المنتدى :
المنتدى العام
قولوا " الحمد لله " !
قولوا " الحمد لله " !
لــأحلام مستغانمي
لأن البؤس في ازدياد ، أكبر سوق سيعرفها العالم مستقبلاً ، ستكون سوق السعادة .
في أميركا وحدها صدر في آخر موسمٍ للنشر 400 كتاب ، كي تدلّك على خريطة الطريق الموصلة إلى باب سعادتك ، وقد يأتي يوم يتولّى فيه ال g p s ذلك ، فيرشد التائهين في أزقة الحياة خلف مِقوَد القدَر ، إلى عنوان سعادتهم المنشودة . يكفي أن يتبعوا إرشادات الشاشة !
في انتظار ذلك ، تمّ ترجمة تلك الكتب قبل صدورها إلى لغات «بؤساء» العالم.. أي اللّغات الأوروبيّة . فمُحبطيّ ومكتئبيّ الحضارة يُعَدّون بالملايين ، والغنيمة أكبر من ألاَّ يتنبَّه لها بائعو الصفقات الوهميّة ، في سوق السعادة .
إنّها مأساة الدول الغنيّة ، التي وضعت تحت تصرُّف مواطنيها كلّ ما يمكن استهلاكه ، ومنحتهم القوانين التي تحميهم ، لكنها ما وجدت قانوناً يُجنّبهم التعاسة ، أو يقيهم من كآبة الوحدة . فليس للسعادة قانون ولا منطق ولا ثمن . إنّها تَهب نفسها لمَن يعيشها كلّ لحظة كنعمة مهدّدة بالزوال .
لا أحتاج إلى قراءة تلك الكتب ، لأعرف كيف أكون سعيدة ، لقناعتي بأنني أحتاج أحياناً إلى ألمي لأبقى إنسانة وكاتبة . فالسعداء أُناس لا يحدث لهم شيء يستحقُّ الذِّكر ، أو يستحق الكتابة .
تعلّمت في صباي درساً في السعادة ، أغناني عن كلِّ ما كُتب عنها. فقد سمعت أبي ، في محاولة فاشلة لإقناع أمي بمزايا القناعة ، يشرح لها أنه إن كان في يد المرء رغيفا ونظر إلى مَن ليس في يده شيء ، سَعِد بنعمة الله ، أمّا إذا غَدَا هاجسه النظر إلى مَن يضع على طاولته سلّة «كرواسان» لفطور الصباح ، فسيشقى بالنظر إلى فوق ، ولن يستطيب ما في يده .
كان كلاهما على حق . هو كان يتكلّم بحُكم ثقافته اليسارية ، وماضيه النضالي ، وأمي بمنطق الزوجة المسكونة بهاجس الغد . في الواقع ، ما كانت تقارن وضع أبي بمن كانوا «فوق» ، ولا بالذين كانوا «تحت» ، بل بهؤلاء الذين كانوا في الطابق نفسه من سادة الحُكم ، وشرعوا منذ الاستقلال بابتلاع البلاد ، أثناء تكليفه لفصاحته ، بكتابة الخُطَب الثوريّة نيابة عنهم !
بعد ذلك ، أدركتُ مع العمر ، أنّ السعادة تضيع منّا أثناء لهاثنا بين الطوابق .
حدهم قال « الصعوبة ليست في السعادة ، ولكن في تفادي التعاسة التي يُسبِّبها السعي إليها ». فالذي يأكل «الكرواسان» عينه على الذي يأكل في الطابق العلويّ قطعة «جاتو» ، والذي يأكل «الجاتو» يحسد من يملك مخبزاً لصنع الحلويات ، وهذا الأخير لن يسعد بمخبز ، مادام لم يفتح له فروعاً في أكثر من حيّ .. ثمّ في أكثر من مدينة .
فكأننا كلّما بلغنا طابقاً ، راحت السعادة كما في لعبة الأطفال ، تسخر منا وتسبقنا إلى الطابق الأعلى . بينما كان يكفي أحيانا أن ننظر إلى مَن هم «تحتنا» لنسعد . الدليل هذه الإحصائية التي قمتُ بترجمتها لكم ، كما ورَدت بالفرنسيّة في صيغتها الطريفة .
٭ إن استيقظتَ هذا الصباح وأنت مُعافَى ، إذن أنت أسعد من مليون شخص سيموتون في الأيام المقبلة .
٭ إن لم تُعانِ أبداً من الحرب والجوع والعزلة ، إذن أنت أسعد بكثير من 500 مليون شخص في العالم .
٭ إن كان في استطاعتك ممارسة شعائرك الدينية في معبدك ، من دون أن تكون مُرغَمَاً على ذلك . ومن دون أن يتمّ إيقافك، أو قتلك ، فأنت أسعد بكثير من ثلاثة مليارات شخص في العالم .
٭ إن كان في برّادك أكل ، وعلى جسدك ثوب ، وفوق رأسك سقف ، فأنت إذن أغنى من %75 من سكان الأرض .
٭ إن كنتَ تملك حساباً في البنك ، أو قليلاً من المال في البيت ، إذن أنت واحد من الثمانية في المئة الميسورين في هذا العالم .
٭ أمّا وقد تمكّنت من قراءة هذه الإحصائيّة ، فأنت محظوظ ، لأنك لست في عِداد الملياري إنسان ، الذين لا يُتقنون القراءة !
اللّهم الحمد لك .
التعديل الأخير تم بواسطة بسمه شوق ; 03-04-14 الساعة 12:33 PM
سبب آخر: تغير لون خط العنوان + أضافه ايقون التميز
|