كاتب الموضوع :
SHELL
المنتدى :
سلاسل روايات مصرية للجيب
رد: العدد الخاص ( الدائرة ) نبيل فاروق
* الجيزة أغسطس 2014م:
" ليس هناك من شك ..."...
قالها الدكتور (طه عبد الودود) الأثرى المعروف، وهو يطالع شاشة ذلك السونار الأرضى الرقمى الحديث، قبل أن يستطرد، فى انفعال شديد:
- هناك فراغ كبير، أسفل (أبى الهول).
غمغم مساعده (مسعد) فى لهفة:
- مخزن الحكمة.
صمت الدكتور (طه) لحظات، ثم هزَّ رأسه، وهو يجفَّف عرقه:
- أسطورة قديمة، لا تستند إلا لروايات، تناقلها الأقدمون.
تراجع (مسعد)، قائلاً فى شبه شرود، كما لو أنه يستعيد ذكرى جميلة:
- مازلت أذكر ما سمعته منذ طفولتى، عن سكان (أطلانتس)، تلك القارة الغارقة، الذين نجوا من الكارثة، وأتوا إلى (مصر)، وأودعوا كل أسرار علومهم وحكمتهم، فى مخزن سرى، أسفل (أبى الهول).
عاد الدكتور (طه) يهز رأسه:
- مجرَّد خيالات، لم يثبتها العلم قط ... (أطلانتس) نفسها لم يثبت وجودها أبداً، حتى هذه اللحظة ... كل ما لدينا عنها محاورتين مسجلتين لـ( أفلاطون)، وهما (تيمابوس) و(كريتياس)، اللتين يروى فيهما حكاية قارة افتراضية حكمت العالم، قبل الميلاد بآلاف السنين، وبلغت شأناً عظيماً من التطوَّر والحضارة، قبل أن تتعرَّض لكارثة، أغرقتها كلها، والمؤمنون بوجودهما، مازالوا يبحثون عن موقعهما، حتى يومنا هذا.
اعتدل (مسعد) فى حماس:
- لو أننى منهم لفعلت المثل.
ابتسم الدكتور (طه)، وهو يجفَّف عرقه مرة أخرى:
- حقاً.
واصل (مسعد) بنفس الحماس:
- لقد تصوَّر الكل لعقود، أن (طروادة) كانت مجّرد أسطورة، ثم جاء الألمانى
(هنريك شيلمان) وكشف أطلالها، وأثبت أن الأسطورة حقيقة، فى نهايات القرن الثامن عشر
صمت الدكتور (طه) لحظات مفكراً، ثم هزَّ رأسه مغمغماً:
- من يدرى !!
فاجأهما صوت هادئ، يقول فى رصانة:
- ربما يكون هذا قريباً.
التفت الإثنان إليه فى دهشة ...
كان رجلاً طويل القامة، أبيض البشرة، أنيق الملبس، على نحو يتعارض مع موقع حفر أثرى، وكانت لهجته تجمع بين الهدوء والحزم معاً، على نحو يوحى بأنه اعتاد دوماً، أن يكون فى موقع القيادة ...
وفى دهشة متوترة، هتف الدكتور (طه)
- كيف دخلت إلى هنا ؟!
أجابه الرجل بنفس اللهجة، التى اكتست بالكثير من الثقة:
- لا يوجد ما يمكنه أن يمنعنى.
العجيب أن مظهره، واللهجة التى تحَّدث بها، جعلتهما يكتفيان بهذه الإجابة، ويكتفيان بتبادل نظرة قلقة، قبل أن يتساءل (مسعد):
- إلى ماذا تستند، فى أن الكشف سيكتمل قريباً ؟!
ظهر شبح ابتسامة واثقة، عى ركن شفتى الرجل، وهو يقول:
- لو راجعت صور هذا السونار البدائى، ستجد الظلال أكثر فى الجزء السفلى على الجانبين، وهذا يوحى بوجود ممر، يقود إلى تلك الحجرة الكبيرة، أسفل التمثال.
نقل كلاهما بصره، بين الشاشة، والرجل، وغمغم (مسعد):
- هذا صحيح بالفعل ؟!
أما الدكتور (طه)، فلم ينبس ببنت شفة، وقد أمتلأ دهشة ...
ولسببين ...
فالرجل وصف أحدث سونار أرضى رقمى، أبدعته عقول العلماء، بأنه بدائى ...
ثم أنه وصف المشهد على الشاشة بدقة ...
على الرغم من أنه لم يلق نظرة واحدة إليها ...
تضاعفت دهشته، عندما تابع الرجل، فى ثقة بدت له مخيفة:
- سيلمع اسمك كثيراً، مع نهايات العقد الثانى، من القرن الحادى والعشرين يا دكتور (طه) ...
غمغم الدكتور (طه) فى دهشة:
- كيف يمكنك أن تتنبأ بأمر كهذا ؟!
بدا الرجل أكثر حزماً، وهو يجيب:
- ليست نبؤة.
جاء دور (مسعد)؛ لينقل بصره بين وجهى الرجل والدكتور (طه)، الذى حمل صوته لمحة من العصبية، وهو يسأل:
- من أ ين إذن ...
قاطعه الرجل فى صرامة:
- سأجيب كل أسئلتك وتساؤلاتك، عندما نلتقى غداً يا دكتور (طه).
لم يذكر أبداً أن الرجل كان يحمل شيئاً فى يده، إلا عندما مدَّ تلك اليد إليه، حاملاً بطاقة ذهبية صغيرة، وهو يضيف:
- فى الموعد والمكان المحددين هنا.
التقط الدكتور (طه) البطاقة، فى شئ من الحذر، وقرأ عليها اسم فندق شهير، ثم رفع عينيه، إلى حيث يقف الرجل، متسائلاً فى عصبية:
- وهل تفترض ...
بتر عبارته فى دهشة، وتلفَّت حوله فى توتر، وهو يسأل (مسعد):
- أين ذهب ؟!
أجابه (مسعد)، وهو ينهض:
- ترك لك البطاقة، وانصرف على الفور.
اندفع الدكتور (طه)، خارج خيمته، وهو يهتف فى غضب:
- من يتصوَّر نفسه هذا الـ ...
مرة أخرى، بتر عبارته، بكل دهشته البالغة ...
فمن حوله، كان عمال البعثة الأثرية يعملون، والصحراء من خلفهم ممتدَّة، ولا أثر لذلك الرجل ...
على الإطلاق ...
* * *
|