لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


عكس الرحيل

السلام عليكم. كيف الحال؟ ان شاء الله بخير؟ صراحة.. هذي اول رواية اطرحها بشكل جدي، لطالما كنت قارئة اكثر من كاتبة. بس فكرت وقلت ما يضر لو عبرت عن الفكرة

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-06-17, 07:38 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
كاتب مميز


البيانات
التسجيل: May 2017
العضوية: 325692
المشاركات: 233
الجنس أنثى
معدل التقييم: الفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 951

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الفيورا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
Icon Mod 44 عكس الرحيل

 

السلام عليكم.
كيف الحال؟ ان شاء الله بخير؟
صراحة.. هذي اول رواية اطرحها بشكل جدي، لطالما كنت قارئة اكثر من كاتبة. بس فكرت وقلت ما يضر لو عبرت عن الفكرة الوحيدة اللي خلتني اتحفز واكتب.
هذا مجرد تمهيد عشان تكونوا انطباعكم عليه.
بسم الله نبدأ:

[0]

رن جوال ثريا المتواضع وأتاها ذلك الصوت الهادىء عندما فتحت السماعة: تبين شي قبل لا اجي؟

هزت رأسها كأن من تخاطبها تستطيع رؤيتها: لا.. سلامتك.

ختمت تلك مكالمتها بطريقتها المعهودة، لا ايطال ولا تفرع: فمان الله..

سبحان مغير الاحوال.

في زواجها الاول عاشت في صخب، مدللة مرفهة من قبل زوجها واهله. ثمرة ذلك الزواج كانت ولدان. انتهى ذاك الزواج بخيبة ثم بضيم، فنفس الاشخاص الذين تعاطفوا لوحدتها استغلوا تلك النقطة في اخذ ابناءها منها. الابناء الذين جاهدت لوصلهم لتقابل بالفتور من قبلهم بعد ان كبروا وصاروا رجالا. لم تعد تتذكر متى كانت اخر مرة كلمتهم حتى.

في زواجها الثاني عاشت في هدوء، تعتني بوفاء بزوجها المريض، متجاهلون من قبل اهله. لم تلد من سلطان طفلا، لكن ابنته من زواج سابق كانت هناك من اليوم الاول. تجاهلتها، صنعت فيها عقدا، دفعتها و تلاعبت بمشاعرها لتقبل بقرارات اودت بانكسار قلبها. توقعت ثريا ان تتركها طيف كل يوم، لكنها بقت. لم تستحق ذلك الاحسان.. لكن طيف، التي لم تقربها بصلة قرابة سوى زواج ابيها بها، كانت الوحيدة التي بقت لها، غريبة تحولت الى ابنة.

لم تلاحظ ثريا طول المدة التي قضتها بالتفكير ولا دخول طيف الى ان نادتها باستغراب: وش فيك خالة؟

تمنت لو يوما ان تناديها طيف بـ("يمه") لكنها تعرف انها لا تستحق..: ولا شي. كيف كان الشغل؟

دلكت طيف جانب رأسها متنهدة: الحمد لله، بس الاوضاع متوترة شوي. من لما سمعوا قرار بيع الشركة لمجموعة والموظفين حالتهم حالة.

كانت طيف تعمل في الفرع النسائي لاحدى الشركات متوسطة الحال. لم تكن وظيفتها هذه ما تطمح به، لكن الحاجة دفعتها ان تنسى الماجيستير وتقبل بأي وظيفة.

لمعة الخاتم الذي كانت ترتديه طيف لفتت انتباه ثريا لتشعر بشجن عظيم: متى بتفسخيه..؟

عرفت طيف على الفور ما كانت تعنيه وخبأت يدها في شعرها البنى المحمر الكثيف: اسويلك عشا؟

ابتسمت ثريا بحزن ودعتها تغير الموضوع: تعشيت توي و بقيتلك شي منه. كليه قبل لا يبرد.

راقبتها تذهب على عجل، عادة لم تتغير طوال الثمان سنوات التي مضت كلما تطرق الموضوع الى ذاك الماضي. لم تعد طيف تلك الفتاة ذات السادسة عشر ربيعا. ازدادت حسنا ونضجا وغموضا: يا ليت تشوفها اللحين يا مالك...


"قبل عشر سنوات"


الى هذه اللحظة، لم تر طيف زوجة أبيها تبكي قط.. لم تظنها قادرة على ذرف الدموع، إظهار أي عاطفة، أي تعبير غير الغرور و السخرية..

لكن الان، في ظلام غرفة الجلوس، شهدت خلسة حزن زوجة أبيها المكتوم..

حالتها جعلت طيف تتساءل، مالذي حدث؟ أي خبر سمعته؟

:

حصلت طيف على جوابها في الصبح، عندما أعلنت زوجة أبيها، بوجه خال من التعابير وجاف من الدموع، أن أختها الكبرى توفيت وجنازتها ستقام في هذا البيت. ابن اختها الوحيد سيعيش معهم من الان فصاعدا..

ابو طيف لم ينطق بغير العزاء، جاعلا دعمه لقرار زوجته واضحا.. لم يفاجئ ذلك طيف، فوالدها مشهور بطيبته..

كان لدى طيف اعتراض وحيد "كيف يقعد معانا وانا هنا؟" لكن زوجة ابيها سبقتها بالاجابة قبل ان تفصح عنه. منظر ابتسامتها الساخرة كان مألوفا، كيف لا وهي هدفها الدائم؟: ما عليك، عندي الحل..

:

بالكاد تتذكر طيف محيا ابيها نابضا بالعافية.. الشحوب والاعياء كان دائم الوجود على ملامحه.. كل نوبة، كل زيارة الى المشفى كانت خطوة اقرب الى رحيله من حياتها..

كان خوفها ان تستيقظ يوما وتفقد رؤيته على سجادته، من ان تفقد صوته الوقور بتسبيحه وتهليله..
ما كان بوسعها غير الدعاء..

قبل ان تخرج من البيت، استوقفها صوت ابيها، ملامحه مكسوة بعدم الرضى والقلق: توك جيتي من المدرسة، وشولك طالعة؟ ارتاحي..

ابتسمت طيف ابتسامة نادرة محاولة التخفيف عنه: لا تخاف مانيب تعبانة. لازم الحق على ام أحمد عندها ليلة حنة..

جهودها باءت بالفشل، فما زال ابوها ممتعض الملامح. لم تستغرب فأبوها وافق على مضض على عملها كـ"نقاشة" في الحارة، فمنذ ان مرض احوالهم المادية ساءت.. لولا الله ثم مساعدة اقارب ابيها لكان الحال اصعب.

لكن.. لا يمكن الاعتماد على اقارب ابيها الى الابد، خاصة في هذه الايام، فمساعداتهم قلت.

ابوها مريض وزوجته كانت تعتني به.. لم يبق غيرها لتوفير دخل اضافي، حتى لو كانت موازنة دراستها مع شغلتها صعيبة.

:

دفعت الارهاق لتركز على نقش الحناء من زبونة الى اخرى، آحذة ثناؤهن على موهبتها ببرود.

رافقتها أم أحمد الى الباب نهاية الليلة وسلمتها اجرها: ربي يسعدك يا بنتي و يبلغك اليوم اللي تكوني فيه عروس و الحنة مالية يديك..

عروس؟

على كثرة العرائس اللواتي نقشت لهن، لم تفكر طيف ابدا بكونها في محلهم.. ربما لظروفها؟ لصغرها في السن؟ فهي لازالت في السادسة عشر..

مهما كان السبب، فالفكرة كانت غريبة، بعيدة عن افاق طموحاتها وتوقعاتها..

و بأية حال، من سيطلبها هي؟

:

في اليوم التالي اقيمت مراسم الجنازة بعد الصلاة على الراحلة.

لم يسبق ان التقت طيف بأخت زوجة ابيها، لكن من ردة فعلها ومبادرتها باستضافة ابن اختها، فالراجح انها كانت غالية على قلبها.

كانت علاقة طيف بزوجة ابيها معقدة، لكن لم يمنعها ذلك من التعاطف معها. من الصعب الا تفعل، فزوجة ابيها كانت كجبل شامخ بنظرها.

جبل شامخ اكتسب صدعا بارزا.

لم يحضر الكثير وجميعهم اقتصروا على معارف زوجة ابيها. وجدت طيف ذلك غريبا للغاية: وين اهل زوجها؟

للحظة، توقفت زوجة ابيها عن صب القهوة، لكن سرعان ما تخطت ذلك واجابتها بفتور: مدري، ما عمرهم كانوا مهتمين..

اجابتها هذه بعثت تساؤلات اخرى لتتشكل في خاطر طيف، لكنها احتفظت بها فالموضوع كان يبدو ذا تاريخ طويل.

اشغلت طيف نفسها بترتيب الملحق الذي سيسكن فيه ابن اخت زوجة ابيها. مما التقطته من ثرثرة الحاضرين فعمره بالعشرين وجامعي. رفض في البداية السكن معهم لكن على ما يبدو، زوجة ابيها تمكنت من اقناعه.. لطالما امتلكت قدرة عجيبة على الاقناع والتلاعب بالمشاعر.

في غمرة ترتيبها، تساءلت طيف عن التغير الذي سيحدثه ذلك الضيف.. لكن، ليس هنالك جدوى من التساؤل فهو ليس من شأنها.

:

استدعاء زوجة ابيها لها على انفراد قبيل مجيء ابن اختها كانت مفاجأة، فهذه المرة الاولى التي تفعلها.

انتظرت طيف بصمت لتبدي زوجة ابيها بما تريد: ابغاك تتزوجي ولد اختي..

لوهلة، لم تستوعب طيف ما نطقت به زوجة ابيها وظلت محدقة اليها: ايش..؟

كررت زوجة ابيها ما قالته بكل اريحية، كأنها لم تتكلم بصاعقة: ابغاك تتزوجي ولد اختي، ولد خلوق ومتربي وماراح تلقين احسن منه.. وقبل ما تقولي انك صغيرة، غيرك تزوجوا ابكر وبصراحة، احسنلك تلحقي اللحين..

لم تستطع طيف منع نفسها من الكلام بعدم تصديق ومرارة: ما شاء الله، لهدرجة ولد اختك لقطة؟ ورى ما تخطبيله بنت تستاهل اجل، موب وحدة ما تطيقيها وقلتي عنها الف عيب؟

تجاهلت زوجة ابيها كلامها. تعابيرها اكتسبت جدية وحزنا: انا مانيب قاعدة اتكلم عن ولد اختي، انا اتكلم عن ابوك انتي. كم تظني بيبقى عايش؟ كل يوم حالته اردى من اللي قبل..

شعرت طيف بانقباض قلبها وبالعبرة تخنقها. قالت بخفوت: الاعمار بيد الله..

تنهدت زوجة ابيها: والنعم بالله، بس على الاقل خلي ابوك يفرح فيك ويشوفك عروس. خليه يرتاح..

خليه يرتاح..

تكررت تلك الجملة مرة ثم اخرى في خاطرها: ابوي داري عن اللي تبغينه؟

اومأت زوجة ابيها بنعم: قالي نستنى شورها، ما يبي يغصبك على شي حتى لو يرتاح به..

ظلت طيف صامتة لوهلة بدت كالابد قبل ان تسأل: وش اسم ولد اختك؟

الابتسامة التي ارتسمت على محيا زوجة ابيها حكت عن انتصار: اسمه مالك..

[انتهى البارت...]

حابة أوضح بعض الأشياء. أولها: البارتات عندي مرة قصيرة لأن أسلوبي يميل لهالنوع بشدة ما زلت أحاول تعديلها. يمكن يكون أمر منفر بالنسبة للبعض ويمكن لا.. بس بأية حال أبغى أكون على بينة معاكم.

ثانيها: الرواية تتكون من قسمين. القسم الأول يتكون من سبع بارتات وكل بارت بينزل يوم الأربعاء أو الخميس من كل أسبوع إن شاء الله. القسم الثاني بيكون أطول و كل أسبوع بينزل بارتين.

ثالثها: أنا قد نشرت ذي الرواية قبل رمضان بس صار تلخبط وأنا راضية بذي النسخة المعدلة أكثر من الأصلية.

رابعها: أشكر الغوالي فـــــرح و شبيهة القمر على ردودهم في النسخة الأصلية. ما تقدروا تتخيلوا قد إيش فرحتني لما قريتها. (وبالمناسبة يا قمورة، معنى فيورا محول من الكلمة اللإيطالية fiore واللي معناها زهرة).

 
 

 

عرض البوم صور الفيورا   رد مع اقتباس

قديم 14-06-17, 08:15 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
كاتب مميز


البيانات
التسجيل: May 2017
العضوية: 325692
المشاركات: 233
الجنس أنثى
معدل التقييم: الفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 951

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الفيورا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الفيورا المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: عكس الرحيل

 

:

وهذا هو البارت الأول رسميا..

[1]

لم تصدق ما سمعته، ظلت محدقة إلى صديقتها، منتظرة متى ستنفجر بالضحك وتقول انها كانت تمزح.. لكن ملامح صديقتها طيف بقت على ما هي عليه من الجدية التامة: انتي من جدك؟ من بين كل الناس اللي يتزوجون.. إنتي؟

لم تستطع مي إدخال الفكرة في رأسها.

منذ اليوم الذي تعرفت فيه على طيف، كانت طبيعتها وشخصيتها ثابتة.. لا تغير سوى ازدياد همومها. التفكير بالأعراس و الأفراح كان آخر ما تفكر به. جل تفكيرها كان ابوها وعلاجه، دراستها، شغلتها. بقلق سألت: انتي مغصوبة؟ ترى اقدر اكلمـــ…

قاطعتها: لاء، خالتي عرضت علي الفكرة وانا وافقت.

لم يفاجئها أكثر من خبر زواج طيف إلا معرفة من اقترح الفكرة. منذ متى كانت زوجة ابو طيف تهتم بمستقبلها؟: ليه؟

تنهدت طيف باستسلام: ابوي. ما تقدري تتخيلي كيف هو فرحان بموافقتي./ تمتمت: ما كنت ادري انه كان شايل همي هالكثر..

طبعا، طبعا. نقطة ضعف طيف الوحيدة، ابوها. حتى لو كان الشيء على حساب راحتها وسعادتها، فأبوها فوق نفسها دوما. ابتسمت مي محاولة تلطيف الجو: طيب وعريس الغفلة ذا كيفه؟ من وين جاي؟ وسيم وسامة مليون فولت ولا مشي حالك يا جدار بيج..

رمقتها طيف بنظرة مستغربة: عليك مصطلحات.. مدري كيف تجيبينها..

استعجلتها مي بالكلام، فوقت الفسحة قرب على الانتهاء وعليهما حضور حصصهما بفصول متفرقة. "فرقوا شملنا الله يفرق شملهم". هذا ما قالته عندما عرفت ان طيف كتبت في فصل مختلف. ما زالت تفاوض المشرفة على نقلها إليها: عرفتي قصدي يختي. يلا انطقي..

هزت طيف كتفيها بلا مبالاة: مدري.

لم تعجبها هذه الإجابة على الاطلاق: ايش اللي مدري؟

كررت طيف اجابتها: مدري عنه شي، بس اسمه وعمره وانو تحليلاتنا تتطابق.

استحثتها، ربما يكون هنالك امل..: ما جاك فضول؟

جاوبتها تلك بأريحية: مصيري بعرف.

كانت تعتبر طيف أختها التي لم تلدها امها، لكن بعض المرات، برود صديقتها كان كفيلا باستفزازها إلى درجة فظيعة. "الله يعينك يا عريس، راح تتزوج بالقارة المتجمدة الشمالية وانت ما تدري": عسى تنحرقي بنار حبه وبعدين نشوف مين اللي يهتم.

امتعضت ملامح طيف، غير مستسيغة للفكرة: يالدراما اللي عندك، وبعدين مو المفروض تتمني هو يصير له كذا بدالي؟

رفعت مي يديها الى السماء: عسى ربي يخيلكم ذايبين بعشق بعض./ التفتت اليها: ارتحتي؟

قالت ناهضة: لاء. ليش تدخليني انا بالسالفة؟

تحلطمت: ما يرضيهم العجب..

:

اليوم وصل عريس الغفلة. اليوم ارتبط اسماهما ببعض.

رتبت زوجة ابيها حفلة صغيرة لم يحضرها سوى قلة من نسوة لم تعرف طيف معظمهن. الوحيدات اللواتي عرفتهن كن مي وامها.

حضنتها مي باكية، مفسدة مكياجها الناعم. دعت لها وتمنت لها كل خير بين شهقاتها ومحاولات طيف لتهدئتها. ربما كانت صورة مضحكة، عروس تهدئ صديقتها ليلة عرسها.. عروس بالكاد بدت عروسا. اكتفت بفستان ساتر فيروزي اللون اهدته لها زوجة ابيها. زينة وجهها كانت معدومة غير رسمة كحل ومسحة ملمع. جدلت شعرها الطويل وأسدلته على كتفها.

