كاتب الموضوع :
عمرو مصطفى
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: جماعة الجمجمة( من سجلات السندباد)
(1)
جمجمة تبتسم!
قمت بحك الإبرة عدة مرات في قطعة الحجر الجاذبة قبل أن أضعها فوق الإناء المملوء بالماء على قطعتين من خشب وجلست أراقب اتجاه الإبرة ..
هاهو ذا الشمال ينجلي ...
التفت لحميد وقلت بلهجة جافة :
- مارأيك ...؟
قال في تبرم وهو يرمق الإبرة الطافية :
- مازلت أفضل حدسي ..في تحديد الاتجاهات ...
- حدسك الذي أوقعنا في جزيرة أكلة اللحوم الأدمية ؟
احتقن وجهه وصاح ملوحاً بكفه :
- أنا لا أعرف الغيب يا هذا وكذلك ذلك الحوت العاشق لقد أنزلنا عند أقرب جزيرة إليه ..و...
قاطعته وأنا اتحاشى لكمه في أي لحظة :
- تباً لك ..أومازلت تدافع عنه ... لقد كدنا أن نصير طعاماً لأولئك المفترسين..
- والحمد لله نجونا ...
- بأعجوبة ..لا تنس هذا ...
قلتها ثم أزحت الإناء جانباً وتناولت الإبرة وأعدتها لجيبي قبل أن أكمل :
- وليس عندي استعداد للسير وراء حدسك مرة أخرى.
كنت لم اتخلص بعد من أثر مغامرتنا الكابوسية في جزيرة أكلي البشر وكان الغضب والحنق يعصف بي وأدرك حميد ذلك فقرر أن ينهي صفحة الجدال حتى تهدأ أحوالي أما أنا فكنت أعلم أن حميد لا علاقة له بما جرى وإنما كان سبباً في نجاتنا من الحوت الضخم بعد أن تفاهم معه والقدر ألقى بنا في تلك الجزيرة المشؤمة كنت غاضباً وأريد أن أفرغ شحنة غضبي في أحدهم .
جلست قليلاً حتى هدأت نفسي ثم قررت أخيراً الخروج من القمرة والصعود إلى سطح الخاتون لمتابعة سير العمل ...
تنتن وتنتون ينظفان السطح وسبع البحار يتسلق الصاري
ورشيد الطبيب يهوي بهراوة ضخمة على رأس أحد البحارة كنوع من التخدير والشهاب يغفو في ركن جانبي وبين الحين والحين يهش عن وجهه ذباباً وهمياً .....
كل شئ كان يتم على قدم وساق ... والخاتون تمخر عباب البحر برشاقتها المعهودة كل شئ تمام ولم نخرج من مغامراتنا بخسائر في الأرواح فلما العصبية إذن...
كان حميد واقفاً هناك عند مقدمة الخاتون ....
يتكئ على الحافة ويرمق الموج المتلاطم في جمود ..بتثاقل أقتربت منه وبتردد وضعت كفي على عاتقه ثم هززته في غلظة قائلاً بصوت خشن ...
- حميد ..
التفت إلي بوجه خالي من الانفعالات فأكملت بصوت متهدج:
- دعني اعتذر كنت مشحوناً منذ البداية و...
- وأفرغت طاقة غضبك في صديقك ..
- إذن لماذا جلبتك أأ أقصد ومن غيرك يتحملني يا حميد ..
هز رأسه في سأم ثم أشاح بوجهه تجاه البحر ..
- حميد لن استجدي عطفك أمام البحارة ...
قال دون أن ينظر إلى :
- وأنا لم أطلب منك أن تستجديني أعرف أنك تشعر بالحرج بعد ما حدث لك في الجزيرة المشؤمة ..
تنحنحت في غيظ.. يالك من وغد لقد كدت أنسى ما حدث ..
قلت له وأنا احك أنفي في حرج :
- المرء لا يجد نفسه كل يوم في قدر يغلي على الماء لقد كانت تجربة بشعة الأوغاد اختاروني دوناً عن سائر البحارة ليبدأو بطهيي في القدر ..
بدأ شبح ابتسامه يداعب شفتي حميد وهو يقول :
- لكنك تخلصت من الموقف ببراعة ..
هززت رأسي في محاولة لنسيان ما كان ثم عدت أقول في إشراق :
- المهم أننا مازلنا أحياء قهرنا أكلي لحوم البشر وفررنا من بين أسنانهم ...
هنا دوي الصوت العميق المميز لسبع البحار من فوق الصاري المسكين ليقطع حديثنا وليتحفنا بمصيبة جديدة......
- هناك سفينة تقترب تحمل شعاراً غريباً يا ريس سندباد ...
رفعت طرفي إليه متسائلاً :
- ما صفته..؟
صاح في تلقائية :
- جمجمة تبتسم ...
***
جمجمة تبتسم في جشع ...!!
كان عقلي يعمل بسرعة البرق وبدأ البحارة يضطربون
من حولي.. تنتن وتنتون تكورا عند قدميا وأجسادهم تنتفض فرقاً، رشيد التفت بهراوته ناحيتنا وكذلك مريضه الذي كان يمثل دور المخدر، وشعرت بقبضة حميد تعتصر عضدي وسمعت صوته المتجهم يرن في أذني :
- إنهم قراصنة الجمجمة الشيطانية .
وجاء الريس شهاب يتسائل في براءة عما يجري وهو بعد لم يتخلص من أثر النوم ثم امتقع وجهه حين عرف وصاح في جزع :
- جماعة الجمجمة !! فليرحمنا الله ...
وكان هذا كافياً ليزداد الاضطراب والذعر بين البحارة البائسين ولمحت بعضهم كان يتجه على أطراف أصابعه ناحية حافة الخاتون محاولاً الهرب و ....
- ثااااااااااابت .....
تجمد الكل في مكانه إثر صيحتي الجهورية التي تجمد الدماء في العروق ذاتها وبوجه محتقن تابعت في حدة :
- لقد واجهت الخاتون ما هو أشد هولاً فلما الفرق إذن ..؟
قال الشهاب بلهجة توحي بالخطر :
- جماعة الجمجمة ليسوا قراصنة عاديين ..
وازدرد لعابه ثم استطرد :
- إنهم جماعة شيطانية ...
وصاح بحار متحمس :
- إنهم يفتكون بالبحارة تعسي الحظ عن طريق جماجم نارية يقذفونها على المراكب والسفن فتشتعل فيها النيران ...
جاء رشيد وهو يجر البحار الذي كان يخدره منذ لحظات وقرر أن يدلو بدلوه :
- هذه خرافات بحارة إنهم لصوص كأي لصوص عاديين.
صحت مؤيداً رشيد :
- وسنلقنهم درساً لن ينسوه ...
هنا شق شيئاً ما الهواء بجواري وارتطم بصاري الخاتون .
بعدها لم أرى سوى الشرر يتطاير ولم أسمع سوى الرعد
يصم أذنيا.. وحينما عثرنا على أطرافنا المبعثرة هنا وهناك
أدركنا أنهم بدأو يقذفوننا بالأنفاط ..
وأدركت أنه قد حان وقت الفرار !!...
***
يتبع...
|