لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > روايات أونلاين و مقالات الكتاب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات أونلاين و مقالات الكتاب روايات أونلاين و مقالات الكتاب


د. نبيل فاروق يكتب.. الهدف أنت (8)

د. نبيل فاروق يكتب.. الهدف أنت (1) اندفعت سيارات الشرطة نحو المبنى الكبير من كل الاتجاهات

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-03-13, 11:14 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
Five د. نبيل فاروق يكتب.. الهدف أنت (8)

 
دعوه لزيارة موضوعي

د. نبيل فاروق يكتب.. الهدف أنت (1)






اندفعت سيارات الشرطة نحو المبنى الكبير من كل الاتجاهات


ارتفعت أبواق سيارات الشرطة، وهي تندفع من كل الاتجاهات، نحو ذلك المبنى الكبير، الذي يتوسط ساحة واسعة، في قلب القاهرة، حيث اشتعلت النيران في طابقه العلوي، الخامس والستين، إثر إنفجار قوي، رجَّ ذلك الجزء من العاصمة المصرية، قبل هذا بعشر دقائق فحسب..

وما أن توقفت سيارات الشرطة، حول ذلك المبنى، لتنضم إلى سيارات الإطفاء، التي يحاول رجالها إيجاد وسيلة مناسبة لبلوغ ذلك الطابق المرتفع، حتى خرج من إحداها المفتش رياض، الذي بدا غاضبا، وهو يقول لمساعده الرائد علي:
- لقد فعلها مرة ثانية.

تطلَّع علي إلى سماء المنطقة، بحثا عن طائرات الهليوكوبتر، التابعة لإدارة الإطفاء، وهو يقول في توتر:
- لست أدري كيف يسبقنا بخطوة في كل مرة! إنه يتحدانا على نحو سافر.
بدا رياض عصبيا، وهو يقول:
- إنه أكثر مكرا وخبثا من كل توقعاتنا.. لقد وضع أمامنا كل الأدلة التي تشير إلى أن ضربته التالية ستكون في مبنى البث التليفزيوني، وبعد أن قمنا بكل احتياطاتنا هناك، ضرب ضربته هنا.

غمغم علي بنفس توتره:
- ولكن لماذا؟! هذا المبنى يحوي مجموعة مكاتب لشركات خاصة، و...
قاطعه رياض، في حزم عصبي:
- غير صحيح.

التفت إليه علي في دهشة، فتابع بنفس الحزم العصبي:
- ذلك الطابق الذي فجَّره، يحوي مكاتب تابعة للأمن الجنائي العام.
هتف علي بكل دهشته:
- ولكن..
قاطعه رياض مرة أخرى، في عصبية أكثر:
- ليس من المفترض أن يعرف أحد هذا... حتى رجال الأمن العاديون.. ولست أدري في الواقع كيف توصل هو إلى هذا؟!

هزَّ علي رأسه، مواصلا دهشته، ثم غمغم في توتر شديد:
- ما زال السؤال هو: لماذا؟! حتى ولو توصل إلى هذا، فلماذا يسعى إلى تفجير المكان؟! ما الذي يبتغيه من هذا؟!

وصلت طائرات هليوكوبتر الإطفاء في هذه اللحظة، وتعالى هديرها، وهي تصب مسحوق إطفاء الحريق على الطابق العلوي المشتعل، مما اضطر رياض إلى أن يرفع صوته، وهو يجيب هاتفا:
- هنا تتجمع كل الملفات الرقمية، لإدارة الأمن الجنائي العام، ومن الواضح أنه يسعى إلى محو كل الملفات وتدميرها؛ حتى يختفي ملفه بينها، فنفقد كل ما لدينا عنه.
كان يكمل هتافه، عندما اندفع نحوه أحد رجال الأمن، قائلا في انفعال:
- سيادة المفتش.. لا بد وأن ترى هذا.

وضع أمام عينيه لوحا رقميا، ينقل ما تلتقطه آلات المراقبة، من داخل المبنى، الخالي تماما من العاملين، في يوم الإجازة، ثم مس إحدى الشاشات الفرعية، فتعاظمت صورتها؛ لتملأ اللوح كله دفعة واحدة...
وانعقد حاجبا رياض في شدة..

فاللوح الرقمي، كان ينقل صورة لرجل وسيم الملامح، ممشوق القوام، يرتدي زيا لامعا، من مادة مضادة للنيران، ويتحرك في خفة، داخل الطابق المشتعل...
وقبل أن ينبس رياض ببنت شفة، على الرغم من أن شفتيه قد انفرجتا بالفعل، هتف الرائد علي في انفعال:
- إنه هو.

انتفض جسد المفتش رياض، على الرغم منه، وهتف بكل رجاله:
- الجاني ما زال داخل المبنى.. حاصروا المكان.. لا تتركوا له ثغرة واحدة للفرار.
غمغم علي بنفس الانفعال:
- أخيرا.. وقع في إيدينا.
انعقد حاجبا رياض مرة أخرى، وهو يقول في صرامة عصبية:
- ليس بعد.

هتف علي معترضا:
- ولكننا..
عاد رياض يقاطعه، وكأنه أمر اعتاده:
- لقد حاصرناه مرتين من قبل.
وتزايدت عصبيته، وهو يضيف:
- وأفلت.

هتف علي مرة أخرى:
- كيف يمكن أن يفلت من مكان كهذا؟!
صاح به رياض، وهو يعمل على توزيع رجاله حول المبنى:
- سيجد وسيلة.
ثم التفت إلى مساعده، وبدا مشتعلا بالعصبية والغضب، وهو يضيف:
- إنه ثعلب.

هزَّ علي رأسه غير مقتنع، وهو يعاود النظر إلى اللوح الرقمي، مغمغما:
- أية وسيلة؟! إنه محاصر من كل الاتجاهات، والمبنى تحيط به ساحة واسعة خالية، و...
بتر عبارته فجأة، وهو يحدق في شاشة اللوح الرقمي، هاتفا بكل دهشته:
- رباه!! ماذا يفعل؟!

اندفع رياض عائدا إليه، وألقى نظرة على اللوح، الذي بدا على شاشته ذلك الرجل، وهو يندفع مخترقا المكتب، الذي خبت فيه النيران بعض الشيء، وهتف وهو يرفع عينيه إلى أعلى في ذعر:
- الهليوكوبتر.

في نفس اللحظة التي نطقها، اخترق ذلك الرجل زجاج نافذة، من نوافذ الطابق الخامس والستين، وسبح في الهواء لحظة، قبل أن يتعلَّق بواحدة من طائرات هليوكوبتر الإطفاء، ثم يطوِّح جسده المرن في رشاقة مدهشة، ليثب داخل كابينة قيادتها في خفة مذهلة..
وعضَّ المفتش رياض شفته السفلى في غضب هادر..

لم يكن يستطيع، من موقعه هذا، أن يرصد ما يحدث، داخل كابينة الهليوكوبتر، إلا أنه كان يعرف قدرات خصمه جيدا، مما جعله يرسم في خياله صورة لما يحدث هناك..
الرجل سيهاجم قائد الهليوكوبتر، ورجل الإطفاء المصاحب له، وسرعان ما يفقدهما الوعي، بلكماته القوية الشهيرة، ويسيطر على الهليوكوبتر، و..
ويبتعد..

وهذا ما كان...
وبينما يراقب الهليوكوبتر تنطلق هتف علي في انفعال شديد:
- مستحيل!! إنه يقودها في مهارة شديدة.. كيف لمجرم عادي أن يجيد هذا.. أين تلقى تدريباته هذه.
لم يشعر رياض بأنه قد أدمى شفته السفلى، من شدة عضه لها، وهو يجيب، في مزيج من الغضب والقهر والعصبية:
- في المخابرات العمومية المصرية.

التفت إليه علي غير مصدق ، وهو يهتف:
- في ماذا؟!
أشار رياض بسبَّابته إلى الهليوكوبتر، التي تكاد تختفي في الأفق، وهو يجيب في مقت، ودماء شفته السفلى تسيل على ذقنه:
- هذا الذي نصفه بأنه أخطر مجرمي القرن، كان ذات يوم رجل المخابرات العمومية رقم واحد.. لقد كانوا يلقبونه بلقب قاهر المستحيل.

سقطت فك علي السفلي، من فرط ذهوله، وارتفعت عيناه تراقبان الهليوكوبتر، وهي تبتعد..
وتبتعد..
حتى اختفت في الأفق...
تماما..
***
أكرم..
كان أكرم صدقي، رجل المخابرات المصرية، قد انتهى من جولته اليومية، في الركض حول المبنى الذي يقيم فيه، عندما فوجئ بزميله حسام ينتظره، عند مدخل المبنى، وملامحه تحمل ابتسامة كبيرة، فابتسم بدوره، وهو يجفف عرقه، هاتفا في ترحاب:
- حسام.. كيف حالك يا صديقي.. مضت فترة طويلة، منذ التقينا لأوَّل مرة.

اتسعت ابتسامة حسام، وهو يقول:
- أتريد أن تقول: إنك قد اشتقت إليّ؟!
ربت أكرم على كتفه، وهو يقول في مرح:
- ألديك شك في هذا؟!

جذبه من ذراعه في رفق، ليصطحبه إلى حيث يقيم، وحسام يقول:
- هل تريد جوابا صريحا؟!
ضحك أكرم، قائلا:
- بل أفضِّل جوابا مجاملا.

ضحك حسام بدوره، وهو يشير بيده:
- هذا يتوقف على سرعة إعداد كوب من الشاي الأخضر الجيد.
أشار له أكرم بيده، هاتفا:
- ابدأ في إعداده إذن، حتى أنتهي من حمامي، ثم أنضم إليك؛ لنتناوله سويا في الشرفة.

لم تمض دقائق خمس، حتى جمعتهما الشرفة معا، في جلسة ودية هادئة، بدأ حسام الحديث فيها، قائلا:
- ألم تشعر بالاشتياق للعودة إلى العمل بعد؟!
هزَّ أكرم رأسه نفيا، وارتشف رشفات من الشاي في استمتاع، قبل أن يجيب في هدوء:
- ليس بعد.. العملية الأخيرة في موسكو كانت مرهقة للغاية، وسيادة الوزير منحني بعدها إجازة استجمام لمدة شهر، أنوي الاستمتاع بكل ساعة منه.

ثم اعتدل، يسأله في اهتمام:
- ولا تقل لي إنه هناك عملية جديدة.
هزَّ حسام كتفيه، مجيبا:
- أنت تعلم مثلي، أن عملياتنا لا تتوقف لحظة واحدة.
ثم أشار بيده، مستطردا:
- ولكنني أخبرتك أنها زيارة ودية تماما.

عاد أكرم يتراجع في مقعده، وهو يقول في ارتياح:
- وهذا يسعدني.
سأله حسام في اهتمام:
- ولكنك تقضي إجازتك في منزلك، فلماذا لا تسافر إلى مكان آخر، يمكنك أن تحصل فيه على متعة أكثر.

ضحك أكرم، قائلا:
- قد يدهشك أن تعلم أنني أشتاق إلى منزلي كثيرا، فعملي يضطرني إلى الابتعاد عنه معظم الوقت، و..
قبل أن يتم عبارته، ارتفع رنين جرس الباب، فالتفت إليه الاثنان في دهشة، وتساءل حسام في حذر:
- هل تنتظر أحدا؟!

أجابه أكرم في حزم، وهو ينهض من مقعده:
- كلا.
التقط مسدسه، من بين كومة من الصحف، ودسَّه في حزامه من الخلف، وهو يتجه نحو الباب، وفتحه في حركة سريعة، ثم التقى حاجباه، وهو يتطلَّع إلى الرجل الذي تراجع في ارتباك، مع فتح الباب بهذه السرعة، ثم تنحنح، وتطلَّع إلى وجه أكرم في عصبية، قبل أن يتساءل في توتر:
- السيد أكرم صدقي.. أليس كذلك؟!

أدار أكرم يده خلف ظهره، وأمسك مقبض مسدسه في تحفز، وهو يسأله:
- من أتشرَّف بمواجهته؟!
تنحنح الرجل مرة أخرى، قبل أن يجيب:
- المفتش رياض سالم، من الأمن الجنائي العام المصري.

ظهر حسام من خلف أكرم، وهو يقول في صرامة:
- ليس لدينا ما يُعرف باسم الأمن الجنائي العام في مصر.
مرة ثالثة، تنحنح المفتش رياض في توتر، مجيبا:
- ربما ليس هنا، ولكنه جهاز قوي معروف، في العالم الذي أتيت منه.

تراجع حسام في دهشة بالغة، وتساءل أكرم في حذر، وهو يقبض على مقبض مسدسه، في قوة أكبر:
- العالم يا سيد أكرم.. العالم الذي أتيت منه، والذي يلجأ إليك كأمل أخير؛ لاصطياد هدف، رأى خبراؤنا أنه لن يظفر به سواك.
التقى حاجبا أكرم في شدة، وهو يتساءل:
- أي هدف هذا؟!

ازدرد المفتش رياض لعابه في صعوبة، قبل أن يجيب، في صوت متحشرج:
- أنت.
وكانت مفاجأة..
هائلة.
***
يُتبع


 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس

قديم 16-03-13, 08:38 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي رد: د. نبيل فاروق يكتب.. الهدف أنت (1)

 
دعوه لزيارة موضوعي

د. نبيل فاروق يكتب.. الهدف أنت (2)




كان أكرم صدقي رجل مخابرات فذ لا يشق له غبار





قبل المضي في الأحداث، لا بد لنا من العودة إلي الوراء قليلا؛ حتى تستقيم الأمور..
وبالتحديد إلي تلك اللحظة، التي مثل فيها المفتش رياض، أمام رئيسه المباشر، بعد نجاح من أطلقوا عليه اسم مجرم القرن في الفرار من ذلك المبنى الشاهق، عقب تفجيره مكتب معلومات الأمن الجنائي العام..

اسمه أكرم صدقي..
قالها المفتش رياض في توتر واضح، وهو يشير بيده، قبل أن يتابع في حنق ملحوظ:
- كان رجل مخابرات عمومية سابق، قبل أن ينحرف به المسار، إلي ذلك الاتجاه الإجرامي.. وكما كان رجل مخابرات فذ، لا يشق له غبار، تحوَّل أيضا إلي مجرم فذ، لا سبيل لمواجهته.
قال رئيسه في صرامة:
- لست أؤمن إطلاقا بكلمة لا سبيل هذه.. إنه -ومهما بلغت قدراته- مجَّرد رجل واحد، في مواجهة دولة، بكل نظمها وأجهزتها الأمنية.

هزَّ رياض رأسه، قائلا في توتر:
- لهذا كانوا يطلقون عليه لقب قاهر المستحيل؛ فهي ليست أوَّل مرة يواجه فيها أنظمة أمنية كاملة، وينتصر عليها كلها.. رفاقه ما زالوا يذكرون كيف هزم وحده مخابرات الولايات المتحدة السوفيتية، ولا انتصاراته المذهلة، علي نظم أمن الاتحاد الأمريكي.. حتى عندما واجه منظمة "مافيوزا"، كان بالنسبة إليهم شوكة كبيرة، لم ينجحوا قط في انتزاعها.

بدا رئيسه غاضبا، وهو يقول:
- وكأني بك تحدثني عن واحد من أبطال الروايات الخيالية، أو من خارقي الروايات المصورَّة.. أفق يا رجل.. إنه رجل واحد.. مجرَّد رجل واحد.
زفر المفتش رياض في توتر، قائلا:
- رجل عجزت كل أجهزتنا عن الظفر به، لأكثر من عام كامل.

صاح رئيسه في حدة:
- لدينا قصور كبير إذن.. قصور ينبغي أن نبحث عنه، ونكشفه، ونسعى لمعالجته، وإلا فكيف سنواجه الشعب، ونحن عاجزون عن مواجهة رجل واحد؟!
هزَّ رياض كتفيه، دون أن يجيب، فتراجع رئيسه في مقعده، وسأله بكل صرامة:
- هل تريد أن تقول: إنك عاجز عن معالجة هذا الأمر، وعلينا أن نسند المهمة إلي آخر؟

بدا وكأن السؤال قد أصاب مفتش الشرطة بطعنة نجلاء في كرامته، فشد قامته، قائلا في صرامة مماثلة، بغض النظر عن فارق الرتب:
- دعني أذكَّرك يا سيدي، بأنني قد توليت هذه القضية، بعد فشل ثلاثة من الزملاء في الإيقاع به، وأنني الوحيد الذي نجح في كشف هويته حتى الآن.

لوَّح رئيسه بذراعيه، صائحا:
- وما الذي أسفر عنه هذا حتى الآن؟!
انعقد حاجبا رياض في ضيق، وشد قامته أكثر، وهو يقول:
- هل لي أن أقترح أمرا خارجا عن المألوف يا سيدي؟!

هتف رئيسه في حدة:
- لن يضيرنا هذا.. افعل.
أجابه رياض على الفور:
- وفقا لما قرأته، في ملف ذلك الرجل، قبل أن يمحوه تماما من قاعدة المعلومات، لن تنجح الوسائل التقليدية في التعامل معه، أو الإيقاع به أبدا.

قال المدير في عصبية:
- لم أسمع اقتراحك بعد.
واصل رياض، وكأن المدير لم يقاطعه:
- إننا نحتاج إلي وسيلة غير تقليدية.. وسيلة تتجاوز كل الأمور المألوفة.
ثم مال نحو رئيسه، مضيفا بكل الحزم:
- وسيلة تتجاوز حتى حدود العقل.
تطلّع إليه رئيسه بضع لحظات في دهشة مستنكرة، وكأنه يتطلّع إلي مجنون، قبل أن يغمغم بكل حيرته:
- هل يبدو لك أننا في فيلم من أفلام الخيال العلمي؟!

هزَّ رياض رأسه نفيا في بطء، وقال في حزم:
- بل نحن في عالم الواقع يا سيدي، ولكن في زمننا هذا، تطوّر العلم إلي درجة فاقت كل خيال.
صمت رئيسه بضع لحظات في دهشته، ثم مال نحوه، يسأله في شيء من العصبية:
- وما الذي يمكن أن يفعله العلم، الذي فاق كل خيال، في حالتنا هذه؟!
أجابه رياض، في سرعة واقتضاب:
- الكثير.

تراجع رئيسه، متطلعا إليه في دهشة، باعتبار أن الكلمة التي نطقها، لا تحمل أي جواب، فعاد رياض يشد قامته، وهو يتابع:
- سيادتك تعلم أن شقيقي الأكبر راضي، هو أحد أشهر علماء الفيزياء في هذا القرن، وأنه حاصل علي جائزة زويل، عن أبحاثه حول الأكوان الكتوازية، والتي أثبتت من خلالها أنه هناك عوالم موازية لنا، تحيا معنا، في نفس الزمان والمساحة، ولكننا لا نشعر بها، ولا تشعر بنا* (* نظرية علمية حقيقية، أثبتتها الأبحاث التجريبية)
غمغم رئيسه، بنفس العصبية:
- أذكر أنني قد قرأت شيئا عن هذا، ولكنني عجزت عن استيعابه.

أشار رياض بيده، قائلا، في شيء من الحماس:
- النظرية باختصار تقول إن عالمنا واحد من عدة عوالم أخرى، في كل منها يحيا نفس البشر، أي أنك ستجد هناك شبيها لك، وشبيه لي.. ولكن رياض الآخر قد لا يكون مفتشا للأمن هناك، بل قد يكون مجرما، وأنت قد..
قاطعه رئيسه في عصبية:
- فليكن.. أذكر هذا.. ولكن السؤال ما زال كما هو: كيف يمكن أن يفيدنا هذا.

شد رياض قامته أكثر، وهو يجيب بكل الحزم:
- الأفضل ألا تسمع هذا مني يا سيدي.
ثم عاد يميل نحو رئيسه، مردفا في قوة:
- بل من صاحب النظرية والاقتراح الأصلي.. من شقيقي راضي.. شخصيا.
وتضاعفت دهشة رئيسه..
ألف مرة..

***

لا يفل الحديد إلا الحديد..
نطق راضي العبارة في هدوء حازم، وهو يقف داخل معمله الفيزيائي الكبير، فهزَّ رئيس المفتش رياض رأسه في عصبية، قائلا:
- هل رباكما والدكما -رحمه الله- علي ترديد عبارات وحكم قديمة فحسب.

مطَّ رياض شفتيه، دون أن يجيب، في حين هزَّ راضي راسه نفيا، دون أن يتخلى عن هدوئه، وهو يقول:
- ما أريد قوله هو: إن خصمكم من طراز خاص جدا، ويمتلك كومة من المهارات والقدرات، تجعل الإيقاع به، بالوسائل النمطية، أمرا أشبه بالمستحيل.. ليس فقط بسبب قدراته، ولكن بسبب عبقريته وسعة حيلته، في وضع الخطط غير المعتادة، والإفلات من كل مأزق أو حصار، بوسائل ثعلبية غير متوَّقعة.

بدا رئيس رياض نافذ الصبر، وهو يقول:
- ما الذي تريد قوله بالضبط؟!
قادهما راضي إلي شاشة كبيرة، قائلا:
- شاهد هذا أوَّلا.

ضغط زرا صغيرا في الشاشة، عليها صورة أكرم صدقي، وهو يثب من طائرة بدون مظلة، خلف رجل يرتدي مظلة نجاة، ثم يشتبك معه وهما يهويان من حالق، بسرعة الجاذبية الأرضية* (* سرعة الجاذبية الأرضية: هي الطاقة التي تجذب بها الكرة الأرضية كل من عليها، وينص قانون الجاذبية على أن جميع الأجسام تجذب بعضها بعضا تجاذبا تبادليا، أما سرعة السقوط بسبب الجاذبية الأرضية، فهي 32 قدما في الثانية الواحدة 9,7536 مترا في الثانية)، قبل أن يفقده الوعي، ثم يفتح مظلته، وهو يتشبث به في قوة، ليهبطا معا بالمظلة إلي حقل أخضر واسع..
وبكل انفعاله، هتف رئيس رياض:
- إنه مجرم القرن.. كيف حصلت علي هذا الفيلم؟!

ابتسم راضي ابتسامة هادئة، وهو يقول:
- إنه ليس من تتصوَّره.
هتف الرئيس في انفعال:
- إنه هو.. أكرم صدقي.. كل رجل أمن هنا يحفظ ملامحه عن ظهر قلب.

تبادل راضي نظرة صامتة مع شقيقه الأصغر، قبل أن يقول، في زهو لم يستطع كبحه:
- إنه أكرم صدقي بالفعل، ولكن ليس هذا الذي تعرفه.
ثم مال عليه، مضيفا بابتسامة:
- هذا أكرم صدقي آخر، كل ما يربطه بالذي تعرفه، هو الاسم والملامح فحسب.. وربما البصمة الجينية أيضا.

حدَّق الرئيس في وجهه لحظات في استنكار، قبل أن يقول في حدة:
- ولكنه رجل آخر؟! أي عبث هذا؟!
أجابه راضي في سرعة، وبابتسامة أكبر:
- عبث علمي مائة في المائة يا رجل.. ما تراه هو حدث سجلته، عبر جهاز خاص، من عالم آخر..
ثم مال نحوه بشدة، مضيفا:
- عالم مواز.

حدَّق فيه رئيس رياض بمنتهى الدهشة، وعجز لسانه عن النطق، وراضي يعتدل، متابعا في اهتمام، وهو يشير إلي الشاشة:
- في ذلك العالم، ما زال أكرم صدقي يعمل في جهاز المخابرات، ولكنهم يطلقون عليه هناك اسم المخابرات العامة، وليس العمومية، كما نطلق عليها هنا.. بل هو يعد من أفضل رجالهم هناك.. ولقد تابعت بعض عملياته، علي شاشة جهازي هذا، ولست أبالغ لو قلت: إنه شخصية فذة، لم أر مثيلا لها في حياتي كلها من قبل، ولا حتى علي شاشات السينما.

انتزع رئيس رياض نفسه من ذهوله، وهو يقول في عصبية:
- لم أستوعب فكرتك بعد.
شدَّ رياض قامته مرة أخرى، وتنحنح في توتر، في حين أشار راضي إلي شاشة جهازه، وهو يجيب:
- وفقا لكل ما أخبرني وأطلعني عليه شقيقي الأصغر.. الشخص الوحيد، الذي يمكنه مواجهة أكرم صدقي، مجرم القرن عندنا، هو الشخص الذي يمتلك نفس مهاراته وقدراته، والوحيد الذي يمكنه فهم أساليب تفكيره بنسبة مائة في المائة.. لا يمكن اقتناص أكرم صدقي العالم الآخر.

قالها، فران علي معمله الكبير صمت عميق، استغرق ما يقرب من دقيقة كاملة، قبل أن يقاطعه رئيس رياض في عصبية:
- هل تتوَّقع الحصول علي جائزة زويل مرة أخرى، بهذه النظرية الخرقاء؟!
ارتفع حاجبا راضي في دهشة، وحملت ملامحه كل الاستنكار، الذي انتقل إلي صوته، وهو يهتف:
- خرقاء؟!

صاح رئيس رياض في حدة:
- لا يمكن أن توصف إلا بأنها كذلك.. إثبات وجود تلك العوالم المتتالية شيء، والمزج بينها شيء آخر.
هتف راضي معترضا:
- متوازية وليست متتالية.

لوَّح رئيس رياض بذراعه كلها، صائحا:
- أيا كانت.. إنها مجرَّد نظرية، وربما شاشة تنقل إلينا أحداث تدور في أحد تلك العوالم فحسب، ولكن الحديث عن التعاون بين العالمين، هو أمر أقرب إلى الخرافات.
بدا راضي محتدا، وهو يصيح فيه بدوره:
- كل ما كانوا يعتبرونه مجرَّد خرافات في الماضي، صار اليوم حقيقة علمية معروفة.. السفر عبر الزمن.. رداء الإخفاء.. تصغير البشر، و..

قاطعه رئيس رياض في حدة:
- وماذا؟! السفر عبر الأبعاد لم يصبح بعد حقيقة، حتى..
بتر عبارته، مع يد رياض التي أمسكت بكتفه، واستدار إليه بحركة حادة، فتنحنح رياض وكأن هذا يلازمه دوما، وقال في توتر:
- الواقع يا سيدي أنه قد صار كذلك بالفعل.

واتسعت عينا رئيسه عن آخرها بدهشة..
بكل الدهشة.

***

يُتبع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 16-03-13, 08:40 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي رد: د. نبيل فاروق يكتب.. الهدف أنت (1)

 
دعوه لزيارة موضوعي

د. نبيل فاروق يكتب.. الهدف أنت (3)



رفع أكرم اللوح الشفاف أمام عينيه ثم تراجع في دهشة





اتسعت عينا حسام، بكل الدهشة، في نفس الوقت الذي انعقد فيه حاجبا أكرم صدقي، وهو يحدق في وجه المفتش رياض، الذي تنحنح كعادته، وهو يقول:
- أنتما لا تصدقان ما أقوله.. أليس كذلك؟!
لم يحاول حسام التعليق، في حين سأل أكرم في حذر:
- هل كنت لتصدّقه، لو تبادلنا الأدوار؟!

هزَّ رياض رأسه في بطء، مجيبا في خفوت:
- مستحيل!
ثم استدرك في سرعة:
- ولكنه حقيقة.

مال أكرم نحوه، يقول في حزم:
- حقيقة تحتاج إلى برهان قوى.
صمت رياض، بضع لحظات، قبل أن يقول:
- لك كل الحق.

ثم أخرج شيئا من جيبه، وهو يضيف:
- ولقد توقع شقيقي راضي هذا؛ لذا فقد سمح لي بإحضار شيء من عالمي إلى عالمكم.
وضع لوحا صغيرا شفافا، أمام أكرم وحسام، مع استطرادته:
- فوفقا لمشاهداته، عالمنا يتفوَّق على عالمكم تكنولوجيا، بخمس سنوات من التطوَّر، ومع سرعة إيقاع التطوَّر التكنولوجي، سيصنع هذا فارقا تكنولوجيا ملحوظا.

تطلَّع حسام إلي ذلك اللوح في حذر، وحسام يتساءل:
- وماذا يفعل هذا الشيء بالضبط؟!
التقط أكرم ذلك اللوح، مع إجابة رياض:
- اختبره بنفسك.

رفع أكرم ذلك اللوح الشفاف أمام عينيه، ثم تراجع في دهشة..
فاللوح، مع شفافيته، كان ينبغي أن ينقل إليه صورة ما خلفه..
إلا أن هذا لم يحدث!!
لقد نقل إليه صورة مختلفة تماما..
صورة منزل آخر..
منزل يختلف..
يختلف في تقسيمه..
وأساسه..
وحتى ديكوراته..

وبكل دهشته، خفض أكرم اللوح من أمام عينيه، فعاد منزله للظهور في وضوح، ورياض يقول، في توتر لم يستطع إخفاءه:
- ما تراه عبر هذا اللوح، هو عالمي وليس عالمك؛ فهو بوسيلة ما، لا أستطيع حتى فهمها أو استيعابها، يخترق الحاجز بين عالمينا، مما يجعله أشبه بنافذة بين عالمين.
مال حسام يلتقط اللوح من أكرم، وهو يقول:
- ومن أدرانا أنها ليست خدعة تكنولوجية؟!

هزَّ رياض كتفيه، مغمغما في توتر:
- لست أدرى في الواقع كيف يمكنني إثبات هذا، فأنا رجل أمن في عالمي، وقع الاختيار علي، للعبور إلى عالمكم، وتقديم العرض للسيد أكرم صدقي، وكنت أعلم مسبقا أنني سأواجه بكل هذه الشكوك؛ لأنني في عالمي رجل أمن محترف، ولو جاء أحدهم، ليخبرني بأنه من عالم آخر، لأحطته بقيد من الشك والاستنكار أيضا.

رفع أكرم اللوح إلى عينيه مرة أخرى، ودار به فيما حوله في اهتمام، قبل أن يخفضه، وهو يقول في هدوء:
- من حسن حظكم أن إجازتي لم تنته بعد.
هتف حسام مستنكرا:
- هل يعني هذا أنك تنوي قبول العرض؟!

هزَّ أكرم كتفيه، وأجاب بنفس الهدوء:
- ولم لا؟! إنها تجربة جديدة، أجد في نفسي شغفا للقيام بها.
حدَّق فيه حسام مستنكرا، في حين بدا رياض شديد الترقب، والأوَّل يقول:
- ولكنك تعرف القواعد جيدا.. لا يمكنك التعاون مع أية جهات أخرى، دون الحصول على موافقة الجهاز.
أجابه أكرم بكل هدوء:
- أعرف القواعد جيدا يا عزيزى حسام.

ثم التفت إليه بابتسامة عجيبة، مضيفا:
- ولكن لا توجد قاعدة تتعلَّق بالتعاون مع عالم آخر.
تراجع حسام بنفس الدهشة المستنكرة، في حين تابع أكرم، وابتسامته تتسع:
- وتذكَّر أنك أنت من أقنعتني بقضاء إجازتي في مكان ما.

انعقد حاجبا حسام، وهو يقول في عصبية:
- هذا لأنك ستطلق على هذا اسم إجازة.
أما رياض، فهتف في لهفة:
- أيعني هذا أنك توافق على قبول عرضنا؟!

هزَّ أكرم كتفيه، وهو يجيب:
- ليس في كل مرة، يجد المرء نفسه في مواجهة نفسه.
غمغم حسام في توتر، وهو يشيح بوجهه:
- سأتظاهر بأنني لم أسمع هذا.

حاول رياض أن يبتسم، إلا أن شيئا في أعماقه جعله يقول في تردد:
- في هذه الحالة، هناك ما ينبغي أن أخبرك به يا سيد أكرم.
ابتسم أكرم، وهو يقول:
- أما زال هناك المزيد؟!

أومأ رياض برأسه إيجابا، قبل أن يقول بنفس التردد:
- في مواجهتك مع.. أكرم صدقي عالِمنا، لا بد وأن تعلم أنه من الضروري أن يتم حسم المواجهة خلال ثلاثة أيام فحسب.
التقى حاجبا أكرم، في حين التفت إليهما حسام مرة أخرى، متسائلا في توتر:
- ولماذا ثلاثة أيام بالتحديد؟!

هزَّ رياض كتفيه، وبدا تردده أكثر وضوحا، وهو يقول:
- الواقع أن تقنية الانتقال بين العالمين، لم تصل بعد إلى مرحلة الكمال.
سأله أكرم في اهتمام:
- وهذا يعني؟!

تردَّد لنصف دقيقة على الأقل، قبل أن يجيب:
- لو بقيت في عالمنا، أكثر من هذه المدة، ستضيع الفرصة في..
بتر عبارته في ارتباك، فسأله حسام بكل القلق:
- ستضيع الفرصة في ماذا؟!
ازدرد لعابه في صعوبة، وتنحنح مرتين، قبل أن يجيب:
- في أن يعود السيد أكرم إلى هنا.

وتنحنح مرة أخرى، قبل أن يتابع في صوت منخفض:
- وسيكون عليه أن يبقى في عالمنا.. إلى الأبد.
ألقى قنبلة، فران على المكان صمت رهيب مهيب..
فتلك المعلومة الأخيرة، كانت تقلب كل الأمور رأسا على عقب..
وبمنتهى القوة..

***

ارتفعت يد ضابط الأمن، في مدينة الأبحاث العلمية بتحية عسكرية قوية، وهو يواجه الرجل الواقف أمامه في احترام، قائلا:
- مرحبا بك في مدينة الأبحاث يا سيادة اللواء.. تقبَّل اعتذاري مقدما، ولكن لم تردني أية معلومات بشأن زيارتك لنا اليوم.

شدَّ اللواء قامته، وهو يقول في صرامة:
- أنا الذي أصدر تلك المعلومات والتعليمات أيها الضابط، وهأنا ذا أقف أمامك بشحمي ولحمي، فماذا تريد أكثر من هذا؟!
ارتبك الضابط، وهو يقول:
- ولكن جرت العادة يا سيادة اللواء على أن..
قاطعه اللواء بكل صرامة:
- أفسح الطريق.

تنحَّى الضابط جانبا، وهو يغمغم:
- هل يمكنك على الأقل أن توقع في دفتر الزائرين يا سيادة اللواء؟!
قال اللواء في استنكار:
- دفتر الزائرين؟!

ثم استدرك، مع امتقاع وجه الضابط:
- ولكن لا بأس على أية حال.. لن أكون أنا من يخرق تعليمات الأمن.
وانعقد حاجباه الكثين في صرامة، وهو يضيف:
- التي وضعتها بنفسي.

ناوله الضابط دفتر الزائرين بيد مرتجفة، وهو يغمغم:
- رجال الأمن هم أوَّل من ينبغي أن يلتزموا بقواعد وتعليمات الأمن.. هكذا تعلمنا يا سيادة اللواء.
التقط اللواء قلما إليكترونيا رفيعا، ووقع باسمه في دفتر الزائرين، ثم عبر بوابة مدينة الأبحاث في تعالٍ، والضابط يؤدي له التحية العسكرية مرة أخرى، ولكنه ما أن ابتعد، حتى التقط الضابط هاتفه، وطلب رقما مختصرا، قبل أن يقول في خفوت، وكأنه يخشى أن يسمع اللواء:
- سيادة اللواء فتحي جابر وصل إلى المدينة، دون أية معلومات مسبقة، وأظنه تفتيشا أمنيا مفاجئا.

فاجأه صوت غاضب صارم:
- أي قول أحمق هذا يا رجل؟! أنا اللواء فتحي جابر، ولم أغادر مكتبي منذ الصباح.. من هذا الذي انتحل شخصيتي، ونجح في خداع حمقى مثلكم؟!
وكاد الهاتف يسقط من يد ضابط الأمن المصعوق..

فالشخص الوحيد، الذي يمكنه انتحال هيئة آخر، بحيث يعجز الآخر نفسه عن كشفه، هو الرجل الذي تبحث عنه كل جهات الأمن، في هذا العالم الموازى..
أكرم صدقي..
مجرم القرن..
الوحيد..

***

هكذا يكون التحدي..
قالها أكرم صدقي، في هدوء عجيب، قاطعا حالة الصمت الرهيب، التي خيمت على المكان، فارتفع حاجبا حسام، قبل أن يهتف مستنكرا:
- هل ستقبل هذه المهمة العجيبة، بعد ما قاله هذا الـ.. هذا الرجل؟!

التفت إليه أكرم، قائلا:
- اهدأ قليلا يا صديقي، ودعنا نعيد دراسة الموقف كله، على نحو مختلف.. إننا أمام موقف، لم يمر به بشري من عالمنا من قبل.. أو أن هذا ما أعتقده على الأقل.. موقف يستعين فيه عالم بشخص من عالم آخر، ليواجه نفسه بنفسه.
قال حسام في حدة:
- تتعامل مع الأمر كما لو كان لعبة مسلية.

هزَّ أكرم رأسه نفيا، وهو يقول:
- ليس لعبة بالتأكيد، ولكنه حالة عجيبة، لم يخطر ببالي أن أواجهها، حتى في أبشع كوابيسي.. ولكنه تحدٍ من نوع جديد.. تحدٍ أن أواجه شخصا، يتمتع بكل ما أحمله من صفات، وما اكتسبته من مران وخبرات، طوال سنوات وسنوات من الصراع، مع أجهزة مخابرات، ومنظمات جاسوسية وإرهابية، وحتى إجرامية..

ومن الناحية المنطقية، فهذا أكثر خطورة بكثير، وخاصة عندما يكون الزمن محدودا إلى هذا الحد.. ولكنني، ولسبب ما في أعماقي، لست أرغب في قبول التحدي وخوض التجربة فحسب، ولكنني شديد الشغف أيضا؛ لمعرفة الأسباب الحقيقية، التي دفعت شخصا في عالمهم، إلى نبذ كل ما نذر حياته من أجله؛ لينتقل من مجال حماية الوطن وأمنه، إلى مجال الجريمة، وتقويض أركان المجتمع.. أريد أن أعرف.. وأن أفهم.. فلو أنه تربى كما تربيت، ونشأ كما نشأت، فسيكون من المستحيل أن ينقلب لمائة وثمانين درجة على هذا النحو، إلا لو كانت لديه دوافع شديدة القوة.

وصمت لحظات، عاد خلالها ذلك الصمت المهيب يسيطر على المكان، قبل أن يضيف في حزم:
- أريد أن أعرف يا حسام.. صدقني.. أريد أن أعرف.
تطلَّع إليه حسام في صمت لبضع لحظات أخرى، ثم تراجع مغمغما:
- هذا حقك.

شعر رياض بالارتياح، وهو يتساءل:
- إذن فأنت تقبل.
مدَّ أكرم يده إليه، وهو يقول مبتسما:
- فقط عندما تخبرني، كيف ومتى سننتقل إلى عالمك؟!
اندفعت يد رياض نحو يده، وهو يقول في لهفة:
- الآن..

وتصافح الرجلان..
أو تصافح العالمان..
وبقوة..

فاعتبارا من تلك اللحظة، سيبدأ أكرم صدقي أغرب مهامه..
وأخطرها..
على الإطلاق.

***

يُتبع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 17-04-13, 01:40 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي رد: د. نبيل فاروق يكتب.. الهدف أنت (3)

 
دعوه لزيارة موضوعي

الهدف أنت (4).. حلقة جديدة لدكتور نبيل فاروق





أشار ضابط الأمن لفريق من رجاله بالالتفاف حول المبنى





ارتفعت صفارات الإنذار عالية، في مدينة الأبحاث العلمية، وانتشر رجال الأمن في كل مكان منها، وفقا لخطة طوارئ، تدربوا عليها طويلا، في نفس الوقت الذي انطلق فيه اللواء فتحي جابر الحقيقي بسيارته، في طريقه إلى المكان، وهو يهتف بضابط أمن المدينة، في توتر صارم شديد:
- أشعلوا كل نظم الأمان، وأغلقوا كل منافذ المبنى الرئيسي، ولا تنسَ تفعيل جدار النار الفائق؛ لحماية كل المعلومات، التي تحويها أجهزة الكمبيوتر، في المدينة كلها.

أجابه ضابط أمن المبنى، وهو يشير لفريق من رجاله، بالالتفاف حول المبنى الرئيسي:
- قمت بتفعيل كل هذا بالفعل يا سيادة اللواء، ولدينا فريقان من الحرس الخاص، داخل المبنى الرئيسي، يقومون بتفتيش كل ركن منه.
هتف به اللواء فتحي في صرامة:
- سأصل إليك خلال ثمان دقائق على الأكثر، وهليوكوبترات الأمن ستصل خلال دقيقة واحدة.

وانعقد حاجباه في شدة، وهو يضيف في غضب، امتزج بصرامته:
- لقد أخطأ مجرم القرن بوضع نفسه في هذا الفخ المحكم .. سنوقع به هذه المرة، بفضل غطرسته وغروره.
لم يشعر الضابط بنفس الثقة، وهو يغمغم:
- بالتأكيد يا سيادة اللواء .. بالتأكيد.
قالها منهيا الاتصال، ثم تطلع إلى المبنى الرئيسي، مستطردا بعد زفرة حارة:
- لو أنه منحنا الفرصة لهذا.

في نفس اللحظة التي نطقها، كان رجاله داخل المبنى قد انقسموا إلى عدة فرق صغيرة، اتجهت كل فرقة منها إلى أحد اجزاء المبنى، مسلحة بأحدث المدافع الآلية، والسترات والخوذات المضادة للرصاص، وأجهزة البحث والرصد الحراري، بحثا عن أكرم صدقي عالمهم..

وفي عنف مدروس، اقتحمت إحدى الفرق معمل الدكتور راضي، كجزء من المبنى، وعلى الرغم من أن المعمل بدا خاليا من البشر في وضوح، إلا أن الفرقة، المكوَّنة من خمسة رجال، انتشرت في المكان، تفحص كل ركن، يمكن الاختفاء فيه، وبمنتهى الدقة، حتى أعلن كل منهم خلو المكان، فتوقف قائد الفرقة الصغيرة، وقال عبر جهاز اتصاله الخاص، وبلهجة عسكرية تقليدية:
- المعمل ف خال ونظيف.

آتاه صوت ضابط أمن المدينة، يقول في حزم:
- اعمل على إغلاقه بالحواجز الأمنية؛ لضمان عدم اللجوء إليه فيما بعد، وقم بتشغيل نظام رصد دائم هناك؛ حتى يمكننا مراقبته من خارج المبنى.
أجاب قائد الفرقة الصغيرة، بنفس اللهجة العسكرية:
- علم وينفذ.

أنهى الاتصال، وهو يرفع عينيه إلى رجاله الأربعة، قائلا في صرامة:
- سننفذ خطة إغلاق هذا المعمل.
ليس بعد...
أتاه الصوت في لهجة ساخرة من أعلى، فرفع عينيه وسلاحه إلى سقف المعمل، حيث ممرات التهوية المركزية، و ..

وانقض أكرم صدقي ..
وبمنتهى العنف..
***
دوَّامة ألوان عجيبة، أحاطت بكل شيء..
دوَّامة تدور في سرعة كبيرة، تدور معها أعتى الرءوس..
ومع ذلك الطنين، الذي كاد يخترق خلايا المخ، بدا الأمر شاقا ومؤلما، إلى حد كبير..
- أغلق عينيك..
قالها المفتش رياض، وهو يغلق عينيه في قوة، قبل أن يضيف، في ألم ملحوظ:
- هذا يجعل الأمر أقل عنفا..

أغلق أكرم عينيه في قوة أيضا، إلا أن ذلك الدوار، الذي أصابه، منذ بدأت رحلته مع رياض عبر الأبعاد، ظل يلازمه، مع ذلك الشعور العجيب بأنه يهوي من حالق، في بطء متواصل..
ثم دوّت فرقعة عجيبة..
ومع دويها، سقط جسده أرضا فجأة، ففتح عينيه، مغمغما:
- ياله من هبوط سيئ!

أدهشه أن وجد نفسه مع رياض، على سطح مبنى، تطلّ عليه نجوم السماء من أعلى، فاعتدل ممسكا برأسه في شيء من الإرهاق، وقال وهو يقاوم آثار ذلك الطنين المؤلم:
- كنت أتصوَّر أننا سنصل إلى معمل علمي، أو قاعدة عسكرية مثلا.
أمسك رياض رأسه، على نحو مماثل، وهو يغمغم:
- لا تسلني عن التفاصيل العلمية، ولكن شقيقي أكَّد ضرورة الهبوط في مكان مفتوح؛ حتى لا تنحصر الطاقة في مكان محدود.

استجمع أكرم قوته، ونهض واقفا، وأدار عينيه فيما حوله، وهو يقول:
- إذن فهذه قاهرة عالمك.
أومأ رياض برأسه، على الرغم من أن أكرم يوليه ظهره، وقال وهو ينهض بدوره:
- إنها تشبه قاهرتك إلى حد كبير، ولكن مع بعض الاختلافات بالطبع.

كانت عينا أكرم قد توقفتا عند نقطة بعينها، وهو يغمغم:
- أرى اختلافا واضحا.
استدار رياض إلى حيث يشير، وابتسم ابتسامة تمتزج بآلام رأسه، وهو يقول:
- آه .. برج الثورة.

انعقد حاجبا أكرم وهو يقول:
- نطلق عليه في عالمي اسم برج القاهرة.
أومأ رياض برأسه مرة أخرى، مغمغما:
- أعلم هذا.

ثم اعتدل مضيفا:
- لقد بدأ لدينا كما بدأ لديكم، ولكننا قمنا بتطويره منذ خمسة أعوام، وارتفع لثلاثين مترا أخرى، وأضيفت إليه ثلاثة مطاعم مختلفة دوَّارة، وقاعة للأفراح والاحتفالات، وتمت تغطية الإضافة بالخلايا الشمسية، التي تضيئه ذاتيا ليلا كما ترى.
هزَّ أكرم رأسه، وابتسم قائلا:
- ربما أطرح هذه الفكرة، عندما أعود إلى عالمي.

لم يكد يتم عبارته، حتى ارتفع رنين هاتف رياض المحمول، فالتقطه في سرعة، وهو يقول في حماس:
- لقد أتيت به يا سيدي.
آتاه صوت رئيسه، وهو يهتف:
- في الوقت المناسب يا رياض، فنحن الآن في مواجهة عنيفة مع نظيره، مجرم القرن.

انعقد حاجبا رياض في شدة، وهو يستمع إلى التفاصيل، ثم رفع عينيه إلى أكرم مع إنهاء المحادثة، وهو يقول في توتر:
- يبدو أن المواجهة ستبدأ.. الآن.

وعلى الرغم من اعتياده المواجهات، مهما كان عنفها، شعر أكرم في أعماقه بشعور عجيب، مع بدء مواجهته مع نفسه..
شعور لا يمكنه أن يصفه ..
أبدا..
***
استفادة من المواجهة السابقة، راحت هليوكوبترات الأمن تحوم حول مدينة الأبحاث الالعلمية، دون الاقتراب منها، إلى درجة تسمح لأي كائن بالقفز إليها، مهما بلغت قوته أو جرأته..

وعبر أجهزتها المتطورة، راحت ترصد كل جزء ظاهر من المدينة، يمكن أن يختبئ عنده أي كائن حي في نفس اللحظة التي وصلت فيها سيارة اللواء فتحي جابر، والذي قفز منها، قبل حتى أن تتوقف بالكامل، وهو يهتف بضابط الأمن:
- هل توصلتم إليه؟!

أجابه ضابط الأمن في توتر:
- ليس بعد.. الرجال منتشرون في المبنى، ولكنهم لم يجدوا له أدنى أثر، على الرغم من تفتيش وإغلاق معظم معامله.
سأله اللواء في توتر:
- وهل وضعوها كلها قيد المراقبة المستمرة؟!

أومأ الضابط برأسه إيجابا، وهو يقول:
- كلها تحت المراقبة يا سيادة اللواء.
انعقد حاجبا اللواء مفكَّرا، وهو يتساءل:
- ألا يمكن أن يكون قد غادره، قبل تفعيل إجراءات الأمن؟!

هزَّ الضابط رأسه نفيا في قوة، وهو يقول:
- مستحيل يا سيادة اللواء.. لقد قمنا بتفعيل إجراءات الأمن، بعد أقل من دقيقة واحدة، من دخوله المبنى.
صاح فيه اللواء في غضب:
- لم يكن ينبغي أن تسمح له بالدخول، ما دامت ليست هناك تعليمات مسبقة بهذا.

ارتبك الضابط في شدة، وهو يقول:
- لقد.. لقد كان أنت يا سيادة اللواء.
صاح فيه اللواء، في غضب أكثر:
- التعليمات هي التعليمات أيها الضابط.

بدا الضابط شديد التوتر والارتباك، وهو يغمغم:
- أنت على حق يا سيادة اللواء.
شدَّ اللواء فتحي قامته، وانعقد حاجباه في صمت، بضع لحظات أخرى، قبل أن يقول في حزم:
- إذن فهو بالداخل حتما، حتى ولو لم يعثر عليه رجالك!

غمغم الضابط:
- هذا ما يبدو يا سيادة اللواء.
اومأ اللواء فتحي برأسه إيجابا مرتين، قبل أن يستعيد صرامته، قائلا:
- في هذه الحالة، سننتقل إلى خطة الطوارئ القصوى رقم واحد.

اعتدل الضابط بدوره، وقال في صوت مبحوح، من فرط الإثارة:
- الغاز؟!
أجابه اللواء بنفس الصرامة:
- نعم.. سنخلي المبنى من رجالنا، ونغلق كل منافذه، ثم نطلق فيه أسطوانات الغاز المخدر ليوم كامل.

صمت لحظة، ثم أضاف في صرامة أكثر:
- لن يمكنه أن ينجو من هذا أبدا.
غمغم الضابط في تردد:
- أتعشم هذا يا سيادة اللواء.

رماه اللواء بنظرة غاضبة، فاستدرك في سرعة:
- أعني أن هذا أكيد يا سيادة اللواء.
بدا اللواء شديد الغضب، وهو يواصل رميه بتلك النظرة الغاضبة، ثم شدَّ قامته أكثر، وهو يقول بلهجة آمرة:
- مر بإخلاء المبنى.

أصدر الضابط على الفور أوامره لكل الفرق، داخل المبنى الرئيسي، بإخلاء المبنى على الفور، في حين غمغم اللواء في صرامة:
- سيقع مجرم القرن في أيدينا هذه المرة.. حتما.

وفي هذه المرة، صمت الضابط تماما دون تعليق..
ففي أعماقه، ما زال الشك يتصاعد في سرعة..
وفي قوة..
شديدة..
***
أهذا جزء من إجراءات الأمن، المتبعة هنا؟
ألقى أكرم صدقي السؤال على رياض، وهما داخل واحدة من هليوكوبترات الأمن، تنقلهما إلى مدينة الأبحاث العلمية، فأومأ هذا الأخير برأسه إيجابا، وقال في انفعال:
- ليس إجراء عاديا، ولكنه يستخدم فقط في محاولات الطوارئ القصوى.

التقى حاجبا أكرم في تفكير عميق، قبل أن يقول فجأة:
- اطلب منهم عدم إخلاء المبنى من رجالهم.
التفت إليه رياض في دهشة، وهو يغمغم مستنكرا:
- وكيف أطلب منهم هذا؟!.. إنه إجراء أمني رسمي، و..

قاطعه أكرم في حزم:
- ولهذا ينبغي ألا يتبعوه.. دعهم يطلقون الغاز على الجميع.
اتسعت عينا رياض، وهو يهتف:
- على رجالنا أيضا؟!

أجابه أكرم، قبل حتى أن يكمل عبارته المستنكرة:
- هذا هو المقصود.
فغر رياض فاه، دون أن ينبس ببنت شفة، وهو يحدق فيه ذاهلا، فصاح به أكرم:
- كل ثانية تمضي، ستصنع فارقا كبيرا.. هيا.. اطلب منهم هذا فورا.

ومرة أخرى لم يفهم رياض..
لم يفهم مطلقا.
***
يُتبع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 17-04-13, 01:45 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي رد: د. نبيل فاروق يكتب.. الهدف أنت (3)

 
دعوه لزيارة موضوعي

الهدف أنت (5).. حلقة جديدة للدكتور نبيل فاروق


رفع ضابط الأمن جهاز الاتصال ليلقي أوامر إطلاق الغاز





"تم إخلاء المبنى تماما يا سيادة اللواء"..
نطق ضابط أمن مدينة الأبحاث العلمية العبارة، في لهجة عسكرية تقليدية، وهو يؤدي التحية للواء فتحي، الذي شدّ قامته، وهو يقول في صرامة:
- أطلقوا أسطوانات الغاز.

رفع ضابط الأمن جهاز الاتصال، إلى شفتيه؛ ليلقي أوامر إطلاق الغاز، ولكن هاتفه المحمول انطلق في هذه اللحظة، فانعقد حاجباه، وهو يلقي نظرة على شاشته، مغمغما في توتر:
إنه المفتش رياض.. المسئول عن عملية مجرم القرن.
أجابه اللواء فتحي في صرامة:
- لقد وصل متأخرا.. أطلق أسطوانات الغاز أوّلا، ثم أجب اتصاله.

غمغم الضابط في تردّد:
- ولكن ربما..
قاطعه اللواء بصيحة هادرة:
- أطلق الغاز.

أسرع الضابط يصدر أوامره إلى رجاله بإطلاق أسطوانات الغاز، داخل المبنى الرئيسي، ثم ضغط زرّ الاتصال في هاتفه، وهو يقول في توتر:
- سيادة المفتش.
هتف به رياض عبر الهاتف:
- أوقفوا عملية إخلاء المبنى فورا.

بلغ صوته المرتفع مسامع اللواء فتحي، فانعقد حاجباه في شدة، في حين ارتفع حاجبا الضابط في دهشة، وهو يقول في اضطراب:
- ولكن الإخلاء قد تم بالفعل يا سيادة المفتش.
فوجئ بالمفتش رياض يصرخ فيه:
- أيها التعس.. لقد أفسدت كل شيء!
لم يدر الضابط ماذا يقول، وهو يدير عينيه في ارتياع إلى اللواء فتحي الذي انعقد حاجباه أكثر، وهو يتمتم في صوت خافت، يموج بالانزعاج:
- أي قول هذا؟!

تغّير صوت رياض، عندما اختطف أكرم جهاز الاتصال من يده، هاتفا:
- هل انفصل أحد رجالك عن الفريق، دون مبرّر واضح؟!
أدار الضابط عينيه فيما حوله، وهو يغمغم في توتر:
- كيف علمت هذا؟! أحدهم انفصل بالفعل، متجها نحو واحدة من السيارات المدرّعة، التابعة لـ..

قاطعه أكرم في سرعة وحزم:
- لا تدعه يصل إليها.. مرْ رجالك بإيقافه فورا.
لم يستوعب الضابط أو اللواء الأمر، وعندما انتزعا نفسيهما من دهشتهما، كان ذلك الذي انفصل على بعد خطوة واحدة من السيارة المدرّعة، فأشار إليه اللواء، هاتفا:
- أوقفوا هذا الرجل.
لم يستوعب رجاله أيضا هذا الأمر، الذي يطالبهم بإيقاف أحد زملائهم..
وأضاعوا ثانية..
ثانية واحدة فقط..

وبالنسبة لأي شخص عادي، تُعتبر الثانية زمنا قصيرا للغاية..
ولكن ما فعله فيها ذلك الرجل، الذي انفصل عن الباقين، جعلها تبدو أشبه بدهر كامل!!
لقد استوعب الموقف قبل الباقين، فوثب في خفة مذهلة، يفتح باب السيارة المدرّعة، ويلكم سائقها، ثم يدفعه خارجها، وهو يدير محرّكها في الوقت نفسه..

وعندما تحرّك الرجال، بعد استيعاب الموقف، كان هو ينطلق بالسيارة المدرّعة، بأقصى سرعة تسمح بها محركاتها..
وعلى الفور، انطلقت الرصاصات خلفه كالمطر، وارتطمت كلها بدروع السيارة، وارتدّت عنها في عنف، دون أن تنجح في إيقافها، في حين اندفعت هي تخترق الأسوار القوية المكهربة، المحيطة بالمدينة، وتنطلق مبتعدة عنها..

وعبر جهاز اتصاله الخاص، صرخ اللواء في طائرات الهليوكوبتر، المحيطة بالمكان:
- طاردوا هذه السيارة الهاربة.. أوقفوها بأي ثمن.
دارت طائرات الهليوكوبتر كلها، واندفعت تطارد السيارة، التي واصلت طريقها، عبر المنطقة الخالية، المحيطة بمدينة الأبحاث العلمية، متجهة نحو منطقة سكنية تحت الإنشاء، تبعد كيلو مترين فقط عن المكان..

وعبر جهاز الاتصال، تساءل أحد قائدي طائرات الهليوكوبتر:
- سيادة اللواء.. هل نكتفي بمطاردتها، أم..
قاطعه اللواء، في توتر صارم:
- قلت أوقفوها بأي ثمن.. أطلقوا عليها النار.. انسفوها لو اقتضى الأمر، ولكن لا تسمحوا لها، أو لقائدها بالفرار أبدا.

مع هذا الأمر، وعلى الرغم من ثقة الطيّارين بأن رصاصات مدافعهم لن تكفي لنسف سيارة مدرّعة، من هذا الطراز الحديث شديد التصفيح، إلا لو تواصلت على نحو متصل، راحوا يمطرون السيارة برصاصاتهم، وهي تواصل انطلاقها، في مسار شديد التعرّج، يشفّ عن براعة قائدها وحنكته وجرأته، على الرغم من الرصاصات، التي ترتطم بجسمها في قوة، حتى بلغت تلك المباني الجديدة، التي لم يكتمل إنشاؤها بعد..

ولأن قائد طائرات الهليوكوبتر الأمنية، كان يدرك صعوبة مواصلة المطاردة، إذا ما بلغت السيارة المدرّعة تلك المباني، فقد هتف عبر جهاز الاتصال:
- سيادة اللواء.. أطلب الإذن بقصف السيارة بالصواريخ.
صاح به اللواء فتحي:
- وهل تنتظر الإذن بهذا؟! قلت: أوقفوها بأي ثمن.

حمل صوت قائد الهليوكوبتر توتره، وهو يقول:
- لا بد من أمر مباشر يا سيادة اللواء، فالقانون يمنع استخدام الصواريخ داخل المدن، و...
قاطعه اللواء بصيحة هادرة:
- اقصفها يا رجل، قبل أن تضيع الفرصة.. اقصفها.. هذا أمر.
كان قائد الهليوكوبتر متحفزّا للقصف بالفعل، كما أن الهليوكوبتر كانت على مشارف تلك المدينة الجديدة بالفعل، لذا فما أن آتاه الأمر المباشر، حتى ضغط زر الإطلاق على الفور..

وانطلق الصاروخ نحو السيارة المدرّعة..
وأصابها مباشرة، و..
ودوى الانفجار..
وبمنتهي العنف..

***


"لقد نسفوه!!"
تراجع رياض بحركة حادة، وهو يهتف بالعبارة، مع ذلك الوهج، الذي بدا واضحا، والهليوكوبتر التي تحمله مع أكرم صدقي، الذي انعقد حاجباه، وهو يغمغم:
- حقا؟!
كانت طائرات الهليوكوبتر الأمنية تدور حول السيارة، التي نسفها الصاروخ نسفا؛ للتيقّن من تمام تدميرها، وارتفع صوت قائدها، عبر جهاز الاتصال، في هليوكوبتر رياض، وهو يقول في صرامة:
- إلى قائد الهليوكوبتر القادمة.. عرّف عن نفسك.

التقط رياض جهاز الاتصال في سرعة، وهو يقول في صرامة:
- المفتش رياض.. . من الأمن العام.. أبلغني فورا.
آتاه صوت قائد طائرات الهليوكوبتر، يجيب في ارتياح:
- مرحبا يا سيادة المفتش.. . ننتظر قدومك بالفعل.. أظن أن مهمتك قد وضعت أوزارها يا سيّدي.. لقد نسفنا مجرم القرن على التو.

انعقد حاجبا أكرم في شدة، وسرت في جسده، وربما لأوّل مرة في حياته، قشعريرة باردة، لم يختبر مثلها من قبل قط..
نسفوه!!
نسفوا قرينه، في هذا العالم الموازي!!
يا له من شعور عجيب، أن يسمع المرء بنفسه خبر مصرعه!!

وبينما يتراجع في مقعده مفكّرا، سمع رياض يجيب قائد طائرات الهليوكوبتر في توتر:
- تيّقن أوّلا، قبل أن تجزم يا رجل.
بدت دهشة قائد طائرات الهليوكوبتر الأمنية واضحة، وهو يقول:
- ولكننى أطلقت الصاروخ نحو السيارة، وهي تنطلق بالفعل يا سيادة المفتش، ورأيته بنفسي ينسفها نسفا.

صاح به رياض في صرامة:
- تيّقن أوّلا.
اعتدل أكرم يقبض على معصمه فجأة، وهو يقول في حزم:
- ليس بعد.

التفت إليه رياض في دهشة، يسأله:
- ماذا تعني؟!
أجابه أكرم بنفس الحزم:
- مر طائرات الهليوكوبتر بالتراجع فورا.

في هذه المرة، اتسعت عينا رياض عن آخرهما، وهو يحدّق فيه بكل الدهشة، قبل أن يقول في حدة:
- هل تعلم بم سيتهموننى، لو أنني أمرت بهذا؟!
حمل صوت أكرم كل صرامته، وهو يقول:
- هل تعلم أنت، إن لم تنفذ ما أطلبه منك، فلن تكون هناك جدوى من تركى عالمى، والحضور معك إلى عالمك؟!

تطلّع إليه رياض بضع لحظات في صمت، ثم قال في توتر:
- أفلت معصمي.
حلّ أكرم أصابعه من حول معصم رياض، الذي تنحنح في توتر شديد، ثم ضغط زر الاتصال، وهو يقول في توتر شديد:
- ابتعدوا عن المكان فورا.

هتف قائد طائرات الهليوكوبتر بكل دهشته:
- ماذا؟!
أجابه رياض، في حدة صنعها توتره الشديد:
- هل سمعت ما أمرتك به؟!
سادت لحظة من الصمت، قبل أن يجيب قائد طائرات الهليوكوبتر:
- كما تأمر يا سيادة المفتش.

شاهد اللواء فتحي، عبر منظاره المقرّب، طائرات الهليوكوبتر تتراجع، فهتف في قائدها، عبر جهاز الاتصال:
- ماذا تفعلون؟! ابقوا في المكان، حتى نصل إليكم.
أجابه القائد بكل توتره:
- سيادة المفتش رياض، المسئول عن ملف مجرم القرن، أمر بأن يتراجع الجميع، عن منطقة الانفجار.

كان اللواء ينطلق بالفعل، على رأس فريق رجاله الخاص، نحو منطقة المدينة الجديدة؛ للتيقن من مصرع مجرم القرن، لذا فقد عقدت الدهشة لسانه لحظة، قبل أن يغمغم:
- أمر بالتراجع؟! لماذا؟!
لم يجد قائد طائرات الهليوكوبتر الأمنية، سوى أن يقول بكل توتره:
- هو المسئول عن الملف كله، يا سيادة اللواء.

في نفس الوقت، الذي كان اللواء يحاول فيه استيعاب الموقف، أشار أكرم صدقي إلى سطح أحد مبانى المدينة الجديدة، وهو يقول بلهجة آمرة:
- انخفض نحو هذا السطح.
أطاعه قائد الهليوكوبتر على الفور، بعد أن أدرك من محادثته مع المفتش رياض، أنه من يقود المهمة، في حين تساءل رياض في توتر:
- ماذا تنوي أن تفعل؟!

تطلّع إليه أكرم لحظة في صمت، قبل أن يجيب:
- سترى.
لم يرضِ هذا الجواب رياض، فهتف في عصبية:
- المفترض أنني المسئول الأوّل عن هذا الملف.
أجابه أكرم في صرامة:
- قم بما ينبغي عليك فعله إذن.

تراجع رياض معقود الحاجبين في غضب متوتر، في حين تساءل قائد الهليوكوبتر، وهو يقترب من السطح:
- هل تريد مني أن أهبط هناك؟!
أجابه أكرم في حزم:
- اقترب فحسب.

تساءل رياض في توتر، عما ينتوي أكرم فعله، وعقد ساعديه في عصبية، وهو يتابع اقتراب الهليوكوبتر من ذلك السطح، الذي أشار إليه أكرم، والذي قال بكل الحزم:
- لا تتوقف لحظة واحدة.. واصل التحليق حول المكان بضع لحظات، كما لو أنك تتفقد موضع الانفجار فحسب، ثم ابتعد كما فعل أقرانك.
اعتدل رياض، يسأله في عصبية:
- ثم ماذا؟!

ولكنه لم يحظ منه بجواب مباشر..
هذا لأن أكرم قد ألقى أمره الأخير، ثم وثب من الهليوكوبتر نحو السطح..
مباشرة.

***
يُتبع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الهدف أنت, نبيل فاروق
facebook




جديد مواضيع قسم روايات أونلاين و مقالات الكتاب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 09:30 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية