بسم الله الرحمن الرحيم
كأنني ركبت آلة الزمن التي عادت بي إلي القاهرة يوم ولدت في شارع المعز لدين الله قبل ألف عام ويزيد.. وكأنني أقف علي باب سوق النخاسة في حوش المغربلين حيث كانوا يبيعون العبيد والجواري والقيان والحسان والطواشي والغلمان والنخاس العجوز بلباسه المهندم وصوته المنغم يرفع عقيرته بأحسن ما عنده من كلام ومحاسن وصفات عارضا بضاعته الآدمية علي الرائح والغادي: يا أهل مصر الكرام أمامكم جوار حسان.. أميرات من بيوت أمراء بر الشام.. وأسيرات حرب وقيان يقرضن الشعر ويضربن بالدف ويشدون بأعذب الألحان.. وعبيد مثل أعواد الأبنوس قوة وفتوة وبريقا.. وأطفال من نسل ملوك وأمراء حملتهم القوافل من سمرقند وطشقند وتبريز وأصفهان.. ياللا سنبدأ المزاد في الحال.. واللي ما يشتري يتفرج!.. امام عيني سوق النخاسة أو سوق الجواري كما هو لم تتغير ولم تتبدل..
الصورة هي الصورة.. والموقف هو الموقف والبضاعة هي البضاعة آدميون يباعون لمن يشتري ولمن يريد ولمن يدفع أكثر..!
الفرق بين الصورتين ألف عام ويزيد.. والنخاس الذي خرج من صفحات قصص ألف ليلة وليلة هو الآن أمام عيني امرأة هجمه طول بعرض نزعت قلبها من صدرها ووضعت مكانه حجرا أصم ابكم لا ينطق ولا يسمع ولا يري!
وسوق الجواري أصبحت بيتا أحني الزمن رأسه بداخله شقة مطرحين وصالة يتم فيها بيع بني آدم وشراؤه تحت أعين الجميع وبلا خوف من قانون أو دين أو ضمير!
لا تسألوني أين قابلتها وحتي ما هو اسمها وعنوانها.. فقد حلفتني علي المصحف.. كتاب الله الا اكشف سرها إذا هي باحت لي بكل الأسرار وكل الخبايا لمافيا بيع الأطفال وهم السلعة الآدمية الوحيدة التي تباع الآن في سوق النخاسة المصرية التي فتح أبوابها الفقر والعوز والحاجة والبعد عن الدين وانحراف الذمم وخراب الأمم ليس في القاهرة وحدها ولكن في بر مصر كله.. بعد ألف عام ويزيد من إغلاقها وكانت آخر مرة شاهد الناس سوق النخاسة في حي المغربلين والقلعة وبوابة المتولي!
بالألم كله دخلت بقدمي سوق النخاسة المصرية.. آخر طبعة نسخة2005.. لم أجد جواري أو قيان أو اسيرات حسان.. ولكنني وجدت بضاعة بريئة لا حول لها ولا قوة.. أطفال في عمر الزهور من كل الأعمار.. شهور سنة سنتين ثلاث سنوات بنات وأولاد.. بيض سمر حسب الطلب.. والسعر حسب وحسب المطلوب بس شخشخ جيبك وطلع المعلوم إنت وشطارتك في الفصال من500 جنيه إلي30 ألف جنيه.. يابلاش!
..............
لنقل أن اسم النخاسة المصرية الحديثة أم ازدحمد
المكان الذي ذهبنا إليها فيه: حي متطرف عن قلب القاهرة تصل إليه بعد جهاد وزحام وعرق وشعبطة في المواصلات.
نحن نجلس الآن علي كنبة بلدي مغطاة بكليم نستند بأيدينا علي تكاية مريحة ونريح ظهرنا علي مسند عريض بألوان مبرقشة يغلب عليها اللون الأخضر في غرفة تري الطريق كله أمامنا بزحامه وناسه وزعيق باعته المتجولين وصراخ المنادين علي الميكروباصات ودخان عوادم السيارات و الموتوسيكلات الخربة كلها تدخل صدورنا وعيوننا وآذاننا.
بنات ونساء وحوامل يدخلن علينا ويخرجن يحملن أطفالا ويرضعن أطفالا ويسحبن أطفالا.. لم اسأل عنهن أو مالهن بينما أم ازدحمد جاحظة العينين لا تهتم بمن دخل وبمن خرج وبمن صرخ وبمن بكي وتألم.
كان أول سؤال للنخاسة أم ازدحمد مفاجأة مذهلة بالنسبة لي: منفسكش في عيل؟!
قلت: عندك عروسة حلوة كدة!
قالت ساخرة: في السن ده ياراجل؟!
قلت: أمال عندك إيه؟
قالت: عندي لك هدية.. عيل زي الصبح المنور واللا عيلة زي القمر المدور تتربي في عزك.. وتكتبها باسمك!
قلت: باسمي كمان يا شيخة هو أنا ناقص عيال في السن ده البركة في الأولاد والأحفاد!
قالت: تحب تتفرج؟!
قلت: هو احنا كمان حنتفرج؟
قالت: زي ما انت عاوز.. عندي الأبيض والأسمر وفيه الشقرا والخمري.. وفيه من سن شهر لحد أربع سنوات!
تنادي بصوت عال: يابت يا باتعة هاتي أدهم وسنسن وعبدالله ويارا!
قلت: وفيه يارا كمان؟
تدخل باتعة تحمل طفلتين وتسحب طفلين غاية في البراءة وغاية في الضياع!.. واحد غارق في النوم والثاني يمص أصبعه والثالثة في يدها مصاصة!
اتفرج وأتألم دون صوت ودون نفس مشهد تتحجر لمرآه الدموع في العيون.. وتتوقف الطيور فوق الاشجارعن الصدح والشدو والتحليق.. وتحني النخيل هاماتها ويتوقف جريان النهر كله.. كأن الحياة قد توقفت وكأن الزمن لم يعد له حساب!
أمامي النخاسة أم ازدحمد وكأنها دواهي في فيلم: جعلوني مجرما والتي تقمصت شخصيتها ببراعة ريا.. اقصد نجمة إبراهيم وقدمت دور زعيمة عصابة الصغار.. وهي تشتري طفلين مولودين حديثا وضعتهما سارقتهما في مشنة من الخوص بلا غطاء ودفعت فيهما ثلاثة جنيهات لكي تطوف بهما امرأتان للتسول علي حسهما في الأسواق والشوارع.. ولكي يتحولا إلي نشالين صغيرين عندما يشبان عن الطوق في مصنع الجريمة!
قلت لدواهي أقصد أم ازدحمد: وبكام كده إن شاء الله؟
قالت: عاوز تشتري صحيح واللا بس فض مجالس!
حسبتها في رأسي ولكي ألعب دوري كاملا قلت لها بمكر الصحفيين: أصل فيه ناس كلموني علي عيل صغير.. وبكره واللا بعده حييجوا عندك هنا عشان يخلصوا علي طول!
قالت: لو فيه عندك ست عاقر مافيهاش عرق خلف.. واللا واحدة نشفت وعصعصت واتهد حيلها وانقطع سيرها دوران علي الدكاترة والمشايخ والدجالين وحفلات الزار والكوديه وطلبات الاسياد.. تيجيني علي طول طلبها عندي من غير مراسيل ولا جواب!
اسألها: والعيال دول منين يا ست أم ازدحمد؟
نظرت إلي في غرابة: اوعي تكون كده فاكر أننا سارقينهم أو خاطفينهم.. دول مولودين هنا علي يدي في الأودة الجوانية!
قلت: يعني أبوهم مين وأمهم مين؟
قالت بغضب لأول مرة: انت يا سيدنا الافندي جاي تشتري واللا جاي تحقق.. اوعي تكون مباحث واللا أمن دولة.. الشر بره وبعيد!
قلت: ياستي لا مباحث ولا أمن دولة ولا حاجة هوا يعني باين عليا قوي.. دا أنا مجرد واسطة خير بما يرضي الله.. ناس قصدوني في حتة عيل وناس ولاد حلال.. وولاد الحلال كتير في الزمن ده زي ما انتي عارفة!
هي تقاطعني بريبه: وولاد الحرام أكثر!
قلت: ربنا يبعد عينهم عنا.. قولي كلمة كده من وشك السمح ده!
** ملحوظة من عندي: أم ازدحمد وشها كله نكد في نكد مرسوم عليه علامات غضب الله وعيونها عيون ساحرة لئيمة تكيد كيدا كما في قصص الساحرات الشريرات اللاتي يقفن علي باب جهنم في أوديسة هوميروس!..
انتهت الملحوظة..
ابتسمت لأول مرة وكشفت عن فم كأنه قبو أسود بلا أسنان وقالت: صلي علي النبي.
قلت: اللهم صلي عليه.
قالت: عشانك انت بس.. الطفل المولود لسه من شهور بـ3 آلاف جنيه والبنت أم سنتين ب9 آلاف جنيه والولدين التوءم.!
قلت: وفيه توائم كمان؟
قالت: خير ربنا.. رزق نقوله لأ.. نحمد ربنا ونشكره الاثنين مع بعض بـ12 ألف والواحد لوحده بثمانية!
قلت: يابلاش ياست أم الهنا والسعد كله.. لكن كتير شويه الناس اللي محتاجين علي قد حالهم.. موظفين زي حالاتي ماهيتهم علي قدهم.. والست اللي قصداني في عيل غلبانة وعلي وش طلاق لوجه جوزها من السفر ومالقاش العيل بيوأوأ.. في الدار!
قالت: موش هنختلف كتير.. بس هات الناس بتوعك وحنكرمهم عشان خاطرك وخاطر الناس الطيبين اللي جابوك لي هنا!
...............
كما دعت دواهي.. ـ نجمة إبراهيم ـ سلطان ـ الذي هو فريد شوقي ـ في فيلم جعلوني مجرما إلي فنجان قهوة.. بعد أن أصبحا حبايب صفقت أم ازدحمد بيدها ونادت:
يابت ياباتعة اتنين قهوة من ايديك الحلوين,, واحدة مضبوطة للبيه وواحدة ليا عالريحة!
قلت وأنا ارتشف أول رشفة من القهوة البيتي من يد باتعة وقد زال مابيننا من حرج وريبة: قوليلي ياست أم ازدحمد.. العيال دول بتجيبوهم منين بالحق كده؟
قالت: إحنا بنداري علي الولايا وكله بثوابه وكله عند الله.. واللي عند الله مايضعش أبدا!
قلت: ولايا مين ياحاجة؟
قالت: البنات الصغيرين اللي بيضحكوا عليهم باسم المدعوق اللي اسمه الحب.. البت من دول تحب الجدع لحد مايجرجرها وتسلم له نفسها تحمل يروح مزوغ ويسيبها في مصيبتها.. لوحدها نلمها احنا وتعيش معنا في الأودة الجوانية لحد ما تولد.. وبالسلامة بعد ماشرف ثمن الخطيئة!
قلت: تاخدوا منها المولود وتسيبوها تروح لأهلها وكأن شيئا لم يكن!
قالت: شوف إحنا ناس طيبين قد إيه!
قلت: انتي حتقوليلي.. والمولود أمه تاخده معاها!
قالت: وتخش علي أهلها بيه ازاي هي يعني كانت ستنا مريم!
قلت: أمال إيه؟
قالت: ناخد العيل.. وبالسلامة لأمه!
اسأل: وإذا رفضت الأم أن تتخلي عن ضناها؟
قالت وقد انقلبت إلي نمرة شرسة: رد الجميل اللي عملناه فيها.. الولد ناخده إحنا حلالنا بلالنا.. ولعلمك كل واحدة بتغلط مابتصدق تتخلص من الفضيحة وتهرب بجلدها!
قلت: والمولود؟
قالت: ناخده لحد ما ييجي اللي عاوزه يدفع ويشيل!
قلت: ومين يربيه ويرضعه ويرعاه لحد ما ييجي المشتري؟
قالت: بناتي اللي انت شايفهم دول وكل واحدة ترضع وتربي مدرسة بحالها!
قلت: ولا شهادة ميلاد ولا يحزنون!
قالت: اللي يشيل يعمل شهادة لابنه اللي اشتراه ومكاتب الصحة بتسجل الكفت!
اسألها: يعني إيه؟
قالت: هو انت موش من البلد دي واللا إيه وإللا ماشفتش فيلم الزوجة الثانية العمدة صلاح منصور قال للمأذون: مكتب الصحة بتاعنا والدفاتر بتاعتنا اكتب يا راجل اكتب!
قلت: انتي موش سايبة حاجة ابدا!
.............
مازلنا في بيت الخطيئة الذي تديره نخاسة هذا العصر أم ازدحمد التي تبدو دواهي التي تربي أطفالا منحرفين وتصنع جيلا من النشالين.. إلي جوارها وكأنها قديسة نتبرك بها بالقياس إلي من يبيع الإنسان نفسه وهو بعد غض غرير لا حول ولا قوة.. زغب الحواصل لاماء ولاشجر!
يدور همس في الحجرة الداخلية لا اسمعه سرعان ما يعلو ويتحول الي صوت مسموع فإذا به نقاش بين مشتر لا أعرفه وبين الابنة الكبري لأم ازدحمد ويدها اليمني كما تقول عنها ينتهي بعبارة: مالناش نصيب قالها الزبون وخرج.
تخرج إلينا الابنة الكبري لتحكي الحكاية: ياستي عاوز ياخد عبدالله يوريه لزبون سقع ويجيبه.. واحنا نعرف منين إنه حيرجعه تاني.. يمكن ياخده ويطفش قلنا له سيب عربون ألف جنيه ماسابش!
أم ازدحمد تعقب بشخطة: مافيش عيل يخرج من هنا ولا حتي بعربون.. اللي يدفع يشيل علي طول!
اسألها فجأة: طيب لو البنات بقت آخر استقامة واخلاق وورع ومابقاش فيه حمل سفاح.. واللا بنت غلطت.. السوق يشطب عندكم؟
قالت: موش حيحصل!
قلت: لو حصل يعني؟
قالت: وهما الستات اللي بيغلطوا كل يوم راحوا فين دول زي الهم علي القلب.. واحدة مطلقة وغلطت أو أرملة ودماغها زنت في الحرام.. واللا حتي زوجة جوزها غايب في الخليج بقاله كتير وحبت تفرفرش عن نفسها فوقع المحظور!
قلت لأسد عليها كل المنافذ: كلهن أصبحن آخر استقامة.. تعلمي إيه؟
قالت: انت عمال تسدها في وشنا ليه من ساعة ما قعدت؟
قلت: مافيش حاجة كده واللا كده؟
أقصد حاجة مسروقة مخطوفة.
قلت: هربانة من قسوة مرات أب أو جوز أم.. عيل تايه؟
قالت: مابشتغلش في الحاجات دي.. بس لوجت مايضرش لكن مالناش في الهربانين دول لأنهم بيبقوا كبار ودول بياخدوهم أول بأول اللي بيدورهم حرامية ونشالين واللا بياعين في الإشارات!
قلت: امال انتم ليكم في ايه؟
قالت: لو الدنيا خلاص قفلت قدامنا أبوابها.. والسما بطلت تمطر عيال صغيرين.. نعمل احنا عيال ونبعهم!
اسأل بلهفة: تعملوا عيال.. ازاي انتم عندكم مصنع لانتاج أطفال حسب الطلب؟
قالت: مصنع طبيعي وحياتك ومن عند ربنا!
قلت: ازاي ياست الحاجة؟
قالت: أنا حااريحك علي الآخر واقولك!
...........
قادتني من يدي إلي الحجرة الداخلية.. منصوب فيها سرير وكنبة استامبولي وترابيزة خشبية مدورة تطل علي الشارع الخلفي من خلال شباك قصير القامة تتخلله اسياخ حديدية.
قالت: شايف الاودة دي هي اللي بنستقبل فيها الستات الحوامل سفاحا لحد ما يولدوا وبالسلامة.
تنادي علي بناتها: ياللا يابنات اطرأوا شويه!
نجلس علي الكنبة جنبا إلي جنب.. هي تتكلم ولكن هذه المرة همسا قالت: الكلام اللي حقولهو لك يفضل سر مابيني وبينك!
قلت: في بير مالوش قرار!
قالت: إنت لحد دلوقتي ماسألتنيش علي أبوالبنات!
قلت: ايوه صحيح هو فين دلوقتي؟
قالت: بعيد عنك في القصر العيني بعد الحادثة اللي حصلت له وطارت فيها رجليه وأصبح عاجزا.. واحنا ربنا يقدرنا من بعده بنقوم بالشغل كله بداله.!
اسألها: وهو كان شغلته إيه؟
قالت: شغلانة منيلة بنيلة بعيد عنك؟
اسألها: شغلانة إيه يا حاجة؟
قالت: كان استغفر الله العظيم.. كان يسرح البنات.. كل واحدة تعمل اللي علي مزاجها لحد ما تيجي يوم وتقوله: أنا حامل يابا!
هنا يفرح بيها ويشيلها في عينيه الاتنين ويقعدها في البيت ويستتها ويصرف عليها من مجاميعه لحد اما تولد.. وبعد كده يتصرف هو في المولود!
قلت: إيه يبيعه يعني؟
قالت: أمال يعني هاتربيه ونكبره.. نعرضه للبيع.. والستات اللي نفسهم في عيل واحد يملي عليهم البيت في كل حته!
قلت وقد صدمتني الحقيقة المرة: يعني بيتاجر في عرضه وعرض بنته ويبيع ابنها اللي هو حفيده!
قالت: إنت مستغرب ليه؟ الواحد يعمل الغلط مرة وبعد كده يبقي طبيعي.. واللي بيقتل واحد يقتل عشرة!
قلت: علي رأيك!
لم أعد احتمل رحلة الغوص في مستنقع الخطيئة.. أحسست كأنني أحمل فوق كتفي كل خطايا البشر فوق خطاياي وأخطائي.. وقفت منتصبا وقلت لنخاسة هذا العصر: اشوف وشك علي خير.. كام يوم كده وأجيب لك الزبون لحدهنا!
قالت وهي توصلني إلي باب البيت: ماتنسناش والنبي لحسن السوق نايم!
..............
..............
مسلسل بيع الابناء مازال مستمرا وربما سيأتي يوم نسمع فيه الباعة المتجولين في الشوارع يصيحون: عيال بداري للبيع.. قرب قرب قبل ما نشطب!
وإذا لم تصدقوا أن هذا اليوم شئنا أو لم نشأ قد أصبح يطرق أبواب حياتنا وأننا سنعود يوما إلي عصر النخاسة والجواري والقيعان.. وإن كنا قد بدأنا بالأطفال حتي الآن.. فبماذا تفسرون هذه القائمة السوداء لبيع الأطفال في بر مصر كله؟
مواطن مصري من معدومي الدخل يتجول في شوارع مدينة بورسعيد عارضا بناته الأربع للبيع: أرزاق وعمرها10 سنوات وكريمة8 سنوات وبدر6 سنوات وبدوية4 سنوات.. سأله مندوب جريدة المصري اليوم: لماذا تبيع فلذات كبدك؟
قال: لا أجد مأوي لهن ولا ثمن ما أطعمهن به.. أخاف عليهن من التشرد والجوع فعرضتهن للبيع!
المسألة نفسها تكررت في مدينة الحمام بمحافظة مرسي مطروح حيث قام أب بالإعلان عن مزاد علني لبيع أصغر ابنائه الثلاثة لأعلي سعر كي يستطيع تعليم ابنته الكبري بكلية الطب والوسطي بالثانوية العامة وكانت الابنة الكبري من بين العشرة الأوائل لكن الفقر منعها من استكمال تعليمها بالسنة الثانية طب الإسكندرية لعدم مقدرتها علي سداد مصروفات الكلية.. ورفض المسئولون بالكلية إعفاءها من المصروفات!
وأب آخر يعرض ابنته الصغيرة للبيع بمبلغ ثلاثين ألف جنيه لكي يتزوج من جديد وينجب الولد بعد أن فشلت زوجته الأولي في انجابه!
في منطقة مدافن اليهود بالبساتين قامت سماح ببيع ابن شقيقها محمد بمبلغ خمسة آلاف جنيه لكي تسهم في مصاريف زواجها!
وادعت سماح لأخيها وزوجته أن طفلهما سقط منها أثناء ركوبها سيارة مكيروباص ولقي مصرعه ولكن الحقيقة المرة كشفها رجال الشرطة!
كشك لبيع الأطفال.. صاحبه رجل عجوز يلتقط الحوامل سفاحا من الشوارع لبيع أطفالهن.. ويسمح لبناته باقامة علاقات آثمة لكي تلدن له أطفالا يبيعهم لمن يريد.. سعر الطفل ثلاثة آلاف جنيه وسعر الطفلة أربعة آلاف!
أب في الفيوم يبيع طفله بثلاثة آلاف جنيه والمحكمة تبرؤه!
...........
ماذا بقي لنا في هذا الزمان الرديء؟
لقد أصاب الوهن نفوسنا.. ونسينا ربنا وديننا.. واصبحنا أمة بلا خلق وبلا دين وبلا عرف وبلاتقاليد نبيع أولادنا بدم بارد.. وكأننا نبيع سلعة أو كرسي أو سيارة..
ويوما يجيء عما قريب يسرح فيه الباعة الجائلون في الشوارع بالأطفال إلي جانب اقفاص الطماطم والخص والباذنجان.. وينادون علي بضاعتهم: الأطفال السمان.. قرب قرب قبل مانشطب!
ويوماما ستعود أسواق النخاسة إلي شوارعنها وأحيائنا.. وان اقتصرت حتي الآن علي بضاعة البراءة تباع أمام أعيننا وتشتري!
29-12-12, 08:17 AM
هنا يبـاع الأطفال ويشترون! نحقيق بقلم عـزت السـعدني
رد: هنا يبـاع الأطفال ويشترون! نحقيق بقلم عـزت السـعدني
جديد مواضيع قسم التحقيقات
العرض العادي