مرت المراسم بهدوء وسرعة. ربما بعد سنين، عندما تحس بارتباط حقيقي بواقع ما كانت تقدم عليه، ستندم على قلة الحضور وانعدام علامات المناسبة.. لكن الآن، كانت طيف بقمة الارتياح.

أجلسوها بجانب من صار الأن زوجها. لم تلتفت إليه مرة. ربما كان السبب عدم مبالاة، ربما خجلا، فدفء ساعده الملاصق لساعدها جعلها واعية كل الوعي بأقل حركة يفعلها. يا ترى هل كان مثلها، غير مهتم بما يحدث حوله؟ هل وافق لغاية مثلها؟ ربما أراد قرب خالته بعد وفاة أمه بأي طريقة..

تناول يدها ليضع في إصبعها خاتما بسيطا. احساس غريب.. كيف كان يعامل يدها كأنها زجاج هش. لم تدرك انها كانت تحبس أنفاسها إلا عندما أطلقتها لحظة ترك مالك ليدها.

:

لم تظن أبدا أن الملحق الذي تعبت من أجل ترتيبه سيكون لها نصيب منه. لكن.. لم يبد الملحق بالشكل الذي تركته عليه، أنواع الأغراض كانت موضوعة في أرجاءه بشكل عشوائي لا يمت للترتيب بصلة. بالكاد تستطيع رؤية اثاث الملحق الأصلي..

ربما عجبها كان واضحا من طريقة وقوفها عند الباب، فمالك تنحنح قبل أن يقول: معليش على الفوضى، كل شي صار بسرعة وما امداني ارتب اغراضي اللي جبتها..

"يا كثرة اغراضك"، قالت طيف في نفسها، متجاهلة التوتر الذي بعثه سماع صوته للمرة الأولى. لم تستطع تسمية نصف ما كانت تراه أمامها. سيكون عليها أن تنام بغرفتها رغم توصيات زوجة أبيها، أمر كان في صالحها. فكرة ان تشارك هذا الملحق الصغير مع رجل لم تعرفه سوى اليوم أصابتها بذعر لم تود الاعتراف به.

سألها: نصلي؟

عندها فقط رفعت نظرها اليه ورأته للمرة الأولى..

وسيم، كان انطباعها الأول، وسيم جدا..

لم تكن من النوع الذي يقيم حسن المظهر. مقاييس الجمال كانت عندها بلا قيمة تذكر. لكن يمكنها القول بأن مالك كان بكفة المليون فولت.
.
ملامحه كانت مزهوة بالشموخ، حادة مصقولة. شعره قصير، ناعم كثيف، داكن حد السواد. عيونه بنية.. ذكرها اللون بالقرفة.

لم تدرك أن همستها بـ("ما شاء الله") سُمعت من قبله إلا عندما ابتسم ضاحكا.

أحست بحرارة خجل غير معهود وعلى عجل ذهبت لإحضار جلال صلاتها.

صلا، دعيا، سألا خير ما سيأتي به وضعهما الجديد.

على الباب وقفت: تصبح على خير.

تنفست الصعداء عندما رد عليها ولم يستوقفها: وإنتي من أهله..

مغلقة باب الملحق خلفها، ظلت طيف تمسح ظهر عنقها الحار، متساءلة عن سبب تمرد احاسيسها.

:

منذ وفاة والده، لم تعد أم مالك على نفس الحال. تغيرت طباعها، وأصبح التناقض يسيرها.

لطالما كانت أمه تميل إلى بذر المال أكثر من أبيه، لكن بعد وفاته زادت في التبذير إلى حد الإضرار بما جمعه والده وتركه لهما. لم تكن تخبره، فأشد ما عليها كان أن يحزن لما أودت بهما الحال. كل ما طلب ولم يطلب، كانت تشتريه. كل ما احتاجه في دراسته، كانت توفره. ربما كان هذا لتعويض نقص، تعويض سند ووحدة.. لايهم، فالنتيجة واحدة. مع تراكم الديون على امه، اضطر إلى الموازنة بين الدراسة والعمل من أواسط مراهقته.

يندم إلى أن يغرق بحسرته كلما تذكر ماذا كان حديثه الأخير مع أمه قبل أن يصله الخبر المفجع من جارتهم.. عن الديون، كله عن الديون. وكوضع الملح على جرح نازف، أخذه بعض الحاضرون يوم دفنها على جنب ليطالبوا بأموالهم، لم يأبهوا فحقهم كان أهم بالنسبة لهم من محن غيرهم.

باع أغلب أغراضهم.. لم يبقى من حلي أمه سوى خاتم بسيط احتفظ به. كان خاتمها المفضل، خاتم أرادت أن تهديه زوجته المستقبلية..

:

لطالما وجد نفسه يتساءل عن عزلتهم، لا أقارب، لا جيران.

كلما سأل أباه عن عائلته، اكتسبت ملامح وجه أبيه حزنا أليما. لم يجبه مرة.

الوحيدة التي كانت تزورهم كانت خالته ثريا، وحتى هي لم تكثر وتطل في زياراتها، ليس برغبة منها بل بسبب أبيه.

وفاة والده جعلت مالك يدرك ما كان يفعل، ما كان سبب الجدالات بين والديه التي سمعها صدفة. عرف أن أباه كان ممانعا لزيارات الجيران والصديقات وحتى أقارب أمه. لولا عناد خالته ومفاجآتها بزياراتها، لما عرف مالك بوجودها.

أكان لتملك، ذلك الطبع الغريب البغيض لأبيه، أم لغيرة من أمه، من عدم تواصل عائلته معه بينما هي تزار و يُسأل عن أحوالها؟

:

برحيل والدته، بدت الشقة باردة كئيبة.

بجانبه رأى دموع خالته تنزل بصمت على خديها. وضع ذراعه على كتفيها وشدها إليه. تركها تبلل قميصه بالدموع. تمنى لو يستطيع التعبير عن حزنه مثلها، لكن صدمة الواقع جعلته كفيفا عن شعوره.

لا يدري كم تطلب من الوقت ليستوعب..

أمه رحلت.. أمه رحلت..

:

رفض مرارا وتكرارا عرض خالته بالسكن معها رغم الحاجة. لم يرد الإثقال عليها، يكفيها ما سمعه من أمه مرة. زوج مريض متقاعد وابنته، بيت صغير وتكاليفه.

نظرة العناد اختفت من عيون خالته ليحل محلها رجاء: ما راح تثقل علي، إنت سندي..

لم يستطع الرفض بعد ذلك.

:

عرض خالته الآخر صدمه: إيش؟

كررت: بنت زوجي، أبغاك تتزوجها. البنت واثقة منها ومافي زيها.

لم يستطع الإختيار من عشرات الاعتراضات التي تزاحمت في ذهنه، عن عدم كفاءته و تحمل المسؤولية في الحاضر: كيف تبغيني أتزوج اللحين؟ مستحيل. الله يعافيك، امسحي الفكرة من راسك..

خالته لم تستسلم. ظلت تحاول إقناعه، معطية نواقض لكل حججه.

في النهاية وافق لأسباب عدة لم يكن متأكدا من أي منها..

:

مر الأمر كسرعة البرق.. حتى التحليل الذي تمنى أن يعطيه عذرا انتج تناسبا لا عدم تكافئ.

الحضور من الرجال كانوا قلة كان أكثرهم أصدقاؤه، لكن لم يخفى سرور حماه واستقباله الكل بحبور، متحركا بنشاط لا يوحيه جسده المريض.

كلمه بجدية: هذي نور عيني يا مالك. خليها فعيونك..

أجابه مالك: إن شاء الله..

حتى وإن كان غير واثقا من كل ما يحدث، فلن يظلم من أصبحت الأن زوجته.

:

زوجته..

لم يظن مالك أنه سيدعو أنثى بتلك الصلة إلا بعد سنين، في مستقبل بعيد أسس فيه نفسه. لكن الأقدار يسيرها الله، وهاهو الآن متزوج في العشرين.

لا يعرف الكثير عن زوجته حتى ملامحها.. عرف أن اسمها طيف. عرف أنها صغيرة في السن. عرف أنها تدرس في مدرسة في آخر الحي. عرف أنها فارعة بالطول. عرف لون وطول شعرها. والأن، بعد أن ألبسها خاتم أمه، عرف أن أصابع يدها كانت رفيعة رقيقة، وملمس جلدها ناعم مخملي.

لم ينطق لها بكلمة منذ بداية مراسم ارتباطهما. مشيا بصمت إلى الملحق.. فقط عند فتحه تذكر مالك حالته الفوضوية وعدم ملائمته للنوم فما بالك بليلة زواج. برر بإحراج لطيف التي بقيت واقفة عند الباب: معليش على الفوضى، كل شي صار بسرعة وما امداني ارتب اغراضي اللي جبتها..

لم تتكلم فسأل ليدير دفة الموضوع: نصلي؟

حينها رفعت طيف نظرها إليه. غريزيا، لاحظ لون عيونها.. ذهب ذائب، بارز بالكحل. "يمكن الذهب يغار حتى.." بينما كانت ملامح وجهها مبهمة، عالقة بين الطفولة والرشد، عيونها كانت قصة أخرى.. فتنة ساحرة جعلت دقات قلبه تسرع، سرقت أنفاسه للحظات..

فقط همستها العفوية بـ(ما شاء الله) جعلته يفيق. تذكر أين كان ومن معه. ابتسم، شعور بالرضى يغمره. "يمكن تزوجت على غفلة، لكن على الأقل المدام راضية بشكلي.."

عند انتهاءهما من الصلاة، لاحظ مالك ارتباك وخوف طيف، وقوفها المتردد المنتظر عند الباب. لاحظ نعومة صوتها الهادئ عندما قالت: تصبح على خير.
.
كان قراره الأن، إما أن يبقيها و إما أن يتركها.. رد: وإنتي من أهله..

راقبها تذهب منفتحة الأسارير، مغلقة الباب خلفها.

لو لم يأتي الأمر على حين غرة، ربما في أوضاع أكثر بهجة، ربما كان وضعهما ليختلف.. ترقب وشوق بدل خوف وتردد، ارتياح بدل ضغط.. ربما كان ليبقيها جانبه.

فكر قبل أن يستلقي على سرير مزدحم، "خلينا نتعود على بعض أول.."


[انتهى البارت...]


:

 
 

 

عرض البوم صور الفيورا   رد مع اقتباس
قديم 14-06-17, 11:41 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2015
العضوية: 306593
المشاركات: 5
الجنس أنثى
معدل التقييم: Washm عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 19

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Washm غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الفيورا المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: عكس الرحيل

 

بداية حلوة، كنت عم دور عليها خفت لتكون نحذفت . موفقة بإذن الله

 
 

 

عرض البوم صور Washm   رد مع اقتباس
قديم 15-06-17, 05:56 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
كاتب مميز


البيانات
التسجيل: May 2017
العضوية: 325692
المشاركات: 233
الجنس أنثى
معدل التقييم: الفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عاليالفيورا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 951

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الفيورا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الفيورا المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: عكس الرحيل

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Washm مشاهدة المشاركة
   بداية حلوة، كنت عم دور عليها خفت لتكون نحذفت . موفقة بإذن الله

مشكورة قلبي.. ولا ما انحذفت بس يمكن انحطت ع الدكة D:

 
 

 

عرض البوم صور الفيورا   رد مع اقتباس
قديم 17-06-17, 03:12 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة منتدى الحوار الجاد


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70555
المشاركات: 6,526
الجنس أنثى
معدل التقييم: شبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسي
نقاط التقييم: 5004

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شبيهة القمر متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الفيورا المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: عكس الرحيل

 

السلام عليكم
ياربييه جالسه افكر من شفت اسم الروايه وانا اقول هالروايه انا قاريتها اجل وين اختفت ماعاد شفتها!!! 🤔🤔🙄🙄
فيورا.. هههه اسم جميل ومبرووك النسخه الجديده للروايه
اتمنى ماتتأخري علينا متحمسين نشوف لييه ملوك افندم ترك طيف..
شوفي فيورا احس مالك امه الحقيقيه هي ثريا واحتمال الي ماتت مو اختها وكانت تجي تزورها علشان تشوف ولدها.. المهم ان مالك له قصه وسالفه ان ابوه ماله اقارب فهذي لها قصه ثانيه.. احتمال انه طلق ثريا غصب من اهله ومن بعدها هرب بعياله وتزوج صديقتها او تزوج اختها علشان ترعى عياله بس باقي ولد وين راح. ؟؟يمكن توفى وهو صغير .. 🙄
بانتظاار الجزء الجااي..

 
 

 

عرض البوم صور شبيهة القمر   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الرحيم
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:04 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية