(2)
وَداعا لذكرياتٍ غَلفتُها ووضعتها هاهُنا في رفٍ خِزانتي العلوي
وَنسخةٌ اخرى خبأتها في اعماق سَحيقه مِن جَوفِ قلبي
والبعضُ مَنها لازال يُقرأ بوضوحٍ تام في عيني
وَداعاً لأُمٍ لو كان بيديها ان تَهِبَ لي لوَهبتني فَرح الدنيا بِ أكمَله
وداعا لقبرٍ أغدقتَهُ من مدامعي انهارا جاريه..
وداعا لصديقات كُن لي الحياه امسكو بيدي وقت اشتداد الامي
سَ أُخيط جرحي وسـ اتمتم لِ قلبي لا عَودةَ لكَ هَا هُنا ابدا ..
سَـ أُشرع الابواب حتى اخرج من هذا المَكان .. لاني على يقينٍ تام انني لو طرقتُها مره اخرى لما فُتِحت لي
سَـ أرضى بِقدري ونصيبي .. وسـ اسعى جَاهده لِـ تَحويل الامور لِـ صالحي .. باذن المولى الجبار
.........
احكمت والدتها قبضة يديها المُرتَجِفتان على يد ابنتها :ان كان ما ارتحتي تعالي ما عليك من عمك اهم شي راحتك ..
احتضنت الام الحنون وَبكت للممرة العاشره هذا اليوم : الله لايحرمني منك يالغاليه والله ما يهون عليه فراقك لكن رضاك عندي بالدنيا
جاء اليها صوتهُ الكَريه :ابو خالد ينتظرك في السياره اقترب منها ليِودٍعها فهمس في اذنها اليمنى لو جيتيني مره ثانيه مالك مكان عندي ..
ابتلعت غصًتَها لفلفت عبائَتها وهمت بالنزول الى المجهول الى الا شي
الى المكان البعيد الى العالم الغريب الى الصمت المُريب ..
..
لازال يعبثُ في هَاتِفه ويتحدث مع ذا وذاك يصرخ على هذا ويسخر من آخر ..ولم يتفوه لها بِكلمه .. لازالت تدعي في قلبها ان لايوجه لها حديثا قط حتى لا تَفقد اعصابَها وترمي بما لا يليق ..
...
في الطائرة .. تَذكرت
وهل لها أن تنسى أول مره صعدت فيها سلالِم الطائرة هي خائفة وَيديهِ الحانية تَحثها إلى الأمام وتبتسم لها بشغف انهُ شَهر العسل على ما يَقولون ما كانت حياتها بِجانبِه عسلاً بِقدرِ ماكانت شَهدا وجمالا راحةً وآمانا
حباً لا تسعهُ السٌطور ولاتستوعبه العقول
هِيَ دَفنت قلباً لَها بِجانب جُثته في قبر صغير ..
وَأدت ابتِسامتها افراحها آمالها وتفاؤُلاتها مِن بَعده ..
اعادهُ صوتها الكريه للواقع : الا كيف مات اللي كنتي متزوٍجته ؟!!!!!!!!!!
هُو سؤالٌ مُوجع سيء لو الفت بِ اجابته مُجلًدات لما كَفتها احتقنت الدماء وثارت الاعصاب ولكنهُ لم يُمهلها الاجابه حتى عاوَد هاتفه الرنين فَ صمتت
واقنعت نفسها ان الصمت سَيكون السياسه التي ستتخذها مَعه لأنه همجي غبي لا يعرف حجم تِلكَ الأبواب التي فتحها عليها ببضعة أحرف مقيتة ..
أحداث سريعة هُوَ لاهٍ في هاتِفِه وَهِيَ غارقة في ذِكرياتٍ مُوجِعه من الطائرة إلى السيارة إلى البيت ولم تتنبًه لِـ الوقت الطويل اللذي مر عليها
..
لم يَكُن بيتاً بقدرِ ما وصفته هِي بالقصر .. لكن قصر مُهترئ جدا قَديم جدا جدا لو نفثت الهواء من بين شَفتيها عليه لتطاير منهُ الغبار بملل .
أمر السائِق بان يتبعهم بالحقائب
: انزلي يالله وصلنا
جرجرت رجليها التي كادت أن تتسمر من عظمة هذا المنزل ولكنًها تبِعته ..
دخل فَ لحَقت بِهِ ..
واطالت التًحديق مَنزِلا غريب بِه الكثير من اصواتِ الانفاس ولو فكرت ان تَعددهم لاحتاجت اله حَاسِبه اطفال وكبار رجال ونِساء اختلطت اصواتهم بِ اصوات الملاعق والسًكاكين .. لا بد انهم يتناولون وجبةً مَا .. نظرت للساعه في يديها تشير الى السادِسه مَساءً
( أي وَجبةٍ يَأكُلون ؟؟!!).
نظر اليها ..: اجلسي هنا
..
وَذهب الى منبَع الاصوات ..حدقت مره أُخرى مساحه وااسِعه شَاسِعه يتوسًطها الدرج مع المُنتصف على اليمين كَنبات مُتفرٍقه مُتفاوتة الالوان بشاشه تِلفزيون كبيره وفارهه اتسعت عينها من يملكُ شاشه كَتِلك من الاولى ان يملك طقم من الاثاث كامل ومتناسق لابأس بِهِ على الأقل ولكنًها ما رأت الا بَقايا اثاث
وَعلى اليَسار صالون آخر ولكنه ارقى من الاول بِقليل توجد بِهِ ستائِر جميله ومُكتمل ولكنه ايضا مُهترى ... وقديم جدا
نَظرت الى الارض وهي تَستمِع لأصواتِهِم التي بدأت في التعالي والصراخ دون ان تفهم ما يَقولون فرأت الأرض قد فُرشت بِ فرشٍ قديم لونه اخضر ولم يطرأ في بالها ذاك الوقت الا مطبخ جدتها الراحلة قبل أعوام وأعوام .. خرج إليها غاضباً وهو يردد : تعالي يا هديل شددت مِن التفاف طرحَتها على رأسِها واجترت خطَواتِها ..
وبدأ في تَعريفَها عليهم ..
:هذولا حريمي ..
الأولى زينه (وَمِن الوَهلةِ الأولى بدى لها انها تحمل بين جنباتِها قلباً طيبا مُنكسِرا ..)
وهذي سهام بنت زينه .. (قدرتها انها في العشرين من العمر تبدو لا مُباليه ابدا بمن حَولها )
وهذا صقر قدًرته في الرابعه والعشرين من العمر (كذلك يدو لا مُبالى)
وهذي اماني وليلى (وما كانوا الانسخه واحده) توائِم قدًرتهم في الرابعه عشر
وهذي حرمتي الثانيه منيره (عينان حاده ونظره قويه عكست لها حجم الوجع الذي تَعانيه من صدمة زواج زوجها .. ولم ترى حَولى أي اطفال)
اما الثالثه سَمر
فقد كانت ُمختلفَه جميله الى حَدٍ مَا قَدرتها هديل انها في الثلاثين مِن عُمرها ويُحيط بها الكثير من الاطفل أكبَرهم يُقدر بالثالثه عشرواصغرهم بالثانيه
..
..
اشارَ اليها الى عجوز وعجوزه انهكهُما كُبر السٍن يجلِسان بِتَعب على احدى الكنبات اقتربت هديل .. قبلت ايديهما وابتَسمت تَعشق كِبار السن وتشعر في قرارة نَفسها ان وُجودَهُما امانٌ لها
سألوها عن الحال واجابتهم بِ : الحمدلله .. مُكتَفيه بِها وَهي تحدق في الوُجوه الجديده..
اشار اليها : هذا اخويه الكبير سالم وهذي زوجته بَهيه .. بدا لها ان زوجها اكبر منه بالرغم من انه قال أخي الكبير .. وبدت لها زوجته امرأة وقورة كبيره في سِنٍها
وهذا أخويه ياسر وهذي زوجته نوره ..
اشار الى فتاه جميله جدا وقال هذي سلوى بنت اخويه سالم .. ولكنها كانت متعجرفة على خلاف والدتها
وأشار للطرف الآخر هذا فهد ولد ياسر .. ومِن الوهلة الاولى استنتجت امرأ غريب وشعرت بشعورٍ عجيب .. ثم راهنت نفسها انً سلوى وفهد بينها شيئ مَا ..
استنكرت ما استنكرت .. فَهم لا يتغطون عن بعض ولا يرتدون العبائه او الحجاب حتى ولكنها ابتسمت اخيرا بعد كُل هذه الزوبَعات عندما سَمعت بهيه تقول : الباقين برا البيت ترانا ما خلصنا باقي كِثير
أشار الجد لابنتِهِ هيا والتي تَبدو بائسة ويائِسه .. قومي يا هيا وريها غرفه لها خليها ترتاح أكيد جايه من سفر وتعب
واكمل حديثه مع ابنه
: وش علوم السعودية وكيف الناس هناك ؟
تبعت هيا بعد أن حملت حقائِبها لأنها لم ترى أي خادمه في المَكان وصعدت السلالم تحتَ انظار الثلاثي التي كادت ان تلتهمها
تَبَعتها منيره وَ سَمر بغيض شديد ..
استوقفوا هيا في آخر درجه فَتحدًثت منيره بنبره حاده : هيا أي غرفه بتعطينَها ؟؟
صَمتت هيا لوهله وَكأنها تُحاول ان تستوعب السؤُال ..
باغتتها سَمر الغرفه ذيك .. شهقت منيره لا هذيك من اكبر الغرف هنا ...
تمتمت لها سمر بِكلمات وهي تبتسم حتى ابتسمت منيره ..
فدب الرٌعب على ملامِح هديل .. ما هو عيب هذه الغرفه ؟؟ لماذا لازالا يبتسِما لابُد وأنهما يَكيدا لها المَكائِد
تحدثت هيا بعد صمت طويل : لا بشوف لها غرفه جمب غرفتي ..
ولازالا يقنِعانَها بَعد ان أخذاها بَعيدا عَن هديل حتى وافقت ..
..
بدأت هديل يداها ترتَجِف مِن حجم الخوف الا انها حاولت ان تُظهر لهم انًها قويه جدا ولا تَخافَهُم فتحت لها هيا الباب وهم لازالو يرمَقونها بنظراتِهم
تَنفست بِعمق مُحاوله ان تتدارك الغصه التي كادت ان تختنق منها ثم دخلت ..
ابتلَعت ريقها اكثر مِن مره رائِحه كَريهه جدا جدا اثاث مُتكسر مُهترئ جدا
بعد فتره من التحديق بدأت ترى الايجابيات محاوله التغاظي عن السلبيات فقد وَعدت نَفسَها ان تقلب كُل الاوضاع لصالحها
تتميز بصاله كبيره في يَسارها مخزن صغير ممتلئ بالغبار وباشياء قديمه جار عليها الزمن ..درَجه كبيييره في الصاله تؤدي للجزئ العلوي
الباقي منها صعدت الدرجه فَ خُيٍل لها انه اجمل مكان حتى تستسيغه وصرخت عِندما رات بَلكونه بباب زُجاجي متكسر ذا منظر جميل جدا اقتربت منها هيا بضعف : نامي عندي كم يوم لين نزبطها لك
ابتسمت هديل : على انها معدومه بس يحتاجها شوي تصليح وتصير شي خيالى
تمتمت هيا : بس ابو خالد ما راح يعطيك ولا درهم .. نظرت اليها نظره حاده : ليش تزوجتيه وانتي عارفه ان عنده حريم
اطبَقت هديل جِفنيها بالم :.. صدقيني لو بإرادتي ما اخترت اكون في هذا المكان دقيقه واحده ..
: هو اخويه واحترمه بس ترى فيه عيوب كثير اولها لا تطلبينه فلوس لانك لو طلبتيه ما راح يعطيك شي الا بعد ما يذلك وكل مشاكل حريمه معاه على ذا الموضوع غير كذا لاتتناشبين مع حريمه ابدا ابدا ترى كل وحده ماكله الثانيه كيف لو تجمعوا عليك ..
وغير كذا لمن قالو لي هذي الغرفه وحاولو يقنعوني قلت كل الغرف نفس الشي معدومه بالذات انها ما انسكنت من عشرات السنين .. امسكت بيديها .. خلاص تعالي معايه غرفتي الحين ريحي بدلي وارتاحي
....
لازالت على سِجًادَتها تصُلي وتدعي بِحُرقه وبداخلها كُل اليقين ان المولى سَـ يهب لها الراحه في يومٍ ما .. تحدثت لها هيا : يالله تعالي جبت لك اكل
ابتسمت هديل هاهوَ المولى استَجاب دُعائَها وبَعث لها ب هيا التفتت اليها :
تصدقين حاسه انا بنكون صديقات . اقتربت اكثر وهي ترتب سِجادتها ابتسمت هيا لها بألم : بيجي يوم وتتركيني دايم يقولون عني بومه وما اتصاحب
جلست بالقرب منها على سرير بسيط جدا : انا لي نظره في الناس ما تخيب وانتي قلبك زي الثلج الابيض .. بَس سار لك حادِثه مُعينه في حياتك افقدتك ثقتك في نفسك وهي حادثه قديمه لكن مأثره فيك لهذي اللحظه صح ؟
ابتَسمت هيا .. ايش تخصصك ؟؟ اكيد انك دارسه صح
حاولت هديل تشتيت نظرها في انحاء المكان فلم تَشأ ان تخبرها انها خريجة علم نفس بشهادة امتِياز حتى لا تهرب منها او تخاف
لا تعلم هديل بالضبط لما كذبت وقالت لها انها خريجة قسم رياضيات .. لم تُريد ان يعرف احد سواء هيا او غيرها انها قادره على تحليل نفسياتهم وفهمها بسهوله حتى لا يكونوا حذرين معها ..
كانت تستطيع ان تعالج من حولها بمهارة وتخرجهم من احزانِهم الا انها عندما هوت ووقعت في اوجاعها وصدماتِها لم تستطيع انتشال نفسها طيلة الأربع اعوام
بدأت في الأكل في حين بدأت هيا بالحديث : انا كلمت جابر ابو خالد عنك ووعدني يجي يعطيك فلوس .. ونبدا نصلح غُرفتك ابتسمت لها بِحُب وهي تهمس في داخِلها ايٌ اصلاحات التي تتحدثين عنها الغرفه تحتاج الى ترميم بالكامل ..
انقضى اليوم الاول لَها بَعد ان خلدت الى النوم على فَرشه صغيره بالقرب مِن سرير هيا الصغير مُحاوله جاهده ان تتظاهر بالتعب حتى تنام ..
وهي تُفكٍر وَتخطط كيف تتعايش مَع وضعٍ كَهذا كيفَ تَصنع لِنفسِها مَكانه وَسط هَؤلاء البشر لا تَهتز ابدا هي الآن لم يسع تفكيرها الزوج البخيل الغاضب الغَبي سَتُعالجهُ يوما ما وعدت نفسَها بِهذا الامر
ثُمً غَفت وسط اكوامٍ من التفكير ولاول مره من اربع اعوام لا تُبلل مخدتها بالدٌموع لا تنتحب على صورة حبيب قلبها وهوَ مُحتضن ابنها الراحِل ..
وَ لعل هذا الامر خيرٌ من الله لَها
سَـ يُنسيها شَهر نِيسان ..
..
غبش