الفصل الرابع
لو أن جوانا نامت القليل خلال البضع ليال الأخيرة, فانها تلك الليلة لم تنم مطلقا, وفي الثالثة والنصف فجرا تخلت عن صراعها غير المتكافئ مع النوم ونزلت للطابق الأرضي وكانت آخر بضع جمرات لا زالت تتقد في المدفأة فأضافت بضع حطبات لها, ونفخت في الجمر حتي اشتعلت ألسنة النار.
صنعت لنفسها قليلا من الشوكولا الساخنة وجلست ترتشفها أمام النار, محاولة أن تقرر ماذا ستقول ل برايان تورنبول, فقد وعد بالمجيء لرؤيتها ولكنه لم يفعل ولم تقتنع بأن تقتحم بيته بمعبة ايزابيل بدفورد, وصرت علي أسنانها وهي تحاول التفكير بطريقة للخلاص من هذا المأزق ولكن دون أن تصيب النجاح, وأخيرا استغرقت في نوم غير سوي متكورة علي الأريكة ورأسها محني علي ذراعها.
وبهذه الوضعية وجدها الأولاد المذعوران في الصباح التالي وهزها بوب مرتعدا" جوانا...جوانا !ما بك؟"
فأجفلت متألمة, فنومها لم يكن مريحا علي الاطلاق وأفاقت في غرفة باردة تشعر بالمرارة وأطرافها مخدرة, ولكنها أحست بخوفهما فاستجابت معهما رغم حالتها المزرية
"لم أستطع تذكر ما اذا كنت قد وضعت حاجز الوقاية أمام النار أم لا, فنزلت لأري ونمت هنا, هذا كل شيء, كم الوقت الآن؟"
"الوقت متأخر ,لقد استفقنا منذ وقت طويل" وبقي بوب مرتابا فسألها" لماذا لم تضعي الحاجز وتعودي لسريرك؟"
"لماذا؟ أوه...أعتقد أنني كنت تعبة فجلست أرتاح وغفوت."
"ولكن لماذا....؟"
"أوه بوب! أرجوك انسي الأمر, لا يهم لماذا, لقد كنت تعبة ونمت وها قد تأخرنا علي الفطار"
وبقي الطفلان قربها وهي تنهض متألمة وتذهب للمطبخ, وتناولوا الفطار في صمت كامل, وجاء ساعي البريد وتناول معهم الشاي وعلق علي وجوههم المتجهمة ثم ذهب, ورفض الولدان الخروج من المنزل مع أن الجو كان جميلا وجلسا جنبا الي جنب بجوار النار, وسرت جوانا لانشغالهما بحل لغز لتكمل هي عملها المنزلي, ولكن ما ان رن جرس الهاتف حتي وقفا علي جانبيها ينظران بفضول الي السماعة وكأنهما يستطيعان رؤية وجه المتكلم, وكان المتصل ايزابيل بدفورد, فتركاها وعادا قرب النار ليتابعا لعبهما, وقالت ايزابيل" سأراك بعد ظهر اليوم"
"أجل؟"
"هل يمكن أن نستخدم سيارتك؟ لقد تعطلت السيارة الصغيرة وأنا أكره قيادة الكبيرة"
"حسنا, في أي وقت؟"
"بعد الغداء مباشرة وقبل أن أفقد شجاعتي"
"لا تكوني سخيفة, سوف أتأخر, فقد نمت متأخرا وتأخرت في العمل المنزلي والأولاد لن يتناولا الغداء حتي الساعة الثالثة علي الأقل, فلنقل عند الرابعة, سأجئ لأصطحبك"
"أوه, حسن جدا, ولكن لا تلومينني اذا اضطررنا لتناول الشاي عنده"
وصلت الي بوابة المزرعة وأوقفت سيارتها القديمة أمام الباب ومرت بأقرب طريق عبر المكتب الي الباحة الخلفية ثم عبر المطبخ, الاسطبلات هذه الأيام فارغة الا من بضع دجاجات تزود آل بدفورد وآل راينهارت بالبيض, وللحظات وقفت تنظر حولها في الباحة الخالية, بعد ظهر أيام الخريف المعتمة كانت الباحة مخيفة وأحست جوانا بالارتجاف
فجأة سمعت ايزابيل "جوانا , لا تقفي هكذا والا تجمدت من البرد, ادخلي"
"آسفة, هل أنت جاهزة؟"
"أجل, اصعدي الي هنا لدقيقة فقط, أريد نصيحة منك"
"حول ماذا؟"
"لست واثقة من ملائمة هذا الشال"
"هيا ايزابيل, أين شجاعتك؟"
"لست أدري ما تعنين..."
"بل تعرفين, أنت تحاولين التأخير ولن أبقي في الداخل لأجل عرض أزياء, أنت من رغبت في الحديث مع الغول, وأنت من تواعدت معه, ولقد حصلت علي سائق ولا يمكن أن تتجابني الآن"
"أوه, حسن جدا, أنت فتاة عنيدة ,جوانا"
بعد دقيقتين ظهرت في المطبخ بأبهى أناقتها, ببذلة رائعة لها شال مربوط عند العنق وقالت" حسنا لنذهب وننهي الأمر ولكنني أحذرك...أنا خائفة"
بعد نصف ساعة كانت تعتذر لمضيفها لجلبها معها رفيقة غير مدعوة , شارحة أن سيارتها تعطلت وأن جوانا كانت لطيفة جدا في إيصالها, ولم يبدو علي برايان تورنبول أي اكتراث.
وتابعت ايزابيل" ولكنك بالطبع التقيت ب جوانا"
"بالطبع كيف حالك آنسة راينهارت؟ ألا تتفضلان....بالدخول؟ أخشي أن يكون المنزل لا يزال دون ترتيب ولكن هناك نار مشتعلة في المدفأة داخل المكتبة وهذا كل ما أحتاج اليه في هذا الطقس, أليس كذلك؟"
وفتح لهما باب المكتبة ونظر بسرعة الي جوانا وهي تمر من أمامه
"حسنا سيدة بدفورد, بما أنك وجدتني الآن, ماذا أستطيع فعله من أجلك؟"
وتلبكت ايزابيل من سؤاله المفاجئ, فقد كانت تفضل التظاهر بأن زيارتها ودية قبل أن تخوض في أسبابها, فأجابت بعد قليل من الصمت لتستعيد أنفاسها" من الصعب قليلا أن أشرح لك ولا أعتقد أن الأمر سيعني لك الكثير الا اذا كنت تعرف شيئا عن تاريخنا المحلي"
"لا أعرف عنه شيئا"
"أوه...حسنا"
ونظرت الي جوانا علها تساعدها, ولم يكن من طبيعتها أن ترفض, فقالت" هناك طريق أثرية قديمة تعود لسكان البلد الأصليين, أو علي الأقل كانت,وهي الآن تمر عبر حقلين تملكهما شركة خاصة ترفض الاعتراف بالحق العام للمرور عبرها, ورفعنا الأمر للمحاكم وفعلنا ما بوسعنا ولكن من المكلف أن نرفع هذا الي محاكم أعلي, ورأينا أن أفضل ما نفعله هو شراء الحقلين"
"أفهم هذا, ولكن ما دخل هذا بي؟ فأنا لا أملك أية أرض علي تلك التلة؟"
وقالت ايزابيل" لك علاقة بالتمويل"
"آه فهمت , سأكون سعيدا للمساهمة, سأحضر دفتر شيكاتي....."
"لأجل السماء نحن لا نطلب مالا"
فنظر الي جوانا ثم الي ايزابيل" لا تريدون مالا؟ ماذا تريدون اذا؟"
"نريد منزلك"
"منزلي؟"
وأحست جوانا بقليل منا لتفوق وأجابت بهدوء
"السيدة بدفورد تفكر أن بامكانها جمع المال اللازم لشراء الحقلين, بتقديم حفل عام هنا....بما أنه أعتق بيت في القرية"
"هنا؟ انه عتيق فعلا, ويطقطق طوال الوقت حول آذاننا, وبالكاد يكون قريبا من عمر تلك الطريق الهندية القديمة, وما نوع ذلك الحفل؟"
فأجابت ايزابيل" أوه...حفل تنكري"
وساعدتها جوانا" قليل من الغناء, فالكاهن لديه مجموعة كورس رائعة, وربما يقدم الأولاد تمثيلية اذا كان الحفل وقت الميلاد, وقد يهتم بعض هواة التمثيل ,ولهم جمعية هنا ,بتقديم عرض أو اثنين"
ولاحظت جوانا وهي تتكلم تصاعد الذعر في وحهه, وكان صعبا منع نفسها من الضحك ولكن ايزابيل لم تلاحظ ذلك وتابعت في سرد خيالاتها بينما وقف هو مسمرا في أرضه غير قادر علي إزاحة نظره عنها, وأنهت ايزابيل بلهجة انتصار" ثم أن جوانا تلعب علي القيثارة"
فأغمض برايان عينيه وقد أحس بالقشعريرة ثم فتحهما ليحدق بذهول في جوانا التي ردت النظرة بكل براءة, وتابعت ايزابيل وهي تصفق بيديها" والآن سيد تورنبول ....ما رأيك؟"
ساد صمت مطبق بدا خلاله كأنه ينتقي كلمات رده" رأيي ...أن هذه ....فكرة تأسر الاهتمام, ولكن ....كما ترين... ليس هناك مكان حتي لي أنا هنا في الوقت الحاضر, فما بالك بأولاد المدرسة وكورس الكنيسة والممثلون الهواة....والجمهور"
فسارعت ايزابيل تطمئنه" سنأتي جميعا لنساعدك في تحضير المكان, بالطبع, أليس كذلك يا جوانا؟"
وبدا عليه الانزعاج" أنت لطيفة جدا, ولكن لدي ما يكفيني من مساعدة هنا, الأمر ليس مسألة تنظيف وتعليق ستائر, فهناك تغييرات وترميمات يجب أن تتم"
"قبل الميلاد؟"
"حسنا...لا ,لا أعتقد..."
