كاتب الموضوع :
جليلة الوصايف
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: روايتي سيهجر جمال موطني ليستقر في ثغرك اذا ابتسمت بقلمي زينب
(3)
يعم الهدوء في داخل الغرفة .. فقط صوت أناملها يتراقص على لوحة مفاتيح .. زمت شفتيها وبدئت مزاجها يتعكر .. لقد مرت أربع ساعات ولم تتجاوز هذه المرحلة .. اتجهت نظراتها لثواني لشاشه هاتفها المحمول .. الذي بقرب لاب توب ..ردت سريعاً .. وسمعت صوت جدتها .. ولكن لم تسمع بما تحدثت .. لأن كانت تركيزها على شاشة لابتوبها .. صرخت بحماس ووقفت على أريكة التي كانت تجلس عليها ..رفعت قبضتها اليمنى لدلاتها على فوز .. وأخيراً لقد فازت لكن لم يكتمل فرحتها .. بدخوله المريب بنسبة لها ..
ربع ساعة .. وهي تقف على ركبها .. وكلتا يديها إلى الأعلى .. في مكتب والدها ..
تكملت وتدافع عن نفسها .." هي الي استفزتني .. وما قدرت أمسك نفسي فصار إلي صار.. تعرفني عصبية .. وما أحب أحد يستفزني.. وكمان ده مو اسلوب شويتين واصك ثلاثين" قصدها على جلوسها على الأرض.. عضت على شفتها سفليه .. وشتت نظرها الى جهة أخرى ..
لم يستطع أن يتمالك .. ضحك قليلاً .. كان يجلس أمامها على أريكه منفردة مجلدة بلون أسود ..
تكلم بسخرية لاذعة .." ماشاء الله .!! .. والله برافو عليكي.. استفزتك ها!؟.. بصراحة جات لي فكرة .. عشان تتحكمي على نفسيتك الي ثايرة على خلق ربي .. ألا وهي تسافري المدينة المنورة .. ويلا عقاب كبير لأنك كبرتي "
اعترضت على كلامه .. وانحرجت.. فـ اليوم شاهدها " لأ .. أروح لزيارة أو أجلس كم شهر مع جدة ايوه.. أما استقر هناك ..فلأ طول حياتي عشت في الأردن .. وكمان ما ابغى اترك جدتي .. وكمان منت راضي اشتغل عندك في المستشفى .. فطبيعي الغريب راح يتمردوا عليا!.."
اتجه إليها .. ونزل لمستواها .. ووضع يده على كتفها .. وكان ردة فعلها أنها التفت وجهها الى جهة أخرى من الخوف .. كانت تعتقد أنه يصفعها ..
.." تعرفي ايش ودي أسوي فيكِ الحين !؟ .. اقاضيكي ي مجرمة ..شخص الي تقولي يتمرد عليكِ ..ايش عمل اترجى دكتورة الي ضربتيها ي هانمة .. بدرجة زاد راتبها بـ مقابل تنازل عن حقها ..واتقولي اتمرد عليكي .. تمنيت يتمرد من جد وتخيسي في سجن يوم كامل .. متفشل من الرجال على فعايلك الى تقصر العمر .."
قاطعته وهي تبتسم.. " الله يطول بعمرك .. لا تدعي على نفسك لأني أحبك .."
أخفى ابتسامته هو أيضاً .. وابتعد عنها فهو يحبها .. فلم يجد سوى هذا الحل .. يريدها أن تشعر ولو قليل من مسؤوليه .. اتجه على مكتبه .. ذا لون خشب طبيعي بني .. وجلس على كرسي مخالف لون طاولة المكتبة ذو لون أبيض وحوافه ذهبي .. ووجه نظراته إلى أوراق أمامه..
" أخذت قرار على روحتك واستقرارك .. ومافي تراجع .. "
تكلمت بنبرة على وشك البكاء .. ولكن عينيها كالعادة يتمرد عليها .. ولا يرحمها ايضاً .. وببحة غير مصطنعة .." راضية بكل عقوبة .. بس اسيب اردن لأ.."
ارتفع نبرة صوته .. اشبه بصراخ .. رمى لناحيتها برواز .. شهقت وابتعدت .. لم ترا والدها غاضب هكذا من قبل ..
" بتروحين وغصباً عنك .. وكمان مو براضكي .. بنتي تجلس تتراهن على لعبة .. تعرفي ايش يعني حالها من حال المقامر .. لأول مرة أحس أني فاشل كأب .. لأن ما قدرت أربيكِ صح.. وكمان مو عليا تحبي جدتك لا.. لأن تساعدك في جرايمك ي مصيبة.. وكمان من اليوم ورايح عندك مهلة فقط سنة عشان تسترجعي لي حقي الي صرفتيها خلال تسعة سنوات .. وكمان والله ي شكيلة لو عرفت إنك فكرتي بتتهربي كالعادة من البيت وتطسي الفندق ليومين .. ما راح أرحمك هالمرة .. ويلا اقلبي وجهك وجهزي شنطتك طيارتك الى مدينة بعد ساعة .."
عندما كان والدها ثائراً قبل قليل .. لم تبعد نظرها عنه .. كانت مصدومة ..
أحقاً هذه حقيقة ..
لأول مرة تراه يثور هكذا ..
لأول مرة عاجزة عن رد ..
لأول مرة تشعر بالخزي ..
لأول مرة تكره نفسها .. لو كانت مهتمة لكلامه وتهديداته ونصائح .. فلم ترا في حياتها والدها بهذه المنظر ..
وجهت نظراتها الى ذلك برواز الذي انكسر بفعل رمي والداها .. صورتها
إنه حقاً لا يريدها ..
ماذا فعلت بنفسك ي شكيلة لكي يكرهك ذاك (حبيب قلبك)!؟..
والدها خرج من مكتبه .. اعترضت طريقه والدته المسنة وهي منحنية ظهرها قليلاً .. كانت واقفة خارج المكتب .. عند دخولهما ..
أم عبدالله .." انهبلت ي ولد .. مالها روحة في أي مكان بتجلس هنا .. عمرها ما طبت رجلها في بلد تاني .. خاف ربك ابنية صغيرة .."
طبع قبلة على رأسها .. وباحترام .. واحتقار على أفعال ابنته .." صغيرة .. ليه كم عمرها .. ها نسيت جالسة تعيش مراهقة متأخرة .. كان لازم أراعيها بصراحة .. اعتذر منك ي آنسة شكيلة على هـ الشيء .. ياليت لو تصيري ربع سلمى بس.."
خرج من المنزل ..
تمنت في هذه لحظة .. انها ماتت ولم تسمع بما قال والدها الى جدتها
أبي أشعر بألم في قلبي..
ابي لهذه درجة كانت وجودي في الحياة بائسة .. خطأ!..
أريدك ي أمي .. أين انتي؟
.. اشعر انني يتيمة لأول مرة ..
اقتربت منها .. وحضنتها جدتها وبكت وهي تدعي لولدها بالهداية .. عندما رأتها انها لا تستجيب لها.. فهي تعشقها وهي الذي دللتها بدرجة تمردت وأصبحت لا تشعر بمسؤوليه .. ولا تهتم لأفعالها البغيضة ..
كانت تسمع .. صوت بكاء جدتها .. وترديدها لآيات خالقي عليها ..
مررت اناملها المجعدة صغيرة .. على ظهرها بحنان ..
أم عبد الله " حسبي الله على عدوك ي ولد بطني .. ما عليكي منو كان لحظة غضب .. أول ما يهدئ بيتراجع عن قراره.. هو بس زعلان على الي صار في المستشفى .. آسفه ي روح جدتك .. لو إني ما جبت لك لاب توب ما كان صار إلي صار .."
عزيزتي..
لن تقف الحياة على أوجاعكِ
وحزنكِ..
عليكِ أن تقفي بنفسكِ وتكملي رغم انكسارك ِ..
فـ عثرات الحياة ليس ضدكِ .. ولا ليجعلكِ أن تيأسي ..
بل أن تعي ماهي الحياة!؟..
والمواقف الذي لم تكوني تفهميها !.. من قبل
و لتنظري أشياء مرئية الذي لم ترينها ..
كانت تجلس على الارضية باردة .. وينير الغرفة قليلاً بضوء القمر .. ونسمات باردة رطبة ..
زادت صوت نحيبها .. عندما دخلت لم تجد نصف أثاث المنزل .. ومن ضمنها أثاث غرفة والديها ..
فلم يبقى منهم ذكرى سوى ممتلكات غرفتهما .. هذه تسعة وخمسون مكالمة لم ترد عليها خالتها ..
تحسبت بقهر .. على أفعالهم لن تسامحهم .. هذه المرة
أرسلت رسالة نصيه لوالد لجين ..
وتلك الأخرى تبكي أيضاً على تدخل ابنة خالتها الذي تكرهها .. والان زادت كرهها لها .. لا يرد هو أيضاً على رسائلها ومكالمتها .. فهذا المرة هو لن يرضى عليها بهذه سهولة .. خائفة أن يتركها ولم يتبقى على زواجهما سوى ثلاثة أشهر
لا يوجد لديها خيار سوى .. أن تتصل على أخته
تكلمت سريعاً دون أن تعطيها فرصة أن تتكلم " آلو مرام وليد في البيت "
كانت تمضغ لبان بشكل مستفز .. ونصف جسدها على أريكة وكلتا رجلها على طاولة الذي أمامها..
.. مرام " خير ..تكلمي وحده يهودية سلمي عـ الأقل .."
أخذت النفس .. وهي تتحكم في اعصابها .. لجين " السلام.. كيفك.. إلحين قولي لي وليد في
البيت ؟؟.."
فقعت بالون الذي كان بفعل علكة (لبان ) في فمها .. وببرود ..مرام" وعليكم سلام ورحمة الله وبركاته.. تمام.. وليد وليه تسألي عنه!!.. مو كنتي زعلانة من وليد .. ايش بك بـهـ سهولة رضيتي استني خلي يراضيكي.. بهدرجة ما عندك كرامة "
عضت عـ شفايفها ودعت في قلبها عليها .. كان ينقصها تدخلها ايضاً " مرام لو سمحتي قولي لي وليد في البيت.. ولا لأ"
نجلاء.. وزادت من اسلوبها المستفز " لا باين ممسوح كرامتك .. يا ماما فوقي على نفسك وبلا قرف .. "
لم تستحمل وبعصبية .. وقاطعتها .. لجين " تعرفي إنك وحده قليلة الأدب ومو متربية.. ربي ياخذك ليه تحبي تلعبي بأعصاب الناس.. بس عادي وحده مجرمة زيك كيف يكون عندها إحساس .."
أقفلت جوالها ورمته عـ سرير.. حضنت مخدتها وبكيت .. لا أحد يشعر بها
لما لا يفهمون شعوري ..!
استوعبت ما قالته لجين عنها .. وقفت بعصبية .. ودخلت غرفتها وأخذت عباءتها .. خرجت من المنزل .. واتجهت الى غرفة الحارس ..
صرخت عليه .. مرام " نامت عليك مليون طوفة.. قوم بسرعة ودني عند هـ الخسيسة .."
استيقظ سريعا وهو خائف من حضورها وصراخها عليه .. فهي أحياناً تهدده انها ستسفره ..
اتجه الى سيارة ..
في ركن غرفتها .. كانت تجلس على سجاد بسيط للجلسات على الارض مفروش ذو لون رمادي برسوم هندسية بيضاء على أطرافها.. وأمامها صينية .. ومقابل لها عزة .. كانت تراقبها بصمت .. تريد أن تقول لها شيء .. ولكن لم تستطيع أن تواسيها على أفعال خلود مؤلمة وجارحة .. فحقاً لن تسكت وستتكلم في موضوعها مع خلود .. فهي أحبت هذه الأنثى الجميلة .. ومستغربة أيضاً لم ترها يوما..أن تشتكي من افعال عمتها او ان تبكي .. حقا الموقف كان محرجاً .. فهي انهت غدائها سريعاً .. وجلبت لها الأكل الى الغرفة ..
تكلمت بهدوء مريب .. بعد أن مضغت لقمات الذي حشتها فمها .. قبل قليل .. وتتركز عينيها على أناملها .. الذي بينه ملعقة في صحن سلطة ..
..شكيلة " تدري ليه أنا جيت هنا !.. لأنني تحت العقاب.."
لم تتكلم .. تركتها أن تفضفض لها بما في داخل قلبها .. فلا يعلمون سبب مجيئها
مسحت فمها بعد أن أخذت ملعقة من سلطة .. شكيلة " كان مفروض أكون في المدينة مو هنا .. ما أعرف ليه هي تكرهني .. ما سويت أنا شي .."
مدت لها كاسة عصير .. وبحنان .. عزة " ي حبيبتي شوشو إمسحيها بوجهي .. لا تشيلي بقلبك عليها .. ترا والله قلب أختي ابيض .. بس ما اعرف ايش بها عليكي راح أتفاهم معاها .. حتى أنا ماني راضية على فكرة.."
رفعت إحدى حاجبيها .. ولتو استوعبت ما قالته.. و بـ صدمة .. شكيلة " مين هي أختك!؟ .."
ضحكت .. عزة .." أم جنيد أختي بـ رضاعة "
وهي أخرى .. ضحكت ايضا .. وغير مصدقة .. شكيلة " أمااا ..يا سبحان الله .. بلاهي كيف يجي الورد عند الجمر"
..عزة بعتب.. فهي تحترم أختها وتقدرها " شكيلة أنا حتى هي ما ارضى عليها .. ايش جمر!!.. ترا وربي هي طيوبه وكويسة .."
بدون اهتمام ..شكيلة " الله وأكبر على طيبة الي يقطر منها .. يلا الحمد لله .. ابغى اجهز أغراضي لي بكره.. الله لا يحرمني منك"
في ورشة سيارات .. يبعد عن بيته نصف ساعة .. يقضي أكثر وقت في الورشة .. فهو يعشق سيارات ..
ولكي ينسى بعض من وجعه .. !!
تذكر مكالمتها ذاك اليوم ..
طالت فترة الصمت .. بينهما لـم يتكلم وهو يسمع صوت أنفاسها غير متزنة .. وهو دائما عندما كان فترات الماضية يتصل تدعي عليه .. ولم يتقابلا بعد وفاة ابنتهما وردة ..
لـا يعرف ماذا تريد منه .. هو كان يعتقد ان رجوعهما صعب .. فستطلب انفصال ..
ليس جاهزاً الان نفسياً ..
تكلم هو وقطع هـ الصمت البارد مؤلم لقلبه .." كيفك .." لم ينطق اسمها .. فهي لم تكن أمنية له ولا قلبه البريئ ..
أماني بجفاء .. " ليله تعال خذني.. تامرني بحاجة .." كانت تريد انهاء مكالمة سريعاً..
ابتسم بحزن .. وبهدوء .." طيب .. لا سلامتك .. بحفظ رحمن .."
ترك لثواني هاتفه عند اذنه ..
وكأنه يتنظر شيء جيد منها .. ليس انقطاع الخط ..
والوصل بينهما ..
كانت تقف خارج المنزل .. ويدها اليسرى على خصرها .. وتنتظر ان تفتح لها الخادمة باب المنزل .. وعندما انفتح الباب ..ابعدت الخادمة بفوة عن الباب .. وقبل ان تتجه الى اعلى .. نزلت سريعاً من درج .. واتجهت الى المطبخ وهي تبتسم بخبث .. ستجعلها تندم حقاً.. وتعرف حدودها ..
|