المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
نبضات العاطفة (قصة قصيرة) بقلمي
سلسلة القصص والروايات النقية(6)
نبضآت آلعآطفـهة
قصة قصيرة كتبتها سارايزر
(1)
لا أدري مَالذِّي يَحُضُّني نحو ـالكِتَابَة ويدفعني إليها رُغْمَ مرارة ـالألم ـالذي سأتذوقه حال كتابتها ، لكنَّها رَغْبَةٌ مُلِحَّه فِي سَردِ حِكايتي أو لأقل أُسْطورة ـالحُزْنِ ـالتِّي نَسَجْتُ تَفَاصِيلَهَا ـالمؤلمة بِمَحْضِ إِرَادَتِي ..
كنت فتاة غضة طرية ، لم تتجاوز ـالعقدين من ـالزمن ، حين أسرني عامر بحبه وجعل مني فتاةً مُتَهورة لايهمها أيّ شيء ..
كنت أكذِّب ـالأساطير التي تقول بأن الحب أعمى وبأنه جنون !!
لَكِنْ لاَحِقَاً ايْقَنْتُ فِعْلاً بِأنَّه جُنُونْ وأنه أعمى !!
وأي جنون أشدُّ من أن أخون أهلي وأرضى بأن أهاتف شخصاً لا يمت لي بصله !
وأي عمىً أقوى من أن أرتضي ـالخروج معه وأسلمه نفسي وأنا بكامل أرادتي !!
(2)
خرجت معه رغم يقيني التام بما قد يحدث ، ولكنني كنت مُغَيَّبَةً عن ـالواقع .. سكرانة حب ،وثَمِلَةَ ولع !
خَرَجْتُ وأنا أتبختر في مشيتي وأضرب بكعبي ـالأرض
خرجتُ وأنا أتباهى أمام صاحباتي بأن لي مع عامرْ لقاءً ـاليوم
خرجتْ.. وأنا في قمة ـالسذاجة وـاللامُبالاة!
حين فَعَلْتُهَا لم أُبالِ بسمعتي أو سمعةِ عائِلتي ، ولكنّنِي عدت بغير الوجه الذي ذهبت به!
عدتُ مشتتة الفؤاد ..ممزقة الخاطر.. مكسورة الجناح
عدت وفي قلبي ألفَ ألفَ جراح باتت تنزف حتى الليله!
عدتْ ..وأنا في حالة لا وعي لما قد حدث !!
(3)
انقطعت أخبارهُ عني ولم يراسلني أو حتى يتصل بي مذ خرَجْتُ معه!!
وأنا لم أشتهِ أيضاً أن ـأسمع صوته ـالذي ـأجزم بأنه سيذكرني بالمصيبة !!
بعد شهر ٍ ونيفا ً ، خالجتني أحاسيس غريبة ، مشاعر ملخبطة ، تحولات رهيبه ! كُرْهْ فَضِيْعْ وانجذاب غريب لبعض الروائح أوْ أْصْناف الأطعمه !!
تيقَّنت فعلاً أنني أمام مصيبة أكبر من أختها !!
وبأنني - إن لم تتلقفني رحمات ـالرب - هالكةٌ لاَ مَحَالَه
مَرَّ شَهْرٌ آخَر كَسنواتٍ فِي ثِقَلِه !!
حتى خِلْتُ أنه لا ينصرم أبدا ..!
وإذْ ببيادر ِ ـالحَمْل ِ ـالأولى تكتسي ملامِحَ بَطْنِي وتجْتَرُّني بقسوة نحو مرحلة ـالأمومه !!
حَاوَلْتُ ـالإتصال به مره ومرتين وثلاثَه لكنه لم يُجِب !
وَبَعد أن فقدت كل آمال عودته إليّ ، واستجاْبِتِهِ لاتصالاَتي جَاوب أخيراً!!
تذمر من كثرة اتصالاتي به وتحجج بأنه منشغل بأمور حياته وارتباطاته فضلاً عني ..
أخبرته بأنني أحمل فِي جوْفيِ قِطْعَةً منه ، وأَنَّ عليهِ أنْ يفكَّر بجدِّيه للتخلص من هذه الخطيئَة ..
استقبل الأمر ببرودٍ تام .. فكَّر وفكَّر .. ثم أبىَ واستَكْبر .. ولم أشأ أن أرادده اتِّقاءاً لشَرِّه
مر علي أسبوع لم يغمض لي طرفٌ إلا كقطرة ماء يتيمه فرتْ قسراً مِنَ الصنبُور !
كنتُ كُلَّمَا غفوت جَائتني ـالكَوَابيس ـالتي عَقَدَتْ صَداقةً معي لأفزع وأنهَض مِن نِوْمي وَأَنَا أبكي :(
زارتني أُمِّي فِي غُرفَتي التِي بِتُّ لا أبرح خروجاً منها على الإطلاَق
زَارتْني مستَاءةً مِن عدم مُشاركتي إيَّاهَا الطَّعَام والشَّراب !
فَعَلَّلْتُ لهاَ بأنَّني أقوم بعَملِ حميةٍ غِذَائية ..
كُنتُ آسى على حالي وتقصيري في حق والدتي الوحيدة بعيد رحيل والدي .. ولكنني كنت مجبورةً على فعل هذا الشيء واعتزال الجلوس معها خوفاً من افتضاح أمري ..
إتصلتُ به مرةً أخرى .. لكنهُ لمْ يُجِبْ .. فأرسلت له رسالة أطلبه الحضور إليّ كي يساعدني في إسقاط الجنين !
نعم فقد قررت التخلص منه حالاً .. لكنه رق لحالي بعض الشيء ونهاني عن إسقاطه .. وطلب أن يتزوجني حتى أَلِدْ ثم يطلقني ليتَسَتَّر علي ..
كان عامر متزوجاً ولديه أبناء .. ولم أدر بصراحه لم تعلق بي وأصر على التعرف علي !
لكنني أعطيته الضوءَ الأخضَر حين رغب في عقد علاقة معي وهذا مايجعلني أسيرة اللوم لِنَفسي حتى اللحظة ..
(4)
وصلت إلى الشهر الثاني حين تقدم لخطبتي .. كنت اغالب الوحام وأقاوم تعب الأشهر الأولى للحمل حتى لايُشكُّ في أمْرِي.. وكنت كثيرة المطالعة لبطني الذي أتوهم بأنه بات يكبر ! رغم أنه لم يتغير من حجمه شيء
دَخَلت علي والدَتِي المُسِنَّه ذات مساء .. وهي مجهدة من صعود سُلَّم الدّرَج .. جَلَسَتْ على أقرب كرسيٍّ واجهها وهي تضع يدها على قَلْبها وتهتف بتعَب : لقد أخبرته أكثر من مرة .. بأنني لاأفضل هذا النوع من البيوت.. لكنه لم يأخذ برأيي
بادرتها باستفهام : من تقصدين ؟
ردت: أبوكِ
تَمْتَمْتْ: عليه رحمه الله :"(
أَسْبَلَتْ طرفها نحو الأرض هنيهة من الوقت قبل ان تنظر إلي وتقول بكل هدوء : تقدم إليك شاب !
لكنه معدد !
أقصد لديه زوجة وأولاد !
وأنا كنت سأرفضه أصلاً لكن من باب إحاطتك نقلت لك الخبر..
تَصَنَّعْتُ الحَيَاء وأنا شِبْهُ مصدومه .. ماذا لوْ رَفَضَتْهُ أمي حقاً ؟ بالتأكيد سيفتضح أمري..
أَسْبَلْتُ طَرْفِي وأنا أستمع إليها وهي تتكلم : أنتِ فَتَاةٌ فِي مُقْتَبَل ِعُمْرُكِ ومن الأحرى لمن هي في سنّكِ ألا تتعجل في الزواج من معدد ..
ثم تَابَعَتْ بتعجب: يَالَهُ من رجلٍ غريب !
حيث اشترط أن يكون الزواج بدون حفلة!!وبدون علم أقاربه!!أي على طريقة المسيار
!! فهل ترضين بذلك؟
قالتها وهي تتيقن بأنني سأقول لا .. لَكِنَّنِي صَدَمْتُهَا حين قُلْت : لِأَسْتَخِرْ أَوَّلاً ثم أرد عليك
تَنَهَّدَتْ فِي صَمْت ثم تَمْتَمَتْ وهي تنفض نملة تسلقت على يدها بلا مبالاة: لاتستعجلي في الزواج فأنت لا زلت صغيرة وأمامك الكثير من الوقت لتجدي الزوج المناسب !
سَكَتَت ..
وسَكَتُّ أنا أيضاً
كانتْ تعيشُ حالةً أشبهَ بصدمه ! فهي تعلم يقيناً بأن ابنتها ليست من البنات العجولات على الزواج .. وتعلم بأن لي شروطاً في زوج المستقبل عددتها عليها مرات وكرات..
نَهَضَتْ وهي تقول : لِيَكْتُبْ لكِ الله مافيه الخير والبركة..
هتفتُ في داخلي : لو تعلمين ماأحمله الآن في جوفي لأجلبتِ عليَّ بخيلك ورجلك ، وَلَتَبَرَّأْتِي منِّي أمام الملأ!
(5)
كُنْتُ مصرةً على الزواج به على الرغم من وقوف الجميع في وجهي ودهْشَتُهُم من مستوى اختياري لكنني أصررت على موقفي وتحججت بأنه مستقبلي وأنا المسؤولة عنه وبأنني ارتحت له كثيرا في النظرة الشرعية..
بعد أن تيقن الجميع بأن محاولاتهم بائت بالفشل سلمو أمرهم لله ، ولأن والدتي قد منحتني الكثير من الدلال كوني أصغر أبنائها فلم تشأ أن تقف حجر عثرة في طريق رغبتي ..
إتصل علي ذات يوم وأخبرني بلهجةٍ مقتضبة
سأدفع المهر اليوم ، أربعون ألفاً ، اعتبريها ديناً ستقومين بسداده حال طلاقك مني !!
ثم ضحك بسخريه : اهه .. أنصحك ألا تبالغي بالشراء فلا داعي لذلك!!
كان يتقصد انتقاصي بشكل يدفع للاستفزاز ، لكنني كنت أمامه كالعبد عند سيده ، فأنا أخشى إن تلفظت عليه بحرف أن يلغي أمر الزواج..
مرت أيام التجهيز بشكل مؤلم بالنسبةِ لي ، فأنا أتيقن ماذا ستكون نهاية هذه الزيجة..لم أبالغ بالشراء ،وصرفت نصف المهر في ابتياع الذهب ليقيني التام بسهولة بيعه على عكس المشتريات الأخرى
كم هو قاس جداً أن تستعد لأمر ٍ تعلم بأنه لن يتم ! ولفرح ٍ تجزم بأنه لن يكتمل !!
أصيبت أخواتي وزوجات إخواني بالذهول نظراً لقلة تجهيزاتي من الملابس ، بينما أصررت أنا على أنه لاداعي لابتياع الملابس الكثيرة لأن جسمي حتماً سيتغير بعد الزواج!
اقتنعو بنظريتي على مضض وتمت أيام الملكة بشكل سريع ، اتفق عامر مع أخي على أن الزواج لابد أن يكون سريعاً بذريعة السفر لأجل العمل بينما هي حيلة كي نسلم من الفضيحة ..!
كنت كثيراً ماأدعي ربي بأن يُتِمّ هذه الزيجة على خير وأن يستر علي لأجل أمي فقط ،
أختي ريهام هي الوحيدة التي تتوجس ريبةً من هذه الزيجة السريعة ولقبولي بكل شيء ولتغير قناعاتي بهذه السهوله..
كانت تستغرب مني أن أرضى بأبخس الملابس ثمناً وبأسوء أنواع الماركات وأنا التي كنت أتباهى بلبس اشهر الماركات العالمية ..
حَرِصْتُ على أن أشتري الملابس التي يمكن ارتداؤها بعد انتهاء الزواج .. وابتعدت عن كل الكماليات بحجة أنني سأشتريها فيما بعد ..
في ليلة الزواج ، اتفقت مع مصففة شعر متواضعة كي تقوم بتجهيزي لزوجي ، كنت أحرص على ضم المسكة أمام بطني بالضبط كي لا يشعر أحداً بانتفاخه ، على الرغم من أني لا أُنْهِيَ شهري الثالث ولايمكن ملاحظة حجم بطني إلا بدقة..
حضر الزوج ، جامل كثيراً معي أمام إخواني لدرجةِ أنني أحسست بالرحمة تجاهه !! فهو على الأقل يقوم بإصلاح غلطته معي !!
أخذني وذهب بي إلى شقةٍ استأجرها من أجلي ، نزل من السيارة وهي في وضع التشغيل ،فتح لي الباب وما إن هممت بالدخول حتى عاد إلى سيارته وأغلق بابه ثم مضى !!
(6)
تركني أدخل الشقة لوحدي وكأننا متزوجين منذ سنوات ، كنت أبالغ في لوم نفسي وأقسو عليها بأنني أستحق كل مايأتيني ..
دَخَلْتْ ، أضأتُ الأنوار، ثم ألقيت بعبائتي على المنضدة ، وتهالكت على أقرب كنبة وأنا أُجْهِشُ بالبكاء..
أهذه ليلة زواجي التي طالما حلمت بها وخططت لها ؟؟
انتابتني موجة غضبٍ عارمة فأخذت أضرب بيدي على بطني بعنف وأنا أصرخ بحدة: لِيَسْقُطْ ذلك الذنب ولتسقط تلك الخطيئة ، لمااااااذا فعلتهااا ؟؟
بكيت وبكيت ، حتى اختلطت دموعي بمكياجي الذي تحول إلى اللون الرمادي من شدة الدموع ..
أنهكني البكاء ، ثم نمت من شدة التعب ..
لا أدري كم من الوقت استغرقته في النوم لِأَصْحُو مثقلةً بالهموم والألم ، وأنا لاأستطيع النظر أمامي لأن الكحل قد أعتم الرؤية أمامي .. تخبطت في مشيتي حتى وصلت إلى المغسلة ، ومسحت ماأستطيع به النظر تقريباً, ثم سرْتُ وأنا أجر فستاني الأبيض خلفي حاملة ً حقيبة يدي وعباءتي وشنطة ملابسي الصغيرة التي أبت أمي إلاَّ أن ترتبها بنفسها !
دخلت غرفة نومي التي لم أبال بشكلها المتواضع ، فقط كل ماأفكر فيه أن أتخلص من خطيئتي لأعود إلى بيت أهلي معززةً مكرمة ..
فتحت شنطتي ..أخذت منها ملابس هادئة ، وأبدلت فستاني ثم ذهبت إلى المطبخ وأنا أشعر بجوع ٍ فضيع ،
فتحت الثلاجة ..
لاشيء هنا على الإطلاق يشي بالحياة!
لم يكن لي بداً من الانتظار حتى يأتي لأطلب منه الأكل ، فلم أشأ أن أتصل عليه ، كنت أشعر بذلة عظيمةٍ منه خوفاً من أن يعيدني إلى أهلي قبل أن تكتمل الخطة..
كنت أرتدي من الحزن جلباباً ومن الهم رداءاً وأنا أتخيل وجه أمي الحنون حين تعلم بطلاقي !
أذن الفجر ، ثم أقيمت الصلاة وأنا أصبِّر نفسي عله أن يأتي ويحضر لي ما أسدُّ به رمقي ..
صليت .. والتجأت في صلاتي إلى ربي ، استغفرته وتبت إليه ، ثم استلقيت في مصلاي ،ونمت دونما أشعر
انتبهت فجأةً على صوت الباب ، كان قد عاد أخيراً
كنت متلهفةً ليديه إن كان أحضر طعاماً لي أم لا
لن أتجرأ أن أطلب منه حتى لو هلكت جوعاً
نظر إلي بعينين حُمُرْ .. ترمي بشرر ، ثم وضع الطعام على الطاولة ودخل إلى غرفة النوم !
انفرجت أساريري رغم خوفي فلم أكن أتوقع أن يجلس معي في نفس البيت ولو لساعة واحدة.. وماهي إلى دقائق حتى وصلني صوت شخيره المزعج..
لم أصدق أن الطعام قد أصبح بين يدي ، فتحته وأكلت منه مباشرةً دون أن أفرغه في صحن ٍ آخر..
كنت آكل وأنا أفكر داخلي
أيعقل أن أصل إلى هذه المرحلة من الذل والصغار؟
أيعقل أن يأتي يوم أرضى فيه برجل معدد.. دميم الخلقة.. معاقر للخمور ! لديه العديد من العلاقات !!
أكلت حتى شبعت ثم نمت لأستيقظ على صوته وهو يقول : بصراحة لا أدري كيف اقتنعت بالزواج منك !
كنت مجنون
على كل حال لن تخرجي من هذا البيت إلا الخروج الأخير ، ولاتحاولي مناقشة هذا الموضوع ..
ألقى بكلمته الأخيره وهو يقطب حواجبه ويزم شفتيه للأمام.. ثم خرج وأنا أشيعه ببصري ..
أغلق الباب..
استرجعت ملامحه
مالذي جعله يستولي على عقلي؟
لاشيء يميزه إطلاقاً
شكله دميم جداً
لماذا أحببته؟؟
كيف ظننت بأنه الجذاب ذو البشرة البرونزية الساحرة!!!!!
حقاً كنت مغيبة عن الواقع
دخلت إلى غرفة النوم ثم تناولت جهاز الهاتف النقال وأنا أتصنع الفرح ، اتصلت بأمي بصوت مثَّلتُ فيه الرضا والسرور ، أخبرتها بأننا سنسافر بعد قليل إلى لقضاء شهر العسل في مدينة الخُبر ثم سنتوجه بعدها مباشرة إلى الأحساء حيث عمل زوجي الجديد وأننا لن نعود إلا بعد شهور لعدم توفر إجازات،تحججت بعدم قدرتي على زيارتها بأن موعد الرحلة قد حان وأننا لم نستيقظ إلا متأخرين ،كما أخبرتها بأنني طلبت منه أن أعود بعد شهر العسل كي أسلم عليها لكنه رفض لبعد المسافة، كنت أقول لها ذلك وأنا أضحك داخلي على نفسي التي تجتر الألم في كل لحظه ،أبدعت في الكذب بينما دعت لي أمي بالتوفيق رغم استغرابها من تصرف زوجي المكذوب..
أغلقتُ الهاتف ، ثم عدت أبكي ..
لقد ذكرني صوت الحبيبه بأيامي السوداء ! حين كانت تتصل علي لتسأل عن سبب تأخيري فأجيبها بأن صديقاتي ينوين السهر هذه الليلة وأنني سأتأخر قليلاً بينما أنا أقضي وقتاً -كنت أظنه شيقاً- مع عامر الذي ظننته حبيبي
(7)
مرت علي شهور أربع وأنا لاأبرح منزلي إطلاقاً ، كنت فيه كعصفورةٍ صغيرة بين يدي صياد ! فأنا كل ما نطقت بكلمة هددني بالطلاق قبل الولاده ..
دخل علي ذات مســــاء منهكاً ويبدو أنه أكثر من الكحول هذه الليلة ،عرفت ذلك من رائحته المنتنه، كنت مستلقية في سريري ، ولقد أوشكت على التقيئ من نتن رائحته حين التفت علي وقال: لاتظنين بأن مجيئي إلى هنا لجبر خاطرك !! فأنا ألجأ إلى هذه الشقه كلما مللت من الإستراحة أو من إزعاج أطفالي ليس إلا !!
هذه الشقة قد استأجرتها منذ زمن بعييييد.. اهرع إليها وقت الحاجة فقط,, صدقيني ليس لأجلك أبداً..
لاأدر مالذي دفعه للتفوه بتلك الكلمات !! أهو إمعانٌ في تعذيبي أم تشفياً مني !!
تجاهلت حديثه ،وتصنعت النوم ثم انقلبت على جنبي الثاني لأبتعد عن رائحته المنتنه !
(8)
مرت الأيام تتلوها الليالي ببطءٍ شديد ، حتى لكأنه يُخالُ إلي أحيانا أن الوقت توقف وأن الزمان لا يمضي !!
كنت أتصل على أمي وإخوتي بين فترةٍ وأخرى أطمئنهم علي ، وكنت أتصنع المواقف من عندي لأخبرهم بأننا اليوم في رحلة تسوق أو جولة بمدينة ألعاب أو أو أو .. حتى خالج قلب الحنونة بعضاً من الشكوك !!
إنها تشعر بمصيبةٍ تلوح في الأفق ، حين طلبت مني أن تكلم زوجي يوماً ما .. وأنا وعدتها بذلك رغم خوفي منه ألا يوافق ..
هي لاتعلم أن له سبعة أيام ونيفاً لم تطأ قدمه عتبة داري..وبأنه لم يشاركني الطعام مرةً واحدة منذ أن تزوجنا ..
حضر ذات مساء كعادته منهكاً من أثر السهر .. أخبرته بأن والدتي ترغب في مهاتفته والسلام عليه ! كنت أتذلل له خوفاً من بطشه ،لكنه سَكَتَ ولم يجب ..
خالجني الخوف كثيراً فأنا أخشى ان ينفد صبره مني ومن ثم يتخلى عني قبل تمام الخطة
تفاجأت به يتناول جهاز جوالي الذي لايفتأ التنبيش به إطلاقاً فالشكوك على مايبدو تعذبه كثيراً ..
نقل رقم والدتي إلى جهازه ثم خرج....!!
أوشكت على الإنهيار خوفاً من الفضيحة ، فقد كذبت على امي بكل شيء .. كل شيء .. حتى السفر ..
هي لاتعلم بأنني لم أبرح مدينتنا إطلاقاً بل ولم أغادر شقتي البته ..!!
لكن على مااتضح لي لاحقاً أنها هاتفته لأجل السؤال عن الحال لاأكثر..
(9)
ذات يوم صحوت على غير عادتي ، كانت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباحاً حين أحسست بشيء ما ، يشبة الطعنات أسفل بطني!!
يبدو أنني سألد,, قلتها في داخلي وأنا أنتفظ من الخوف ،عددت أيام زواجي فوجدت انني اليوم أتممت مع عامر سبعة أشهرٍ وعشرون يوما ، بينما حملي له تسعة أشهر ٍ بالتمام والكمال ،
كنت أتذكر صوت الحنونة حين وصلني من سماعة الهاتف وهي عاتبة على خبر حملي باكراً وأخبرتني بأنه كان علي أن أتريث بضعة أشهر ، لكنني بررت لها الأمر بأنه خارج ٌ عن إرادَتِي !!
حاولت أن أتحمل الألم لعله نوبات مغص ٍ ستهدأ بعد قليل، لكن الألم يزداد جداً بوتيرةٍ متسارعة مما حدا بي إلى الإتصال بعامر الذي ماإن أخبرته بالخبر إلا وتسائل ببلاهة مصطنعة: وماشأني أنا؟؟؟
لِتَلِـدي بنفسك !!!!!!!!
أَجْهَشْتُ في بكاء عميق وأنا أولول وأندب حظي العاثر ،إذ كيف يتفوه بتلك الكلمات ولا يرأف بحالي
ظللت أدعو الله وأنا أدور في البيت إلى غير وجهه ،ودموعي تملأ عيوني مع شهقات تَنُمُّ عن ألم وقلة حيلة .
فجأة إذ بباب الشقة يفتح ... ها قد قدم أخيراً..
أستعجلني أن أرتدي حجابي وأتبعه بغير اهتمام، بينما عاد إلى سيارته التي تركها في وضع التشغيل ، لم يطلب مساعدتي في نزول الدرج.. يبدو أنه ضاق ذرعاً بكوني على ذمته ويريد التخلص مني في أسرع وقت..
توجه بي إلى المستشفى وتم إدخالي للقسم، استغربت الدكتورة لكوني لم أتابع الحمل إطلاقاً وتذمرت من ذلك الشيء وأن هذا قد يهدد صحة الجنين..
تمت عملية الولادة بعد مشقة تلاشت الآمها حين بدأت أخطط لأمي وكيف أخبرها الخبر ..
(10)
عاد بنا إلى البيت مساء ذلك اليوم ، احضر لي مسلتزمات مولودي وبضع ملابس وطلب مني أن أجهز أغراضي ليرميني على بيت أهلي بلا عودة..
توسلت إليه أن يؤجل الموضوع قليلاً ريثما أشفى من آلام الوضع كي أستطيع جمع أغراضي، فلم يجب علي ..
جلست مايقارب الأسبوع وأنا لوحدي في شقتي ، بعد أن أخبرت أمي بأنني ولدت قبل موعد الولادة وأن علي أن أنتظر أسبوعاً حتى يخرج المولود من حضانته وتطيب جراحي كي أحتمل السفر ..
الجميع من حولي يخالطهم الشك تجاهي !
موافقتي على شخص كعامر ..!
ومن ثم عدم زيارتي لهم البته ..!
حملي الذي جاء بشكل مبكر جداً ..!
وأخيراً ولادتي التي تمت بشكل يدعو للغرابة .....!
(11)
أمام باب بيت أهلي كنت أقف وهو خلفي يحمل الطفل ،كانت أمي متأثرةً جداً وخائفةً علي لأني ولدت قبل موعد الولاده حسبما أخبرتها ، صاَفَحَت عامر وأخذت منه الطفل والأغراض ثم ودعته..
كان من الحسنات التي احتسبها لطفلي أنه ضعيف البنيه صغير الحجم لكونه لم يتلق الغذاء والإهتمام لكنه أمرٌ جيد سيقنع أهلي بأنني وضعته قبل الشهر التاسع..
كنت أسافر مع خيالاتي الغير منتهيه دائماً ، وقد لَحِظت مني الحنونة هذا الشيء ، والدتي التي سارعت بتجهيز السرير وجميع الأدوية الشعبية التي قد تحتاجها المرأة في فترة النفاس ..
كنت أتخبط في خيالاتي ، من المؤكد جداً أنني لن أعود لعامر ولا لسجني ،أقصد شقتي، مرة أخرى
ولكن كيف لي أن أوصل الخبر لأمي ؟
لا ريب أن الكل سيلومني في عجلة اختياري
كانت الأفكار تفتك برأسي ليل نهار، وأنا لا أستطيع جمع شتاتها
لم أشفق على نفسي من شيء بقدر إشفاقي على التمثيل المتقن والذي كنت أتصنعه أمام أمي!!
كنت أشغّل نغمة الإتصال ثم أخبرها بأن هذا عامر !
وأتصنع محادثة هاتفيه !
بل وقد اتصلت مرةً على عامل التموينات المجاورة لبيتنا كي يحضر لي بعض الأغذية ويضعها عند الباب ثم أخذتها وأخبرت أمي بأنها من عامر!
ومع هذا لم أسلم من الشكوك ! يبدو أن الغالية كانت تمسك قلبها خوفاً علي..
حتى جاء ذلك اليوم
اتصل عامر .. وهذه المرة حقيقة
أخبرني بأنه أحضر ورقة طلاقي أخيراً وبأنني بعدها لايمكنني أن أعود لبيتي مرةً أخرى ، تقبلت الموضوع بكل هدوء لأنني كنت أنتظر هذا الخبر في أي لحظة ،كما أنني قد جمعت جُلّ أغراضي المهمه..
ولكن الجميع فُجِع بخبر طلاقي في نفس الوقت الذي توقعو حصوله ، بكت أمي كثيراً بقدر فرحتي من خلوصي من هذا الذنب وهذا السجن القاسي ..
(12)
مرت الأيام ومن خلفها الليالي ، كنت أتجرع خلالها مرارة الألم كلما رأيت أخواتي وهن يتحدثن عن أزواجهن أو يتضجرن من كثرة ارتباطاتهن ، كان بإمكاني أن أكون مثلهن وأحيا حياة سعيدة محفوفة بالإرتياح ، بيد أنني استعجلت الأمر بنفسي فندمت !
توفيت أمي عليها رحمة الله .. فيما لم يبرح ابني العامين من عمره .. كان الخبر مفجعاً لي أكثر من غيري ، لكوني قد اعتدت عليها وعشت معها أكثر سنيّ عمري
توفيت حبيبتي وتركت لي فيلا كبيرة أشبه بقصر ،محاطةٌ بفناء واسع جداً يشعرني بالرهبة أحياناً !!
كنت أضع يدي على قلبي في كل مرة يأتي الحديث عن الإرث ، أخشى أن يبيع إخوتي بيت أمي فأضيع ..
حاول بعض إخوتي وأخواتي إقناع أخي الأكبر و(وكيلنا) في الإرث بأن يبتاع البيت لاقتسام التركه ، بيد أنه رفض الأمر حتى أتزوج أنا ! كان يعلم هو الآخر أنه إن باع الفيلا فسأضطر للسكن معه !
عشت حياةً مخيفه ، مليئة بالضيق والهم ، إذ كيف لفتاة العشرينات أن تسكن فيلا لوحدها مع طفل صغير أَلِفَ الوحدةَ وَأَلِفَتْه ! كنت أعاني من النفقة ومن توفير مصروف البيت لي وله ..
لم يكن الأمر كذلك فحسب ، بل حتى إخوتي تجنبو زيارة بيت أمي ! لأشعر بعدها بوحشة فضيعة
عامر لم يسأل عن ابنه منذ أرسل لي ورقة طلاقي ، وبابي لم يطرقه خاطب منذ أن انفصلت عنه ، وابني صار يستوحش من الناس ويبكي بشده إن سمع ضجيجاً أو أطفال يلعبون ،
كنت رغم هذا ممتنة لأخي الأكبر الذي لم يشأ بيع البيت لأجلي ،
لكن فرحي لم يدوم طويلاً إذ قرر أخي بيع البيت بناءاً على إلحاح أحد أخواتي ، وهذا يعني أن أبحث لي عن بيت آخر أدفع ثمنه بنفسي ! وأنا التي لا أمتلك مصدر دخل ٍ ثابت
استأجرتُ شقة ، لم يزورني فيها أحد من إخوتي فالجميع تفرق بعد وفاة والدتي ، وحده أخي الأكبر الذي ساعدني على نقل أغراضي ومن ثم انقطعت أخباره عني..
اضطررت أخيراً لأن أعمل مستخدمة في مدرسة ثانوية كي أستطيع أن أسدد أجار البيت .. كنت أرى نظرات الشفقة في عيون الطالبات حين يرونني أمسح الأرضيات فيتهامسن بينهن بهدوء(مسكيييييينه تبدو صغيييرة جداً !)
(13)
ذات يوم ، في وقت الإستراحة كنت كعادتي أقوم بتنظيف الساحات مما يقع على الأرض من بقايا إفطار الطالبات ،وابني الوحيد يمسك بثوبي ويتفرج على جموع الطالبات،حين شدني حديث إحداهن التي كانت تسر لصديقتها خبراً خاصاً فيما يبدو
كانت تقول لها بعيونٍ تملأها الحب .. لقد خرجتُ معه ليلة البارحة ، كانت سهرةً ممتعة ،لم أعد منها إلا في الثانيةِ فجراً ، كان رومانسيْ ، رومانسياً جداً ، بشكلٍ قد لاتتصورينه أبداً..
ثم تنهدت بابتسامة حب وهي تنظر لصديقتها المعجبة بقصتها فيما كنت أشعر بحسرة وألم يقطعان نياط قلبي
أشرت لهذه الطالبة كي تتقدم نحوي ثم اقتربتُ منها و همست لها بحرقة : أرجوكِ ..
كفي عن هذا العبث فما اضطرني لمثل هذا المكان سوى حبيبي عامر! ، ومااقتادني لهذا الطريق سوا نبضات العاطفة!
_______________________
فاصلة:
لذة ساعة قد تُخَلِّف ورائها حسرةً مستديمة!
سارايزر 21.10.1433
|