"اذن ليس هناك سبب يمنعنا من استخدام المنزل قبل الميلاد شرط أن نرتبه, أعني أننا بهذه الطريقة لن نتلف لك الديكور الجديد أو أي شيء آخر"
"أعتقد أن هذا صحيح"
وفتح باب المكتبة فالتفت قائلا" أوه...ها قد وصلت المساعدة التي تكلمت عنها, وأظن أنها ستدخل لنا الشاي, أتمني أن تكوني تحبين الشاي سيدة بدفورد؟"
وانفتح الباب كاملا وظهرت منه فتاة تحمل صينية كبيرة ومليئة , تقدم برايان ليأخذها منها وقال" لا لزوم لأن تخدمينا, لقد فعلت ما هو كفاية وبحسب مقدرتك المهنية"
كانت الفتاة هي سامنثا بريكس, شعرها الجميل كان معقوصا الي الخلف ليكشف عن رقبتها الجميلة, وظهر بعض الغبار علي خدها مما يظهر أنها فعلا كانت تساعده في الأعمال المنزلية, وقال وهو يأخذ الصينية منها" شكرا لك, مساء الخير سيدة بدفورد, مرحبا جوانا, أتمني أن تكونا تحبان كعك الجوز مع الجنزبيل" وضحكت ل برايان بطريقة مثيرة حتي أن ايزابيل نظرت الي جوانا" هل يعلم آرثر أنك هنا؟"
وبدت الدهشة علي سامنثا" لست أدري, وهل هذا مهم؟ فأنا لا أبدأ العمل عنده حتي السابعة مساء...وأنت تعرفين"
فتمتمت ايزابيل"أوه..لا , بالطبع...سامحيني"
وناولها برايان فنجان الشاي وقال" لقد كانت سامنثا تحضر هنا كثيرا, انها حقا لطيفة, فأنا لا أبقي هنا كثيرا وهي تحتفظ بالمفتاح وتدخل العمال متي كنت غائبا"
فقالت ايزابيل بطريقة مدروسة" أنت محظوظ لأن لديها وظيفة ملائمة"
"ألست محظوظا؟"
وصبت سامنثا الشاي ل جوانا وأعطتها الفنجان وهي تضحك" أوعه, انه لطيف, وأنا لا أدري متي يحضر حتي يذهب, انه يختفي فجأة, ومن حسن الحظ أنه غير متزوج, فلن تستطيع أي زوجة تحمل نمط حياته"
وحاولت ايزابيل أن تعيد شد انتباه برايان الي الموضوع الرئيسي ,فقد كان علي وشك الموافقة قبل دخول سامنثا, وراقبت سامنثا وجه برايان و ايزابيل تتحدث ولم يشد انتباهها غير كلمة واحدة...(تمثيلية) فقالت دون تفكير" أوه, هل ستقدمون تمثيلية هنا؟في القاعة الكبري؟"
قال المالك الفخور" القاعة الكبري! انها مخزن غلال كبير أكثر منها قاعة, ولا يمكن تدفئتها أبدا, والتدفئة المركزية لن تمدد في المنزل حتي الربيع"
ردت ايزابيل بجدية" اذن سنستخدم الحطب, فهذا ما كان القدماء يستخدمونه, ولدينا الكثير من الحطب في المزرعة, فلا تهتم بهذا الأمر"
"لا أهتم؟ سيدة بدفورد...هل أنت جادة؟ لقد رأيتي حالة المكان, حتي المطبخ غير قابل للاستعمال, فكيف يمكن أن تقيمي أي نوع من النشاط هنا؟ ستكون مهزلة!"
نظرت اليه وعيناها تلمعان بفكرة جديدة" بالطبع, كان يجب أن أفكر بهذا من قبل"
"تفكرين بماذا؟"
"بالمهزلة, سنقيم حفلة راقصة...محترمة, ولكن بملابس هزلية, سنجعل الناس يتنكرون بملابس هزلية, أوه...سيكون الأمر ساحرا"
وهزت سامنثا رأسها بحماس موافقة علي الفكرة, بينما بدا علي برايان الذهول, وارتجفت جوانا لتفكيرها بما سيقول البريغادير بدفورد عندما يعرف بالفكرة, ولكن ايزابيل وقد وجدت لها مشجعا في حماسة سامنثا, فلن يوقفها شيء الآن, وتابعت" سنقيم الحفلة في وقت مبكر من المساء,
فالأمهات قد يرغبن في وضع أولادهن في الفراش بعد تقديم العرض, الي أي ساعة تسمحين لطفليك بالبقاء صاحيين جوانا؟"
"حتي الثامنة"
"أوه...حسنا, سيضطران للبقاء ساهرين لمدة أطول, ولنقل أنهما سيكونان في الفراش عند العاشرة, فيمكن لهما اذن تقديم عرضهما عند التاسعة, ثم يذهبان للنوم"
وقال برايان ساخرا" ومتي يذهب الكورس الي النوم؟"
"أوه...إنهم كبار, ويمكنهم السهر"
قلت جوانا" أنت تريد للسهرة أن تنجح ,أليس كذلك؟"
فقال لها بصوت منخفض حتي لا تسمع ايزابيل" لا تحاولي تجربة مدي صبري, أنت مرتاحة بالتفرج علي, وتعرفين أنني لن أستطيع الخلاص من هذه المرأة الهيبة"
فردت بهمس ساخرة" ولكن سامنثا لا تبدو موافقة معك"
وتدخلت ايزابيل" فكر بجمال العصر الذي ستختار ارتداء ثيابه, الثامن عشر...."
وساد صمت قصير قبل أن تبدأ ايزابيل و سامنثا الحديث عن روعة الفكرة, بينما بقي ضحية جوانا...ساهما, ثم قال ل جوانا" أري أنني مضطر للمشاركة, فالجميع سيفعل, آرثر, سامنثا, الكاهن, حتي أولاد أخيك, وأنت بالطبع, سأنتظر بشوق سماعك تعزفين علي ذلك المثلث"
"انه القيثارة"
"أوه..القيثارة بالطبع, كم هذا سخف مني"
قالت ايزابيل" ولكنها لا تلعب القيثارة لأحد"
فرد ساخرا" ولكنها ستضطر للعزف هذه المرة, أليس كذلك؟"
وحدقت به جوانا, انه يسخر منها, انها جسارة, انها إزعاج, ومع ذلك فقد كانت لهجته مهددة قليلا, متحدية.....
طوال بعد ظهر ذلك اليوم, بقيت جوانا تؤنب نفسها علي جبنها أمام برايان, مع أنهما يجب أن يتشاركا بالكثير بوصفه وصيا علي الولدين, وله الحق أن يتناقش معها في ذلك الموضوع, وبعد ذلك اللقاء غير المرضي, يجب أن يسعي لرؤيتها, مع أنها لم تكن تتوق لمثل هذا اللقاء.
لذلك عندما سمعت دقا علي بابها هذا المساء, قفز قلبها من مكانه وطلبت من الولدين بحده أن يصعدا الي غرفتهما, ويتحضرا للنوم قبل أن تتوجه لفتح الباب
ولكنها دهشت عندما ظهر لها بالباب آرثر ومعه الكلب بونتي وعلي الفور قفز الكلب الي الداخل, لتلقاه مونيكا وقد ذهبت طاعتها لعمتها أدراج الرياح.
قالت ل آرثر وهي تأخذ معطفه" لقد خرجت في ساعة غير ملائمة لعملك, أليس هناك زبائن الليلة؟"
"ليس هناك من لا يستطيع الموظفون التعامل معه, شعرت فجأة أنني بحاجة للخروج, لقد أحسست الجو في المطعم خانقا, فقد بدأ الزبائن في شرب قهوتهم وعبق الجو بدخان السجائر والطعام البارد, ولم أستطع التحمل فخرجت مع بونتي"
أدخلته الي غرفة الجلوس فاختار الجلوس قرب النار وأخذ يحدق أمامه وتبدو عليه التعاسة, وجلس بونتي تحت قدمي سيده, فتقدمت جوانا لتجلس تجاه آرثر, وابتسمت له قائلة" لو أنه بخمس حجمه الحالي, لكان سيكون مخلوقا رائعا"
"ماذا؟ آه..بونتي, انه كلب جيد"
وعاد لسرحانه من جديد, وجلست جوانا بهدوء تنتظر أن يتكلم, لم يحرجها صمته, فهي تعرفه منذ زمن بعيد وتحس بالسرور لمجرد رؤيته يجلس قرب النار عندها, لأنه نادرا ما يترك قصر الأمير ليلا"
رفع رأسه أخيرا وقال بتجهم" ماذا سأفعل جوان؟ أنا في ورطة كبيرة, وهي غلطتي بالكامل"
"معظم المآزق السيئة تكون من صنع يد المرء....ماذا فعلت؟ أو لم تفعل هذه المرة؟"
وللحظة ظنت انه سيجيبها, ولكنه وقف وتوجه للنافذة, ثم قال" أنا أحب يا جوانا, وهذه المرة حب حقيقي, وهي....أوه...انها لطيفة معي وتتركني أداعبها وأخرج معها, ولكنها لا تشعر بي, ممكن أن أكون أي إنسان آخر, انها جذابة والجميع يريدها وهي تعامل الجميع سواسية, ولن أتحمل , يجب أن تنظر الي بجدية.... فماذا أفعل؟ أعتقد أن الأفضل أن أكون واحدا من عدة رجال بدل أن أخسرها"
"وهل تسمح لك كرامتك بهذا؟"
"الكرامة؟ وما هي الكرامة؟ لم يبق لي منها شيء, ومنذ أسابيع....ما أن رأيتها. انا آسف جوانا, لم أقصد أن أجيء الي هنا لألقي عليك محاضرة"
"ألم تقصد؟"
"حسنا بلي, أظن هذا, أشعر أنك الوحيدة التي أستطيع التحدث اليها بالأمر"
فسألت بجفاء" أعتقد أن عذابك هذا له علاقة ب سامنثا بريكس؟"
"لا حاجة أن تسخري مني, فرباطة جأشك وبرودك لا يعطيك الحق بأن تضحكي علي الناس"
"لست أضحك عليك لا سمح الله! ولكني أحب توضيح الحقائق"
ونظر اليها آرثر, وارتاحت قسمات وجهه, وعاد الي قرب النار وأمسك بيدها" أوه يا جوانا...أنت دائما طيبة معي, وتجعلينني أضحك"
فقالت بسخرية" شكرا لك, اذن فسيدتك هي سامنثا, وأنت تحبها, وتراها كل يوم, وهناك بضع منافسين يجب عليك إزاحتهم, لا أري في هذا صعوبة , ظننتك في ورطة أكبر"
"انها لا تلاحظ وجودي, أنا موجود فقط لأشعل سيجارتها وأفتح لها الباب"
"وتدفع أجرها"
"أوه..حسنا, وأدفع أجرها, ربما هنا يكمن الخطأ, ربما لو كانت تعمل ل برايان تورنبول بدل أن تراه بين وقت وآخر..."
"تورنبول؟"
"انه الرجل الذي اشتري العزبة...لأقد ظننت أنك تعرفيه , ايزابيل قالت انك تعرفيه, علي كل هذا ليس مهما, فالمهم أنها مجنونة به, فهي تقضي كل أوقات فراغها بمنزله, وهو لا يخرجها أبدا بل يتركها مستعدة له هناك, وهي تذهب اليه كالحمل, انه يستغلها وهي لا تلاحظ, وهي تظن أنه سيأخذها الي مونتريال, ويساعدها علي ايجاد عمل "
"لابد أنها بلهاء, فهو حتي لا يعرف شيئا عن المرح"
"لا, لكنه غني ومثقف, ولديه اتصالات....اتصالات! كم هي ساذجة"
"انها متفائلة, ألم تحاول التلميح لها أنه قد لا يكون كما تتصوره؟"
"التلميح؟ لقد قلت لها صراحة, ولكنها لم تصدقني, فهو مخلص لها ولكن ليس لديه الوقت الآن, ولن تصدق أي شيء عنه"
"أتعني أنها لن تصدق عنه شيء الا اذا تحول اهتمامه الي ناحية أخري؟"
"أو أن تأتي احدي صديقاته المثقفات الي هنا"
"ولكن من الصعب أن يفعل هذا"
"لا لن يفعل, فلا أمل اذن"
وكالعادة وجدت جوانا نفسها ممزقة بين الانزعاج وبين أن تأخذ عنه كل أحزانه, ونظرت اليه بمحبة وتكونت لديها فكرة....بساطتها تذهل, وخطرها مخيف, وبدأت بسمة تتكون عند أطراف فمها, وتمتمت"لا أمل؟ أوه....لن أقول هذا...."