(أشير بأن القصة يغلب عليها طابع الحوار وذات أبعاد نفسية , لذا أي شخص يتأثر بسرعة أنصحه بألا يقرأها)
- سؤال : ما أغرب لعبة قد مارستها في حياتك ؟ ما أغرب شيئا تخيلته يومً ؟
- أشياء كثيرة بالطبع لم تخطر في بال أحدً عداك , لكن مارأيك لو ذهبت بك بعيداً ؟ ذهبت بك وتخطيت الحدود ؟
- (لعبة ليست ككل الألعاب , بل تختلف عنها جميعاً)
- سؤال : ماذا لو اجبرتك ان تكون (قاضيً) ولكن ليس في المحكمة أنما مكانً آخر ؟
- ثم وضعت بين يديك قضية أحداثها متداخلة فيما بينها , وقلت لك : أيها القاضي! أريد منك حُكمً عادلً في هذه القضية أما (القتل او الموت) ؟ فأيهما ستختار ؟
- اترككم مع خيوط القضية من البداية حتى النهاية وانتظر حكمً , فلا تتسرعوا في اتخاذ الحكم .
_________________________________
(المدخل 9)
فهد تاجر مخدراتٍ معروف أخلاقه سيئة يعيش في عالم الملذات اختطافٌ وسرقة وحفلاتٌ ماجنة , متقلب المزاج لكثرة مايتعاطيه أفكاره مشتتة متداخلة كتداخل الليل والنهار والفرق بينهما , لايعرف ماذا يريد وماذا يقول فالحقن التي قتلته حيً جعلته كالبهائم أوقريباً منها .
قرر ان يتزوج من ابنة عمه سارة تلك الفتاة وحيدة والدها والتي تعاني هي الأخرى ولكن ليس مما يعانيه , بل من حالة نفسية سيئة وانطوائية شديدة فلم تخالط احدً طوال حياتِها لأنها تعرضت للأغتصاب طفلةً صغيرة لعنةً قتلتها حية هي الأخرى كما قُتل من سيتزوجها قبلها , وافق والدها على ذلك مكرهاً فلقد كبر في السن وامراض الشيخوخة قضت على ماتبقى من صحته ولم يعد في استطاعته الأهتمام بها .
مرت اشهرٍ على زواجهما والامور بينهما ازدادت سواء بدل ان تنصلح , ففهد لايأتي للمنزل لأسابيع طويلة وأن عاد للنوم فقط وان تكلم معها فحديثهما لايتعدى دقائق معدودة فلم يكترث لها او ماتعانيه فهو منشغلٌ بعالم الجريمة المظلم ذاك يبيع ويشتري ويتاجر في كل محرم , وسارة هي الأخرى حالتها النفسية ظلت كما كانت لم تتغير وكأنها خرجت من سجنً لآخر , تعرف بما يفعله من جرائم وكل مايتخطى حدود العقل قبل القانون لكنها لاتقول شيئا ولاتريد .
عاد ذات يومٍ وهو في حالة لايدري بمن خلفه وامامه كعادته وفور دخوله شاهد سارة تبكي بكاءً شديد , سألها : مالخبر ؟ قالت منكسرة : لقد توفي والدي . صحصح شيئاً ما مما يعيشه تعاطف معها بشدة أخذته الرأفة بحالِها راح يواسيها ويهدأ من روعها , الا أنها ظلت منغمسة في ثورة دموعها شيئا فشيئا قال لها : أريدك ان تأتي معي في السيارة سنذهب إلى مكانٍ ما .
بعد رفضٍ مستمر وافقت على ذلك , خرجوا وركبوا سيارتهم وراح يسير في احدى الطرق الرئيسية حتى وصل إلى طريقً فرعي ودخل هناك وظل يسير ويسير دون أن يتكلما مع بعضهما وكأنهما يعيشانِ لوحدهما , قليلاً حتى أنقطع ذلك الطريق وراحوا يكملون سيرهم على طريقً رملي لمسافةً طويلة حتى توقفا , نزل فهد من السيارة واشار لسارة أن تنزل معه .
راح يمشي خطواتٍ قليلة بقدميه وهي تسير خلفه لاتدري مالخبر ومالحكاية ؟ صحراء قاحلة مخيفة لاأثر فيها لاأنسٍ أو جان رمالٌ حارقة مهيبة تكاد تخيف الذئاب والسباع والأسود , لحظات ثم توقف دون ان يتكلم , سألته سارة بعد ان أفزعها كل ذلك ماجعلها تنسى والدها الذي توفي :
- ماهذا المكان المخيف ؟
- فهد : نسميه (المدخل 9) .
اصابتها قشعريرة بعد سماعها ذلك , سألته :
- ولما ؟
- فهد : لأن من يريد ان يأتي الى هذا المكان يجب ان يسير في الطريق الرملي مايقرب من مسافة 9 كيلو مترات.
- سارة : وماذا نفعل هنا ؟
- فهد : أنتي تعرفين بأنني أتاجر في المخدرات وغيره اليس كذلك ؟
- سارة : نعم ؟؟
فأشار بيدهُ إلى مكانٍ قريبٍ وقال :
- هنا كنا ندفن بضائعنا وهنا كنا ندفن مانسرق ؟
بعد لحظات صمتٍ أخافت سارة ومن كان يختبئ في تلك الصحراء وتحت رمالها , قال فهد :
- هل تعرفين الجماعة التي كنت أتعامل معها , لقد رأيتهم يحضرون أُناسً هنا ويقتلونهم بدمٍ بارد ثم يدفنونهم في هذا المكان , هنا كنا ندفن خطايانا ياسارة .
سارة التي لازالت تعيش دوامةً لاتعرف كيف دخلتها , سألته متحيرة :
- وهل قتلت أحدً ؟
- فهد : بالطبع لا , كنت أشاهد فقط .
- سارة : إذا دعنا نعود إلى المنزل ؟
- فهد : لا لا لن نعود , يجب ان ينتهي كل هذا وهنا في هذا المكان ؟
- سارة : ماذا تقول أنت ! دعك من هذا الجنون ؟
ذهب فهد إلى سيارته بخطواتٍ هادئة كأنه قاتلٍ مأجور أو سفاحٍ متسلسل , أخرج سلاحً كان يتملكه ورجع إلى سارة أعطاها إياه , ثم جلس على ركبتيه وقال لها :
- أريدكِ أن تطلقين النار علي ! يجبُ أن أُعاقب على آثامي وجرائمي , يجب أن أدفع ثمن ما اقترفته يداي .
وكأن سارة تعيش حلمً أو كابوسً مخيفً أفزعها في واقعها وليس نومِها أنساها كل ماعانته صغيرة حتى تلقيها خبر وفاة والدها , قالت ترتجف :
- مابك ؟
- هل فقدت عقلك ؟
- دعنا نعود إلى المنزل ؟
- فهد : أرجوك , لقد سئمت كل هذا , ضربت وسرقت وخطفت وشاهدت جرائم قتل وتاجرت بكل محرم , أريد أن يتوقف كل ذلك , يجب أن تقتلينني!
- سارة : تعلم بأنني لن افعلها!
- فهد : بلى ستقتلينني .
- سارة : لا لن أفعل , هذه جريمة قتل ؟
- فهد : بلى ستقتلينني , لن تعودي للمنزل ألا بعد أن تطلقين النار علي ؟
شعرت سارة بشيء لم تحسه مرة مشاعرها متضاربة خوفً فزعً رهبةً يهرب منها حتى من يزعم بأنه خلق للقتل , قالت له باكية :
- يكفي هذا ارجوك .
- لقد توفي والدي .
- لم أخرج يومً من منزلي عدى حين أنتقلت لمنزلك .
- أُغتصبتُ صغيرة .
- فلتشفق بحالتي .
- فهد : إذا لم تقتليني سأقتلك صدقيني , هيا أطلقي علي النار .
تحيرت سارة من جنون زوجِها ترتعد مصفرةً اللون تبكي بشدة وقالت :
- أرجوك , اعفيني من ذلك , لاأريد أن افعل , فأنت الوحيد الذي تعاطف معي وأخرجي من بؤسي , تزوجتني رغم عاري , لاأستطيع أرجوك أنت لاتستحق ذلك ؟
هنا بكى فهد وبكى متأثرً لما سمع , قال لها بهدوءً :
- أنظري إلي ياسارة , أنظري إلي !
نظرت إليه ودموعِها على خديها جارية لم تتوقف , فقال لها ماهز كيانها ووجدانها وألب كل مشاعرها :
- انا الشخص الذي أغتصبك ؟
قالت سارة التي لاتعرف اين رمت بها الأقدار وماذا خططت لها :
- ماذا تقول أنت ؟
- فهد : أنظري إلي وتذكري , تذكري تلك الليلة المشؤومة , تذكري ذلك الشاب الصغير الذي ضربك وأغتصبك في عتمة الليل ؟
- بهدوء باكية قالت سارة : آه آه توقف أرجوك لم أعد احتمل كل هذا .
- فهد : لن أتوقف! أطلقي النار هيا , يجب أن تأخذين حقك وتقتصين مني , هيا أطلقي النار علي وخذي المال واهربي ولاتلتفي خلفك , استمري في الهروب ولاتتوقفي , هيا هيا اطلقي النار .
- سارة : لاأريد ذلك .
- فهد : هيا ياسارة ! لقد سألتني من قبل ! ماهو شعور من يرتكب جريمة قتل ؟ هيا أقتليني لتعرفين ذلك !
- صرخت سارة باكية : لاأريد , لاأريد .
- فهد : هيا ياسارة , لتستردين حياتك التي سلبتها منكِ وتعيشين كالجميع , أن لم تقتليني ستظلين كما أنتي فتاة ميتة , أغتصبها شابً لعين في جُنح الليل ودمر حياتها , هيا هل تريدينني أن أخبرك عن تلك الليلة وكيف كنت تصرخين وتسترجينني باألا اغتصبكِ!
- سارة : أخرس أيها السافل .
اراد فهد أن يغضبها أكثر ويتلاعب بمشاعرها وأحاسيسها كما فعل حينما أغتصبها صغيرة , لتطلق النار عليه , صرخ قائلاً :
- هيا ياسارة , هل تذكرين حين قلت لك تلك الليلة! أخرسي وألا سيفتضحُ أمرك! أخرسي لأنني أول من سيغتصبك! هل تعرفين بأن ملابسي التي اغتصبتك بها دفنتها في هذا المكان , هيا ماذا بك ؟ أقتلني وأدفنيني هنا , هنا ندفن خطايانا ياسارة أتذكرين ؟
- سارة : قلت لك أخرس ؟
- فهد : لا لا لن اخرس , اخبرتني من قبل بأنك تريدين أن تقتلين الشخص الذي أغتصبك , ها أنا ذا أمامك , هيا خذي حقك وأقتصي مني ؟
احتارت سارة من كل ذلك الهوس ومايحدث موقفً لم تتمناه حتى في من اغتصبها , لملمت شتات نفسها التي ضاعت في كل شيء , وقالت :
- لكنك عرفت خطيئتك الآن وعرفت ذنبك , وتريد التوبة ؟
- فهد : نعم ولكن من سيعيد حياتك من سيجعلك تعيشين كما كنتي قبل أن اغتصبك , هيا ارجوك اقتليني , الاترين ماذا فعلت بك ثم تزوجتك سخريةً منكِ ؟
لحظات تمر على سارة تسترجع كل ماجرى لها بسببه , كل مآسيها ودموعها وآلامها وعارها الذي لاحقها وأهلها , قالت له :
- لقد أفقدتني برائتي ؟
- لقد قطفت زهرتي قبل أن تفتح ؟
- لقد دمرتني ؟
- فهد : نعم فعلت بك كل ذلك , وأريد أن أقطف ماتبقى لك من زهور .
أنفجرت سارة غضبً , ورفعت السلاح إلى رأسه ......!
- هل تقتله ؟ أم تعفي عنه وتسامحه ؟
- هل يستحق القتل ؟ أم لايستحق ؟
- أترك لكم الحُكم في هذه القضية ؟
ملاحظة : منذ فترة طويلة كنت أحاول أن أكتب قصة يكون القارئ هو من يضع نهايةً لها ويختتمها بنفسه , اتمنى أن تكون هذه القصة بالمستوى المأمول .
(بقلمــي)