كاتب الموضوع :
خوآآطر إنسآآنة
المنتدى :
روايات أونلاين و مقالات الكتاب
رد: حدث غدًا - 1 - د/ أحمد توفيق
حدث غدا - 3
بتاريخ - 24 يونيو 2013
ـ14ـ تكررت فى برنامج باسم يوسف أغنية نظمت بالعربية على لحن أغنية غربية؛ هى (هل تسمع صوت الرجال؟) من مسرحية (البؤساء) قصة فكتور هوجو الشهيرة. أشعر أن هذا فأل سيئ؛ لأن الرواية تتحدث عن ثورة يونيو – هل ترى الصدفة؟ – التى نشبت فى باريس عام 1832، عندما شعر البؤساء بأن الثورة لم تحقق شيئًا وأن كل شيء عاد كما كان قبل الثورة أو ألعن.. عادت الفلول.. أقصد أمراء البوربون الذين كانوا فى المنفى ليعيدوا الملكية ثانية، وهكذا قرر بعض الشباب المتحمسين أن يثوروا ضد لوى فيليب.. لابد أن تشعر بقشعريرة عندما تسمع الأغنية الغاضبة تدوى خفيضة ثم تتعالي: «هل تسمع صوت الناس يغنون؟.. يغنون أغنية الرجال الغاضبين. هى أغنية القوم الذين لن يصيروا عبيدًا مرة أخرى». وقعت هذه الثورة فى 5 يونيو وقد سبقتها منذ عامين ثورة فاشلة اسمها (ثورة يوليو). سُحقت ثورة يونيو بدورها سريعًا، وقُتل هؤلاء الشباب الأنقياء المتحمسون جميعًا. أتشاءم كثيرًا كلما تذكرت هذه المشاهد وخاصة عندما ربطها باسم بأحداث يوم 30 القادم. أدعو الله ان أكون مخطئًا
ـ15ـ كان مرسى هو الرئيس الوحيد فى التاريخ الذى مارس عمله بلا شرطة ولا قضاء ولا إعلام.. ولو رحل فلأن المؤامرة ضده قد نجحت بكفاءة، وهى مؤامرة شارك فيها الجميع بما يشبه السعار المتوحش.. دعك من أن الإعلام نجح فى شيطنة الإخوان فعلاً حتى أتوقع أن بعض الأطفال صاروا يبكون لدى سماع كلمة (إخوان). مرسى طبيب حاول أن يجرى جراحة بلا مشرط ولا جفت ولا تخدير بينما الممرضات ينهلن عليه ضربًا. لا أعفيه من الخطأ طبعًا.. كان عليه أن يهزم هذه القوى أو يعلن للشعب أسباب فشله ويرحل. هو مسئول فى النهاية عن انقطاع الكهرباء والسولار ومياه النيل والأمن.. عندما قلت للممتحن أن التيار الكهربى انقطع فى دارنا وأن جارنا مات أمس، قال لي: لا تعنينى هذه الأعذار.. فى النهاية أنا أمتحنك انت
ـ16ـ المشكلة هى أن الأمور بدأت تنفلت، وبروفة 30 يونيو المصغرة قد حدثت عدة مرات فى طنطا محافظتى. كانت هناك احتكاكات عديدة.. وكان هناك التحام لدى محاولة منع المحافظ الجديد من دخول المحافظة. ثم تكررت حوادث الهجوم على محل أو مطعم صاحبه ملتح، أو حرق مقار الحرية والعدالة. فى كل مرة يؤكد المهاجمون أن الإخوان استفزوهم أو أن صاحب المحل شتمهم، ويؤكد هو أنهم مجموعة بلطجية هاجموه لمجرد أنه ملتح. تقريبًا نفس ما حدث ضد الملتحين ذوى الملامح العربية فى أمريكا عقب أحداث سبتمبر!. وقد انتشرت مقولة: «الإخوان لايطيلون لحيتهم فلا تهاجموا الملتحين!». وهى طريقة عجيبة جدًا معناها هاجموا الإخوان فقط يا شباب!. ليس سرًا أن معظم أصحاب المحلات الملتحين أو الذين عرف أنهم إخوان أو يميلون للإخوان قد تسلحوا بالسنج والمسدسات انتظارًا للأسوأ. نحن على حافة مذبحة لا يعلم مداها إلا الله، فلا تقل إن الشرطة ستقدر على التحكم فيما سيحدث. قال لى ذلك الشاب الهادئ المتعلم إنه شارك فى المظاهرات ضد الإخوان يوم حرق مقر الحرية والعدالة بطنطا، بل إنه هو من أرشد المهاجمين – وهم مجموعة جاءت من المحلة الكبرى – إلى مقر الإخوان فى شارع الجلاء لأنهم لا يعرفون مكانه!. قال إن السبب هو أن صاحب مطعم شهير سبّ فتاة من حركة (تمرد).. عرفت أن هذا هو السيناريو المنتظر. لن نعرف الصواب أبدًا ومن بدأ ماذا. لاحظ أنه شاب متعلم وليس بلطجيًا أجيرًا
ـ17ـ لكن يمكنك بسهولة أن ترى محدثى الهياج الأكثر عددًا، وهم أولاد دون الثامنة عشرة يحملون السنج والعصى، وبعضهم عارى الجذع، يحملون المولوتوف ويطلقون السباب ويهشمون أى سيارة تمشى أمامهم. لا علاقة لهم بالسياسة ولا أى شيء، ولا يعرفون مع من هم. هم فقط وجدوا فرصة سانحة ممتازة لحرق أو تحطيم أى شيء.. والسؤال هنا: هل يستطيع أى طرف السيطرة عليهم؟ هل يستطيع منعهم من التسلل والتخريب؟. هؤلاء لا يقرءون المقالات ولا يسمعون المناقشات الحكيمة على شاشة الفضائيات
ـ18- كل الأطراف تنثر البنزين على النار وتزغرد. ذلك الموقع القذر على النت ينشر خبرًا عن مارينز أمريكان جاءوا ليحموا نظام الإخوان. تقرأ الخبر بدقة فتجد أن بعض قوات حفظ السلام الأمريكية عددها 400 جندى جاءوا ليقفوا عند الحدود حسب الاتفاقيات.. لم يأتوا ليحموا الإخوان ولا حاجة كما يحاول محرر المقال العربيد أن يقنعنا. جريدة تكتب أن أثيوبيا قالت ساخرة أن مرسى فاشل ويدارى فشله بسد النهضة.. لا تجد أى مصدر أصلي لهذا الخبر. لكن كاتب الخبر يشعر بشماتة وفرحة ونشوة شبه جنسية كأنه يتكلم عن رئيس بوليفيا. وتكاد تسمعه يقول وهو يفرك كفيه: «هيء هيء.. بيسخروا منا.. هيء هيء. المركب بتغرق!». هذه المواقع والصحف لا تمل لعبة الكذب وفى كل مرة ينكشف أمرها فتستمر. مثل ال***** التى لا تبالى لو اتهمها أحد بأنها تبيع جسدها.. يا سلام!.. وإيه المشكلة يعني؟
ـ19- كما أن نغمة (30 يونيو نهاية كل شيء) مستفزة فعلاً. حسب ما ينوون فسوف يعلق مرسى مشنوقًا جوار بديع والشاطر فى ميدان التحرير، ثم يتم اقتحام كل مكان فيه ملتحون لجرهم للسجن، بعدها يتم تقسيم الوزارات.. هذا هو ما يفكرون فيه وما تدور حوله التعليقات على النت، وهذه النوايا تجعل الأمور أكثر صعوبة وتعقيدًا. سوف يغيب العقل ولن يصغى رجل الشارع إلا للأكثر جنونًا وتطرفًا. يجب أن يكون هدف تحرك 30 يونيو بوضوح هو الضغط على الحكومة من أجل انتخابات مبكرة.. هذا ليس عيبًا ولا خطأ. يجب أن يكون هذا هو الهدف ويجب أن تقبله الحكومة
ـ20ـ نغمة استغلال الشباب واضحة جدًا.. يقول أحد قادة الإنقاذ أنهم سيكونون تحت قيادة الذين فجروا هذا الحدث وهم شباب حملة (تمرد) وشبابها، مؤكدًا أن الجميع يتوحدون فى ميدان التحرير ويقدمون التضحيات حتى يحصلوا على الثمن الذى يستحقونه. بمعنى أنه بعد هذا سوف يعينون أحمد دومة رئيسًا للوزراء بينما يعود عمرو موسى وحمدين صباحى والبدوى والبرادعى لبيوتهم! الفكرة أنه من الصعب بعد كل هذا الاستعداد النفسى لدى المعارضة أن يعود الشباب لبيوتهم أحياء.. لقد تم تقسيم الكعكة فعلاً قبل أن تخبز
ـ21ـ تطاردنى الكوابيس كلما فكرت فى الأيام القادمة. هذه أول حرب أهلية فى التاريخ يتم تحديد موعدها قبله بشهرين.. أفكر فى الاضطراب الأمنى والتوتر والشوارع الخالية المظلمة والمتاجر التى لا توجد فيها سلع، والإطارات المشتعلة واللجان الشعبية التى تسد الطريق أمامك ولا تعرف إن كانت من الثوار أم البلطجية. أفكر فى الوضع المرتبك الذى سنعيشه لأيام وربما لأشهر وربما لسنين. فى ثورة يناير اتفق الجميع ضد مبارك.. فى هذه المرة لا مفر من أن ينقسم الوطن إلى نصفين، وهذا يغرى بوضع مزمن يطول ودم غزير يسيل.. من ضمن الكوابيس التى تزورنى كابوس مقيت، أرى فيه (مبارك) وقد خرج من السجن وهم يتوسلون له كى يعيد البلد كما كانت. يمط شفته السفلى فى قرف، ويطلب النظارة ويتفحص البلد.. يطلب سيجارة وفنجان قهوة.. ثم يقول مشمئزًا: «إيه اللى نيلتوه ده.. يخرب عقلكم.. بتلعبوا فى اللى ما تفهموش فيه ليه؟». ثم يدق على هذا الجزء ويفك صمامًا وصامولة ما.. ثم يعيد التفحص. ثم يهز رأسه فى يأس: «هاتوا لى العادلى... استنى.. هات كمان صفوت وأحمد عز حالاً!»ـ
لا أعرف بعدها ما سيحدث لأننى أفيق عند هذا الجزء غارقًا فى العرق
ـ22ـ الانتخابات المبكرة والصندوق من جديد، وضبط النفس والالتزام الصارم بالسلمية، والسيطرة على كل تفاصيل ذلك اليوم. لا يوجد حل آخر ينقذنا مما نحن ذاهبون إليه
|