كاتب الموضوع :
روميو ملك البحار
المنتدى :
قصص من وحي قلم الاعضاء
Part 04
في يوم من الأيام وبينما تقضي العائلة أوقات ممتعة في دبي. شاهدت رنيم "خبر عاجل" على إحدى القنوات الإخبارية وفي المركز التجاري المرتفع الذي كان هتان يقف في ساحته فتاة محجبة تقف على حافة سقف المركز تضع مسدسا على راسها وتقول أنا "فتاة النافذة" ولن أنزل من هذا المكان حتى يأتي "مالك الكارافان" أو سألقي بنفسي من أعلى المبنى وتحذر من يقترب من السطح بأنها ستقتل نفسها بدون أي ذرة تردد.
وكما اجتمع الناس حول هتان، اجتمع الكثير حول فتاة النافذة، من جمهور الناس والإعلام ولقاءات التلفزيون. ووالديها يطلبون من أي شخص له معرفة حقيقية بمالك الكارافان، أن يخبره بحال ابنتنا.
كانت لحظات صعبة على أهل المدينة. لأنهم اكتشفوا أن فتاة النافذة هي "فتون" ذات الثالثة والعشرين من عمرها ابنة الشيخ سعد من وجهاء المدينة الذين يفعلون الخير ويساعدون المحتاجين. فلم يتمنى أي شخص في المدينة ان يرى والدها بذلك الحال.
لم تعلم رنيم ماذا ستفعل. فاتجهت مباشرةً إلى أمها وشرحت لها ما يحصل ثم تحدثتا مع الدكتور محمد الذي مباشرة ذهب إلى هتان وأخبره بما يجري وقال له يجب علينا أن نعود إلى السعودية، استغرب هتان وقال: لم ننتهي من الرحلة. قال الدكتور الموضوع بخصوص "فتاة النافذة" تهلل وجه هتان ولمعت عيناه. ثم سأل هل وجدوها. لم يرد عليه والده، فقط فتح له التلفاز وقال ستجد الخبر في القنوات الأخبار.
ثم أتت أخته رنيم وشرحت له باختصار ما يجري. وقالت يجب أن تذهب إليها الآن، انها بحاجة إليك. نظر هتان إلى الأخبار شاهدها. وكأن قلبه عادت له الحياة من جديد، فدمعت عيناه خوفا عليها. ثم فتح حساباته على السوشال ميديا. فوجد بمئات الرسائل من المتابعين ومن عائلتها. يتوسلون إليه ليأتي وينقذ هذه الفتاة المسكينة. قال في نفسه: مساكين! وكأنني بحاجة إلى توسلاتكم.
اتجهت طائرة العائلة إلى الرياض ومن الرياض استقلوا طائرة أخرى إلى الشمال. ومن المطار اتجهوا مباشرة إلى المركز التجاري. كانت الطرقات المؤدية إلى المركز التجاري مزدحمة بالسيارات، حيث وضعوا في نهايتها نقاط تفتيش لمنع التزاحم عند المركز التجاري. تقدم هتان مشيا على الأقدام إلى الشرطة في نقطة التفتيش ليخبرهم انه مالك الكارافان. لكنهم لم يصدقوه. حاول أن يقنعهم أنه ذلك الشاب ولكن بسبب الفوضة عند نقطة التفتيش، والعدد الكبير من الشباب الذين قالوا إنهم أيضا مالكوا الكارافان، فلم تستمع له الشرطة بالعبور.
استمر هتان متألما يراقب أخبار فتون على هاتفه المحمول. ير الجماهير المتجمهرة حول المركز التجاري. ومعاناة قوات الأمن لإبعادهم من ذلك المكان. ومحاولات التفاوض مع فتون التي صعدت إلى سقف المركز التجاري وأقفلت على نفسها الأبواب. ولم تتواصل إلا مع أحد المسؤولين الذي يحاول أن يبقيها هادئة وصابرة حتى يأتي مالك الكارافان. عرف أن معهم إلى غروب الشمس فإن لم يأتي مالك الكارافان ستلقي بنفسها من أعلى المركز التجاري.
ثم سمع لقاء المسؤول مع القنوات الإخبارية يقول: حاولت القنوات عمل لقاء مع فتون ولكنها رفضت أن تلتقي مع أي من القنوات، وأخبرتنا بأن القناة الوحيدة التي ممكن تسمح لها بلقاء ستكون هي نفس القناة التي سمح لها "مالك الكارافان". بحث الجميع عن تلك القناة ولكنها لم تصل بعد إلى المركز التجاري. مباشرة حاول هتان التواصل مع القناة وبعد إلحاح في الاتصال استطاع التواصل مع الإداريين في القناة، وبصعوبة أقنعهم بأنه هو مالك الكارافان، كانت سعادة القناة كبيرة بالتحدث إليه، قالوا كيف نستطيع أن نخدمك، قال أريد ان أكون مع الفريق الذي سيصعد لعمل اللقاء مع الفتاة. قالوا له إن الوضع خطير ولا نريد أن تعاقب القناة بسببك. قال إنها فرصة لتكمل قناتكم ما بدأت به، فهل أنتم مستعدين للمغامرة. تردد أصحاب القناة قليلا. ثم قرروا المغامرة لأنها فرصة لن تتكرر لتكون قناة المحبين.
أخبرهم هتان أين يلتقون به. ثم سيصحبهم إلى المركز التجاري. ثم أخبر هتان والده بالخطة وأنه سيذهب ليلتقي بها. أشاد والديه وفرحوا له وقالوا نحن أيضا سنجد طريقة لنصل إلى المركز التجاري، وبإذن الله لن نعود إلى الرياض إلا وفتون معنا.
بعد ساعتين التقى المذيع والمصور بهتان وعرفاه من صوته. فصعد معهم إلى الحافلة الإخبارية ثم انتقلوا إلى المكان مباشرة.
وصلوا إلى ساحة المركز التجاري. ثم تقدموا ثلاثتهم إلى المركز التجاري وقبل أن يصعدوا إليها تحدث إليهم بعض الضّباط وطلبوا منهم أن يحاولوا إقناعها بالنزول. قال لهم هتان كونوا مطمئنين سنفعل ما بوسعنا.
وبينما هم كذلك رأى هتان والد الفتاة ثم قال لهم انتظروا لما لا نحصل على لقاء مع والد الفتاة. نظر إليه هتان وقال الشيخ سعد هل تسمح لنا بلقاء؟ وسأله أمام الشاشة ما المشكلة لماذا الفتاة تريد الانتحار؟ قال: كانت فتون مخطوبة لابنِ عمها حتى أتى هذا الشاب وقام بالفيلم الذي شاهدناه. من بعدها تغير حال فتون ولم يعد يعجبها شيء تريد أن تفسخ خطوبتها مع ابن عمها من أجل هذا الشاب. حاولنا اقناعها ومنعناها، حتى وصلنا إلى هذه المرحلة. سأله هتان بما أن الفتاة الآن غيرت رأيها وتريد أن تنتحر لأجل هذا الشاب. هل ما زلت مصر أنها يجب أن تتزوج من ابن عمها.
رد والد الفتاة قائلا: كلنا نتمنى من ذلك الشاب إذا كان صادقاَ ويريد مصلحتها، وألا تحصل قطيعة رحم في العائلة. أن يقنعها بأن تتزوج ابن عمها. أكد له هتان بأن هذا الشاب صادق وسيحاول أن يقنعها بان تتزوج ابن عمها. وأن يعيد له ابنته سليمة. فرح الشيخ بكلام هتان وبدأ يدعوا له ولوالديه اللذين أحسنوا تربيته.
صعد فريق التصوير إلى السطح وبينما هم يصعدون شكروا هتان على حسن التعامل مع والد الفتاة. وقالوا نشعر الآن أن مهمتك ستكون صعبة. قال لهم أنا هنا لست لأفوز بها. ولكن لأنقذ حياتها.
بقي أحد الفريق عند المدخل بينما دخل هتان والمصور إلى السطح. رأى هتان الفتاة واقفة أمامه فاهتز قلبه شوقا إليها. لم يكن هذا اللقاء الذي ينتظره. فكان يحلم بأن يأخذها في حضنه ويضع يده على شعره ويحسسها بالأمان. لكن الموقف الحالي مختلف فالفتاة تقف أمامه تصرخ في خوف وترتجف مهددة بأن يبقوا مسافة بينهم وبينها وأن لا يحاولوا أي حركة بطولية لأن النتيجة عاجلا أو آجلا ستكون الانتحار. نظرت إلى هتان لحظات وكأنها شعرت بأنه مالك الكارافان لكن لم تريد أن تقع في فخ الإمساك بها وإبعادها عن هدفها. سألت من أنت. قال أنا عضو جديد في الفريق. قال المصور ألا تثقين فينا نحن الي صورنا "مالك الكارافان" هل تريدين أن نبدأ المقابلة أم نعود من حيث أتينا. قالت لا يهمني من تكونوا. كل ما يهمني هو أن ألتقي بمالك الكارافان.
سألها هتان وقد بدأوا بتصوير المقابلة. شاهدنا ذلك الشاب انتظرك لخمسة شهور. كان يأمل أن يسمع كلمة منك أو رسالة مباشرة أو غير مباشرة. بكى كثيرا، وتألم، وتعرض للضرب، حتى كادت روحه تخرج من قلبه. ومع ذلك تحمل على نفسه، ولم يذهب ليتعالج ليبقى في ذلك المكان ينتظرك. ولكن لم نرى منك أي ردة فعل، لماذا الآن؟
قالت بحزن: أنا فتاة ضعيفة مثل تلك الفتيات المغلوب على أمرهم، يحكم عليهم والديهم ويهدونهم لأبناء إخوانهم منذ صغر سنهم. "فلانة لفلان وفلان لفلانة". ليس لنا أي خيار في ذلك. تنشأ الفتاة على هذا القرار الذي حكموا عليها منذ صغر سنها. مستسلمة لقرار والدها تحاول أن ترضيه بكل ما تستطيع على حساب ما تريده أو تختاره. وإذا فكرت أن ترفض تجد أشد العذاب وكلمات كالجبال. المهم ألا يقول الناس عن ابوك أنه ليس لديه كلمه أو انه رجع في كلامه. لكن ليس لها الحق أن ترفض، لا أحد يفكر في رأيي وفي سعادتي ولا ماذا أريد وهل أنا راضية بهذا الزواج. طبعا لا. يبيعوننا لهم بدون تردد ولا مراعاه.
بينما يعيش ابن عمك سن المراهقة كما يريد، يغازل ويسافر كما يحلوا له ثم إذا شبع من ملذات الدنيا قالوا آن الأوان أن نزوجه لكي يستقر. أي عدلٍ هذا. ومع ذلك نحترم عائلاتنا ونتحجب لكيلا يرانا أحد إلا أزواجنا.
أراد الله أن أكون في موقف سيارات المركز التجاري ذلك اليوم. وأراد الله أن يراني مالك الكارافان لم أتعمد ذلك ولم أعلم أنه كان في تلك السيارة. أراد ربي أن يراني شاب هادئ ومحب ومحترم ويخاف ربنا.
أي شخص آخر كان صورني آلاف الصور ونشرها على الإنترنت. استحمل الكثير من أجلي البرد والغربة وكلام الناس وضُرب من أجلي. أخذ مني الوقت الكثير لأقتنع به ووقت آخر لأرفض ما تجبرني به العادات والتقاليد. فتحت قلبي لأقرب الناس لي وقلت لهم بأنني أنا فتاة النافذة. أعلنوا عليّ الحصار وأخذوا مني كل وسائل الاتصال، وأقفلوا عليّ الأبواب حتى أنني لم أستطيع أن أكمل دراستي الجامعية. فأنصب تفكيري في ذلك الشاب الذي لم أراه ولم حتى أعرف اسمه، أحببت كل يوم يمر وأنا في تلك الغرفة محبوسة بين أربع جدران. لأنه كلما طال حبسي علمت أن الشاب مازال ينتظرني.
حتى اللحظة التي ترك فيها المدينة سافر وأخذ قلبي معه. وأقولها له لأني أتوقع أنه يوم من الأيام سيشاهد ما عملته من أجله. وأني لم أكن أتجاهله، ولم أكن لأتأخر عنه لولا ظروفي. قال لها هتان: تأكدي أن مالك الكارافان يستمع إليك ويقدر ظروفك ويشعر بكلامك. لكن أتوقع أنه الآن بين نارين سمع كلام والدك الذي لا يريد أن تتفرق العائلة وألا ينقطع الرحم. وبين كلامك الذي وقع على قلوبنا كالرصاص.
سألها: ماذا لو طلب منك مالك الكارافان أن تسمعي كلام والديك وتنزلي معهما. لأنه كما تشاهدين أتى أليك من أجل رابط صلة وقرابة. وأي واحد مكانه لا يريد ان يكون سبب في تفريق العائلة وقطع صلة الرحم.
قالت لو اتى إلي وأخبرني من هو؟ ثم طلب مني أن أعود إلى عائلتي. لن أتردد في أن أقول له سمعا وطاعة. إنّ ما يهمني هو أن يعلم أنني لم أكن لأتركه يتعذب. كما قالت: أخته. أشكركم على هذا اللقاء فقد كنتم مستمعين جيدين استطعتم أن تخففوا عني نصف الألم وأنتظر من مالك الكارافان أن يخفف النصف الآخر باتصاله. وأتمنى من له القدرة على حماية حقوقنا من الظلم وهذه القوانين التي ما أنزل الله بها من سلطان. أن يقول كلمة الحق قبل فوات الأوان.
قال لها: يا لهُ من كلام كبير ما قلتيه أسأل الله أن يعطيك ما تتمنين.
خرج الإعلاميين من السطح، وقبل أن ينزلوا طلب منهم هتان لحظات "تحت الهواء" معها. دخل هتان السطح وأقفل الباب خلفه. وقام بخلع الكمامات والنظارة التي يلبسها. توقفت فتون مكانها وقالت: ماذا تريد؟ قال لها خمسة شهور وسبعة أيام وأربع ساعات. وأنا انتظر هذه اللحظة لألتقي بك. اتسعت عينا فتون وقالت: من أنت. قال أنا هتان مالك الكارافان. وضعت المسدس على رأسها وقالت إذا لم تثبت ذلك الآن سأقتل نفسي.
فتح حساباته ورد على رسائلها قائلا عودي إلى والديك. فلا اريد ان أكون السبب في قطع الصلة بينكم. ثم أرسل الرسالة. وما هي إلى ثواني حتى وصلتها رنة بتلقي رسالة من حساب مالك الكارافان.
اقتربت منه وقالت: كان عندي القليل من الشك، والآن تأكدت أنك هو. قال لها الصوت خلال التلفون مختلف قليلا. قالت بصوت حزين: أنا آسفة. قال وأنا أيضا آسف، لأني ظننت أنكِ بلا قلب، لكن الآن ليس معنا الوقت الطويل. يجب أن تعودي إلى والديك. أنا أشعر بك وأريدك ولن أسمح لأي شخص بأن يأخذك مني. قالت لا تسلمني لهم. خذني معاك أرجوك. أمسك بيديها وقال: كل ما أريده منك الآن هو أن تقولي بأني اتصلت بك وأنك عدتي إلى رشدك وستعودين معهم الى المنزل. وأنك ستعملين كل ما يريدونه منك. واتركي الباقي لي.
|