شبيه أنريكي وجميلات النيل الجزء الرابع "المدينة المفقودة"

نام رومي وميليسا نوما عميقا في الغرفة المعدة لهم. ثم بعد اثني عشر ساعة استيقظت ميليسا ووجدت نفسها بجانب رومي الذي ما يزال مستغرقا في النوم.

جلست تبكي بحرقة وتندب نفسها أنها اختارت القدوم إلى هذه الرحلة. بعد لحظات سمعت أحدهم يطرق الباب فتحت الباب فإذا نفس الفتيات الذي قدموا لهم الطعام وقد أحظروا وجبة أخرى. ثم سألوها هل أنتم بخير. لم تفهم ميليسا لغتهم، فهمت منهم أنهم يسألون عن حالهم فأشارت إليهم أنها بخير أما رومي فما يزال نائم وأظنه أيضا بخير. قالوا انا في لهفة أن نعرف كيف وصلتم هنا. هل تستطيعين الكلام. فأشارت لهم أنها لا تفهم شيئا مما يقولون. نظرت ميليسا إلى رومي. ثم قالت سأحاول أن أوقظه ثم سننزل للتحدث معكم. ايقظت ميليسا رومي. بصعوبة فكان مستغرقا في النوم. قالت له هيا استيقظ لتذهب للحمام وتأكل مجددا. استيقظ رومي بصعوبة ذهب للحمام ثم أكل قليلا ثم عاد إلى النوم. نظرت إليه ميليسا تتساءل أنا أيضا أريد ان أعرف ما الذي حصل وكيف وصلنا إلى هنا. بعد العديد من الوقت يطرق الباب مرة أخرى. تفتح ميليسا الباب وتشرح لهم بالإشارة أن رومي ما يزال نائم. فطلبوا منها أن تنزل معهم.

نزلت ميليسا معهم فلم تريد أن يزعج أحدهم رومي. وحينما وصلت إلى صالة البيت وجدت العديد من الأشخاص والمسؤولين الذين رحبوا بها أحسن ترحيب. ثم كل واحد منهم بدأ يقدم نفسه. فكانوا يتكلمون بلغة غير مفهومة لديها. اعتذرت منهم لأنها لا تفهم لغتهم. فقالوا لن نستفيد منها شيئا. نحن بحاجة للتحدث مع ذلك الشاب. فلننتظر حتى يستيقظ.

صعدت ميليسا لتوقظ رومي. لكن رومي كان مستغرقا في النوم. اعتذرت منهم فلم تستطيع إيقاظه. استمر رومي على هذا الحال يومين كاملين يستيقظ فقط للحمام والأكل ثم يعود لينام مرة أخرى. في اليوم الثالث يستيقظ رومي فيجد ميليسا بجانبه، يخرج من الغرفة وينزل إلى الصالة فلم يجد أحد يخرج إلى الشارع فيجد المدينة كلها نائمة. يتمشى رومي في هذه المدينة الشبه مظلمة فرأى أهلها يعيشون على الفوانيس والشموع هنالك كهرباء لكن في أماكن محدودة. يسير رومي في الشوارع. فيجد الكثير ممن يعانون من الفقر وقلة الأكل. وعائلات تسكن الطرقات أو السيارات المتوقفة وأخرى يقتاتون من بقايا الآخرين. فيسأل بعضهم لم تسكنون الشوارع. فيجيب البعض لقلة الإضاءة في البيوت ومنهم من يقول ليس لديهم مسكن. يتابع فرانك رومي ليرى ماذا يفعل.

ذهب رومي إلى أطراف المدينة حيث يفصل بينه وبين البحر زجاج ذو سماكة عالية. يرى من خلفه الأسماك. يقف رومي في ذلك المكان الرؤية شبه معدومة. بعد قليل يلمح ضوء قادم من بعيد باتجاهه ثم آخر ثم آخر ثم عشرات الأضواء التي اجتمعت في المكان الذي يقف فيه رومي. اقترب رومي من الزجاج أكثر فأصبح ضوؤها ينير المكان حول رومي. اجتمع الناس حول رومي يشاهدون هذه الأسماك لأول مرة تقترب من الزجاج. اقترب منه فرانك. فسأله بهدوء. من انت؟ وكيف وصلتم هنا؟ نظر إليه رومي فقال اسمي رومي. قادنا إليكم القدر. طلب منه فرانك أن يذهب معه إلى بيت حاكم المدينة. قدمت عربة توصيل على شكل دراجة فكانت وسيلة المواصلات عندهم لقلة الوقود.

صعد رومي وفرانك الدراجة وعادا إلى بيت فرانك. وبعد ساعة من الوقت استيقظت ميليسا واجتمع بعض إداريين المدينة. على مائدة الطعام. التفت فرانك إلى رومي وميليسا التي تجلس بجانبه وقال: لعل عندكم تساؤلات عمن نحن وماذا نفعل في هذا المكان. نحن إحدى جزر المحيط. التي يسكنها أكثر من مئة وخمسين ألف شخص. كنا نعيش بأمان واطمئنان. حتى مرت بنا فترة كان المحيط غير مستقر، والأمواج عالية. حتى يوم من الأيام رأينا الأمواج وقد وصلت إلى أعلى من الأفق. شعرنا وقتها أن الجزيرة ستغمرها المياه. فجأة تكونت قبة حول الجزيرة وبدأت الجزيرة تغطس في المحيط. أصاب الناس الذهول بدأنا نشاهد الأسماك والحيتان تحيط بجزيرتنا. وما زالت الجزيرة تغطس تدريجيا حتى بدأ يتلاشى ضوء الشمس.

دخلنا مرحلة الظلام الحالك. شعر الجميع بالخوف وشعرنا كأننا سندفن أحياء. مازالت المدينة تنزل أكثر وأكثر إلى أعماق المحيط. الكثير مرضوا. وانهار البعض الآخر. حتى استقرت الجزيرة في قلب المحيط. ثم بدأت الجزيرة تنحرف وتدخل إلى مستوى آخر تحت الأعماق. انتظرنا فرق الإنقاذ ولكن لم نرى ولم نلاحظ أي محاولات. ومع السنين شاهدنا الهبوط في طبقات الأرض حتى وصلنا إلى هذا المكان.

استقرت الجزيرة منذ ذلك الحين في هذا المكان. حاولنا نحافظ على الموارد والطاقة والغذاء وبحثنا على مصادر أخرى فأصبحنا نصطاد من الأسماك المحيطة. خسرنا الكثير من الشباب الشجعان في حربنا مع اسماك المحيط. وفقدنا الأمل للخروج من هذه المكان. فبدأنا نضع القوانين في الأكل والشرب والتكاثر واستهلاك الكهرباء. حتى بدأت تنفذ منا الأفكار والحيل فأصبحنا نقلل من كل شيء حسب الإمكان حتى وصلنا إلى مرحلة المجاعة. حتى أصبح البعض يأكلون موتاهم.

حاولنا كثيرا أن نبحث عن طرق للخروج لكن من يخرج لا يعود أبدا. لما رأيناك تقاتل الأصلة فرح الجميع وقلنا. لقد أرسلوا فريق لإخراجنا. سألوه أين غواصة الإنقاذ؟ وأين الفريق؟ هل أنتم هنا لتخرجونا من هذا المكان. لقد مللنا الظلام وهذه الحياة. هيا اتصلوا بهم وأخبروهم أنكم وجدتم أحياء. أرجوك طمئنا أن هنالك طريقة للخروج من هذا المكان.
سمع رومي كلامهم فأخذته العبرة. كلهم يأملون أن يكونوا فريق الإنقاذ. أمال رومي رأسه وقال لهم للأسف نحن لسنا من فريق الإنقاذ. نحن تائهون تحطمت غواصتنا في الأعلى واستطاع فريق الغواصة النجاة إلا نحن الإثنين. كان المخرج الوحيد الذي وجدناه هو الذي قادنا إليكم. ثم اعتذر منهم رومي بأن لا يوجد طريق للخروج من هذا المكان.

صدم الجميع بشدة. وارتفعت نبرة أصواتهم وقالوا لقد استقبلناكم أحسن استقبال وضحينا بالأكل والماء لأجلكم ظنا منا أنكم فريق النجاة. ثم قالوا إذا لسنا بحاجة لكم في هذه المدينة. خذ فتاتك واخرجوا من هنا. خافت ميليسا وقالت أرجوكم لا تفعلوا هذا بنا وبدأت تبكي. نظر إليها رومي ثم نظر إليهم مرة أخرى وقال لقد حاولتم كثيرا حتى نفدت منكم الحيل. إذا فيه شيء تعلمته طول حياتي فهو عدم اليأس والاستسلام.

بدايتا سندفع مقدم وجودنا على هذه المدينة. مباشرة قاطعوا كلامه وقالوا المال لا ينفع على هذه المدينة. قال لا أتكلم عن المال. أتكلم عن الطاقة. ماذا لو رجعت المدينة تضيء من جديد واشتغلت المصانع وعادة الحياة. استغرب الجميع منه وقالوا كيف ستفعل هذا. قال لدي مصدر للطاقة قادر على امداد الجزيرة بطاقة لا تنفذ لسنوات طويلة. سألوه وأين مصدر الطاقة هذا قال إنه في الغواصة المتفجرة. سأذهب لأحظره.

قالوا له ألا تخاف من هذه الحيوانات قال لقد قتلت منها ستة هل هنالك المزيد منها؟ قالوا المكان يعج بالأسماك المخيفة والمختلفة في الأشكال والألوان، إذا لم تعد خلال الخمس ساعات القادمة سنقتل رفيقتك وسنأكلها. قال سأعود قبل ذلك.

استعد رومي للخروج من المدينة. وقبل أن يخرج تحدثت إليه ميليسا وقالت هل أنت متأكد أنك ستجدها، فطمئناه أن لا تقلقي سأحظر مركز الطاقة وسنعيش معهم بسلام. قالت له أريدك أن تعيدني إلى الجزيرة. قال لها أتمنى أن أقول لك أستطيع. أنا أيضا أتمنى أعود إلى رفاقي. حزنت ميليسا وفقدت الأمل في الخروج من هذا المكان.

خرج رومي حاملا سلاحه ونظارات الرؤية الليلية أمام أعين كبار شخصيات المدينة وبعض من أهل "المدينة المفقودة" استغربوا عدم استخدامه أدوات الغطس. الكل يشاهد رومي وبعد لحظات من خروجه شاهدوا الأسماك المضيئة تقترب منه توقف رومي وبدأت تحيط به الأسماك. ظن أهل المدينة أن الأسماك ستهاجمه لكن كانت المفاجأة إذا بالأسماك تقوده وتنير طريقه إلى حيث الغواصة. دخل رومي في "النفق" صاعدا إلى الغواصة.

فأخذ يبحث بين الحطام عن صندوق الطاقة. والأسماك تنير له المكان. أخذ يبحث يمنة ويسرة بين الأعشاب حتى وجد الصندوق. حاول أن يحمله ولكنه كان ثقيلا وبينما هو كذلك رأى أن الأسماك المضيئة قد هربت خائفة. عرف أنها خائفة من شيء ما. فاختفى بين الأعشاب. وأخذ يراقب فإذا بالحيوان شبيه الأصلة يدور في المكان. تملك رومي الرعب. أخذ الحيوان يدور في المكان ويدور والوقت بدا ينفذ من رومي. فقال حيوان مثل هذا لا أستطيع أن أتقاتل معه.

فقال أحسن طريقه هو أن أتخاطر معه. والطريقة الوحيدة للتخاطر مع حيوان كهذا هي أن تلتقي العينين ببعضهما. انتظر رومي في مكانه حتى جاءت الفرصة المناسبة فقفز أمام الحيوان وأنار النور والتقت العينين. عرف الحيوان أن رومي لم يأتي هنا للشر. وأنه والناس الذين في "المدينة المفقودة" ليسوا عدائيين. امتطى رومي أصلة البحر وحملت الصندوق عبر الممر باتجاه "المدينة المفقودة". شاهد من في المدينة المفقودة الحيوان العملاق فأخذهم الرعب حتى رأوا رومي يمتطي ذلك الحيوان. فصرخ الجميع فرحا وعجبا. وصل رومي إلى البوابة. وضع الحيوان الصندوق أمام الباب. ونزل رومي وسحب الصندوق حتى دخل غرفة التعقيم ثم لبس الملابس التي جهزت له ثم دخل المدينة. تقدمت إليه مليسا وقالت: هل انت بخير. قال نعم. شاهد كبار الشخصيات الصندوق قال بعضهم لبعض هل هذا هو الصندوق الذي سينير المدينة. لا بد انك يمزح. فسحبوا مليسا منه وقالوا هل جننت. هل هذا الصندوق قادر على إعادة الكهرباء إلى المدينة. حاول رومي أن يقنعهم لكنهم لم يقتنعوا. قال له فرانك وكان أعقلهم. لعل التقنية تطورت أثناء تلك السنوات التي قضيناها هنا. لنعطي له الفرصة ليثبت صحة كلامه وإن كان كاذبا أنا أعدكم بأن نخرجهم من المدينة.

أخذ رومي الصندوق مع فريق من الكهربائيين وقام بتوصيل الصندوق بخط الطاقة الرئيسي. ثم قاموا بتشغيله فلم يحصل شيء بدأ رومي يتصبب عرقا من القلق على مليسا. حاول عدة مرات لكن الصندوق كان مشبعا بالماء. قام بتجفيفه ومحاولة إصلاحه. ولكن لم يستطيع. بدأوا يسحبونه هو ومليسا يريدون إخراجهما من المدينة. كان الحيوان العملاق يشاهد معاملتهم السيئة لرومي فبدا يدور حول القبة حتى تولدت عنده شحنة كهربائية فلما شاهد الناس ذلك تركوا رومي ومليسا وهربوا. أخذ رومي مليسا واختفوا خلف أحد البيوت ثم صعق الحيوان المكان فدخلت الشحنة كالبرق على الصندوق. فالتصقت طبقاته من جديد وبدأ يولد الطاقة. فبدأ النور يعود إلى المدينة من جديد وبدأ يعمل كل شيء فيها.

أخذ رومي مليسا وهربا إلى إحدى البيوت الخالية. دخلا البيت ولما تأكدا أنه لا يسكنه أحد أقفلا الباب جيدا. بقيت مليسا تلك الليلة في حضن رومي. حتى شعرت بالأمان. ثم ابتعدت عنه. أخذ رومي يعتذر لها لأنه وافق على احضارها إلى أعماق المحيط ثم إلى هذا المكان. قالت له لم تعتذر فأنا من طلب الحضور معكم. أردت أن أرى كيف هي حياتكم. وكيف تعاملون بعضكم البعض. ثم نظرت إليه وبدأت تترجاه وتقول: أرجوك يا رومي لا تتخلى عني لا أعرف في هذا المكان أحد غيرك. يطمئنها أتينا إلى هذا المكان مع بعض وسنخرج مع بعض. لا أعدك بشيء لكن سأحاول. لكن في الوقت الحالي نريد ان نتأقلم معهم. ونعمل ما ينبغي لنبقى على قيد الحياة.

وبينما هم كذلك يطرق الباب عليهم. سمعوا أصوات كثير من الناس خلف الباب. فتح رومي الباب أمسك بيد مليسا وخرجا بهدوء. صفق لهم الناس وشكروهم على إعادة الكهرباء والحياة إلى المدينة. أصبحت الشوارع مكتظة بالناس صغار وكبار نساء ورجال من مختلف الجنسيات فقد كانت المدينة سياحية.

جاء فرانك إلى رومي واعتذر من على ما بدر منهم. ثم طلب منه تهدئة الحيوان لأنه غاضب جدا. ذهب رومي إلى أطراف المدينة حيث التقى بالحيوان وتخاطر معه بأنهم الآن في أمان. يلتقي رومي ومليسا في ساحة المدينة بالكثير من الناس الذين التفوا حولهما وأخذت ميليسا تخبرهم بما يجري في العالم الخارجي ورومي يترجم لهم. والجميع يستمعون لها فرحين. يأخذهم فرانك. ويقدم لهما منزل في أفضل أماكن المدينة.

أنارت المدينة وأنار فيها كل شيء. أصبحوا يستخدمون الإضاءة الاصطناعية بديلة الشمس لزراعة النباتات.

واستخدام مصانع التحلية لإنتاج الماء. استطاع الناس يستحمون، ويغسلون ملابسهم بمياه غير ماء البحر. وبدأت دور السينما. تعمل من جديد والموسيقى تدوي في أرجاء المدينة. ومصانع الأطعمة. وإنتاج الملابس.
بدأ اسم رومي يدوي في المدينة. وبدأ الناس يتساءلون من هذا الشخص وكيف استطاع أن يروض وحوش البحر. فأصبح الناس يحيونه في الطرقات. وأصبح يعامل معاملة خاصة. يرى رومي فرحة الناس حوله وأن ما عمله أدخل السرور إلى قلوبهم. لكنه ما يزال يبكي من داخله على فراق رفاقه. يشتاق لهم كثيرا ويتمنى أن يراهم . يبقى كثيرا لوحده في المنزل يفكر فيهم. يحاول أن يغمض عينيه لعله يراهم لكن لا يستطيع أن يراهم بعين آيتن. يسير في المدينة لساعات لعله يجد شيئا أو تقنية تساعده على التواصل معهم. لكن بدون أمل. تحاول ميليسا أن تتحدث إليه وتتقرب منه. لكن حزنه بدأ يسيطر عليه. تخرج ميليسا من المنزل تلتقي بالناس وتحاول أن تتعايش معهم لكن بالها مشغول تجاه رومي. الذي بدأ يستسلم لحياة المدينة. فبدأ يخرج مع وحوش البحر يصطاد لأهل المدينة العديد من الأسماك الصالحة للأكل. ثم يصعد على حيوان البحر ينتقل من مكان على مكان يبحث عن منفذ أو مخرج من هذا المأزق. لكن بلا حلول. يعود كل يوم إلى المدينة منهك. يذهب إلى حيث يسكن مع ميليسا التي تنظر إليه بشفقه. وتحاول أن تقنعه بأن الاستعجال سيضرك ويدمرك.

"في الجزيرة". ساد الحزن على رفاق رومي. مر شهر على فراق رومي. لم تقتنع "آيتن" بفراق رومي. فكانت تقول لهم أحيانا أشعر به بداخل يسيطر على جسمي ويرى بعيني. فأذهب كثيرا إلى المرآه وأقف أمامها وأحدثه. أقول له أين انت أعطني إشارة أنك ما تزال حيا وسأحفر المحيط كاملا بحثا عنك.
أما "ديانا" فلم تترك اليخت الخاص به لحظة. تبكي عليه كثيرا. وتقول لماذا تركتني. لماذا لم تأخذني معك. اتفقنا نعيش مع بعض وما نفترق.
أما "سارة" فكانت تقول سيعود رومي يوما ما وسيأخذني إلى مغامرة الثلج التي وعدني. أنا حاسة انه لس عايش. ويبحث عن طريق ليعود إلينا.
أما "مي" فالحزن تمكن منها. أصبحت لا تتكلم ولا تستطيع الحركة. انهارت بشكل لم يتوقعه الجميع. فأصبحت طريحة الفراش. تستيقظ وتذكر رومي وتنهار فيعطونها المهدئات. على هذا الحال منذ شهر.
أما "لميس" أخذت فريق وذهب على متن "يخت سارة" إلى المحيط حيث اختفى رومي تقول سيخرج يوم من الأيام ويعود إلينا. سأكون بانتظاره.
أما "وليم" فعاد إلى الجزيرة برفقة "نهاد". فبرغم الحزن الذي غمر قلبه. إلا انه شعر بالمسؤولية تجاه الجميع، فبدأ يهتم بالجميع مكان رومي. ويساعد الجد في أعماله.

في "المدينة المفقودة" بدأ رومي بالتدريج يفهم أن هنالك أشياء لا يستطيع القيام بها بدون رفاقه. أخذ يزاول بعض الأنشطة الرياضية. ويذهب إلى الجيم بانتظام. ويساعد أهل المدينة في أعمال الزراعة. وكل ما يستطيع عمله. بدأ الناس يألفون وجوده بينهم. وكل يوم يمر يفقد رومي عزيمته للخروج من هذا المكان.

أما ميليسا فتأقلمت مع الناس وأصبحت تغني وأصبحت مشهورة في المدينة. وأصبح لها جمهورها ومحبيها. كانت تأمل أن تخلق علاقة مع رومي. لكن رومي عازف عن ملذات المدينة. يعيش حياته في وحدة خالصة. حتى جاء اليوم الذي دخل المنزل فلم يجد ميليسا فقد جمعت كل ما يخصها وتركت له رسالة. أنا ذاهبة لأعيش مع فرانك. كلانا معجب بالآخر.

خرج رومي مسرعا إلى بيت فرانك، طرق الباب فتحت ميليسا. فرحت ظنت أنه سيقول لها اتركي فرانك وتعالي عيشي معي. لكنه قال جئت لأتمنى لك حياة سعيدة، تذكري إذا احتجتني سأكون بجانبك دوما. قالت أشكرك على كل شيء. عاد رومي إلى حيث يسكن. وحيدا.

استمرت الحياة في المدينة المفقودة. افتقد رومي للشمس ولدفئها. طلب من فرانك أن يزوده بفريق من الشباب التقنيين. لبناء "شمس صناعية". قال له فرانك من الصعب أن نجد من تريد لكن أعلن فرانك في المدينة أن من لديهم الرغبة للعمل في هذا المشروع الالتقاء مع رومي في المدرج في جنبات المدينة. ضحك الكثير من الفكرة قالوا هل تجنن هذا الشخص.

جاء الوقت المحدد بقي رومي ينتظر في المدرج ولكن لم يأتي أحد قط. انتهى الوقت ولم يتقدم أحد. حتى اللذين أرادوا أن يتقدموا خافوا من ضحك الناس عليهم. أراد رومي العودة إلى البيت. وإذا به يسمع صوتا بلهجة ليست بغريبة عنه. التفت إلى الخلف وإذا بها فتاة عربية. تتحدث باللهجة المصرية. قالت له هل أستطيع العمل معك على مشروع الشمس الصناعية. نظر إليها وقال: بكل سرور. صافحها وقال اسمي رومي من "جزيرة الألماس". قالت تشرفت اسمي "منه" من مصر قال لها تشرفنا. تساءلت "منه" "جزيرة الألماس"؟ قال إنها قصة طويلة سأرويها لك في الوقت المناسب. بدأ يسألها عن مهاراتها. قالت عملت في المختبرات وقرأت الكثير خلال سنين البقاء في الأعماق عن الكهرباء لكن لم أجد الفرصة لأطبق كل ما قرأت.

أراد رومي أن يتحدث معها طويلا لكن شعر انه ربما يتسبب في تأخرها عن والديها. اعتذر منها وقال نلتقي غدا في هذا المكان لنبدأ التخطيط للمشروع. نظرت الفتاة إلى الأسفل ثم أعادة النظر إليه قائلة. أي ساعة تفضل فأجابها في الثامنة. عاد رومي إلى شقته وبدأت الفتاة تتبعه من شارع إلى آخر. وفي طريق العودة كان يوجد في إحدى المطاعم المجهولة "بيانو" كان رومي يمر كل يوم ويحاول ان يتحكم في نفسه لكيلا يضعف ويغني من جديد. في ذلك اليوم شعر أنه بحاجة للغناء فدخل إلى المطعم المهجور. وذهب مباشرة إلى البيانو فرفع عنها الغطاء المليء بالغبار ثم جلس على البيانو يتأمله ثم بدأ يعزف عليه ويغني متذكرا رفاقه لأنريكي اجلاسيس "nunca te olvidaré" "لكني لن أنساكم أبدا". ذرفت عيونه الدموع فأكمل الأغنية باكيا.

كانت منة متخفية وتشاهد رومي من إحدى النوافذ. اعجبت به وعرفت أنه ليس بشخص عادي. أكمل رومي الطريق إلى المنزل متثاقلا. والفتاة تلحق به. دخل المنزل وذهب إلى غرفة النوم ورمى نفسه على السرير. واستغرق في النوم. استيقظ في الصباح الباكر. ليستعد لعمل مشروع "الشمس الصناعية" خرج من غرفة النوم ليجد الفتاة نائمة على الأريكة في الصالة. استغرب رومي من وجودها في الصالة. تركها نائمة ثم ذهب إلى المطبخ ليجد طعام الإفطار جاهز على مائدة الطعام.

عاد إليها فوجدها جالسة على الأريكة. قالت له بخجل آسفة أنى دخلت بهذه الطريقة فلم أجد مكان لأنام فيه.

قال لها هيا لنفطر سويا واذكري لي قصتك. جلست الفتاة على مائدة الطعام وبدأت تحكي قصتها. جئت مع والداي الثريين إلى المدينة للسياحة. سافر والدي قبل الغرق بأسبوع لينهي بعض الأعمال. وعشت مع والدتي أهوال السقوط إلى الأعماق. ثم مرضت والدتي ولم تعد تستطيع الحراك. عم الظلام المكان وبدأت تتلاشى الطاقة تدريجيا. وكنت وقتها في سن الخامسة عشر. توفت والدتي ثم نقلوني إلى الملجأ مع الفتيات نتقاسم ما يوفرونه لنا من لقمة العيش. حتى بدأت الفتيات تختفين. لا أدري أين يذهبون. فقررت أن أخرج من الملجأ وذهبت عشت مع رجل كبير في السن وزوجته. فكنت أخدمهم وكانوا يعتنون بي. حتى توفي أحدهما منذ عام ولحقته زوجته خلال الثلاثة شهور الماضية. فبقيت في المنزل الذي كانا مستأجراه حتى عاد النور، فطردتني صاحبة المنزل.

سمعت عنك الكثير في هذه المدينة. وكنت أتوقع أنك مرتبط مع الفنانة ميليسا. قلما رأيتها مع المحافظ عرفت أنكما لستما مرتبطين. ولما رأيت الإعلان وعرفت أين ألقاك. انتظرت ولم يتقدم لمساعدتك أحد. قلت لعلي أساعده وأجد مكان لأسكن فيه. فاسمح لي أخدمك وأساعدك مقابل تلك الأريكة. ولن تراني ولن تشعر بوجودي إذا أردت.
رحب رومي بوجود الفتاة. وقال لها هنالك غرفة أخرى تستطيعين استخدامها. إنك تشبهين أختي لميس. قالت انت تشبه المطرب "أنريكي اجلاسيس" ورأيتك تغني مثله. همس لها لا تخبرين أحد بهذا. قالت على شرط تغني حتى ولو في البيت لوحدك. لا تقتل موهبتك. قال لها سنمثل فريق رائع.

أخذ رومي الفتاة وذهبا ليبحثا عن أماكن الورش ليبدأ العمل على مشروعة. ثم اتجها إلى أماكن الخردة وجمعا منها ما يلزم لعمل هذا المشروع. كان رومي يقوم بحمل الأشياء الثقيلة وكانت "منه" تحاول أن تساعده بكل ما تستطيع.
بدأ رومي بتركيبها ولحامها في قطع ممكن حملها ليقوم بعد ذلك بتجميعها في المكان المناسب. استغرق منهما ذلك شهرا. قسم رومي القطع إلى أربع أجزاء ووزعها على الجهات الأربع للمدينة. بحيث ينعكس الإشعاع على القبة ويرتد إلى المدينة بشكل متساوي وقام ببرمجتها لتعمل بطريقة تشعر الناس بدوران الشمس في المكان.

خلال تلك الأيام بدا رومي يتعرف أكثر على "منه" وبدأت هي تتعرف عليه فحكى لها كامل حياته فعرفت من هو وبدأت مع الأيام تعجب به وهو أيضا بدأ يعجب بها. وبدأت يتوافقان في كثير من الأشياء. وأصبحت معه في كل مكان مثل ظله يخاف عليها وتخاف عليه ويتمازحان وتشاركه كل شيء إلا الفراش. فما زالت تنام في غرفة منفصلة. عادت الحياة إلى رومي وبدأ قلبه ينبض بالحب مجددا فأصبحت تشغل باله وفكره يريد أن يضمها إلى قلبه لكن لا يعرف هل يستطيع أن يتوقف بعد ذلك أم ستنجرف مشاعره.

وفي الجانب الآخر. بدأت منه تشعر بقربها أكثر يوم بعد يوم من رومي ولكن تعرف بأنه مازال يحب زوجاته. تحاول أن تتحكم في مشاعرها لكن لم تستطيع. تريد ان تحضنه وتقبله. لكن لا تعرف كيف ستكون ردة فعل رومي تجاهها. اشتعلت نار الشوق بين الإثنين فهما في حيرة كيف يستمران مع بعضهما.

قررا أن يجربا المشروع مع بزوغ صباح يوم من الأيام. استيقظا مبكرين ومع موعد طلوع الشمس ضغطا سويا على زر التشغيل فانتشرت الأشعة التدريجية لتحاكي طلوع الشمس. استيقظ الناس في ذلك اليوم ولم يصدقوا ما تراه عيناهم. كان انعكاس الشمس على المدينة مبهر للجميع. حرص رومي أن يكون في الشعاع ولو جزء بسيط من خصائص الشمس.

عاد رومي و"منة" إلى المنزل مبكرا فلم ينتظروا من أحد أن يشكرهم أو يثني عليهم. شعر رومي و"منه" بروح المغامرة. أفطرا سويا. ثم جاءت ميليسا لتطرق الباب. دخلت المنزل لتطمئن على رومي. فرحت لما عرفت أنه لم يعد يسكن لوحده وان عنده من يعتني به. نظرت إلى غرف النوم عرفت أن الفتاة تنام لوحدها وهو ينام لوحده. نظرت إليه وقالت. ولم تكن "منه" تفهم كلامها. ماذا تفعل. هل أصبحت ناسكا لما تعذب نفسك وتعذب هذه الفتاة معك. هل ما زلت تبحث عن المثالية في هذا المكان. نحن في هذا المكان كالأموات، لسنا فوق الأرض ولسنا في الجنة أو النار. الناس هنا أكلوا لحوم بعضهم البعض لأنهم مضطرين يريدون أن يعيشوا. وما عندهم مانع يقتلون بعضهم البعض. لو اضطر الأمر. الكثير يختفون وغيرهم ينتحرون. هنا كل واحد يقاتل ليعيش. ستمر الشهور والسنين. ستتزوج زوجاتك وسيعيشون حياتهم هنالك. لأنك بالنسبة لهم ميتا. قد أكلتك الدود. استمتعا بحياتكما. وحافظ عليها قبل أن تهرب لتبحث عن شخص غيرك. عدد النساء هنا محدود. ونادرا ما تجد فتاة بجمالها. وأنت شاب في كامل قوتك ورغباتك. أتمت كلامها وخرجت وتركت رومي في حيرة من امره.

هز كلامها رومي. فصمت كثيرا بعد ما خرجت. رأت "منه" رومي مذهول فسألته ماذا قالت الفتاة وجعلك صامت هكذا. قال: قالت إننا بالرغم من أننا أحياء إلا أننا نعيش في قبر يجمعنا فإما نتنعم ونستمتع بحياتنا وإما نتصرف كأموات بلا حب ولا مشاعر. هز كلام رومي "منة" فقالت كلامها صحيح. عشنا أسوء لحظات حياتنا في هذا المكان لا نعرف هل نحن أحياء أم أموات. قال لها رومي لم أكن في حياتي في حيرة قبل هذا اليوم. تنظر إليه منه وتنتظر قراره. لكنه استمر صامتا. قال لها لنخرج فذهبا إلى أطراف القبة في المدينة. نظر رومي للأسماك ثم جاءت وحوش البحر. ينظرون إليه. جلس يفكر قليلا. ثم نظر إليها يريد أن يفتح معها موضوع الزواج لكنه كان مترددا نزل رأسه إلى الأسفل. قالت له "منه" رومي أنا موافقه أيا ما تقرر أنا موافقة وبدون شروط. أنا بحبك وبحاجة أليك. وأنت بحاجة الي. لا تتردد يا رومي ما في خيار أمامنا إلا أن نتزوج. سنذهب إلى الحاكم ونطلب منه أن يبارك زواجنا.

ذهبا إلى "فرانك" وطلبوا منه أن يبارك لهما زواجهما. شكر فرانك رومي على ما يفعله في المدينة. وقال له إذا فيه أحد سيخرجنا من هذا المكان فهو انت. مبروك لكما. ثم قال له أخبرتني ميليسا بقصتك. أتمنى أن تعود للغناء لتبث الأمل للناس. بارك لهما الحاكم الزواج. وقال له اسمح لنا أن نحتفل بأول زواج في المدينة بعد الأزمة. جاءت ميليسا وباركت لرومي وقالت له اختيار جيد. ترجم رومي ل"منة" ما قالت ميليسا. فشكرت لها مشاعرها.

في المساء اجتمع الكثير من ممن قدموا ليباركوا لرومي و"منة" لم يتوقع رومي هذا التوافد. الكثير من أهل المدينة الأصليين واللذين قدموا إليها للسياحة من جميع بلدان العالم. وما هي إلا لحظات واكتظ المكان بالمحتفلين اللذين استمروا يهتفون "رومي رومي". وبينما كان رومي يسير هو و"منة" إلى مقر الإحتفالات استقبلتهم مليسا بالأغنية المفضلة إلى رومي "Will Carry On" وعندما صعد رومي و"منة" على المنصة. طلبت ميليسا من الفرقة أن يعزفوا لرومي أغنية "Hero" وتقدمت إليه وأعطته المايك تردد رومي قليلا ثم نظر إلى "منة" فرأى عينيها تلمع فرحا وشوقا لتكون ليلتها مميزة. فأخذ المايك وبدأ يغني ل"منة". تفاعل الجمهور للأغنية بجنون وضج المكان. دخل رومي إلى قلوبهم بسرعة.

تنظر إليه منه وتقول كم أنا محظوظة بهذا الشاب. يعود بجانبها وتكمل الفرقة الحفلة. ثم يعود رومي مع "منة" إلى حيث يسكنان. ويمضيان ليلتهما الأولى في سعادة. تقول له "منة" ما سر العلاقة بينك وبين "جميلات النيل" ضحك رومي وقال هكذا القلب اختار.

"في الجزيرة" مرت شهرين ونصف منذ غياب رومي. رجعت لميس بعد أن فقدت الأمل. بدأ الجميع يتعودون على فراق رومي. لكن لا يخلو مجلس من التحدث عنه. فما يزال يعشعش في قلوبهم. استمر الجميع في أعمالهم. افتقدوا الكثير من الإثارة والأكشن والحماس.

في "المدينة المفقودة" عاش رومي فترة العسل مع"منة" بحب وسعادة. فأصبحا يقضيان أجمل الأوقات في المدينة. وبعد أسبوعين من زواجهما يعود رومي للعمل في المدينة، ففي الصباح كان رومي يعمل ويساعد "فرانك" على قيادة المدينة. كما كان يغني كل يوم أحد في مسرح المدينة.

تتكلم "منة" مع رومي بخصوص الموضوع الذي جاء برومي إلى الأعماق. قالت له: ها انت ذا في الأعماق. ما رأيك أن نعمل سويا على "مشروع الأسماك ونقل المعلومات". قال لها فكرة جيدة. حكى لها رومي ما حصل بالضبط في ذلك اليوم. وهو خليط بين الأسماك المضيئة وأصلة البحر ونوعية دم رومي. كان رومي يحاول يتذكر الاحتمالات التي درسها مع أخيه وليم. قالت وليم قد لا أكون بجودة أخيك وليم. تعلمت الكثير من أعمال المختبرات خلال الأيام التي قضيتها في الجزيرة. فرح رومي وقال إذا انت الشخص المناسب الذي ممكن أعتمد عليه.
قرر رومي أن يحظر في اليوم التالي أنواع مختلف من أسماك الأعماق ليقوموا بدراستها. فجهزت "منة" "غرفة مختبر" في المنزل المجاور، وفتحوا باب في المنتصف ليتنقلوا بين المنزلين بسهولة. ليقوموا بالتجارب بعيد عن الناس. ابتسم رومي لها وقال إنك تذكريني بـ "ديانا" قالت أتمنى أن ترى فيني خليط من الفتيات الأربع في شخص واحد. عانقها وقال أنا سعيد بوجودك معي.

يذهب رومي في صباح اليوم الآخر ليحضر العديد من الأسماك المختلفة. تراقبه "منة" من خلف الزجاج قلقة وخائفة عليه وفي نفس الوقت تفتخر بيه. يدخل رومي الأسماك التي يحضرها للمدينة. ثم تبدأ "منة" تأخذ من دم رومي وتقارنه بمكونات الأسماك. بدأت تعرف وتسجل مكونات الأسماك وما يحدثه كل نوع من التأثيرات. وجدت أن بعضها تحفز الهرمونات الجنسية وأخرى مضاد حيوي ليس له مثيل، ومنها محفز لجسم الإنسان لإعادة تكوين نفسه بسرعة بعد أي جرح أو قطع. وهذا ما صار مع رومي في المرة السابقة حينما شفي بسرعة خلال يوم واحد. فرحت "منة" من هذه النتائج ثم طلبت من رومي أن تأخذ عينة من مياه أعماق المحيط. وجدت منه أن المياه هنالك فيها شحنات موجبة مثل تركيبة السحب. فعندما تسير هذه الأسماك ذات الشحنات السالبة التي تحمل خاصية الإضاءة التي تتركب من قرنين شفافين تتلوها عدسة ثم عاكس مقعر عبارة عن نسيج خاص يقابل شبكية العين هو المسؤول عن توليد الضوء.

تعمقت "منة" ورومي في هذا البحث. فأصبحت تقضي الساعات الكثيرة مع رومي في البيت منها لدراسة الأسماك وأخرى رومنسية بحته. انبهر رومي في قدرتها على تحليل تكوين الأسماك. قالت له ما حصل لك في ذلك اليوم كما قلت خليط من كل هذه الأسماك مع الوقت اندمجت مع جيناتك الحيوية. فأصبحت لديك خليط من الشحنات في جسمك فلما صعقك الحيوان هذه الشحنات صارت ثابته في تركيبة جسمك أتوقع أننا لو طورنا هذه وأضفنا إلى عينيك طبقة من العدسات ممكن تبدأ عينيك تضيء مثلها هذا ما يطلقون عليه الإضاءة الباردة.

قال لها ماذا لو أردنا أن ندرس هذه الأصلة العملاقة. فقدرتها على انتاج طاقة كهربائية كالبرق لا بد من أن هنالك تركيبة أكبر مما نتخيل لاحظتها عند التزاوج وعند الغضب. أخذت "منة" تفكر وتحاول أن تتخيل ما يجري بداخل هذا الحيوان. قالت هل نستطيع أن نحصل على عينة من هذا الحيوان. قال هذا صعب جدا. لا أفكر بأي شكل من الأشكال أن أغضبه قد تكون ردة فعل عكسية على الجميع.

قالت استطعت أن تقتل ستة منها قال لكن هذا أكبرها. قالت أقصد هل تستطيع أن تحظر لي عينات من تلك التي قتلت. قال هذا منذ 3 أشهر. لكن سأحاول أن أبحث فقد أجد شيئا ولو يسير.

ذهب رومي في صباح ليوم الآخر ليبحث عن أي بقايا من تلك الحيوانات فأخذ يفكر في سيناريو تقطيعها وتدميرها. صعد عبر النفق إلى المستوى الأعلى وجد أن الأسماك أكلت الحيوانات إلا جزء منها لم تقربه. ذهب رومي ليقترب من ذلك الجزء فوجد تيار مائي يدور حوله فكلما اقترب شعر بلذعه كهربائية عرف وقتها أن هذا هو الجزء الذي تتكون فيه الطاقة.

عاد رومي إلى "منة" وقال لها سآخذك في جولة بين الأسماك وسأريك شيئا. فرحت منة وأخذت تعانق رومي وتقبله. ذهب رومي إلى فرانك وطلب منه أن يستعيد الكبسولة التي كانت تستخدمها ميليسا. قال فرانك وماذا تريد ان تفعل بها. قال سآخذ "منة" في جولة في الأعماق. قال هي أصلا تخصك تستطيع أن تأخذها من المخازن. استعاد رومي الكبسولة وبدأ يفحصها وتأكد أن محركها البحري ما زال يعمل وزودها بالإضاءة الأمامية ثم جهز "منة" وثبتها في الكبسولة ثم خرج معها في المحيط يتنقل معها من مكان إلى آخر. ثم صعدا عبر النفق إلى المستوى الآخر. شاهدت "منة" الغواصة التي قدم عليها رومي مبعثرة في المحيط ثم أخذها حيث بقايا الحيوان فشاهدة التيارات المائية حول البقايا قالت عرفت أن هنالك شحنة لم تتفرغ محتاجة إلى سلك يتوصل إلى الأرض لتتفرغ الشحنة. حاولت أن تشرح لرومي من تحت الكبسولة لكن رومي لم يفهم ما تعني. فكان رومي ممسك بالكبسولة ويؤشر إلى الحيوان ويريها كيف أنه بمجرد ما يقترب من التيار المائي حول بقايا الحيوان تتولد شرارة. وبينما هو كذلك وجدت الشحنة الكهربائية ممر لتتفرغ خلال جسم رومي مرورا إلى الكبسولة. قذفت برومي أمتار في المحيط. في نفس الوقت زادة الكهرباء في الكبسولة مما أدى إلى زيادة في إضاءة الكبسولة وطاقتها فاحترقت الدوائر الكهربائية وموارد الحياة في الكبسولة. مع زيادة الكهرباء أطلقت الكبسولة قبل أن تحترق دوائرها إشارة سجلتها "غرفة السيرفرات" في الجزيرة. لكن لم يعلم بها أحد. فلم تعد لميس تذهب إلى تلك الغرفة منذ وفاة أخيها رومي.

بعد لحظات استعاد رومي وعيه فلم تكن تلك الشحنة كاملة لأنها بقت في البحر لشهور عديدة. عاد رومي ليجد منة وقد قرب الأكسجين أن ينتهي في الكبسولة. أشار إليها بأن تأخذ نفسا عميقا ففعلت وبدأ يفتح الكبسولة بالتدريج حتى لا تتأثر بضغط الماء. أخرجها من الكبسولة وحضنها ثم قام بوضع ما تبقى من ذلك الحيوان في الكبسولة وبدئا يسبحان عبر النفق. وكانت كلما شعرت بقلة الهواء ضغطت على يديه فيقبلها على شفتيها ويمدها بالهواء. كانت "منة" مستمتعة بالمغامرة وبشعور ماء المحيط على جسمها. حتى وصلا إلى البوابة فدخلا وأدخلا الكبسولة لينقلاها بعد ذلك إلى منزلهما لعمل الأبحاث. دخلت "منة" المنزل فرحة تتراقص من الفرحة. قضت بقية اليوم في أحضان رومي برومنسية كاملة تحكي له شعورها مرارا وتكرارا لا تريد ان تسكت. ورومي ينظر إليها ويبتسم سعيد بأنه أدخل السرور إلى هذه الفتاة.

استيقظا صباح اليوم التالي وكالعادة يقومان بالجري في المدينة ثم تذهب مع رومي إلى الجيم ثم يعودان إلى المنزل يفطران ثم يتجهان إلى منزل الأبحاث. فتحا الكبسولة ليبدئا بدراسة التكوين الجسماني للجزء الكهربائي من الحيوان. وبعد أن قطعا جلده السميك وجدا انه يتكون من طبقات تشبه ألواح بطارية التخزين في السيارة تشحن عن طريق مياه البحر وإذا ما حصل احتكاك جسم الحيوان بشحنات المياه أثناء حركته فيكون الشحن أسرع، حتى إذا وصلت إلى كامل الشحن شعر الحيوان برغبة في التزاوج لتفريغ تلك الشحنة. أو تبقى ساكنة حتى لحظة غضب فيطلقها. وعندما يطلقها يبقى ساكنا لبعض الوقت حتى تبدأ تلك البطارية بالشحن قليلا وعندما يبدأ الحركة تتسارع سرعة الشحن.

سألها ماذا يجري لو استطعنا زراعة جزء من هذا الحيوان في جسم الإنسان. هل يستطيع بدوره إطلاق هذه الشرارة. قالت لا أدرى ولكن لما لا نحاول زراعة جزء بسيط منها في بعض الأسماك العادية. بينما سأحقن البعض الآخر بخلاصة من هرمونات هذا الحيوان.

قال نحن بحاجة إلى حوض سمك لنتابع النتائج. بدأ رومي ومنة يحضرون من الأسواق بعض الأحواض متعددة الحجم وملؤها بماء المحيط وبدأوا بمراقبتها.

لاحظ فرانك اختفاء رومي ومنة وبدأ يسمع عما يفعلونه في بيت المختبر. قالت له ميليسا لا توقفه إذا فيه شخص ممكن يخرجنا من هذا المكان فهو رومي. بعد عدة أيام لاحظ رومي و"منة" أن الأسماك التي زرعوا فيها الأعضاء بدأت تطلق شحنات صغيرة ثم ماتت بعد فترة. أم الأسماك التي حقنوها بهرمونات الحيوان بدأ بعضها يتضخم وتصبح أكثر قوة وسرعة ويوم بعد يوم حتى كسر بعضها الحوض وماتت من التضخم.

قالت له: ما نفعله الآن بدأ يصل إلى مرحلة الخطر لو وصل في اليد الخاطئة. قال لها وما العمل. قالت لا بد ان نتأكد من إقفال المنزل جيدا ونجد مكان لنخفي العينات فيه. قال لها فكرة جيدة. واتفقا ألا يخبرا أي شخص عما يفعلان وما يخططان له. يمر شهر رابع ورومي في هذه المدينة. يقضي وقتا ممتعا مع "منة"

"في الجزيرة" قامت لميس والمخرجة "نادية قبيلات" بصنع أجزاء أخرى من فيلم رومي تكريما لحبهم له. وما يزال الناس يتوافدون على الجزيرة صغارا وكبارا يشاهدون فيلم رومي الأول والثاني والثالث. ويتنقلون بين التنانين ويأخذون الصور التذكارية في جميع الأماكن. حتى وقعت يوم من الأيام حادثة اختفاء طفل من الأطفال فلم يعثر عليه بسهولة. فاضطرت لميس للعودة لغرفة السيرفرات لمراجعة تحركات الطفل من مكان إلى مكان حتى وجدوا مكانه. وبينما هي تسير في "غرفة السيرفرات" وجدت في الوحدة التي صنعها رومي لمراقبة الغواصة رسالة لم تقرأ. دخلت عليها فوجدت مقطع لفتاة جميلة داخل "كبسولة النجاة"

أخذت تتفحص بلهفة عن موقع الكبسولة والصورة فعرفت أنها ليست من الكبسولات التي في الجزيرة. عرفت إنها الكبسولة التي كانت تحوي ميليسا. لم تعرف لميس ماذا تفعل وبمن تتصل فاختارت أن تتصل بكارا واحضرتها إلى غرفة السيرفرات وشرحت لها كل شيء وأرتها المقطع. سألتها كارا متى تاريخ الرسالة. قالت من شهر تقريبا قالت كارا لا يمكن فلم تكن تلك الفتاة معنا ولم أراها قبل الآن. قالت لنضع صورتها في "قاعدة البيانات العالمية" التي لدينا فقد نعرف من هي وكيف حصلت على الكبسولة وكيف أرسلت تلك الرسالة.

بقيت كارا ولميس يبحثان عن الفتاة أو أي بيانات عنها في قاعدة البيانات حول العالم فلم يجدوا لها أي أثر. لكن الشيء الذي متأكدين منه هو أن تلك الكبسولة هي نفسها التي فقدوا فيها ميليسا. قالت لميس سنجمع الجميع ونخبرهم بما وجدنا.

استدعت لميس وكارا جميع رفقاء رومي زوجات رومي وجده وأخيه وليم وحبيبته نهاد وحماده وزوجته والإعلاميات وعفراء. في اجتماع طارئ. ظن البعض ان هنالك هجوم قادم. قالت لهم الموضوع أكبر من ذلك ثم بدأت تشرح لهم هي وكارا ما شاهداه وما عملا عليه. استغرب الجميع ولم يعلموا ما سيفعلون. قالت لهم علا بالقرب من ذلك المكان قبل عشر او احدى عشر سنة أغرق تسونامي "جزيرة أفروهندية متطورة" تحت المحيط فلم يجدوا لها أي أثر بحثت السفن والغواصات ولم ينجو منها أحد. ليحكي ما صار.

فإذا أردتم أن تبحثوا عن هذه الفتاة فلنبحث عنها قبل تلك الفترة، هنالك قائمة مبدئية بالمفقودين في ذلك الزمان قد نجد منها عند رؤساء الدول. قالت مي تبدو الفتاة التي في الصورة عربية والأقرب مصرية. يبدو أنها بحالة جيدة لفتاة فقدت منذ عشر سنوات أو أكثر في المحيط. وكانت تتحرك طبيعي قبل أن يشع النور عليها. تفسيري أن الكبسولة طفت بطريقة ما على سطح الماء ووجدتها الفتاة وبدأت تلعب بها.

قالت ديانا لماذا لم تظهر في قاعدة البيانات فعندنا قاعدة تتحدث بالدقيقة والثانية. أنا أرجح أن نبحث في قائمة "المدينة المفقودة". قال وليم لنلعب بالصورة ونرى كيف تبدوا هذه الفتاة قبل عشر سنوات ونبحث عنها. بالفعل قام "وليم" بعمل ذلك وقاموا بالبحث عن الفتاة في قائمة البيانات في المفقودين مباشرة فوجدوا فتاة مصرية تشبهها اسمها "منة محمد" من بين الفتيات الذين فقدوا في الجزيرة.

بحثوا عن بيانات الجزيرة فوجدوا انها تبعد تقريبا عشرين كيلو متر عن الموقع الذي رومي. فهذا يرجح صعوبة وصولها على ذلك المكان وإلى تلك الأعماق وكيف استمرت بالعيش لمدة عشر سنوات مع وحوش البحر.

قالت آيتن هنالك لغز ورى تلك الفتاة ولماذا ظهرت على كبسولة ميليسا بعد وفاة رومي. بالنسبة لي هنالك تفسير واحد، هو أن رومي ما يزال حيا. في مكان ما في تلك الأعماق. أعاد الأمل للجميع بأن رومي ما يزال حي وربما بعض أهل المدينة المفقودة ما يزالون أحياء.

طلب الجد من كارا ولميس التركيز على عمل تحليل دقيق لمقطع الفيديو. وطلب من مي وأيتن انشاء فريق لتمشيط المحيط شبرا شبرا بحثا عن "رومي" أو "المدينة المفقودة". ثم طلب من سارة التواصل مع أي شخص من عائلة الفتاة لمعرفة حقيقة ما إذا الفتاة كانت في المدينة المفقودة عندما غرقت في المحيط.

قدمت سارة دعوة لوالد الفتاة الثري لزيارة الجزيرة. وبعد نقاش طويل كان والد الفتاة يعتذر باستمرار حتى قالت له سارة الموضوع يخص ابنتك "منة". تفاجئ والد الفتاة سكت للحظات. أخبرته سارة بأن هنالك طائرة خاصة تنتظرك. استعد والد "منة" وأحضر زوجته وابنتيه التوأم وحلقت بهم الطائرة باتجاه الجزيرة. نزلت الطائرة استقبلته سارة في مهبط الطائرات في برج أورايون. طلبت منهم أن يتجهون إلى جناحهم الخاص ليرتاحوا ثم سنلتقي عندما تكون جاهز. رفض رجل الأعمال الذهاب إلى الجناح قبل أن تخبره ساره لماذا أتت به إلى الجزيرة.
ذهبت به سارة إلى غرفة العرض ثم حكت له ما يحدث. وأرته صورة الفتاة. صدم والد "منة" لما رأى الصورة. فرح وعاد إليه الأمل وعرض عليهم أن يسخر كل ما يملك من مال ومصادر ممكن تساعد على إيجاد ابنته أو من معها. طلبت منه سارة أن يحكي لهم يتذكره لحظة غرقهم.

قال كنا في إجازة إلى تلك الجزيرة أنا وزوجتي وبنتي الوحيدة "منة". كانت الأجواء رائعة وكنا مستمتعين بالرحلة. كانت الرحلة تستغرق أسبوعين كاملين. في نهاية الأسبوع الأول عدت إلى الإسكندرية لحضور اجتماع مهم كان المفترض أعود في اليوم التالي. في اليوم التالي ذهبت إلى المطار لأعود إليهم. قالوا لي أن الرحلات إلى تلك الجزيرة متوقفة لسوء الأحوال الجوية. حاولت أن أتصل بهم لكن بلا جدوى ثم سمعت ما حدث في الأخبار. ومن وقتها وانا نادم أني تركتهم في ذلك المكان لوحدهم.

أخبرته سارة ما زلنا نتحقق من الموضوع لا يوجد أي شيء يؤكد نظريتنا. قال لها انها ابنتي نفس العيون ونفس الجمال أخذته من والدتها. طلبت منه سارة الذهاب إلى جناحه الخاص وستخبره بتطورات الموضوع أول بأول. أخذ الوالد يترجاها! قائلا لا أستطيع أن أبقى في غرفتي وحسب أريد ان أشارك في كل شيء يخص البحث. قالت له إذا سآخذك إلى لميس وكارا فهم الآن يعملون على تحليل الفيديو.

بدأت آيتن و مي بتجهيز فريق كامل ليدخل إلى المحيط. فقاموا بتطوير الغواصة الأخرى لتقوم بهذه المهمة. سيبدأون البحث في دائرة قطرها 30 كيلو متر تحت الماء.

انتشر الخبر حول العالم. فبدأت "المذيعة علا" تعرض للعالم ما هم بصدد القيام به. وهو البحث عن رومي و"المدينة المفقودة". تفاعل العالم بهذا الخبر. فمن بين مصدقين وغيرهم اللذين يعتبرون ما يقوم به رفقاء رومي في الجزيرة سذاجة ومحاولة للدعاية على حساب دموع عائلات الضحايا. متسائلين من سيبقى حيا احدى عشر سنة في قلب المحيط.

وجد العالم فرصة أن يجدوا ما يقللون من شأن الجزيرة وأهلها. لكن أهل الجزيرة لم تشغلهم الأقاويل. ردت علا على من قلل من شأن أهل الجزيرة أن هذه مجرد فرضية مبنية على حقائق. وسنعمل على اثباتها بكل ما نستطيع فإن أخطأنا سنعتذر للجميع وإن أصبنا فيها فعلى كل من قلل من شأننا أن يعتذر أمام العالم.

تستمر مي وآيتن الإعداد لرحلة البحث. بينما لاحظت كارا ولميس ان هنالك في الفيديو شعاع مثل البرق فكانوا في حيرة هل هو برق أو فلاش كاميرا. فأخذو يقدمون ويؤخرون اللقطات حتى توصلوا أن فلاش الكاميرا يستغرق فقط أجزاء من الثانية بينما البرق قد يستغرق ثانية بينما الشعاع الذي كان في الصورة استغرق 3 ثواني. مدة تصوير المقطع مما أدى إلى قطع الاتصال. فتحليلهم الأول أن الفتاة التي في الكبسولة تعرضت لـ"ماس كهربائي" بسببه زادة الطاقة في الكبسولة وزادة قوة الإرسال فسجلتها وحدة الغواصة في الجزيرة.

بدأوا يركزون على أي انعكاسات لأي مكان أو جسم ليحدد مكان الفتاة. لم تظهر الصور أي انعكاسات سوى بريق مستمر خلال تسجيل الفيديو. النظرية الثانية لو أن الفتات قد تكون تعرضت للكهرباء واحتمالية بقائها حية ضعيف. أيضا بما أن الكبسولة تعطلت فيدل على ان المحرك تعطل والأوكسجين توقف. وكل الحالات تدل لو أن الفتاة في ذلك العمق في البحر إذا لم يكن معها شخص آخر فهي في عداد الأموات. وآخر تحليل كان كيف ممكن أن تصل الفتاة إلى ذلك المكان فبحسب المخطط الذي رسمته "سارة" ولميس الطرق للدخول إلى ذلك المكان صعبة.

عرضت لميس وكارا للجميع احتماليات واقعية المقطع. قالت كارا فقط 5% بالمئة. تزيد إلى 50% إذا وجدنا كبسولة ميليسا في نفس المكان. قالت لميس بحثنا عنها بين حطام الغواصة لمدة 3 أيام ولم نجدها ولم نجد ما يثبت وفاة رومي. إلا إذا افترضنا أن الأسماك التهمته. احتار الجميع شعر بعضهم أنهم قد يكونا يجرون خلف سراب. قالت آيتن وعدت نفسي أنه لو فيه نسبة 1% تكفيني أن أمشط المحيط من أجله. ف 5% أكثر مما أتمنى. فلن أتردد أبدا في البحث عنه.

قال الجد هذه الفتاة فقدت منذ احدى عشر سنة وظهرت صورتها في كبسولة ميليسا فرومي الذي فقد منذ خمسة شهور أولى بأن يبقى حيا. أريد الجميع أن يذهبوا ويخيموا في المنطقة. عندي إحساس أن رومي قد يكون حيا.

في "المدينة المفقودة" وصل رومي "ومنة" إلى مرحلة متطورة من الأبحاث. ولكنهم مترددين في اجراء التجارب على أنفسهم. قال لها مازلنا لم نصل إلى مرحلة نقل المعلومات. فسألته ما لذي تتوقع أنه يجمع بينك وبين التخاطر إلى الحيوانات البحرية. منذ متى بدأ هذه الخاصية معك. أخذ يفكر ويتذكر فقال منذ أن وصلنا الأرض وعشنا في مركبة مثل هذه الجزيرة تحت الماء لكن لم نكن بهذا العمق. كنت أهرب مع آيتن إلى أطراف السفينة. لنشاهد الأسماك لم أكن وقتها قادر على التخاطر معها لكن لما خرجت وبدأت أسماك البيرانا تأكل من جسمي. قالت لعل هذا هو الجزء الناقص في المعادلة أسماك البيرانا لكني أستغرب وصولها إلى المياه المالحة. لأنها تكثر في الأنهار فقط. ربما اختلط عليكم الأمر فأسماك البراكودا هي التي تعيش في المحيطات وتعتبر من الأسماك الخطيرة التي تهاجم في جماعات ولها أسنان حادة كالبيرانا.

قالت غدا الأحد ألا تريد ان تستعد للحفلة الغنائية. تريد ميليسا أن تغنيا سويا. قال هل التقيت بها؟ فأخبرته بانها جاءت الصباح بينما كنت نائم فتحدثنا قليلا، قالت كانت تتمنى أن تصور فيديو كليب معك ثم أدى تطفلها إلى وصولها إلى هذه المدينة. فما زال حلمها أن تغني معك. قال سأتواصل معها لنستعد لحفلة الغد. قال لها هيا لتذهبي معي. يجب ألا نفترق عن بعضنا في هذا المكان فأنتِ أغلى ما أملك. لمعت عيني "منة" من الفرح فأقبلت على رومي تحضنه وتقبله.

ذهبا إلى ميليسا وبدأ يستعدان للحفلة مع الفرقة ثم بدأ رومي يستعد هو أيضا بأغاني أنريكي. كانت "منة" تتأمل رومي باستمرار وهو أيضا لم تنزل عينيه عنها وكأنهما يلتقيان لأول مرة. همست له ما لذي يجري. قال لا أعلم قال هل ممكن لرائحة الأسماك ان تترك شعور جميل مثل الذي أشعر به. قالت لنذهب إلى المنزل. عادا إلى المنزل. بشوق ولهفة. كانت ليلة جميلة شعرا بشعور مختلف. استيقظا الصباح الباكر. ذهبا ليزاولا الرياضة الصباحية فكانت طاقتهما زائدة. عادا إلى "الجيم" فلم يشعرا بالتعب المعتاد. ثم عادا إلى المنزل بشهية قوية أفطرا جيدا ثم جلسا يحللان ما يحدث معهما. قالت ممكن تأثير الرائحة او تأثير "ملامسة الأسماك". فبدأت تحلل جلد الأسماك فوجدت أن نسبة البروتينات المهيجة تكثر في جلد السمك. تغيرت نفسياتهم وبدئا يشعران بشعور أفضل.

جاء المساء واجتمع المئات من سكان المدينة في يوم الأحد المنتظر.

يحي رومي تلك الليلة يغني لـ"منة" أجمل الأغاني ويرقصان سويا ثم يختمها بالأغنية المنتظرة مع ميليسا. "Will Carry On" غنتها ميليسا دويتو مع رومي بشعور مختلف ضج المكان واستمتع الناس بهذه الليلية. حضنت ميليسا رومي وشكرته على هذه الليلة. عاد رومي مع "منة" إلى منزلهما فخورين بما أنجزاه في هذا اليوم.

"في الجزيرة" انطلق الجميع إلى المحيط. سارت طائراتهم وسفنهم وغواصتهم. كانت مي وآيتن وديانا في الغواصة. وسارة ووالد "منة" وبقية الرفاق في اليخت. بينما بقي وليم ونهاد يراقبون صور الأقمار الصناعية للمحيط. أما كارا ولميس اختارا أن يحضرا وحدة المراقبة الخاصة بالغواصة السمكة في اليخت الخاص برومي.

وصلت الغواصة إلى أعماق البحار. واستقرت في منتصف المنطقة المحددة قامت ديانا بإرسال المئات من "الكاميرات المضيئة المعدلة" لتصوير المناطق المظلمة في "المنطقة المحددة" ولتكمل رسم مخطط أعماق المحيط. وكانت الطريقة الأقرب لتظهر أي "ثغرات في المحيط"، وركزوا في المنطقة ما بين اختفاء المدينة والمنطقة التي اختفى فيها رومي. بدأت الكاميرات تتحرك بنسق معين في الأعماق تدخل في كل الكهوف والحفر مهما كانت دقيقة وتعود حينما تجد طريق مسدود.

مر الأسبوع الأول والثاني اكتمل 95% من مخطط أعماق البحار في المنطقة المحددة ولكن بلا جدوى لم يجدوا شيئا. بدأ الملل يتمكن منهم. وبدأوا يفقدون الأمل في إيجاد أي أثر لرومي أو المدينة المفقودة. وما جعلهم يستمرون في بحثهم هو أنهم مستغربين كيف لمدينة كاملة أن تغرق دون أن تترك أي أثر حتى ولو شيئا بسيطا.

جلس الجميع يفكرون ويفكرون. قال لهم وليم لماذا أنتم مستعجلون في أخذ القرارات فما يزال هنالك متبقي 3% لم تكتمل. قالت ديانا ال 3% المتبقية هي حيث انفجرت غواصة رومي. هنالك بحثنا عشرات المرات. ستستمر الكاميرات في البحث حتى تصل إلى ذلك المكان عادت المئات من الكاميرات المضيئة إلى مكانها في الغواصة ولم يتبقى إلا التي بالقرب من الغواصة. تدخل الكاميرات في كل مكان. الكل أمام الشاشة واضعين أيديهم على قلوبهم. لا يريدون أن يفقدوا الأمل في رومي.

كان المكان يعج بالأعشاب البحرية. فكانت الكاميرات تأخذ الوقت الطويل لتبحث عن الثغرات. بين الأعشاب. حتى وصلت إحداهم إلى النفق الذي دخل إليه رومي. ركز الجميع على هذه الكاميرا فأصبحت هي الرئيسية. على الشاشة. الكل يراقب في الغواصة وفي البرج وفي اليخت ومن هم يراقبون عملية البحث على اليوتيوب.

