إصراراً منه على الاستمرار في حياته وطبيعته الحافلة بالمشاكل مزج البرتغالي جوزيه مورينيو المدير الفني لريال مدريد الإسباني لكرة القدم صراعاته الداخلية والخارجية في عام 2012 ليصبح في مواجهة مع الجميع.
ورغم نجاح مورينيو في قيادة الريال لاستعادة لقب الدوري "لا ليغا" بعد سنوات من الإخفاق، أنهى الـ"سبيشيل وان" و"الميرنغي" هذا العام على صفيح ساخن.
وأكّد مورينيو هذا العام على شيئين يسريان في دمه هما، قدرته على تحقيق الانتصارات والفوز من ناحية وشهرته في إثارة المشاكل والصراعات من ناحية أخرى.
كما أصبح مورينيو أول مدرب يحرز لقب الدوري المحلي في أربع دول مختلفة حيث تُوّج بلقب الدوري البرتغالي مع بورتو ثم نظيره الإنكليزي مع تشيلسي وبعدها فاز بلقب الدوري الإيطالي مع إنتر ميلان، قبل أن يُتوّج جهوده مع الريال بلقب الدوري الإسباني.
ولكنّه في الوقت نفسه، دخل في صراع محتدم مع الجميع داخل وخارج أسوار النادي المدريدي.
أخضر ويابس
بعد عبور موسمه الثاني مع الريال، ضاعف مورينيو من قائمة الأخطاء التي ارتكبها خلال مسيرته مع الفريق والتي وصلت في بعض الأوقات إلى محاولة إحراز الانتصارات في مجال فرض الهيمنة التامّة على مجريات الأمور لدرجة أنّه لم يعد بالريال أيّ شخص باستثناء فلورنتينو بيريز رئيس النادي يستطيع إصدار قرار أكثر نفاذاً من قرارات مورينيو، إذ أتى هذا الأخير على كلّ أخضر ويابس.
وعقب نجاحه في التخلّص من طبيب الفريق والطّاهي وكذلك مدير عام النادي الأرجنتيني خورخي فالدانو، بدأ مورينيو الموسم الحالي بصفته أهم الشخصيات في النادي بعد بيريز مباشرة.
وامتلك مورينيو السيطرة الكاملة على مقاليد الحكم الرياضي داخل النادي الملكي، فأصبحت جميع الأمور الرياضية في النادي تحت رقابته بداية من وجبات اللاعبين وحتّى السيطرة على الإدارة الصحفية بالنادي، فما من شيء يتمّ دون علمه وموافقته بما في ذلك الصفقات التي يبرمها النادي.
موسم المصادمات
شهد الموسم الحالي موجة هائلة من المصادمات التي كان مورينيو أحد أطرافها دائماً، ولم يُفلت من هذه المصادمات مع المدرب البرتغالي سوى الاتحاد الأوروبي للعبة (يويفا) وكان ذلك أمراً اضطرارياً بعدما وضع مورينيو تحت حدّ الرقابة منذ 2011، وبالتحديد منذ هجومه الشرس على الـ"يويفا" والحكام الذين يديرون مباريات الفريق الأوروبية مثلما فعل مع الحكام في إسبانيا.
وأطلق مورينيو سهامه ضدّ الجميع بداية من منافسه العنيد برشلونة ومروراً بجداول مباريات الفريق وروزنامة الارتباطات ومدربي الدوري الإسباني والمشجّعين ومدرب الفريق الثاني بالنادي والمسؤول عن فرق الشباب بالنادي، وصولاً للعديد من لاعبي الفريق.
ووضّح ذلك أخيراّ بوضعه حارس المرمى الأساسي إيكر كاسياس على مقاعد البدلاء في مباراة الفريق أمام ملقا وذلك في آخر مباريات الفريق هذا العام.
أما بالنسبة لبرشلونة، جدّد مورينيو تشكيكه في شرعيّة وأحقية الفريق الكتالوني في لقب دوري الأبطال الذي أحرزه عام 2011 بعدما أطاح بالريال من المربّع الذهبي للبطولة، مُشيراً إلى أنّ ذلك جاء بقرارات تحكيمية مثيرة للجدل.
وقال مورينيو، في العديد من المؤتمرات الصحفية التي حضرها هذا العام :"نعلم جميعا ما حدث".
كما أعرب مورينيو عن شكواه وتذمّره المستمرّ من مسؤولي رابطة الدوري الإسباني الذين يضعون جداول المباريات. وقال :"يبدو واضحاً أنّ الأندية الأخرى (مثل برشلونة) لديها سيطرة كبيرة على روزنامة المباريات".
ولم يتوان مورينيو كذلك عن توجيه سهامه إلى المدرّب الإسباني الهادئ و"المُسالم" فيسنتي دل بوسكي المدير الفني لمنتخب "لاروخا".
ولدى سؤاله عن جوائز الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) حيث يتنافس مع دل بوسكي وجوسيب غوارديولا المدير الفني السابق لبرشلونة على جائزة أفضل مدرب في عام 2012، قال مورينيو :"ليس لديّ الوقت للتفكير في هذه المنافسة مع غوارديولا الذي لا يدرّب فريقاً الآن ودل بوسكي الذي يخوض مباراة كل ثلاثة شهور".
كما كان لمورينيو صدام مع لاعبه سيرخيو راموس الذي وضع على مقاعد البدلاء في المباراة أمام مانشستر سيتي الإنكليزي بدوري الأبطال. وبرّر مورينيو هذا بقوله :"راموس أحد أفضل اللاعبين عندما يكون في تركيزه".
ولم يكن تعامله أفضل حالاً مع لاعبين مثل الألماني مسعود أوزيل وراؤول ألبيول والبرازيلي ريكاردو كاكا.
ولكنّ الصراع وصل في الآونة الأخيرة مع عدد من الشخصيات التي كان يجب أن تكون أبرز حلفاء مورينيو ومنها حارس المرمى الأسطوري كاسياس صانع العديد من انتصارات الفريق، وكذلك مع مسؤولي النادي.
وقال مورينيو :"كالمُعتاد، أنا من يتحدّث. إنّني الوحيد الذي يتحدّث كالشرّير (الوغد) في الأفلام".
رحيل مرتقب
في خضمّ كلّ هذا الضجيج نجح مورينيو في الفوز مع الفريق بلقب الدوري الإسباني بعدد قياسي من النقاط (100 نقطة) والأهداف (121 هدفاً)، كما أنهى سيطرة برشلونة التي ظهرت واضحة في السنوات الماضية ولكنّه سقط بشدّة مع الفريق في بداية الموسم الحالي وابتعد عن دائرة المنافسة تماماً حتّى قبل وصول البطولة لمنتصف طريقها.
ويبدو أنّ بداية العام المقبل لن تكون أكثر هدوءاً بالنسبة لمورينيو، بعدما اتّسع الفارق الذي يفصله عن برشلونة متصدّر جدول الدوري الإسباني إلى 16 نقطة.
ولم يعد الحديث حالياّ عن المنافسة على الألقاب وإنّما يتركّز على إمكانية رحيل مورينيو وعدد من لاعبي الفريق بنهاية الموسم الحالي خاصة وأنّ مغادرته، وقد يقضي على العديد من المشاكل والخلافات داخل النادي.
ولم يُبد مورينيو أيّ اعتراض على الرحيل من تدريب الفريق رغم تمديد عقده مع النادي في آيار/مايو الماضي حتى 2016.