لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > روايات أونلاين و مقالات الكتاب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات أونلاين و مقالات الكتاب روايات أونلاين و مقالات الكتاب


الستار الأسود .. بقلم الد.نبيل فاروق .. " قطرات الماء" .. متجدد

السلام عليـكم و رحمة الله و بركاااته كيف حاالكم أحلى صحبة و أطيب نااس اليوم مع قصة جديدة للد. نبيل فاروف باســـــــــــم :ma1: الستاار الأسووود قرااءة ممتعة :8_4_134: القصة

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-04-12, 06:26 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
Congrats الستار الأسود .. بقلم الد.نبيل فاروق .. " قطرات الماء" .. متجدد

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليـكم و رحمة الله و بركاااته

كيف حاالكم أحلى صحبة و أطيب نااس

اليوم مع قصة جديدة للد. نبيل فاروف

باســـــــــــم الد.نبيل " الماء"

الستاار الأسووود

قرااءة ممتعة


الد.نبيل " الماء"

القصة ليهاا اجزااء مختلفة كل مجموعة راح نحطها هنااا

1- جدي الحبيب

2- زهور الربيع

3- حبيبتي


4- الآخـــر

5- أهل الهوى

6-ليلة مثالية

7-شباب الى الابد

8- قطرات ماء

9-كم مهمل

10- ذاكرتي

11- العمالقة

12- القمر

13- جميل جمال

14- أنت عمري

15- الذئب

16- الكنز

17- همس

18- ابريل

19 - الذئاب

20- غبار

21- الفأر

22- قطرات الماء

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس

قديم 10-04-12, 06:28 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

د. نبيل فاروق يكتب: الستار الأسود.. جدّي الحبيب (1)


كان المنزل له طراز قديم مشيّد وحده

"جدك توفّي أمس.. احضر لتسلّم الميراث.."
برقية قصيرة، وصلتني حاملة تلك الكلمات المختصرة، من بلدة بسيطة، على الحدود السورية اللبنانية..

ولقد أدهشتني تلك البرقية في الواقع..
هذا لأنني لم ألتقِ بجدي لأمي هذا قط، منذ وعت عيناي الدنيا..

كل ما عرفته عنه هو تلك الصورة الكبيرة التي كانت تحتفظ بها أمي له، والتي كانت تثير خوفي منذ طفولتي؛ بسبب نظراته القوية القاسية فيها، وشاربه الضخم، الذي يحتلّ نصف وجهه، ويمنحه مظهراً يناسب بدايات القرن العشرين، وخاصة مع تلك الحلة الثمينة النمطية، التي يرتديها في الصورة، مستنداً إلى عكّاز ضخم، من الواضح أنه كان يتكئ عليه من باب الوجاهة، لا من باب العجز..

وكانت أمي، اللبنانية المولد والجنسية، تتحّدث عنه دوماً بفخر واعتزاز، وتحكي الكثير عن قوته وشهامته وبطولاته، في مواجهة المحتلين..

وفي مرة أو مرتين فحسب، تحدّثت عن غضبه منها، ومقاطعته لها؛ عندما تزوّجت من مصري، وأقامت معه في مصر، حيث وُلدت أنا ونشأت..

ولكن جدي هذا لم يحاول الاتصال بي قط، على الرغم من أن أمي كانت تؤكّد دوماً أنني حفيده الوحيد؛ نظراً لأنها ابنته الوحيدة، وأنا ابنها الوحيد..
ولم تذكر شيئاً أبداً عن ثرائه..
أو حتى عن مهنته..

ولقد توفّيت أمي منذ سنوات قليلة، وانقطع بوفاتها الحديث عن جدي، وانقطعت كل صلة سماعية لي به تماماً..
ثم فجأة تصلني تلك البرقية!!

لم أكن قد زرت لبنان قط، ولم تكن تلك الزيارة ضمن مخططاتي القريبة، أو حتى البعيدة، حتى وصلت تلك البرقية..

كانت تحمل توقيعاً لشخص يُدعى عدنان الموالي..
واسم تلك البلدة التي أرسلت منها..

ولكن الحديث عن الميراث، جعلني أعد حقيبتي، وأستقل أوّل طائرة إلى بيروت، وأنا أحلم بذلك الميراث، الذي لا أعلم مقداره أو حدوده، ولكنه أثار في نفسي خيالات عديدة، وأملا في الخلاص من الأزمات المالية التي أمرّ بها منذ وفاة والدي، وضياع ثروته، مع الأزمة الاقتصادية العالمية..

وفي مطار بيروت وقفت أنتظر وصول عدنان هذا، والذي أبلغته برقياً بموعد وصولي..
ولقد وصل بالفعل، بعد عشر دقائق فحسب، من خروجي من المطار..
ولم أشعر بالارتياح قط وأنا أصافحه للمرة الأولى..

لقد جاء في سيارة قديمة للغاية، ولكنها نظيفة ومعتنى بها جيداً، والعجيب أنها ما زالت تعمل بكفاءة، على الرغم من أن عمرها يتجاوز نصف القرن..
والرجل نفسه كان يتجاوز هذا العمر أيضاً..

كان لديه شعر أشيب كثيف، وشارب يماثل شارب جدي ضخامة، ووجه كثير التجاعيد، وعينان ضيقتان، تكاد تتبيّن لونهما في صعوبة بالغة، من شدة ضيقهما، كما كان صوته خشناً غليظاً، إلى حد يدهشك..

وكان قليل الكلام، إلى حد مستفز..
ولقد صافحني عدنان في برود عجيب، ثم اصطحبني إلى سيارته القديمة، التي قطعنا بها رحلة طويلة مجهدة، لم أتصوّر قدرتها على قطعها، قبل أن نصل إلى تلك البلدة الصغيرة، التي عاش بها جدي ومات..

وأوّل ما لاحظته، عندما وصلنا إلى تلك البلدة، هو ذلك النفور العجيب، الذي يصيب كل من نمرّ به، عندما يتبيّن السيارة، وهوية قائدها..

كان نفوراً يمتزج بلمحة من الخوف والتوتر...
ولكن عدنان هذا لم يبالِ، وهو يواصل طريقه، إلى درب ضيق، يقود إلى أحد الجبال اللبنانية، التي شاهدتها في أفلام السينما فحسب..

وعبر ذلك الدرب الضيق، تواصلت رحلتنا، وعدنان يجيب تساؤلاتي العديدة بكلمات غاية في الاقتضاب، مشيراً إلى أنني سرعان ما أعرف كل شيء..

وأخيراً توّقفت بنا السيارة، عند قمة الجبل تقريباً، أمام منزل من طابقين، له طراز قديم، مشيّد وحده، في تلك البقعة، التي تطل على الحدود السورية اللبنانية مباشرة..

وهنا، أشار عدنان إلى المنزل، قائلاً بصوته الغليظ الخشن:
- هذا هو ميراثك.
أدهشني أن تنتهي بي الرحلة الشاقة إلى هذا، فغمغمت معترضاً:
- فقط؟!

رمقني عدنان بنظرة عجيبة دون تعليق، ثم حمل حقيبتي الوحيدة، واتجه بها نحو ذلك المنزل، فتتبعته دون مناقشة، ودخلت معه، ولأوّل مرة، المكان الذي عاش به جدي..
لم يكن المنزل من الداخل يختلف كثيراً عن طرازه من الخارج؛ إذ كان كل شيء فيه عتيقا، يعود إلى قرن من الزمان على الأقل..
الأثاث، والتحف، وتلك المدفأة القديمة..
كل شيء..

وكان هناك غبار خفيف، يكسو كل شيء فيه تقريباً، حتى لتتصوّر أن يداً لم تمتد إليه بالعناية، منذ زمن ليس بقليل..

وكانت الإضاءة فيه خافتة، إلى حد مستفز، حتى إنني سألت عدنان هذا، فور رؤيتي له:
- كم يبلغ ثمن هذا المنزل؟!
أجابني في غلظة:
- إنه ليس للبيع.

أجبته في غلظة مماثلة:
- لو أنه ميراثي، فهذا شأني أنا.
رمقني بنظرة لم ترُقْ لي إطلاقاً، وهو يصعد بحقيبتي إلى الطابق الثاني، مكرّراً:
- إنه ليس للبيع.

غاظني قوله هذا كثيراً، ليس لتدخّله في شئوني فحسب، ولكن لأنه، ومنذ النظرة الأولى، اتخذت قراراً بعدم الاحتفاظ بهذا المنزل الكئيب، أياً كانت الظروف..

وفي سرعة، ومن خلال خبرتي في العمل التجاري، رحت أقيّم تلك التحف الكثيرة، التي تملأ كل الأركان، وقدّرت أنها وحدها تساوي ثروة، تكفي لإخراجي من أزمتي المالية تماماً..

وبغضّ النظر عن موقف عدنان المتعنّت، اتخذت قرار البيع، قبل حتى أن أصعد خلفه إلى الطابق الثاني، الذي يحوي ثلاث حجرات، وضع عدنان حقيبتي في واحدة منها، تحوي حجرة نوم عريقة الطراز، تشبه تلك التي نراها في الأفلام التاريخية، بفراشها الضخم ذي الأعمدة، وقطع الأثاث الكبيرة، والإضاءة شديدة الخفوت، والتي قرّرت استبدالها بإضاءة قوية، في الصباح التالي مباشرة..

ولقد وضع عدنان حقيبتي، ثم استدار لينصرف، دون كلمة إضافية، فسألته في لهجة قاسية بعض الشيء:
- وماذا عن الحجرتين الأخريين؟!

تجاهل سؤال تماماً، وهو يغادر الحجرة، فعدوت خلفه، أسأله في خشونة حادة:
- ماذا بهما؟!
التفت إليّ في بطء مستفز، وهو يجيب:
- أشياء خاصة.

قلت في حدة:
- لقد ورثت المنزل بكل ما فيه.. أليس كذلك؟!
صمت لحظات، متطلّعاً إلي بعينيه شديدتي الضيق، قبل أن يجيب في بطء:
- يفترض هذا.

أغاظتني إجابته، فقلت في شيء من العصبية:
- ماذا يعني هذا؟! إما أنه ميراثي أو لا.
واصل صمته لحظات أخرى، ثم أجاب، وهو يشيح بوجهه، مكملاً انصرافه:
– إنه كذلك.

وتوّقف قليلاً، قبل أن يلتفت إليّ نصف التفاتة، مضيفاً:
- لو أنك تستحقه.
بدا لي شديد الوقاحة بقوله هذا، فأمسكت كتفه في غضب، صائحاً في وجهه:
- إنك لم تخبرني بعد، ما شأنك بكل هذا.

وعلى الرغم مني، سرت في جسدي قشعريرة عجيبة، عندما أمسكت كتفه..
لقد كانت كتفه لينة، على نحو عجيب..
أو مخيف، لو شئت الدقة..

كانت وكأنها، على الرغم من نحوله، لا تحوي أية عظام..
على الإطلاق..

كانت رخوة، حتى لتشعر وكأنك قد أمسكت قطعة من المطاط اللدن، المستخدم لصنع ألعاب الأطفال..
وبحركة حادة، أبعدت يدي عنه، وتراجعت خطوتين إلى خلف، وأنا أحدّق فيه في مزيج من الدهشة والذعر..

وهنا، لمحت على شفتيه شبح ابتسامة ساخرة، وهو يجيب في بطء، وبنفس اللهجة الغليظة والصوت الخشن:
- تستطيع أن تقول: إنني مدير هذا المنزل.
سألته في عصبية، وأنا أحاول تجاهل ملمس كتفه:
- ومن وضعك في هذا المكانة؟!

أجابني في حسم:
- جدك.
ثم مال نحوي، على نحو مخيف، وهو يضيف، في شيء من الصرامة:
- وهذا أحد شروط الميراث.

كانت أوّل مرة أشتمّ فيها رائحة أنفاسه الكريهة..
وسرت في جسدي قشعريرة أخرى.
لقد كانت أنفاسه أشبه برائحة قبر، انفتح بعد طول إغلاق..

رائحة تحمل هواء الموت الفاسد، وأنفاس مئات السنين من النسيان..
وتراجعت في خوف حقيقي، وأنا أتساءل: لماذا فعل جدي بي هذا؟!
لماذا؟!

وبكل عصبيتي وانفعالي، سألته:
- وأين وصية جدي، التي قالت هذا؟!
أجابني بغلظته وخشونته في برود:
- سآتيك بها، في الصباح الباكر.

وقفت لحظات أتطلعّ إليه، وأتبادل معه نظرة عصبية، قبل أن أشير إلى الحجرتين المغلقتين، قائلاً ما استطعت استكماله في نفسي من صرامة:
- افتح الحجرتين.. أريد أن أنظر ماذا بهما.

وقف يتطّلع إليّ بعينيه شديدتي الضيق لحظات، قبل أن يجيب في بطء:
- لست أدري أين وضع جدك مفتاحيهما.
قلت في حدة:
- أي قول هذا؟!

أجاب في برود، وهو يبتعد عني:
- سأبحث عنهما في الصباح.

تابعته ببصري، وهو يهبط إلى الطابق الأرضي، ويختفي داخل حجرة وحيدة فيه، ولم أشعر بالارتياح على الإطلاق وأنا أتطلع إلى الحجرتين المغلقتين، وبذلت جهداً حقيقياً في محاولة فتحهما، إلا أنني لم ألبث أن شعرت باليأس، فتركتهما، واتجهت نحو حجرة النوم الخاصة بي، و..
وفجأة، سمعت ذلك الأنين..
أنين شخص يتعّذب بشدة..
أو يحتضر..

وفي هذه المرة، لم تسرِ في جسدي قشعريرة..
بل انتفض كله..
وبمنتهى العنف..

فقد كان ذلك الأنين ينبعث من إحدى الحجرتين المغلقتين..
مباشرة.
***

يُتبَع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 10-04-12, 06:29 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

د. نبيل فاروق يكتب.. الستار الأسود: جدي الحبيب (2)


كان الباب أكثر صموداً من باب قلعة منيعة

لم يغمض لي جفن لحظة واحدة، في ليلتي الأولى، في منزل جدي..

صحيح أن ذلك الأنين الذي انبعث من الحجرتين المغلقتين، لم يستغرق سوى دقيقة واحدة على الأكثر، إلا أنه أصابني بتوتر لا مثيل له..

ولقد حاولت جاهداً فتح باب تلك الحجرة، التي انبعث منها الأنين..
حاولت..
وحاولت..
وحاولت..
ولكن كل محاولاتي باءت بفشل ذريع..

كان الباب مصنوعا من خشب ثقيل، جعله أشبه بالفولاذ، وأكثر صموداً من باب قلعة منيعة.. ولكن ما أثار توتري أكثر هو أنني لم أستطع العثور على عدنان هذا أبداً..

لقد شاهدته بنفسي يدخل الحجرة، أسفل سلّم الطابق الثاني، ولم أشاهده يغادرها، أو يغادر المنزل قط بعدها، وعلى الرغم من هذا فقد اختفى تماماً دون أن يترك خلفه أدنى أثر..

ولقد هبطت إلى الطابق السفلي، وناديته أكثر من مرة، دون أن أحصل على جواب، لذا فقد اتجهت إلى تلك الحجرة، التي رأيته يدخلها، وفتحت بابها، و..

وكانت مفاجأة عجيبة..
الحجرة خالية تماماً..
لم تكن خالية من عدنان فحسب، ولكن من كل شيء..
وأي شيء..

كانت مجرّد حجرة صغيرة.. بلا نوافذ، وليس لها سوى باب واحد، وهو ذلك الذي رأيته يعبره..
وبخلاف هذا، لم يكن هناك شيء..
على الإطلاق..

ولأكثر من ساعة كاملة، رحت أفحص الحجرة، وأدق عليها بقبضتي؛ محاولاً كشف أية فجوات سرية خلفها..
ولم يكن هناك شيء..
ولقد ضاعف هذا من توتري ألف مرة..
بل ربما ألف ألف مرة..

وعلى ذلك الضوء الخافت المزعج، رحت أتأمل منزل جدي مرة أخرى..
ومع تلك العراقة الواضحة، في كل ما حولي، وجدت عقلي يطرح تساؤلاً محيّراً..

ماذا كان يعمل جدي بالضبط؟!
أية مهنة كان يمتهن؟!
أمي لم تذكر هذا في أحاديثها قط..

كل ما ذكرته هو بطولاته، التي أظن أن معظمها من صنع خيالها، أو رغبتها في التباهي بوالدها، الذي قاطعها طيلة عمري..
ولا شيء عن تاريخه..
أو مهنته..
بل لا شيء حتى عن أمها!!

انتبهت فجأة إلى أن أمي لم تحدّثني عن أمها قط، طوال حياتها..
فقط عن أبيها..
فلماذا؟!

هل توفيت والدتها، وهي بعد أصغر من أن تذكرها؟!
أم إنها كانت تمتهن مهنة تخجل من ذكرها؟!

استغرقتني الأفكار والذكريات، وأنا أجلس في صالة منزل جدي الواسعة، المليئة بالتحف الأثرية، والتي جعلها الضوء شديد الخفوت تبدو في صورة مخيفة، إلى الحد الذي قررّت معه أن يكون أوّل ما أفعله في الصباح، هو النزول إلى تلك البلدة الصغيرة، عند سفح الجبل، وشراء مصابيح قوية، تحل محل تلك المصابيح القديمة المزعجة..

وعندما بدأت الشمس رحلة الشروق، وأرسلت دفعات ضوءها الأولى، عبر النوافذ الضيقة، بدأ رأسي يدور نسبياً، وشعرت وكأنني نصف نائم، قبل أن أنتبه فجأة، على صوت حركة ما في المكان..

وبحركة حادة متوترة، اعتدلت وأنا أفتح عيني عن آخرهما، وشعرت بجسدي ينتفض انتفاضة خفيفة، عندما وقع بصري على عدنان، بوجهه شديد التغضّن، وهو يضع أمامي صينية طعام صغيرة، عليها رغيف صغير من الخبز، وبيضة مسلوقة، وطبق يحوي القليل من اللبنة اللبنانية الشهيرة..

وبكل توتري، هتفت به:
- من أين جئت؟!
غمغم في خشونة:
- أنا لم أغادر قط.

حدّقت فيه في دهشة مستنكرة، قبل أن أهتف:
- ولكنني بحثت عنك في كل مكان، ولم أعثر لك على أدنى أثر.
أجابني بنفس الخشونة، وفي اقتضاب مستفز:
- أنا هنا طول الوقت.

حدّقت فيه مرة أخرى، وكأنني أراه للمرة الأولى، ثم تجاوزت عن سؤاله عن أين أمضى ليلته، وأنا أسأله في توتر:
- وماذا عن ذلك الأنين؟!
رفع عينيه الضيقتين إلي في بطء، وهو يسألني في حذر:
- أي أنين؟!

أشرت إلى الطابق الثاني، وأنا أقول في شيء من الحدة:
- أمس، وعندما صعدت إلى الطابق الثاني، كان هناك أنين ينبعث من إحدى الحجرتين المغلقتين هناك.
بدا لي وكأنه يتطّلع إليّ في إمعان، إذ كان من الصعب الجزم بهذا، مع ضيق عينيه الشديد، ولكنه استغرق لحظات، قبل أن يجيب في بطء:
- من الواضح أن رحلتك أرهقتك كثيرا أمس، فتصوّرت أن.....

قاطعته في حدة:
- لم أكن واهماً.. كان هناك أنين واضح ينبعث من إحدى الحجرتين..
صمت لحظات أخرى، ثم أجاب بنفس البطء:
- ليس أنيناً.. إنه صوت الهواء، عبر أنابيب التهوية..

تطلعّت إليه في شك، جعله يضيف:
- جدك كان يسبق زمانه بزمان، ولقد أضاف إلى تصميمات منزله شبكة من أنابيب التهوية، تمر بكل الحجرات.. وفي بعض الليالي يمر الهواء عبر تلك الأنابيب، فيصدر ذلك الصوت الشبيه بالأنين.

واصلت نظرة الشك لحظات، فأشار بيده إلى الطابق العلوي، متابعاً:
- ستجد واحدة من تلك الفتحات بالقرب من أسفل فراشك.
لم يقنعني قوله أبداً، فملت نحوه، أقول في صرامة:
- أريد فتح الحجرتين.. اليوم.

هزّ كتفيه، قائلاً في خشونة:
- أخبرتك أنني سأبحث عن مفتاحيهما، بين متعلقات جدك.
قلت في صرامة، محاولاً تقليد خشونته:
- لن أنتظر حتى تفعل.

رفع رأسه بحركة تساؤل، فأضفت في صرامة وخشونة أكثر:
- سأهبط إلى البلدة، وأحضر من يفتحهما بالقوة.
مضت لحظات، وهو يتطلّع إليّ في صمت، ثم أشاح بوجهه، وقال في لهجة، اشتممت منها رائحة سخرية:
- يمكنك أن تحاول.

كان قد أولاني ظهره تقريباً، عندما قلت في عناد:
- سأذهب فوراً.
صمت لحظة أخرى، قبل أن يلتفت إليّ في بطء، وهو يخرج مفاتيح تلك السيارة القديمة، ويناولني إياها، قائلاً:
- افعل.. ولكن تناول طعام إفطارك أوّلاً.

قلت، وأنا أنهض في حدة:
- لست أشعر بالجوع.
فوجئت بسحنته تنقلب على نحو مخيف، وهو يقول، في لهجة أقرب إلى الشراسة:
- ستتناول طعام إفطارك أولاً.. من الضروري أن تظل بصحة جيّدة.

كان يمكنني القول هنا إنني قد واجهت لهجته ونظراته المخيفة في شجاعة، ولكن الواقع أنني لم أفعل، بل شعرت في أعماقي بشيء من الخوف، جعلني أعاود الجلوس، وأبدأ في تناول طعام الإفطار بالفعل، ثم لم يلبث ذلك العناد أن عاودني، فقلت في شيء من العصبية:
- سأستبدل كل هذه المصابيح أوّلاً.. إنني أبغض هذا الضوء الخافت.
أشاح بوجهه مرة أخرى، وهو يكرّر:
- يمكنك أن تحاول.

قالها، ثم اتجه في هدوء نحو باب المنزل، وغادره دون أن يضيف كلمة واحدة..

كنت قد انتهيت من تناول إفطاري الصغير بالفعل، عندما اختفى خارج المنزل، فاختطفت مفاتيح السيارة، واندفعت خلفه، وأنا أتساءل:
- هل سأذهب وحدي؟!

فتحت باب المنزل بحركة حادة، وأنا أنطق عبارتي هذه، ثم ارتفع حاجباي بعدها، في دهشة كبيرة..

لقد شاهدت عدنان يغادر المنزل، قبلي بدقيقة واحدة، وعلى الرغم من هذا، فلم يكن له أي أثر خارجه..

فقط كانت تلك السيارة القديمة تستقر، على بعد أمتار قليلة، تحت ضوء الشمس، وحولها المكان خالياً..
تماماً..

درت حول المنزل أبحث عنه مرة..
ومرتين..
وثلاثا..

ولكنه كان قد اختفى تماماً، كما لو أن الأرض قد انشقّت وابتلعته..

ضاعف هذا من توتري كثيراً، وضاعف أيضاً من إصراري على إحضار من يفتح الحجرتين المغلفتين، ويستبدل تلك المصابيح الخافتة..

وفي حزم وإصرار، ركبت السيارة القديمة، وأدرت محرّكها، وأدهشتني قوة المحّرك، في سيارة عتيقة مثلها، ولكنني قدتها في يسر، هابطاً عبر الممر الضيق، إلى حيث تلك البلدة الصغيرة..

ولقد أدهشني رد فعل سكّان تلك البلدة، كما أدهشني في المرة الأولى..

لقد كانوا يتحاشون السيارة، كما لو أنهم يتحاشون حيواناً مفترساً، وعندما توقفت؛ لأسأل أحدهم عن نجّار قريب، انطلق يعدو مبتعداً كما لو أن شياطين الأرض كلها تطارده..

وأخيراً توقفت عندما بدا لي أشبه بمقهى صغير، وهبطت من السيارة، التي يرمقها الكل بنظرة خوف واضحة، وسألت صاحب ذلك المقهى عن نجّار، فتطلّع إليّ لحظات في توتر، قبل أن يسألني في خفوت:
- لأي غرض؟!
أشرت بيدي إلى منزل جدي أعلى الجبل، وأنا أجيبه:
- هناك أبواب مغلقة، أعجز عن فتحها.
قال الرجل مستنكراً:
- هناك؟!

أجبته في حيرة:
- نعم.. هناك.
صمت لحظات أخرى، قبل أن يجيب في حزم، غلب عليه توتر شديد:
- لو دفعت كل ما تملك لن تجد شخصاً واحداً في البلدة كلها يقبل بالصعود إلى هناك.

أدهشتني إجابته في شدة، فسألته في توتر:
- ولماذا؟!
مال نحوي، في توتر يفوق توتري ألف مرة، وهو يجيب:
- لأن من يذهب إلى هناك، لا يعود.. أبداً.

وكانت إجابته أشبه بالصدمة..
صدمة بلا حدود...
على الإطلاق.
***

يُتبع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 11-04-12, 07:50 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
زهرة الربيع


البيانات
التسجيل: Feb 2011
العضوية: 217745
المشاركات: 3,016
الجنس أنثى
معدل التقييم: alaa7 عضو متالقalaa7 عضو متالقalaa7 عضو متالقalaa7 عضو متالقalaa7 عضو متالقalaa7 عضو متالقalaa7 عضو متالقalaa7 عضو متالقalaa7 عضو متالقalaa7 عضو متالقalaa7 عضو متالق
نقاط التقييم: 3251

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
alaa7 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

يسعد صباحك دكتور فاروق روايه شكلها رعب من اولها وعدنان من الوصف اللي شفناه باين عليه مخلوق فضائي حسيت كأني بقرأ رواية ملف المستقبل شو كان يشتغل الجد يمكن بيحضر ارواح ؟ بس لأ مش شبح اكيد مخلوقات فضائيه ونازلي عنا بلبنان" يا عيني " حبيتها كتير وناطره بقية الأجزاء ولأحلى عهوووووووود بشكرك كتير يا قمر دايما بتقدمي لنا كل جديد

 
 

 

عرض البوم صور alaa7   رد مع اقتباس
قديم 16-04-12, 09:23 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم

العفوو حبيبتي الااء و عشان عيوونك فصلين كماان

د. نبيل فاروق يكتب.. الستار الأسود: جدي الحبيب (3)


كان أهل البلدة يطلقون على المنزل اسم منزل الشر

طوال طريق عودتي إلى منزل جدي، لم أتوقف لحظة واحدة عن التفكير، في موقف أهل تلك البلدة الصغيرة منه.. وأقصد من منزل جدي، وليس من جدي نفسه..

هذا لأنه من العجيب أن أحداً في البلدة كلها لم يرَ جدي في حياته قط..
والأعجب أنه لا هو، ولا حتى عدنان هذا، قد تعاملا مع أي مكان في البلدة كلها، منذ عهد طويل للغاية..

وحديث ذلك الرجل عن أن أحداً لا يعود من منزل جدي، كان حديثاً عجيباً، ما زلت أذكر كل حرف منه، عندما سألته:
- وما الذي يعنيه هذا بالضبط؟!
أشار بيده، وهو يجيب في حذر:
- لست أدري، جدي أخبرني بهذا، عندما كنت صغيراً.

تطلعت إليه في دهشة كبيرة، عندما نطق الجزء الأخير من عبارته..
فوفقاً لملامحه، كان يبدو في منتصف الخمسينات من عمره، فكيف روى له جده ذلك، عن منزل جدي، عندما كان صغيراً؟!

إننا نتحدث عن نصف قرن من الزمان!!
عن خمسين عاماً دفعة واحدة!!
فكيف؟!

