كاتب الموضوع :
سيريناد
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: 60 - العريس لا أحد مكتوبة
الفصل الأول
عينان لا تفارقانها
لم تشأ إيدن أن يعرف الرجل الجالس قربها إن كانت تتوق إلى هذه الرحلة أم لا , كما لم تشأ أن يعرف أنها
أعادت النظر ملياً في أمر رحلتها هذه , التي الغاية منها التعرف إلى عائلته , ولكن لم يسبق أن خشيت إيدن لقاء إنسان ما كما تخشى هي الآن لقاء عائلة غريفت هوفمان .
عائلته , تعنى أخاه غير الشقيق وجدته العجوز التي هي كما يقول غريفت من النوع المتغطرس المستبد , وهى غير راضية عن مسلكه لأسباب مختلفة , ولكنه على الرغم من رأيها به يصر على أنها مهيبة رائعة .
وهذه الجدة تركت موطنها إنكلترا منذ أن كانت فتاة صغيرة , وعاشت ما يقارب الثمانين سنة في جزر البهاما , غير أنها ما تزال تعتبر نفسها امرأة إنكليزية أرستقراطية . . أما فيرن هوفمان , شقيق غريفت الأكبر , فهو بحسب قوله يملك عجرفة وكبرياء أسلافه الهوفمان .
توقعت إيدن التي لم تكن تدعى أن في عروقها دماً أزرق أن تجد هذه العائلة المتسلطة الأرستقراطية مرهبة للنفس أكثر فأكثر , خاصة وأن عائلتها متواضعة , ولقاؤها غريفت أشبه بإلقاء نظرة على عالم مختلف كل الاختلاف , وما شاهدته من هذا العالم حتى الآن يعتبر غريباً مثيراً .
إيدن , كما لا شك في الأمر , تجتذب نظر أي رجل بشعرها الأحمر القاتم وعينيها الخضراوين , وليس غريفت هوفمان ممن يترك فرصة كهذه تفوته , وقد حدث أن شاهدته للمرة الأولى حين دخل إلى المكتبة التي تعمل فيها , ومنذ ذلك اليوم أصبح من زائري المكتبة الدؤوبين . وتعدد الزيارات , قاد بشكل حتمي إلى اللقاء خارج العمل , ومن هناك تطورت الأمر بشكل طبيعي.
فُتنت به عائلتها وكيف لا يكون ذلك وهو قادر على فتنة الطيور على أشجارها. لم يُبد أحد منهم شكوكاً بشأنه إلا أخاها الأكبر الذي أرتاب في أمر سفرها الطويل معه دون خطوبة رسمية معلنة . مع أن والديها لم يجدا مبرراً للحذر, وكما أشارت والدتها, المسألة لا تتعدى خاتم الخطوبة ليصبح الأمر رسمياً.
كما أن غريفت , إضافة إلى وسامته وسحره , هو شاب ثرى , وهو بهذا خطيب مناسب لأية فتاة . وبما أن إيدن تعرفه منذ ثلاثة أشهر , لم يبال أحد بشكوك أخيها الأكبر ( أوك ) , فلقد كان يبالغ دائماً في حماية إيدن .
مرت إيدن بالإجراءات الرسمية في المطار وهى مبهورة دهشة , وما إن انتهت هذه الإجراءات حتى أحضر غريفت سيارته التي قادها على طريق عريض مغبر على جانبيه حقول الأناناس القليلة الارتفاع . . أدار رأسه لحظة ينظر إليها , ثم مد يده ليضغط على يديها المتقلصتين في حضنها , وإلتمعت عيناه الزرقاوان وهو يبتسم لها مشجعاً إياها على الابتسام :
-ما زلت لا أصدق أنك هنا .
كانت لكنته غريبة بعض الشيء وهى لا تستغرب ذلك لأن نسبه أكثر غرابة , فوالده إنكليزي فيه عرق إيطالي وأمه فرنسية فيها عرق ألماني , وقد قتلا في حادث سيارة منذ سبع سنوات , حين كان هو في السادسة عشر , فترك تحت عهدة جدته لأبيه وأخيه الأكبر منه بكثير فيرن .
عاد ليضغط على يديها ثانية , محاولاً النظر إلى وجهها :
-هل أنت متوترة إيدن ؟
نظرت إليه بطرف عينيها ووجدت نفسها تقول بصدق :
-بل أنا خائفة حتى الموت . . ماذا تتوقع منى يا غريفت بعدما نقلتني هذه النقلة لالتقى بـ. . .
قاطعها بابتسامة :
-بعائلتي . . أتمنى أن تناديني ( غريف ) فاسم غريفت يوحى إلى بأنني أحد اللوردات القدامى . !..
-أحب اسم غريفت ... ألم تقل بنفسك إن عائلتك تكره سماع اسمك مختصراً . وإن سمعاني أناديك ( غريف ) حينما أصل أكن بذلك قد بدأت بداية خاطئة معهما .
ضحك على التعابير التي كست وجهها :
-أوه . . . دعك من هذا حبيبتي . . . لن يأكلك أحد! لن تسيء جدتي استقبالك لأنها تؤمن بما تفرضه النبالة وسمو المنزلة . . أما فيرن فهو رجل بما للكلمة من معنى , ولن يرغب في ملاحقة فتاة جميلة مثلك لأنك خارج نطاق عمره! لا تخشيه فنباحه يفوق عضه !
لكن إيدن كانت قلقة فعلاً خاصة بعدما أوحى غريفت أن فيرن أكثر مهابة من العجوز . نعم هي تعرف أن امرأة عجوز تجاوزت الستة وثمانين عاماً قد تكون متسلطة. لكنها لن تكون أكثر تسلطاً من حفيدها الأكبر.
|