لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > روايات أونلاين و مقالات الكتاب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات أونلاين و مقالات الكتاب روايات أونلاين و مقالات الكتاب


مجموعة قصصية للدكتور أحمد خالد توفيق

السلام عليكم و رحمة الله و بركااته الآن راح أقدم مجموعة قصصية للدكتور أحمد خالد توفيق بدل ما نخلي لكل قصة موضوع راح أعملها بموضوع واحد :52_asmilies-com:

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-03-12, 07:18 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
Itsme مجموعة قصصية للدكتور أحمد خالد توفيق

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم و رحمة الله و بركااته

الآن راح أقدم مجموعة قصصية للدكتور أحمد خالد توفيق

بدل ما نخلي لكل قصة موضوع راح أعملها بموضوع واحد

أرجوا أن تستمتعوا بها



 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس

قديم 17-03-12, 07:20 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

1 - قصة الصفقـــــــــــــــــــــة

************************

الصفقــة
(1)

الرجل كان يُدعى (أبو هيبة).. اسم مُوحٍ فعلاً..

قال له (مصطفى) إنه سيجده جالسًا هناك في ذلك المقهى في الحادية عشرة
ليلاً، وهو يفضل مقعدًا هناك في الخلاء بين أغصان الأشجار.. يلتهم طبقًا من الحساء ولحم الرأس والفتّ.. في كل ليلة يأكل ذات الوجبة مؤكدًا أنه (يشقى).. يقولها في نوع من الرثاء للنفس.. بعد هذا سيشرب الشاي الكشري ثم تأتي التعميرة.. هذا هو الوقت المناسب للكلام..
كان (ممدوح) من الطراز العصبي الواهن المتوتر للأبد، لذا لم يستطع بدء المحادثة فورًا.. كانت ساقه ترتجف بلا توقف، وجف ريقه، كما أن قلبه لم يعد يدق ثلاث ضربات متماثلة.. هكذا اضطر إلى أن يجلس إلى أقرب مقعد مصنوع من الخوص المجدول.. وقبل أن يفهم كان القهوجي غير المبالي قد وضع أمامه كوبًا من الماء اتسخ بالشحوم ووقف ينتظر طلبه دون أن ينظر له..
ـ "هل.. هل لديكم عصير ليمون؟"
لم يقل القهوجي نعم أو لا بل انصرف على الفور، وظل (ممدوح) ينظر في ثبات إلى ظهر يده التي ترتجف.. كأنه لو رفع عينيه لعرف الجميع ما يريد...
ببطء شديد راح يتلمس طريقًا لنظراته.. أخيرًا سقطت عيناه على (أبو هيبة).. كان يلتهم طعامه في استمتاع وثبات.. رجل يعرف حقوقه كاملة ويحصل على أكثر منها بكثير. تأمل كيف يلقي بأصابع الممبار في فمه غليظ الشفتين، وكيف يمضغ بثبات وتؤدة.. الرجل الذي يتناول كل ليلة عشاء من لحم الرأس ليس رجلاً سهلاً....
يرفع بين أنامله قطعة من اللحم ويلقيها للقطط التعسة المتزاحمة حوله، لكن لا يظهر على وجهه أي تعبير. من السهل أن تصدق أن هذا الرجل قتل عشرين ولم يُقبَض عليه.. عشرين كائنًا حيًا لهم أحلام وآمال وماض وشهوات وأسرار... أزالهم من على وجه الأرض، وبرغم هذا هو قادر على أن يستمتع بعشائه ويطعم القطط..
كلما نظر له شعر بأنه أمام لغز حقيقي.. ربما قوة تتجاوز فهم البشر..



جاء الليمون الرديء جدًا فشربه مرة واحدة كأنه يشرب دواء ملينًا ثم نهض مترنحًا نحو مائدة (أبو هيبة).. غمغم:

ـ"سلامو عليكو"
ولم ينتظر دعوة بل جلس دون أن يرفع عينيه عن الأرض..
(أبو هيبة) يمسك بماسورة ويدقها دقًا على حافة الطبق ليسيل منها النخاع. يالأعصابه!.. يمضغ بلا توقف وهو يدرس جليسه بعينين حادتين..
لم يكن (أبو هيبة) يبدو كرجل العصابات أو مطاريد الصعيد لو خطر لك هذا.. كان مجرد رجل قوي البنيان يلبس بذلة صيفية ذات كُمَّين غامقة اللون، كالتي دأب المسئولون عندنا على ارتدائها منذ عقدين مضيا.. رجل خشن لكن لا يوحي بأنه قاتل. فقط يضع على رأسه طاقية بيضاء صغيرة وله شارب رفيع على حافة شفته العليا.. الغريب أنه كان حليق الذقن بدقة شديدة..
قال (ممدوح) وقد شعر بأن غموضه طال:
ـ "جئت من طرف (إبراهيم الأبيض).. يقول لك إن دور الطاولة بينكما لم ينتهِ بعد"
بدا نوع من الفهم في العينين، ثم واصل الرجل عملية المضغ. هذا الرجل لن يتكلم.. سوف يصغي بلا توقف.. لقد اعتاد هذا.. لو لم يرق له الكلام فلسوف يطرده شر طردة أو يضربه لو أصر على موقفه.
قطعة لحم أخرى لكلب ضال أجرب يبصبص بذيله، ثم تجشأ الرجل وأزاح الطبق جانبًا.. وكأنما يرى بقفاه أو يتحرك بعصا ساحر، جاء القهوجي ليضع أمامه طستًا نحاسيًا صغيرًا به ماء وقطعة صابون.. ثم وضع كوبًا من الشاي الكشري على المنضدة المجاورة وبدأ في رفع الأطباق.. وبيد واثقة مسح المنضدة ووضع عليها كوب الشاي... في ثوان لم يعد هناك أي أثر لعملية الافتراس السابقة. وخلال ثوان كان مبسم الشيشة بين شفتي (أبو هيبة) الغليظتين..
بدا الرضا على (أبو هيبة).. كأنه أنجز عملاً ستتقدم به البشرية، ونفث سحابة كثيفة من الدخان وراح يرمق (ممدوح) في حدة متسائلاً..



قال (ممدوح):

ـ "قال لي (إبراهيم) إنك يمكن أن تقدم لي هذه الخدمة.. قال إنك بمثابة أخيه.. لكنه طلب مني أن أعطيك قائمة بالأماكن التي يتواجد فيها الزبون.. تريد صورته كذلك..."
ومد يده وأخرج ورقة مطوية وناولها للرجل الذي فتحها بيد واحدة وراح يقرأ بعينيه فقط:
ـ"شركة (الصفا) للتجارة.. باب اللوق.. من 9 إلى 3 بعد الظهر.. المنزل في....... من السادسة مساء يعمل في حسابات سوبر ماركت........."
قال (ممدوح):
ـ "لم نتفق على السعر.."
للمرة الأولى تكلم (أبو هيبة)، وكان صوته هادئًا ككل شيء فيه كأنه كان يتدرب عليه منذ أعوام:
ـ "خمسة.."
ـ "خمسة آلاف؟.. لكنه قال لي...."
ـ "خمسة آلاف..... وما اسمه؟.. أين صورته؟"
قال (ممدوح) وهو يبتلع ريقه:
ـ"اسمه (ممدوح أحمد)... لا داعي لأن أجلب لك صورته.. فأنا هو!"

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 17-03-12, 07:20 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

الصفقــة
(2)

في نصف الساعة التالي حكى (ممدوح) للرجل الرهيب قصته.. طبعًا استنشق الكثير جدًا من دخان الشيشة وسعل مرارًا وهو يحكي.. لكن (أبو هيبة) ظل يصغي وهو لا يبعد عينيه تقريبًا ولم يتكلم إلا بضع جمل مقتضبة..

القصة معروفة على كل حال.. (ممدوح أحمد) يملك شركة أعمال صغيرة جدًا، وله أسرة جميلة صغيرة مكونة من زوجة محبة وطفلة.. الحياة هادئة منتظمة والربح قليل لكنه ثابت، وهنا جاءه من يُحدِثُه عن البورصة.. الحلم الواعد الوحشي.. هناك كثيرون نجحوا.. هناك من حققوا الملايين في أسابيع.. هكذا ابتاع حافظة وعرف طريق شركات السمسرة، وبالطبع باع كل ما يملك وسحب كل مدخراته.. في النهاية هوت الأسهم إلى الحضيض.. إن من لم تؤذه البورصة في مصر مؤخرًا محظوظ بشكل غير عادي أو هو (تايكون Tycoon ) متوحش الثراء...

البورصة لم تؤذ (أبو هيبة) لأنه لا يثق بهذه الأمور.. لا يثق بالمصارف أصلاً.. لهذا لم يفهم معظم ما قيل.. فقط فهم أن (ممدوح) لم يعد يملك من العالم سوى خمسة آلاف جنيه..
قال (ممدوح) دامع العينين:
ـ "هكذا رحت أرمق أسرتي الهانئة الغافلة وأنا أرتجف رعبًا على مستقبلهم.."
نفث (أبو هيبة) سحابة دخان وقال:
ـ "هناك من قتلوا أسرتهم بسبب البورصة.. ألا تقرأ الحوادث؟"
قال (ممدوح) وهو يتحسس شعره الناحل:
ـ "أنا سأفعل العكس.. سأقتل نفسي.."
ـ "تنتحر ؟"
ـ "ليس بالضبط.."

القصة -كما لابد أنك استنتجت- هي أن (ممدوح) قام بعمل وثيقة تأمين لنفسه. في حالة وفاته ستنال زوجته مبلغًا ممتازًا يحميها من الغد.. طبعًا لو قتل هو نفسه فلن تنال مليمًا.. هناك الانتحار الذي يبدو كأنه حادث، مثل سقوطه في النيل أو من فوق بناية، لكن شركات التأمين تشم هذه الألاعيب من بعيد.. لن يصعب على الشركة أن تعرف أنه كان يمر بضائقة مالية وأنه ابتاع بوليصة التأمين وهو مفلس تمامًا.. هكذا يموت هو وتضيع أسرته..

الآن بدأ (أبو هيبة) يفهم..
ـ "تريد أن أقتلك ويبدو الأمر كأننا لم نتفق على ذلك.."
ابتسم (ممدوح) وجفف العرق على جبهته وقال:
ـ "مهمة سهلة كما ترى.. سوف تعرف كل أماكن وجودي.. سوف أتيح لك أسهل الظروف الممكنة.. سأمشي وحدي في حي مقفر مهجور.. سأتركك تجرب مرة ومرتين. فقط يجب أن يبدو الأمر كسطو مسلح.. يجب أن يقتنع رجال الشرطة بهذا.."

نظر (أبو هيبة) حوله في حذر، ثم طلب من (ممدوح) أن يرافقه خلف الأشجار..
هتف (ممدوح) في ذعر:
ـ "هل ستفعل هذا الآن؟.. لست مستعدًا بعد"
ـ "أفعل ماذا يا أستاذ ؟.. عم تتكلم؟.. تعال معي.."

وهكذا غادر الرجلان المقهى إلى منطقة خالية وراءه تناثرت بها الأشجار، وهناك طلب (أبو هيبة) من (ممدوح) أن ينزع ثيابه كلها فيقف بالثياب الداخلية فقط.. أطاعه (ممدوح) المذعور، بينما (أبو هيبة) يفتش الثياب بدقة غريبة، ثم تفقد حذاء (ممدوح) ورفع الفانلة الداخلية ليتفحص بطنه..
هنا أدرك (ممدوح) الأمر.. الرجل حذر ويخشى أن يكون هذا العرض المريب كمينًا.. ربما تنقل المحادثة بالكامل عبر جهاز تنصت إلى الشرطة.. سوف يسجلون قبوله للصفقة، ثم يصورونه قبل التنفيذ ويعتقلونه في اللحظة المناسبة..

أشار لـ (ممدوح) كي يرتدي ثيابه من جديد، وأمره أن يمشي معه بين الأشجار. هذه هي الطريقة المثلى للتأكد من عدم وجود أجهزة تنصت.. تكلم وأنت تمشي..

أشار لـ (ممدوح) كي يواصل الكلام، فقال هذا:
ـ "يمكنك البدء بعد ثلاثة أيام.. الآن سوف أعطيك نصف المبلغ.."
ـ "وماذا يجبرني على تنفيذ الباقي؟.. قد يكفيني هذا.."
ـ "أنت الخسران.. متى قتلتني سوف تجد في جيب القميص باقي المبلغ ومعه جزيل الشكر"
ثم عاد (ممدوح) يشرح شروط الصفقة:
ـ "أرجو ألا تجعلني أعرف ما أنت موشك على عمله.. حاول أن تكون ضربتك مفاجئة.. لا عنف من فضلك.."
ابتسامة ساخرة تلاعبت على شفتي (أبو هيبة) وقال:
ـ "هل بعد القتل عنف؟"
ـ "نعم.. أنت تعرف هذا خيرًا مني.. قطع الحلقوم وبقر البطن مثلاً.. لا توسعني ضربًا حتى الموت.. لا تعذيب من فضلك.. الأسلحة النارية مفضلة دائمًا.. وطبعًا لا أريد أن تتركني كفيفًا أو مصابًا بشلل رباعي.."
ـ "تريد قتلاً خمسة نجوم.."
ـ "بالضبط.. هذا ما أريد.. موعدنا بعد ثلاثة أيام.. سوف أعود من عملي ليلاً في ساعة متأخرة وسوف أضطر للمشي في منطقة مهجورة.. لِنَقُل العاشرة مساء الثلاثاء.. هذا مناسب جدًا"
وقبل أن يفهم السفاح ما حدث، كان (ممدوح) قد دس حفنة من الأوراق المالية في يده وتوارى مبتعدًا بين الأشجار...

يتبع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 17-03-12, 07:21 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

الصفقــة
(3)

عاد (ممدوح) إلى داره في ساعة متأخرة من الليل راضيًا عن نفسه..

ها هي ذي (هناء) غافية في غرفة النوم وقد دست الصغيرة (مي) يدها الرطيبة في كفها، وفي يدها الأخرى دبدوبها الصغير..

فلتناما في سلام.. هما لم ترتكبا أية حماقة ولا خطأ.. هما لم تجازفا بمال الأسرة في البورصة ولا تعرفان أي شيء عن الخطر المحيط بهما..

هو يعرف.. وهو سوف يسدد فاتورة أخطائه بالكامل. هكذا نزع ثيابه وارتدى المنامة وجلس في الصالة يفكر في لقائه الرهيب بذلك الرجل الصموت الغامض (أبو هيبة)..


من أين يأتي هؤلاء؟.. متى ولدوا؟.. ما الظروف التي جعلتهم يتحولون إلى قتلة؟ هل لأبي هيبة هذا أسرة؟.. هل له أطفال؟.. هل كان هو نفسه طفلاً يغفو في حضن أمه؟... مستحيل. بالتأكيد يأتي هؤلاء من أعماق بركان أو من غياهب كهف.. وهم لا ينامون أبدًا ويقتاتون بالدماء..
ـ "هل عدت يا (ممدوح )؟"
صوت زوجته الناعس اللطيف.. تنهض وتفرك شعرها ثم تضع الملاءة على كتفي الصغيرة.. ملاءة هفهافة رقيقة تغريك بالنوم..
ـ "لقد أعددت لك العشاء..صبرًا.. سوف أسخنه لك.."
حاول إقناعها بمواصلة النوم لكنها مصرة.. تنهض وتعد له المائدة.. طعام بسيط لذيذ.. علبة من السردين مع رغيفين من الخبز قامت بتدفئتهما في الموقد. كوب من الشاي بالنعناع..
تقول له:

ـ "كف عن الشقاء والتعب.. كف عن تعذيب نفسك.. كما ترى نحن ننعم بحياة طيبة.. لقد تناولنا على الغداء بعض الكشري وكان شهيًا بحق.. الحياة لا تستحق كل هذا التعقيد.."
التهم الطعام شاعرًا بأنه قطعة من الحجر..
كفي عن أن تكوني لطيفة من فضلك.. كفي عن الرقة فأنت تجعلين الأمر أصعب.. الليلة أنهيت إجراءات تحويلك من زوجة راضية إلى أرملة ثرية فلا تخذليني. أرجوك لا تفعلي..

ثم ماذا تعرفين أنت عن الحياة؟.. عن الفقر؟.. لا تعرفين أي شيء على الإطلاق.. مجرد طفلة ساذجة اعتادت أن تجد ما تريد أمامها فلم تعد ترى للمال نفعًا.. أنا اخترت القرار الصحيح.. أعرف أنه القرار الصحيح..

لكن الأمور تزداد تعقيدًا.. الطفلة قد استيقظت.. إنها تضحك في الفراش وحدها.. تنهض الزوجة وتدعوه كي يغسل يده ويلحق بها ليداعبا الصغيرة قليلاً..
قال لنفسه:

ـ "لقد اتخذت القرار الصحيح.. نعم.. لن تنجح هذه الحيل التافهة في تغيير قراري "
وأغمض عينيه ونام راضيًا..

في الصباح جاء النبأ عبر الهاتف.. جاء ليعلن مصيبة حقيقية..

السمسار يبشره أن الأسهم بدأت ترتفع في البورصة.. لو استمر الحال على هذا المنوال فلسوف تستعيد قيمتها خلال أيام:
ـ "لقد نصحتك بألا تبيع والأسهم في الحضيض.. هذا هو الوقت المناسب للانتظار.. لقد تبين أنني على حق"
وضع (ممدوح) السماعة غير مصدق.. هذا ضد كل التوقعات التي قالت إن تلك الأسهم لن تقوم لها قائمة..

جاءت الطفلة تزحف واحتضنت قدمه في رفق، فمد يده يحملها ووضعها على ركبته.. من سمح له بأن يحرمها من أبيها؟ ثم استدرك وعاد إلى صوابه.. ما حدث أمس هو القرار الوحيد السليم..

هنا حدث شيء غريب.. لقد نهضت الطفلة على قدمين واهنتين متخاذلتين ومشت بضع خطوات قبل أن تسقط..

(مي) قد مشت اليوم.. اليوم بالذات!
إلا أن الأقدار واصلت سخريتها منه..
عند العصر جاءه هاتف من شريكه السابق، يخبره أن المستورد الروسي يطلب شحنة أخرى من البصل الممتاز الذي قاما بتصديره. هذا يعني.... قام بعمل بضعة حسابات على الآلة الحاسبة وأدرك أن الأمور تتحسن فعلاً...

هكذا مضى الحال في اليوم التالي.. من حسن إلى أحسن.. منذ عشر سنوات لم يظفر بفترة من الحظ الحسن كهذه....

الأسهم ترتفع.. الصفقات تكثر.. زوجته تزداد لطفًا ورقة.. الطفلة تتشبث به.. وتمشي..

هكذا عندما جاء المساء كان قد اتخذ قراره: لقد ارتكبت خطأ جسيمًا..

نزل من سيارته عند ذلك المقهى النائي، ومشى بضع خطوات بحثا عن المائدة التي قابل عندها (أبو هيبة) أمس..

كانت خالية.. لا توجد كومة من لحم الرأس ولا قطط...

نظر بعينين متسائلتين إلى القهوجي وتساءل:

ـ "أين (أبو هيبة)؟"
لم ينظر له الرجل ولم يحاول أن يعرف من هو.. مر بجواره وقال كأنه يكلم الهواء:

ـ "لم يأت منذ يومين.."
ـ "وأين أجده؟"
ـ "لا أحد يعرف أين يوجد (أبو هيبة) عندما يختفي.. هو سوف يجدك.. تأكد من هذا.."
نعم.. هو سوف يجدك.. (ممدوح) ليس بحاجة لمن يخبره بهذا !!

يتبع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 17-03-12, 07:22 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

الصفقــة
(4)

(إبراهيم الأبيض) نقاش وصاحب سوابق وهجام سابق يزعم أنه تائب.. عرفه (ممدوح) عندما كان الأول يقوم ببياض الشركة..

بشكل ما نجح في استدراجه إلى أن ينصحه باسم قاتل أجير يخلصه من عدو استولى على قطعة ارض تخصه. وكان اسم (أبو هيبة) أول اسم ذكره..


يرفع (ممدوح) عقيرته صائحًا ليسمعه (إبراهيم) عبر سماعة الهاتف المحمول الرديء... طبعًا هو هاتف مسروق كذلك:

ـ "أنا أبحث عن (أبو هيبة).. إنه مختف تمامًا.."

ـ "هل كلفته بالـ.. بالمأمورية إياها؟"

ـ "نعم.."








قال (إبراهيم) في ثقة:

ـ "إذن لا تقلق..!.. سوف ينفذها.. هذا الرجل يعتمد على سمعته الحسنة.. سمعة كالذهب.. وهو لن يجازف بفقدها.. اعتبر المهمة أنجزت"

ـ "لكني أريد أن ألغي ما اتفقت عليه.."

ـ "للأسف ما دمت لم تجده فهو سينفذ.. هو لا يلعب بل هو رجل مسئول.. رجل محترف.. كان عليك أن تتريث قبل أن يغادر السهم القوس.. سأحاول أن أجده وأقنعه.. لكن أشك في أن أجده"

صاح ممدوح في لهفة:

ـ "اسمع..!.. قل له أن يحتفظ بالمال.. فقط يتركنـ.. يترك الرجل في حاله!"

ووضع السماعة شاعرًا بتقلص في معدته..

لا يمكن أن يتصل بالشرطة ويخبرهم بكل ما دار بينه والرجل.. مستحيل..

طلقة في الظلام.. غالبًا من الخلف.. هذا هو السيناريو الذي اتفقا عليه.. من الممكن ألاّ يمشي في تلك البقعة المظلمة، لكن (أبو هيبة) يعرف عنه كل شيء.. كل شيء.. عنوان الشركة.. عنوان الشركة الأخرى.. عنوان البيت.. يمكن أن يفعلها في أي وقت..

اتصل بسكرتيرة شركته الأصلية وقال لها إنه سيتغيب أسبوعًا..

ـ "لكن صفقة البصـل تلك.. نحن نحتـــ..."

ـ "قلت لك إن أسبوعًا واحدًا لن يخربنا.."

ووضع السماعة.. سوف يزعم أنه بالخارج، لكنه سيسافر مع زوجته إلى قريتها... بضعة أيام هناك لن تؤذي أحدًا.. سوف تصل الرسالة لـ (أبو هيبة) أن الضحية تراجع عن الصفقة.. لا شك أنه سيمل البحث... هذا رجل مشغول ولن يضيع وقته من أجل صفقة واحدة..

في الثامنة مساء اتجه إلى الشركة التي يدير أعمال المحاسبة فيها، وقال لهم إنه سيتغيب أسبوعًا.. حرص على أن يذهب بسيارته حتى لا يضطر للسير، وهو يعرف أن (أبو هيبة) لم يرها قط . كان لابد أن يذهب بنفسه لينهي بعض الأوراق..

هكذا يمكن القول إنه فعل كل شيء ممكن.. بعد ساعة عاد بالسيارة قرب تلك البقعة التي وصفها لـ (أبو هيبة).. البقعة المهجورة المظلمة.. راح يرمي ببصره في كل صوب.. في مكان ما ينتظر الرجل.. باردًا مصممًا كالموت.. ثابت اليد كجراح أعصاب.. ينتظر أن ينهي حياته.. كانت الفكرة فاتنة مخيفة، وخاصة أنه يعرف أن (أبو هيبة) لن يبحث عن راكب سيارة بل سيبحث عن رجل راجل... إذن أنت في أمان....

هنا حدث أسوأ كوابيسه..

الدخان يتصاعد من محرك السيارة!.. الرادياتور فارغ!.. لقد نسي أن يملأه..

أغلق المحرك وهو يسب ويلعن، ثم.. لابد من أن يترجل.. لابد من أن يفتح غطاء المحرك ويديره ليصب بعض الماء.. كم الساعة الآن؟.. نحو العاشرة.. مساء الثلاثاء!.. إنها اللحظة...

نظر حوله فلم ير أحدًا.. كان يرتجف كورقة..

"لا توسعني ضربًا حتى الموت.. لا تعذيب من فضلك.. الأسلحة النارية مفضلة دائمًا.. وطبعًا لا أريد أن تتركني كفيفًا أو مصابًا بشلل رباعي.."

هل قال هذا حقًا؟.. لقد كان مجنونًا.. ابنته تزحف ثم تمشي.. زوجته تضحك.. الملاءة هفهافة تغري بالنوم.. الأسهم تتحسن.. بصل.. بصل.. محرك ساخن.. بخار أبيض يتصاعد كسحابة كثيفة.. كشري.. شاي بالنعناع.. بصل..

سوف يزيد الماء بسرعة ويرحل. كان مجنونًا عندما قرر أن يعبث قليلاً حول حدود الموت الذي ينتظره... الآن يوشك على السقوط فيه..
طاخ!.. طاخ!

لقد وجده!.

صرخ وأغمض عينيه.. (أبو هيبة) لا يخطئ التصويب... لابد أن الطلقتين أصابتاه...

ارتمى على الأرض على ركبتيه أمام كشافي السيارة المضائين وصرخ:

- "لقد ألغيت الصفقة!.. ألغيت الصفقة يا (أبو هيبة)!!"


سائق التاكسي العجوز عم (جابر) راح يرمق المشهد في ذهول.. استدار للزبون الجالس جواره وقال:

ـ "في هذه المهنة ترى أشكالاً وألوانًا من الناس.. لكني لم أر قط من يحدث هذه الضوضاء لأنه سمع انفجار شاكمان سيارتي.. أعرف أنه مثقوب وأنه لابد من إصلاحه، لكن صوته ليس مرعبًا لهذه الدرجة!"


قال الزبون في استمتاع:

"الغلاء قد أطار عقول الناس.."



********







فرغ (أبو هيبة) من رص حجارة الطاولة وسحب نفسًا عميقًا من الشيشة، بينما كان (إبراهيم الأبيض) يعد نصيبه من المبلغ.. ثم سأل (أبو هيبة) وهو يدس المال في جيبه:

ـ "ألن تنفذ ما طلبه؟.. هذا هو الموعد.."

قال (أبو هيبة) بهدوئه المخيف المعتاد:

ـ "دعه وشأنه.. هذا رجل طيب.. رجل غلبان.. رجل مدني.. أنا لا أقتل أمثال هؤلاء"

ـ "لقد دفع لك مقدمًا كبيرًا"

ـ "هذا هو العلاج المفضل له عندي.. عندما تقابل بلهاء مثله اجعلهم يدفعون الكثير من المال.. فقط خسارة المال تجعلهم ينسون بلاهتهم.. لقد استحق هذا العقاب. عليه أن يتحمل الحياة مثلنا.. وعليه أن يلوم نفسه ألف مرة لأنه غبي أضاع ماله.."
ـ "لابد أنه سيموت ذعرًا.."

قال أبو هيبة وهو يلقي بالنرد:

ـ "طبعًا.. لن يمشي في الشارع مطمئنا قبل شهرين على الأقل.. والآن كفانا كلامًا عن هذا الغبي... العب!"



تمت...

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
احمد خالد توفيق, روايات, قصص
facebook




جديد مواضيع قسم روايات أونلاين و مقالات الكتاب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:18 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية