كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
الارشيف
قالت ببطء شديد ، شاردة الذهن ، وكأنها لا تعي معنى كلامها:
" لماذا لا أشترك انا بنفسي في هذه الرحلة؟".
نظر اليها والدها بدهشة بالغة ، ثم أطلق قهقهة قصيرة:
" أنت ؟ آسف يا عززتي ، لم أدرك للوهلة الأولى انك تمزحين ، حتى ولو لم يكن مشروعك مستحيلا ، فإن موقف فريزر منك لن يكون افضل منه من موقفه مني".
نظرت اليه بإستهجان:
" لأنني إبنتك ؟".
" هذا أحد الأسباب ، اما السبب الرئيسي فيعلّق بكونك إمرأة".
سالته بفضول:
" ألا يحبّ النساء؟".
قال وقد تجهم وجهه:
" يمتع نفسه بهنّ عندما يحلو له ، وهو ذو براعة مشهورة في إصطياد النساء ، لكن فريزر لا يحترم المرأة كإمرأة ، كانت أمّه إمراة لعوبا ، وجذابة الى حد كبير ، غير انها لم تكن تهتم كثيرا بشؤون عائلتها ... تركت فريزر مع والده عندما كان صبيا يافعا وتزوجت رجلا آخر يستطيع إشباع رغباتها".
" ومنذ ذلك الحين ( علّقت كوري مستغربة ) أدان كل النساء؟".
أومأ جون لاتيمر براسه ، ثم أخذ يدرس الخريطة مرة أخرى ، وقال بصوت مضطرب :
" أنا واثق من وجود تلك الرسوم هناك ، إنها تنتظر من يعثر عليها ، إنني مستعد للتخلي عن كل شيء في سبيل الحصول على مجموعة صور محترمة لكتابي".
تركته كوري منكبا على دراسة المقال وتوجهت الى المطبخ ، وما أن بدأت بإعداد طعام العشاء حتى نسيت كل شيء عن رسوم الحيوانات والرحلة الصحراوية ، شعرت بجوع طاغ في تلك الساعة المتأخرة ، وسيطرت عليها مشكلاتها الخاصة الملحّة، مع كل ذلك ، لم تخبر والدها عن الخلاف الحاد الذي نشأ بينها وبين اريك هوغن ، عليها أن تصل الى حل حاسم قبل البوح باي شيء الى والدها المرهق ، الطاعن في السن ، جلسا صامتين الى مائدة الطعام ، وخلافا للعادة ، حيث كانا يتبادلان الأحاديث حول شؤونهما اليومية ، غرق كل من الأب والإبنة في افكاره الخاصة.
اوى جون الى الفراش باكرا ، وحاولت كوري وهي تتمنى لوالدها نوما هنيئا ان تخفي مشاعر الألم والقلق .... اشفقت عليه وهي تراه يتقدم في السن بسرعة ، أن وجهه يزداد ضمورا ، وقواه تدهورت الى حد مخيف ولا تحتاج الى طبيب لتدرك أن والدها فقد القدرة على مواجهة قساوة رحلة صحراوية كهذه.
عندما إنتهت من اعمال المطبخ ، جلست كوري امام التلفزيون ، لقد مضى وقت طويل منذ ان فعلت ذلك ، كانت تقضي معظم وقتها مع اريك هوغن أو تحاول إنهاء واجباتها الروتينية المهملة ، غير أنها في هذه الليلة لا تشعر بدافع لعمل أي شيء .
ظلت تتابع عرض باليه ( لبحيرة البجع) الى ان شرد ذهنها ، وشيئا فشيئا طغت همومها على حواسها ، وجعلت تدرك عقم الهرب منها عوض مواجهتها كما هي ، فكرت في الأسابيع التي قضتها مع أريك هوغن بكل عذوبتها وبهجتها.
كان أريد رجلا وسيما ، ذكيا ، مرحا ، وإختارته كوري من بين مجموعة كبيرة من أصدقائها لأنها وجدت فيه صفات مميزة ، بارزة ، وهي كعارضة أزياء وجدت نقاطا كثيرة مشتركة مع مهنته كمخرج افلام يقترن عمله ببريق شخصيته.
لم تكن تعرف ما الذي سيفعله عندما يلتقيان ، ولكن لم يراودها الشك لحظة حول رغبته في الترفيه عنها ، وإدخال الغبطة الى قلبها.
طاف بها في المطاعم والنوادي الليلة حيث يتجمع اصحاب الشهرة والصيت الذائع ، وتذكرت كيف كان الناس يتدافعون للقاء التحية على أريك وإبداء الإعجاب به ، فإذا بكل شخص يطلب منه توقيعه الخاص والنساء يتعمدن التحدث اليه وإطراء مواهبه.
ثم تقدم منهما مصوّر وهما يجلسان الى طاولة يحتسيان الشراب ، وما ان اطل الصباح حتى كانت صورتهما تزيّن صفحة إحدى الجرائد المحلية ، وظهرت كوري ووجهها يكاد يلتصق بوجه اريك ، وإبتسامة عريضة تلوح على ملامحها وكانها في غاية السعادة ، تذكرت لحظة إلتقاط تلك الصورة ، كان اريك يسرد لها بعض النوادر ، وإضطرت للإنحناء صوبه لسماع كلماته أمام تصاعد الضجيج حولهما في النادي الليلي ، أما الصورة فأوحت بوضع مختلف تماما ، حيث أن القارىء العادي لا يوى سوى شخصين غارقين في أحلامهما والفتاة تبدو اشد هياما وإنبهارا ، واعلن التعليق تحت الصورة:
( فاتن النساء أريك يقع في شباك الحب) كما إستطرد صاحب هذا السبق الصحفي يعلن إسم كوري الكامل ويصف بعض جوانب عملها.
ورغم إحساس كوري بالغيظ لإقتحام الصحافة حياتها الخاصة ، لم تتوقف طويلا امام مغزى هذه الصورة ، لا شك أن شهرة أريك هوغن تكفي وحدها لجعله هدفا من اهداف الصحافيين ، ومحط تعليقات زوايا الثرثرة واخبار المجتمع ، ولم تعترض على ربط إسمها بإسمه ، طالماانها دخلت في مرحلة الحب والإنجذاب وكانت متأكدة ان اريك يبادلها نفس المشاعر.
عندما طلب منها قضاء اسبوع معه على متن احد أصدقائه ، بدات الشكوك تراودها ، كادت أن تقبل وهي تتخيل وجوده معها طوال هذه المدة ، وفي نفس الوقت أدركت أن اريك يريد تطوير علاقتهما والإنتقال الى مرحلة جديدة ، ولكن تربيتها الصارمة ، ومقاييسها الأخلاقية التي تشربتها من والديها لم تسمح لها بقبول كل ذلك دون زواج رسمي.
لذلك رفضت دعوته بأسلوب لطيف رقيق ، فاصيب اريك بدهشة بالغة ، لم يكن يخطر في باله أن فتاة ما تستطيع مقاومة سحره وشخصيته ، حاول أن يتمالك اعصابه بسرعة ، وأظهر شهامة لم تعهدها من قبل ، ولكن لم تفت كوري تلك النظرة الهازئة الساخرة التي إرتسمت في عينيه قبل ان يستعيد رباطة جأشه.
|