المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
الحصاد
أحداث هذة القصة لم تحدث بعد ولا يتمنى لها الكاتب
أن تحدث في المستقبل لكنها مجرد صيحة نذير لكل
قلة و زير ...
***
مصر التي في خاطري وفي دمي .....
***
ياااااه ...لقد مرت سنون طوال وانطوى العمر
ومازلت تتذكر يا تامر عندما كنت شاباً وطنياً
متحمساً ..واليوم يزحف الشيب على ما تبقى من
شعر رأسك وتغزو التجاعيد وجهك المنهك ...
وقفت أتأمل ملامحي في المرءاة بعد أن ارتديت
الجلباب والعباءة أستعداداً لصلاة الفجر حينما سرحت
بخواطري ودق ناقوس الذكريات في عقلي ..
وتذكرت ...
زحام شديد ..هياج ..صراخ ..دخان كثيف ..سعال ..
أزياء سوداء وهراوات ...و..
تباً ..ستقام صلاة الفجر وأنا هنا أسترجع الذكريات
..تعوذت من الشيطان الرجيم وغادرت حجرة نومي
ماراً بالردهة ..هنا لمحت الأضواء المنبعثة من حجرة
أبني البكر سيف الدين تحديدامن أسفل الباب ..
ولدي ابن الخامسة عشرعاكف على التلفاز كعهدي به ..
هنا قررت أن أتدخل
..لابد أن اتدخل ..لو سمحتم دعوني أتدخل ...
دفعت الباب في حدة وصحت :
- سيف الدين ..أنت مازلت مستيقظ حتى الأن ..
رأيته ينتفض واقفاً كالملسوع قبل أن يهتف في انزعاج :
- أبي ..كيف تقتحم غرفتي هكذا دون أذن ..
حاولت أن استشف ما يشاهده على التلفاز في مثل هذا الوقت
الولد في سن خطرة ولابد من متابعته متابعة جيدة ..
قلت له في حرج :
- لا تؤاخذني يا بني .. كنت فقط أطمئن عليك ..
- لو سمحت أخرج واطرق الباب أولاً ..
طبعاً غادرت ووجدتني واقفاً على باب الغرفة أطرقها
في أدب جم قائلاً بصوت خفيض :
- سيف ....
جائني صوته من وراء الباب متضجراً :
- من ..؟
- أنا أبوك ..كنت عندك منذ قليل ...
- نعم ..نعم .. تذكرتك ..ماذا تريد ..؟
تنحنحت في حرج قائلاً :
- لو سمحت تترك لي جهاز التلفاز حتى يتسنى لي
متابعة برنامجي الديني المفضل بعد صلاة الفجر ..
جاء صوته حاداً هذة المرة :
- لكنني اتابع الان فيلم sex..على قناة (اسفخس موفيز)
غلى الدم في عروقي قبل أن اتمالك نفسي .. لابد أن
أكون هادئاً تلك الأمور لا تحل بالثورة ..قلت :
- إنه نفس الفيلم الذي كنت تشاهده بالأمس..أليس ذلك
مملاً...؟
- هذة هي الإعادة يا والدي ..ولقد فاتتني منه بعض المشاهد
بالأمس تحتاج إلى تركيز لأنها مقررة علي في مادة الثقافة
الجنسية ...
هنا قررت أن أقوم بواجبي تجاهه كأب .. قلت له في ضراعة :
- يا بني ألم أسمح لك بأخذ درس خصوصي في تلك المادة عند
الأستاذة سونه ودفعت لك مبلغ وقدره ..
قال في ملل :
- هذا واجب عليك فلا تمن علي ..
- أنا لا أمن عليك .. فقط أريد أن أفهم ما الفارق بين مايعرض
في هذا الفيلم وما تدرسه لك أستاذة سونه ..لقد سمعت أنها مدرسة
(جامدة جداً )
- يا والدي لا وجه للمقارنة بين الأساتذة عندنا وبين الدكاترة
الموجودون في الفيلم ..
هنا ضممت عبائتي على صدري قبل أن أقول في يأس :
- كما تشاء .. على العموم أنا ذاهب لصلاة الفجر هل تحب أن
تأتي معي ..؟
هنا فوجئت بالباب يفتح ويطل علي وجه سيف الدين مشرقاَ
وكأن نور الإيمان قد شع من كل خلجة من خلجاته ..قلت له
في دهشة :
- هل قررت أن تأتي معي للصلاة ..؟!
أبتسم قائلاً :
- لم يعد هذا ممكناً يا والدي العزيز ..كنت أود أن أجعلها لك مفاجأة
لكن على العموم سأخبرك الأن ..لقد ذهبت أمس إلى السجل المدني
وغيرت ملتي ...
وفرد ذراعيه على اتساعهما صائحاً في سعادة غامرة :
- لقد صرت بهائياً ........
هنا صمت الزغاريد أذني والتفت لأجد زوجتي هناء قد استيقظت
وهي متهللة الأسارير وحولها بقية الأبناء سارة وعز الدين وهم
يتواثبون من حولها مهللين :
- أخونا بقى بهائي ..أخونا بقى بهائي ....
وأمام عيني أحتضنت زوجتي العزيزة ولدها البكر وهي تغمر
وجهه بالقبلات الحارة ثم حانت منها التفاتة إلي وهي ماتزال
تحتضن أبننا قائلة في شمم :
- لقد صار ولدي بهائياً ..مثل أمه ...
وعادت تقبله في حرارة ..أما أنا فكنت ابتسم لهم مجاملاً قبل
أن أعلن لهم أنني تاخرت على الصلاة وتركتهم يحتفلون بتلك اللحظة
حتى لا يكون وجودي منغصاً عليهم فرحتهم ..
***
غادرت الشقة واغلقت الباب جيداً قبل أن تصطدم عيني
بذلك المشهد عند الشقة المقابلة ..شقة جاري الاستاذ وائل
كان هناك ضابط شرطة يقف عاقداً ساعديه امام صدره
وملامحه تكتسي بالصرامة .. توترت أعصابي وشعرت
بان مصيبة ما في الطريق ... أقتربت من الضابط وعرفته بنفسي
فصافحني في ادب ..سألته في رقة عن سبب وجوده فقال
في أهتمام :
- جاءنا بلاغ ضد جارك السيد وائل من ولده حسام الدين
أنه اهانه امام صديقته فجئنا للقبض عليه ...
وقبل أن ابدي أي رد فعل ..رأيت اثنين من رجال الشرطة
يقتادون جاري السيد وائل خارج شقته وهو يولول :
- لم اقصد والله .. هو لم يخبرني انها صديقته .. كنت اظنها
محصل الكهرباء ...
نظر له الضابط الواقف بجانبي نظرة صارمة قائلاً :
- من حقك ألتزام الصمت وسنوكل لك محامي للدفاع عنك ..
خذوه ...
أخذ الأستاذ وائل يصرخ ويتوسل وينادي على ولده حسام
الدين ..فخرج الأخير متابطاً ذراع فتاة حسناء وهو يحدج
والده بنظرة باردة وتقدم الضابط منهم وهو يقول في احترام :
- ناسف على الإزعاج تأكد أن هذا لن يحدث ثانية ...
كان الأستاذ وائل لا يكف عن الولولة عندما مر بجانبي
ورجال الشرطة يقتادونه فالتفت إلي ولمحت نظرة ملتاعة
في عينيه كانما يقول لي ..أفعل شيئاً أرجوك ...
- تامر ... مالذي جنيناه ليصبح حالنا هكذا ...
حاولت البحث عن رد لكننى لمحت إشارة ضوئية تنبعث
من هاتفي المحمول لم يعد هناك أذان للصلاة أو الإقامة
فقط إشارات ضوئية منعاً للإزعاج ..
نظرت إلى وائل قائلاً بسرعة :
- لا مؤاخذة ً يا وائل ..أنها إشارة إقامة الصلاة ..كنت أود
أن اساعدك .. لكنك وغد همجي ومازلت مصر على
الحياة في الماضي تركب الجمال والخيل والحمير ...لابد
أن ترحل ..هذا هو الحل الوحيد من اجل سعادة أبنائك ...
كانت سيارة الشرطة تثير الاضواء في كل مكان حينما قذفوا
في مقعدها الخلفي جاري العزيز وائل وانطلقوا.. لا ابواق
فقط الأضواء حتى لا يزعجوا أحد ..
وتوجهت أنا في خطوات واثقة من المسجد القريب من بيتي ..واخرجت
الهوية الخاصة بالمسجد وناولتها لرجل الأمن فنظر فيها
متفحصاً ليتأكد اني مقيد في هذا المسجد ثم سمح لي بالدخول ..
صحيح أنه يفعل هذا خمس مرات في اليوم ..لكنه مسكين
ذاكرته لم تعد تحتمل ... صحيح أننا خمسة شيوخ فقط
نصلي في هذا المسجد..
ولكن هذا عدد ضخم مقارنة بالمساجد الأخرى ...
لقد عشنا أوقات عصيبة وضحينا بالغالي والنفيس حتى نحيا
ذلك اليوم ... ولن نسمح بالعودة إلى الوراء ....
***
تمت
|