المنتدى :
قصص من وحي قلم الاعضاء
رواية ابعد من الشمس
قلت -هل يفوتني شيء هنا
-بالطبع لا .
ونهضت وقالت
-علي العودة الان
-لكننا اتفقنا أن نمضي اليوم معا
-اسفة لدي أمور أخرى علي المغادرة .
وبالفعل غادرت وتركت فنجان قهوتها السوداء المرة كأنه لم يمس .
اخرجت نقودا لتسديد ثمن ما شربته وما تركته خلفها مرام ،وغادرت أيضا المقهى
التفكير في العمل في الطباعة لاستاذ اثار مملل جدا ، نظرت لساعتي كانت تتحرك ببطء وبدأ اليوم ثقيلا والوقت وكأنه متوقف ، هل اذهب لامي وزوجها أو لابي وزوجته ، كان الطريق المعبد أمامي خارج المقهي فارغا إلا من بعض الناس كان وقت داوم ولا يتجول في الشوارع في هذا الوقت إلا العاطلين مثلي ، خطوت بضع خطوات إلى موقف الحافلات ووقفت ،انا في الحقيقة لا أنتمي لأي من المنزلين لكل من أبي وأمي عائلته الخاصة ،أبدو وكأني غلطة دائما على الهامش ،أحضر جميع أعياد ميلاد اخوتي وانا لا عيد لي ،وكأن يوم مولدي هو يوم نحس ،حسن امي تقول
_يوم ميلادك هو 29 فيفري ولا يأتي إلا كل اربع سنوات
حجة أمي بدلا من أن. نحتفل كل 4 سنوات ،الافضل أن لا نحتفل ابدا ،هذه الحجة الوحيدة التي لا أراها منطقية لأمي ، لكن من جهة أنا محظوظة فعدد المرات التي احتفل بها مع اخوتي في العام الواحد كثيرة لدي ثلاث إخوة من أبي واخوين من امي فأنا احتفل معهم 5 مرات ،
من الافضل تحويل الأمور السلبية لأمور اجابية لابد أن نجد في كل أمر سلبي أمر إيجابي وان لم نجد فالعيب كل العيب فينا نحن ،
جاءت الحافلة وصعدت سريعا ،سأذهب لمنزل والدي اولا ،لابد أن ابشرهم بأمر العمل الذي وجدته ،هذا سيسكت سلام قليلا .
سارت الحافلة ببطء ،وكلما تسير قليلا تتوقف حتى امتلأت عن اخرها ،حتى الرواق بين الكراسي امتلأ ،شعرت بالضيق ففتحت النافذة ، قبل أن تعيد يد طويلة غلقها ،لأسمع صوت همهات خلفي ،ثم صوت رضيع يبكي ، تنهدت أستطيع تخيل صديقتي منال تقول "لو كنا نملك سيارة حتى وإن كانت صغيرة وقديمة "دوما أتنهد على كلامها ،من الرائع أن تكون للمرء أحلام جميلة ، لكن عليه دوما ان لا يسرح بها ،منال دائما تبالغ فيها ،وهي عندما تعود للواقع تنكسر كالذي يسقط من علو شاهق ،لذلك لست من أولئك الذين يحلمون لدي واقع علي أن أجعلة جميلا قدر الامكان لكن دون ان أستعمل في ذلك الخيالات التي تجعلني أكره واقعي أكثر .
وصلت لوجهتي أخيرا ،وكان علي أن اعتصر نفسي لأتمكن من الخروج .
منزل والدي كبير وفخم ،حسن إنه لا يقل فخامة عن منزل والدتي ،الرائع في الامر أني أملك غرفة فيهما معا ،مهما كان الأمر بالنسبة لهم ،فيجب أن أنظر انا إلى جانبي الاجابي ،يجب أن أنظر إلى الجانب المشرق الأصح يجب أن احبر نفسي على النظر إلى الجهة التى تسعدني قليلا ،والباقي لا يهم كثيرا ،دخلت المنزل بثقة ،فرأيت خلود تستعد للخروج قلت لها
-سلام
-اهلا
-الى الجامعة
-أجل
لكني عرفت انها لا تقصد الجامعة ،الملابس الجميلة الشعر المصفف الاظافر الملونة واحمر الشفاه ،ثم الاكثر وضوحا لا تحمل في يدها دفترا واحدا حتى ،قلت
-حظا سعيدا .
ردت بتهكم
-لا أحد هنا يؤمن بالحظ غيرك ، مجدك عليك أن تصنعيه بيديك وليس بالحظ السعيد .
-في هذه الحال تنفعك مساحيق التجميل .
ضحكت خلود وقالت
-ليست مهمة كثيرا بالنسبة لي على الاقل
بدأت تسير للباب فقلت
-حسب للارصاد هناك رياح قوية ستهب والطقس سيتغير .
التفتت الي وقالت
-شكرا لاهتمامك.
وغابت خلف الباب الكبير ،من يهتم بالطقس وهي تملك سيارة اخر طراز ،صعدت لغرفتي وأخذت بعض من الأشياء التى اعتقدت اني قد احتاجها في رحلتي المؤقتة هذه ،وقصدت غرفة سلام بالتأكيد ستكون في غرفتها بعد الظهر ،طرقت الباب ،فسمعت صوتا يقول
-تفضل .
دخلت وقلت
-كيف حالك سلام ؟
-اهلا بك
كانت خلف محمولها تدرس ،قلت
-لن ازعجك كثيرا ،جئت اخبرك اني سأبدأ عملا في الأيام المقبلة وبسببها ساغيب عن المنزل ،لذلك رجاء اخبري والدي بأني لن أزوره لبعض الوقت .
التفتت الي بحماس منطفىء وقالت
-حسن ساخبره ،ماهو هذا العمل يا ترى.
قلت وانا اغلق الباب هروبا من الإجابة
-عمل مناسب .
وغادرت المنزل سريعا كما دخلته سريعا ،عندما كنت أقف عند موقف الحافلات فتحت الفيس بوك خاصتي وجدت أن منال كانت على الخط ،بعثت لها رسالة
-علا مرحبا كيف حالك لدي اخبار جديده
ردت سريعا
-اهلا ،
بدا ردها باردا ،قلت
-مابك ؟
-لا يمكنك أن تتصوري ما حصل معي ،
وقفت الحافلة ،فركبت واتخذت مكانا وكتبت سريعا
-ماذا حصل ؟
-البطلة المسكينة لم ترسل الرسائل ،ولم تخرج من السجن
-عما تتكلمين ؟
-امضيت يوما وليلة في قراءة رواية بوليسية مرعبة ،ثم ...
-ثم ...؟
-البطلة المسكينة بريئة ولم تثبت براءتها وتعفنت في السجن والبطل الوسيم تبين أنه متزوج وله ولد ،يا الهي للان لازال اثر كلمات الرواية يرعبني ،اشعر اني من عاش في ذلك المنزل المرعب هيذربراي ،قلبي يرتجف خوفا ،ثم هل تعرفين من المجرم لايمكنك أن تتصوري.
-اه لا ،لا اريد شكرا ،ما بك أنها مجرد رواية من خيال شخص ما .
-طبعا لست مولعة بالكتب مثلي ،لا يمكنك أن تفهمي .
-مارايك أن نلتقي .
اردت أن التق بها ،لاني أردت أن احتفل مع شخص ما بمناسبة عملي المؤقت ،وان كان مثيرا للشفقة ،لكن أنه عمل على كل حال ويدر أجرا ،وكما اقول دوما يجب أن أنظر إلى الاجابيات دوما مهما طغت السلبيات .
ردت
-لابأس عندي اين انت الان ؟
-اقصد منزل امي .
كانت منال تسكن في منزل قريب من منزل امي ، وكانت جيرتها سبب تعارفنا ثم توطدت صداقتنا مع الوقت ،انها في الواقع صديقتي الوحيدة ،اتفقنا على اللقاء في حديقة الحي ،
الحديقة تتوسط الحي الذي نعيش فيه ،تم الاعتناء بها بشكل جيد ،كان مكانا جيدا للعب الاولاد ،ولتنزه كبار السن والمتقاعدين ،وللقاء جميل بين الأصدقاء ،كنت جالسة في مقعد خشبي في انتظارها تصفحت الفيس بوك ،لاشيء جديد منشورات تافهة ،اغلقته سريعا عندما رأيت منال قادمة ،سلمت عليها ،جلست إلى جانبي وهي تلهث
-كيف حالك علا
ابتسمت جيد أن تسأل على حالي
-بخير
كانت منال تملك عينين خضراوتين جميلتين وشعراء اسود ناعم وبشرة نقية بيضاء كانت بالفعل جميلة ،كل شيء فيها يبعث على الحياة رفقتها أسنها مزحاتها ،لكن العيب الوحيد فيها هو عقلها ،هي مختلفة تقول مرام "أنها صديقة مناسبة لك جدا"فكرت وانا اتذكر صديقاتي المترفعات المتكبرات ،انها بالتأكيد افضل من صديقاتها ،تابعت منال وهي تقول
-امر مروع كم يمكن للكلمات أن ترعب
_لا تبالغي
-لن تصدقيني اعرف ذلك ،لكن حتى وانا في غرفتي على سريري شعرت وكأني مكان البطلة في تلك الرواية .
تنهدت وقلت
-هذا لانك مولعة بالروايات
-مارايك أن تقرئيها ،انظري
وأخرجت رواية من حقيبتها وتابعت
-احضرتها معي
-ما الفائدة من قراءة رواية بوليسية اعرف نهايتها
- لاتعرفين إلا أن البطلة بريئة والبطل كاذب أما البقية فلا ،لا تعرفين من المقتول ومن القاتل ،ثم السرد السرد مروع .
اعرف طبيعتها أن نتشارك قراءة رواية أو مشاهدة فيلم للتعليق عليه ،وفكرت الاصدقاء يتشاركون متع بعضهم .
اخذتها وقلت -حسن اعدك ساقرؤها ،والان ركزي معي قليلا اريد أن اخبرك أمرا
-حقا ؟ماذا عريس .
تنهدت وقلت -لا بالطبع ليس حاليا على اي حال ،انما وجدت عملا .
شهقت منال وقالت -يا له من خبر رائع ،
وغيرت نبرة صوتها وقالت -بالطبع لو كان خبر عريس كان سيكون اروع ، مبارك لك .
رفعت يدي هذه هي منال دائما تعطي الأمور أكثر مما تستحق ،ولكن الم التق بها لهذا السبب .
قلت -عمل مؤقت
خاب بريق عينيها ،كشعلة انطفأت.
-ماذا يعني هذا عمل مؤقت ،انه أمر لا يناسبك
افهم ما قصدته مطلقة تعمل عملا مؤقتا ،هذا يفتح الباب للتأويل ،منال تعمل في مكتب البريد ،عمل مستقر دائم مريح ويدر مالا ،مع فرصها الكثيرة التى ترفضها للزواج ،انها في وضع رائع اجتماعيا ،اتساءل كثيرا لما صادقتني ،انا التي تبدو منبوذة في المجتمع مطلقة عاطلة عن العمل خريجة كلية علم الاجتماع ،لكنها صديقتي على اي حال وانا افخر بها .
-هل لديك بديل ،افضل أن أعمل عملا مؤقتا على أن أمد يدي لزوج أمي أو زوجة أبي .
-لديك ام واب
-صحيح لكن للاسف أمي يسيطر عليها زوجها وابي تسيطر عليه زوجته ،كنت اتمنى أن يكون العكس ،لكن ماذا نفعل هذا هو حظي .
تنهدت وقال
-باي حال ماهو هذا العمل
شرحت لها كل الأمر قالت
-وفوق هذا اختك مرام من وجده ،لست مرتاحة
ضحكت وقلت -لا ،لن يتحول الأمر لجريمة قتل
-ليس القصد ،لكن مرام.....لم أحبها يوما أنها استغلالية ،ولابد أن لها منفعة في جعلك تعملين ،او أن هدا العمل فيه شبهة .
-لا تكون واسعة الخيال ،كل هذا بسبب الروايات البوليسية التى تحبسين نفسك فيها.
-اه لا تذكريني ،لن اقرأ رواية أخرى لبعض الوقت .
ضحكت ووقفت وقلت
-فلنسر قليلا ،الارصاد قالت إن هناك عاصفة رياح قوية قادمة .
-صحيح قرأ تحديت الطقس ،لكن كل شيء يبدو هادئا
-طقس فصل الشتاء لا يمكن الثقة فيه .
-لا لفهم رحلة جامعية في فصل الشتاء .
-الا يبدو الأمر مثيرا ،لزيارة آثار قديمة
-ربما ،لكني لا أحب أن اغادر غرفتي في فصل الشتاء .
وارتعدت وقالت -علاوة على هذا لا احب النوم في الفنادق في أسرة نام عليها اناس لا اعرفهم أو أن استعمل حماما .....،ذلك مقزز .
-محقة في هدا الامر ،انا أيضا اكره هذا ،ساخذ وسادتي وغطائي وكل ما احتاجه حتى لا احتك باشياء الفندق ،
ودعتها وقصدت منزل امي ،هل قالت مرام متى موعد الرحلة ،عدت بذاكرتي لم تفعل ، لن اعاني من مشكلة في إقناع امي ،ستفرح لاني سأكون مع مرام ،سيسعدها أن يكون هناك من يراقب ابنتها الطائشة .
|