بسم الله الرحمن الرحيم
مرحباً بكل الأعضاء و الزوار , اليوم سأقدم لكم البارت الثاني من روايتي , أرجو أن تستمتعوا :
3- الدليل إلى الكتاب
بعد تنفيذ عملية الهروب , يلمح محمد صديقه لمحة سريعة – لأنه يقود السيارة بسرعة – و من ثم يقول : كل شيْ انتهى يا يعقوب , أخرج رأسك القرعاء و توقف عن البكاء مثل الصغار , فيجيبه يعقوب : آه يا بطني , أنا لا أبكي يا أحمق , إني فقط ... دخل عيني شيْ ما ماهر : إذاً ... كيف تعرفتما على بعضكما يا يعقوب ؟
يعقوب : من هذا العجوز يا أيها الأحمق ؟
محمد : لا زلت سليط اللسان كالعادة , انه ... صديقي , و بمثابة والدي الثاني
يعقوب : اوه , والدك الذي تركك لكلاب الشوارع و ترك أمك لتموت
محمد بنبرة حزم : نعم هو , الآن اتركني من ماضيي و لنتكلم في العمل
يعقوب : آه نعم ... العمل ! , اسمعني و ضع الأحقاد جانباً سآخذ نصف الكنز و أما أنتما فتقاسما النصف الثاني
ماهر : ماذا ؟ . أي كنز ؟ ... و لو تريدون تقسيمه كل واحدِ فينا سيأخذ الثلث
محمد : أنا أوافق
يعقوب : اوه , الآن سيكون بيننا عمل يا صديقي
ماهر : انتظر لحظة , لماذا وافقت بسرعة ؟
محمد : انه يعلم مكان الكتاب , و العجيب في الموضوع أن الكتاب محاط بكنز يهتم به يعقوب كثيراً , لذلك فليأخذ حصته و نحن لنأخذ الكتاب
ماهر : لكن أخبرني يا محمد , كيف يعرف هذا الشخص مكان الكنز ؟
محمد : حسناً ... أتذكر عندما سجن والدي في السجن ؟
ماهر : آه , أجل بسبب الحادث الذي قام به
محمد : أجل , و تتذكر أيضاً عندما هرب ؟
ماهر : أجل , ذلك عندما اختفى تماماً
محمد : هذا صحيح , و الذي ساعده على الهروب هو يعقوب , لكنه منحوس لهذا فشل في الهروب , لكن كمكافأة له , أعطاه والدي ورقةً مكتوب عليها شعرَ فظيع من تأليفه , فعندما نحله سنجد مكان الكتاب و الكنز
ماهر : ألم تقل أن الدليل معك ؟
محمد : .... قلت ذلك حتى تأتي معي
ماهر : اوه , ألا تستطيع الطلب فقط ؟
محمد : اعذرني
يعقوب : و لحسن حظكم يا جماعة , لدي مفتاحَ من والدك لكني لا أعلم ماذا يفتح , لذلك هذا سيسهل علينا عملية البحث
محمد : و الآن , لنباشر بحل اللغز , و إيجاد الكنز , كل ما أريده منك الآن يا يعقوب أن تعطيني الورقة
فيضع يعقوب يديه في جيبه و من ثم يرفعها و بعد ذلك يرفعها فيفتحها فتظهر قصاصة متهرئة , فيناولها إلى محمد , فمسكها محمد و يفتحها فيقرأ الآتي :
أيها النمر امشي و لا تدور فلن تجد المراد و المطلوب
إلا عندما تقوم بتوحيد القلوب ثم تجمع العقول و الجذور
اخط نحو بيت الأحلام حتى تجد ما في المنال
سر في السراب و أبحر في الغيوم لا تستسلم إلا بالعقوب
ستجد الراحة المعهودة و حتى حفنة الورق المكتوبة
لا تكسر العلاقات و حافظ عليها احمي الروابط و احرص عليها
اتبع النصيحة و اخط الخطى اتبع الدروب و انس العبا
مع كل ما تمر به ستجد العلا فلا تغتر بعلوك و حافظ على المنى
و بعد الانتهاء من القراءة , قال محمد : معقدَ و مقززَ كالعادة , فيقول ماهر : ماذا يعني بهذا ؟ , فيجيبه محمد : انتظر قليلاً , و دعني أفكر , و بعد مرور خمس دقائق , يصيح يعقوب قائلاًُ : هيا ... ألم تنتهي بعد ؟ , لقد مللت من ألغاز والدك الغبي و ضعفك الجسدي و العقلي ! , فيسكته ماهر قائلاً : إذاً أرنا ذكاءك و قل لنا أين الكنز يا عبقري , ز بعد مرور عدة دقائق , يصرخ محمد : وجدتها !
ماهر : هذا محمد الذي أعرفه
يعقوب : قل لنا , ماذا اكتشفت ؟
محمد : أولاً يقصد بالنمر أنا , و بالنسبة الى بيت الأحلام أي مكان الكنز أظن أنه ...
ماهر : أنه ماذا ؟
محمد : منزلنا القديم !!
يعقوب : و كيف عرفت ؟
محمد : كان يقصد أبي بالأحلام أي ذكرياتي التي قضيتها هناك و بالأصح ذكرياتنا الحلوة و المرة في ذلك المنزل
ماهر : و بالنسبة لباقي الشعر ؟
محمد : هذا ما لم أكتشفه حتى الآن
يعقوب : هيا إذا , إلى منزل الفاشل
و من ثم انطلق الشباب إلى منزل محمد القديم , فمرت السيارة بالأشجار الكثيفة و الزهور ذات الرائحة الزكية ذهاباً إلى الشوارع العتيقة , المليئة بالناس و الحيوانات , من طيور و قطط , و في النهاية , توقفت السيارة أمام منزل محمد القديم , فعند النزول من السيارة , خاف الشاب أن يدخل من جديد , حتى لا تلاحقه تلك الذكريات الفظيعة و الكوابيس القبيحة , لكنه قرر أن يتشجع قليلاً فيخطو الشاب خطاً ثقيلاً , متطلعاً للمستقبل المزهر و الاحترام المكتسب , فأمسك بقبضة الباب , فتحاول الكوابيس إمساك المسكين , لكنه يجري و يهرول , نحو الأفق البعيد , فيلمح ضوءاً خفيف , فيحاول القفز فلا يستطيع , يجري و يجري لكنه مستحيل , أن يفلت من القدر و المستقبل الرهيب , يرى يداً تجاوره من قريب فيحاول إمساكها و يحاول لحاقها فيرمي نفسه دافعاً حياته للهروب و النجاة من الماضي الفظيع , فيمسك باليد و يحلق في السماء , منادياً عليه ذلك الصوت في المنام , فيشعر براحة يد على كتفه الأيمن و كلمات تطمنه و الدفء تمنحه , فيعود رشده إليه من جديد , فيفتح الباب و يعبر الباب , هنا فهم شعر والده (سر في السراب و أبحر في الغيوم ) أدرك أن كان عليه مواجهة الماضي و مصادمة الحاضر , فيأخذ خطوة فيدخل للداخل , يحدق ماهر في محمد سائلاً : الآن ماذا يفتح المفتاح الذي مع يعقوب ؟ , فيجيبه الشاب : شيْ لم أكن أعرف بشأنه , على كل حال , فتشوا جميع الغرف و اعثروا على ما يفيد , فينقسم الشباب كلَ إلى جهة , فيبحث يعقوب في الغرفة الأولى , و يبحث ماهر في زوايا البيت , و يتفقد محمد غرفة والديه , فينظر للحائط في الأمام , فيرى صورةً لوالدته العزيزة , فيستعين بعقله قليلاً , فيدرك شيئاً به كان يجهل , فيتجه نحو الصورة , و من ثم يحملها فينزلها , فيرى ما خلفها , فينادي على رفاقه , فيتوجه الجميع إليه و يلتف حوله , فينظرون للحائط فيقرؤون التالي : الكنز موجود في شقة رقم اثنا عشر في فندق الحرية في الجيزة , فيحزم الجميع أقدامه و يستعد للرحيل , فيخرج الجميع ما عدا الشاب الصغير , ينظر للبيت نظرة وداع و الأعين حمراء و الدموع تبحر في وجه الشاب , فيخرج منديلاً و يمسح وجهه , فيأخذ نفساً عميقاً , و يخرجه بهدوء كأنه يزيل عنه الهموم , فيخرج من الباب و يغلقه بالمفتاح و يركب السيارة ليتوجه للكنز .
4- الدليل الجديد
في الطرق الخالية المليئة بالغبار , تجري السيارة مع الرياح , فتفتح النافذة , و من ثم يدلي أحد الشباب رأسه من نافذة السيارة و يقول بأنين : يا الله , إن الجو قاتلَ اليوم , فيرد أحدهم : أوافقك الرأي , و بعد مرور عدة ساعات من الرحلة , ينظر يعقوب إلى محمد ويسأله : متى سنصل ؟ , فيجيبه محمد : اصبر بقي ساعتان , فيرمي الرجل نظره إلى الخارج , و يتأمل الطبيعة الصحراوية , و بعد قليل , يقول ماهر : ماذا ستفعل يا محمد لو قابلت والدك هناك ؟ , فينظر محمد إليه و يقول : لن يكون هناك , انه يخجل من أن أراه , و بيني و بينك لا أريد أن أراه مطلقاً , فيرد ماهر : لا , لا تقل هذا انه والدك ! , فيجيبه : انه لم يعد والدي بعد كل ما فعله لي و ل ... لأمي , فيسكت ماهر و يشعر بالذنب قليلاً بسبب فتح جروح كانت مغلقة و دلكها بالملح , وبعد مدة , وصل الشباب إلى وجهتهم بعد أن استفسروا عن الطريق , فينزل الجميع من السيارة , فينظر محمد للأمام , فيرى فندقاً مكون من ثلاث طوابق , يبدو عليه القدم و الأصالة , بجدران نصف مدهونة و باب خشبي متوسط الحجم , و من ثم يقول محمد: لا بد أن هذا هو المكان المنشود , لأني متأكد أن ذلك العجوز يرغب في تقليل أجره بدرجة كبيرة , لذلك سيختار أقدم و أرخص فندق في هذه المدينة ! , فيرد يعقوب : من لن يفعل ؟ , فينظر له محمد نظرة تعجب و يقول : حسناً ... أحد غيركما ؟ , الآن لندخر الوقت و نذهب لكنزنا يا شباب , فيتجه الشباب إلى موظف الاستقبال , و من ثم يقول محمد : لو سمحت يا ... , فينظر للورقة المعلقة على صدره بإبرة صغيرة و من ثم يضيف : أحمد أكرم , فيجيبه الموظف : بماذا أخدمك يا سيدي ؟ , فيرد : أين أجد غرفة رقم اثنا عشر ؟ , فيرد عليه : إنها في الطابق الثالث , فيقول محمد : شكراً , و من ثم ينصرف , عندما كان يعقوب يمشي أزاح نظره للأمام فوجد السلم الذي يؤدي لأعلى , فيقول لهما : ألا يوجد مصعدَ هنا ؟ , فيرده ماهر : أتظن هذا فندق خمس نجوم ؟ , فيقول لهما محمد : هيا , لا نملك الكثير من الوقت , فيسأل ماهر : لماذا ؟
محمد : لأن الكنز ليس هنا !
يعقوب : و لكن ... ألم تقل أنك حللت اللغز و أنه هنا ؟
ماهر : أجل , ألم تقل لنا ذلك ؟
محمد : قلت إني وجدت رقماً و أقصد به دليلاً لا الكنز
يعقوب : لكن , كيف علمت بهذا ؟
محمد : العجوز و أقصد به أبي , لا يريدنا أن نجد الكنز بسهولة , بل يريد أن يلعب معنا
ماهر : إذن دليلنا التالي فوق , أليس كذلك ؟
محمد : نعم و يجب أن نسرع
يعقوب : حسناً , لكن أخبرني , لم أنت على عجلةِ من أمرك ؟
محمد : لأن لدي عمل آخر أقوم به
ماهر : ما هو ؟
محمد : لا دخل لك الآن , يجب أن نسرع أو سيضيع الكنز !
يعقوب : سمعت الرجل , هيا بنا
فيصعد الشباب على السلالم الشبه مدمرة بسبب القدم ذات الأوساخ و الأغبرة عليها , فيصلوا إلى الطابق الثالث , فيطلب محمد من يعقوب أن يناوله المفتاح , فيعطيه إياه , فيمسكه محمد و يفتح الباب , فينظر للداخل فيرى غرفةً قذرة و مليئة بالقمامة و الأوساخ و الأثاث غير المرتب , فيقول محمد : الآن أنا متأكد من أن هذه غرفة العجوز
يعقوب : الآن ماذا سنفعل ؟
محمد : نبحث في الغرفة على الدليل
ماهر : لكن أين ؟
محمد : و كيف لي أن أعلم ؟
يعقوب : حاول أن تفهم شيئاً من القصيدة
محمد : حسناً , أمهلوني بضعة دقائق
فيقوم محمد بتدقيق نظره نحو القصاصة , و يقرأ القصيدة مراراً و تكراراً , فما مرت الا بضع ثواني , حتى لمع الحل في عقل الشاب , فينادى رفاقه و من ثم يقول لهم : لقد قرأت الشطر عندما يقول : ستجد الراحة المعهودة و حتى حفنة الورق المكتوبة , هنا تذكرت مدى كسل والدي و عندما كان يقول أن الفراش عبارة عن مكان الراحة و الرخاء أي أن مكان الراحة المعهودة هو الفراش , أما حفنة الورق فعلى ما أعتقد يقصد بها الدليل , أي أنه موجودَ في الفراش , إما تحته أو فوقه أو حتى بداخله , إذن هيا ابحثوا في الفراش و أنا سأكمل البحث , فيقوم يعقوب بنفض الفراش و تفتيش ما تحته و فوقه فلم يجد شيئاً , فيمزقه ليبحث داخله فلا يجد شيئاً , فيصيح على محمد : هيه , ألم تقل أن الدليل موجودَ في الفراش ؟ , فيجيبه محمد : ألم تجده ؟ , هذا غريب إذاً أين هو يا ترى ؟ , فيفتش بنظره الغرفة مجدداً و مجدداً , فلا يجد شيئاً يرمي إلى الراحة أو حتى الاسترخاء , فيرمي نفسه على الأرض و يضع يده فوق رأسه و يفكر قليلاً , فلا تخطر بعقله شيئاً , فيحاول مجدداً لكن محاولته تبوء إلى الفشل , و بسبب كثرة تعبه و عدم راحة باله , غفى التعب به قليلاً ساحباً لتلك الغيمة التي حاول كثيراً الابتعاد عنها , لكنه انجرف مع النوم و غطس في عالمه القديم , و بعد مدة ليست بطويلة , يحاول فتح عينيه , فأول ما يراه , هو ذلك السقف المهترئ و هذا السرير الخشبي القديم الذي يصدر صوتاً مزعجاً عند الضغط عليه , فينظر ليديه فيجدها صغيرة , فيزيح نظره للأمام فيرى ما اشتاق قلبه له كثيراً , أمه العزيزة , فيحاول النهوض فلا يستطيع , و من ثم يدق الباب شخصَ ما , فتقوم الأم بفتح الباب , فيدخل الأب , فيلقي التحية على زوجته و يحضنها لفترة وجيزة , ثم يتوجه نحو ابنه الصغير , فيضع يده على شعره و يفركه و من ثم ينظر إلى محمد , و يسأله عن حاله , فيحاول محمد قول شيء فلا يستطيع , فيتفوه بهذه الكلمات من دون إرادة : أنا بخيرٍ يا أبي , ماذا عنك ؟ , أنت تبدو مرهقاً , فينظر الأب إلى ابنه و يبتسم و من ثم يقول : عندما أراك يا بني أشعر بالراحة الكاملة التي تغنيني عن أي فراش , فيبتسم الطفل , و من ثم تنادي الأم على زوجها و طفلها تدعوهم لتناول طعام الغذاء , و حينها يسمع صوت غريب , يقول له استيقظ , فيرخي سمعه ليتحقق من الصوت , فيكتشف أنه الصوت الذي أحبه صغيراً و ما زال يحبه حتى الآن , انه صوت والده الثاني , ماهر , فيرغم محمد نفسه على الاستيقاظ , فيفتح عيناه و من ثم ينهض , فينظر إليه يعقوب بنظرة تلمح إلى قليل من الغضب : أنت تسترخي هنا , و نحن تعبان نبحث عن ورقة لا فائدة منها , فيرده محمد : تلك الورقة التي لا فائدة منها , ستقودنا إلى الكنز , و التي اكتشفت أين هي , فيقول ماهر : حقاً , أين ... أين هي ؟ , فيوجه محمد نظره إلى الجدران , فيرى مجموعةً من الصور على الحائط الذي يوازيه , فيذهب إلى هناك , و من ثم يحدق في الصور , فيجد في منتصف المجموعة , صورةً لوالده و هو يحمله عندما كان في عمر الرابعة , فيمسك الإطار و يمعن النظر فيه , فينتبه لخلفية الصورة , فيجد أنه متنزهً أخذه والده إليه عندما كان صغيراً , و هي أول مرة يأخذه فيها للعب و الذي كان يقصده أباه كثيراً بغرض الاسترخاء هناك و قراءة الجريدة , فتذكر اسم المتنزه و عنوانه , فنادى على رفاقه و قال لهم : هيا يا رفاق , إلى متنزه الزيتونة في القاهرة , إلى الدليل الثاني , فيسأله يعقوب : هل أنت متأكد ؟ , و كيف عرفت ؟ , فيرد محمد : في النهاية لم يكن أبي يكرهني كثيراً , فكان يقول لي أنه عندما يراني يزول التعب من جسمه و قد كانت مجاملةً لي , على كل حال , عندما رأيت صورتي أنا و إياه , أدركت أنه كان يقصد بالراحة أنا , فتمعنت فيها فأدركت مكان الدليل الثاني و هو ... و يكمل ماهر : متنزه الزيتونة في القاهرة , أليس كذلك ؟ , محمد : نعم , الآن لنكمل رحلتنا و نتوجه نحو المتنزه .
و في النهاية أرجو أن تكونوا استمتعتم في هذا البارت