كاتب الموضوع :
أغاني الشتاء
المنتدى :
الروايات المغلقة
الفصل الأول/ لا أمــان في نبـض القلب...(N)
♥▄الـنـبـ«3»ــضــة▄♥
:
:
:
اجتمعن في الصالة بعد أن غادرهما والدهما و فجر للنوم...
كانت ضحى و سلام مشغولتان بما تستذكرانه من دروسهما للغد...بينما صبح جلست بالقرب من والدتها يتحدثان بخفوت كي لا تزعجانهما...
تعالت نغمة هاتف ضحى...لتأخذه و تعقد حاجبيها بإستغراب...فتضغط زر إيقاف الصوت...و تعود لكتابها مجدداً...
صبح / مين؟
ضحى بلامبالاة / رقم غريب..ما أعرفه
سلام تتذكر..لترفع رأسها عن مايشغلها / يمكن سمو..أنا عطيتها رقمك و قالت إنها بتدق تشوف أخبارك..عطيني الجوال اشوف الرقم
مدته لها ضحى بإستغراب...لتأخذ سلام هاتفها...و ترجعه لها بعد أن تأكدت من الرقم...
سلام / ايه رقمها..عاد مالقت تدق إلا هالوقت! والله هالبنت ما عندها حسن توقيت
ضحى بإستغراب / ليه تدق؟
سلام / بتشوف أخبارك مع ثالث
صبح مبتسمة / ما تقصر..فيها الخير الله يوفقهم جميع
ضحى بضيق / استحي اكلمها..ما اعرفها! من متى ما شفناها من سنين
أم صبح / عيب عليك..البنت بتسأل عنك و عن أخبارك..و انتي ما رديتي عليها..يله كلميها
ضحى / يمه استحي والله مادري وش أقول لها
أم صبح / وش تستحين منه! بنت بسنك..اللي يهمك يهمها..و بسنه وحده..يعني كأنها وحده من صديقاتك
ضحى / ايه بس............
انقطع كلامها...حين تصاعدت نغمات هاتفها من جديد...برقم سمو...
أم صبح / يله ردي عليها
ضحى تتركهم / زين
تبعتها أم صبح بنظراتها حتى اختفت داخل أحد الغرف...
أم صبح / الله يعين هالبنت على هالحياء اللي فيها!
سلام تضحك / أما ضحى أحياناً تبالغ.. تذكرت يوم تتعب و اروح معها..كل ماسألها الدكتور عن اللي يوجعها سكتت و رديت أنا..لين زهقته و قال هو من فيكم العيان أنتي و إلا هي
صبح / بالعكس حياء ضحى حلو..و إن شاء الله ماراح يضرها بشي..الرسول صلى الله عليه و سلم
/ و عليه الصلاة و السلام
صبح تكمل / (الحياء لا يأتي إلا بخير )
♥
♥
عادت إليهم ضحى بعد دقائق...
سلام / غريبه! سمو خلصت قرقتها بدري!
ضحى / سمعت أحد يناديها..و قالت إنها بتدق بكره تكمل سواليفها
مع أن سمو لمحت أنها ستتحدث مع ضحى...قبل أن يتحدثا عن يوسف...
لكنها تعلم ان فضول سمو عنه...ازداد...و تخشى أن يكون لسانها الفلتان قد زل بشيء عنه...
فتلك الفتاة نادراً ما تفكر قبل أن تتكلم...
سلام / وش قالت لك الخبله؟
ضحى / سلمت..و سولفنا شوي عن الدراسه بعدين سكرت_ترى ساعة الحائط_يووو الساعه صارت وحده..بأروح أنام عسى اشبع نوم و أنا مانمت الظهر...تصبحون على خير
/ تلقين خير
و قبل أن تذهب...توجهت لوالدتها لتقبل رأسها...و تجلس بجانبها...كعادتها إن فعلت ما يغضبها...أو لم تفعل...
ضحى / يمه مسامحتني؟
أم صبح مبتسمة / ايه مسامحتك_تلتفت إلى صبح بعد أن غادرتهن ضحى_سلام و جالسه تذاكر اللي عندها..و أنتي يا صبح وش مسهرك؟ ليه ما تنامين..أنا بأجلس عند سلام لين تخلص
صبح بمودة / لا دامكم سهرانين بأسهر معكم..سلوومه وش رايك بعصير ليمون و نعناع
سلام تبتسم / من يدينك..أكيد ماراح أقول لا..ما يرد الكريم إلا اللئيم
♥▓♥▒♥▓♥
فـي الغـد..(يـوم الأحــد)..~
انعكس الحال بلحظة...من تركيزهن...و سكونهن...و الصمت الذي خيم عليهن طوال الحصة...
إلى صخب...و حركة...و إزعاج...فور خروج المعلمة من الفصل...
وسط فوضى زميلاتها...و أصواتهن العالية...و ضحكاتهن...
كانت تجلس في مقعدها...وحدها...ساكنة...على غير عادتها...
خدها يتوسد كفها المقبوضة...و أفكارها تغادر المكان...لتلك الغالية التي تفتقد جلوسها بجانبها...
سجى / ياااربي على هالفيلم الهندي اللي تسوينه كل ما غابت كادي..يا أختي وش حادك تجين غيبي
سمو تمط شفتها بحزن / أبي القى عذر عشان اروح لها المغرب..اسوي نفسي اشرح لها اللي فات عليها
أميره / لاااا ما أصدق إنك أنتي تدورين سبب عشان تروحين لكادي؟
سمو بشرود / اليوم غير
♥▓♥▒♥▓♥
/ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..الحمدلله الذي جعلنا نسلك طريقاً نلتمس به علماً و تعلماً بالنور براقاً و الصلاة و السلام على رسولنا الحبيب و معلمنا الأول محمد صلى الله عليه و سلم....أما بعد يسعدني أن اجتمع بكم اليوم لأشكر جميع المعلمات على ما بذلوه من جهد في العام الماضي..و ارحب بمن انضممن لروضتنا هذه السنه..آمله لي و لكم بعطاء لا يتوقف و نتاج مثمر جميل..نجتمع اليوم لمناقشة بعض الملاحظات و الإحتياجات.............
تترأس الطاولة التي اجتمعن حولها...
لتناقش خطة العمل لهذه السنة...بكل حماس...و حب...
أيامها الجميلة في هذه الروضة...التي تعطيها من مشاعرها الكثير...تخفف العبء الذي تحمله بصدرها منذ سنوات...
لكن ذاك الحنان الذي يفيض منها...تحس بالوجع لكبته...و المرار لإهداره...
انتـهى الإجتمـاع..~
و خرجن المعلمات من مكتبها...
/ الحمدلله..كنت خايفه من يوم انتقلت هالسنه من المديره..والله تعقدت من المديرات
/ لا..عاد الأستاذه جواهر غير عن الكل..أخت مو مديره
/ والله الرجال انعموا..و إلا وحده مثل جواهر ما تتزوج؟!
/ مين قال لك عمى بالرجال..هي كثير انخطبت و للحين تنخطب بس هي ترفض
/ حرام وحده مثلها تعنس! ليه ما تبي تتزوج؟
/ ترى هي مو عانس..مطلقه
/ والله! ليه؟ أكيد البلاء فيه هو
/ والله مادري من زمان متطلقه.. يقولون تزوجت و هي صغيره و تطلقت بسرعه..يمكن تعقدت
♥▓♥▒♥▓♥
خرجت من غرفتها بهدؤ...ترتدي جلابية بلون الرماد...ملامحها ساكنة...و لكن الروح داخلها تتفتق من الحزن...
تسير بخطوات متمهلة...هادئة...أقدامها تتثاقل الخطى...
كأنها تخشى خرق السكون من حولها...فتزيل رهبة هذا اليوم...
نزلت درجات السلم...لتقف بمنتصفها تجول أنظارها في منزلهم...
صباح كغيره...يعبق برائحة الحزن...و الحرمان...ليكسو الجدران بحنين أصفر شاحب...
دخلت المطبخ لتحضر الدخون...لوالدها و سامي...
اليوم كعادتهم...في أول يوم...من كل شهر...
سوف يذهبون للمقبرة لزيارة قبر والدتها و الدعاء لها...
تنهدت بعمق و هي تسمع أصوات خطواتهم تدوي بسكون البيت الموجع...و ابتلعت غصة آلامها...لتخرج لهم...
تتقدم لهم بصمت...يلفهم جميعاً...ينتشر الحزن بملامحهم...يحاربه النسيان و لكن هيهات...
لترى والدها بثوبه الأبيض الناصع و غترته البيضاء...يطابقهما شحوب الحزن بوجهه...
و يقف بذات الحزن أخيها بجانبه...نسخة مصغرة من أبيها...تحمل ذات الوجع...و الحنين...
اقتربت من أباها...لا يحيل بينهما سوى تلك الخطوط المتموهة الواهنة...تعبق برائحة كانت تعشقها أمها...و تسكن جدران البيت طوال تلك الأيام التي كانت بينهم...
أبوسامي بفخر حزين / الله يعافيك يا بنت جميله
حاولت أن ترد...لكن كلماتها خنقت بتلك العبرات التي سدت حلقها...و اكتفت بإبتسامه هزيلة...لا تقنع أياً منهما...
و لكن من يبحث اليوم عن الفرح...
اليوم اعلنوه ثلاثتهم للحزن...للذكرى...للألم...
التفتت لسامي...لتملأه أيضاً بذكرى تلك الغالية...ليضع يده على كتفها و يشد عليها مواسياً بلا كلمات...لتطمئنه بذات الإبتسامة الباهتة...
خرجت معهم تحمل المدخن...و بقايا دخان هزيل يتصاعد لاهثاً منه كأيامها بعد رحيل تلك الغالية...
وقفت عند باب المدخل الرئيسي...لتتبعهم بعد ذلك بنظرات...كلما خلت من أطيافهم امتلأت مآقيها بوابل من الدمع...
لتهطل أول دمعة احرقت وجنتيها و فتحت مجراً سخياً للدموع بعدها...
عادت إلى المنزل وحيدة...تشهق أوجاعها...و أحزانها...مع كل نفس تجره...
لتصعد إلى غرفتها...تتوضأ...و تخرج من حمامها لتأخذ تلك السجادة الزرقاء التي طالما شهدت سجدات أمها...و دعواتها...
كبرّت لتصلي...و ترفع يديها لخالقها...تدعو لها بالرحمة و المغفرة...و ترجو لهم الصبر و السلوان...
يغرق وجهها الصافي...بنهر من الدموع الساخنة...يفيض من عينيها الحمراوتين...
هذه لحظة صدقها...حيث تفك قيوداً تكبل مشاعرها...فتهب أحزانها...و تنثر حرمانها...
رحلت شمس كانت تتوسط صدر حياتها...من كانت تهبها الدفء...و الأمان...و الحب...
فكسرتها الأيام من بعدها...و بين الضلوع سكن قلب ينازع هذا الوجع...و البرد...و الخوف...
تلك الحياة التي رسمتها لها...في قصص طالما روتها في ليال احتضنتها فيها...باتت لوحات شاحبة ذابلة الألوان...لا روح فيها...
تفتقد وجودها بكل سعاده تمر بها...
تحتاجها في أحزانها...
تتقاذفها أيادي الخوف...و الأسى...
فتخشى الضياع بعدها...
تبحث بمسامعها عن بقايا صوت لها...ترسم بعينيها صورة ملامحها لترسّخها...و تجمع أشلاء الذكريات في خيالها...
لا تريد أن تنساها...أن تنسى لمحة لها...نبرة صوتها...ذكرى بسيطة عابرة...
تسترجع كل شيء دوماً...و أبداً...
ستظل ذكراها معمرة داخل روحها...لن تسلب منها بمرور الزمن...
♥
♥
كانوا يجلسون كعادتهم كل يوم...تلك الجلسه العصرية...التي تصر عليها والدتها...و لا تسمح لأي أحد ان يتغيب عنها...
فوالدها لا يذهب لعمله...إلا بعد هذه الساعة التي يقضيها معهم...سامي أيضاً لا يخرج مع أصحابه إلا بعد إنقضاء تلك الساعة...
كانت تتابع مسلسل على التلفاز...و هي تجلس بينهم...تستمع لأحاديثهم...و تشاركهم الكلام أحياناً...
تجذبها رائحة شاي النعناع الذي تحب ان تشربه والدتها كل عصر...
التفتت إليها...تنتظر سامي يفرغ من حديثه لتخبرها...أنها تحتاج أن تذهب إلى السوق ينقصها أشياء كثيرة لسنتها الثانوية الأولى...
و تريد أن تقص شعرها ايضاً...هل سوف ترضى على تلك القصة القصيرة التي اختارتها...
مجرد ثواني مرت على تلك الخيالات...التي بدت لها و هي ترددها بينها و بين نفسها...و كأنها أشياء روتينية...ستحدث بدون تفكير أو جهد...
لكنها بلحظة باتت سراب...و أحلام عالقة في ذهنها...لتبقى خيالاً خادعاً لا يصدق...و لا يتحقق...
لحظة بين إنتهاء سامي من حديثه...و إنفراج شفتيها للتحدث...
لحظه أغمضت فيها تلك الحبيبة عيناها...و ارخت رأسها على كتف زوجها الجالس بجنبها...ليجفل...
استمر فاهها مفتوح بكلام لم تنطقه...و لن تنطقه...
و هي ترى محيا والدها...يغيم بالقلق...ليرفع يده الأخرى لوجه والدتها...و يسأل ما بها...
هـــل تمازحهم؟؟
هــــل ناااامت؟؟
هـــــل هي مريضه؟؟
أسئله تتدافع بقسوة...لتضج برأسها...و هي ترقب اللحظة التالية...لتنتهي هذه اللحظة...
و يولي الرعب الذي ينتشر بروحها على مهل...
لكن جسد والدتها...تهاوى من أقل لمسة من يد والدها...
لترقد بسكون في حضنه...و شبح إبتسامة ما زال يسكن شفتيها...
رحـلـــت..!
كـــانت لحظة رحلت فيها...
بدون وداع...
بدون كلام...
من أمام أعينهم...للأبد...
♥▓♥▒♥▓♥
لفحة من هواء العصر الساخن...هبت تلامس وجهها...و خصلات شعرها القصير تلتصق برقبتها...جعلتها تضيق ذرعاً من هذا الحر...و منه...
و تندم على خدمة توصيل كأس العصير له...بعد أن طلبه منها وهو يجلس على حافة المسبح...حين رآها تمر بالصاله التي لا يفصلها عن المسبح سوى باب زجاجي كبيـر يطل عليه...
لكن مشادة في الكلام بينهما...و سخرية يتبادلانها من بعضهما كالعادة...جرتها لهذا الوضع...
كان يمسك بها بياقة بلوزتها...بيد واحدة و بيده الأخرى يرتشف ما تبقى من عصير...و هي تتأرجح فوق المسبح...
قدميها بالكاد تتشبث بحافة المسبح لكن شده لها جعلهما مرخيتين بلا قوه تستند عليها...و يداها تطيران بالهواء...فتتشبث بيده الممسكة بها...بخوف...و رجاء...
لحظة فقط يفلت أصابعه عنها...لتجد نفسها وسط الماء...
سمو بحنق / تميييييم حراااام عليييك فكني
تميم يرخي يديه مهدداً / تبيني افكك
سمو صارخة برعب و تشد بيديها على يده / لاااا..مو تفكني..ارفعني..أوووف تميم يا شينك لا صرت رايق..خلاص تكفففى.._و بعجز_آآآآعشان خاطر إبتسام
ضحك في خاطره عليها...لابد أن حيلتها قد انقضت لتتذكر تلك الحبيبة الغابرة...و تراهن بغلاها في قلبه للآن...
لا تعلم أنه تبعها قصتان...و كلاهما لا قى نفس المصير...
تميم بسخرية / البنت تزوجت و جابت عيال و أنتي تبيني أرااعي خاطرها و.......
قااطعته صرخة ساري / تميـــــم!!
التفت إليه بفزع من ظهوره المفاجيء خلف الباب الزجاجي...ليشد سمو بسرعة و تعتدل في وقفتها لاهثة برعب...
ساري يتقدم قليلاً و في عينيه نظرة لا تلين / أنت صاحي؟ طيرت عقل البنت وهو مو ناقص
سمو تلتصق بجانب تميم الصامت...و كأنها هي مذنبة أيضاً...لتهمس...
سمو بخفوت / كأنه يسبني!
تميم يكتم ضحكته ليرفع صوته لساري / امزح معها
ساري بإستنكار / هذا مزح؟ و صراخها واصل لآخر البيت! على بالك تلعب مع واحد من أخوياك؟؟ شوف وجهها راح منه الدم
تميم يلتفت لسمو الملتصقة به... وللآن متشبثة بيده بقوة...ليسأل ببرائة غير مصدقاً...
تميم / والله خفتي؟؟
سمو ببلاهه / مادري؟؟
هز رأسه مستخفاً بحالهما...
ليثبت نظرات حازمة...غاضبة لتميم...وهو يراه يرتدي شورت...و منشفته تتدلى على كتفيه...
ساري ببرود / متى ناوي تروح تفحص الموقع؟
تميم يلتقط ساعته الملقاة على الطاوله / امم بعد ساعه
ساري / اخترت المقاول؟
تميم / لا..اللحين بأجتمع معهم
ساري / يعني ما خلصت الدراسه الأوليه للمشروع؟ و حنا عندنا إجتماع بكره الساعه تسع؟؟
تميم / لا تخاف أنا تقريباً حاط عيني على المقاول اللي بأسلمه المشروع بس كنت بأقولك إن...
ساري بغيض / يعني شايف هالمكان مناسب نتكلم فيه عن الشغل؟
تميم ببرود و إبتسامه / وش دعوه يا أبوسعود؟ ترانا اخوان في بيت واحد مو ضروري اكلمك في مكتبك و بكامل الزي السعودي؟؟
أكمل حديثه عن أرض المشروع...و تكاليف دراسته الأولية...مجبراً ساري على الإستماع...
و هي تقف بالقرب من تميم الذي نسي وجودها...كما لا يهتم له ساري...
الإثنان يتحدثان عن العمل...و هي تراقبهما بصمت...
كلاهما...و أخاها باسل يعملون في شركة والدها...
لكن لا أحد منهما يجد في عمله بكل دقيقة و ثانيه كما يفعل ساري...
لا تدري لما...لم يكن كذلك قبل عدة سنوات..؟؟
أهو في تحدي مع نفسه؟؟ أم غيره؟؟
أو في محاولة للنسيان؟؟
♥▓♥▒♥▓♥
خرجن من آخر محل بعد أن انهين تسوقهن لشوق من أجل ملكتها...لتكرر شوق كلامها مرة أخرى...
شوق / الله يخليكم لي يا بنات..تعبتكم معي والله ما قصرتم
صبح بموده / وش دعوه يا شوق حنا خواتك..الله يتمم لك على خير
شوق / عقبالكم ياااارب..تسمعين يا سلووم نبي نفرح فيك عاد
سلام / وش فيكم علي؟ قبل كم يوم فجر و أنتي اللحين..ترى صرت اشك إني عنست
شوق تضحك / لا بس احسك ضايعه هدر بدون زواج
صبح تضحك معها / الظاهر أحمد فتح نفسك و تبين الكل يتزوج معك
شوق / أخ بس لو له أخو كبير كان زوجـ....
و قطع حديثها رنين هاتفها الذي تصاعد...
شوق تلتقط هاتفها من حقيبتها / هذا يوسف لحظه يا بنات
أخذت تعبث بالأكياس التي بين يديها بتوتر...لا تعلم لما بات يحرجها ذكره أمامها...
بالأمس حين تحدث عنه والدها...كانت تظن أن الجميع يراقبها...و تخشى أن يرتسم توترها...و خجلها على ملامحها...
تنهدت بضيق...(ليه كل هذا مو فاهمه؟ عشانه شافني؟؟ أو من كلام سمو!)
انتبهت لشوق التي وضعت يدها على ذراعها / يله سلووم
سلام تمشي معهم منقاده / يله
لكن ما إن وصلت للمواقف...حتى ثقلت خطواتها فجأه...لتقف و قلبها يتخبط داخلها...
صبح / بسم الله عليك وش فيك؟
سلام بفزع / وين أبوك؟؟
شوق / يوسف كان فاضي قال أنا اجيبهم عنك
كانت ستصرخ بلااا...
و خطر لها أن ترفض الركوب معهم و تتصل بسائق والدتها...رغم كراهية والدها لذهابها معه...
لكنها لم تجد أي سبباً لذلك...و خشيت من تفسيرهن لهذا التصرف...و أكثر خشيت مما سيفكر به هو...
لتقود خطاويها الثقيلة...المرتجفة...المجبرة...معهن إلى سيارته...
تلتصق عيناها في الأرض...تخشى أن تلمحه...و يخجلها أن يكون يراقبها الآن...
هل يعقل أن يكون يراقبها..؟؟
كم تكره طولها...لابد أن يكون شكلها مضحك بين شوق و صبح المتساويات في الطول...و اللتان تقصرانها بكثير...
تأخرت عنهن قليلاً لتمشي خلفهن...آملة أن تتوارى عن نظره قليلاً...
وقفن بجانب السيارة...لتتبعثر دقات قلبها وهو يترجل منها متوجهاً لمؤخرة السيارة ليأخذ الأكياس من شوق...
التي لا تذكر هل اعطتها الكيس الذي كان معها أو رمتها به قبل أن يقترب منهن...
ركبت السيارة على الفور...و هي تشكر نزوله منها...آملة أن تلتقط أنفاسها المتسارعة...و تلم شتات توترها قبل رجوعه...
صبح تركب معها..و تلتفت لها بقلق / سلومه فيك شي
سلام برد سريع لا يفضح ارتجاف صوتها / لا
و لم تتكلم أكثر حين دخلت شوق السيارة...
أما هو فكان يضع الأكياس على مهل...لكي يأخذن راحتهن في الركوب بدون إحراج لوجوده...
و يتسائل عن السبب الذي جعله يؤخر موعده مع صديقه أحمد...من أجل أن يرجعهن فقط...
هل عادت تحتل قائمة إهتماماته من جديد؟؟
توترت أنفاسها أكثر...ما إن رأته يفتح الباب ليستقل مقعده...
اغمضت عيناها بضيق...كان قريباً جداً كما تخيلته...
لامت نفسها لأنها لم تجلس في المقعد الذي تشغله صبح...و الذي كان خلفه...كانت تعتقد أنها لا تقوى على الجلوس خلفه مباشره...
و لكن ذلك كان ارحم من جلوسها هنا...تحس إنه بإلتفاتة صغيره لشوق...يمكنه أن يراها...
و تسأل نفسها بحنق...
هل هو مهتم فعلاً أن يراها؟؟ أم هي تغرق نفسها بخجلٍ...و توتر لا سبب له..؟؟
و ترتد عليها ذات الأسئله مرارا...
هل مازال يفكر بها؟؟
هل كانت خطبته لها تحمل أكثر من مجرد رغبته في الزواج؟؟
هل كانت هناك مشاعر خاصة لها؟؟
و هل ما زالت تسكن قلبه؟؟
خروجه أغلب الأحيان في نفس وقت خروجهن صباحاً..هل كان مصادفة أم عن سابق ترصد؟؟
هل كانت هي السبب فقط في رغبته في الزواج؟؟
هل يعقل أن يفكر فيها حتى بعد رفضها؟؟
منذ سنتين خطبها...
منذ سنتين لم ينسها...
منذ سنتين مازال يفكر بها...
سلام / سنتين!!
عضت على شفتها بغيض بكل قوة...حتى احست بطعم الدم...و قبضتاها تشتدان بعنف...و هي تغمض عينيها بقوة...راغبة أن تكون في أي مكان بالعالم إلا هنا...
لااااا..لا يعقل أنها نطقت بهذه الكلمه جهراً...
لا يعقل أن تأتيها تلك العادة الغريبة في الكلام بما تفكر به فجأة...الآن بالذات...
دوت كلمتها في صمت السيارة...
و لم تعلق شوق التي كانت تكتم ضحكتها عليها...لكي لا تحرجها أكثر...لأنها تعلم بأي حال هي الآن...
أما صبح التي التفتت مستغربة من صدور صوت سلام...عادت بأنظارها مبتسمة ليداها اللتان سكنتا حجرها...لتكمل تسبيحها...
هو فقط...من لايزال معلقاً بتلك الكلمة...و ذاك الصوت...
سنتين!!
تلك الكلمه كانت تتردد داخله...(وش هالسنتين اللي شاغله تفكيرك يا سلام؟)
هل يأمل أن تكون نفسها..ما يعيش فيها أيامه الماضيه بعد ذاك الرفض؟؟
هل يعقل ذلك؟؟
لقد رفضته..أم أن هناك شيئاً تغير..؟؟
نعم فهي كل يوم تتغير أكثر...لما لا يتغير رأيها أيضاً...
تنهد بحيره...(رجعنا يا يوسف؟ رجعنا!)
حانت منه إلتفاتة لشوق...التي مدت له هاتفها ليحدث والدته لأنه نسي هاتفه في المنزل...ليرى يديها المعقودات بشده في حجرها...
عاد بنظره إلى الطريق سريعاً...وهو يحدث والدته...
ليصلها صوته الهادي...الرزين...فتنساب الدموع التي كان يحبسها القهر...
♥▓♥▒♥▓♥
كان يجلس في الصالة وحده...لا يصاحبه سوى صوت التلفاز العالي الذي لا يعيره أي إهتمام...وهو يقلب بين يديه هاتفه النقال يتصفح بعض المواقع التي تهمه...
احس بأحد يدخل إلى الصاله...ليسمع صوت عمته...
جواهر / مساء الخير
باسل بدون ان يرفع رأسه عما يشغله / مساء النور
جواهر تجلس / وش أخبارك؟ لي يومين ما شفتك
باسل بنصف إبتسامه / بخير
أرادت أن تسأله عن أخباره...تطمأن عليه...
اكثر...تسأله عن سامي...
لكنه بدى مستغرقاً بما يقرأه...و لا يريد أي تطفل عليه...
التفت للتلفاز بصوته المزعج...لتأخذ الريموت الملقى على الطاوله...
جواهر / تشوف شيء أو أغير القناة
هز رأسه بلا مبالاة...لتبدأ هي بتقليب القنوات باحثة عما يسترعي إنتباهها...لكنها تركت إهتمامها به...و هي تستقبل أم ساري بإبتسامة...
أم ساري / السلام عليكم
جواهر / و عليكم السلام
أم ساري / هلا يمه..وش أخبارك؟
باسل يلقي عليها نظره سريعة / بخير
جواهر / وينها سمو؟ مريت غرفتها مالقيتها
أم ساري / راحت عند كادي..و أكيد الليله بتنام عندها..تعرفين اليوم كيف بتكون حالة كادي...الله يرحمك يا أم سامي و يسكنك فسيح جناته
جواهر تتمتم بحزن / الله يرحمها
أم ساري / باسل..وش أخبار سامي اليوم؟
باسل يزفر بضيق / ما شفته
أم ساري / كل يوم مع بعض..إلا اليوم اللي المفروض تكون معه فيه....
تأفف باسل بكدر...فهو لا يطيق هذا اليوم...و لا الحالة التي يصبح بها سامي بعد زيارته للمقبرة...
ألا يكفي التغيير الذي صابه بعد وفاة والدته...و يتزايد دوماً بهذه الزيارات...
يكره كيف أصبح جاداً...ساكناً...ضعيفاً...
طيباً...و تقياً زيادة عن الحد من وجهة نظره...
ابتعد عن إهتماماته السابقة التي كان يشاركه بها...اختلفت أفكاره...و أطباعه...
و يخشى أن لا يبقى ما يربطه به مع مرور الأيام...
باسل بقهر / مو ملاحظين إن أبوسامي بالغ بحزنه زياده عن الحد الطبيعي..كل شهر يجر سامي للمقبره و يعيشه الحزن و القهر من جديد..مو مخليه ينسى و يعيش حياته..حتى بنته للحين مو طبيعيه و لا هي قادره تنسى..المفروض بعد هالسنتين تزوج و نساها و خلاهم ينسون..عشان يعيشون حياة عاديه مثل باقي هالناس..أو ناوي يعيشهم بظل الموت كل عمرهم
جواهر كانت تنظر له بصدمة...و عيناها تمتلأ بالدمع...و أم ساري تراقبها بضيق...
أم ساري بإستنكار / باسل! وش هالكلام؟؟ هاذي عمتك اللي تتكلم عنها..حتى ما ترحمت عليها و مستكثر عليها دعوة عيالها لها..عمتك اللي كانت تحبك مثل ولدها
باسل بضيق / و أنا ما خطيت بحقها..الله يرحمها..بس الحي أبقى من الميت..و هي أكيد ماكان يرضيها حال عيالها اللحين.....
أم ساري تقاطعه لكي لا تسمع المزيد / الله يهديك بس..حلفت عليك تسكت و لاتتكلم بهالموضوع قدام سامي..ماراح تحس باللي يحسه لين تجربه
تعالت نغمته...ليجدها فرصه يخرج من عندهما سريعاً...
رأى اسمها على شاشة هاتفه...شد شفتيه ممتعضاً لا يعلم هل يرد عليها أم لا...لكن لشعوره بالملل...و الضيق...قرر أن يجيبها...
و خرج من الصالة...ليتوجه إلى الباب الزجاجي الواسع المطل على المسبح...ليفتحه و يخرج هناك...
باسل يجيبها / نعـم
ضي / مساء الخير
باسل يتنهد بضيق / اهلين
ضي / وش فيك؟
باسل / ملان و لا لي خلق شي
ضي بإستغراب / غريب رديت علي؟ حاس إنك مزعلني و....
باسل بغضب / ضي اقولك زهقان لا تزهقيني زياده..أنتي لو مو عارفه إنك سخيفه و تزعلين بدون سبب كان ما أخذتي يومين و دقيتي من نفسك
ضي بعتب / وش دعوه لو ما دقيت بتدق
باسل مهدداً / ضي!
ضي / اوكي خلاص..بس قولي انت وين؟
باسل يتأفف / في البيت
ضي بحب / وش فيك زهقان؟ ما عاش الزعل يومه ينكد عليك....
كورت الورقه التي كتبت فيها ما كانت تنوي قوله له...منذ الأمس ترتب أفكارها و تشحن قواها...لتعاتبه...
لتجد طريقة تقنعه بها أنه دوماً المخطيء بحقها...و هي دوماً من تعتذر...
لكنها تعرف حالته التي يمر بها الآن من السأم...و تدرك أنه في أبعد حال عن تقبل حرف منها...
لتقلب حالها...و كلامها بثواني...و تلغي نفسها كما تفعل دوماً من أجله...
لتختلق ألف حكاية و حكاية...الغرض منها تسليته...
أن تتغنج...و تتدلل...و تغرقه مدحاً...و حباً...تعرف أنه سيحسن مزاجه...
بهذه الطريقه كسبته...و تعلم تعلقه بها...و إن لم يعترف...و لن يعترف....
لكنه ما كان ليبقى سنة كامله يحادثها...لو لم يرتاح لها...و يجد لديها ما يريده...
♥▓♥▒♥▓♥
وصلتا إلى المنزل...
و ما إن دخلت سلام مسرعة إلى الصالة...و رأت خالتها و أخواتها...
حنى ترددت للحظة...كانت ستنطلق كما كانت تفكر إلى غرفتها...لكنها لم تستطع تجاهلهم...
سلام / السلام عليكم
/ و عليكم السلام و الرحمه
القت كلمتها على عجل و هي ماتزال ترتدي غطائها...و اتجهت على الفور إلى الدرج لتصعده راكضة...تلاحقها نظرات إستغرابهم...
دخلت بعدها صبح بهدؤ...و هي تنزل غطاء وجهها لتقابلهم مبتسمة...
صبح / السلام عليكم ورحمة الله
/ و عليكم السلام والرحمه
لتكمل والدتها بقلق / وش فيها سلام؟
صبح بتوتر / ليه! وش فيها؟
ضحى / طااارت على فوق بسرعه..زين سلمت علينا و شكلها متحسفه بعد!
صبح لا تعرف بما تجيب / آآ......
أم صبح تضحك / يعني وش بيخليها طايره كذا
ضحى تضحك معها / هههه هذا كله من عصير الفراوله اللي مدمنه عليه..بالله كم كاس شربت؟
صبح لم تجبهم سوى بإبتسامة...فقد اعفوها من أن تبحث بخيالها عن كذبه تغطي بها حالة سلام...
صبح / يله أنا بأبدل..و انزل
♥
♥
دخلت خلفها لغرفتها...لتجدها كما ظنت...تجلس على سريرها و الدمع يبلل خديها...
صبح بإبتسامه / سلوومه ترى ما تسوى كل هالدموع
سلام تنفجر / وشو اللي ما يسوى؟ و أنا كأني مجنونه اتكلم مع نفسي.....(لا و مالقيت غير هالكلمه انطقها؟!)
صبح / موقف و يصير يا قلبي..انسيه
مستعدة أن تنسى...و لكن هل تضمن لها أن ينسى هو تلك الكلمة...و الأهم أن لا يصل إلى ذهنه معناها...
سلام بقهر / والله فشلـه!!
صبح / يله عاد سلوومه تعيشين و تآخذين غيرها..لا تضايقين نفسك
سلام تفش غلها بالتهديد / لا تقولين لضحى..أدري بتعلق علي..و أدري لو بتعيد هالشي قدامي ذبحتها
صبح / و لا يهمك ماراح اقول شي
سلام / و دقي اللحين على شوق قوليلها ما تقول لرهف هالخبله تروح تقول لضحى
صبح / من عيوني
♥▓♥▒♥▓♥
صمتت بعد أن جف ريقها من كثرة الكلام الذي لم يجد أي حماس منها...و تناولت كأس العصير لتشرب منه...و هي تتأملها بضيق...و حزن...
لم تعاتبها على المقلب الذي فعلته اليوم بمعلمة الرياضيات..
لم تضحكها كالعادة مشاحناتها مع تميم...
لم تهتم لتلك الواجبات التي صفتها أمامها...
أياً من كلامها الذي هذرت به لساعات لم يلقى آذان صاغية منها...
سمو / كدو وش رايك نراجع الـ.....
كادي تقاطعها و هي تقف / سمو صاحيه بدري و بأنام أجلي كل شي بعدين
سمو / بس ما كملنا الواجب و...
كادي بعصبيه / أووف سمو قلت لك بأنام..يله روحي لبيتك
سمو تقف / زين بس احلفي إنك تنامين صدق
كادي تتجه لسريرها..و بغضب / شوفيني نمت خلاص روحي
سمو / يله نامي و إذا غطيتي في النوم رحت
كادي بعصبيه تدفع بها دموعها / سموو خلاص ترى زهقتيني وش شايفتني عندك بزر ما أعرف أنام لحالي..سكري النور و اطلعي
سمو / خلاص خلاص بأطلع..تصبحين على خير
كادي لا ترد عليها...لأن عبراتها تسد حلقها...كلمة أخرى و تنفجر باكية...و هذا ما لاتريده...فلا ذنب لسمو لتشاركها هذا الحزن دائماً...
تنهدت بإرتياح حين تناهى لسمعها إقفال الباب...و رفعت الغطاء عن وجهها...و هامت عيناها في الظلام حولها..
لحظه قبل أن ينفتح الباب من جديد...لتطل سمو بإبتسامة...
سمو / كنت بأروح..بس بأقولك لا تزعلين لأنك زعلتيني..لأني ما زعلت
تظاهرت أنها سوف تخرج...حتى سمعت صوتها...
كادي بهمس باكي / سـمـ ـ ـووو
ما إن سمعت ندائها الذي كانت متأكدة منه...حتى ركضت إليها لتضمها بين يديها...
تحتضن همها...و تحمل معها أحزان...و حنين يثقل قلبها...
ليلة طويلة...من أنين موجع...و دموع ثقيلة بصمتها...
حتى يكون ختامها...ركعتان يصليانها معاً على ذات السجادة...لتتلو عليها سمو بعد ذلك بعضاً من الآيات العطرة...حتى تغفو...لتغفو هي أيضا بجانبها...
♥▓♥▒♥▓♥
كان يجلس بين والدته...و شقيقتاه...و شوق تنثر تسوقها أمامهم بفرح...و خجل...
و يسمعها تدخل من بين أحاديثهن...كالعاده...
هذا ذوق سلام...
سلام قالت هذا...
سلام فعلت ذاك...
اسمها...أو اسم أياً من أخواتها لا يمكن أن يغفل في هذا البيت ولو ليوم واحد...
و قربه من شقيقتيه...جعله قريباً من أحاديثهن...و منها...
لهذا أحبها...
لهذا لم يستطع نسيانها...
لهذا كانت تكبر يوماً عن يوم في فكره...و قلبه...
شوق تريهم طقم الذهب الأبيض المرصع بقطع من الألماس / و هذا هدية من البنات
رهف بإنبهار / واااو روووعه..فخم فخم
شوق / والله انحرجت منهم ما بغيت آخذه..بس خفت يزعلون لو ما قبلته
أم يوسف / كثر الله خيرهن ما قصرن..لو إن الواحد يستحي ياخذ هديه يعرف إنه مو راد لهم مثلها
رهف بلا مبالاة / تلقينها سلام اللي شاريته..يعني عندها عادي هالشي
شرد بأفكاره...وهو يقلب بين يديه تلك القلادة الثقيلة التي مدتها له شوق من ذاك الطقم ليراها...
كيف يفكر بها؟؟
إنسانة حين تهدي شخصاً كهذه الهدية..مالمفترض أن تهدى هي حين تتم خطبتها؟؟
دائما يراها..ابنة لجابر..المعلم فقط...و يتناسى وجود تلك الوالده الفاحشة الثراء...
♥▓♥▒♥▓♥
غـــد آخـــر..و مـكــان آخــر..~
أوقف سيارته قريباً من البوابة...و نزل منها بإستعجال...
مشى بخطوات سريعة على الدرجات الرخامية...يتنهد بضيق...من حرارة الجو...و هذه الرطوبة الخانقة...سعيد أنه قريباً سوف يتخلص على الأقل من الرطوبة...
خمس سنوات عاشها هنا...في جده...لم تتركه يعتاد عليها...
دخل إلى الصالة الواسعة...و عيناه تبحث عن أثرٍ لها...
و بفكـره خاطر يجول...كيف ستكون بعد الخلاف الحاد الذي دار بينهم بالأمس...
هذا الصباح صحى متأخراً...و ذهب سريعاً لإجتماع في عمله...و هي مازالت تقفل على نفسها في حجرتها التي اعتكفت بها منذ خلافهما...
صعد إلى الغرفه...لابد أنها هناك...و تنهد بإرتياح وهو يرى الباب مفتوح...ليدخل...
لكنها لم تكن هناك...
كان سيخرج سريعاً ليبحث عنها...لكنه بلحظه استدرك ما أصابه بصدمة...
الغرفة لم تكن خاوية منها فقط...بل من كل شيء يخصها..؟؟
دارت عينيه في المكان بغضب..!!
صورتهما التي كانت بجانب السرير اختفت...و منضدة الزينة...خلت من جميع حاجياتها...و عطورها...
تقدم قليلاً وهو مازال ينظر حوله بصدمة تتحول لغضب...فرأ الورقة التي تركتها على السرير...
ليلتقطها ويسرع بفتحها...
و رأى خطها المستعجل على السطور القليلة التي كتبتها له...
[مالك أنا قلت لك لو رجعنا للرياض ماراح ارجع معك..خالي كان في جده و رجعت للرياض معه بأجلس عند أهلي و أبيك تطلقني]
رمى الورقة بغضب شديد...بعدما اعتصرها بقوة بقبضته...و كأنه يخنق شخصاً ما...
لكن ليست زوجته التي هربت بعيداً...هي من تستحق الخنق...
لأنه ولو لم يعترف يوماً...و لن يعترف...لكنها لا ذنب لها...
أو ذنبها الوحيد...أنها لم تصدق إدعائاته...رفضت العيش في الحياة الكاذبة التي نسجها لها...و له...
رفضت مشاعره التي مثلها حتى صدقها...لكن هي لم تصدقها...و ها هي ترمي تلك الكذبة في وجهه...
تلك من تستحق الخنق بين يديه...حتى يرتاح حينما يراها تلفظ أنفاسها الأخيرة...
كان يظن أنه طهـر قلبه من حبها...
سيطر على مشاعره...بعيداً عن إعصاراتها...
انتهى من مواسم الجنون التي مرت عليه معها...
لكنها مازالت هناك...بذاك الجزء منه...الذي يقع في صدره...
اغتصبت ذاك القلب عنوة...و استوطنته...حتى بات يرفض إستقبال سواها...
خرج من الغرفة غاضباً...أنفاسه ثائرة...و ذكرياته الكريهة عنها...تتصارع بداخله...
كم يكره تلك المشاعر التي غرستها بأعماقه...
يكره كيف افقدته عقلانيته...و بددت رزانته...و ألغت أي شيء يهـم...سواها...
خرج من بيته الذي بالكاد دخله...و ارتمى بداخل سيارته...بدون أن يدير محركها...
يجب عليه أولاً...أن يعرف كيف سيدير حياته من اليوم...
كيف سيعيد زوجته...كيف سيتعلم حبها...ولو لم يتعلم لا يهم...
بل الأهم أن تصدق هي أنه يحبها...
كيف سيري تلك الـ....
أن عودته...لا تعني مطلقاً رجوعه تحت سيطرتها...أو حتى تقبله لمشاعرها...
لن يكون لها أدنى حيز بتفكيره...فكيف بقلبه...
إن كانت ذاقت هجرانه مسبقاً...فستتجرع الآن هجران أقسى...
بعد كل ما فعلت...بعد تدميرها لحياته...سوف تدفع ثمن هذا الفشل الذي يعيشه...
سيرفضها...و يعلم كم سيؤلمها هذا...
سيظهر رأيه الحقيقي بها...و لا يهمه هذا المره...كيف ستجن من ذلك...
لا يهمه حتى لو قتلت نفسها من أجلـه...
ستعرف أنها لن...و لم تمتلك منه شيئاً مطلقاً...
لا في الماضي...و لا في حاضرها القادم...
و تلك الملكية التي ادعتها...كانت محض إفتــراء...
رتب أولوياته بشكل آلي...و أهمها الآن...إسترضاء زوجته...
و سارع الإتصال بها...على أمل أن تكون للآن في بيت خالها...و لم تغادر إلى الرياض...
يريد أن يرجع معها...ليبين لتلك...أنها لا تعني له شيئاً...و انه يعيش مع زوجته سعيداً...
تهادت لمسامعه...رنات كثيرة...و لكـن بلا مجيب!!!
♥▓♥▒♥▓♥
وصلت للطابق العلوي لا هثة بعد ركضها على الدرج...و بخطوات متعجلة تجاهلت غرفتها...لتذهب إلى غرفة شقيقتها...
و بدون أن تطرق الباب فتحته بحماس...و أطلت عليها...
كانت تجلس على سريرها...تسند ظهرها على وسائدها الوثيرة...و تمدد ساقيها اللتان تضع عليهما (اللابتوب) و تسستغرق في قراءة شيء ما...
جود / أووف يا لحر!! والله ربي منعم عليك بهالراحه و البراد
رفعت رأسها مجفلة...لأختها التي اكتسحت غرفتها...و إنسجامها...
كانت ما تزال ترتدي زي مدرستها الثانوية...و حقيبتها بيدها قبل أن ترميها على الأرض...و تتقدم لسريرها و تجلس جانبها...
جود بحماس / دريتي؟؟
دانه ببرود يناقض حماسها / عن؟
جود / هو فيه أهم من رجعتنا للرياض؟؟
تتنهد بضيق...غيّم على ملامحها الجميلة...و ذكريات حزينة...و سعيدة...تترادف لها مع كلمة الرياض...
دانه بشرود / يعني تبين نرجع؟
جود / و أنتي عاجبتك عيشتنا هنا..بعيد عن أهلنا..و إنقطاعنا عنهم؟؟
دانه و نظرات للبعيد / يمكن كذا احسن
جود / لا مو أحسن..ما أحد يرتاح بعيد عن أهله
دانه / لنا خمس سنين هنا..صعب تتركين المكان اللي تعودتي عليه..و الناس اللي تعرفتي عليهم
جود / صح بأفقد صديقاتي هنا..و جاراتنا..لكن بعد فرحتي برجوعنا للرياض أكبر..يكفي ادرس هالسنه مع كادي و....
بترت جملتها...و هي تتذكر ما تلمح له دانه منذ وقت...لكن فرحة الرجوع انستها...
دانه تلتفت لها بضيق يتعاظم / أنتي على بالك بترجع حياتك مثل أول..وش خلانا ننتقل هنا غير المشاكل اللي صارت..البعد كان اريح..بترجعين؟؟
تبين نفس المدرسه اللي هم فيها؟؟ كادي بتتقبلك لأنك ما نقطعتي عنها و كنا نشوفها في الاجازات هي و سامي..لكن سمو؟
صمتت و الألم الذي سكن تلك السنوات بمفعول البعد..عاد ليلتهب بقرب الرجوع...
جود بحزن طمس معالم فرحتها / يعني تتوقعين بيرجع نفس الحال؟ منقطعين عنهم؟ العزيمه اللي يحضرونها ما نحضرها حنا..لا نكلمهم و لا يكلمونا؟
تشرد دانه من كل هذا الضيق...بسؤال تتمنى عدم إجابته...مع أنه اتضح الجواب منذ أيام...لكنها تأمل بحدوث شيء يغير هذا المصير...
دانه / خلاص أكيد بنرجع؟
جود ببرود / ايه..أبوي و اخواني تحت يتكلمون عن الأوراق اللي لازم يخلصونها هنا قبل نرجع....و خالد بيرجع قبلنا عشان يجهز كل شي قبل ننتقل
♥▓♥▒♥▓♥
في السيارة حيث ابتدأت رحلة طريقها في إبتعادها عنه...و الذي لا تعرف أين سوف ينتهي بها...
كانت الدموع الساخنة تتدفق من عينيها بصمت...و هي تميل رأسها للنافذة مدعية النوم...
يصل لها صوت خالها يتكلم مع زوجته بخفوت...و لكنها لا تعي ما يقول...
فكل فكـر يسري في عقلها...كان تحت تأثير تلك الذكرى الأليمة...التي تتقاذف صورها أمام عينها بوضوح...و كأنها رأتها بالأمس...
لكن مهما طال بها الزمن...كيف ستنسى تلك الفتاة الوقحة التي شاركتها ليلة...كان من المفترض أن تكون ليلة عمرها الخاصة بها..؟؟
كيف لطخت حلمها الأبيض الجميل بذاك الظهور الصعب...القاسي..؟؟
لتقف بكل جرأه بينها و بينه رافضةً هذا الزواج...و كأنه يحق لها..!!
و الآن تسأل نفسها...هل حقاً كان بينهما...ما يكسبها حق الإعتراض..؟؟
أغمضت عينيها بقوة...و الدمع ينساب منها ساخناً...موجعاً...
و تلك الغرفه المزينه بالورود...ترتسم أمامها...
♥
♥
كانت تنتظره بفرح...بشوق...و خجل...بأحلام نسجتها ليالي طوال لتحققها في هذا اليوم...
تراقصت دقات قلبها طرباً...و هي ترى الباب يفتح ليطل عليها...بهيبته...بكامل أناقته...و حضوره الطاغي...
لتطرق نظراتها خجلاً...ما إن رأته يخطو للداخل خطوة...
كانت اللحظة ساحرة...ملهمة...و الإحساس الذي يملأها لا يوصف...و كأنها تطير لتلامس الغيوم...
لكنها مجرد ثواني فقط مرت...قبل أن تنعم بإحساسها...
ما إن اجتاحهم ذاك الإعصار الأسود...
ذُهلت...و استفاقت من حلمها...على صرخة تلك الفتاة بإسم مالك...زوجها...
تنطقه أمامها قبل أن يتسنى لها هي ان تنطقه أمامه...
شخُص بصرها بذاك المشهد الذي يحاك أمامها...و هي غير قادره على أي حركه...أو كلمه...
لا شيء سوى نـار تضطرم بقلبها...و قهر يخدر أطرافها...
تشبثت تلك الفتاة بيده بلا حياء...و كأنها اعتادت على ذلك عدة مرات...
تمتليء نظراتها بالغضب...و الرجاء...و الوجع...و التهديد...
ذهلت هي من المشاعر التي تتعاقب بوجه تلك مع كل كلمة...
و هي تأمره أن يرجع معها...
تهدده بفضح ما بينهم...
بقتل نفسها...
ترجوه أن لا يتركها...
كانت ثورتها عنيفة...بلغت حـداً...ظنت هي أنها ستحترق بهذه اللحظة...
لم تنوي أن تهدأ لحظة...أن تسمع ما يحاول أن يقوله...
أن تهتم لمن قد يسمعها و تتسبب بفضيحة لها...و لهم...
أن تلتفت للحظة و تحس بتلك العروس التي تطالبه بتركها...
ثوره ظنت أن لا نهاية لها...بل تتفاقم كل لحظة...
حتى هوت يده بعنف على خدها...
لتخرسهـا بلحظـة..! لتهمـد..! و يموت صوتها..!
فيتحول كل الغضب الأسود لوجهه هو...حتى ارتجفت أوصالها هي من حدة الغضب الذي كاد أن يطلق الشرر من عينيه...
و صارت هي نفسها تخشى على تلك الواقفه منه..!!
لكن تلك رفعت عينين كسيرتين لوجهه...بنظراتها أوجاع تحتضر...و ملامحها ذبلت...و انطفأت...
متجاهله كل السحب السوداء التي تظلله...ترتعد شفتيها غير قادره على النطق بما كانت تريد أن تبوح بـه...
كانت هي ترقب ردة فعل تلك...محبوسة الأنفاس...
لكنها سحبت نفسها بهدؤ...كان لوقعه صخباً أكثر من دخولها العـاصف...
لتتحول بلحظة النيران المتأججه بمالك لرماد باهت...
انطفى و كأنه لم يشتعل للتو غضباً كاد يحرق من حوله...
حتى ظنت أن ما حدث للتو...للحظات...هو من جنون خيالها...
خبت أحاسيسهم التي شحنت الجو حولها...ليعود قلبها لخفقانه الطبيعي...و بدأت تستوعب معنى ما حدث...
و كأنهم الآن تركوا لها المساحة خالية لتكتب هي إحساسها...
حرقه تتعاظم بصدرها...و دموع هطلت من عينيها...و هي تتخيل القصه التي جمعتهما...
و إن كان حدة الحب بينهما تماثل حدة الغضب الذي اشعلهما للتو...
هل تنوح؟؟
أم تغضب و تصرخ هي الأخرى؟؟
أم تترك بهدؤ هذه الحياة قبل أن تبدأها؟؟
لكنها أفاقت من وجع تلك اللحظة...
على سحر كلماته...و مواساته...و إعتذاراته...
ليكن كالبلسم يطفيء كل غضبها...و حزنها...و شكها...
كان صادقاً...رقيقاً...مهتماً...فهدأت...و اعادت كل الموقف الذي رأته...و لكن!! بترجمتـه هـو...
و نست كل شيء عن تلك العاشقة الصغيرة...التي توهمت حبه لها...كما قال...
♥
♥
تنهدت بأسى...و هي تعود لواقعها...و تفتح عينيها لتلك الصحراء الممتدة أمام نظرها...يعاكسها الضيق الذي يسكن داخلها...
لا يعقل أن يكون هذا حب من طرف واحد كما ادعى منذ سنوات...لقد أحبها هو أيضاً...
لكن هل مـازال..؟؟
هل أخطأت حين استجابت بغباء و سهوله لكلماته...و تبريراته...و وعوده..؟؟
هل كان يجب أن تعرف أن فياضانات تلك الأحاسيس التي تفجرت أمامها...ما كانت لتنضب أو تجف..؟؟
هل كان يجب أن ترضى بإبن عمها العاشق لها..و تختاره على من عشقته هي؟؟
♥▓♥▒♥▓♥
ⓛ
ⓞ
ⓥ
ⓔ
توقف النبـض مؤقتاً××♥
ღ بإنتظـار ღ إنعـاشكـم ღ
|