المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
مراقب عام قارئة مميزة فريق كتابة الروايات الرومانسية مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 8 - المكابرة – مارغريت بارغيتر - قلوب عبير القديمة
فى البيت مساءً, أثارت أمها الموضوع مجدداً و أظهرت استغرابها مرة أخرى لتصرف سيمون. كان ذلك يوم ليزا الأول فى العمل بعد مرضها, و بدا من الطبيعى أن تسألها أمها عما سمعت من أخبار جديدة. تناولت ليزا فنجان القهوة مستغربة أن يلازمها الأرتجاف طيلة اليوم, و نظرت إلى وجه أمها الجذاب رغم مرور السنين و أجابتها متنهدة:
ـ لم أسمع فى الواقع أخباراً جديداً يا ماما. الجميع يتساءلون بالطبع عن موعد عودته أنما يبدو أن قضيتنا نحن ما عادت تهمهم, فلم يأت أحد على ذكر الموضوع باستثناء الآنسة براون.
فعلقت السيدة لوسون بمرارة:
ـ احسبهم يتصورون أنى أخذت حصة جيدة من الميراث بالرغم مما اظهره سيمون من عدم اكتراث!
تنهدت ليزا ثانية حين انصرفت امها لتعد طعام العشاء. لا شك أن الحياة لم تكن سهلة بالنسبة إلى أرملة رجل دين فقير و لديها طفلة عليها أن تعيلها, و لكم تمنت ليزا فى السنوات الفائتة, لو أنهما لم يعتمدا فى عيشهما على مال سيلاس ردفورد وكان حدسها هذا فى محله, إذ أثبتته احداث الاسبوعين الماضيين. و مع ذلك فهى لا تستطيع أن تلوم أمها على عدم الآخذ برأيها بوجوب الابتعاد عن عائلة ردفورد إذ اعتبرته رأى فتاة صغيرة متحاملة و اعتقدت أن استمرارها هو لصالحهما على المدى البعيد.
و الحقيقة أنهما عاشتا براحة مع سيلاس فىىهذا البيت الأنيس.
أما الآن فسوف تسعد ليزا كثيراً أن تنتقلا إلى مكان آخر لبدء حياة جديدة مع اعترافها, و لكن أمها لا تشاطرها شعورها و ترفض التزحزح من مكانها قبل أن تتحدث إلى سيمون ردفورد, كانت ليزا تدرك فى قرارة نفسها أن أمها تحملها مسؤولية غير مباشرة فى كون أن سيلاس مات دون أن يوصى لهما بقرش, و لذا خشيت من احتمال أن تستجدى أمها المال من سيمون و تذلهما معاً.
حدقت ليزا فى ألسنة النار المتراقصة فى الموقد أمامها و فكرت أنها كانت الأبنة الحقيقية لأبنة خال سيلاس لكان عطف على أمها أشد ولكان خصها بشئ من وصيته. لكن ليزا كانت فى الثالثة من عمرها حين تزوجت أمها للمرة الثانية من جون لوسون, الذى تبنى الطفلة فوراً و رباها كأبنة من لحمه و دمه. لم يرزق من أمها بأطفالاً, و لو حصل ذلك لما كان ميزهم عن ليزا بأى شكل....كان حبهما متبادلاً, فهو الأب الوحيد الذى عرفته, و قد تمردت على القدر حين خطفه منها فجأة, و ها هو القدر يخطف ابن عمته سيلاس بالطريقة نفسها تقريباً.
و أخذت أفكارها تشرد خلف صور الماضى الصعبة النسيان. تذكرت الأيام التى تلت وفاة والدها حين اضطرت هى و أمها إلى إخلاء المنزل الذى كان يشغله كرجل دين. بعد ذلك أحاطهما سيلاس بعطفه و دعمه لولا ذلك لما استطاعتا إيجاد لقمة العيش إلا بشق النفس. لقد دعاهما إلى السكن فى بيته مقابل أن تدير أمها شؤونه و تساعد فى إقامة الحفلات و استقبال الضيوف, و هو ما برعت فيه تماماً, كما تكفل بتعليم ليزا حتى نيلها الشهادة.
و قد جرت الأمور على خير ما يرام فى ضوء هذا الترتيب, و أظهرت السيدة لوسون موهبة كبيرة فى فن الرسم بالاضافة إلى مهارتها كمضيفة.
و لجأ سيلاس إلى أساليب ذككية لمساعدتها فى بيع لوحاتها و كثيراً ما كان يبتاع لنفسه ما يعجبه من تلك اللوحات. أما أول بادرة خلاف بينهما فقد حصلت قبل تخرج ليزا من المدرسة, حين أبدت لـ سيلاس رغبتها بتعلم رقص البالية كى تمتهنه فى المستقبل. و لأول مرة فرض عليها سيطرته, شرح لها ظروف أمها و أفهمها بطريقة لطيفة لكن حازمة أنه قد يتوقف عن إعالتها إن هى اصرت على امتهان الرقص فى لندن. و هكذا تنازلت ليزا عن طموحها هذا و تركت له أن يقنعها باختيار مهنة أكثر واقعية, و وافقت بخضوع على تعلم مهنة السكرتاريا, و من ثم تدربت فى مكتبه على يد الآنسة براون, سكرتيرته القديرة. و لكنها أدركت فيما بعد أنها لم تغفر له ذلك, أما الآن و قد رحل فهى تشعر برغبة قوية فى الأفلات من بيته.
و ها قد ذهبت بها مشاعرها بعيداً حين عادت أمها و جلستا إلى طاولة الطعام. و هنا على المائدة أخبرتها أمها أنها تحدثت إلى محامى سيلاس أثناء غيابها بالمكتب. فقطبت ليزا حاجبيها بامتعاض فقالت أمها بحدة:
ـ أعلمى أنه هو الذى أتصل بىّ فلا داعى لأن تنظرى إلى شزراً. أنا لم أفقد كرامتى كلياً! فقد قال لى فى سياق الحديث الذى جرى بشكل طبيعى تماماً أن توريث الأملاك لأبن الأخ هو مسألة لحم و دم, إضافة إلى رغبة طبيعية لدى الراحل فى الحافظ على استمرارية اسم العائلة. و هذا ما فعله سيلاس مع أبن أخيه سيمون....لاحظى حتى اسميهما الأولين متشابهان, و بما ان سيلاس لم يتزوج أبداً’ فلمن غير سيمون يخلف أعماله التجارية؟ هذا بحسب ما قاله المحامى لىّ بطريقة لبقة جداً. اتمنى فقط لو أن سيلاس ترك لىّ البيت مراعاة لظروفى و للقرابة بيننا.
ـ كنت أظنه مولعاً بك يا ماما.
كانت ليزا شاردة الذهن تعبث بطعامها بشهية مفقودة لم تستردها منذ مرضها الأخير, ثم اردفت بشئ من صراحة الشباب القاسية:
ـ عندما ساعدنا مادياً بعد وفاة والدى, فلعله فعل ذلك من باب الأنانية و ليعزز سمعته الطيبة عند الناس, فأنى كان رجلاً معروفاً
أجفلت الأم و هتفت تؤنب ابنتها:
ـ ليزا! أنت تبالغين فى شكك, فالتفاهم كما تعلمين, كان شبه رسمى و مفيد للطرفين. لكنه وعد, و لو بكلام غير واضح, أنه سيؤمن مستقبلنا مادياً فى حال وفاته.
ـ ولم يترك لك قرشاً كما اتضح لنا الآن, هل تعلمين متى كتب وصيته الأخيرة؟
ـ منذ زمن بعيد قبل ان نسكن معه. أذكر أنه تحدث لأبيك بشأنها. ليس سراً أن شقيق سيلاس الأكبر كان يتشاجر مع والده و هجر البيت قبل سنوات طويلة. و حسب معلومات سيلاس أن هذا الشقيق انجب ولدين هما الآن رجلا أعمال ناجحين فى جنوب البلاد. أعتقد أن سيلاس كان على اتصال بهما بطريقة ما مع أنه لم يذكر لأحد, مع العلم بأنهما لم يزورا هذا البيت إطلاقاً. و قد اكتشفت بطريقة الصدفة أن والدهما توفى قبل بضعة سنوات. هذا كل ما لدى من معلومات و إذا تظاهرت بمعرفة المزيد سيكونذلك مجرد تخمين ليس إلا.
لاحظت ليزا نظرات أمها المنقبضة فقالت بندم:
منتديات ليلاس
ـ آسفة يا ماما. لم أقصد أن اتخابث. فى الواقع أن الآنسة براون لا تعرف الكثير أيضاً. كل ما أخبرتنى اياه أن سيمون فى الثلاثينات و لم تقدر أن تحدد عمره بالضبط.
أومأت السيدة لوسون ايجاباً و قالت:
ـ ذلك جائز. سبق و أخبرتك أنه بدا طويلاً اسمر, لم أميز تقاسيمه جيداً لأن الطقس كان بارداً و كان هو مدثراً بثياب سميكة, كما أن احتشاد الناس حال دون رؤيتى له جيداً. أنى أوافق الآنسة براون على أنه من الصعب تحديد سنه. و كما قلت سابقاً, لم أحاول الاقتراب منه, و هو تجاهل اللياقة الاجتماعية و لم يكلمنى بالرغم من أن الظرف كان يقتضى منه ذلك.
هزت ليزا كتفيها إشارة عدم اهتمام. فالمعلومات هذه لست جديدة كما قالت أمها. لكنها اغتنمت الفرصة و أعلمت أمها باجازة الآنسة براون و بأنها ستتحمل بالتالى مسؤوليات أضافية فى غيابها و اختتمت ذلك بقولها:
ـ يخيل إلى أن عودة سيمون ردفورد تخيفها بشكل ما, و لولا خوفها هذا لبقيت هنا بالتأكيد لترئس لجنة الترحيب بعودته.
تجاهلت السيدة لوسيون تعليق ابنتها المرتاب و انحنت إلى الأمام مشرقة الوجه تقول:
ـ قد تجدين فى ذلك فرصة سانحة لتعزيز مركزك يا حبيبتى, و بخاصة أن الآنسو براون بدأت تقترب من سن التقاعد, كما أننا مدينون لعائلة ردفورد ببعض الفضل.
ـ ماما لا أحسبنى أحب البقاء فى كنف آل ردفورد بعد اليوم. هل تمانعين ذلك؟
ـ أمانع؟
بدت مونيكا لوسان منذهلة من فرط الخيبة و لم تحاول إخفاء مشاعرها. هذا الاحتمال لم يخطر لها من قبل و ظهر بوضوح أنها لا تحبذ الفكرة و ليست مستعدة لتقبلها. إنطفاء البريق فى محياها و هتفت أخيراً:
ـ لا اظنها فكرة سديدة على الأطلاق. من حسن الحظ أننا ما نزال نقيم فى هذا البيت, لكنك تعلمين كما أعلم, أن الأمور قد تتغير فى المستقبل و إذا اصريت الآن على ترك آل ردفورد فقد يطلب إلينا هذا الرجل أن نبحث عن سكن آخر ـ بوسعنا ان نجد شقة مناسبة. هناك شقتان فارغتان فى منطقة ادجباستون التى قد تروقك.
ـ أعرف أنك لن تجدى صعوبة فى إيجاد عمل آخر و أن دخلى من الرسم سوف يعين مادياً إنما من المستحيل أن نجد بيتاً كهذا تحيط به الحقول و الغابات و المياه بالرغم من وجوده فى ضاحية المدينة, هذه المنازل أصبحت نادرة هذه الأيام, و بوسعى أن أرسم فى الغابة طوال النهار دون أن أرى مخلوقاً.
تنهدت ليزا و اشاحت عن وجه أمها القلق. حدقت من نافذة الغرفة الصباحية الصغيرة التى تتناولان فيها الطعام عندما لا يكون لديهما ضيوف. كان الأفق محجوباً بمجموعة أشجار كثيفة فى نهاية الحدائق و فى أسفل الحقل, إلا إن المنطقة حولهما منعزلة تماماً و تتيح لهما حرية كاملة.
البيت ليلاس بحد ذاته واسع و جذاب جداً و هى تعلم أن أمها مولعة به, إنما يجب أن تدرك أنه لا يخصهما, بل لا يحق أن يعيشا فيه بعد اليوم.
تنهدت فى اعماقها و قد ندمت على تسرعها. كان يجب أن تعزز خط دفاعها قبل التحدث فى الموضوع. أنها لا تفكر فى تغيير العمل بقدر ما تفكر فى تغيير مكان السكن. ليس ثمة صلة تربطها بمدينة بيرمنغام مع أنها تحبها كثيراً. صحيح أنها عاشت فيها ما يزيد عن عشر سنوات إلا أنها ولدت فى استراليا و عاشت فى أماكن أخرى, و طالما راودتها الرغبة منذ إقامتها مع عائلة ردفورد. لم تفكر فى السفر خارج البلاد بل فى الانتقال من مكان إلى آخر. لكنها متعلقة بامها و ليس لها سواها فى الحياة و لذا سيكون عليها من الصعب, بل من المستحيل أن تتركها فى الظروف الراهنة.
مع ذلك حاولت زهرة منسية بقولها:
ـ بوسعنا أن جد منزلاً صغيراً فى الريف الذى تحبينه.
فسألت مونيكا بتهكم و ضيق:
ـ هل لديك أية فكرة عما سيكلفنا هذا البيت الصغير؟
صمتت ليزا مستسلمة. إنها تدرك ارتفاع الأسعار. و قبل أن تفكر فى شئ آخر تقوله سألتها مونيكا و قد توجست شراً:
ـ أمازلت تطمحين إلى أمتهان رقص الباليه؟
شحب وجه ليزا قليلاً لأن ذكرى الماضى ما توقفت يوماً عن إيلامها.
أجابت بجفاء:
ـ بالطبع لا, لقد فات الوقت على ذلك من حيث السن. لكنى لا أعتقد أن العمل فى شركة هندسية, يوافق طبيعتى. كنت أفكر فى الأتجاه إلى مهنة تناسبنى كأنثى.
ظهر الالتباس على وجه مونيكا الجذاب إذ هى لا تميل إلى التغيير بكل أنواعه. قالت تنصح ابنتها:
ـ لو كنت مكانك لتريثت قليلاً يا حبيبتى, أن العمل المكتبى هو ذاته فى أى مكان و لا أحسبك ستجدين شيئاً أفضل إلا إذا غيرت نوع العمل من اساسه.
عادت ليزا تحدق من النافذة و غمغمت:
ـ أظنك على صواب.
ـ بالطبع, عليك أن تفكرى فى مستقبلك يا عزيزتى و لا موجب بالتالى لأن تقلقى علىّ.
منتديات ليلاســـــــــــــــــ
|