لاحظ الجميع كبر النفق لكنه ما يزال ينزل عميقا في أعماق أخرى للمحيط. ترتفع الآمال. استمرت الكاميرا في التقدم لأكثر من "كيلو ميتر" حتى خرجت من الجهة الأخرى ليرى الجميع أعماق أخرى ومستوى آخر تحت سطح الأرض. تلف ديانا الكاميرا 180 درجة تلاحظ إضاءة في إحدى الجهات فتتبع ديانا الضوء خلف الجبال حتى ظهرت لهم "المدينة المفقودة" مغطاة بـ"قبة" فرح الجميع وحضن بعضهم بعضا بما فيهم والد "منة" الذي حضن زوجته حاولت ديانا تقرب الكاميرا من المدينة. حتى بدأت الكاميرات تعطي انذار بقرب انقطاع الإشارة. فأوقفوا الكاميرا وأخذوا يراقبون المدينة من بعيد.

في خبر عاجل حول العالم وجد رفقاء رومي "المدينة المفقودة" ولا يعرف حال المدينة ولا من فيها. وما زالوا لا يعلمون هل رومي موجود في تلك المدينة أو لا.

حزن الجميع فكلهم متلهف يتمنون أن تصل الكاميرات إلى ذلك العمق فاكتفوا بمراقبة المدينة المتوهجة. وبينما هم كذلك. يكلمهم وليم أنه في الطريق مع نهاد بأقصى سرعة "بالثاقب المائي" مع جهاز سيقوم بتقوية ارسال الكاميرات المضيئة. يغطس وليم إلى الأعماق متجها إلى حيث انفجرت الغواصة. فيضع الجهاز في الأعماق ثم يعود إلى السطح.

ترسل ديانا المزيد من "الكاميرات المضيئة" إلى تلك المنطقة وتبرمجها لتتمركز حول "قبة المدينة" وما هي إلا لحظات وبدأ العرض من تلك المدينة.

فرح الجميع لما شاهدوا الناس يمشون ويتنقلون في المدينة المضيئة. وأكثرهم بصحة وسلامة. أخذ الجميع يركزون على الكاميرات لعلهم أن يشاهدوا رومي أو الفتاة "منة". زادت ديانا الكاميرات لتغطي كل شارع ومدخل من خلف القبة. لكن لم تظهر الكاميرات رومي أو "منة".

كان رومي و"منة" يقضون أكثر وقتهم في بيت الأبحاث. انسجامهما مع بعضهما البعض أغناهما عن الخروج أو مقابلة الآخرين.

بدأ الجميع يفكرون في خطط الإنقاذ لكن بدون شخص من الداخل لا يستطيعون أن يجدوا طريقة لإخراج الجميع من هذا المكان. فاكتفوا بالمراقبة حتى يجدون ثغرة ليدخلوا الكاميرات إلى المدينة.

في يوم الثلاثاء. لاحظوا اجتماع الناس مساء في الميدان في منتصف المدينة. يحتفلون ويرقصون وبينما هم كذلك تخرج ماليسا وتصعد إلى المسرح لتغني. لم تتخيل فرحة الجميع لما شاهدوا ماليسا فرحوا وفرح العالم أنها ما تزال بخير. في نفس الوقت كان رومي قد خرج ليحضر الطعام هو و"منة" ولم يشعر بهم أحد فكان التركيز على ميليسا.

بدأوا يراقبون ميليسا قالوا ربما تكون مع رومي. ولكن خاب ظنهم لما شاهدوها بعد الاحتفال تقبل فرانك وتذهب معه إلى منزله. فقدوا آمالهم في نجاة رومي أو العثور على "منة" قالوا لوالدها اذهب إلى عائلتك وأعمالك فأصر أن يبقى معهم إلى آخر لحظة. صار الاهتمام منصب على كيف نخرج هؤلاء من ذلك المكان.

زاد عدد السفن والغواصات في تلك المنطقة من المحيط. ما بين اعلاميين وفرق انقاذ وعائلات من في الجزيرة. لكن لم يستطيع أحد النزول إلى الأعماق سوى رفاق رومي. يراقب الجميع "المدينة المفقودة" لكن لم يجدوا الطريقة المناسبة لإنقاذ الجميع بدون أن يدخل البحر إلى الجزيرة. فهم الآن أمام عقبتين الأولى كيف تصل المركبات إلى المستوى الثاني من الأعماق. والثانية الأصعب كيف ينقذون الناس من تحت القبة.

في ليلة الأحد. رأوا تجمع من ساعات مبكرة يكاد يفوق تجمع الثلاثاء بضعف العدد. الناس تأتي من كل مكان. استغرب الجميع ما هذا التجمع. ثم بدأوا بإعداد المسرح وبعد ساعات بدأت الفرقة الموسيقية تجهز نفسها. حتى جاء الوقت المناسب أطفئت الأنوار اشتغلت الكاميرات المضيئة في وضع الرؤية الليلية. فلاحظوا الصفوف تتفرق ونجم السهرة يتقدم إلى المسرح فيصعد ثم يرفع يديه ثم يصمت الناس أجمعين. ثم تبدأ الموسيقى بالعزف وتعاد الأنوار فيشاهد العالم رومي يحي ليلة من أجمل الليالي في "المدينة المفقودة" فرح رفاق رومي لما رأوا رومي بكامل صحته. يغني ويطرب الجميع. تمنى كثير من العالم أن لو كان تلك الليلة في "المدينة المفقودة". بكى الجميع فرحا بسلامة رومي. وارتفعت الآمال لخروج الناس من ذلك المكان. نظرت سارة إلى والد "منة" وهي تقول له أتمنى كما وجدنا رومي أن نجد ابنتك تأكد أنها قوية فلولاها لم نجد الجميع. أخذت والد الفتاة العبرة ثم جلس يبكي ويقول أتمنى.

أحيا رومي الحفلة وكان التركيز كاملا عليه. ولما انتهى من الغناء أقبلت عليه "منة" تحضنه بشده. عرف الجميع أن الفتاة هي "منة" شاهدها والدها فرح بشدة فبدأ يحضن زوجته وأولاده من الفرح بقيت "منة" في حضن رومي لبعض الوقت وكانت المفاجأة للجميع لما شاهدوا رومي يقبلها وتقبله بشوق وحب.

فتحت الأفواه وتجمد الجميع. ولم يعرفون ما يفعلون. هل يفرحون أم يغارون على رومي من الفتاة. بدأت مي تصفق لهما ينظر إليها الجميع ثم صفقت آيتن ثم بدأ الجميع يصفق لهما. وقالوا المهم أنه بخير.

يتابع الجميع رومي يحمل "منة" على أكتافه يحيونهم الناس ويهتفون "رومي رومي" صداها وصل إلى العالم كله. ثم يذهبان ويبقيان بجوار القبة تتجمع حوله الأسماك المضيئة و"منة" في أحضانه. يبقيان في ذلك المكان حتى أشرقت شمسهما الاصطناعية ثم يعودان إلى المنزل. ليناما.

أحرجت سارة من والد "منة" الذي كان سعيد سعادة لا توصف أن ابنته بصحبة رومي. قالت له سارة لا تقلق ستكون بخير. قال الآن أستطيع أن أعود إلى عملي مطمئنا. وسأعود عندما يخرجون بإذن الله.

يعم الصمت رفاق رومي. كل منهم يتمنى الآخر يبدأ الحديث. بدأت كارا الحديث. تسألهم مالكم كنتم منذ ستة أشهر تتمنون أن يأتيكم فقط في الأحلام والآن لما اطمأننتم وشاهدتموه وفرحتم بسلامته فجأت تغيرتم 180درجة فقط لأنكم شاهدتموه مع فتاة أخرى. بصراحة ما ألومه ضعوا أنفسكم مكانه. انظروا إلى هذه المدينة "مقبرة بمعنى الكلمة" الداخل فيها مولود والخارج منها مفقود. أناس فيها عاشوا لإحدى عشر سنة. فقدوا أي أمل للعودة إلى أهليهم. انظروا إلى ملامحهم وأشكالهم يعتبرون أنفسهم "قد دفنوا أحياء" يبحثون عن أي شخص أو أي شيء يتشبثون به ليعيشوا ويواصلوا الحياة مع بصيص من الأمل قد يصل لأصفار قبل الواحد. ونحن بمجرد نظرة واحدة حكمنا عليه. أنا لو مكانكم وأحب رومي بالطريقة التي تحبونه لفكرت بشيء واحد فقط وما يهمني أي شيء آخر وهو "أنه ما يزال بصحته" حتى ولو كان مع عشرات النساء. لأني أعرف رومي لم ولن يفعلها إلا إذا كان مضطرا. اذهبوا وناموا لعلنا نجد طريقة لنخرجهم من هناك. تكلمت مي وقالت: رومي محظوظ بشخص مثلك في فريقه، بالعكس نحن سعيدين بأن رومي ما يزال على قيد الحياة، أننا فقط تفاجأنا. وقد تكون تلك الفتاة من أبقى رومي على قيد الحياة فنحن جميعًا مدينون لها بالتأكيد، فهي الخيط الذي عرفنا خلاله أن رومي ما زال حيا.