسة واحدة في الاسبوع بعد ان كانت كل ثلاثة ايام , الطبيب يدعى كريم , وكان كذلك فعلا , كريم في كل شيء في وقته وصبره واسئلته , يطرح مئة سؤال في ساعة او يكرم بالسكوت طوال تلك الساعة , كان اسما يناسبه تماما , لا بد ان هوس امي بالأسماء انتقل لي دون ان اشعر , كلما شد انتباهي احد هنا وددت لو اعرف اسمه لأرى ان كان مناسبا له .

الوقت في ذاك المنزل كان كريما ايضا , لم يكن ينتهي , ما ان ينقضي نهارا يعادل عقدا حتى يأتي ليل يعادل دهرا , اصحاب المكان ايضا كانوا كريمين جدا قاسيين جدا , فكرة ان اعيد ما حدث وان اكتبه كانت غريبة ولا اعرف لما اقبلت عليها , فكتابة الأشياءتجعلها راسخة اكثر في الذاكرة تجعلها حقيقية .

______________

كانت حياتي روتينية جدا .. لدرجة اني لم افكر يوما بالنظر لأي شيء اخر حولي .. كنت اؤجل دوما الامر لوقت لاحق .. سانتبه لكل شيء بالتأكيد لكن ليس اليوم .. ساذهب لارى النبتة الجديدة التي زرعتها امي لكن ليس اليوم .. سانتبه لكل شيء في الغد او ربما في اليوم الذي يليه او في نهاية الاسبوع او لربما الشهر القادم .. في النهاية كنت سافعل .. ان لم يكن بارادتي الحرة فبدونها .. لما ؟ لأنها اشياء ثابتة موجودة دائما .

لم افعل شيئا غير الذهاب الى العمل والعودة الى المنزل .. الانعزل في غرفتي الصغيرة فوق تختي غير المريح ابدا والذي احبه جدا .. بين رفوف كتبي الكثيرة التي املك والتي لطالما كان لدي ذاك التصور باني ساموت بينها يوما .. ستكون تلك الرفوف وتلك الكتب شاهدة علي وانا التقط انفاسي الاخيرة ..

لذلك عندما اختطفت كنت كتلك المدينة التي لم تشهد يوما تغيرا مهما كان طفيفا في حالة الطقس وتعرضت دون سابق انذار لعاصفة كبيرة .. اكبر من حجمها .. فوقفت متاهبة بكل حواسي منتظرة ما سياتي .. ما هي اثار العاصفة وكيف بدأت واين ستنتهي وماذا تحمل معها وماذا ستترك لي ..

كنت بعد ذلك اليوم اشبه كاميرا بشرية تم تشغيلها لتسجل كل لحظة بلحظتها لتعيش ابد الدهر معي .. انا التي لم انتبه يوما لأي تفصيل اجدني اعيش كل لحظة كأنها اخر لحظة .

تفاصيل تلك الايام واضحة كاني اعيشها طوال الوقت .. كأنها شريط مسجل يعاد مرارا وتكرارا .. ربما لأن طبيعتنا ك بشر نرفض ان نتذكر الامور الجميلة في الحياة ولكن أي لحظة تعاسة او حزن تحتل المكان الاكبر ف الذاكرة .. نقف على مقدمة التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة في الحزن .. تكون تفاصيل واضحة جدا .. لدرجة لو اننا اردنا التكلم عنها وصفناها كأنها وليدة اللحظة .. لأن الحزن يؤلمنا، لا ننساه ..

*

بدا عقلي بتوثيق كل الثواني هناك في سجني الصغير لا إراديا .. كنت ارتشف كل صغيرة وكبيرة .. وانتبه للامور التي لم تكن لتمر في بالي لو كنت في وضع اخر .. ك ان أكون امنة في المنزل مع اب وام واخوة صغار مزعجين .. اتذكر الوقت الفاصل بين نفس واخر .. اتذكر رجفة يدي وعدد ضربات قلبي وكم مرة رفت عيني في الثانية .. اتذكر تلك الخطوط على طول الجدار واثار الطلاء القديم على باب القبو العملاق .. اتذكر بيت العنكبوت في الزاوية اليسرى فوق الباب .. وكمية الغبار على النافذة الصغيرة وكم خطوة علي ان اخطو لانتهي من قياس الغرفة .. اتذكر كل ذلك كاني هناك الأن.. وكم كان صعبا ان أكون هناك الى الابد .. ان لا استطيع الهرب من ذاك المكان وتلك الجدران وتلك الذكرى وان افنيت عمري اهرب منها .

 
 

 

عرض البوم صور somaiaqa   رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:11 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية