المنتدى :
المنتدى العام
كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل ..مشاركة..
سبحان من جعل بعض الاختلاف سببا للائتلاف, وجعل الشك داعية الي اليقين, وسبحان من عرفنا ما في الحيرة من الذلة, وما في الشك من الوحشة , وما في اليقين من العز, وما في الاخلاص من الأنس.
ولولا ما يجب من تقديم ما قدم الله وتأخير ما أخر لكان الغالب علي النفوس ذكر الأوطان وموقعها من قلب الانسان.
وقد قال عمر بن الخطاب ( عمر الله البلدان بحب الأوطان) وقال ابن الزبير( ليس للناس بشيء من أقسامهم أقنع منهم بأوطانهم)
ولولا ما من الله به علي كل جبل منهم من الترغيب في كل ما تحت أيديهم وتزيين مكل ما اشتملت عليه قدراتهم , ما سكن أهل الغياض والأدغال في في الغمق واللثق, ولما سكنوا مع البعوض والهمج, ولما سكن سكان القلاع في قلل الجبال, ولما أقام أصحاب البراري مع الذئاب والأفاعي.
ألا تراهم قد اختاروا ما هو أقبح علي ما هو أحسن من الأسماء والصناعات , ومن المنازل والديارات, من غير أن يكونوا خُدعوا او اُستكرهوا.
فالحمد لله أكثر الحمد وأطيبه علي نعمه,, ما ظهر منها وما بطن, وما جهل منها وما علم.
ذكر الله تعالي الديار فخبر عن موقعها من قلوب عباده فقال ( ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه الا قليل منهم) فسوي بين موقع قتل أنفسهم وبين الخروج من ديارهم وقال تعالي ( وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا) فسوي بين موقع الخروج من ديارهم وبين موقع هلاك أبنائهم.
وقال أحد الشعراء في حب الأوطان
اذا ما ذكرت الثغر فاضت مدامعي ... وأضحي فؤادي نهبة للهماهم
حنينا الي أرض بها اخضر شاربي... وحلت بها عني عقود التمائم
وألطف قوم بالفتي أهل أرضه... وأرعاهم للمرء حق التقادم
ومما قيل
--- حرمة بلدك عليك مثل حرمة أبويك (مثل من الهند)
--- الكريم يحن الي جنابه, كما يحن الأسد الي غابه.
--- تربة الصبا تغرس في القلب حرمة وحلاوة كما تغرس الولادة في القلب رقة وحفاوة
--- اذا كان الطائر يحن الي أوكاره فالانسان أحق بالحنين الي أوطانه.
--- عسرك في دارك أعز لك من يسرك في غربتك
والقول في حب الناس الوطن وافتخارهم بالمحال قد سبق فوجدنا الناس بأوطانهم أقنع منهم بأرزاقهم. ولذلك قال ابن الزبير ( لو قنع الناس بأرزاقهم اقتناعهم بأوطانهم ما اشتكي عبد الرزق)
وبالنهاية
سقي الله أرض العاشقين بغيثه ... ورد الي الأوطان كل غريب
وأعطي ذوي الهيئات فوق مناهم ... ومتع محبوبا بقرب حبيب
مقتبس من كتاب رسائل الجاحظ
ل عبد السلام هارون
|