المنتدى :
المنتدى العام للقصص والروايات
شـبـاب فـي لـحـظـة طـيـش
- 1 -
بين الحاضر والمستقبل.. بين الضجيج والهدوء.. بين ظلمة الليل ونور الصباح.. فوق الاغصان وبين الأشجار وبين القوي والضعيف.. بين الفقير والغني.. وبين طيات الورق.. رفعت قلمي وبدأت بكتابة قصتي على سطور صفحاتي..
عندما يقوم شاب بعملٍ متهورٍ ويرتكب حادثة ما , يتحرك أهله وجماعته لتخليصه من العقاب بتدخل بعض الناس الذين لهم شأن في المجتمع .
وهذا ما حصل مع فيصل سلطان مرزوق المرزوقي , شاب في مقتبل العمر يقارب الثانية والعشرين من عمره , فشل في حب فتاة جميلة , راسب في جامعته غير آبه بشيء , فهو الابن المدلل والحفيد الوحيد لعائلته الغنية والجميع يحبونه ويلبون كلّ طلباته .
يعيش مع أمه الموظفة ريم وأبيه سلطان صاحب شركة كبيرة وأخته جوري التي تصغره بأربع سنوات بيت سرّه ومستشارته في بعض الأمور .
بدأت القصة عندما رجع فيصل إلى المنزل , شاهد أخته جوري جالسة أمام الشاشة تتابع فيلماً وثائقياً , فسألها عن والديه اللذين لم يراهما في البيت فأجابت جوري :
أبي لم يعد من المصنع وأمي لديها اجتماع في الشركة . وأنا هنا أتابع هذا البرنامج الممل من أجل بحثي هل أخبرك عن الخدم أيضاً ؟
غضب فيصل وتمتم بكلام غير مفهوم , وصعد إلى غرفته وأخذ حماماً بارداً ليريح أعصابه وإذ بصوت هاتفه يرن .
فيصل : أهلاً سعود .
سعود : السلام عليكم هل ستذهب معنا كما اتفقنا ؟
فيصل : أنتظر أمي وأبي لكي أخبرهم بذلك .
- 2 -
سعود : حسناً لا تتأخر خالد وأحمد كلنا بانتظارك .
فيصل : إلى اللقاء .
أغلق فيصل الخط وتوجّه إلى خزانة ملابسه وأخرج حقيبته الخاصة بالرحلات , وضع فيها بعض ملابسه وحاجياته , نزل من غرفته إلى الأسفل كانت أمه وأبوه قد عادا من
العمل .
تناول الغداء معهم واستسمح من والديه بالذهاب مع رفقائه برحلة قصيرة إلى البر.
جوري ضحكت من طريقة حديث أخها الذي فهم من ضحكتها بأن جملته خاطئة
فيصل : أقصد بأنّي سأخرج مع أصدقائي في رحلة
أبو فيصل : رحلة ماذا يا بني فغداً يوم جمعة وأنت تعلم بأننا نجتمع في منزل جدك
فيصل : ولكني وعدت أصدقائي بأني سأذهب معهم
أم فيصل : وإلى أين ستذهبون؟
فيصل : لقد خططنا بأن نقضي هذه الاجازة في البر.. ولكن يبدو بأني لن أحظى بهذه الفرصة
أبو فيصل : حسنا إذا كنت تريد الذهاب فاذهب
فيصل : كيف تظن يا أبي بأني سأذهب وأنت لست موافقاً
أبو فيصل : أنا لا مانع لدي من ذهابك ولكنّي أخاف عليك يا بني.. فيصل نظر إلى جوري وكأنه يريدها أن تتدخل في الموضوع
جوري : أبي لماذا تخاف وأخي رجل.. كما أن بلادنا آمنة من أي مخاطر
أم فيصل : جوري الم أخبرك بألا تتدخلي بين والدك وفيصل؟
جوري: ولماذا ألست فردا من المنزل؟ وفيصل الذي تتحدثين عنه هو أخي الأكبر يا أمي
أبو فيصل والذي أراد أن ينهي الموضوع: متى ستذهبون؟
فيصل : اليوم.. فنحن سنجتمع في منزل سعود وبعد ذلك سنذهب
أبو فيصل : ما رأيك يا ريم هل أتركه يذهب؟
أم فيصل : نعم دعه يذهب وليحفظه الله
فيصل قبّل رأس والده ووالدته وهو يكاد أن يطير من الفرح: شكرا لكم.. هناك طلب آخر أريد بعض المال لأن رصيدي في البنك قد انتهى
جوري: نقود!! وماذا ستفعل بالنقود في البر يا أخي؟
فيصل: أكملي طعامك ولا تتدخلين في ذلك
أبو فيصل: دعك من جوري واذهب إلى غرفتي وخذ كل ما تريد
فيصل: شكر لك يا أبي
أم فيصل: لا تغادر قبل أن تكمل طعامك
فيصل: كلا لقد اكتفيت.. وسأذهب لأني تأخرت على أصدقائي
وافقت أم فيصل وأبوه على الذهاب بعد أن أعطوه بعض المال وأوصوه بالحذر والانتباه إلى نفسه.
فرح فيصل وهمّ بالذهاب مسرعاً لأنه تأخّر عن زملائه فهم ينتظرونه عند سعود على أحر من الجمر .
وصل فيصل إليهم وتوجه الأربعة إلى البر فوراً .
كان المكان موحشاً لم يعجب فيصل ولا أحمد فطلبوا أن يتوغلوا إلى الداخل لعلهم يجدوا مكاناً أفضل , إلا أن خالداً خاف من التعمق ، ومن الذئاب والحيوانات المفترسة التي ربما كانت عشاءً لذيذاً لهم .
خالد بخوف: ماذا نتعمق! وماذا عن الحيوانات المفترسة.. أم أنكم تريدون أن تكونوا عشاءاً للذئاب؟
فيصل وأحمد وسعود: ضحكوا من حديث خالد لأنه أول مرة يخرج إلى مثل هذه الأماكن
فيصل: لا تخاف فهذا المكان آمن ولا يوجد فيه أي حيوان مفترس
تذكر سعود أن هناك منزلاً يقع على أطراف القرية التي
- 3 -
كانوا قد قصدوها من قبل , هذا المنزل سيكون أفضل من العراء والهواء الذي يعصف بهم .
سعود: شباب هل تتذكرون المنزل الذي يقع على أطراف القرية؟
أحمد: هل تقصد المنزل الذي ذهبنا إليه أثناء المطر؟
سعود: نعم هو! ما رأيكم بأن نذهب إلى هناك فهو سيكون أفضل من العراء.
فيصل بتأييد لهم: حسنا إنها فكرة سديدة لنذهب.
جمع الشباب أغراضهم وركبوا السيارة وتوجهوا إلى
البيت فوصلوه بعد الظهر.
كان المكان مهجوراً , والبيت يعج فيه التراب , وخيوط العنكبوت تملأ السقف الذي كاد أن يتهاوى عدا الباب الذي كان متهالكاً مع مرور الزمن .
شعر فيصل بضيق التنفس ، فالمكان ليس بأحسن من البر الذي كانوا فيه .
أحمد ذهب إلى السيارة وأحضر بعض أغراض التنظيف و كأنه كان خبيراً بقذارة المكان .
ارتاح الجميع وبدؤوا يتقاسمون العمل فيما بينهم , أحمد وفيصل سيذهبان لإحضار الطعام , سعود وخالد سيقومان بتنظيف المكان ريثما يعودان بالطعام .
خرج أحمد وفيصل وتجولوا بالقرية للبحث عن محلات للطعام , وعلى ما يبدو أن القرية نائية والمحلات قليلة وإذ بفتيات تمشي في الطريق , أشار أحمد إليهن لسؤالهن عن محلات في القرية .
- 4 -
نزل أحمد من السيارة وبقي فيصل يتأمل بنظراته ماحوله ، وقع نظره على فتاتين ،نظرإليهما , كانت إحداهما تشبه حبيبته الأولى التي أحبها عندما كان في الجامعة .
تسمّر نظر فيصل يا إلهي !! إنها هي هي وأخذ يتبعها بنظراته لحين توقفها مع الفتاة التي كان أحمد يتكلم معها .
أنزل فيصل زجاج نافذة السيارة ليسمع ما يُقال :
أمل : أرجوك يا نادية ... دعينا نذهب ولا تتكلمي مع رجل غريب .
نادية : انتظري يا أمل أنا فقط أخبره بأسماء الأماكن الموجودة في القرية .
أمل : حسناً إذا كنت لا تريدين الذهاب سآخذ نرجس ونعود أدراجنا وأنت افعلي ما تشائين .
فيصل بشتات: أمل هذه ليست... بل هي ملاك .
نظر أحمد إلى فيصل الذي كان مندهشاً وشارد الذهن بفتاة أحلامه التي تشبه حبيبته وظل يتابعهن حتى بَعُدن .
استغرب أحمد من فيصل وتَقَلبه المفاجئ وتوتره وخاصة عندما طلب أن يعود إلى البيت قبل إحضار الأكل .
نزل أحمد عند رغبة فيصل بسهولة ورجعا إلى البيت. استغرب سعود من عودتهم بالسرعة القصوى وبدون طعام. طلب أحمد من خالد مرافقته بدل فيصل الذي اعتذر وفضّل مساعدة سعود في تنظيف البيت.
في المساء اجتمع الشباب أمام البيت وأشعلوا الحطب من أجل شواء اللحم والتدفئة , كانوا في أتم السعادة والفرح .
طلب سعود من كل واحد منهم أن يروي قصة جرت معه .
|