كاتب الموضوع :
يحيى الراضي
المنتدى :
الشعر والشعراء
رد: {رجل يرثي أنفاسه } قصيدة الراضي
{{ إسمه يحيى }}
ـ قصيدة الشاعر محمد خير الحلبي ـ
مابين طرف السنابل والصخر
بين العذاب وبين المواجع والارتحال
وغربة شطآنِ هذي المنافي
أفتش عن قمرٍ أو شراع
أنا طاعنٌ في الهوى مثل شيخٍ صبيٍ
توعّكَ حتى تسيل على الرمل ذاكرةُ الانتظار
لينمو للنوم عشبٌ وتهجر وحدتَها المفرداتُ
تُساق جميعاً إلى قاربٍ من سياج أنين
توسّدكَ الرملُ يحيى
تناثرت الطرقاتُ أمام خروجكَ
لا الشمس شمس و لا الأرض أرض
وليس لكَ الجملة الآتية
تفيقُ براريك تتشح الغربةُ القبو يحفر سرداب خوفٍ
و تقلق لو لفتةٌ آذنت وصلَ هذا الفراغ الذي لا يرى
كومةٌ من حطب
ولا ناي لا ضوء لا صوت ..
كي تشتعل في فراغ الرحيل الكواكبُ
كم أظلم الفجر لم تنفتح كوّةُ الذكريات
سوى عن غرابٍ ينوح
و آنية ليس من ذهب قاعها ملصق للرحيل على درج اليوم
أنت تؤب ؟ تراك تؤوب
أم انتزعتك الحقيبة من جلد أرض تحب التسري في قشرها ؟
كيف تعشق مثل الذين استعارتهم الحربُ
كي يوقدون و لا يحرقون
بيادق لا الملك من حظهم ثم لا الأرض من حظهم
ثم لا الحب من شأنهم
يغرفون الحنين فقط ثم ينسحبون
أتغرق يحيى .. بغابة نوم
ليعشب فيك الصبيُ الذي طال فيه الرحيلُ
وطالت بليلته ظلمةُ الطرقات
كأن الشوارعَ خاويةٌ من مآذنها
كأن الصخور التي لا تكاد تؤدي إلى تلامسها أو تقاعدها
كي تؤدي إلى أنّةٍ في عميق انتظار .. تهربُ منك.. تفرُّ
كأن الزواريبَ تلهو بريق البلاهة في جنبات انسحابكَ
أين الطريق و أين النجوم التي يستدل بها ؟
لقد آوت الغيم حتى تلبّد فوق الفراش
فنُح كي تجيء إليك الظهيرةُ
لا قوم لي إنني آنس بالهجيرِ وبالطرقاتِ الفراغ
اترك الصحو ثانيةً كي أغادر فخ الترقبِ
يا أرض مالي وما للفراغ ؟
أعبيء زيتي بآنيةِ الروحِ أسكبه قبلةً قبلةً
فوق مصباح بيتكِ يا أرض
ما للمراكب أقفلها الراجعون على سُحنة النزفِ
ما للحدائق تغري بعورتها الفاتحين
و تهرب من رعشة العاشقين
ومالي على الطين يمشي سفيني ؟
فيا ريح لا تلمسي قاعَ أغنيتي في سبات المواجعِ
يا ريح لا تقلعي جذوة الشوق في صخب الغيمِ
لا تمطريني سأُخرج من زرد سورته الجرارَ القديمة
بالنار و العشق من خيمةٍ في سراب المراعي
توسوس كي تستبيني.. ل يحيى تنزّل هذا الكلامُ
من الأفق تحت النخيل و لم يأخذ الكلمات سوى كغلامٍ
لقد أتقن النومَ حتى بدا منجلاً يحصد الوقتَ
آمن بالغيم يسودّ أكثر مما يظن و بالجمر يحمرّ أكثر مما يظن
و بالطرقات معبأة بالحجارة قارسة بالشقاء تكلله الأمنياتُ
و يدفع أرجوحةَ الوقت تذهب تأتي تدور وتثبت
تُغرق عيدان زنبقه.. تشتهي أن يوزع حباتِ أغنية فوق أرض مهيأةٍ للنبات و أفق يُرتَب كي تبرق الروحُ فوق بياض مواجعه
أنت تعرف لو خبأ اللوزُ رائحةَ الزهر في جفوة البعدِ
تفرح لو فر من سرب طيرِ الحنينِ النشيدُ
تعلّق قبعةً مثل ليل دجى أو نهار تمدد كالنهر فوق الحصى
ترتمي هكذا مثل بوقٍ خوى من أغانيه ..
يا نار كوني سراباً لئلا تشي الروح بالإلتفات
إلى طرقاتٍ ذوَت في غروب الوطن ..
كمن خُلقت قدماه بأرض و عيناه في غابة ثانية
تشد الحقائبَ تمضي .. إلى أين يسحبكَ الخوفُ ؟
من قرن غربتك المشتهاة حصى و قلاع
و آنية لا تمل الرتابة قابعة فوق رفٍ من الكتب المهملة
أنت كالعنكبوت يخيط له وطناً في الزوايا
ولكنه واهنٌ دون ضوء
استحمت على ظهر هذا السرير الجرائدُ نامت غباراً من المفردات
و ساحت حقائبُ ، شاخت تعابير، نامت حروف
و زغرد ضوءٌ يفر إلى خارج النافذة
ل يحيى كواكب نائمة فوق توت الشآم
تساقط أكبرها مرةً كل عام
فيحفر تحت الوسادة لوناً شديد العذوبة
يسحبه من يديه و من قدميه وراءً
و لا يترك النفس تهرب
نحو البلاد التي أخرجت تمرها كي يذوب بسكره و يؤوب
له نسمة فوق أرصفة الشام يعشقها
يحتسي في زواريبها خمرةَ المد و الجزر
أنىّ انتبهت رأيت له كوكباً او مساء فلا تغلق الآن هذا الكتاب
سنبدأ من أول السطر نكتب يا أرض
يعلق في نبض ريحك هذا الفتى فارجعي كي يفيق
لأن القيامةَ غافيةٌ فوق أوردة الطرقات فلا تخطفيه
يقول له الموج : لا تركب الصخر يقسو
و لا تترك الريح تهمس فوق وسائدك الناعسات كمثلك هيا..
سنكتب من أول السطر ( يحيى )..
المسافات أقصر مما تظن فلا تختفي هكذا في الظلام
ليشعل في جنبات الحقائب ضوءُ الرجوع إلى العش
مستوحشاً و حزين
و يطفيء فوق الأزقة هذا التشرد هذا الأنين
لا فرق كان المساء هنا ..مثله في هجر
أنت تعشق مثل النجوم دوامَ التوحد
تعشق طعمَ السهر .
|