التفسير الوحيد، الذي جال بذهني، هو أن هذا المنزل ليس منزل جدي منذ البداية، بل هو ميراث عائلي، يعود إلى عهد بعيد..
هذا يفسر عراقته الواضحة..
وذلك الكم الكبير من التحف فيه..
والإضاءة الخافتة..

زاد تذكّر تلك الإضاءة الخافتة من توتري، فتحسست الحقيبة الصغيرة، التي تستقر على المقعد المجاور، والتي تحوي أقوى مصابيح كهربية وجدتها في البلدة؛ حتى أتجاوز تلك الإضاءة المستفزة..
أما فيما يتعلق بالباقي، فقد كان عدنان على حق..

لم يرضَ مخلوق واحد بالصعود معي إلى المنزل؛ لفتح البابين المغلقين، على الرغم من المبلغ شديد الإغراء، الذي عرضته..

كانوا يخافون الذهاب إلى هناك على نحو عجيب..
بل يخشون حتى مجرد الحديث عن ذلك المنزل..

وكلهم، بلا استثناء، يجهلون تماماً أي شيء عن جدي..
لا أحد رآه..
أو سمعه..
أو علم حتى بوجوده..
الوحيد الذي يعرفونه، هو عدنان..
وحتى هو، كانوا يجهلون اسمه تماماً..

كل ما يعرفونه عنه، هو أنه ذلك الشيخ المخيف، الذي يهبط بسيارته العريقة، من منزل الشر (وهو الاسم الذي يطلقونه على منزل جدي)، ويعبر بلدتهم في بطء، دون أن يلقي نظرة واحدة على أهل البلدة، الذين لا يرفعون أبصارهم عنه، وعن سيارته، حتى يختفي في الوادي.. وطوال دهر كامل، لم يتوقف في البلدة مرة واحدة..
ولا مرة واحدة!!

توقفت ذكرياتي، عندما أوقفت السيارة أمام منزل جدي، وحملت مفاتيحها، مع حقيبة المصابيح إلى الداخل، وأنا أنادي عدنان..

ومن تلك الحجرة الخالية، في الطابق السفلي، رأيته يخرج، ويغلق الباب خلفه في إحكام، فسألته، دون أن أنجح في كتمان عصبيتي وتوتري:
- ماذا كنت تفعل هناك؟!
سألني في برود:
- أين؟!

كان السؤال مستفزاً، حتى إنه زاد من عصبيتي، وأنا أشير إلى الحجرة، التي خرج منها، صائحاً في حدة:
- في تلك الحجرة الخالية.
ارتفع حاجباه الكثان على نحو عجيب، وهو يقول مستنكراً:
- خالية؟!

اندفعت نحو الحجرة، وأنا أواصل بنفس الحدة:
- نعم.. خالية.. لقد بحثت عنك فيها أمس، و..

فتحت باب الحجرة بحركة عصبية، وأنا أنطق عبارتي هذه..
ثم توقفت الكلمات في حلقي دفعة واحدة..
واتسعت عيناي عن آخرهما..

فتلك الحجرة التي رأيتها خالية بالأمس، إلا من أربعة جدران، صارت فجأة ممتلئة بالأثاث، الذي ينتشر في كل ركن منها..
فراش قديم..
ومنضدة طعام صغيرة..
وعدة مقاعد..
ودولاب شبه متهالك..
وقطعة أثاث ذات أدراج..
وسجادة صغيرة..

هذا بالإضافة لبعض الملابس، التي ألقيت في إهمال، على المقاعد والفراش..
ورفّ لكتب قديمة..
و...
صرخت بكل دهشتي:
- مستحيل!

سألني عدنان في برود:
- ما المستحيل بالضبط؟!
هتفت، وأنا أشير إلى تلك الحجرة:
- هذه الحجرة كانت خالية تماماً أمس.

عاد يرفع حاجبيه في دهشة مستنكرة، وهو يقول:
- خالية؟! أأنت واثق من أنه لم يكن حلماً.
انعقد حاجباي في غضب، وأنا أهتف به:
- لماذا تفعل هذا بالضبط؟!

سألني في هدوء:
- أفعل ماذا بالضبط؟!
صرخت فيه:
- لماذا تحاول إرباكي إلى هذا الحد؟!

بدا بارداً إلى حد مستفز، وهو يقول:
- ولماذا أحاول هذا؟!

فجأة، ومع سؤاله، قفزت فكرة عجيبة إلى رأسي..
فكرة لست أدري لماذا لم تخطر ببالي من قبل!!
فكرة جعلتني أصرخ فيه، بكل ما في نفسي من انفلات:
- للاستيلاء على ميراثي.

بدت عليه دهشة عجيبة، ممتزجة بلمحة ساخرة، وهو يقول:
- أهذا ما تتصوره؟!
واصلت صراخي، قائلا:
- نعم.. إنك، ومنذ قدومي إلى هنا، تحاول إثارة الخوف في نفس المكان، وإثارة ارتباكي وحيرتي مما يحدث فيه؛ في محاولة لدفعي إلى الفرار منه، أو التخلي عنه؛ لكي تفوز أنت به، وربما بما يحويه.

تصاعدت السخرية، في ملامحه وصوته، وهو يقول:
- يا له من خيال جامح!
صرخت كطفل عنيد:
- ليس خيالاً، بل هو حقيقة.. هل يمكنك أن تفسر لي اختفاءك العجيب أمس؟! أو مراوغتك بشأن فتح الحجرتين المغلقتين؟! ثم أين وصية جدي، التي نصّ فيها على أنك ينبغي أن تدير المنزل من بعده؟! أين؟!

ظل يرمقني بنظرة عجيبة، من خلف عينيه الضيقتين، قبل أن يتجه نحو الحجرة، التي أقف ببابها، وهو يقول في بطء:
- سيدهشك أن لديّ إجابات واضحة لكل هذا.

تجاوزني إلى داخل الحجرة، واتجه إلى قطعة الأثاث ذات الأدراج، وهو يقول:
- انظر هنا.
كان يشير إلى قطعة الأثاث، فترددت قليلاً، ثم اتجهت إليه، وألقيت نظرة على سطح قطعة الأثاث في حذر..

كانت هناك طبقة رفيعة من الغبار، تغطي سطحها، على نحو يوحي بأنها هناك منذ زمن ليس بالقصير..
وفي توتر، غمغمت:
- من يدري؟! ربما..

قبل أن أتم عبارتي، رفع عدنان قطعة الأثاث عن الأرض، وأزاحها قليلاً، ثم أشار إلى الموضع، الذي كانت فيه..
ولم أملك جواباً في الواقع..

فقد كان توزيع الغبار، الذي ترك أثراً واضحاً، خالياً منه، في الموضع الذي كانت تحتله قطعة الأثاث، قبل أن يزيحها عدنان، دليلاً آخر على أنها كانت هنا منذ زمن..

وشعرت بذاتي تكاد تنفجر، من فرط التوتر..
فما أراه أمامي مستحيل!!
ألف مرة!!!

لقد فتحت هذه الحجرة بنفسي أمس، وكانت خالية تماماً...
ولم يكن هذا وهماً..
أو حلماً...
أو خيالاً..

ولكن ما أراه أمامي الآن أيضاً ليس وهماً أو حلماً أو خيالاً..
فكيف؟!
كيف؟!

وقفت أحدق في موضع الغبار كالأبله، وعدنان يقول، في لهجة واضحة السخرية:
- هذا الدليل الأول فحسب.
سألته في عصبية:
- أهناك أدلة أخرى؟!

أشار بيده، قائلاً:
- بالتأكيد.
وفي هدوء، أخرج من جيب سترته القديمة مظروفاً، من ورق سميك، لست أظنه لا يزال مستخدماً، في زمننا هذا، وناولني إياه، وهو يقول في هدوء:
- وصية جدك.

بدت عليّ دهشة واضحة، وأنا أمدّ يدي لألتقط المظروف في حذر، وكأنني أخشى أن تلوثه أصابعي..
وبأصابع مرتجفة، فضضت المظروف، لأخرج منه ورقة من ذلك النوع البائد الثقيل نفسه، بدت وكأنها مكتوبة بريشة حبر قديمة..

ورقة بها كلمات قليلة مختصرة، تمنحني ميراث المنزل وكل ما فيه، مع شرط أن يبقى عدنان مديراً له مدى حياته..

وفي توتر، قلت:
- ومن أدراني أنها وصية جدي بالفعل؟! لماذا لا تكون أنت كتبتها؟! إنها لا تحمل أية أختام، أو توقيعات رسمية، ولا يوجد شهود عليها أيضاً.

أجابني في هدوء:
- إنها نسخة تركها جدك لك، وهناك أخرى تم توثيقها في بيت العدل، ويمكنك الرجوع إليها لو أردت.
طويت الورقة، وأعدتها إلى المظروف القديم، ودسستها في جيبي، وأنا أقول في توتر ملحوظ:
- هذا لا يعد دليلاً بالنسبة لي.

دسّ يده في جيبه مرة أخرى، وأخرجها وهو يقول:
- وماذا عن هذين؟!
في هذه المرة، ارتفع حاجباي في شدة..
فما أخرجه من جيبه كان حقاً عجيباً..
للغاية.
***

يُتبَع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الستار الاسود, زهور الربيع, نبيل فاروق, قصة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات أونلاين و مقالات الكتاب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:54 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية