"يا إلهى!يا له من حجر كريم!"
قالت سايدى ذلك وأمسكت باليد الصغيرة قبل أن تتمكن صاحبتها من إخفاءها تحت الطاولة.طرفت بعينيها عندما أنعكس الضوء على الماسة التى بدت ثقيلة فى إصبع صديقتها الشابة وقالت بلهجة حاسدة :"إنه رائع"ثم أضافت متاملةبينما رفعت نظرها إلى وجه كايتى المتورد:"ظننت أنك ستختارين شيئاً غير...."
أجابت كايتى من دون تفكير:"غير ملفت للنظر إلى هذا الحد؟"
تجهمت لسماع هذه النبرة الكئيبة فى صوتها ووبخت نفسها بغضب فعارضتها سايدى بلباقة:"أعنى غير....تقليدى شئ يتماشى أكثر مع عملك"وأضافت بحزن:"هذا ليس عدلاً.أنفق على الملابس فى أسبوع أكثر ما تنفقين أنت طوال السنة وأنظرى إلى.أن توقفت عن تناول الطعام مدة شهر قد تبدو علىّ الملابس هكذا..."
وتفحصت بنظرة حاسدة قامة صديقتها الطويلة والنحيفة ثم قضمت بهدوء أخر قطعة حلوى الكريما التى فى الطبق.
أنجرفت كايتى وراء أفكارها بينما جلست تنظر إلى أصبعها .تذكرت بقليل من الحزن ذلك الخاتم المرصع بالياقوت واللآلئ الذى رأته فى واجهة متجر مجوهرات صغير والذى بدا أنه أعجب توم إلى أن ألقى نظرة على سعره المعتدل ثم أبعده وكأنه خرقة غير جديرة بالأهتمام.
وراح يشرح لها فى ما هما خارجان من المتجر صفرى اليدين :"كلما كان الثمن مرتفعاً كلما كانت البضاعة التى تشترينها أكثر قيمة "وعلت الحيرة وجهه المشرق الجميل عندما أضاف:"لا تسيئ فهمى حبيبتى.ولكن أى فتاة كانت ستتوجه إلى أرقى المحلات عندما تعلم أن الرجل مستعد لدفع ثمن ما ترغب فى شرائه"
"أعلم ذلك.فى الواقع أنت كريم أكثر من اللزوم يا توم"
ظهر العبوس على جبهة كايتى العريضة الناعمة . لم يكن توم قادراً على تقبل فكرة أن تذكاراً صغيراً يسعدها أكثر من الهدايا الباهظة الثمن التى يمطرها بها .
أعلن توم :"حسنا عليك أن تعتادى على ذلك عندما نتزوج.أنت امرأة جميلة وتستحقين الهدايا الباهظة الثمينة وأنا سأسعى إلى تقديمها لك سواء أعجبك ذلك أم لا "أضاف ذلك بابتسامة مصممة فأجابته بجدية :"ولكن كل ما أريده هو أنت يا توم"
فوجئ توم بردها وبدا عليه السرور فجذبها نحوه:"حقاًًً....؟"
"طبعاً"
أدركت كايتى ان كلامها ليس سوى محاولة لإقناع نفسها فاعترفت على مضض:"أظن أننى ليست.....شخصاً يعبر عن عواطفه ببساطة"
أجابها توم بهدوء :"أقدر مبادئك حبيبتى وأنا مستعد للأنتظار
تجاهلت كايتى الصوت المضطرب فى رأسها: )مبادئ أم برود عاطفى؟)
ذكرت نفسها أنها محظوظة إذ وجدت رجلاً حساساً متفهماً يحبها بجنون ثم قالت فى سرها :(ولكن حبه ليس بالجنون الكافى بحيث لا يستطيع إبعاد يديه عنك)
عانقت كايتى توم بحماسة مبالغ فيها كان لابد من أن تكون الكلمة النهائية للصوت الساخر الذى أضاف فى رأسها : (فى النهاية لما قد ترغبين فى أن تكونى مع رجل لا يستطيع كبح حاجاته الغريزية الدنيئة؟)
قالت لصديقتها :"هذا الخاتم أعجب توم حقاً"
"هذا واضح"
عضت سايدى شفتها وأضافت معتذرة :"عذراً حبيبتى ولكن عليك الإعتراف بأنه يتصرف تبعاً لسياسة صارمة تقول :"أن كنت تملكين المال فتباهى به"
تنهدت كايتى وأجابت الفتاة الأكبر سناً بجدية :"أعلم ذلك لكنه طيب سايدى وهو حقاً ألطف رجل أتقيته فى حياتى"وأضافت فى سرها: ( وهو أيضاً ممل كفصل الشتاء) ثم تابعت قائلة :"لذا فخطوبتنا أصبحت رسمية"
كان توم برسيفال قد طارد كايتى بعزم وإصرار طوال ستة أشهر .
أسندت سايدى ذقنها إلى راحة يدها وسألت:"كيف تقبل الأمر عندما أخبرتيه ؟"
كشرت كايتى وأجابت متجنبة النظر إلى صديقتها:"حسناً.....فى الواقع......"
فتعجبت سايدى :"أخبرتيه,أليس كذلك؟"
جعلتها إجابة سايدى المصدومة تشعر بالذنب فأحنت كتفيها بطريقة دفاعية ثم أجابت :"بدا سعيداً للغاية وأنا فضلت أن أنتظر الوقت المناسب"
بدا العذر ضعيفاً للغاية حتى بالنسبة إليها
تأوهت سايدى بقوة جعلت معظم رواد المقهى يستديرون لينظروا إليهما :"ومتى يكون الوقت الأفضل؟يوم الزفاف عند المذبح؟"قالت ذلك بصوت خافت أجش وهى تنظر إلى المرأة الشابة غير مصدقة وأضافت:"أسمعى ,أنا اول من يعترف بأن ما حدث قبل دخوله حياتك ليس من شأنه.فحياة المرأة تخصها وحدها .لكن هذا لا ينفى كونك متزوجة حبيبتى . وهذا يعطى توم كامل الحق فى معرفة ذلك"
"أعرف......أعرف!"
أغمضت كايتى عينيها وطقطقت أصابعها ثم أضافت:"فى الواقع أنا لا أشعر أننى متزوجة . كنت سأخبره....سأفعل ذلك فعلاً ولكن فكرة فى أن أنتظر حتى تصلنى أخبار من هارفى"
"هارفى هو المحامى الوسيط فى عقد الزواج؟"
أومأت كايتى برأسها فأكملت سايدى :"لا يبدو لى أنه موضع ثقة"
لدى سماعها هذا الوصف لـ هارفى رينولدز ابتسمت كايتى وشعرت بحاجة للدفاع عنه :"ربما لكنه أحد المحامين الجنائيين الممتازين فى البلاد وأنا أعرفه منذ كنت طفلة صغيرة "
ثم عضت بلطف شفتها السفلى الزهرية اللون وأضافت:"لا أرى أى مانع فى الحصول على طلاق سريع.....؟"
رفعت سايدى حاجبيها بطريقة ساخرة وأجابت بجفاف:"ليست على الأرجح الشخص المناسب لتسأليه عن الطلاق الودى"
منتديات ليلاس
"هذا ليس زواجاً حقيقياً مما يشكل فرقاً بدون شك"
"ألم تريه حقاً منذ الأحتفال بالزواج؟"
هزت كايتى رأسها نفياً.لم تفاجئها نبرة عدم التصديق فى صوت صديقتها .هل يمكن لأحد ما ألا يشعر بصدمة عندما يسمع إنها تزوجت من شخص غريب.تباً,لقد فعلت.....لكنها تشعر احيانا أن الأمر حدث مع شخص آخر غيرها:"لا لم أره منذ سبع سنوات.صلتى الوحيدة به هى هارفى.لطالما كانت كذلك
يومها لم يوافق المحامى المتيم بأمها على تقديم المساعدة لها إلا عندما أخبريته أنها ستمضى بخطتها مع مساعدته أو بدونها.
وقد قال لها هارفى فى مكتبه آنذاك :"أن كنت تفكرين بالزواج من شخص يريد البقاء فى البلاد فيما شارفت إقامته على الأنتهاء فأنسى الأمر.إلا إذا أردت أن تعرضى نفسك للملاحقة القضائية"
ونظر إليها بقسوة فاعترفت كايتى بعينين يملؤهما الرعب :"لم أفكر بهذا؟"
"يبدو لى أنك لم تفكرى كثيراً بالأمر برمته"
"إذا كنت ستحاول منعى......"
"لو كنت اعلم أن لدى فرصة للنجاح لفعلت"أعترف الرجل بذلك بصدق وأضاف :"سأقوم بمساعدتك من اجل أمك,لكننى أريدك أن تفكرى بهذا الأمر جيداً قبل ذلك"
"على فكرة أمى معجبة جداً بك أيضاً"