شخصيات ذكرى الكوخ..
• إلينا جيم بيترسون / طالبة الكلية العسكرية .
• كيت آدم سوليفان/ طالبة الكلية العسكرية و صديقة إلينا.
• كلير ويليام كولن / طالبة الكلية العسكرية و صديقة كيت و إلينا.
• أليكساندر ريتشارد اندرسون/ ملازم و طيار حربي و مسئول عن سلاح مدينة تورنتو الجوي .
• دانييل كوبر غراهام/ ملازم و مساعد طيار و صديق أليكس الحميم .
البداية ....
دخلت إلينا إلى باحة الكلية العسكرية و اتجهت إلى حرم الكلية الخلفي حيث قابلت صديقتيها كيت و كلير و ألقت عليها التحية ثم بادرت كلير بالقول :
سمعت بأن الأستاذ العقيد ريك هوفمان سيكشف اليوم عن مفاجأة ترى ما هي؟
ردت عليها إلينا:
لا تصدقي كل شيء كلير ربما يكون الأمر مجرد شائعة.
ايدت كيت كلام إلينا لكن كلير لم ترقها فكرة أن تكون مخطئة بنظر صديقتيها و فتحت فمها لتقول لهما بأن الخبر أكيد لكن قبل أن تقول أي شيء سمعت شخصا يناديها فالتفت إلى حيث الصوت و هي غاضبة لكن غضبها تلاشى حين رأت كايل قادما نحوها . قامت و اتجهت نحوه راكضة و قذفت نفسها باتجاهه التقطها بدورها وقبلها بحرارة ثم قال لها:
هل دائما ما تقضين وقتك هنا ؟ اقصد قبل بدء الحصة الأول؟
سالت و هي تنظر إلى عينيه :
نعم . دائما ما أكون هنا هل بحثت عني؟
شدها نحوه و التصق جسدها بجسده ثم قال و هو يبتسم من بين أسنانه :
بما فيه الكفاية أيتها المتهورة. ضحكت و قالت له:
آسفة ثم قبلته مجددا. علقت كيت قائلة بنبرة حزينة :
إنهما عاشقان حقا. نظرت إلينا إلى كيت و سألتها :
هل تشعرين بغيرة منهما؟؟
لا. لا أبدا لست أغار منهما . ثم لماذا أفعل ذلك؟؟
لا أدري ربما لأنك كنت مثلها يوما ما .
إلينا أرجوك لا تذكري لي ثانية أني كنت مثلها. كلامك صحيح و مازلت مثلها لكن قلبي محطم .
آسفة كيت . عادت كلير برفقة كايل و قالت له :
أعرفك على صديقتي كايل. إلى يميني إلينا بيترسون و إلى يساري كيت سوليفان . صافحهما و قال :
سررت بمعرفتكما أنا كايل مور
قالت له إلينا:
نحن أيضا سررنا بمعرفتك . أخذت كلير حقيبتها و قالت لصديقتيها : أراكما لاحقا.
رن الجرس في تمام الثامنة صباح الاثنين معلنا عن بدء حصة الأستاذ العقيد هوفمان , استرجع الأستاذ العقيد الدرس السابق مع طلابه في حين كانت كيت مشغولة بتفقد عدد الحاضرين في الصف . انتبهت إلينا إلى صديقتها و طلبت منها الانتباه إلى الأستاذ العقيد و فهم الدرس لكن صمت الأستاذ العقيد اجبرهما على الصمت قال لهما:
هل لنا أن نعرف ما تتحدثان عنه و اعتقد انه مهم أكثر من الدرس لكي لا تستطيعا تأجيل الحديث عنه.
قالت له إلينا:
سيدي نحن آسفتان . لم نكن نتحدث عن شيء بل كنت اطلب منها أن تنتبه للدرس هذا كل ما في الأمر.
في المرة القادمة ستخرجان مع الباب إن انشغلتما بأي شيء هل هذا واضح؟؟
اجل سيدي .
أكمل شرح درسه ثم قال لطلابه غدا سنذهب في رحلة تعليمية و ترفيهية إلى قاعدة جوية عليكم أن تكونوا في باحة الكلية في الساعة الثامنة صباحا.
سأله احد الطلاب: سيدي هل لنا أن نعرف ماذا سنفعل في القاعدة؟
ستختلطون بجنودها و تتعلمون منهم ما يهمكم و تقدمون تقريرا في اليومين الأولين و بقية الأيام ستكون للمرح أن أردتم ؛ شيء أخر اعرفوا لم سميت باسم قاعدة برادلي .
انتهت حصة الأستاذ العقيد و خرج من القاعة و خرج بعده نصف الطلاب تقريبا لم يبق فيها سوى 10 طلاب من بينهم إلينا و كيت و كلير و اريك و ...الخ .
فاجأت كلير إلينا و كيت و قالت لهما :
الم أقلكما بأنه ستكون هناك مفاجأة. اعتقد أن هذه هي المفاجأة؟
أجابتها إلينا :
اعتقد ذلك . لقد كنت محقة أنا آسفة.
لا باس فجميعنا نخطئ .قامت و خرجت هي الأخرى .
قبل خروج إلينا من القاعة سئل اريك من قبل صديقه مارك [ ماذا ستفعل لو انفردت بأجمل فتاة في الكلية؟؟] كان السؤال مبهما لكن الجميع يعرف من المقصود هنا. بالتأكيد إنها إلينا .صمت جميع من كان بالفصل في انتظار جواب اريك.
قال بعد صمت طويل :
بصراحة مارك سأجذبها نحو صدري و اقبلها بحرارة .
خرجت إلينا من المكان دون أن ترد عليه لكن كيت بقيت . عاد مارك و سال مجددا:
لماذا استغرقت وقتا لتجيب على السؤال اريك؟
صرخ اريك به قائلا:
كنت يا عزيزي أتصور الموقف.. لم تتحمل كيت تجاوزه للحدود فقامت و صرخت عليه قائلة:
أنت أحقر شخص رايته اقسم لك يا اريك ستندم على هذا و خرجت . بعض الطلاب ضحكوا و سخروا منها لكن اريك لم يرد عليها فالوضع دائما حساس جدا بينهما.
إن إلينا و اريك لا يعرفان بعضهما لكن منافستهما لبعضهما كانت كفيلة بان تأجج العداوة بينهما, لم يكن اريك يهتم لتفوقها إلا حين أصبحت معه في نفس الصف كان يضمن مكانه في الكلية حين لم تكن في الصف معه .كان الأول في صفه الثاني في قسمه بينما كانت هي الأولى في صفها الأولى في قسمها , الآن بنظره ستتفوق عليه و سيكون الثاني في كل من المكانين. هذا ما جعلها تكون هدفا لأقوله و أفعاله .
خرجت كيت و ذهبت تبحث عن إلينا وجدتها جالسة في أخر طاولة في قاعة الطعام . ذهبت إليها و جلست بجانبها لم تتحدث كيت لان إلينا بدت غاضبة جدا ما هي إلا دقائق و انضما لهما كل من كلير و كايل , تبادلوا الأحاديث و الطرف لكن كايل لاحظ صمت إلينا فسال كيت ما بها ؟
أجابته كيت بان اريك تعرض لها بكلامه و لهذا السبب هي غاضبة, تحمست كلير للأمر فبدأت تطرح الأسئلة بشكل مفصل إلى إن قاطعتها إلينا بقولها : اصمتي الآن كلير و راقبي ما سأفعل به.
ثم وجهت ما تبقى من كلامها لكيت :
اعرف انك كنت مرتبطة به لكن سأنتقم منه كيت.
لا عليك إلينا إن لك الحق الكامل في فعل ما تريدينه في اريك أنا لا شان لي به الآن
دخل اريك إلى القاعة وإحدى يديه في جيب بنطاله بينما كان يمرر الأخرى بين خصلات شعره , توقف عند الباب و بدا يتلفت يمنة و يسرة و كأنه يبحث عن شخص ما أتت إلينا ووقفت إمامه و قالت :
اريك ريغان المغرور الوسيم هل تجرؤ على فعل ما قلته في الصف.؟؟
قال لها بكل ثقة: بالتأكيد. ثم أكمل:
اشعر بالأسى على فتاة في مثل جمالك تلتحق بكلية عسكرية . ترى ما لسبب؟
ردت عليه بغرور:
ليس من شأنك و فتاة في مثل جمالي بإمكانها إخضاع جيش كامل. الآن لنرى ماذا ستفعل بشان كلمتك.
انتبهت فتاة إلى ما يحدث عند باب القاعة بين اريك و إلينا فصرخت قائلة:
انظروا و أشارت إلى المدخل . صمت الجميع ليشاهدوا ما يجري. نظرت إلينا إلى الأرض و كأنها تفكر فيما ستفعله ؛ تسائل بعض الطلاب ماذا ستفعل؟ لكن لم يجب عليهم احد. أمسكت إلينا بطرفي بلوزتها و شدتهما مقطعة ازاريرها ليظهر جسدها عاريا أمام اريك.
صدم الجميع بمن فيهم اريك لم يتوقع احد أن تفعل إلينا ما فعلته. نظرت إلى اريك و قالت بسخرية :
هل فقد القرش أسنانه؟ ما بك؟
هز رأسه و كأنه يعود إلى الواقع ثم قال:
لا لم يفقد القرش أسنانه بعد يا عزيزتي و امسك بذراعها الأيمن و شدها نحو صدره. أصبحت في قبضته لا مفر منه الآن ؛ بعض الطلاب قالوا الآن سيبدأ المشهد الأكثر إثارة سيقبلها اريك. لم يكملوا كلمتهم إلا و رفعت إلينا يدها الأخرى و صفعت اريك صفعة قوية ثم سحبت ذراعها و قالت: كيف تجرؤ على لمسي و الإمساك بي أيها الحقير . ضحك الجميع لم يتوقع احد ردة الفعل هذه . قام كايل و قال:
لن ادع هذه المهزلة تستمر و خلع سترته و غطى بها إلينا . خرجت و رافقتها كلير توقفت كيت قليلا عند اريك ثم قالت:
حمدا لله أن في الكلية فتاة ستعيد لك وعيك اريك أنت تستحقها.تستحق الضربة و بجدارة و خرجت ذهبت كلير و أحضرت بلوزة أخرى لإلينا في حين سالت كيت صديقتها باستنكار و دهشة:
كيف فعلت ذلك أمام طلاب الكلية جميعا؟ الم تشعري بالإحراج و الندم؟
في الحقيقة كيت لم أتوقع أنا أيضا أني سأفعل هذا لكن لست نادمة لا يهمني رأي احد في الكلية بصراحة.
دقائق و طلبت المديرة الرائد السيدة كابوت اريك. تعود اريك على الذهاب إلى مكتب المديرة لكن هذه المرة تردد في الدخول . لقد شعر بالخوف و الارتباك . لو علمت الرائد السيدة كابوت ما قام به هذا الصباح سيعاب بكل صرامة انه متأكد لقد خرق القوانين الأساسية للكلية و التي تتضمن عدم معاملة إحدى طالبات الكلية بوقاحة.
دخل إلى مكتب المديرة بعد تردد كبير استقبلته بابتسامة عريضة ولائحة طويلة من المدائح و كلما مدحته كلما زاد ارتباكه ترى ماذا ستقول بعد كل هذا؟ أنت معاقب بكذا و كذا و مع هذا مطرود؟؟ طلبت منه المديرة أن ترشحه كطالب يقدم المساعدة لها كي ينظموا حفل التخرج و العرض العسكري رغم أن الحكومة ستجهز كل ما يلزم إلا أن بصمة الطلاب لابد منها .فرح اريك و كان جبلا كبيرا قد أزيح عن صدره لم يرفض طلبها بل أكد لها بكل ثقة بان طلبها هذا شرفه .شكرته على ذلك .
طلبت إلينا أيضا لنفس السبب لاحقا في ذلك اليوم خرجت كيت من مكتب الأستاذ العقيد ريك هوفمان , كانت متوجهة إلى حرم الكلية الخلفي حين اعترضت كريستينا طريقها طلبت منها كيت أن تبتعد عن طريقها لكن كريستينا قالت لها:
قولي لصديقتك التي صفعت هذا الصباح اريك بأنها ستندم.
قالت كيت و بغرور:
و ما شاني أنا بما فعلته إنها هناك و أشارت إلى الحديقة . تحدثي معها إن أردت أنا لا شان لي
اخبريها فقط بما قلت أنا لم اقل انك لك شانا بما حصل
ضاقت كيت ذرعا بها ثم قالت:
خسارة ! هل أرسلك اريك لتدافعي عنه. لم أتخيل يوما أن ساقطة مثلك ستدافع عن اريك اللعين.
كفي عن الشتم قبل أن تدفعي الثمن!
أنا لم اشتم بل وصفتك على حقيقتك أنت لست سوى ساقطة حاقدة م....... لم تكمل كيت جملتها إلا و صفعتها كريستينا . سقطت كيت على الأرض من شدة الضربة تجمع الطلاب. فقدت إلينا صوابها حين سمعت أن كريستينا ضربت كيت كادت أن تضربها لكن كلير كانت لها بالمرصاد فاكتفت إلينا بالتوبيخ . مر اريك قرب تجمع الطلاب هؤلاء امسك بأحد الطلاب و سأله : ما الأمر؟
لقد قامت كريستينا بصفع كيت . بدا من الصعب لاريك تصديق ما سمعه . أكمل الطالب ساخرا من اريك: إنها قوية كتلك التي حصلت أنت عليها هذا الصباح و انفجر الطالب ضاحكا .
لم يعر اريك أي اهتمام لما تبقى من كلام الفتى بل تجاوز الطلاب واحدا تلو الأخر حتى وصل إلى المكان الذي كانت فيه كيت و جد إلينا تتشاجر مع كريستينا و كلير برفقتهما استغل الوقت للانفراد بكيت فسألها باهتمام:
كيتي هل أنت بخير عزيزتي؟
رغم أن اسم كيتي له مكانته في قلبها إلا إنها تجاهلته و لم تجب عليه لكنه ربت على كتفها و كرر سؤاله . سحبت كتفها من تحت يده و قالت بمرارة :
لا تريني وجهك اريك كل هذا بسببك . صمت اريك و لم يرد عليها . أتى كايل و مد يده لكيت أمسكت به و ساعدها على النهوض كل هذا تحت ناظري اريك . شعر بالنار في داخله تشتعل بسبب تصرف كايل هذا . تنهد من اجل أن يمنع نفسه من ارتكاب حماقة أخرى مع كايل ابعد ناظريه فقط و حين تفرق الطلاب و همت كريستينا بالذهاب امسك بذراعها و شدها نحوه . انحبست أنفاسها و لم تستطع التنفس بسهولة لكنه أفلتها و ابتعد عنها بقسوة ثم قال:
لماذا تجرأت على مد يدك على كيت؟؟
قالت بحقد:
كنت أدافع عنك لكنها أيضا شتمتني.
و لماذا تدافعين عني؟ هل طلبت ذلك منك أم أني فقدت لساني.
أجابت بغضب:
هل تعامل كل من يحسن لك بهذه الطريقة؟
قال بكل احتقار :
لا و لكن أعامل هكذا كل من يتدخل في ما لا يعنيه. و أكمل بسخرية : هلا أخبرتني ما قالته لك كيت؟؟
لا اعتقد انك بحاجة لان تعرف
حقا؟ أتوقع أن تقول بأنك حثالة , ساقطة , حاقدة , ......الخ
صرخت قائلة :
اصمت اريك أنت ..
قاطعها و قال:
أنت فعلا تتصفين بها جميعا و اقسم لك إن تجرأت مجددا على كيت سترين ما لا يعجبك.
سالت بسخرية و قهر :
لماذا؟ لماذا تدافع عنها ؟ هل لا زلت تحبها؟
ليس من شأنك و امسكي لساني عن خصوصياتي و ذهب.
انتهى اليوم الدراسي و عدن الصديقات الثلاث إلى الشقة التي يتقاسمنها معا تحدثن عما حدث في ذلك اليوم و بعد أن تناولن عشائهن جهزت كل واحدة منهن حقيبة واحدة للرحلة و خلدن للنوم قرابة التاسعة مساءً.. لم تستطع إلينا النوم بسرعة , تقلبت في سريرها عدة مرات ثم خطرت على بالها فكرة . اتصلت بوالديها في ادمونتون و بما أن التوقيت مختلف توقعت أن لا يكونا في المنزل بعد أن رن الهاتف ثلاث مرات قررت أن تضع السماعة لكنها سمعت صوت جيم يقول :
منزل آل بيترسون كيف أستطيع أن أخدمك؟؟
ضحكت و سُرت ثم قالت :
هل يمكن أن أتحدث مع السيد جيم بيترسون .
صمت قليلا ثم قال و هو يضحك :
إلينا . صغيرتي كيف حالك؟؟
بخير أبي , الم اطلب منك أن تكف عن التحدث باللهجة الرسمية حين تجيب على الهاتف؟؟
أه . عزيزتي لا أستطيع يجب أن أكون رسميا جادا في كل شيء .
قالت بسرور :
حسنا أبي . كيف حالك أنت و كذلك أمي؟؟
جلس على الأريكة و أجابها :
بأفضل حال عزيزتي ! أتعلمين لقد اشتقنا لك.
نظرت إلى صورة لها مع والديها و قالت :
أنا أيضا اشتقت لكما . متى سأراكما؟
قريبا حبيبتي . إما قبل حفل التخرج أو في ذلك اليوم.
شعرت بفرحة عارمة وجلست على حافة السرير و قالت :
حقا؟ ستحضران حفل التخرج و العرض العسكري ؟
بالتأكيد إلينا سنحضر لكن بعد ساعة سنذهب إلى بريطانيا.
أوه أبي أنتما دائما تسافران .لكن لا باس استمتعا بوقتكما.
إنها رحلة عمل عزيزتي ربما سأكون هناك أسبوعا أو أسبوعين . ماذا عن دراستك أيتها العسكرية؟
قالت محتجة :
أبي. لم أصبح عسكرية بعد .
ضحك و قال :
لا باس متى ما أصبحت مستعدة لذلك سأناديك به . صمتا قليلا و ابتسم والدها حين تذكر انه كاد أن يفقدها بسبب إهماله لها بالدرجة الأولى ثم بسبب مجموعة إرهابية حمقاء . تمنى لو كان الجندي الذي أنقذها حيا ليخبره كم هو مدين له بحياته لأنه أنقذ حياة طفلته الوحيدة. نادته عدة مرات أبي . لكن كان واضحا انه ليس معها لذا قالت و بصوت عالي : أبي . سمعها هذه المرة لكنه تمنى أن لا يصيبها مكروه سألها باضطراب :
ما الامر إلينا؟
أبي غدا سنذهب إلى قاعدة عسكرية جوية تسمى قاعدة برادلي أليس هذا رائعا؟
تنهد ثم قال :
اجل انه رائع لكن أرجوك يا ابنتي اخبريني بذلك في المرة القادمة بهدوء دون أن تتسببي لي بأزمة قلبية .
ضحكت ثم قالت :
آسفة أبي . لم اقصد
حسنا لا عليك . اسمعيني جيدا إلينا إن الوقت متأخر عندك لذا اخلدي الآن للنوم و سنتحدث مرة أخرى عن أشياء عدة . اتفقنا؟
حسنا أبي لكن بلغ تحياتي لامي و حبي لها أيضا .
سأفعل صغيرتي و احبك .
احبك أنا أيضا أبي إلى اللقاء .
إلى اللقاء و وضعت السماعة . استلقت على السرير و حدقت إلى السقف قليلا ثم قالت وهي تبتسم أنا محظوظة حقا .
في الثامنة صباحا تجمع الطلاب في الحديقة الأمامية للكلية كما طلب منهم الأستاذ العقيد ريك , أتت الحافلة عند الثامنة و عشر دقائق و ذكر الأستاذ العقيد طلابه بقوانين الرحلة و صعدوا إلى الحافلة بعد ذلك .وصلت الحافلة إلى القاعدة التي تبعد عن الكلية مسافة 60 كلم بعد نصف ساعة , أمر الأستاذ العقيد طلابه إن يخرجوا البوابة الرئيسية عندما تصبح الساعة الثانية عشر و نصف ظهرا . و تقبلوا ذلك
تفرق الجميع في القاعدة الكبيرة جدا كل ما كان يهم إلينا هو أن تذهب إلى مدرج الطائرات و تعرف كل شيء يتعلق بالطائرات و أسلحتها و تصاميمها و طرق عملها و أنواعها الحربية منها و الغير حربية ,, طرازاتها و مبالغ صفقات بيعها أو شرائها كل ما يتعلق بها لذلك بحثت عن المدرج و سالت احد الجنود فدلها على باب حديدي كبير و طلب منها أن تتجاوزه للناحية الأخرى حينها ستجد بعض مواقف الطائرات و على بعد كيلومترات ستكون هناك المطارات . شكرته و ذهبت . فعلا رأت ما قاله الجندي لكن ما أدهشها أن الطائرات كثيرة جدا و متنوعة أيضا فهناك الحربية المقاتلة أمثال سي اف 18 و سي ايه 18 و هناك المروحيات المقاتلة و الغير مقاتلة و كلها مركونة في عدة أرصفة ضخمة سارت نحو الطائرات و تجاوزتها للخلف ووجدت عدة مدرجات طويلة و عريضة و يفصل كل مدرج عن الأخر مساحة من الأرض ذات عشب اخضر جميل .
وجدت بعض من الجنود يتفحصون طائرة من الطائرات مرت بالقرب منهم و ابتسمت و أكملت طريقها احدهم قال لها : عودي إلى هنا أيتها الفتاة إن المدرجات خطرة الآن .
لماذا سيدي؟
هناك طائرة في السماء قد تهبط في أي لحظة و هناك طائرات أخرى ستقلع لذا عودي .
حسنا فقط دقائق و سأكون على الرصيف .
نظرت إلى مدرجين إمامها و رأت طائرتين تقلعان في وقت واحد لم يفتها المنظر الرائع لذا قامت بأخذ مقطع فيديو على كامرتها . تحركت من مكانها حتى باتت تقف في وسط المدرج الثالث . أخذت له صورة و استدارت للخلف و كانت الصدمة . طائرة حربية قادمة باتجاهها لم تتحرك من شدة الصدمة . رأى الطيار الفتاة الواقفة أمامه فطلب من برج المراقبة القيام بشيء ما قبل أن تتكبد القاعدة خسائر عظيمة و كذلك الدولة أيضا وجه جنود برج المراقبة نداءً للجنود داخل المكان طالبين منهم إبعاد الفتاة عن الطريق لم يستجب احد الكل في حالة ذهول و صدمة و الطائرة تقترب من إلينا لا مفر في نظرها ستموت و كذلك الطيار تلا صلواته و تمنى لو انه كتب وصيته . اقترب أكثر فأكثر تدارك الجندي ماكس لما يمكن أن يحدث أن لم يتحرك احد لذا جرى سريعا باتجاه إلينا و امسك بها و سقطا على الإعشاب معا.
أنقذ الموقف و هبط الطيار دون أي مشكلة نزل من الطائرة و خلع خوذته و صرخ بالجنود قائلا :
ما الذي تنظرون إليه؟؟ كيف وصلت تلك الفتاة إلى هذا المكان ؟ اخفض الجميع رؤوسهم و لم يتحدث احد اشتد غضبا و قال :
أجيبوني فانا أتحدث معكم؟ حاول احد الجنود التحدث لكن الطيار وبخه أيضا و طلب منه أن يخرس . امسك بالخوذة التي في يده و رماها بقدمه و قال لهم اخرجوا الآن لا أريد أن أرى وجوهكم . خرج الجميع .
ابتعد ماكس عن إلينا و مد يده لها و ساعدها على الوقوف قالت له : أشكرك لقد أنقذت حياتي يا ...
ابتسم و قال :
ماكس . الرقيب ماكس . حاولت أن ترد لكن رأت الطيار يقف خلف ماكس و عيناه تلمعان غضبا لذا صمتت و شعرت بالخوف استدار ماكس خلفه ووجده خلفه و ضع الطيار يده على كتف ماكس و قال له و هو يبتسم : شكرا يا سريع البديهة لقد أنقذت الموقف .
شكرا لك سيدي
ماكس اخرج و اذهب إلى برج المراقبة و اطلب منهم أن يصدروا تعليمات بناءً على توصيتي .
حسنا ملازم اليكس ما هي هذه التعليمات؟
اخبرهم أن يطلبوا من كل طيار يحلق في السماء أن يعود الآن إلى المدرج و بسرعة .
حسنا سيدي و خرج ماكس . ظل الملازم اليكس يراقبه بنظره حتى خرج عندها استدار و نظر إلى إلينا عاد الغضب إلى عينيه الرماديتين . لاحظت إلينا الفرق الذي يكون عليه هذا الرجل . قالت لنفسها :
انه يبدوا جذابا ووسيما للغاية حين يبتسم و لكنه يبدوا وحشا مفترسا حين يغضب .
امسك الملازم اليكس بذراعيها و هزها قائلا بغضب شديد :
أيتها الفتاة البائسة ماذا كنت تفعلين أمام الطائرة ؟ لماذا لم تتحركي ؟؟
تضايقت من وقاحته فحاولت أن تسحب ذراعيها من يديه لكنه شدد من قبضته أكثر مما جعلها تتألم . حاولت أن تصرخ لكنه هز رأسه و قال بخبث:
إياك .أنا أصدر الأوامر هنا و لا احد بإمكانه أن يدخل ما لم اسمح بذلك .
عرفت إنها لا تستطيع أن تفعل شيئا لكنها استمرت في إظهار قوتها و قالت له :
كل هذا لاني وقفت أمام الطائرة و لم استطع أن أتحرك من شدة الصدمة . حسنا أنا آسفة
هزها مجددا و قال :
آسفة . أهذا كل ما ستقولينه ؟
لا شيء عندي أضيفه .
أفلتها اليكس و ضرب بقبضته على مقدمة الطائرة و قال :
أتعلمين انك كدت تقتلينني و تقتلين نفسك ؟ هل هذا ما أردته ؟
قالت بغضب و نفاذ صبر ملحوظ :
لم أفكر في الانتحار و من ثم لماذا أريد أن أقتلك و أنا لا أعرفك سوى هذه اللحظة .؟
عقد اليكس ذراعيه أمام صدره و قال :
لست ادري
قالت له بسخرية :
آسفة لكني حتى الآن لم أفكر أبدا في قتلك أيها الملازم اليكس !
خرجت من المدرج بسرعة و ذهبت تبحث عن صديقاتها لم تعرف لم شعرت بالرغبة في البكاء و كذلك لم تعرف لم شعرت برغبة في أن تتفادى هذا الرجل منعت نفسها من التصرف بحماقة في هذا المكان بالذات و جدت نفسها في سطح احد المباني .
دهشت حين رأت عدة مباني متجاورة مستطيلة الشكل بنية اللون ذات طوابق كثيرة ومتقاربة الشكل بينها مسافات كبيرة إلى حد ما و احد هذه الأبنية اكبر من الجميع و خلفه تماما يوجد به مدرجات متجاورة كبيرة و كثيرة للغاية و محيطة بالمكان كله .
أعجبها المنظر من الأعلى و لكن ما أثار إعجابها أيضا الحديقة التي تقع في وسط هذه الأبنية الرائعة شقت طريقها نحو الحديقة و ذهبت إليها تجولت داخلها قليلا ووفقت لحظات عند البركة الصغيرة في وسط الحديقة . تأملت تمثال الطائرة الذي صمم بشكل مبهر ليكون فوق البركة تماما.
رأت ظلا قربها فنظرت إلى اتجاهه ببطء شديد ووجدت اليكس , وفقت و بادر بالكلام قائلا:
ماذا تفعلين هنا.؟
كررت سؤاله بدهشة و أجابت عليه :
التقط بعض الصور . سأسألك نفس السؤال أيها الملازم .
أجابها بسخرية و غرور :
أنا اعمل هنا و لا شك في أن أكون هنا في أي وقت لكن في الوقت الراهن أتيت إلى هنا لأنفس عن غضبي لقد كنت مع جنود الصيانة . عاقبتهم و أتيت إلى هنا قبل الذهاب إلى مكتبي . هل من مشكلة ؟؟
طبعا لا مشكلة . اعذرني سأذهب الآن . تجاوزته لكنه امسك بذراعها و قال:
أتظنين أني سأتركك تذهبين بسهولة مثل المرة السابقة . اخبريني أيتها الفتاة المتعجرفة ما اسمك ؟
حاولت إلينا أن تسحب ذراعها من يده لكن و كما فعل في المرة السابقة شدد من قبضته و لم تستطع قالت له بغضب :
اسمي إلينا. وأريدك أن تعلم أيها البغيض أني سأرفع دعوى ضدك .
ضحك بسخرية بالغة و قال :
دعوى . لأي سبب ؟
ليس من شأنك صرخت في وجهه مباشرة و أكملت : سأحرص على أن تكون الدعوى عسكرية بالذات .
شدها اليكس نحوه بشدة و شعرت بأنفاسه لم تستطع التنفس خافت من أن تستسلم إمامه إنها منجذبة له لكن هذا لم يؤثر عليها بل نظرت إلى الأسفل و تجنبت النظر في وجهه قال لها بغضب :
لم أكن اعلم انك تملكين لسانا سليطا يا الين لكنك محظوظة لأنك في مكان ليس تحت سلطتي .
تملكها الغضب و قالت له بسخرية :
في المرة القادمة سأحرص على أن أكون في مكان تحت سلطتك , سنرى ماذا ستفعل .
ابتسم ابتسامة خبيثة و قال :
لقد نطق لسانك بالسؤال الخاطئ . ما سأفعله لن يعجبك لكنه على الأقل سيرضي رغباتي .
شعرت بخوف شديد و لكنه قال :
اطمئني لن افعل شيئا الآن بك مازلت لا تعرفين كيف تكوني قوية أيتها الفتاة دفعها بعيدا عنه و تركها .
شعرت بأنه أهانها كما لم يفعل احد أخر مثله . كيف استطاع فعل هذا حتما لو كان يعلم إنها ابنة جيم بيترسون لم يكن ليفعل هذا .
صديقتها كيت كانت تبحث عنها بعدا أن شعرت بملل في القاعدة و أرادت التحدث مع إلينا لكن لسوء حظها لم تجدها . جلست على احد المقاعد في إحدى الممرات و شعرت بحزن شديد لم تعرف سببه. مر اريك بالممر ووجد كيت جالسة وحيدة حاول استغلال الفرصة في أن يتحدث معها على انفراد عن سبب انتهاء علاقتهما منذ سنة . لم يتسنى له أن يتحدث معها طوال تلك المدة لذا وجد فرصة ذهبية لا تفوت في هذا المكان , جلس قربها وشعر بأنها تبكي لذا سألها باهتمام بالغ :
كيت هل أنت بخير ؟
ردت عليه و الدموع في عينيها : هل أبدو لك أني بخير ؟
شعر بالحزن عليها و قال :
ما الامر ؟ هل هنا............ قاطعته و قالت له: ارحل اريك .
امسك بذراعيها و صرخت عليه قائلة :
اريك اغرب عن وجهي لا أريد أن أراك أنت بالذات . كانت تبكي بشدة لم تعرف سببها لكن اريك لم يفلتها بل شدها نحو صدره و عانقها استسلمت له و سمحت له بان يفعل ما يريد ليس غريبا عليه أن تتجاوب معه بهذه السرعة فهي كانت حبيبته ذات يوم, هدا من روعها و تركها تبكي على صدره بينما كان يطبع القبلات على رأسها . تذكر أيامهما معا . تذكر كيف كان سعيدا معها؛ سقطت دمعة من عينيه لكنه مسحها هدأت كيت قليلا و نظرت إليه ووجدت الدموع في عينيه رغم انه حاول أن يخفيها سألته :
آ كل شيء على ما يرام اريك ؟
صمت اريك قليلا ثم قال :
لقد انفصلنا كيت لسبب لا اعرفه جيدا سوى انك لم تريدي أن نكون معا و الآن تتجاوبين معي بكل سهولة لذا لا ليس كل شيء على ما يرام.
نظرت إليه و ابتعدت عنه و قد اكتست عيناها نظرة حزينة و قالت بغضب مكتوم :
ربما أتجاوب معك بسهولة لاني أحببتك ذات يوم اريك و مازلت احبك و اشك في أني سأنسى هذا لكن لا أستطيع العيش معك اريك. سقطت دموعها و تابعت القول :
حين جلست في هذا المكان و شعرت بالوحدة لم اعرف لم بكيت لكني عرفت الآن , أنت السبب اريك لقد آلمتني و جرحت مشاعري ؛ أصبحت وحيدة من دونك و اعلم انك تشعر بذلك أيضا لكن سأفضل العيش وحيدة على أن أشارك حبك كريستينا و من معها .
رغم حزنه و دموعه إلا انه صرخ بدهشة :
كريستينا؟؟ ما دخلها فينا كيتي؟
مسحت كفها بدموعها و قالت :
اجل كريستينا . سمعتها تتحدث عنك و تقول انك اريك جيد في العلاقات و انه شاب وسيم و ... الخ . كانت تتحدث عنك كما لو كانت خليلتك اريك لم استطع أن أتقبل فكرة انك اقمت علاقة معها ذات يوم . و لم أكن متأكدة من أني سأكون الأخيرة اريك لذا اعذرني لا مستقبل لي معك. لهذا السبب تركتك قبل سنة.
حاولت ان تغادر لكن اريك امسك بها و توسل لها بان تستمع له قليلا فجلست . قال اريك انه عانى من فقدانها خلال السنة التي قضاها بدونها :
انت في كل شيء في حياتي كيت . كل شيء في حياتي يذكرني بك . ان اسف كيت بشان كل شيء قلته لكن لا استطيع فعل هذا اكثر من ذلك لم اعد استطيع النوم لاني افكر فيك دائما, انت في كل شيء في حياتي كيت لكن ارجوك امنحيني فرصة لا يهم لم افترقنا و لا كيف سنعود لبعضنا لكن امنحيني فرصة مجددا . عودي الى حياتي ؛ دعيني اكن معك ارجوك.
اسفة اريك لا استطيع ذلك انا حقا اسفة.
اسمعيني كيت . فيما يتعلق بكريستينا لاشيء بيني و بينها كيت اقسم لك لاشيء ربما اقمت علاقات مع فتيات اخريات لا انكر ذلك و لكن ليس كريستينا انا حتى لا اطيق النظر في وجهها .
بكت بمرارة و قالت :
انت اعترفت بذلك . اعترفت انك اقمت علاقات لا استطيع ان اعرف ان كنت الاخيرة.
لم اقم أي علاقة بعد معرفتك كيت اقسم بحياتي اني لم ارغب بفتاة بعدك . صدقيني ارجوك .
قالت و صوتها لا يكاد يسمع من البكاء :
اصدقك لكن السؤال هو كيف استطيع ان اثق بك بعد الان اريك؟
صمت اريك و اخفض راسه ثم قال :
لو ان هناك طريقة تعيد ثقتك بي لاتبعتها .
قالت بامل :
آمل ذلك و نهضت من مقعدها , نهض اريك بدوره و امسك بيدها و قال :
ساجد طريقة لاستعادتك الى حياتي كيت و صدقيني حين اقول هذا سافعل.
ثم طبع قبلة خفيفة على شفتيها و قال :
سأعيدك مهما كان الثمن .
ذهبت كيت و تركت اريك . سالت نفسها :
هل بامكان اريك ان يعيدني الى حياته؟ هل ساتقبله بعد كل ماقاله اليوم؟ ابتسمت بسخرية و قالت : حري به ان يفعل لاني ساتربط باول فتى اقابله ان لم يفعل .
بعد ظهر ذلك اليوم وجدت كيت صديقتها الينا في الفندق الذي استاجره الفريق ليبقوا فيه خلال الرحلة المدرسية و اخبرتها بكل ماحصل حاولت الينا ان تواسي صديقتها لكن مع هذا طلبت منها ان لا ترفض أي مبادرة للنوايا الحسنة من قبل اريك . في حين تسترت الينا على ماحدث بينها و بين اليكس و لم ترغب في ان يعلم احد بالامر البتة ؛ بينما كان اليكس في غرفته يفكر فيما حدث له اليوم عند المدرج . رن هاتفه الخلوي و اتجه نحو سترته و اخرجه نظر الى المتصل ووجد اسم المتصل دانييل رد عليه اليكس :
مرحبا داني . كيف حالك؟
بخير اليكس ماذا عنك .؟
انا بخير . كيف كان الاجتماع ؟
كان مملا بصراحة لكن الاجتماع بدا ناجحا لقد نجحت فكرتك اليكس.
دهش اليكس : حقا تقول داني؟
بالتأكيد اليكس لقد قبل الوزير ماكنزي الامر و أهنئك .
أنت الذي علي أن أهنئه داني نجحت فكرتي بفضلك أنت .
لكن اليكس تم عقد صفقة شراء أسلحة عسكرية و أجهزة اليكترونية من الولايات المتحدة.
ماذا ؟ صفقة شراء أسلحة؟ نحن لسنا بحاجة إليها . اخبرني ما محتوى هذه الصفقة داني؟
آسف أيها الملازم اليكس لا يمكنني إخبارك عن تفاصيل صفقة عسكرية عبر هاتف محلي مراقب . اخبرني ماذا عن طلاب الجامعة؟
تبا داني . لا يهمني أرسل لي تقريرا حول تلك الصفقة .
سأفعل اليكس و ربما عليك انتظار عودتي.
كاد اليكس أن ينفجر غضبا على داني لكن ما الفائدة داني ليس هنا انه في العاصمة. قال له بهدوء:
طلاب الكلية بحال جيدة لكن...
لكن ماذا اليكس ؟
كل ما في الامر داني هو أن هناك فتاة تشغل بالي
قال داني في سخرية :
فتاة اليكس! من كان يتوقع أن تقول هذا .
ندم اليكس على إخبار داني بالأمر لكنه استمر بالقول:
انه مجرد اهتمام داني لا أكثر كدت اقتل هذه الفتاة .
صدم داني و صرخ قائلا :
تقتلها ؟ ما الذي حدث اليكس؟
سمع اليكس محاولة نداء له من احد الجنود فاضطر الى إنهاء محادثته مع داني قائلا :
داني سأخبرك لاحقا بالأمر .علي أن اذهب الآن .و اقفل الخط قبل أن يسمع ردا من داني.
استجاب اليكس للنداء . طلب منه القيام بجولة تدريبية مع ثلاثة طيارين آخرين لمدة نصف ساعة بأمر من الجنرال العام جورج ماكوين.
في اليوم الثاني عادت إلينا الى القاعدة و أكملت ما بداته آملة أن تنهي تقريرها قبل يوم الغد.
تجولت في أنحاء القاعدة كلها وعلمت كل شيء تريده لكن ما أثار حفيظتها هو أنها لم تر الأسلحة لذا اعتقدت أنها في مكان واحد توجهت نحوه ووجدت الباب الحديدي . ابتسمت و استدارت لتعود إدراجها لكنها اصطدمت بشخص كان يقف خلفها.امسك بها الشخص حتى لا تسقط على الأرض , رفعت رأسها و حين رأت اليكس أزاحت بنظرها عنه و أطلقت زفرة. سألها بغرور:
ألهذه الدرجة تكرهيني؟
نفت ذلك في البداية لكنها نظرت إليه و قالت :
اجل أكرهك لتصرفاتك دعني الآن و شاني.
تعجب من ردة فعلها ثم مد يده لها و قدم لها علبة مياه معدنية و قال :
لابد انك عطشه تفضلي.
تهجم وجهها و سالت بفظاظة:
هل تعامل الناس كما يحلو لك . مرة تصرخ في وجههم و أخرى تسخر منهم و ثالثة تقدم لهم شرابا و أتساءل ماذا ...
قاطعها و قال :
إذا كنت تريدين أن تشربي فهذه هي الفرصة المناسبة و إذا كنت لا تريدين اخبريني بذلك بكل سهولة هناك كثيرون سيشكرونني .
أخذت منه علبة المياه و شكرته . شربت قليلا ثم قال :
لا أعامل الناس كما أريد الين بل أعاملهم كما يجب .
اختنقت قليلا بالمياه ثم قالت :
كما يجب ؟ أهذا يفسر كل معاملاتك السابقة لي .لا باس. تمنت لو تضربه لكنها لا تجرؤ على هذا خاصة و هي في القاعدة لو كان هذا في مكان أخر لكان أسهل بالنسبة لها لذا رمت العلبة في وجهه و تخطته ذاهبة ؛ سقطت الدموع من عينيها و لا حظ ذلك. لحق بها و امسك ذراعها و اجبرها على التوقف لكنها صرخت بوجهه : اتركني.
تركها اليكس و ظل يحدق بها حتى خرجت من المدرج . راجع قليلا كلامه ثم قال بسخرية :
إنها حساسة . إذا سأعتذر لها غدا .
لقد كان مخطئا في شيء واحد , حين اعتقد انه سيراها غدا . قدمت إلينا تقريرها صباح الأربعاء و ذهبت مع اريك و سبعة طلاب آخرين الى المدرسة من اجل مساعدة المديرة الرائد السيدة كابوت في تهيئة الجو لحفل التخرج و العرض العسكري . في الحافلة جلس اريك قرب إلينا لكنها تجاهلته تحدث بهدوء :
هل أستطيع أن أسالك بعض الأسئلة إلينا؟
قالت بسخرية :
اريك يقول هذا عجبا. كنت أتوقع أن تضربني أو ما شابه.
ابتسم ابتسامة خفيفة تعبر عن ما في داخله و قال :
بإمكاني فعل هذا لكني لا أريد . رأت إلينا كيف تحول وجه هذا الشاب و أصبح كئيبا و حزينا سألته :
السبب كيت صحيح؟
نظر إليها و قال :
أخبرتك أليس كذلك؟
اجل فعلت و لو كنت مكانك اريك لراجعت نفسي و ما فعلته قبل أن تتركني .كنت سأقول لك راجع نفسك.
إنها تقول بان السبب هي كريستينا تظنني اقمت علاقة معها.
الم تفعل؟
تبا. ولم يعتقد الجميع أني اقمت علاقة مع تلك الساقطة أنا لا أطيق النظر في عينيها حتى .
اخبر كيت بالأمر .
أخبرتها و طلبت منها أن تصدقني قالت بأنها تصدقني لكن لا تثق بي.اعرف أني آلمتها و سببت لها جرحا عميقا لكن أريدها في حياتي اخبريني ماذا افعل لكي استرجعها .؟
ضحكت و قالت :
آسفة اريك انك تسال الشخص الخطأ . توقفت الحافلة عند مدخل الكلية و بدا الطلاب بالنزول قامت إلينا من مكانها و تجاوزت اريك ثم نظرت إليه و قالت :
لا يحق لي قول هذا اريك لكن كيت تحبك أكثر مما تتوقع و صدقني إن لم تسترجعها سترتبط بأول فتى مناسب لها تقابله .وخرجت . فكر اريك قليلا بكلام إلينا و لحق بها و شكرها .
اجتمع الطلاب بالمديرة الرائد السيدة كابوت و أخبرتهم أن الحفل سيكون في حرم الكلية الخلفي بدون شك لأنها اكبر من الأمامية و تحتوي على مدرجات لجلوس الحاضرين كل ما عليهم فعله هو عدة أعمال بسيطة كتركيب المزيد من الأعلام الكندية في الأعمدة و كذلك إيجاد أفضل الأماكن المناسبة للتصوير من قبل الصحفيين والإعلاميين.
لم يجد الطلاب صعوبة في القيام بأمور تافه عكس ما توقعوا بل حتى أنهم حصلوا على وقت فسحة جيد قبل إتمام العمل . في القاعدة لاحظت كيت غياب إلينا وكذلك اريك وساورها الشك حول الامر لذا توجهت نحو الأستاذ العقيد هوفمان و سألته عن الامر و اخبرها بان الرائد كابوت طلبتهم في المدرسة , اقتنعت كيت بالأمر لكن لم تعلم السبب من وراء طلب الرائد كابوت , في الواقع لم تكن الوحيدة التي لاحظت غياب إلينا و عدم تواجدها في القاعدة بل اليكس أيضا لاحظ ذلك و بحث عنها في القاعدة كلها و خصوصا في الأماكن التي يتوقع وجودها فيه . حين يئس و لم يجدها سال احد الطلاب :
أتعرف أين بإمكاني أن أجد الطالبة إلينا أيها الشاب؟
لا اعرف سيدي اسأل إحدى صديقتيها ربما هما يعرفان مكانها.
و منهما صديقتيها ؟
شقراء تدعى كيت سوليفان و الأخرى تدعى كلير كولن .بالمناسبة سيدي كلير ليست شقراء بل لون شعرها اسود .
شكره اليكس و ذهب و هو خائب . أصبح الآن يبحث عن ثلاث فتيات بدلا من واحدة و لكن ما جعل مهمته أكثر صعوبة هو عدم الدقة في الوصف فاليكس لا يعرف كم شقراء في هذه الرحلة إضافة الى ذلك فهو لا يعرف معالم كل من كيت و كلير أصبح يسال كل فتاة في طريقها سواء كانت شقراء أم صاحبة شعر اسود اللون عن اسمها و صل به الامر الى أن وجد كريستينا سألها عن اسمها كإحدى الشقراوات . بدت له فتاة ساذجة سألها بعدم رغبة :
ما اسمك أيتها الشقراء؟
ردت عليه بدلال :
كريستينا و لماذا تسال ؟
رد بجفاء :
ليس من شأنك . و أكمل سيره لكن كريستينا لم تتركه يذهب هكذا بكل بساطة بل أمسكت بذراعه و قالت :
هيا أيها الوسيم اخبرني ما السبب ؟ لم تسال عن اسمي ؟ هل أنت معجب بي؟
نظر اليكس الى يدها التي على ذراعها بنظرة احتقار دون أن يتفوه بكلمة . سحبت يدها من ذراع اليكس وظلت واقفة بانتظار الجواب. قال لها :
أي جزء من كلمة ليس من شأنك لم يكن واضحا و لم تفهميه؟
شعرت كريستينا بالإهانة و الحرج و أخفضت رأسها . أكمل اليكس سيره و قال لنفسه :
كنت اعتقد أني أواجه مشكلة في التعامل مع الين لكني تأكدت الآن أن الين لا تتجرأ الى على من يتجرأ عليها . كرر طريقة نطقها لاسمها و أكمل حديثه : ساذجون متخلفون و في النهاية هل أنت معجب بي . ضحك بسخرية و أكمل طريقة .
ثلاث ساعات من البحث عن صديقتي إلينا و عنها و لم يجد اليكس شيئا . قرر التخلي عن فكرة البحث و توجه نحو اقرب ثلاجة و اخذ زجاجة عصير ليمون بارد . في هذه الإثناء عاد الطلاب الذين ذهبوا الى المدرسة بحلول مساء يوم السبت قالت إلينا لنفسها :
كنت اعتقد أننا لن نعود قبل يومين من نهاية الرحلة . لم تشعر بسعادة لأنها عادت بل على العكس تماما تمنت لو لم تعد الى هذه القاعدة . قابلت إحدى الجنديات في القاعدة و أصبحتا صديقتين خلال ساعات محدودة, الرقيب روز قالت لإلينا أن الملازم اليكس هو المسؤول عنها .شعرت بشيء من الخيبة و كأنها مهما حاولت التخلص من هذا الرجل تجد نفسها في طريقه بأي شكل . سالت إلينا روز :
أنت مساعدة طيار أيها الرقيب أليس كذلك؟
أنا كذلك اجل . صمتت قليلا ثم سالت إلينا :
ألا ترغبين بالصعود الى إحدى الطائرات ؟
بلى ارغب لكن هذا مخالف للقوانين .
لا مشكلة أنا بإمكاني أن أساعدك في فعل هذا .
لا روز لن تتورطي في هذا لن يحدث.
اسمعي إلينا أنا تحت إمرة الملازم اليكس انه ليس حازما كبقية الآمرين هنا حتى و إن عاقبني لن يكون عقابه قاسيا جدا.
انه رجل صارم روز , سبق و رأيت تصرفاته .
انه عكس ذلك . هيا إلينا لا عليك من الامر لنفعل هذا أعدك بان الامر سيكون ممتعا.
فكرت إلينا في الامر و قالت لنفسها إذا كانت روز ستجازف من البداية فما الذي يمنعها من القيام بالأمر معها. قررت إلينا مشاركة الرقيب روز في عملها و ذهبت الرقيب روز باحثة عن الملازم اليكس و حين وجدته طلبت منه أن يسمح لها بالقيام برحلة تدريبية لكنه رفض ذلك ألحت عليه الطلب و اقترحت أن يكون هو معها بدا مقتنعا بالفكرة لكنه رفضها أيضا لان مشغول كما قال .
أخبرته انه من الممكن أن يقوما بالرحلة بعد أن ينتهي من أعماله إن أراد . سمح لها بالقيام بالرحلة التدريبية لكن ليس قبل أن يأتي هو الى المدرج لذا ذهبت الى هناك و أخبرت إلينا بكل شيء و أطلعتها على بعض المعلومات حول بعض الطائرات و أسلحتها و صواريخها و كيفية عمل البعض منها .
التقطتا بعض الصور لبعضهما و أتى اليكس الى المدرج و ثار غضبا مما فعلته الرقيب روز . لم تره إلينا لكن روز رأته و اعتذرت عن إلينا و ذهبت باتجاهه سألها و الغضب يتطاير من عينيه :
أيتها الرقيب روز لم فعلت هذا ؟
سيدي لقد سمحت لي بالقيام برحلة تدريبية برفقتك لكنك كنت مشغولا و قررت أن اطلع بعض المعلومات على إلينا .
تبا روز . أنا حتى لم اسمح لها بالدخول الى هذا المكان .
أخفضت روز رأسها و قالت :
آسفة سيدي لقد أخطأت .
إذا أنت تعترفين بأنك ارتكبت حماقة ؟
سمعت إلينا الصوت واتجهت نحوه ووجدت اليكس يخاصم الرقيب روز وقفت إلينا بينهما و قالت له :
لا تعاقبها على شيء لم تفعله أنا صاحبة الفكرة .
زاد غضبه وصرخ بها قائلا:
لا تتدخلي في هذه الأمور .
تحدته قائلة :
ليس من حقك أن تعاقبها على شيء لم تفعله .
حاولت روز أن تعترض لكن إلينا أسكتتها قال لها اليكس :
ابتعدي عن طريقي قبل أن أقدم على شيء يؤذيك .
لن تجرؤ . لا تنسى أيضا انك مدين لي باعتذار .
نفذت الخيارات من اليكس و اتخذ أخر قرار له و قال لدروز :
اخرجي من المكان . ترددت روز في الاستجابة للأمر لكنه صرخ قائلا:
أنا لا أناقشك أو اعرض عليك هذا . أنا أمرك بالخروج الآن أيتها الرقيب
خرجت روز و بقيت إلينا في المكان وحيدة برفقة اليكس لم تعرف لم تحدت هذا الرجل وخصوصا في المدرج و هي التي سبق و رأت ما يمكنه فعله في هذا المكان رغم خوفها منه إلا أنها تجرأت عليه بالسؤال بعد أن سئمت النظر إليه و هو يقطع المكان ذهابا و إيابا و يديه خلف ظهره:
ببماذا تفكر ؟ بالطريقة التي ستعتذر بها أم بالطريقة التي ستعاقبني بها؟
توقف إمامها و نظر إليها من أخمص قدميها الى اعلي رأسها ثم قال :
أنا آسف . آسف بشان الكلام الذي قلته عن طريقة معاملتي لك . لكن اخبريني لم تثيرين غيظي دائما.
أنا لا أثير غيظك دائما أنت تعاملني بقلة احترام و أنا أحاول أن أعاملك بنفس الطريقة .
قال بدهشة :
قلة احترام ؟ متى قللت من احترامك ؟
في كل مرة تحدثت بها إلي . في المدرج ثم الحديقة و ....
قاطعها قائلا :
حسنا انسي الامر. يبدو أني مهما فعلت فلن اتفق معك لكن لا باس من المحاولة.
قطبت حاجبيها و قالت :
ماذا تقصد ؟
عقد ذراعيه أمام صدره و قال بعد دقائق صمت :
لنكن صديقين ما رايك ؟
صديقين ؟ الآن بعد كل ما حدث . ثم ما الفائدة من أن نكون صديقين كلها بضعة أيام و ساترك هذا المكان .
لوى فمه و قال :
ما المشكلة من أن نكون صديقين بضعة أيام ؟ إن كنت لا تريدين أنا لا أجبرك على فعل هذا .
صمتت إلينا قليلا و قالت له بأنها ستفكر بالأمر و ستخبره في الغد عن رأيها في الموضوع .تركت القاعدة و عادت الى فندق جورني و طلبت كوب قهوة الى غرفتها و صلتها قهوتها و ارتشفت منها عدة رشفات و هي تفكر بطلب اليكس , قالت لنفسها : ما الذي سيضرني لو أصبحت صديقته لا مانع عندي من ذلك . انه فتى رائع و مغرور اجل لكن لن اسمح له بان يتمادى أكثر من ذلك .
استيقظت في السابعة صباحا و دخلت الى الحمام و أخذت دشا منعشا ثم ارتدت بطالا اسودا و بلوزة زهرية و ربطت شعرها الى الخلف و تركت خصلاته تنسدل على وجهها بعد أن تناولت فطورها عادت الى غرفتها و أخذت محفظتها و خرجت . ذهبت الى القاعدة و بحثت عن الملازم اليكس لم تجده بعد بحث طويل أرشدها احد الجنود الى المدرج و ذهبت الى هناك ووجدته قالت له :
ملازم اليكس لقد فكرت بعرضك و أنا أوافق عليه .
ابتسم و قال :
عظيم . و صافحها لأول مرة منذ لقائهما.
سألته بعد لحظات :
منذ متى و أنت تعمل هنا؟
منذ ثلاث سنوات.
ثلاث سنوات ! و أصبحت مسئولا كبيرا بهذه السرعة .
ضحك ثم قال :
كيف عرف أني مسئول كبير ؟
أن تكون لديك سلطة على المدرج هذا يوضح مدى أهميتك و مسؤوليتك.
ضحك ثم قال :
حسنا. لست مسئولا عن المدرج فقط بل أيضا مسئول عن الطائرات في المدينة كلها .
رائع .لكن من عينك مسئولا عن كل هذا ؟
صاحب السلطة العسكرية العليا.
سالت بريبة :
من تقصد ؟ رئيس هيئة أركان الجيش السيد مكاي؟
لا عزيزتي بل اقصد وزير الدفاع مارك ماكنزي.
وااو . كم هذا مذهل .
ضحك اليكس و سألها :
ما المذهل ؟ أن أعين من قبل الوزير ماكنزي أم أن أكون مسئولا بهذه الأهمية؟
الاثنين معا. هل هناك طائرات ليست ملكا للقاعدة إنما هي لأسباب خاصة ؟
اجل هناك واحدة.
من يملكها؟
أنا . نظرت إليه بدهشة و لكنه أكمل كلامه :
لقد طلبت من احد مصممي الطائرات أن يصمم لي طائرة اف 18 معدلة و فعل .
ماذا يميزها عن طائرة اف 18 و أكملت بسخرية : الغير معدلة ؟
بإمكانها أن تختفي من على الرادارات و كذلك بإمكانها أن تكون غواصة . هذه الطائرة غير متوفرة في البلاد الآن لكني عرضت على الوزير ماكنزي أن يسمح بالتجارب على الطائرة و إذا نجحت نستعملها فيما بعد و ربما نبيعها للدول الحليفة .
إذا كان هذا مشروع اليكس الذي نجح داني في تسويقه و قبله الوزراء و العسكريون في اجتماعات وزارة الدفاع الكندية.
بعد أسبوع قضاه في العاصمة أوتاوا عاد الملازم دانييل غراهام الى القاعدة بعد أن سلم تقارير الاجتماع للجنرال ماكوين توجه الى مكتب الملازم اليكس طرق الباب و سمح له اليكس بالدخول :
مرحبا اليكس.
قام اليكس من مكتبه و توجه الى صديقه عانقه و قال بسرور :
مرحبا داني كيف حالك؟
بخير . ماذا عنك ؟ لم تبدو شاحبا هكذا
ضحك و قال :
أنا بخير . ثم عاد و جلس أمام طاولته و أضاف :
كيف حال كاثرين ؟ أراهن على انك زرتها.
بالتأكيد فعلت . لم تكن تعلم أني سأكون هناك حين ذهبت . في الواقع أنها ترسل لك تحياتها.
رائع . ظننت انك لن تعود قبل نهاية الأسبوع .
كان من المفترض أن يكون الاجتماع على مدار الأسبوع و في جلسات قصيرة لكن الوزير ماكنزي جعله في يومين وفي جلسات مطولة قرابة الثلاث ساعات .
دهش اليكس و قال :
ماذا؟ و ماذا كنتم تفعلون طيلة الأسبوع ؟
حين انتهى الاجتماع علمت من بعض المصادر أن هناك اجتماعا مطولا للوزراء في مقر رئاسة الحكومة وعلى الوزير أن ينهي اجتماعات وزارة الدفاع بأسرع ما يمكن .
ما سبب اجتماعات الحكومة الطارئة هذه برأيك ؟
لا اعرف ربما يتعلق الامر بانتخابات تموز يوليو العامة .
ربما أنت محق .و بهذه الطريقة تكون قد حصلت على فرصة لقضاء بعض الوقت مع كاثي خارج القاعدة . أكمل وهو يبتسم : أيها المخادع.
ضحك داني وقال:
أنت محق اعلم انك كنت ستفعل الامر عينه لو كنت متزوجا.ثم اخرج ملفا من حقيبته و سلمه الى اليكس و قال :
هذا تقرير كامل عن كل مدار داخل الغرف المغلقة و هناك ما يتعلق بالصفقة التي أخبرتك عنها.
شكره اليكس و خرج داني من المكتب و اتجه الى مكتبه . تنهد اليكس قليلا و فتح الملف عرف كل تفاصيل تلك الصفقة و ما الذي ستشتريه كندا من الولايات المتحدة الأمريكية.
رن هاتف مكتبه و قال له سكرتير المكاتب :
هناك فتاة تريد أن تتحدث معك سيدي إنها طالبة .
قال اليكس:
ادخلها.
دخلت إلينا الى مكتب اليكس و طلب منها أن تقفل الباب و قدم لها كرسيا و طلب منها أن تجلس , جلست إلينا وشكرت اليكس , سألها:
الامر الين ؟
أردت فقط أن أسالك أيها الملازم بشان ....
قاطعها و قال :
نادني اليكس فقط .
اليكس أردت أن أسالك بشان الطائرة .
أي طائرة ؟
طائرتك . اخبرني عنها الكثير إن كان ممكنا.
ابتسم و قال:
لقد استحوذت على اهتمامك أليس كذلك؟
في الواقع لم استطع أن اصدق أن هذا الكلام صحيح لذا ..
تريدين أن تريها و تعرفي ما ذا بإمكانها أن تفعل .
شعرت بالخجل و لكنه قال :
لا باس سأريك إياها فقط سأنتهي من بعض الملفات العالقة هنا و سأريك أيها . هل يمكن أن تنتظريني في المدرج أو أي مكان .
لا أمانع ذلك .
قامت من الكرسي لتخرج و عندما و صلت الى الباب استدارت و نظرت الى اليكس و قالت :
أشكرك اليكس.
ابتسم و قال :
لا داعي أنا في خدمتك .
خرجت إلينا من المكتب و توجهت الى المدرج تجولت فيه قليلا و توقفت عند إحدى الأرصفة و أسندت ظهرها الى الجدار و عقدت ذراعيها أمام صدرها ثم فكرت هل من المعقول أن يمتلك اليكس طائرة لا تمتلكها الدولة ؟ كيف استطاع القيام بالأمر ؟هل هي طائرة أم هي غواصة ؟ قاطع اليكس أفكارها سائلا إياها:
بم تفكرين ؟
نظرت إمامها ووجدت اليكس و قالت :
في الواقع كنت أتسائل عن شكل الطائرة .
ضحك اليكس و قال :
لا تستطيعين أن تصدقي كلامي ببساطة لكن سأخلصك من شكوكك تعالي معي . ذهب و رافقته على بعد عدة كيلومترات من المكان الذي كانت تقف فيه كان هناك سلم صغير هبط منه اليكس و تبعته سألته :
أين هي الطائرة ؟
إنها في مكان ما هنا فقط تحلي بالصبر.
هذا المكان ! قالتها بدهشة ثم أكملت :
أهي صغيرة جدا لتكون في مكان ما تحت الأرض؟
لا إنها كحجم الطائرة العادية . و صل عند باب مقفل اخرج بطاقة من جيبه و ادخلها في فتحة صغيرة فوق مقبض الباب انتظر لحظات وومض ضوء صغير . اخرج اليكس البطاقة و أعادها الى جيبه و فتح الباب .
دخلت إلينا الى الغرفة و تبعاها ثم اقفل الباب خلفهما , أضاء أنوارا خافته في الغرفة ووجدت الطائرة في وسط الغرفة سألته :
هل هذا مستودع ما ؟
لا . لكنه موقف طائرتي .
نظرت من حولها الى المكان و الدهشة تعلو وجهها نظرت الى بعض أجهزة الحاسب الآلي التي كان اليكس يعمل عليها , ثم رأت سلما قرب قمره القيادة نظرت الى السلم و صعدت عليه ثم ألقت نظرة الى داخل الطائرة و طلب منها اليكس أن تحذر و تبتعد عن المكان قبل أن تسقط , نزلت من السلم و قالت :
تبدو لي أنها طائرة عادية .
اتجه الى الطائرة و القي نظرة متفحصة على الجناحين وقال:
الم أخبرك بأنها طائرة عادية ؟
عقدت ذراعيها أمام صدرها و قالت بغضب :
إذا لم قلت لي أنها طائرة معدلة ؟ لم علي أن أصدقك و لم تخبرني بالحقيقة ؟ أكان كل هذا خدعة منك لتدخلني الى هنا؟
صرخ قائلا :
لم تكن خدعة ثم أني لا اكذب .
خافت و نظرت إليه بحذر لاحظ نظرتها و أطلق زفرة ثم قال :
آسف لم اقصد أن اصرخ بك.
أدارت له ظهرها و لم ترد عليه قال لها :
الين هيا قلت أني آسف .
ردت عليه دون أن تنظر و قالت:
ما الفائدة من الأسف اليكس أنت خدعتني جعلتني اصدق قصتك الخيالية و أوقعت بي .
وقف خلفها ووضع يديه على كتفيها و أدارها تجاهه و قال :
استمعي إلي قليلا الين , لم اكذب عليك و ليست قصة خيالية هذه الطائرة في شكلها الخارجي تبدو طائرة عادية لكنها ليست كذلك صدقيني .
اثبت لي إذا و سأصدقك.
حسنا.
توجه الى طاولة صغيرة و احضر منها بعض المعدات الواقية و رماها لها وقال :
ارتدي هذه.
ماذا ؟
إنها معدات واقية ارتدي هيا سننطلق.
إلي أين سنذهب ؟
سنأخذ الطائرة و سأثبت لك أن هذه الطائرة غير عادية.
نظرت الى المعدات لحظات ثم ارتدت حامي للركبتين و كذلك الكتفين ولبست السترة الواقية و طلبت من اليكس أن يساعدها في ربط السترة انتهت من ارتداء معداتها و كذلك اليكس و طلب منها أن تدخل الى الطائرة, ساعدها على فعل ذلك ثم اتجه الى طاولة يوجد بها العديد من الحواسيب الإلية وضغط على عدة أزرار على لوحة مفاتيح ثم اخذ آلة تحكم عن بعد .
دخل الى الطائرة ثم نظر الى إلينا التي كانت خائفة و طلب منها أن ترتدي خوذتها لكنها قالت بأنها ستفعل بعد أن تخرج الطائرة الى السطح ووافق. سألها :
هل أنت مستعدة لأكبر مغامرة في حياتك كما افترض.؟
بعد نفس عميق قالت:
اجل مستعدة.
اعتدل اليكس في مقعده و ضغط على زر احمر على الآلة بدا السقف ينفتح و دخلت أشعة الشمس الى المكان بدأت الأرضية تتحرك الى الأعلى صرخت إلينا:
ما الذي يحدث اليكس؟
قال لها بهدوء :
سيطري على أعصابك الين اعرف انك خائفة لكن كل شيء على ما يرام ستصعد الطائرة الى الأعلى.
تنهدت ثم قالت:
آمل ذلك.
دقائق معدودة و أصبحت الطائرة في الأعلى كباقي الطائرات , نزل اليكس من الطائرة و اخبر جنود الأرض بأنه يريد أن يذهب في جولة و سلمهم جهاز التحكم , عاد الى الطائرة و أغلق بابها و قام بتشغيل الطائرة و إلينا تراقب كل هذا بخوف و دهشة معا.
تحركت الطائرة الى الإمام و أشار اليكس بيده الى الجنود ببضع إشارات و سمحوا له بالطيران . لحظات و أصبحت الطائرة في الجو .ارتفع الى الأعلى بشكل متوسط و سألته:
أهذا أخر ارتفاع يمكن أن تصل إليه الطائرة ؟
لا بإمكانها أن ترتفع أكثر فأكثر لكن إن قمت بذلك ستفقدين وعيك .
لماذا؟
نحن الطيارون مدربون على أن نقاوم الجاذبية و بشكل عادي مع التدريبات تعودنا على ذلك إما من لا يمكنه أن يتحدى الجاذبية سيفقد وعيه بسرعة و تسقط الطائرة و ربما يموت بمجرد أن تصل الطائرة الى ارتفاع معين.
هذا مرعب حقا .
الين انت درست العسكرية و تخصصت في قسم القوات الجوية و حسب ما أرى انك خائفة جدا من الطيران ماذا ستفعلين مستقبلا؟
لا اعرف في الواقع ماذا سافعل مستقبلا لكني تأكدت تماما الان أني لا اريد ان اصعد على متن طائرة عسكرية مجددا و أضافت بسخرية: خصوصا اذا كانت ملكك و معدلة .
ضحك اليكس و قال:
ماذا ستفعلين اذا؟
سأكون مهندسة أو ممصمصة أو مشابه ليس ضروريا ان أكون كابتن طائرة أو مساعدة طيار.
انه خيار جيد أيضا.
ضغط على مفتاح احمر الى يمينه و تغير شكل الهيكل الخارجي للطائرة قالت بدهشة:
ماذا فعلت؟
أخفيتها عن الرادارات .
و لم فعلت ذلك ؟
هذا أول شيء معدل . ارتفع اكثر الى السماء حتى أصبح بعيدا عن الارض قرابة (3000 قدم ) . و حول الطائرة من قيادة يدوية الى تحكم إلي. اخبر الينا كل شيء عن قيادة الطائرات وسألته :
هل قيادة الطائرات متشابهة ؟
ليس كل الطائرات . المدنية بها ما يقارب 200 مفتاح و لاعتقد ان بإمكاني قيادتها .
قالت بسخرية :
لكن طائراتك لأتقل مفاتيح عن الطائرات المدنية .
هذا لأنها ليست عادية مثل الطائرات العسكرية الأخرى .صمت قليلا ثم قال لها:
أرجوك سيطري على أعصابك و لا تصرخي.
ماذا ستفعل ؟ سألته بخوف.
سأقوم ببعض المناورات الحربية .
لا تفعل هذا سيجعلني افقد عقلي .
و ان فقدته سأقذف بك من الطائرة .
لن تفعل .
سنرى .
قام بمناورات خطرة للغاية و على عكس ما توقعت بدا الامر مذهلا للغاية اثنى عليها اليكس و على شجاعتها وأضاف ان ما جعلها قوية هي مهارته في القيادة و لكنها قالت له بسخرية :
الفضل يعود الى شجاعتي و ليس الى مهارتك في القيادة ايها العبقري.
قال بسخرية أيضا :
سنختبر شجاعتك الان.
ترك المقود و فصل الطيار الآلي عن الطائرة و سقطت الطائرة بسرعة عالية الى الارض وبشكل عمودي صرخت الينا و سألته :
ماذا تفعل هل جننت؟
ضحك اليكس و لم يرد عليها و ظلت تصرخ , اقتربت الطائرة من الارض و نظرت الينا من الزجاج وجدت المياه تحت الطائرة توسلت اليكس ان يتوقف و لكنه لم يفعل و استمرت الطائرة بالسقوط.
قبل ان تصل الى المياه بعدة امتار امسك بمقود الطائرة و قادها الى الأمام لتغوص في المياه بشكل سليم حتى لا تتضرر الاجنحة ثم شغل عدة مفاتيح صفراء و لم تمض دقائق إلا واصبحت الطائرة تسير بهدوء تحت المياه قال اليكس :
الان أصبحت غواصة . نظرت الينا من حولها و رات مايوجد في اعماق المياه كان المنظر ساحرا للغاية حتى انها نسيت غضبها من اليكس .
بعد ساعة تحت المياه اخرج اليكس الطائرة و حلق بها عاليا في السماء وقال :
سنعود الى القاعدة قبل ان ينفذ منا الوقود.
بدت السماء غائمة و مظلمة سال اليكس :
الين كم الساعة؟؟
نظرت الى معصم يدها و قالت :
الرابعة بعد الظهر .
قطب حاجبيه و قال:
لايبدو الوضع جيد .
سالت الينا بخوف :
ماذا تقصد؟
مازالت الشمس في الافق و الجو غائم و مظلم اعتقد ان هناك مطرا سيهطل اضافة الى ان الرياح تسير بسرعة عالية في الاتجاه المعاكس اخشى ان تكون هناك عاصفة .
شعرت بالخوف :
ارجوك حاول ان تعيدنا الى القاعدة .
التفت اليها و هو يبتسم ثم قال :
سافعل ما بوسعي لا تقلقي.
فصل الطيار الالي عن الطائرة و قادها يدويا . زاد من سرعة الطائرة .هطل المطر و بغزارة نظرت الينا من حولها و لم تستطع ان ترى شيئا بوضوح . سمعت صوت الرعد و تمسكت بمقعدها بشدة , حاولت ان تهدأ لكنها سمعت الصوت مجددا و كان هذه المرة اقوى من المرة السابقة فصرخت ووضعت راسها بين ركبتيها, صرخ بها اليكس طالبا منها ان تهدأ لكنها لم تجب عليه .
دقائق و اشتدت العاصفة , الجناح الايسر للطائرة تضرر بسبب صاعقة و بدأ اليكس يفقد السيطرة على الطائرة . اعاد الطائرة الى شكلها الطبيعي و حاول الاتصال ببرج المراقبة في القاعدة لكن لم يجب عليه احد.
لا يوجد ارسال . هذا ماقاله و هو يشتم و يلعن . تمكن منه الغضب و اليأس و في كل لحظة يتعطل شيء في الطائرة و الوقد بدأ ينفذ لن يتكمن من بلوغ القاعدة مهما حصل مع الوقود المتبقي لديه الان.
نظر الى الينا ووجد راسها بين ركبتيها رفع راسها بيده اليمنى و سالها:
هل انت بخير الين؟
نظرت اليه و الدموع تجمعت في عينيها و قالت:
لا اظن ذلك . صممت قليلا و صرخت:
اخرجنا من هنا انت من وضعنا في هذا الموقف.
شعر بالرفق عليها و طلب منها ان ترتدي مظلة القفز لكنها رفضت ان تقفز قال لها :
لم اطلب منك ان تفقزي و لكن ارتديها الان.
ارتدتها ثم قالت بغضب :
سانتقم منك اليكس ان خرجت من هذه المحنة حية اقسم لك أني سافعل .
ابتسم ببرود و قال :
لنأمل ان نخرج من هنا سليمين .
انخفض بالطائرة حتى وصلت الى 1500 قدما وجد بحيرة صغيرة تقع وسط غابة من الاشجار الكثيفة توجه نحوها بصعوبة و خفف من سرعة الطائرة و استمر في الطيران سألته الينا :
ان كان بامكانك الهبوط فلم لا نهبط الان .
مازالت سرعتي عالية بعض الشيء على ان اخفف منها اكثر .
تذمرت الينا لكن اليكس انعطف يمينا فجاة و بسرعة مالت الطائرة الى اليمين و كاد الجناح يصطدم بصخرة كبيرة . صرخت الينا :
انتبه . غير المسار و طار الى الامام استطاع ان يخرج بسلام سألته:
ماالذي كنت تفكر فيه كدت ان تحطم الجناح الاخر؟
كنت اتفادى صخرة كبيرة في الجهة اليسرى .
و لم تلاحظ ان المكان مليئ بالصخور . هكذا تسمي نفسك طيارا ماهرا .؟
صرخ قائلا :
لم لاتصمتي و تدعيني اركز على الطائرة .؟
حدقت فيه و فكرت: ما الذي جعلها تاتي معه ؟ لم وثقت به ؟ ماذا لو لم يخرجا من هذه المشكلة الان؟ ماذا عن اصدقائها في الرحلة و الاستاذ؟ مازالت شابة في الرابعة و العشرين من عمرها و ليست مستعدة بعد لتموت . نزلت الدموع من عينيها و تمنت ان تتوقف الطائرة قاطع اليكس افكارها و قال بصرامة :
سنقفز من الطائرة هل ترتدين المظلة ؟
سألته بخوف :
ماذا قلت ؟ و اضافت بدهشة : سنقفز ؟
اجل سنقفز هذا افضل شيء نقوم به لنضمن سلامتنا ثم اتجه اليها و قال :
اتبعي تعليماتي بحذافيرها و اعدك بأنك ستنجين من هذا .
هزت راسها بايجاب ثم تابع كلامه:
ساقفز اولا و عليك ان تلحقي بي لا تحاولي سحب المظلة باكرا إلا ان اعطيك امرا بذلك هل فهمت؟
لم ستقفز انت اولا ؟
لان علي ان ابعد هذا الكرسي عن طريقك .
لم لا يمكننا الهبوط بالطائرة بدلا من القفز ؟
رق لحالها قليلا ثم امسك بيدها و قال :
اعرف انك خائفة و اعرف ان علي ان اعتذر لك عن كل هذا لكن ما من شيء بيدي استطيع فعله لن اتمكن من الهبوط بالطائرة لذا سنقفز و ستقط الطائرة في المياه اتفقنا ؟ اثق بك الين .
مسحت الدموع من عينيها و قالت:
اتفقنا .
ازال غطاء الطائرة وقفز اليكس و ترددت قليلا قبل ان تقفز ثم قفزت لحق بها اليكس و امسك بيدها و طلب منها ان تصمت و لا تصرخ . اقتربا من الارض وسحب اليكس مظلته و طلب من الينا ان تفعل مثله .
هبطا على الارض فوق الاعشاب واختفت الينا داخل مظلتها ساعدها اليكس في التخلص من المظلة و خرجت .سنبحث عن مكان نحتمي فيه من الامطار هيا .قال اليكس ذلك و ساعدها على النهوض .
سار إمامها و بقيت خلفه وبعد ساعة من البحث و جدا كهفا و دخلا فيه , جلست الينا على الفور بعد ان نال منها التعب و البرد . بدأت تخلع عن نفسها المعدات الواقية و سالها اليكس:
لم تفعلين ذلك ستكونين بحاجة اليها .
ردت بغضب :
لست بحاجة إلي شيء . استمرت في خلع المعدات و رمتها على الارض بعد ان انتهت من التخلص منها و سارت الى داخل الكهف امسك اليكس بيدها و قال بانفعال :
الى اين تظنين نفسك ذاهبة ؟
ليس من شانك دعني .
لن تذهبي الى أي مكان . هذا الكهف ليس مكانا آمناَ يمكنك التجوال بداخله لذا ...
قاطعته و صرخت قائلة:
لا اريد منك أي تعليمات فقط اهتم بمحاولة الاتصال بقاعدتك ايها الطيار الماهر اضافة الى كيفية اخراجنا من هذا المكان .
سحبت يدها من يده بقوة و اضافت: و لاترني وجهك قبل ان تجد طريقة للخروج من هذا المكان.
ثار اليكس غضبا و قال:
ماذا تظنين نفسك فاعلة؟
تجاهلته و استمرت في السير وانهمرت الدموع من عينيها . كم يغيظها هذا الرجل تمنت لو انها لم ترافقه و لم تستمع لكلامه منذ البداية رغم ذلك فهي مسرورة لانها و لأول مرة في حياتها تصعد على متن طائرة عسكرية . كانت غارقة في افكارها و دموعها حين انزلقت قدمها اليسرى وكادت تسقط نظرت الى حيث تضع قدمها و صرخت .
حاولت ان ترفع قدمها و لكن الصخرة انهارت و سقطت الينا . استطاعت ان تتمسك بعدة صخور لكنها كانت متاكدة انها لن تظل طويلا , صرخت طالبة النجدة و تقينت ان لا احد في المكان سوى اليكس الذي تشاجرت معه منذ لحظات لكن هذا لم يمنعها من ان تصرخ باسمه طالبة المساعدة .
بعد بضع دقائق وصل اليكس اليها والخوف باد على عينيه طلب منها ان تتمسك بذراعيه و لكنها انزلقت منه اكثر من مرة لكنه في النهاية نجح في اخراجها , جلست على الارض و هي تشكو من كاحلها الايسر نظر الى كاحلها و سالها بقلق بالغ:
مالذي حدث؟
انزلقت قدمي و سقطت و اعتقد أني كسرت كاحلي. اجابته و هي تتالم من كاحلها .
هدأ من روعها و قال :
انه ليس مكسورا اعتقد انه التواء فقط.
فجاة بدا و كان الكهف كله سينهار فوق راسيهما قال اليكس :
لابد من ان نخرج من هنا قبل ان تنهار جميع هذه الصخور على راسنا . وافقته الينا بايماءة من راسها و سالها :
هل يمكنك السير؟
اعتقد ذلك. تحركت من مكانها و لكنها ترنحت و كادت تسقط امسك اليكس بذراعها و ساعدها على السير لكنها لم تستطع اكمال الطريق كما قالت بدات تئن وو تبكي و تقول:
لا يمكنني السير اكثر من ذلك اليكس . لا يمكنني ذلك . لم يحبط اليكس مثلها بل استمر يشجعها لكنه تاكد بعد ذلك على ان لا امل في ان تكمل سيرها .حملها اليكس و سار بها خارجا من الكهف .
شعرت بالاحراج من ان يحملها اليكس لكنها أيضا احست برغبة في ان لا يضعها ابدا . انه يعطيها شعورا بالراحة و الاطمئنان ان تكون بين ذراعيه و راسها على صدره .شعرت بقلبها يدق بشدة بين ضلوعها خرجا من الكهف ونظر اليكس خلفه الى المكان الذي اصبح مليئا بالغبار جراء انهيار الصخور .تنهد بقوة ثم قال :
لقد نجونا باعجوبة .
رفعت راسها و نظرت اليه و التقت اعينهما تاملت في عينيه الرماديتين و لأول مرة تشعر بان هذا الرجل ليس سيئا ابتسمت مع نفسها و قالت بانه جدير بالاعجاب و شعرت بانجذاب نحوه ربما وجدته مثيرا هكذا تحت المطر بشعره الاسود الذي غطى وجهه و ثيابه المبللة التي التصقت بجسده و اظهرت عضلات صدره .
اجل انه مثير اكثر من الجندي و الطيار اليكس فهو في نظرها الان بطلها الذي انقذها من الموت لكن هل ستعترف له بامتنانها أم ان كبرياءها سيمنعها.؟ قال لها :
سابحث في الجوار عن مكان يمكننا البقاء فيه حتى توقف العاصفة و المطر حاولي ان تبقي هنا و لا تتحركي مهما حدث ساعود في دقائق.
ذهب اليكس و تاملته الينا قليلا ان حاله هكذا يزيد من اضطرابها و شعورها بعدم الثقة بنفسها . انه على عكسها تماما . واثق بنفسه و لا يمكن ان تهزه أي مشكلة صغيرة رغم هذا فهو يمارس عليها شعورا داخليا لا يدركه هو بنفسه .
نظرت الى نفسها و شعرت بالحزن على حالها .ثيابها مبللة بالكامل و شعرها البني اصبح مجعدا اضافة الى انها تشعر بالبرد القارس و تكاد تموت من شدة الارتجاف. ابتسمت ابتسامة خافته عندما فكرت بتاثيرها على اليكس بهذا الشكل . اجل ليست بكامل زينتها و جمالها لكن هذا لا يعني انها أيضا لا تسبب لاليكس بعض الاضطراب الذي تشعر به .
غاصت في افكارها و لم تنتبه لاي شيء يدور حولها لا اصوات الرعد التي كانت خائفة منها و لا اليكس الذي وقف يتاملها باعجاب . سالها بصوت هادئ و رقيق:
لم تبتسمين ؟
رفعت راسها بدهشة و نظرت اليه . شعرت بالحرج لانه راها شاردة الذهن قالت مترددة :
آسفة لم اعلم انك هنا كنت ...
ابتسم بطريقة اربكتها و قال :
لا باس . هيا بنا . و ضع ذراعها حول رقبته و طلب منها ان تحاول السير و تخفف الضغط على كاحلها الايسر لكنها لم تستطع فعاد و حملها مجددا ثم اخبرها في طريقهما انه وجد كوخا خاليا على بعد عدة امتار من مكانهما . لم تتكلم الينا بشيء طوال الطريق بل و دست راسها في كتفه . و صلا الى الباب و دخلا الى الكوخ .
وضعها اليكس على اريكة في غرفة المعيشة و ساعدها على خلع حذائها ثم توجه الى الحمام و ملأ المياه في المغطس عاد الى الينا و حملها الى الحمام و هي تحتج طلب منها ان تكف عن الاحتجاج و أضاف :
انت ترتجفين من شدة البرد . هذا في صالحك أيتها المدللة .
وضعها داخل المغطس بكامل ثيابها ثم عاد و اختفى في المنزل ثم بعد لحظات عاد و اخبرها بان المالكين اخذوا كل شيء و لم يتركوا إلا بعض الاشئياء القليلة . احضر لها بعض الثياب و اعد لهما شرابا ساخنا و دفأ المكان رغم ذلك كانت الينا تشعر بان عظامها مجمدة. جلس اليكس قربها و بديا سعيدين لوهلة يتناولان القهوة الساخنة لكن الينا سألته و حاولت الاطمئنان عليه :
ماذا عنك . هل تشعر بالدفء كفاية ؟
اجاب اليكس شاكرا : نعم
هل وجدت شيئا اضع فيه قدمي هناك؟
لا. لكن هناك بعض الاسبرين . يمكنه ان يخفف الالم قليلا ويمكنك تناوله .
فكرة جيدة . ناولها اليكس حبتين من الاسبرين و تناولتها و اخذها الى غرفة النوم ووضعها على السرير و سالها :
كيف تشعرين الان؟
بخير. ثم ابتسمت ابتسامة كبيرة و اضافت : اعتقد أني افضل بكثير.
لقد كنا محظوظين ان وجدنا هذا الكوخ .
نعم . شعرت بأنها تريد ان تتوجه له بمئات الاعتذارات و ان تشكره أيضا لكنها كانت تشعر بالنعاس كفاية و قد لاحظ اليكس ذلك اخبرها بانه سينام على الاريكة في الخارج و تمنى لها ليلة سعيدة و خرج. اغمضت الينا عينيها لتستسلم للنوم .
قبل ان تغرق في النوم تماما سمعت صوت الرعد و قفزت من نومها فزعة .صرخت و دست نفسها تحت اغطية السرير الدافئة و قلبها يخفق بقوة من شدة الخوف.
سمع اليكس صراخها و تساءل :
مالذي حدث الان؟ لكنه و فجاة فتح عينيه على اشدهما و جرى باتجاه الغرفة . فتح الباب ووجد الينا مندسة تحت الاغطية . صعد الى السرير و جلس قرب الينا و قال:
انا اسف الين .لقد نسيت انك تخافين من صوت الرعد لكن لا باس انا هنا الى جانبك. ثم دوى صوت الرعد مجددا .
وضع اليكس راسها على صدره واحاطها بذراعيه. تمسكت به بدورها شعرت براحة لا مثيل لها و اغمضت عينيها بهدوء. تاسف منها اليكس لانه تركها وحيدة و لم ياخذ خوفها بعين الاعتبار لكنها رغم ذلك شكرته.
و ضع اليكس ذقنه على راسها وشعر بانه كان غبيا حين تركها وحيدة شعر بأنها طفلة صغيرة تحتاج الى حمايته و رعايته . بقيا هكذا الى ان توقفت العاصفة .
ذهب الى غرفة المعيشة و احضر منها جهازا لاسلكيا كان بحوزته و حاول الاتصال بالقاعدة و لم ينجح تملكه الغضب حتى انه حاول ان يرمي الجهاز باتجاه الحائط اخذته الينا منه و حاولت هي الاتصال بالقاعدة و بعد دقائق فقط نجحت ابتسم اليكس لها و تحدث مع الجنود وطلب منهم ان ياتوا لاخراجهم.
اخبروه بان هذا لن يحدث قبل ساعتين أو ثلاث ورغم تذمرهما إلا انهما شعرا بسعادة لانهما استطاعا التبليغ عن مكانيهما.
جلست الينا و نظرت الى كاحلها ووجدته متورما شعرت بالالم و ظلت تفكر بالذي ستفعله بكاحلها لكن خروج اليكس من الغرفة اثار انتباهها نادت على اليكس و طلبت منه ان يبقى في الغرفة و اخبرته أيضا ان بامكانه ان ينام على السرير بدلا من الاريكة . رفعت عينيها و رات الفرح في عينيه و قال :
نعم . لماذا انام على الاريكة بينما استطيع ان انام الى جانبك و نظل دافئين ؟ !
استلقى الى جانبها على السرير و رغم انها كانت بحاجة الى النوم إلا انها لم تستطع ذلك بسبب التوتر الذي احست به فجلست و حاولت التحدث مع اليكس بدات بتعليق حول العاصفة و نجحت في مسعاها . بقيا يتسامران لوقت طويل ثم سالها:
هل كانت حياتك مبرمجة على جدول معين ؟
ضحكت :
نعم بالتاكيد .
هل انا مدمر بالنسبة لك ؟
هزت كتفيها و قالت:
ربما تجاهلت اشياء كثيرة في جدول اعمالي اليوم لكنك لست مدمرا بالنسبة لي .
قال متحسرا :
انت تكرهينني .
انا لا اكرهك . ليس هناك سبب يجعلني اكرهك .
ارتاحت اساريره و قال :
لا اريدك ان تكرهيني.
لا؟ قالتها بدهشة .
لا.
وضعت راسها على كتفه بينما احاطها هو بذراعيه.
هذا جيد . ثم ضحك.
انت مزيج من التناقضات اليكس. اتعلم هذا؟
حقا؟ هل انا كذلك؟
نظرت اليه بدهشة و حاولت ان تجيبه لكن شفتي اليكس التصقتا بشفتيها. كان عليها ان تصفقه أو على الاقل هذا ماكانت تريد فعله لكنها لم تجرؤ على ذلك . شعرت و كان تلك القبلة شلت حركتها تماما و حطمت كل دفاعاتها. فجاة احست بالدفء في جسمها و كذلك في المكان .
شدها اليكس مجددا نحوه و قبلها .افترقا عن بعض بصعوبة بعد مضي وقت طويل و بطريقة ما كانا مستلقيين جنبا الى جنب قالت الينا و هي تمرر اصابع يديها على وجه اليكس :
لقد انقذت حياتي عندما وقعت و لم اشكرك بعد.
هل هذا اعتراف بعرفان الجميل؟ سالها بصوت مليء بالشوق .
اجابت بنعومة :
لا هذا الدفء و التقرب و... و...
الرغبة ؟
اجل .
الى جانب الدفء و الاطمئنان الذين شعرتا بهما فكرت في ان لا شيء سيكون اجمل من النوم الان بعد التعب و الارهاق . وضعت راسها على صدر اليكس و احاطها بذراعه هو الاخر, اغمضت عينيها و استسلمت للنوم.
بعد 3 ساعات من النوم استيقظت الينا بسبب الازعاج الذي خلفه صوت المروحية . نظرت حوليها و لم تجد اليكس في الغرفة شعرت بفراغ كبير في داخلها و انها محطمة كليا رغم ذلك قالت لنفسها وبغضب : لقد استغلني اليكس . مالذي كانت تتوقعه اكثر من ذلك؟ بالنسبة له لم تكن سوى مغامرة سريعة مع فتاة كان يكرهها.
جمعت ثيابها المبعثرة على ارضية الغرفة و دخلت الحمام .طرق اليكس الباب و قال :
هل انت في الداخل الين؟
اجابت بشكل لا ارادي :
نعم .
حسنا اخرجي بسرعة علينا العودة الى القاعدة و عرضك على طبيب.
وضعت يدها على فمها و منعت نفسها من البكاء . نجحت في ذلك و خرجت من الحمام و هي تترنح , ساعدها اليكس على الخروج من الكوخ رغم انها رغبت بان تضربه و ان لا يمسك بها ثانية . دخلا الى المروحية و انطلقت عائدة الى القاعدة بدا اليكس مشغولا في الحديث مع قائد المروحية بينما كان ضابطان اخران يقومان بالقاء نظرة على اصابة الينا .
بعد نصف ساعة عادت المروحية الى القاعدة و نقلت الينا الى مستشفى القاعدة على متن نقالة طبية . عاين الطبيب سيمرز و ضع الينا و لف كاحلها و طلب منها ان تبقى في المنزل ثلاثة أيام اضافة الى وصفة منوعة من الادوية و المسكنات.
اعادها اليكس بنفسه الى غرفتها في فندق جورني حيث كانت تقيم مع بقية زملائها , عرض عليها اليكس ان يبقى معها و لكنها رفضت ذلك و بشكل قاطع , سالها عن الشخص الذي تثق به و يمكن ان يهتم بها جيدا و ارشدته الى كيت و اخبرته انها في الغرفة المجاورة لغرفتها الى يسار الممر , ذهب اليكس الى كيت و طلب منها ان تهتم بالينا بدلا منه و سلمها كيس الادوية التي وصفها الطبيب لالينا.
دهشت كيت بالتاكيد و تساءلت عن ماحدث لصديقتها لكنها لم ترد ان تبدو فضولية ان رغبت الينا باخبار احد فستخبر كيت و هذا ما تعرفه كيت جيدا. بقيت الينا ذلك اليوم في المنزل لم يعلم احد بماجرى لها سوى العقيد الاستاذ هوفمان الذي شعرت بأنها مدينة له بشرح .
اخبرته كل شيء سوى العلاقة العابرة التي اقامتها مع اليكس كلما حاولت اخبار احد بما حدث في تلك الليلة تشعرالينا بان ذكرى ذلك الكوخ آلمتها اكثر من أي شيء وانها لن تستطيع التحدث عنها مهما حدث و لاي كائن كان .
ثلاثة اسابيع انتهت منذ حادثة الكوخ المؤلمة لقد بدات الينا تتجاوز المحنة شيئا فشيئا . ركزت اكثر على دراستها و قررت ان لاتؤثر مثل هذه الحوادث على حياتها الدراسية . السبت سيكون عيد ميلاد كيت الرابع و العشرين و رغم ان الامتحانات النهائية على الابواب و لم يتبق منها سوى اسبوعين إلا ان الينا لم تتردد لثانية في حضور حفل ميلاد صديقتها .
دعت كيت كل اصدقائها في الكلية الى الحفل عدا اريك وفي الخامسة من مساء السبت صعدت الى غرفتها و اخذت حماما منعشا و خرجت بسرعة .
جففت شعرها و تركته منسدلا ثم توجهت الى خزانة ملابسها و نظرت الى ماتحويه لم يقع اختيارها إلا على ثلاثة فساتين من بين
كل ما يوجد في الخزنة . فستان بلون اسود لامع و الاخر زهري و الثالث ازرق سماوي و ضعتهم على السرير وحدقت فيهم املة ان ترتدي احد هذه الفساتين لكنها قالت لنفسها و بغضب:
لن ارتدي ايا من هذه الفساتين ليس من الضروري ان يعتقد الجميع ان كل شيء في حياتي يشير الى اريك .
جلست على السرير بهوان و نظرت مجددا الى الفساتين احست بقلبها يخفق بشدة و هي تتذكر تلك السهرات الثلاث التي قضتها مع اريك و التي ارتدت في كل سهرة منها واحدا من هذه الفساتين. انهرمت دموعها و اشاحت بوجهها الى الناحية الاخرى من السرير و قالت :
ليس علي ان ابكي إنما علي ان أكون فرحة كما انه لا يحق لاريك ان يعكر الجو الاحتفالي الذي اعيشه .
نهضت و اعادت الفستانين الزهري و الازرق السماوي الى الخزنة و ارتدت الثالث . نظرت الى صورتها المنعسكة على المرآة و احست بأنها حزينة لكن رغم ذلك رسمت ابتسامة كبيرة على شفتيها ووضعت احمر شفاه و القليل من مساحيق التجميل ثم ارتدت عقدا ذهبيا . القت النظرة الاخيرة على نفسها و ارتدت حذاءً ذاكعب عالي ثم خرجت من الغرفة توجهت الى غرفة والديها و استقبلها والدها بعناق .
جلست الى جانب امها على الاريكة البنية و تحدثا قليلا عن اعياد ميلاد سابقة لكيت و كيف احتفلا بها , بدا الحزن على وجه والدها فسالته :
ابي ما الامر ؟ هل هناك ما يشغل بالك ؟
ضحك ثم قال :
دائما هناك ما يشغل بالي عزيزتي .
ضحكت بدورها ثم قالت :
لكن هناك شيئا ما الان اليس كذلك ؟ شيء ذو اهمية عالية .
امسكت امها بيدها و قالت :
كل ما هناك كيت هو ...
قاطها زوجها آدم و قال :
لا آيمي . لا تقولي شيئا .
شعرت كيت بالحيرة و نقلت نظراتها بين والديها باستغراب لكن احدا لم يقدم لها تفسيرا ثم قالت لامها :
ماذا هناك امي اخبريني .؟
نظرت آيمي الى عيني ابنتها المتوسلة ثم قالت :
انا ووالدك مضطران للذهاب الليلة .
الليلة ؟! لكن الليلة هي ليلة ميلادي .
اجل حبيبتي اعلم ذلك لكن الامر خارج عن سيطرتنا .
قطبت حاجبيها و قالت :
لماذا ؟
اجاب والدها :
حصل انفجار قبل دقائق في مخزن الالكترونيات التابع لمؤسستي في لاس فيغاس .
انفجار ؟ هل قلت انه حصل في فيغاس ؟
اجل كيت ولابد من ان نكون هناك للاشراف على عمل الشرطة و التحقيق .
نظرت الى الارض و ربتت امها على ظهرها ثم قالت و هي تبتسم :
لاباس انا اتفهم الامر امي . بامكانكما الذهاب لكن ساطالب بهدية ميلاد من فيغاس .
ضحك و الدها و قال :
احضرنا لك هدية ميلاد كيت .و نهض و احضر لها علبتين مغلفتين. ساتقبلها ابي لكن اريد هدية خاصة من فيغاس .
لا باس سنحضرها لك .
التقطت لها عدة صور مع والدها و كذلك والدتها قبل ان يذهبا . عند السادسة و النصف خرج والدا كيت من المنزل و لم يبق فيه الى كيت و صديقتيها . بعد دقائق بدأ الطلاب ياتون .
عند السابعة اكتمل الحضور و كان هناك بعض الاشخاص الذين لم تقابلهم كيت في حياتها لكن هذا لم يمنعها من الاستمتاع بوقتها . طيلة الحفل كانت كلير برفقة كايل بمجرد دخل من الباب لكن الينا كانت وحيدة ولم تفعل شيئا سوى المشاهدة في لحظة ما بدا لها و كان اريك في المكان لكنها ظنت ذلك في البداية مجرد طيف ثم ادركت انها كانت مخطئة تماما .اجل لقد كان اريك هناك واقفا عند الباب ذهبت الينا اليه و سألته :
ماذا تفعل اريك انت تعلم ان كيت لا تريدك هنا؟
قال :
اعلم ذلك كل ما اريده هو ان اهنئها فقط و أقدم لها هدية .
نظرت اليه قليلا ثم قالت :
انتظر هنا سارتب لقاءً بينكما .
ذهبت و بحثت عن كيت في الداخل ووجدتها في المطبخ عند الباب الخلفي .اخبرتها بان لديها مفاجاة لها و اخذتها الى غرفتها ادخلتها و اغلقت الباب و طلبت منها ان تنتظرها .عادت الينا الى اريك واخبرته ان كيت في غرفتها وارشدته الى الغرفة . شكرها ثم ذهب. طرق الباب و دخل الى الغرفة حتى انه لم ينتظر رد كيت فوجئت كيت عندما رأته و سالت بجفاء :
ماذا تفعل هنا ؟
اردت ان اتمنى لك عيد ميلاد سعيد كيتي و أقدم لك هدية . إلا يحق لي ذلك ؟
صمتت كيت و شعرت بالخجل . صحيح لم تدعوه الى الحفل مع هذا حضر و قدم لها هدية .اخذت الهدية منه و تلامست ايديهما . شعرت بالحرارة و نظرت الى اريك .كان يرتدي بنطال جنز اسود اللون و قميصا قطنيا رمادي اللون به عدة كتابات بالفرنسية وبدا لها شعره الاشقر اقل طولا من ذي قبل لكنه مازال جذابا في نظرها .قال لها :
هل يمكن ان نتحدث كيت .؟
اشاحت بنظرها عنه و قالت في ضيق :
ليس هناك ما نتحدث عنه اريك .
بلى هناك الكثير كيت ارجوك دعينا نتحدث.
نظرت اليه متحدية و قالت :
سبق وتحدثنا بالامر اريك .
هل صدقتي ما قلته كيت ؟ هل فعلت ؟ بدا غاضبا لكنها ردت عليه ببرود :
لا اعرف ماذا اصدق اريك . ما اخبرتني به أم ما سمعته و آلمني .
صدقي هذه كيت . قالها ثم قبلها . نظرت كيت في عينيه و تساءلت اكان يحمل لها كل هذا الحب لو كان على علاقة بفتاة اخرى ؟ بفتاة تكرهها هي مثل كريستينا ؟ ربما كان لعوبا لكن هذا لم يقلل من مقدار محبتهما ثم ان صدمة فراقها غيرته كثيرا سألته :
هل تقول لي اريك انك لم تقم علاقة مع أي فتاة بعدي ؟ اهذا ما تريدني ان اصدقه ؟
بدا الحزن و الالم على عينيه و قال :
اقسم لك كيت أني لم اقم علاقة بعد ان عرفتك باي فتاة . اعلم انك تصدقيني لكن هل تثقين بي ؟
ان كنت اصدقك اريك فاعتقد أني اثق بك ..
.
ظننت أني لا اعني لك الكثير إنما انا بالنسبة لك مثل أي فتاة .تقيم معها علاقة عابرة ثم تتركها بعد ذلك .
وضع وجهها بين يديه و قال :
انت لا تساوين أي فتاة بالنسبة لي كيت انت كل شيء في حياتي فكيف اعتبرك مجرد ساقطة ؟
طوقت ذراعيها حول رقبته و قالت :
ماذا سيقول الطلاب يوم الاثنين في الكلية برايك ؟
تبا لطلاب الكلية لا يهمني امرهم المهم ان أكون معك الان و برفقتك. ثم قبلها .
عادت علاقة كيت باريك هذا ما كان طلاب الكلية يتحدثون عنه في كل زاوية و برأي كيت الفضل يعود لالينا التي وضعتها في غرفة واحدة مع اريك لقد كانت مسرورة جدا و كذلك الينا شعرت بالسعادة من اجل صديقتها العزيزة . مالم تعلمه كيت حتى الان هو ان الينا لم تكن حاضرة في حفل ميلادها بعد مجيئ اريك .اجل لقد تركت الينا الحفل قبل ان ينتهي بقليل بعد ان شعرت بالتعب و طلبت من كلير ان لا تبلغ كيت سبب رحيلها .
شعرت بالتعب و الضعف و الهوان لكن ما سبب كل هذا . شيء واحد تبادر الى ذهنها . اجل بالتاكيد اليكس . ماذا لو كان تعبها المفاجئ له علاقة بماحدث بينها و بين اليكس ؟ ماذا لو كانت حاملا؟ لقد تخيلت كل مخاوفها الان . اجل هناك احتمال وحيد و هو الحمل اذا لا تفسير اخر . اخفت ذلك عن كيت و كذلك كلير هي نفسها بعد لم تكن واثقة من حملها ليس قبل ان تجري اختبارا لذلك.
في نهاية الاسبوع ذهبت للتسوق و اشترت من بين ما اشترته جهاز اختبار الحمل . غالبا ما تبقى في المسكن وحيده أيام العطلة الاسبوعية خصوصا الان بعد ان عادت كيت لاريك استغلت الينا وحدتها في المسكن و اجرت الاختبار و كانت النتيجة ايجابا . لم تصدق عيناها فعادت و قرات التعليمات مجددا و اعادت الاختبار مرتين و ثلاث و في كل مرة يعطي نتيجة واحدة . الايجاب.
انهارت في مكانها تبكي لم تعلم مالذي وضعها في هذه المشكلة مع رجل لم تعرفه إلا ساعات أو أيام . لم تعرف كيف تتصرف أو ماذا تفعل . استلقت على سريرها في تلك الليلة و هناك الكثير لتفكر فيه . لكن الاهم بالنسبة لها هو الطفل الذي بين احشائها . طفل اليكس الذي اقامت معه علاقة عابرة في ليلة واحدة .
فكرت في ماجرى في الكوخ تلك الليلة احاسيسها الملتهبة مشاعرها الفياضة السعادة وكل شيء جميل شعرت به اختفى بعد ثلاث ساعات و ترك لها ذكرى اليمة فقط . بللت الوسادة بدموعها لكنها قلبتها للناحية الاخرى و اغمضت عينيها و هي تبكي .
في الايام القليلة التي تلت ظهرت عليها اثار الحمل الواحدة تلو الاخرى ضعف في البنية و اعياء في الصباح و رغبة في الغثيان. كل هذا اثر في دراستها أيضا تغيبت عن المدرسة عدة أيام لانها كانت مريضة بشهادة من الكل .
لم تعد كيت تتحمل ان ترى الينا بهذه الصورة المهمشة و الضعيفة فقررت ان تتحدث اليها و تسالها عما بها . توجهت الى غرفة الينا وطرقت الباب و دخلت وجدت الينا واقفة أمام النافذة تحدق في الخارج :
الينا هل يمكن ان اتحدث معك ؟
نظرت الينا الى كيت ابتسمت ثم قالت :
بالتاكيد كيت .
جلست على سرير الينا و ترددت ثم قالت :
لا اعرف من اين ابدا الينا الأمور معقدة.
ابداي من الاهم فالاهم .
ليس شيئا اخبرك به الينا إنما اريد ان اتحدث معك بشانك انت.
نظرت الينا الى كيت بدهشة و اكملت كيت:
اجل الينا لقد فقدت حيوتك و بشاشتك أصبحت منعزلة ما الذي حدث لك ؟
لا شيء كيت انا بخير.
هل هناك ما تودين اخباري به ؟
قالت بثقة:
لا كيت ليس عندي ما اقوله.
ابتسمت كيت و قامت متوجهة الى الباب و قبل ان تخرج قالت:
طابت ليلتك الينا .
طابت ليلتك ... و بدا صوتها يرتعش نظرت كيت باتجاه الينا بحيرة. وضعت الينا يدها على فمها و جرت باتجاه الحمام , تطلب الامر بضع ثوان لتستعيد قوتها لكن يديها بقيت ترتعشان . غسلتهما وانعشت وجهها بالماء ثم اخذت منشفتها لتمسح الماء عن وجهها و لكنها انهارت باكية .
طرقت كيت باب الحمام بخفة ثم دخلت دون ان تنتظر ردا من الينا .وجدت الينا جالسة على الارض أمام المغطس تبكي ساعدتها كيت على النهوض وقالت لها :
تعالي ساعد لك شوكولاة ساخنة .
تاملت الينا وجه صديقتها الحزين ثم تبعتها الى المطبخ . سالت كيت:
هل تريدين اخباري الينا .
قالت و هي ما تزال تبكي :
انا حامل كيت .
هل يمكن ان اعرف من هو الاب؟
كانت كيت مصدومة و تعرف انه لا يوجد أي رجل في حياة الينا و لم تكن ترتبط بعلاقات , اجابتها الينا بصعوبة:
انه الطيار اليكس أندرسون .
نظرت اليها بدهشة و قالت :
الطيار اليكس؟ و لكن متى ؟
في شهر مايو . انت تذكرين تلك الرحلة الى قاعدة برادلي صحيح ؟
همست كيت :
طبعا اذكرها .
قضيت ليلة مع اليكس في كوخ مهجور بعد ان تضررت طائرته اثر عاصفة و اصبت كاحلي أيضا . استعادت الينا صورة ما حدث تلك الليلة لكن رائحة الشوكولاة اعادتها الى الواقع . قدمت لها كيت كوبها و جلست الى جانبها اخبرتها الينا بكل شيء .
لم لم تخبريني بذلك من قبل الينا .
انا نفسي لم اكن متاكدة في البداية لكني قررت اخيرا ان اضع النقاط على الحروف .
هل يعلم احد اخر بالامر .؟
فقط انت . مسحت دموعها ثم اضافت :
لم يسبق لي ان فعلت ذلك من قبل .
اعلم هذا . بصوت جاد على غير المالوف اجابت كيت .
انا انسانة بالغة كيت و مسؤولة عن افعالي . لم يكن لدي ادنى فكرة مما يمكن ان يحدث في تلك الليلة و لم اتخذ الاحتياطات اللازمة . قالت كيت و هي تحاول التسرية عنها :
من كان يتوقع ان يحدث ما حدث ؟ لقد ذهبت في رحلة مع الطيار اليكس و انتهى بكما الامر وحيدين في كوخ مهجور .
ماذا سافعل كيت اخبريني ؟
وضعت كيت يدها على ركبة صديقتها و قالت :
لا باس سيكون كل شيء على ما يرام . لا تشغلي بالك بالامر الينا سنتصرف و لكن الان عليك فقط ان تفكري بالامتحانات النهائية امامك أسبوع فقط .
هل تعتقدين أني ساركز على الامتحانات ؟
عليك ان تفعلي ذلك الينا . عديني بأنك لن تدمري حياتك بسبب الحمل .
سافعل كيت و لا تخبري احدا بالامر ارجوك.
لن يعلم احد مهما حدث فلا تقلقي.
ارتاحت الينا نسبيا لانها وجدت من تشاركه خوفها و قلقها . حاولت التركيز على الامتحانات كما طلبت منها كيت و كذلك حاولت قدر الامكان ان لا تخرج من السكن كثيرا في محاولة منها تجنب مقابلة اليكس .
بدا الاسبوع الثالث في شهر يونيو الاخير بالنسبة لالينا و اصدقائها. لقد بذلت جهدا كبيرا جدا خلال ذلك الاسبوع حتى انها كانت تصاب بالاعياء بشكل شبه يومي .
لقد كان جدولها مقسما ما بين الوقت الذي تقضيه في الكلية و المسكن و مراجعة دروسها, كانت كيت تفعل ما بوسعها لكي لا يعلم احد بالامر حتى انها الغت موعدا لها مع اريك بمناسبة انتهائهم من الامتحانات .
شكرتها الينا على كل ما بذلته من اجلها و لكن كيت اعتبرت ذلك لا شيء لانها و بنظرها كانت تقدم مساعدة لصديقتها .
انتهى أسبوع الامتحانات و قريبا جدا ستعود الينا الى مسقط راسها و مدينتها إدمونتون كانت مسرورة و لكن ما سرها اكثر هو انها لن تقلق مجددا بشان اليكس فبخروجها من المدينة لن تراه مجددا . مع ذلك كانت حزينة جدا لانها ستترك اصدقائها في تورنتو.
سيقام الاستعراض العسكري في يوم السبت من الاسبوع الاخير في هذا الشهر . اعلنت مديرة الكلية الرائد السيدة كابوت الخبر و اضافت :
هذا الاستعراض سيحضره مسؤولون كبار . رئيس الحكومة و وزير الدفاع و رئيس هيئة الاركان . مدعون اخرون و سائل اعلام وصحفيون عليكم ان تحسنوا التصرف عليكم ان تتصرفوا كجنود حقيقين و ليس كطلاب . اضافة الى هذا اعزائي الخريجين يسرني اقامة حفل مدني لكم في اليوم التالي للاستعراض العسكري أو الحفل العسكري . سموه ما شئتم.
فرح الطلاب و علقوا على القرار الاخير . حفل تخرج مدني لهم في اليوم التالي للاستعراض .قررت الينا ان لا تحضر ايا من الحفلين :
لماذا الينا عليك ان تكوني مسرورة انظري ماذا فعلت السيدة كابوت من اجلنا . سالت كلير .
لا اريد ان احضر الى أي من الحفلين كلير اريد ابقى في مكان هادئ.
حسنا . هذا قرارك الينا لكن في الحفل العسكري لابد لك من المجيء و صدقيني ان علمت السيدة كابوت انك لم تحضريه لن تقيم الحفل من اساسه .قال كايل ذلك و اضافت كلير :
رائع. لم اكن اعلم ان السيدة كابوت متعلقة بالينا .
من قال انها متعلقة بي كلير.؟
حسب ما افهمه من كلام كايل فهي كذلك و صدقيني أيضا ان قررت عدم الحضور و نظرت الى الينا نظرة تحذير و انذار . قالت الينا :
لا تقولي لي كلير انك ستذهبين اليها و ستخبريها بذلك ؟
ضحكت ثم قالت :
رائع لقد فهمت الامر . تراجعي عن قرارك و لن يحدث شيء و لكن ان لم تفعلي ذلك صدقيني سانفذ تهديدي .
نظرت الينا الى كلير و قالت :
انت مخادعة .
اضطرت للتراجع عن قرارها و الذهاب الى احد الحفلين على الاقل. بالتاكيد هذا لن يرضي اصدقائها و لا مدرسيها لكن عليها ان تكون حاضرة في الحفل الاهم .
أيضا قررت الينا ان تخرج من قوقعتها و تشارك اصدقائها بعض الحفلات الموسيقية الصغيرة فقد رافقت كلير و كايل الى كازينو يقع في وسط المدينة و يملكه شقيق كايل الاكبر موريس وقد اقام الاخير احتفالا خاصا لاخيه و دعا اليه كايل كل اصدقائه . كان حفلا رائعا استمتع الجميع به بمن فيهم الينا .
لحسن حظها ان الليلة مرت دون أي مشكلة لاحقا في تلك الليلة راجعت الينا طبيبا مختصا بالنساء و الولادة و طلب منها ان تبتعد عن الكحول اضافة الى انه وصف لها عدة اقراص ضد الغثيان .
عادت الى المسكن و لم تجد كيت بل بدلا من ذلك وجدت ورقة كتبت بخط يد اريك تقول ان كيت ستقضي الليلة معه في منزلها وانها لن تعود قبل الصباح غدا . مزقت الورقة ووضعتها في اقرب سلة مهملات .لم تهتم الينا للأمر اذ أصبحت متعودة على ذهاب صديقاتها و البقاء خارج المسكن فترة طويلة .
اخذت حماما دافئا و خرجت بسرعة ثم ارتدت ملابس داخلية و قميص نوم قصير عاري الذراعين . ذهبت الى المطبخ و احضرت لنفسها كاس ماء لتبتلع به الاقراص لكنها سمعت طرقا على الباب . ارتدت معطفا قطنيا ابيض اللون ونزلت ثم سالت :
من هناك؟
لم يجبها احد ففتحت الباب ووجدت اليكس واقفا إمامها ويديه داخل جيبي سترته ابتسم لها ثم حدق فيها من أخمص قدميها الى اعلي راسها . تضايقت الينا من نظرته و شدت حبل معطفها حول خصرها و قالت بدهشة :
لم اتوقع ان تاتي الى هنا .
لوى فمه و قال بحسرة مصطنعة :
هذا مؤسف للغاية . هل يمكنني الدخول ؟
ادخلته الينا و اغلقت الباب و قالت:
هل اعد لك كوب قهوة أم انك في عجلة من أمرك .؟
قال لها و هو يتفحص المكان :
شكرا لك لدي الكثير من الوقت .
توجهت الى المطبخ و تبعها اليكس و سألته :
كيف تريدها ؟
مع القليل من الحليب و السكر .
نظرت اليه الينا نظرة جانبية وجدته بكامل زيه العسكري .رغم غطرسته و كبريائه و كرهها له إلا انه لا يزال يسبب لها توترا الى حد بعيد .قالت لنفسها :
لابد من انه ترك القاعدة و أتى الى هنا على الفور .حاولت السيطرة على توترها و طلبت منه ان يجلس في غرفة المعيشة و يرتاح قليلا . اطاعها وتوجه الى هناك ونزع معطفه ووضعه على الاريكة ثم قال :
هل يشاركك احد المسكن ؟
اجل . صديقتي كيت و كلير .
اين هما ؟ من الواضح انك وحدك هنا الليلة .
ربما لن ياتوا الى هنا الليلة .ثم احضرت له قهوته و قال :
ألن تشربي معي القهوة.؟
لا شكرا لقد تناولت قبل قليل شرابا كحوليا مقويا و لا اريد ان اشرب أي شيء اخر.
ضحك ضحكة قصيرة ثم قال:
هل هناك امر ما كان يشغل بالك و اردت التخلص منه ؟
لا . اجابت بعفوية و اضافت:
كنت في حفل موسيقي مع بعض اصدقائي. لكنها اجابت بينها و بين نفسها بالقول نعم . انت و حملي بطفلك و ما حدث تلك الليلة هناك الكثير لانساه بالنسبة لي الان . اجابها بقوله:
هذا جيد في الحقيقة .
اجل انه كذلك .
انتظرت الينا ليخبرها اليكس عن سبب مجيئه الى هنا لكنه لم يبد على عجلة من امره.بل على العكس بدا يسالها عن المدة التي عاشتها في هذا المكان ؟
منذ خمس سنوات .
وكأن للأمر علاقة بالكلية ؟ اليس كذلك؟
اجل. فانا لا اعيش هنا بشكل دائم إنما انا هنا بسبب الكلية . ماذا عنك؟
انا اعيش هنا في مقاطعة افينو 13 وانا من تورنتو .
ارتاحت الينا في مقعدها و حدقت به بنظرة حالمة فسالها:
بم تفكرين ؟
بالطريقة الغريبة التي التقينا فيها ففي مجرى الأمور العادية لما التقينا ربما.
لا؟ نهض و جلس الى جانبها و احاط كتفيها بذراعه و شدها نحوه .
ابتعدت عنه و جلست مستقيمة ثم سألته بوقاحة:
لم اتيت الى هنا الليلة؟
لنتحدث قليلا عما حدث في الكوخ في مايو.
ليس هناك ما نتحدث عنه .
ابتسم ابتسامة شاردة ثم قال:
اكان شيئا جميلا ما حدث بيننا تلك الليلة؟
اعتقد انه لم يعن لك شيئا و اظن انه لا يعني شيئا لي أيضا .
بدا يمرر اصابعه بين شعرها المبلل و يلفه حول اصبعه ثم قال :
ربما لم يرد أي منا ان يحدث ذلك لكنه كان شيئا جميلا .
اربكتها نبرة الاستمتاع في صوته و نظرت اليه لتساله و لكن شفتيه التصقتا بشفتيها و قبلها بشدة . انهارت دفاعاتها واغلقت عينيها و سرت الرغبة في جسدها . امسكت براسه وطوقت ذراعيها حول عنقه وبادلته قبلاته .
ارتجفت بين يديه و بدأت الأمور تتطور كما حدث في الكوخ لكن ذكرى تلك الليلة عادت و استولت على افكارها.
تخلصت من ذراعيه و سقطت عن الاريكة وعادت للخلف و لكنه لحق بها و وضع وجهها بين يديه و همس :
لا تهربي مني .
نظرت الى عينيه و رات فيهما وميضا غامضا ابعدت يديه عن وجهها و نهضت و صرخت فيه :
ارحل من هنا .
اغمض عينيه و نظر الى الارض ثم قال بصوت هامس :
لا تريدين ان ارحل بل ان ابقى . اليس كذلك؟
صرخت و بدا على صوتها الرجفة التي اصابتها :
بل اريدك ان ترحل .
وضع يديه على كتفيها بقوة حتى كادت اصابعه تغوص في كتفيها ثم شدها نحوه . توسلت اليه :
لا. لا تفعل ارجوك.
حسنا. لاتقولي ان ذلك لا يعني شيئا .
انا لم ... ترددت قليلا ثم صرخت و قالت متحدية:
لكني لست رخيصة اليكس.
خفف الضغط على كتفيها ثم مرر يده اليسرى على خدها بنعومة ثم قال بصوت رقيق ساخر :
اعلم هذا عزيزتي .
كيف عرفت ؟ كفت عن الصراخ في وجهه لكنها كانت ما تزال غاضبة .
بمجرد النظر اليك استطيع ان اعرف كم انت طاهرة و نقية .
شعرت بان قدميها سيخونانها و انها لن تستطيع الوقوف اكثر من ذلك فابعدت يديه عنها و جلست على الاريكة و جمعت ركبتيها الى الاعلى و طوقت ذراعيها حول نفسها و كانها تحمي نفسها من شيء ثم قالت:
انا متعبة اليكس و اريدك ان ترحل . ثم مدت يدها له و هي تحمل معطفه . حدق بها قليلا ثم نظر الى المعطف و قال ببرود:
سارحل .كما تريدين .
توجه الى الباب ولكنها نبهته :
خذ معطفك اليكس .
قال ببرود :
احتفظي به الين . عدل قميصه وربطة عنقه ثم نظر اليها و أضاف :
اتمنى لك ليلة سعيدة. لم تستطع ان تجيب عليه بعد ان رات على عينيه الظلمة و البرود . خرج و اغلق الباب خلفه .
حدقت الينا قليلا الى الباب ثم نظرت من حولها ووجدت معطفها القطني خلف الاريكة و زرار قميصها العلوي مفتوح , لم تعرف ما اذا لم تغلقه هي أو فتحه اليكس لكن بكل الاحوال فهذا لا يهم الان. نظرت الى يدها و معطف اليكس معها شعرت بقلبها ينبض بشدة و كان اليكس معها في الغرفة و يحدق بها .
استلقت على الاريكة و هي تحاول جاهدة ان تمنع نفسها من البكاء لم تعرف لم استسلمت لاليكس و تركته يفعل بها ما فعل .نظرت الى السقف و اشغلت نفسها بنقوشه و زخرفته لكن لا فائدة كل لحظة يتبادر الى ذهنها اليكس و مظهرها حين كانت بين ذراعيه. انهمرت الدموع من عينيها كالمطر و لكنها مسحتها و قررت ان لا تبكي. غطت معطف اليكس بوجهها و تساءلت:
لم يفعل اليكس بها هكذا؟ لم تفقد هدوءها و رزانة عقلها امامه و تبدو مثل مجنونة متهورة؟ و الاهم من ذلك بالنسبة لها لم تحمل طفله من بين جميع النساء؟ لم تستطع ان تصرخ وتتساءل اكثر فاكثر فقد اختفى حاولت ان تهدأ و إلا يسنفجر راسها بسبب التفكير هذا ما كانت تؤمن به .
لا يستحق اليكس دموعي و لا اهتمامي وليس علي ان اعذب نفسي من اجله فانا اكرهه . قالت ذلك لنفسها و ظلت تكرر قولها بأنها تكرهه حتى غفت.
في الثامنة صباح السبت عادت كيت الى السكن ووجدت الباب غير مقفل دخلت و رات الينا نائمة على الاريكة بقميص نومها القصير. شهقت كيت حين رات الينا بهذا الشكل و اخذت معطفها و غطت به ساقي الينا ثم حدقت قليلا في المعطف الذي تمسكه به صديقتها و تركتها .
في العاشرة استيقظت الينا وشعرت بان عضلات جسمها تؤلمها كلها و كانها كانت تمارس رياضة شاقة أو ما شابه . نهضت من الاريكة و تركت معطف اليكس في مكانه ثم توجهت الى غرفتها و اخذت حماما ثم خرجت. ارتدت بطالا ابيضا و قميصا فضفاضا ثم نزلت الى المطبخ و جدت كلير هناك :
صباح الخير كلير .
صباح الخير الينا . بدت بلباسها و زينتها و كانها لم تنم ليلة امس .
لم كل هذه الزينة كلير؟ سالت الينا بدهشة.
انا مسرورة جدا الينا سيعود آلن اليوم.
ابتسمت و قالت:
حقا؟ لم تريه منذ مدة.
منذ التحقت بهذه الكلية لم اره. بدت نظرة حزن على وجهها و اكملت:
خمس سنوات الينا و لم اره .
شعرت الينا بوخزة في قلبها ثم قالت:
لا عليك المهم انه سيكون هنا اليوم.
اجل و يجب علي ان أكون مسرورة.
مدت الينا ذراعيها و عانقت صديقتها و جاهدت نفسها كثيرا لكي لا تبكي .كم هي بحاجة الى من يفهمها و يهتم بها اكثر.
عرضت عليها كلير ان ترافقها الى مطار توروتنو الدولي .
لماذا ؟ اين كايل؟
كايل ذهب الى كنغستون اليوم . كنت لأفرح كثيرا لو ذهب معي لربما كان من السهل علي ان اعرفه الى اخي هناك .
و لماذا ذهب الى كنغستون ؟ الن يحضر الاستعراض العسكري غدا؟
بلى سيفعل لكن جدته مريضة و تتوقع ان لا تعيش حتى الغد لذا طلبت رؤيته .
اووه كلير هذا محزن للغاية .
اجل اعلم ذلك .
متى ستصل طائرة آلن ؟
لا اعلم متى بالتحديد لكن هناك رحلة واحدة قادمة من استراليا اليوم.
هذا ما اخبرني به.
اهدئي و استرخي ستموتين ان ذهبت الان الى مطار تورونتو الدولي.
لا مانع عندي من البقاء طيلة النهار هناك لكن ان كنت اعلم متى ستصل الرحلة لم اكن لاذهب باكرا .
هل ستتوجهين الان الى المطار ؟
في الحقيقة لا . لدي جدول اريد ان اتبعه.
دهشت و قالت :
حقا ؟ ماهو هذا الجدول ؟
ساذهب الان الى التسوق . ساشتري بعض الاطعمة لاني اريد ان اقيم عشاءً بسيطا الليلة اضافة الى بعض الزينات و الكماليات للمنزل.
يبدو لي انه جدول جيد للغاية . هل ستذهبين الان ؟
بعد لحظات اجل . هل ستذهبين معي؟
فكرت الينا للحظة . ما الذي يمنعها من مرافقة كلير على أي حال ليس لديها ما تفعله وهي في الوقت الحالي بامس الحاجة الى الخروج بعد تلك الليلة السيئة . اجابت :
اجل .. ساذهب لأغير ثيابي .
وااااو . الينا سترافقينني . لم اعتقد انك ستفعلين .
قالت و هي في طريقها الى الاعلى :
لم لا ؟
لانك لا تخرجين كثيرا و خصوصا الى التسوق .
هزت راسها بسخرية و اضافت :
صدقيني هذه المرة سافعل .
عادت الينا الى غرفتها و تناولت اقراصها ثم نظرت الى نفسها في المرآة و قررت ان لا تبدل ثيابها ثم ارتدت عقدا فضيا ووضعت على معصم يدها اليمنى اسوارة .
قررت ان تغير القميص الذي ترتديه و استبدلته ببلوزة ليمونية ثم اخذت حقيبة يدها و نزلت الى الاسفل. دقائق قليلة و خرجت من المنزل برفقة كلير .
اتصل آلن بكلير و اخبرها بان الرحلة تاخرت بسبب الاحوال الجوية و ربما سيصل الى تورنتو قرابة التاسعة مساءً بالتوقيت المحلي . استفادت كلير من ذلك و قضت وقتا طويلا في التسوق مع الينا . فكرت الينا للحظة فيما ستفعله بالطفل الذي في بطنها بينما كانت تننظر كلير التي دخلت متجرا للهدايا لتبتاع واحدة لاخيها .
وجدت الينا نفسها غير قادرة على اتخاذ قرار معين أو موقف حتى تجاه ما يجري لها. سمعت ضحكة طفل في ارجاء المكان و نظرت من حولها باحثة عن مكان الطفل فوجدته داخل سيارة مع امه و هي تلهو معه و تنظر اليه بحب . شعرت الينا بأنها تريد ان تشعر بنفس ذلك الشعور الجميل قررت بان تحتفظ بطفلها مهما كلفها الامر و انها لن تتركه نتيجة أي ظرف كان .
قطع رنين هاتفها الخلوي حبل افكارها فأخرجته من حقيبتها متذمرة و اجابت قائلة :
مرحبا.
مرحبا الينا . اين انت ؟
كيت ! انا برفقة كلير.
ماذا تفعلان ؟ اين انتما الان ؟
لقد رافقت كلير للتسوق , تريد ان تزين المنزل لان آلن سيعود .
خرجت كلير و سالت الينا :
مع من تتحدثين الينا ؟ سمعت كيت سؤال كلير في الطرف الاخر و سالت بدورها :
اليست هذه كلير الينا .؟
اعطت الينا الهاتف لكلير و قالت انها كيت :
مرحبا كيت .
مرحبا . ثم قالت من بين اسنانها :
لم فعلتما ذلك بي ؟ لم ذهبتما دون علمي للتسوق ؟
لم تكوني هناك كيت ووجدت الينا و اخبرتها لكن لا باس . ساقيم الليلة عشاءً بسيطا بمناسبة عودة آلن و انت مدعوة للحضور .
حقا ؟
اجل و احضري معك اريك أيضا .
حسنا. سناتي . هل الينا ستبقى معك؟
طبعا اذا لم تغير رأيها ستبقى . قالت الينا :
لن اغير رأيي .
عادت كلير الى منزلها و معها الينا في الثالثة بعد الظهر و قاما باعادة ترتيب المكان و اعداد العشاء .
في الثامنة مساءً صعدت كلير الى غرفتها و اخذت حماما منعشا و غيرت ثيابها , طلبت من الينا ان تفعل مثلها لكن الينا لم تفعل و اصرت عليها كلير . فعلت الينا ما طلبته صديقتها و ارتدت شيئا من ثياب كلير . لحسن حظها ان كلير ترتدي المقاس الاكبر منها مباشرة.
في الثامنة و النصف وصل آلن الى المنزل و استقبلته كلير بالاحضان و الدموع . بعد ذلك حيا صديقة اخته و طلبت منه كلير ان يصعد الى غرفته و ياخذ قسطا من الراحة قبل وصول المدعوين للعشاء . استفاد آلن من ذلك و غير ثيابه و رتب اغراضه في غرفته, قضى ساعتين في غرفته , بعد ساعة من عودته الى المنزل وصلا كيت و اريك معاً و تاخر كايل مدة نصف ساعة .
اكتمل الحضور و تناولوا العشاء على ضوء القمر و بعض الشموع, كان عشاءً مميزا للجميع و خاصة الينا. بعد ان انتهى الجميع من العشاء طردت كلير الفتيان الثلاثة الى الخارج و طلبت منهم البقاء هناك احتج آلن على تسمية اخته له فتى و قال :
انا رجل كلير و لست فتى.
و ماذا في ذلك لست سوى في الثلاثين من عمرك.
و تسميني فتى ؟
لا اهتم لما اسميك ربما حتى ساقول انك طفل . الان من فضلك اخرج الى الخارج و ابقى مع كايل و اريك.
عدن الصديقات الثلاث الى الداخل و نظفن المكان , قسمت كلير بين صديقتيها الاعمال بعد ان اصرا على البقاء معها و مساعدتها , قبل ان تنتهي الينا من عملها شعرت بتعب شديد و كادت تفقد وعيها . اتكأت على مدخل المنزل الخلفي و راها آلن صرخ :
هل انت بخير الينا ؟
اشارت له بيدها و قالت :
انا بخير فقط اشعر بالتعب .
تجمع الجميع حولها و خافت كيت من ان يفتضح سر الينا فقالت مهدئة الوضع :
ربما هي مصابة بالانفلونزا .
اضافت الينا :
لا باس كل ما احتاج اليه هو القليل من الراحة ساعود الى المسكن اذا لم تمانعي كلير .
طبعا لا امانع . بامكانك الذهاب .
ذهبت الينا و استاجرت سيارة اجرة و عادت الى سكن الكلية , بعد ان اخذت حماما استلقت على السرير و غطت في نوم عميق .
في الصباح استيقظت و رغبت بالبقاء في المنزل لكنها تذكرت انه يوم الاستعراض العسكري و يوم تخرجهم , اخذت حماما و اخرجت زيها العسكري من الخزانة و كلها امل بان لا يزيد حجم بطنها و يضيق عليها بنطال الزي . حدقت فيه قليلا و قالت لنفسها :
قضيت خمس سنوات من عمري و انا انتظر هذا اليوم و الان لا ارغب بان اذهب .
تنهدت ثم اكملت : اتمنى ان لا يضيق علي البنطال .
ارتدت زيها العسكري و لحس حظها لم يزد حجم بطنها كثيرا , خرجت و ذهبت الى الكلية في الثامنة توجهت الى حرم الكلية الخلفي والقت عليه نظرة وجدت ان المكان تغير كثيرا عن المكان الذي كانت تعرفه . اصبح مليئا بالمقاعد و سيارات الاعلاميين و بعض العسكريين من قوات الجيش باقسامها الثلاث .
وضعت قبعتها على راسها و أخفضت راسها و اتجهت عائدة الى الداخل , شعرت بأنها ستسقط في مكانها و ان قدماها لن يحملانها اكثر من ذلك و ضعت يدها على راسها و شعرت برغبة في الغثيان. احست بيدين قويتين على كتفها و سمعت صوتا يهمس في اذنها برقة قائلا:
تنفسي بعمق الين و استرخي .
نفذت طوعا ما طلب منها و عادت اليها قواها قليلا . نظرت خلفها ووجدت اليكس يبتسم بهدوء , كانت ابتسامته كفيلة بافقادها احاسيسها و مشاعرها سالها :
هل انت بخير ؟
اجابت بتردد :
انا بخير .
قال بسخرية :
كان عليك ان لا تحضري الى الحفل ان كنت مريضة.
سيطر عليها الغضب و شعرت بأنها تريد ان تصفعه بكل قوتها لكنها تنفست بعمق و قالت بتحد:
انا لست مريضة .
قادها اليكس الى الداخل رقم اعتراضها و سالها ماذا تريد ان تشرب:
مياه باردة فقط .
ذهب ليحضر لها المياه التي طلبتها . ظلت هي تراقبه كم يغيظها هذا الرجل انه بغيض حقا و اسوا رجل عرفته في حياتها .
و انضم لها الى الطاولة التي كانت جالسة عليها , حدق فيها للحظات قبل ان يقول :
تبدين ضعيفة جدا . ما الذي حدث ؟
صدمت من تعليقه ثم رسمت على شفتيها ابتسامة و قالت :
شكرا على المجاملة . انا بخير.
قال بصرامة :
ليست مجاملة انا اسالك بجد . تبدين ضعيفة اكثر من ذي قبل .
شعرت بانه شك في امرها :
انا بخير اليكس . انا اتبع حمية فقط.
اسند ظهره على الكرسي و قال :
امل ان لا تضري بنفسك كثيرا بسبب هذه الحمية .
لا تقلق لن يحصل.
حدق بها ثم سالها بعد فترة وجيزة :
لم اخترت المجال العسكري من بين كل المجالات لتدرسي فيه ؟
اردت ان أكون عسكرية منذ صغري .
هل كان احد والديك متخصصا في المجال العسكري ؟
لا . فابي رجل اعمال و تاجر حر و امي حائزة على ماجستير في التمويل و الاقتصاد من جامعة ماكغيل.
قال بسخرية لاذعة :
اذا لابد ان والدك رجل سياسي اضافة الى كونه رجل اعمال و تاجر حر .
ضحكت بسخرية أيضا ثم قالت :
ان جيم ليس سياسيا و لكن له علاقات مع سياسين و عسكريين .
قرب وجهه منها وقال :
انت ابنة جيم بيترسون؟
اجل. انا ابنة جيم .هل انت متفاجئ و هل تعرف والدي ؟
حدق فيها ثم قال :
اجل لكن ليس بشكل شخصي و أضاف :
لم اتوقع ان تكوني ابنة جيم.لكني لست متفاجئا.
استانف حديثه السابق و قال :
والداك معا في الاقتصاد و الاعمال التجارية اما انت فعسكرية يبدو لي ان هناك سببا قويا جعلك تختارين هذا المجال.
قالت باستهزاء:
لم انت مهتم لتعرف السبب الذي جعلني اختار المجال العسكري ؟ هذا ليس من شانك .
ربما انت على حق لكني اريد ان اعرف بدافع الفضول .
نظرت في عينيه ثم قالت :
تعرضت لعملية اختطاف في صغري.
انت تمزحين صحيح ؟ سالها بصدمة كبيرة .
لا انا لا امزح . عصابة مجانين مهووسين باعمال العنف اختطفتني و طلبت من والدي فدية قدرها 250 الف دولار كندي . استعان والدي ببعض الجنود و قوات الامن .
استعادت الينا صورة حادة و مؤلمة لما حدث في ذلك الوقت . كانت واقفة الى جانب الرجل الذي اختطفها و هددها بقتلها اذا قامت بشيء لم يعجبه. نظرت خلفها ووجدت جنديا لوح لها بيده و اظهر لها ورقة كتب عليها : لا تتحركي . عندما يسلم والدك الحقيبة للخاطف اهربي و تعالي عندي. ابتسمت و ظلت تراقب حركات والدها . سلم الحقيبة و هربت للخلف .
انبطحي أيتها الصغيرة . صرخ احدهم و نفذت ذلك انطلقت رصاصة و اصابت خاطفها .
الان اكملي سيرك نحوي بسرعة . طلب منها الجندي ذلك . امسك بها و عانقها ثم قال :
انت بامان لا تقلقي . في كل زاوية هناك رصاصة تطير . سألته :
هل والدي سيكون بخير ايها الجندي ....
هنري . ابتسم ثم قال :
سيكون بخير أيتها الصغيرة .
فجاة سقط هنري الواقف إمامها و سال دمه على زيه . لقد اصيب برصاصة طائشة في صدره . صرخت الينا خائفة و ضغطت على جرحه و دموعها تسيل على خديها . امسك بيدها و طلب منها ان لا تخاف لانها فتاة قوية . توقف اطلاق الرصاص و اتجه ثلاثة جنود اخرين مع سيارة اسعاف الى المكان الذي كانت تقف فيه الينا بجوار هنري . امسك بها احد الجنود و سالها :
انت بخير ؟
اجل لكنه ليس كذلك . انه ينزف .
وصل والدها و عانقها وهدأ من روعها. انتهى الامر بالنسبة للكثيرين لكنه بدأ للتو بالنسبة لها فقط توفي هنري بعد أسبوع من العلاج الذي لم ينجح .
اذا كان هذا الحادث الذي اصيب به هنري .
صوت اليكس اخرجها من تلك الذكرى و نظرت الى عينيه ووجدت فيهما حزنا عميقا . سألته بصوت مرتجف :
هل كنت تعرف هنري ؟
اجل . لقد كان مساعدا للجنرال المسؤول عني . كنت في فرنسا و عدت بعد أسبوع من جنازة هنري . لم يخبرني احد كيف توفي غير انهم قالوا لي انه توفي في تبادل لاطلاق النار مع مسلحين .
تجمعت الدموع على عينيها و قالت :
هل كان صديقك ؟
كان صديقا عزيزا علي.
سالت دموعها و قالت :
آسفة لانك فقدته بسببي .
اختفت الجدية و الحزن و كذلك السخرية التي تغيظها و تعذبها من صوته و حل محلها رقة لم تتخيل ان اليكس يملكها يوما فقال :
لم افقده بسببك بل مات وهو يدافع عن فتاة صغيرة لا ذنب لها . واعتبرها مثل ابنته وبذل حياته من اجلها .
كان بطلا بالنسبة لي لهذا قررت ان ادرس العسكرية واكون مثله .
ابتسم بخبث ثم قال:
لو كان حيا الان لكان فخورا بك .
لماذا؟
لاني و بصراحة لم اتوقع ان يكون خلف هذا الجمال كله قلب حنون ووفي مثل قلبك .
انت ....
قاطعها قبل ان تكلم :
كنت امزح فقط . لا داعي لان تغضبي .
انه يعذبها فعلا . تحاول ان تجرحه لكنها لا تنجح بينما اقل كلمة منه تؤذيها كثيرا . رشفت رشفة كبيرة من مائها و هدات نفسها ثم سألته بدورها لم التحق بالجيش هو الاخر فاخبرها انه توارث خدمة الجيش من عائلته فوالده كان طيارا بحريا و جده كان قائدا في فرقة المدرعات بينما جده الاكبر كان أيضا طيارا بحريا .
خلال حديثهما شعرت الينا بالم شديد في بطنها و بشكل لا ارداي وضعت يدها على بطنها و اسندت راسها الى الطاولة . قام اليكس من مكانه ووقف بجانبها و رفع راسها ثم سالها ما بها ؟ لكنها اجابته بأنها تشعر بالم في بطنها هذا كل شيء . نظر اليها نظرة مليئة بالشك وفي نفس اللحظة التي فتح فيها فمه ليتحدث رن هاتفه . اخرج من جيبه بطاقة ذهبية و قال لها بـحـدة :
هناك الكثير لنتحدث عنه . اتوقع ان تكوني الليلة في منزلي .
وضع البطاقة على الطاولة ثم اجاب على الهاتف وذهب تاركا ايها في المكان .نظرت اليه و قالت لنفسها :
مشكلة جديدة . الان اصبح اليكس يشك في كل شيء .
جمعت الرائد المديرة السيدة كابوت جميع الطلبة الخريجين و اخبرتهم ان العرض سيفتتحه قوات الحرس الملكي ثم القوات البرية ثم الجوية و اخيرا القوات البحرية .سالها كايل مستفسرا :
رائد كابوت هل ستخرج القوات بشكل متتالي أم ان هناك ما سيفصل كل قسم عن الاخر .؟
اجل بني . الحرس الملكي سيخرج منه اربع طلاب بعد كل استعراض لقسم من اقسام الجيش . أي ان هؤلاء الطلاب سيكونون فاصلا بين القوات البرية و الجوية مثلا .
فهمت أيتها الرائد .
اعطتهم امرا بتنفيذ التعليمات و كل ما تدربوا عليه خلال خمس سنوات . تاخر موعد البدء بسبب تاخر وصول رئيس الحكومة السيد دوكاين . عند التاسعة و النصف وصلت سيارة دوكاين و تجمع حولها الاعلاميون املين بان يحصلوا على اجابات من رئيس الوزراء بشان الاستعراض و ماهو رايه . حراس وارن منعوا الاعلاميين من الاقتراب منه و زوجته .
امتلئت الادراج ووصل السيد رئيس الحكومة . انطلقت الموسيقى الخاصة بالنشيد الوطني و وقف الجميع في صمت واحترام . انطلقت العروض مع اول كلمات النشيد
[اوه كندا . يا وطننا وارضنا الام , صحيح نحبك بكل ابنائك . بقلوبنا المتوهجة نراك ترتفعين للسماء . .... الخ ] انتهى النشيد الوطني لكن العروض العسكرية توالت و صيحات الجماهير تعالت .و اصبح الصفير و الصفيق صوت الجماهير المعبرة عن فرحتها .
مع كل هذا الازعاج بدت الينا و كانها لا تعيش معهم هذه الاجواء الرائعة إنما تعيش في اجواء من الحزن لفت عالمها الخاص . كانت تفكر في شيء وحيد طفلها . لا تستطيع ان تخفي الامر اكثر لا عن والد طفلها و لا عن والديها و لا عن أي احد اخر .
كانت تدرك ان عليها اجلا أم عاجلا ان تعلم الجميع بالامر لكن كيف ؟؟ ماذا ستكون ردة فعل والديها اذا اخبرتهما ؟ ماذا ستكون ردة فعل اليكس نفسه ؟ ماذا عن بقية الاهل و الاصدقاء ؟ قطعت كلير حبل افكارها قائلة :
هل انتي بخير الينا ؟
اجل انا بخير .
قالت بسرور :
حان دورنا . استعدي .
الى جانب افكارها المشوشة شعرت الينا بالتوتر و الارتباك .خرج الطلاب من الباب بزيهم المميز و الذي يتكون من قميص ابيض و ربطة عنق زرقاء و بنطال ازرق اضافة الى سترة زرقاء يميزها اربعة خطوط صفراء عند كم اليد . و كذلك القبعات الرزقاء أيضا و التي وضعت على رؤوسهم بشكل جانبي .حلقت الطائرات فوق رؤوس الحاضرين مبهرة الجميع بعروض استثنائية .
وقف الجميع أمام المدرج ووجهوا تحية لرئيس الحكومة و وزير الدفاع و رئيس هيئة الاركان و كل المسؤولين العسكرين . اخذ الطلاب جولة حول حرم الكلية وعادوا الى داخل مبنى الكلية . لم تشعر الينا بالم في بطنها و لم تشعر برغبة في الغثيان و لا أي شيء يعكر صفو الاحتفال و العرض . بدا كل شيء بشكل جيد .
انتهى العرض و كذلك التكريم . حصلت الينا على المركز الاول في قسم طلاب الجوية و حازت على شهادة تكريم خاصة من وزير الدفاع السيد مارك ماكنزي . كان عليها ان تلقي خطابا قصيرا أمام اصدقائها و معلميها و الجمهور أيضا شعرت بالتوتر و لكنها وقفت أمام المنصة و قالت :
بعد خمس سنوات من التدريبات و الدراسة الشاقة ها نحن هنا اليوم في حفل تخرجنا . جميعنا مسرورون لكن ليس لاننا تركنا التدريب و سنعود الى اسرنا و منازلنا و ليس لاننا نلنا اعلي الدرجات بل لاننا سنبدا اليوم أو غدا أو الذي يليه العمل الذي كرسنا حياته من اجله.. اليوم أو غدا أو الذي يليه سيكون علينا ان ندافع عن بلادنا بكل الطرق .ضحكت ضحكة قصيرة مع نفسها ثم اضافت :
لم نتخلص من تعب و عناء لقد بدأنا نسير في اولى الطرقات الى ذلك الطريق الوعر علينا ان لا نتعثر بحجارته و صخوره بل علينا ان نسير عليها لنصل الى القمة ... صفق لها الجمهور فابتسمت ابتسامة خفيفة و قالت :
اطلت عليكم كثيرا لكني أقدم شكري لجامعتنا العزيزة و معلمينا و اسرنا و قبل كل هذا حكومتنا التي فعلت الكثير من اجلنا . وهنيئا لي و لكم النجاح اصدقائي ..
فرحت الينا ايما فرح و قابلت والديها و تحدثت معهما مطولا و كذلك مع بعض مساعدي وزير الدفاع . شعرت بتعب وعادت الى داخل الكلية تاركة الحرم الخلفي للجامعة شربت القليل من المياه و لكنها لم تستطع البقاء في الكلية اكثر من عدة دقائق.
تركتها وعادت الى المسكن و قضت يومها هناك. استلقت على سريرها في الثالثة بعد الظهر بكامل ثيابها و غطت في نوم عميق بسبب الارهاق الذي كانت تشعر به .
عندما استيقظت كانت عقارب ساعة يدها تشير الى الرابعة صباحا , نهضت من السرير و اخذت بعض الثياب الداخلية من خزنتها و دخلت الى الحمام و اخذت دشا منعشا ثم خرجت . ارتدت قميصا فضفاضا و اعدت لنفسها فطورا.
بعد ساعة عادت الى غرفتها و اخذت حقيبة و بدات تجمع فيها كل ثيابها و اغراضها لقد اتخذت قرارها و لن تتراجع عنه. ستعود الى ادمونتون و تنسى كل شيء هنا في تورنتو و لن يبقى منها شيء تتذكره سوى طفلها . استلقت على السرير و فكرت بطفلها قليلا ثم اخذت سماعة الهاتف و قالت لنفسها :
ساتصل باليكس و اخبره بشان الطفل .
ترددت قليلا ثم قالت :
لا اعرف رقمه .تذكرت انها تملك بطاقته الشخصية اخذت حقيبتها ثم اخرجت البطاقة ونظرت اليها باحثة عن رقمه , وضعت سماعة الهاتف ثم تحدثت قائلة :
لم الهاتف؟ ساخبره وجها لوجه لا اهتم لرد فعله . فكرت قليلا و اضافت : اجل ساخبره .
سمحت لنفسها بتذكر اخر لحظاتها في الكلية و كم كانت جميلة سالت الدموع من عينيها و لكنها مسحتها .
بقيت في المنزل مع كلير و كيت وتحدثن عما حصل يوم الامس. سالتها كلير ان كانت ترغب بحضور الحفل الاخر اليوم لكن الينا اجابت بالرفض و لم تكشف عن أي سبب . لم تسال كلير كثيرا بل صمتت و قدرت رأي صديقتها .
عند الخامسة مساء صعدت كل من كلير و كيت الى غرفتهما لتحضير نفسيهما للحفل . الينا أيضا صعدت الى غرفتها و اخذت معطفا زيتيا و محفظة يدها اضافة الى بطاقة اليكس الشخصية . خرجت من المسكن و استاجرت سيارة اجرة و طلبت من السائق ان ياخذها الى منطقة افينو 13 . انطلقت السيارة و غرقت الينا بافكارها.
لم يخرجها من عالمها إلا سؤال الرجل لها عن المكان الذي تريده ؟ عادت و نظرت الى بطاقة اليكس و قادته الى الضاحية الشرقة من الحي وخصوصا الى المنزل السادس . نزلت و توقفت أمام المدخل الكبير و تنفست بعمق . رتبت افكارها و سارعت عبر باب الحديقة الكبيرة و هي تنظر من حولها قالت لنفسها : هذا المكان ليس منزلا بل قصر . وصلت الى باب المنزل البني و شعرت بتوتر .
طرقت الباب و لم يجبها احد ازداد توترها و خشيت ان يكون المنزل خاطئا لكنها اعادت طرق الباب مرة و مرتين ثم اجابها شخص من الداخل قائلا :قادم .
فتح الباب ووجدت إمامها اليكس و لكن بدون قميص . خفق قلبها بشدة و اشاحت بوجهها عنه . اعتذر منها و اخبرها بانه كان يرتدي ثيابه حين طرقت الباب , ارتدى القميص الذي كان بيده و بدا يزرره طلب منها الدخول ففعلت ذلك .
ماذا أقدم لك ؟ سالها بكل لباقة .
لا شيء اشكرك . لقد كانت مذهولة من طريقه تصرفه معها لأول مرة يتحدث معها بلباقة و بدون سخرية و ابتسامة حقيرة رغم انها جذابة للغاية .
اريد ان اخبرك بشيء .
جلس اليكس على اريكة اخرى و قال :
ماذا هناك ؟
ترددت كثيرا و نقلت نظرها ما بين يديها المتشابكتين و وجه اليكس المحدق بها . بعد فترة من الحيرة سالها:
هل هناك أي مشكلة ؟
هزت راسها نفيا و قالت :
الامر يتعلق بنا .
قطب حاجبيه و قال مكررا :
بنا؟ ماذا هناك تحدثي اذا . قال جملته الاخيرة و بدا و كانه فقد صبره .
انا..... انا..... اخذت نفسا عميقا و قالت بصوت مرتجف:
انا حامل اليكس.
نهض من شدة الصدمة و قال :
حامل .!
اجابت :
اجل و الطفل طفلك .
استدار حول نفسه قليلا ويده على جبينه ثم نظر اليها مجددا و قال : منذ متى تعلمين ؟
منذ ثلاثة اسابيع .
و متى اكتشفت انك حامل؟
بعد اربعة اسابيع من ليلة مايو .
تمتم قائلا:
يالي من غبي . لهذا السبب كنت مريضة يوم الامس .
لم تجبه ووقفت قائلة :
اردتك ان تعلم فقط بان لك طفلا اليكس هذا كل ما في الامر .و سارت متجهة نحو الباب .
وقف إمامها و سالها بوقاحة فظة :
كيف تأكدت من ان الطفل طفلي و ليس طفل شخص اخر ؟
احست بإهانة في عرضها و كرامتها و انهما طعنتا في الصميم مما اثار غضبها فرفعت يدها و صفعته . ثم قالت والدموع على عينيها :
لانك الوحيد الذي اقمت معه علاقة ايها الحقير اللئيم .
خرجت جارية من المنزل لحق بها و لكن رنين هاتف المنزل استوقفه . استطاع ان يتبعها بنظرة فقط دون ان يلحق بها . توجهت الى طريق وعر في الجهة المقابلة لمنزل اليكس و اكتشفت بانه مكان اشبه بغابة محروقة أو حديقة حيوان مهجورة لكنها لم تكترث كل ما ارادته هو الانفراد بنفسها .
سارت عبر الطريق و هي تصعد جرفا مرة و تنزل من اخر مرة . اخيرا كفت عن المشي و جلست على صخرة في هضبة مرتفعة و راحت تفكر .
لم تبددت افكارها و لم تستطع قول شيء مما خططت له إلا القليل ؟
ما الذي اصابها و جعلها متوترة جدا .؟ ثم لماذا شعرت بان ردة فعل اليكس جرحت مشاعرها و كانت على عكس توقعاتها ؟ انهمرت الدموع من عينيها و قالت مهدئة نفسها :
لا تبكي الان . عليك فقط تجاوز الامر و نسيان اليكس مهما فعل بك ستتخلصين من كل هذه الفوضى اليوم أو غدا .
مسحت دموعها نظرت باتجاه بحيرة صغيرة . ابتسمت و هي تقول كم هو جميل مشهد الغروب في هذا المكان . سمعت صوت اليكس خلفها يقول :
انه مشهد ساحر تماما مثلك .
وقفت غاضبة و قالت بحقد :
انت هنا ؟
امسك بكتفيها و شدها نحوه و قال بخبث :
اجل انا هنا , لن تستطيعي بعد الان ان تهربي مني .
حاولت ان تفلت منه و ضربته بيديها على صدره و هي تقول :
افلتني . دعني و شاني انا اكرهك .
بكت مجددا و هي تصيح و تكرر :
انا اكرهك .
نظر اليها اليكس برفق و عانقها بحنان .كفت عن الصراخ و عن ضربه و وضعت راسها على كتفه و ظلت تبكي . لم ترغب بان تذرف دموعها أمام اليكس وان يشعر بضعفها و مدى جاحتها اليه لكن قلبها خانها.
لم يحاول اليكس ايقاف بكائها بل جعلها تبكي على سجيتها حتى هدات ثم سالها بشيء من الحزن :
هل تكرهينني حقا؟
نظرت الى عينيه و قالت مترددة :
كان يجب علي ان اكرهك بعد كل ما فعلته بي لكني لا اعتقد ذلك . اعتقد ....
قبلها اليكس بخفة قبل ان تكمل جملتها و قال و هو يبتسم ابتسامة حقيقة :
سبق و قلت لك لا اريدك ان تكرهيني ...
ثم ابعد شعرها الى مابعد اذنها و أضاف هامسا:
ليس انت الين .
دهشت من كلامه و قالت بصدمة :
هل قلت ذلك قبل قليل ؟
اجاب بكل ثقة و هز راسه قائلا :
نعم . ثم امسك بيدها ومشى و هو يقول :
المكان مخيف في الليل و بارد علينا العودة الى المنزل و التحدث عن الامر .
لن نتحدث ....
وضع اصبعا على فمها و قال :
في المنزل . ليس الان .
سارا معا عائدين الى المنزل و فكرت الينا دون ان تقول شيئا. ما التالي الان بعد ان اعترفت له؟ كيف ستجري الأمور؟
دخلا الى المنزل و ساعدها اليكس في خلع معطفها , نظرت الى الغرفة من حولها بينما دخل اليكس الى الداخل :
ساحضر لنا شيئا نشربه خلال حديثنا. و اختفى دون ان تجيب عليه .
جلست على الاريكة وقلبت عدة صفحات من صحيفة تورنتو نيوز التي كانت فوق الطاولة الزجاجية. تركت الصحيفة و اسندت ظهرها للاريكة , تاملت سقف الغرفة ثم شعرت بالملل خاصة و ان اليكس تاخر في الداخل و انها لم ترد ان تتطفل عليه .
قررت ان تشاهد بعض الصور لاليكس و افراد من عائلته , قامت من الاريكة و شعرت بضعف فجاة و انهارت ؛ سقطت على الارض و سمع اليكس الضجة و صرخ :
الين هل انت بخير؟
لم تجب عليه فاعاد السؤال :
ما الذي حدث ؟ هل انت بخير؟
لم تجب الينا بل كانت ساقطة في مكانها بلا وعي . هرع اليكس الى الغرفة التي كانت فيها الينا ووجدها ساقطة على الارض. صدم بشدة و شتم و لعن نفسه , انحنى فوقها و ابعد شعرها عن وجهها ثم تحسس راسها . فاقدة للوعي فقط ؟
تساءل بسخرية ثم أضاف :
لا باس ساضعها في الاريكة . رفعها و شعر بشيء بارد في مؤخرة راسها, سحب يده ووجدها ملطخة بالدم .
اوه لا. . . . . . . .
جرى عائدا الى المطبخ و اتصل بالطوارئ طالبا سيارة اسعاف. وضع السماعة ثم قال بخوف:
لا يمكنني انتظار الاسعاف علي التصرف قبل ان تفقد الين كمية كبيرة من الدماء.
اخرج من احد الادراج علبة الاسعافات الاولية و اخذ وعاءا فيه ماء ثم صعد الى الاعلى و أتى بمنشفة قطنية . عاد الى الغرفة و ارتدى قفازات طبية ثم بحث عن الجرح في راس الينا . وجده بعد بحث طويل داخل شعرها الكثيف . مسح الجرح بالمنشفة ووضع عليه قطنا نظيفا و لف راسها بشاش ابيض .
اخذها الى الحمام بعد ذلك و وضع راسها على المغطس و غسل شعرها من الدماء ثم لفه بعد ذلك بمنشفة أيضا . صعد بها الى الاعلى ووضعها في سرير غرفته . جلس الى جانبها و تاملها قليلا. لم اشعر بانجذاب تجاه هذه الفتاة؟ هل هذا بسبب ما حصل ليلة مايو؟
امعن النظر فيها وشعر بأنها خائفة تماما كما كانت خائفة في تلك الليلة في الكوخ. لكن لم هي خائفة الان؟ هل هي خائفة من اليكس؟ أم ان هناك شيئا اخر؟
سمع صفارات سيارة الاسعاف . غطى الينا و لم يمنع نفسه من ان يقبل خدها . نزل الى الاسفل ووجد خمسة رجال من طاقم الاسعاف امامه سال :
من منكم هو الطبيب؟
تقدم رجل في العقد الرابع من عمره و قد غطى على راسه الشيب قائلا:
انا. الطبيب فان موريسون.
ما الذي حدث اخبرني؟
هناك فتاة انهارت في الداخل فجاة؟
في هذه الحالة ساحتاج الى اثنين من هؤلاء الرجال.
ادخلهم اليكس الى المنزل و ساله الطبيب عن مكانها فالتزم اليكس بطلبه منهم اللحاق به.
اخذهم الى الغرفة التي توجد فيها الينا و بعد ان فحصها الطبيب موريسون قال :
ان لديها نقصا حادا في الحديد مما يصبب لها فقر دم حاد أيضا.
هل هذا بسبب الحمل ايها الطبيب؟ سال اليكس بقلق
هل هي حامل؟ كانت صدمة بالنسبة للطبيب
اجل منذ شهر و عدة اسابيع و ربما شهرين.
نظر الطبيب الى اليكس بدهشة و قال:
الست زوجها ؟ كيف لا تعرف؟
ابتسم ابتسامة شاردة و قال:
نحن صديقان فقط. و قد علمت بالامر قبل قليل.
حسنا. بكل قناعة قال الطبيب ذلك و أضاف :
ستحتاج الى مغذي به القليل من الحديد. علينا اخذها الى المشفى.
ليس ضروريا عالجها هنا ايها الطبيب.
في هذه الحالة الامر يتطلب عدة اجراءات . اهي كندية؟
نظر اليكس بغيظ الى الطبيب و قال :
ما شان ذلك الان؟
انها من الإجراءات التي علي اتباعها . لذا اجب عن سؤالي.
بحنق اجاب:
اجل انها كندية.
و ما اسمها ؟
تنهد ثم قال :
الينا بيترسون.
فكر مليا الطبيب قبل ان يستانف القول :
بيترسون؟ انه مالوف بالنسبة لي.
جيم بيترسون . التاجر الكندي . ذكره اليكس.
اه. اجل انه هو . كم يعجبني ذلك الرجل فهو .........
سئم اليكس من الحديث التافه و قال:
فقط عالجها .انت لست هنا لمناقشة تاريخ اسرتها .اتفقنا ؟
خاف الرجل و طلب من مساعديه بان يحضرا له مغذيا من اقرب صيدلية و دلهم اليكس على واحدة تبعد عن مسكنه اربع شوارع .
خلال فترة انتظار الرجلين كان اليكس ينظر الى الينا و بشرود . ساله الطبيب قاطعا له حبال تفكيره:
هل تحبها ؟ هل انت معجب بها ؟
سال اليكس بسخرية :
اهذا أيضا ضمن الاجراءات ؟
ضحك موريسون وقال :
لا انه مجرد سؤال من شخص الى شخص.
نظر اليها مجددا و قال بعد صمت:
لست متاكدا من مشاعري نحوها لكن اشعر بانجذاب اليها و كذلك اشعر بان علي حمايتها لكن لا اعرف مم؟
عقد الطبيب ذراعيه أمام صدره ثم نظر اليها و قال :
هذا جيد.
نظر اليكس اليه و كرر الطبيب قائلا:
اجل جيد.
ترك اليكس موقعه قرب السرير و توجه الى النافذة ووقف هناك محدقا في الظلام الدامس فجاة ساله الطبيب :
ماذا اصاب راسها و لم قميصك ملطخ بالدم ؟
لم ينتبه اليكس لقميصه إلا حين تحدث عنه الطبيب فقال بهدوء و هو ينظر الى قميصه :
اصطدم راسها بالطاولة الزجاجية حين سقطت .
ساتفحص الجرح. قال الطبيب ذلك و أومأ اليكس براسه ايجابا.
تفحص الجرح ووجده معقما بشكل جيد.
لقد كان جرحا سيئا لكنك عقمته بشكل رائع , هل انت طبيب؟
ابتسم و قال:
لا انا طيار عسكري و تعلمت كيفية التعامل مع الاصابات الحرجة .
جيد للغاية . وصل المساعدان واحضرا ما طلب منهما . وضع الطبيب فان موريسون ابرة المحلول في ذراع الينا و اخبر اليكس ببعض التعليمات التي عليه اتباعها , شكر اليكس الطبيب و رافقه حتى الباب . اختفت سيارة الاسعاف و عاد اليكس الى الداخل..
اخذ قميصا من الغرفة التي كانت فيها الينا واستبدله بالذي كان يرتديه . و اعد عشاء خفيفا لهما , عاد الى الغرفة التي توجد بها الينا و القى نظرة عليها . تفحص المحلول و عبس قليلا .
بعد ذلك توجه الى هاتفه الذي كان بداخل جيب سترته , تحدث مع الجنرال ماكوين و اخبره انه لن يتمكن من الحضور بسبب مشكلة شخصية و انه يريد ان يؤجل ملف الصفقات الى اليوم التالي , قبل الجنرال الامر و اغلق اليكس الهاتف ثم توجه الى الباب .
قبل ان يخرج سمع انين الينا فعاد ووقف قربها ثم امسك بيدها و قال:
هل استعدت وعيك؟
تمتمت قائلا :
ما الذي حدث؟ و لم انا هنا؟
جلس الى جانبها وقال :
فقدت وعيك و ارتطم راسك بالطاولة الزجاجية .
ابتسمت ابتسامة واهنة و قالت بضعف :
لا اتذكر شيئا لكن راسي يكاد ينفجر.
نظر اليها نظرة لم تستطع فهمها لكنها شعرت بان تلك النظرة وصلت الى اعماقها , قال لها :
لا باس . اخلدي للنوم سترتاحين اكثر .
نهض ليخرج لكنها تمسكت بيده و قالت :
لم اشعر و كان عروقي ستنفجر اليكس ؟ ماذا فعلت بي؟
لم افعل بك أي شيء عزيزتي هذا بسبب المغذي و ستتخلصين منه بعد قليل.
لا ارجوك انزعه مني انه يؤلمني .
لا يمكنني ذلك الين . لن انزعه.
ارجوك الالم فظيع لا يمكنني تحمله .
الاوامر اوامر عزيزتي الم تتعلمي ذلك .
نظرت اليه بعينين دامعتين و قالت:
اذا حاول ان تخفف عني الالم باي طريقة.
نظر اليها بشفقة وحنان فانحنى عليها ثم مسح ظهر كفه على خدها و همس في اذنها قائلا :
ستكونين بخير سيزول الالم قريبا لادعي لتبكي .
شعرت بغصة في حلها من شدة اقترابه منها و ارتعشت شفتيها , ليتها تستطيع ان تخبره كل شيء لكن هذا ليس الوقت المناسب .
قالت بصوت مرتجف :
حسنا احضر لي حبوبا منومة ارجوك؟
ابتسم بسخرية و قال :
ستضرك اكثر من أي شيء .
امعن النظر فيها ثم قال بفرحة :
ستضر طفلنا أيضا عزيزتي.
كانت كلمته سهما استقر في قلبها , لم يخيل اليها للحظة ان اليكس سيتقبل فكرة ان يكون والدا بمثل هذا العمر المبكر سالت بتردد :
هل قلت طف..... طف.... طفلنا؟
ضحك ثم قال :
اجل طفلنا . إلا تريدين ان تحتفظي بالطفل؟
رغم شعورها بالفرح إلا انها تحفظت على مشاعرها امامه و قالت مترددة :
اليكس لست .....
اضطرت للسكون حين قبلها و استستلمت له بسهولة . ابعدها عن نفسه و هو يضحك ثم قال:
سنتحدث بالامر لاحقا .
اغمضت عينيها و اشاحت بوجهها عنه لكي لا يرى دموعها . شعرت بانه كان ساخرا في كلامه ولم يعن شيئا مما قاله . خرج من الغرفة دون ان ينظر للخلف , بكت بصمت في مكانها , لقد جرحها في اعماق اعماق اعماقها بالحركة التي قام بها , ستترك المنزل بمجرد ان ينزع عنها ابرة المغذي.
عاد اليكس بعد ربع ساعة فقط و نزع عنها ابرة المغذي و اخبرها بما عليها فعله لكي لا تفقد وعيها مجددا . شكرته و طلبت منه ان يسمح لها باستخدام الهاتف لم يعترض على طلبها بل سمح لها .
اتصلت بكلير و لم ترد عليها و كذلك كيت لم تعرف ماذا تفعل , فجاة خطر على ذهنها آلن اتصلت بمنزل ال كولن و رد عليها آلن كما توقعت سألته ان كانت كلير في المنزل فاجابها بنعم و اخبرها انها تستعد للحفل .
طلبت منه ان يخبرها بأنها ستاتي و شكرته . وضعت السماعة و اخبرها اليكس بان عليها تناول الطعام قبل ان تذهب , خلال تناولهما الطعام قال اليكس:
علينا ان تعرف على بعضنا اكثر .
لم ؟ سالت بريبة
حتى لا نكون غرباء حين نتزوج ؟
اختنقت بالعصير الذي كانت تشربه من شدة الصدمة و شعرت بأنها ستفقد وعيها مجددا, فضحك وقال :
هل توقعت أني لن اتحمل مسؤليتي ؟
شعرت بالغضب و صرخت فيه :
كم هذا نبيل , اسمع اليكس نحن في القرن الواحد و العشرين و مهما كان قراري في المستقبل فهو لي و ليس لك , انت لست معنيا بشيء؟
تعجب من غضبها و اجابها بعنف :
على العكس و ضعك هذا انا مسئول عنه و لن تبعدينني بسهولة .
اسندت ظهرها للكرسي و قالت :
هل نحن مضطران للنقاش في هذا الموضوع الان؟
مازال هناك الكثير الذي لم نتحدث عنه.
ليس الان ارجوك . نظرت اليه بتوسل .
ارتبك اليكس و اومأ براسه و قال :
حسنا لكن عديني دائما بأنك ستخبريني عن اخبارك .
نظرت الى عينيه و قالت:
و هل ستقبل كلمتي؟
اجل ساقبل . اجاب بثبات و تاكيد .
و هل تعطيني كلمتك بأنك لن تعترض ابدا على ما اقول .؟
لا لا اظن ذلك , لن اعدك . لا ادين لك بشيء.
ربما لا . لكن ما حدث بيننا لم يكن حادثا عرضيا فحسب بل ليلة عابرة .
حتما كان كذلك . لا ادين لك بشيء و لا انت و خاصة شيء نهائي مثل الزواج؟
هل كان كذلك؟
اجل و لحسن حظي لن ادع ليلة عابرة معك تهدم حياتي .
تدمرها ؟ قطب حاجبيه و قال :
لا اعرف لم اشعر الان بأنك تكذبين علي؟
لحسن حظها رن هاتفها الخلوي و كان الاتصال من كلير .
هل انت قادمة الينا ؟ فاجاتها بالسؤال .
اجل كلير انا قادمة .
رائع سنكون في انتظارك لا تتاخري اتفقنا .
حسنا .
اقفلت الهاتف و قالت معتذرة لاليكس :
علي ان اذهب آسفة .
الى الحفل اليس كذلك؟
دهشت و قالت :
كيف عرفت .؟
سمعت بعض الطلاب يتحدثون عنه , لاباس بامكانك الذهاب .
اخذ الاطباق في طريقه الى المطبخ . احست الينا بالخيبة التي غطت وجهه نادته :
اليكس؟
نظر اليها و قال :
ماذا؟
ابتسمت و فكرت قليلا ثم قالت :
ما رايك لو ترافقني.؟
ابتسم بسخرية و قال:
ارافقك؟
اجل . اذا لم يكن هناك مانع .
بدا و كانه يفكر بما تقول , سبقته قائلة :
يبدوا انك لا تستطيع ان تذهب . قالت بخيبة امل واضحة ثم اضافت:
لا باس.
استدارت لتخرج من الغرفة لكنه لحق بها و امسك بذراعها و قال مبتسما :
لا باس سارافقك .
ابتسمت أيضا و قالت :
تعرف مكان القاعة صحيح؟
اجل عزيزتي.
رائع. ساذهب الى المسكن الان اراك في القاعة .
حسنا.
خرجت من الغرفة و اخذت اغراضها من غرفة المعيشة و استاجرت سيارة اجرة في طريقها الى الكلية .
في التاسعة و النصف مساءً توجهت الينا الى قاعة الاحتفال و هناك قابلت اصدقائها و تحدثت معهم لدقائق قبل ان تتوجه الى المشرب .
جلست على كرسي و طلبت من الرجل كاس شراب , احضر لها شرابها فاخذت الكاس منه و نظرت اليه بغرابة و سالت :
اهذه شمبانيا أم ماذا ؟
اجل الينا انها شمبانيا و من افخر الانواع.
آسفة سيد كلانسي لكني لا اشربها .
دفعت الكاس الى الامام و لكنها سمعت شخصا يقول من خلفها :
لاباس انا ساخذها .من فضلك احضر لها عصير ليمون .
نظرت خلفها و قالت و هي تبتسم:
طريقة مثيرة للمجيء اليكس.
طبع قبلة على راسها و جلس الى جانبها و قال :
هل تاخرت ؟
اممم . ليس كثيرا انا أيضا اتيت قبل نصف ساعة تقريبا.
اخذا شرابيهما و ذهبا للرقص , فضلت الينا ان تجلس بعد فترة و جلست بينما ظل اليكس يرقص مع جميع الفتيات و يستعيد ذكريات الماضي .
غير المسؤولون الموسقى و الاغينة الصاخبة التي كانت ترافقها ووضعوا بدلا منها موسيقى هادئة مع اغينة رومنسية . ما ادهش الينا هو ان اريك صاحب الاغنية و قال بأنها هدية لكيت .
فاجاها اليكس حين مد يده لها و طللب منها ان ترقص معه , ابتسمت و شعرت بالخجل بينما ظل منحنيا إمامها ومادا يده ينتظرها . امسكت بيده و ذهبت لترقص معه . خرجا باكرا من الاحتفال و قال اليكس : لنذهب لمكان نتحدث فيه . ما رايك ...
لا شكرا . قاطعته الينا ودافعت عن موقفها لكنه امسك بيدها و قادها نحو السكن , عندما نظرت اليه بتحد اجاب :
كفى جدالا الينا انا لست في مزاج جيد.
دخلا الى السكن ولم يتصرف اليكس كضيف بل ساعدها على تحضير شراب يتناولانه . تحدث اليكس اليها بحماسة عن عمله و رتبته :
ما قصة ملف الصفقات ؟ هل لي ان اعرف؟
اصيب اليكس بدهشة حين سمعها :
هل سمعت ما كنت اقوله عن ملف الصفقات؟
ضحكت ضحكة قصيرة و قالت :
اجل سمعت !
لقد استرقت السمع . لم يكن يجب ان تسمعي ذلك.
لم ؟ انا لست صحفية حتى.
اعلم لكن الامر سري.
لاباس ساحتفظ بسر واحد بيننا في حياتي .
هل انتهينا.
اجل .
حسنا تعالي لنجلس على الاريكة و نتحدث.
رفضت الجلوس على الاريكة و تذكرت ما حصل اخر مرة جلسا فيها معا . جلست على كرسي مجاور و بدت متوترة للغاية . نظر اليها اليكس و هي تقلب منديلا بين يديها بغضب فقال :
اسف ان وضعتك في هذا الموقف الصعب . انا مذنب كليا .
اجابت بالنفي و قالت:
اننا مذنبان بشكل متساوي .
إلا تظنين انه علينا ان نحل مشاكلنا معا ؟
كلا. و هي غاضبة من وقوعها في فخه . انها حياتي و انا اقرر بنفسي .
حسنا. ماذا قررت بشان الطفل . هل ستجرين عملية جراحية .؟
كلا . نفت بشدة.
اذا هل تريدين ان تربي الطفل عندما يولد؟
اجل و هل من حل اخر. ؟
بعد ان اتخذت قرارك بشان الطفل ربما بامكانك ان تقرري الزواج بي؟
لا . اجابت بسرعة مذهلة و هي تجلس على حافة الكرسي و يداها تضغطان عليه .
لم لا ؟ ما ذا لديك لتخسريه؟
حريتي كبداية.
كنت ستخسرينها على أي حال عندما ترتبطين بطفل ؟
لا اعرفك .
لدينا الكثير من الوقت للتعرف على بعضنا .
و اذا لم يحتمل احدنا الاخر.؟
حينها سنكون ممتنين لاننا حاولنا لاجل الطفل و سيكون لديه والد حقيقي و ليس اسما على ورق .
وقفت غاضبة و قالت:
لا لن نناقش الامر حتى. فنحن سنتزوج من اجل الاسباب الخاطئة .
وقف معها و قال :
لقد اخطانا و سنقوم بتصحيحها فهل هذا خطأ؟
لفت ذراعيها على وسطها و كانها تحمي نفسها منه و قالت بخوف :
اجل انه سبب خاطئ . صرخت فيه قائلة :
كان يجب عليك ان تهرب حين علمت أني حامل .
اجاب بسخرية :
اسف ان لم اثر اعجابك .
هزت راسها محتارة و قالت :
اعني أني ممتنة لانك تحاول مني جعل فتاة محترمة لكني لست بحاجة اليك.
ربما انا بحاجة اليك . أو بحاجة الى الطفل أم ان مشاعري ليس لها حسبان؟
نظرت اليه بحذر , ربما هو بحاجة الى الاستقرار :
بامكانك ان تزورنا . قالت بشك .
هل هذا هو الحل الافضل ؟؟
استدرات مضطربة نحو النافذة تحدق بانوار مركب شراعي فأتى من خلفها و وضع يديه على كتفيها و بدا يدلكهما :
اننا متجانسان الين كلانا يعرف ذلك . ما حدث تلك الليلة في الكوخ كان شيئا جميلا اليس كذلك؟؟
قالت بالم و هي تتذكر :
هل كان ؟
اعتقدت انه جميل بالنسبة لي و اعتقد انه كذلك بالنسبة لك أيضا.
لم تجب و هي تقاوم ذرف الدموع فادارها اليكس لتواجهه , وضع وجهها بين يديه و قبل عينيها بنعومة ثم قال:
سيكون كل شيء على ما يرام الين . لا تبكي . سوف ترين .
وقفت مستسلمة لبعض الوقت و لكنها تنهدت بينما كان اليكس يقبلها و احاطت ذراعيها حول عنقه عندها مد يديه و شدها اليه بقوة :
يمكنه ان يكون جيدا لنا الين. همس في اذنها فارتعش جسدها و رفعت عينيها لتحدق به :
لسنا مجبرين على الزواج اليكس يمكننا ان نحاول العيش معا لكنه لن يكون موضوعا نهائيا .
هذا سهل جدا لكني ساكون خائفا من ان ترحلي عند اول مشكلة . ان كنا سنفعل ذلك يجب ان يكون التزاما كاملا . لا اقوم باشيئا غير كاملة و اعتقد انك لا تفعلين.
كانت ملامحه صارمة و كان واثقا من نفسه و قويا جدا .سيهتم بها جيدا و كانت تعلم ذلك لكنه لا يحبها و عليها ان تتعايش مع ذلك.و مع ان الحب يمكن ان ياتي مع الزمن فهل يمكن ان ينشأ في حالتهما؟
لو انه فقط لم يتركها تلك الليلة , لو انه لم يفعل لكانت قبلت الان و بكل فرح . و على كل حال فهي الان ذاهبة الى زواج تعرف انه خطأ من الاساس , فاليكس عرض عليها الزواج لانه الحل الافضل .
اومأت براسها دون ان تنظر اليه و قالت :
حسنا . سوف ... سوف نحاول .
ابتعدت عنه و اشارت له بيدها و قالت :
ارجوك ... هل يمكنك الرحيل .؟ انا ... انا تعبة جدا.
لاحظ اليكس في نبرة صوتها المرتجف انها تعبة فوافق على ذلك :
حسنا. ارتاحي جيدا الليلة و غدا سنحتفل معا بهذين الخبرين !
ماذا؟ اه نعم , انا آسفة حدث كل شيء بسرعة .
اعرف لا تقلقي ستعتادين على الامر , ضحك بسخرية و أضاف :
ربما تستمتعين بذلك . من يعرف؟
ثم قبلها و قال :
الى اللقاء حبيبتي اراك غدا.
بعيدا عن اصراره كانت الينا تفكر في مواضيع كثيرة اهمها الزواج من اليكس .
في الحادية عشر و النصف مساءً استيقظت الينا بسبب شجار بين كيت و كلير , نزلت الى الاسفل ووجدت كيت تبكي سالت عن السبب و اخبرتها كلير بان كيت رات اريك يقبل كريستينا مما جعل كيت تترك الحفل و هي تبكي.
احست الينا بخيبة امل كبيرة و حاولت تهدئة كيت لكن الامر لم ينفع و المشكلة ان كلير تتهم اريك بالخيانة و الكذب و كيت تدافع عنه و تبرر بانه كان ثملا و لم يقصد ما فعله . لم تستطع الينا ان تفعل شيئا و شعرت بدموعها على خديها لا شعوريا صرخت قائلة :
اصمتا من فضلكما .
نظرتا اليها بدهشة بالغة و قالت:
ان تحدثتما مجددا عن الامر فساخرج من الباب و لن تروني مجددا.
عادت الى غرفتها و مسحت دموعها و حاولت ان تعود للنوم لكنها لم تستطع بل عاد الى ذهنها موضوع الزواج من اليكس . ادركت انها كانت مخطئة حين قبلت بالزواج منه و لذا قررت ان تخبره بتراجعها . فجاة دخلت كلير و صرخت :
اصيب اريك بحادث سيارة لقد اتصل مستشفى مارسي , لحقت الينا بكلير :
اين كيت ؟
اجابت كلير :
لقد ذهبت الى هناك . سالحق بها .
صرخت الينا :
انتظري ساتي معك.
بعد دقائق كانت الصديقات الثلاث في غرفة الانتظار , لقد ادخل اريك الى قسم الطوارئ و اجريت له عملية .
دخل كايل الى الغرفة و الحزن العميق يظهر على وجهه , سألته كلير :
كايل ما الذي حدث ؟
لقد صدمته سيارة .
اجل و لكن كيف ؟ سالت الينا.
كنت جالسا مع مارك و بعض الاصدقاء حين أتى و سالني عن كيت, قلت له بأنك ذهبت مع كلير بعد ان رايته يقبل كريستينا . اشاح بوجهه عنا و تمتم بعض الكلمات ثم تركنا . كان ثملا للغاية فلحقت به و لكني وجدت السيارة قادمة في طريقه , صرخت به و اسرعت باتجاهه لكنها كانت اسرع مني فاصابته .
انفجرت كيت بالبكاء , عانقتها الينا ثم قالت كيت من بين شهقاتها :
انا السبب . ما كان يجب ان ارحل منذ البداية .
هدأتها الينا :
لا لست السبب .
اكملت كلير سؤال كايل عن اريك و حاله فاخبرهن انه اصيب برضوض داخلية مع نزيف و لحسن الحظ انه غير حاد اضافة الى كسر في القدم اليسرى .
بقي الجميع ينتظر افاقة اريك لكن الوقت طال فاضطر كل من كايل و كلير للذهاب لكن الينا رفضت الخروج دون ان تتاكد من حال كيت.
في الثالثة صباحا استفاق اريك ووجد كيت الى جانبه و الينا تقف قربها .
امسكت كيت بيده و قالت :
هل انت بخير اريك ؟ كيف تشعر ؟
قال بصوت متقطع :
بخير عزيزتي . اشعر و كان رصاصة اصابتني .
ابتسمت كيت اثر جملته و كذلك الينا فقال:
هل هذه الينا؟
اجل اريك هذه انا.
أصبحت تشبهين كلير شيئا فشيئا .
ضحكت و قالت :
لم ؟ انا لا اشبهها ابدا .
ظننتك كلير منذ البداية لكن شعرك بني و هذا هو الفرق .
ابتسمت و قالت له :
لا يمكنك قول النكات الان خذ قسطا من الراحة ثم ربتت على كتف كيت و خرجت . اعتذر اريك لكيت عما رأته لكنه اقسم بانه لم يقبل كريستينا بل هي فعلت ذلك لتغيظ كيت . و اعذرته كيت لانه كان ثملا و قالت :
كل ما يهم الان انك لم تمت و بخير اريك .
ابتسم بضعف و قال :
هل تعنين ماتقولين ؟
اعني ذلك بكل معناها .
شعر بالارتياح و قبلته كيت . بعد ان تاكدت من انه على ما يرام عادت الى االسكن واراحت ضميرها .
لكن الينا لم تستطع ان ترتاح قبل ان تتحدث مع اليكس بشان الزواج. في الظهيرة ارسل لها اليكس رسالة يقول فيها بانه سيقابلها عند المدخل الثالث في الكلية في السابعة مساء.
مرت سيارة كومارو بيضاء الى جانبها و توقفت على بعد امتار . ترجل اليكس من السيارة و بدا ببدلته السوداء وسيما للغاية . قالت له الينا :
بشان ما قررناه الليلة الماضية ...
تراجعت عن الكلام بعد ان قبلها و قال بحماس:
هيا بنا . لقد حجزت لنا طاولة في مطعم ستريفلوز .
صعدت الى السيارة و وصلا الى المطعم بعد نصف ساعة فقط , خلال انتظارهما لطلبهما قالت الينا بعد تفكير:
اليكس بالنسبة ... بالنسبة لما قررناه الليلة الماضية , انا متاكدة انه بعد التفكير في الموضوع وصلت الى القرار نفسه , انها فكرة غير مجدية ؛ اقدر اقدامك على هذا الشيء النبيل لكنه لن ينجح و من غير الضروري ان ..
هل تقولين بأنك تتراجعين عن قرارك؟ قاطعها بينما هي تبحث عن الكلمات .
اخذت نفسا عميقا و قالت :
نعم .
حسنا. هذه خسارة كبيرة لاني قررت ان نذهب لزيارة عائلتي في نهاية الاسبوع , كنت قد هاتفتهم اليوم و اخبرتهم عن ارتباطنا و هم متحمسون جدا للقائك .
اهلك؟ نظرت اليه برعب و قالت :
لم تقل ان لديك اهل .
انفجر اليكس من الضحك و قال :
معظم الناس لديهم اهل عزيزتي .
هل قلت لهم انني ... ؟ هل اخبرتهم عن .... ؟
لا. وضع يده على بطنها و قال :
اعتقد انه يجب ترك الامر للمستقبل و اعتقد انه عليك ان تاخذيني الى ادمونتون لاقابل اهلك . اليس كذلك؟
رفعت عينيها المضطربتين لتلاقي عيناه :
لست واثقة من أني استطيع خوض هذه التجربة اليكس.
بلى يمكنك ذلك . قال بجدية و أضاف :
ساكون دائما الى جانبك . اما الليلة فعلينا ان ننسى كل هذا و نحتفل معا بخطبتنا , و بالمناسبة عليك ان ترتدي هذا .
اخرج من جيبيه علبة بنية و فتحها أمام ناظريها ثم وضعها على الطاولة و امسك بيدها اليسرى و اخرج الخاتم , وضعه في اصبع يدها و قال :
اصابعك صغيرة جدا لكنه يليق بك جدا .
حدقت الى الخاتم و الذي كان مزيجا من الالماس و الاحجار الكريمة واغرورقت عيناها بالدموع قالت و هي تمسح الدموع بيدها الاخرى:
لست كثيرة البكاء في العادة . انا آسفة .
اعرف .تعالي لنرقص.
حاولت التفكير بتلك الليلة كموعد غرامي لكنها استمتعت قليلا اذا انها ادركت كم هي الحقيقة صعبة و مؤلمة . ستكون زوجة اليكس لكنها كانت سعيدة لانها في نهاية الاسبوع ستذهب الى منزل والدايها.
اه لو كانت علاقتهما علاقة غرام حقيقة لكانت شعرت باجمل احساس و هي تعرف الرجل الذي تحب بالناس الذين تعزهم و لكنها تشعر بالاذلال في خداع والدها و هذا ما جعلها تشعر بأنها رخيصة و غير سعيدة .لكن ان كان اخذ اليكس الى والديها شيئا سيئا فالذهاب الى اهله اسوأ.
في بيت اهلها كان اليكس مرتاحا جدا و قد احبه و الدها كثيرا . إنما في الاسبوع التالي عندما حان موعد ذهابهما الى اهله شعرت بأنها مريضة جدا مما لم يساعدها كثيرا .
ارتاحي. حاول اليكس ان يطمئنها :
سيحبونك كثيرا .
اجل سيحبونها لاجله لكن من اين أتى بهذه الفتاة الضعيفة . لم تحب الينا هذا التشبيه عن نفسها و عندما و صلا الى بيت اهله في لوس انجلوس جاء القدر ليساعدها فرفعت شعرها عندما خرجت من الطائرة و رفعت ذقنها متحدية هذا اللقاء .
كان اهله لطيفين معها للغاية و خاصة اخته مونيكا و التي تكبره بثلاث سنوات . كانت الينا تعرف انها في محاكمة و عليها ان تبقى قوية حتى ينتهي ذلك النهار , اخيرا عندما انتهى النهار انكمشت الينا في مقعدها في الطائرة . نظر اليها اليكس و مد يديه و ضمها اليه :
لقد كنت رائعة الين . انا فخور بك .
تنهدت بعمق ثم وضعت راسها على كتفه و قالت:
لن نقوم بمواعيد اخرى اليس كذلك؟
ضحك و اجابها :
ما من مواعيد يجب القلق منها .
حسنا. لا اريد ان امر بهكذا لقاء.
الان و قد انتهت المواجهة , شعرت الينا بالنعاس و قررت ان تنام . انكمشت اكثرفي مقعدها و غطت في نوم عميق . كانت ما تزال نائمة حين هبطت الطائرة في مطار تورنتو . فك اليكس حزام الامان منها و نظر الى وجهها الذي تبدو عليه البراءة , ظهرت نظرة فرح على عينيه قبل ان ينحني ليقبل وجهها و يوقظها.
استيقظت ببطء و تمتمت ببعض الكلمات . عندها ادركت ان اليكس يقبلها و مدت ذراعيها حول عنقه معيدة له القبلة بشغف . لم تلاحظ اين كانا إلا عندما قبلها بعمق.
فابتسمت و جلست قائلة :
آسفة . لقد كنت نائمة طوال الرحلة . لابد انها كانت مضجرة بالنسبة لك .
رد بتهذيب :
ابدا .
رافقها الى الباب و سالها قبل ان تدخل ان كانت تريد ان يبقى معها لكنها شعرت بالتعب و هزت راسها نفيا بينما خانتها الكلمات لتقول لا.
حسنا . تصبحين على خير علي ان اذهب غدا الى كنغستون و لن اعود قبل السبت القادم , سننهي خططنا للزواج عندها .
حسنا . نعم . تصبح على خير .
شعرت بان كلمته الاخيرة كانت تهديد لانها رفضت تحقيق رغبته في الزواج . كان اليكس يريد حفل زواج ضخم و ان يقيماه في لوس انجلوس وان يكون لهما زواجا ابيضا رائعا .
لكن ارتداء الفستان الابيض كان بالنسبة لالينا امرا مزعجا , كمان انه خطا و لاشيء يمكنه ان يقنعها بعكس ذلك اضافة الى ان زواجهما غير مبني على الحب و هذا احد الاسباب التي لم تقلها علنا ابدا.
عندما عاد اليكس مساء السبت كانت هي مستعدة لتناضل من اجل فكرتها . كانت جاهزة لترفض ان حدث عكس ذلك لكن جاء اليكس عندئذ ليدير عجلة القيادة كما يشتهي هو .
لقد حجزت لحفل زفافنا بعد أسبوع من الان. السبت القادم .
هل فعلت ؟ الم يكن بامكانك سؤالي حتى ان كان مناسبا لي ؟
اجاب بسخرية :
طبعا . إلا ان كان لديك ارتباط اهم فبامكاني الغاء الحجز .
ضحكت و تفاجا من ذلك ثم قالت :
لا ليس لدي ارتباط مسبق. شكرا لانك عدلت عن فكرة الزواج الضخم فلا اعتقد انني قادرة على ان ارتدي فستانا ابيضا و اسير أمام المدعوين و هم يتساءلون , ليس عندما .... لوحت بيدها واضافت :
حسنا. انت تعلم عندما تكون خدعة .
ارتسمت نظرة حزن على و جهه و لكنه فسر ذلك عندما قال :
لقد هاتفت والديك و كذلك عمتي و زوجها و اخبرتهم اننا نريد احتفالا بسيطا . سيكونون جاهزين .
لم يكن لك الحق لتفعل ذلك . صرخت الينا :
سوف يعلمون . ربما هو يتساءلون الان .
اجل. اتوقع ذلك . اجاب اليكس بهدوء .
تحول صوتها الى همس و قالت :
ماذا قالوا لك؟
اخذت و سادة و دست راسها فيه ثم استانفت القول :
سيقتلني ابي .
بالتاكيد سيوجه المسدس نحوي فقد قال لي انه رامي ماهر .
سحب الوسادة منها و شدها نحوه ووضعت راسها على كتفه ثم قال :
سوف يعلمون يوما ما . و لا تقلقي سينتهي الامر بعد عدة اسابيع , و لكني اعتذر لانه علي ان اطير الى ايطاليا في الاسبوع المقبل ولن نقدر ان ناخذ وقتا لشهر العسل.
نظرت اليه بقلق لكنه قال :
لا عليك اعدك باني ساخذك الى مكان مميز في القريب العاجل .
ابتسمت و قالت :
سيعجبني ذلك . ثم نظرت الى الغرفة من حولها و اضافت :
سافتقد هذا المكان .
اجل انا متاكد من ذلك . و لكن منزلي سيكون مناسبا .
فكرت الينا و هي تتساءل ؛ساكون السيدة اندرسون و الطالبة العسكرية الينا بيترسون لن تكون إلا طيفا من الماضي . ساكون زوجة اليكس ووالدة ابني و ابنة اهلي و لكن اين ساكون انا ؟
بم تفكرين ؟ سالها اليكس .
التفت اليه و حدقت فيه و هي تفكر . كم هو وسيم , سيتزوجان و لكن لن يكونا حبيبين بكل ما للكلمة من معنى .
ملأها الشعور بالاسى و قالت ببطء :
سنتزوج و لن يكون هناك لا انا ولا انت .؟
لا.
رفع يده و ابعد شعرها عن وجهها و بدا يقبلها واستجابت على الفور و لكن فجاة ابتعدت عنه و قالت :
سنتزوج بعد أسبوع .؟
اجل . هل هذا يخيفك ؟
لا. بل ساكون في انتظار ذلك اليوم ...
كان يوما جميلا للزواج. مع ان الينا لم تنتبه للطقس كثيرا كانت عيناها متعبتان بسبب قلة النوم و والداها كانا قد قضيا الوقت بالتجوال في مدينة لوس انجلوس قبل ان يتوجهوا الى الفندق.
كان والدها صريحا في كثير من الاحيان لقد كان غاضبا بينما كانت والدتها مستاءة . " كان يمكن ان تحصلي على حفل زفاف افضل من هذه المسالة السخيفة " ردد والدها كثيرا ذلك لكنها تمكنت من اسكاته دون ان تفكر بما تقول :
عليكما ان تفرحا لانني ساتزوج. انا لم ارد... لم تكن فكرتي .
شعرت بانها كانت وقحة مع والدها لكنها تساءلت و هي تبدل ثيابها ما اذا كان اليكس يواجه نفس المشاكل مع اسرته .لكنها رات انه رجل واثق من نفسه و قوي أيضا ليتدبر امر نفسه.
لبست بحذر الثياب التي اطالت في اختيارها , ليس لقلة الاختيارات في المدينة بل لأنها لم تشعر و كانها عروس لذا لم تر أي شيء جميل .
في النهاية قررت ان ترتدي بدلة مع جاكيت ازرق و لم تقاوم رغبتها في وضع قبعة زرقاء تناسب ثيابها قوف شعرها البني بل و بدت انيقة للغاية.
التقى اهلهما لأول مرة و حاولوا ان يبدوا سعيدين . كانت طوال الليل تحدق في وجوه المدعوين الهادئة اشكالهم و كانهم في عزاء و ليس حفل زفاف .
بعد انتهاء الحفل وقفا لياخذا صورا تذكارية و توجها بعدها الى مطعم قريب لتناول الغداء , فعل الاهل ما بوسعهم ليتفاهموا لكن والد الينا كان تاجرا و زوج عمة اليكس كان فلاحا لذا كان لديهما القليل المشترك .
سالتها والدتها :
هل انت متاكدة من انك تفعلين الصواب الينا؟
اجل امي و ضحكت بينما كانت تلامس بنعومة إحدى الازهار الوردية في الباقة التي قدمها لها اليكس.
بعدها بقليل تلا اليكس خطابا قصيرا و هو يشير اليها كزوجة بشكل متكرر مما جعل الامر غريبا . كان امرا مريحا حين طلب من المدعوين الرحيل . خارج المطعم تعانقت الينا و صديقتيها و كذلك والدتها وودعت الجميع ثم صعدت سيارة الكومارو مع اليكس.
بعد ان وصلا الى الفندق و شربا الشاي معا خرجا و تمشيا معا يدا بيد و تظاهرت الينا بانهما يحبان بعضهما البعض , شعرت بالرضى لفترة و جيزة لم لا يكونا هكذا دائما؟
عند مغيب الشمس عادا الى الفندق و غيرا ثيابيهما لتناول العشاء . رفعت الينا شعرها و ارتدت ثوبا من المخمل الاحمر مع حزام اسود يطوق خصرها الذي كان لا يزال رفيعا بينما ارتدى اليكس كعادته البدلة السوداء و لكن بدون ربطة عنق .
كان الطعام لا يزال شهيا لكن الينا تناولت منه القليل . لم يمر وقت طويل حتى امسك اليكس بيدها فرفعت نظرها الى وجهه . رات في عينيه نظرة حب و شوق , وقفا ولا يزالان ينظران في عيني بعضهما , شدها من يدها و خرجا من القاعة وهو يضع يده حول خصرها و يجذبها اليه .
كان الضوء خافتا في غرفتهما حين سحب اليكس دبابيس شعرها و تركه ينسدل على يديه . وقفت بلا حراك و اغمضت عينيها في حين بدأت لمسات اليكس و قبلاته تزداد حميمية , تسارعت انفاسها ثم قال لها بشوق :
انت جميلة جدا الين .
فجاة شعرت بالتوتر و بياس , حاولت ان تتحرر من التوتر العصبي الذي اصابها و لكنها ابتعدت عنه فجاة و هربت الى زاوية الغرفة و انكمشت على نفسها مرتعشة .
دهش اليكس لبرهة ثم قال :
ماذا تظنين نفسك فاعلة ؟
انا متاسفة لكني لا استطيع فعل ذلك.
ماذا تعنين ؟ سالها بغضب .
حاولت الينا ان تبتعد عنه لكنه امسك برسغها و بقوة :
لا اعرف كل ما اقوله أني لا استطيع ذلك الان. و تابعت بحزن :
اتركني أرجوك .
حدق بها بتهجم و قال :
عليك ان تقرري الين لانك زوجتي و ستكونين زوجتي بكل ما للكلمة من معنى .
قطعا فرصتهما و عادا الى تورنتو في الصباح التالي . اخذ اليكس حقائبهما الى منزله و بعدها توجه الى قاعدة برادلي . منذ اليوم الاول اتخذت الينا قرار ان لا تشاركه غرفة النوم لذا اخذت الغرفة الثانية . كانت على علم بان اليكس لن يترك الأمور على طبيعتها لذلك تركت نهاية الأسبوع هو الحد الفاصل بينهما . إما ان تقابله في منتصف الطريق أو ان اليكس سيجبرها على قرار لا تريده . كان يتصل بها كلما سنحت له الفرصة .
في نهاية الأسبوع اتصل في منتصف النهار و اخبرها بأنه سيعود الليلة و سيتناولان العشاء معا في المنزل . استجمعت الينا أفكارها و قوتها لكنه اتصل لاحقا ليخبرها انه سيتاخر و ربما سيعود بعد منتصف الليل .
شعرت بالارتياح على عكس ما كانت تتوقع , في السابعة مساءً شعرت بالجوع و حاولت ان تهيئ لنفسها شيئا تاكله لكنها لم تجد شهية لذلك .
اخذت معطفها و مشت نصف ميل تقريبا الى اقرب مطعم ايطالي و طلبت طبقا من المعكرونة .
شعرت بان الهواء أصبح باردا حين خرجت من المطعم فقد كانت تمطر طيلة النهار . احست بأنها اكلت كثيرا لان محيط تنورتها بدا يضيق عليها أو ربما ان الطفل بدا ينمو . مشكلتها مع اليكس لم تترك لها مجالا لتفكر بالجنين و لم تتبضع له و لم تختر له اسما حتى . هناك الكثير من الوقت لذلك . قالت ذلك لنفسها و أضافت :
علي ان أكون متواجدة في المنزل الان لتواجه زوجها حول حقوقه الزوجية ... الحقوق الزوجية .. هذا المصطلح القديم اشعرها بالضحك .
دخلت الى المنزل و خلعت معطفها ووضعته في اقرب اريكة , شعرت بان هناك شخصا ما في المنزل .
اليكس هل انت هنا ؟
لم يجب عليها احد . اعادت تكرار السؤال لكن لم يجب احد . شعرت بحركة خلفها و التفت بسرعة فاصطدمت بشخص طويل ملثم . امسك بها الرجل ووضع على فمها و انفها منديلا .
بعد نصف ساعة استيقظت الينا و هي مكبلة اليدين و القدمين . شعرت برغبة في الصراخ لكن كانت هناك عصابة على فمها , لم تتمكن من التحدث و لا أي شيء . بكت صامتة و خائفة . لقد استعادت ذكريات الماضي ..
تمنت لو ان الكيس معها لم تكن لتخاف هكذا أما الان و هو بعيد عنها الاف الكيلومترات فكيف له ان يعلم بما يجري لها . اربعة رجال ملثمين طويلي القامة قويي البينة , رؤية احدهم كانت كفيلة بان ترعبها اكثر من أي شيء .
جلس احدهم الى جانبها على الاريكة و مسح دموعها بينما اشاحت بوجهها عنه. امسك بذقنها و اجبرها على النظر في عينيه . ضحك بسخرية ثم قال :
اعرف ان لا ذنب لك لكن زوجك هو المذنب .
لم تعرف ما السبب الذي يعرضها للاختطاف و لاسيما في منزل اليكس . لابد ان هؤلاء الرجال كانوا يراقبونها و ينتظرون فرصة ذهاب اليكس لكن لم ؟؟ ما السبب ؟
احضر احدهم حقيبة جلدية سوداء و اخرج منها عدة اسلحة نارية و عبئها ثم اخرج عدة متفجرات و وضعها في عدة زوايا في الغرفة و الغرفة المجاورة و حديقة المنزل . فخخو المنزل كله بمتفجرات ,
اتصل احد المجرمين باليكس و فتح مكبر الصوت وهدده بقتل زوجته ان لم يحضر بنفسه و معه مليون دولار فدية لدم قائدهم الذي قتله اليكس قبل خمس سنوات تقريبا.
صدم اليكس حين سمع الصوت و قال بلهجة تهديد غاضبة :
اسمع ايها الوغد مالكوم ان لمست شعرة من شعرات زوجتي فساقتلك بيدي و اعدك بان تموت ببطء.
ضحك المدعو مالكوم و قال :
هل تريد ان تتحدث معها ؟.
طلب من احدهم ان ينزع عنها العصابة قالت و هي تبكي و صوتها ابح :
اليكس ما الذي يجري ؟
لا اعرف حبيبتي لكن اريدك ان تبقي هادئة اتفقنا .؟
اليكس أرجوك نفذ ما يطلبون .
حسنا . عليك ان تثقي بي .؟
هزت راسها و هي تبكي ثم قالت :
حسنا .
اعادوا العصابة الى فمها .ثم اخذ السماعة وساخرا :
يا للحب ! ان اردت ان تراها مجددا فاحضر مليون دولار خلال ساعتين و اغلق الهاتف .
قطعوا الاسلاك و حطموا الهواتف الخلوية و تواصلوا مع اليكس عبر اتصال ارضي امن .
حطم اليكس الهاتف الذي كان على مكتبه و بعثر الاوراق و الملفات من شدة الغضب و صرخ :
لم الين ؟ لم هي بالذات ؟
دخل صديقه الملازم دانييل و صدم مما راه :
ما الامر اليكس .؟
كان اليكس ينظر الى الارض عندما دخل دانييل و ساله .نظر اليه بحزن عميق و قال:
مالكوم عاد و هو يحتجر الين .
صرخ داني :
مالكوم ؟ هذا غير معقول .
بلى اسمع . و اسمعه الحديث الذي دار بينه و بين مالكوم قبل لحظات .
بدا الملازم دانييل غاضبا أيضا لكنه جلس و سال اليكس :
اعرف انه ليس الوقت المناسب اليكس لكن اخبرني ما قصتك بهذه الفتاة ؟ أراهن انها الفتاة التي أخبرتني عنها ذات مرة !
جلس اليكس بدوره و قال:
انت محق. انه ليس الوقت المناسب.
لكن ما الامر بينكما ؟ هكذا فجاة تعلن عن زواجك بها اليكس . منذ متى و انت تخفي عني اسرارا.؟
داني! ربما انا اخفي عنك سرا اجل لكن هذا لا يعني أني لا اريد اخبارك . كل ما اريده الان هو سلامة الين . زوجتي. اتفهم؟
اجل بالطبع كنت سافهم لو كنت تحبها..
قاطعه اليكس :
انا احبها . هل هذه مشكلة. ربما هي لا تعرف لكني احبها داني و لا اريد لذلك المعتوه ان يؤذيها .
صمت داني للحظات ثم قال :
لا باس. لكن هناك امرا يجعلك غاضبا لهذه الدرجة . توجه الى الباب ليخرج و أضاف:
ساخبر الجنرال جورج بالامر .
قبل ان يخرج قال اليكس هامسا :
اخشى ان افقدها داني , ليست هي وحدها بل أيضا طفلها .
بدت الصدمة على وجه داني و سال بدهشة :
اتقول لي بأنها حامل اليكس.؟
اجل داني . كنت ساخبرك بالامر بطريقة افضل لكن الوقت سيئ الان بالنسبة للكل .
كان اليكس محبطا بحق و حزينا للغاية لم يتصور ان عصابة اندي ستعود ذات يوم بقيادة مالكوم ذراع اندي اليمنى لتنتقم منه لانه قتل اندي فقط . ليس منه فحسب بل من الينا, انه لا ذنب لها لكنها تدفع ثمن عمليات اليكس التي لا تعرف شيئا عنها .
ربت داني على كتف صديقه و قال مطمئنا له :
اليكس سننقذها . لا تقلق . اعدك بذلك .
ذهبا و اخبرا الجنرال جورج بما حدث و ما يحدث .
طلب اليكس خصيصا ان يتولى القضية لأنها شخصية بالنسبة له و لهذا السبب تحديدا رفض الجنرال ان يوليه القضية بل ولى دانييل بدلا منه و لكنه سمح له بان يكون عضوا في المجموعة التي يختارها دانييل.
نسقت قاعدة برادلي مع بعض الجهات المحلية و محققين كانوا يحققون في قضايا اتهمت بها عصابة مالكوم . طلب من مالكوم ان يطلق سراح الينا و بعدها يعرض طلباته و سيتم النظر فيها .
رفض مالكوم الحديث عن اطلاق سراح و كاد ان يجن اليكس , طوق المنزل و غرفة العمليات الداخلية للقوات كانت في حديقة عامة على بعد خمس مترات من المنزل .
احضر اليكس حقيبة بها مليون دولار نصفها اوراق نقدية و النصف الاخر على شكل شيكات .كما طلب مالكوم لكن اليكس لم يكن واثقا من الحالة الصحية لإلينا فقرر ان يدخل و طلب ذلك من داني قبل مالكوم:
اسف اليكس لن اسمح لك بالمخاطرة بعمليتنا.
ليست مخاطرة داني انها زوجتي و تهمني اكثر من عمليتكم لذا دعني اتواصل مع هذا الرجل و أحاول الدخول.
لا. اليكس انا الامر هنا و لا يمكنني ان اسمح بذلك.
صرخ غاضبا :
اتعلم شيئا داني ؟ انا متاكد انه سيكون هناك اطلاق نار كثيف و لكن سلامة الين ستكون مسؤليتك اسمعتني ؟ ان حدث لها مكروه فانت السبب بلا شك . و سانتقم من كاثي.
اكتفى داني بالنظر الى وجه اليكس فهو يعلم جيدا ان اليكس لا يعني ما يقول إنما هو قلق فقط .
أصبحت الساعة تقارب منتصف الليل و الازمة مستمرة و الين لا تعرف السبب لما يجري . كانت خائفة من الموت و لم تكن مستعدة لذلك . لقد تزوجت قبل أسبوع فقط و كانت تستعد لتربية طفل طالما حلمت بتربيته لكن الان و أمام ناظريها ترى كل شيء بنته و هو في طريقه للانهيار . اه طالما كرهت حياتها المتعلقة بذكريات الماضي لكن ماتراه الان ليس ماضيا يتعلق بمال والدها بل هو ماض يتعلق بماضي زوجها الذي لا تعرف عنه شيئا .
كانت الخطة التي رسمها الملازم داني تقضي بالهجوم على المنزل من ثلاث جهات هي الغرب و الشرق و الشمال . كان المختطفون في غرفة الضيوف الامامية و لم يكن لديهم اجهزة مراقبة عالية الدقة ليعرفوا ما يجري في الخلف . دخلت ثلاث فرق المنزل و مشطت الجهة الشمالية والشرقية والغربية و استطاعوا تحديد اماكن المتفجرات في تلك الجهة ثم ازالوها .
أصبح المنزل امنا الا الجهة الامامية منه لكن الامر الذي كان يخشاه اليكس هو ان الينا موجودة مع الخاطفين في الغرفة . كان من بين الخاطفين امراة ولذلك اضطر اليكس ليمرر صورة لإلينا بين الجنود حتى يميزوها عن تلك المراة .
عرض اليكس مرة اخيرة على مالكوم ان يطلق سراح الينا ووعده بان يسلمه حقيبة النقود في اللحظة التي تخرج فيها زوجته من المنزل , قبل مالكوم هذه المرة شرط اليكس و فتح باب المنزل طالبا من اليكس ان يضع النقود على عتبة الدرج بينما ظهرت الينا مقيدة اليدين خلف مالكوم . شعر اليكس بالذنب حين راها بتلك الصورة المثيرة للشفقة , انه مسئول عن ما يجري لها و ما زاد من المه انها كانت تتوسل له بعينيها ان ينقذها.
وضع اليكس النقود و تفحص رجل ما الحقيبة و حين تاكد من المال سمح لإلينا بالخروج . لم يسمح لاليكس بالتقدم خطوة لذلك كان منتظرا بفارغ الصبر لحظة وصولها اليه .
عندما هبطت الدرج سحب مالكوم مسدسا ووجه الى راس الينا صرخ اليكس :
انبطحي الين .
بينما صرخ داني :
الان. اهجموا .
سقطت الينا على الارض و زحفت باتجاه الحديقة و احتمت بجدران المنزل. حاولت جاهدة ان تفك يديها و لكنها و بشكل مفاجئ وجدت مالكوم يقف إمامها وهو يبتسم بخبث ثم قال:
علي ان اعترف بان زوجك ذكي . لقد استطاع خداعي و الايقاع بي.تماما كما فعل قبل خمس سنوات .
هل الخدع من عاداته ؟
امسك بشعرها و شده بقوة للخلف ثم أضاف :
لقد كانت نقودا مزيفة . لا اعرف كيف اوقع بي لكنه فعل ذلك . ثم وضع المسدس على عنقها و قال :
ساقتلك بابشع طريقة لكن لا تقلقي لن تتالمي كثيرا .
بينما كانت تحدق فيه متوسلة ان لا يفعل و خائفة سمعت صوت طلق رصاص . اغمضت عينيها و اعتقدت انها توفيت لحظة لكنها شعرت بأنها مازالت تتنفس ففتحت عينيها ببطء ووجدت مالكوم على الارض و دمه على الارض. رفعت راسها ووجدت اليكس يقف أمام مالكوم و الحقد و الغضب بادٍ على عينيه ثم قال له :
حذرتك من العبث معي مالكوم لكنك لم تتعلم الاصغاء ..
انحنى امامه وقرب وجهه منه ثم اضاف :
انظر جيدا .. انها زوجتي و ليست زوجة مارك ماكنزي . هل ترى ؟؟
كان مالكوم يتنفس بصعوبة , ابتعد عنه اليكس واستانف القول :
اعدك بان لا توذي امراة اخرى ثم أطلق عليه رصاصة الرحمة و خلصه من عذابه . رمى المسدس فوقه ثم اتجه الى الينا ونزع العصابة من فمها فيما انفجرت هي باكية. فك قيد يديها و جذبها الى صدره و عانقها . ظلت تبكي على كتفه و هو يهدأها حتى هدأت . اخذها الى داخل المنزل لكنها رفضت الدخول و قالت بان المنزل مليء بالمتفجرات . اخبرها بان الجهة الخلفية من المنزل امنة و بانهم نزعوا منها كل المتفجرات .
شعرت الينا بسعادة داخلية لان الازمة انتهت و لم تصب باذى كذلك اليكس لم يصب باي اذى .
سألته بحزن:
الم تقل بأنك ستتاخر ؟
بلى عزيزتي. ابعد شعرها عن وجهها و اضاف :
لكن ليس في ايطاليا إنما في المكتب حين اتصلت بك و اخبرتك اني ساتاخر لقد تلقيت اتصال مالكوم هناك ايضا.
نظرت اليه بحب و قالت :
أشكرك لانك انقذت حياتي . ابتسمت ثم أضافت :
انها المرة الثانية التي تفعل بها ذلك.
ابتسم بدوره و قال:
يسرني ان انقذك الين . طبع قبلة على جبينها و أضاف :
حمدا لله انك بخير.و شدها الى صدره مجددا .
دخل داني الى الغرفة و القي نظرة عليهما , ابتسم حين راهما معا و ابلغ عن نجاح العملية :
الرهينة بخير و لم يصب احد من الفريق . قتل احد المختطفين فيما القي القبض على الباقين .
بينما كان اليكس يعانقها شعرت بالم فظيع جدا في بطنها ,سالها اليكس عن ما اصابها لكن لم تتمكن من التحدث من شدة الالم فاكتفت بالصراخ نقلت الى المستشفى بعربة اسعاف و ادخلت الى غرفة الطوارئ اجريت لها بعض الفحوص و اثبت الطبيب انها بخير غير ان :
غير ان ماذا ايها الطبيب؟ سال اليكس بفزع .
هناك مشكلة في الحمل . لابد من اجراء عملية .
مشكلة ؟؟
اجل سيد اندرسون. زوجتك لا يمكنها الاحتفاظ بالطفل لان حملها خارج الرحم .
إلا يمكن فعل أي شيء يحول دون اجهاض الحمل ؟
للاسف لا .لو كنا اكتشفنا الامر باكرا لكان من الممكن إما الان فلا لأنها وصلت مرحلة الخطر الشديد .
اااااه. و ضرب اليكس بقبضته على احدى المكاتب و تمتم " يالها من ليلة سيئة ".
ساله الطبيب :
هل نجري العملية سيدي ؟
لم يتحمل اليكس سماع صراخ الينا اكثر فقال بتذمر :
اجل . اجل , فقط ارحها من الالم .
اجريت العملية لإلينا و اضطرت الى فقد طفلها . الطفل الذي احبته و قررت ان تربيه. الطفل الذي جمعها باليكس . حين استيظقت من الغيبوبة التي كانت فيها بسبب العملية سالت عن اليكس و اخبرتها الممرضة انه ترك المستشفى قبل قليل شعرت بخيبة و حزن ولكنها وجدت كلير و كيت .
الينا ؟ صرخت كيت و قالت و الدموع على عينيها :
حمدا لله انك بخير . سمعنا ما حصل لك في الاخبار.
ابتسمت بهوان و قالت :
حقا ؟ لم اعلم ان المكان كان به صحفيون .
اجابت كلير :
كانوا هناك و ينقلون الحدث مباشرة. لكن المهم انك بخير.اتعلمين لقد نقل الخبر في جميع وسائل الاعلام المحلية و كانت العناوين تقول " تعرضت ابنة التاجر الكندي المعروف جيم بيترسون و زوجة الملازم و الطيار اليكساندر اندرسون [الينا]الى الاختطاف اليوم في منزل الملازم" كان الجميع يتحدث كمن فقد الامل في بقائك حية .
ضحكت الينا و قالت :
أرجوك كلير كفي عن قول ذلك .
حسنا عزيزتي . ما سبب العملية ؟
اخبرتهما الينا بانها فقدت طفلا بسبب حمل خارج الرحم .حزنا للأمر لكن هذا لم يمنعهما من البقاء معها طيلة ذلك اليوم و لاحقا اتصلت بوالديها و طمانتهم على حالها.
بعد اربعة أيام في المستشفى عادت الينا الى منزل اليكس ووضبت حقائبها فقد انتهى كل شيء يربطها باليكس الان . جلست قرب للنافذة في مكانها المفضل فالنظر الى الخارج و تامل القمر يشعرها بالهدوء و يخفف عنها الضغوط . لقد خسرت طفلها و عليها الان ان تفكر بطريقة ما لتدع اليكس يسير في طريقه و ان ينفصلا بطريقة لا يجعله يكرهها لاحقا.
سمعت باب المنزل يفتح لحظات و دخل اليكس ووجهه متهجم و يبدو عليه التعب و كانه لم ينم طيلة أسبوع :
فكرت انني ساجدك هنا.
لم افعل ذلك عن تصميم .
ربما . قال بالم و حسرة :
لقد فقدنا الطفل .
اجل لقد فقدناه . حولت نظرها عن نظره و لكنه ضرب الحائط بقبضته و اغمض عينيه و هو يحاول ان يسيطر على المه و خسارته.
تمنت الينا لو تذهب اليه و تعانقه وتواسيه بكل ما لديها من احساس لكنها بقيت في مكانها شاحبة اللون و انتظرت حتى يسيطر على نفسه و اعصابه . التفت بهدوء ثم قال :
ماذا عنا الان؟
اعتقد اننا سنرجع الى البداية و نظرت اليه .
جلس على اقرب اريكة و قال بحسرة :
كنت اعلم ان هذا سيحصل .
نظرت اليه بغرابة و قالت :
ماذا تقصد؟
كنت اخشى ان ننفصل . شعرت بحزن عميق حين اخبرني الطبيب بان العملية لابد من اجرائها . حزنت لفقداني طفلي نعم لكن ما حطم قلبي هو أني سافقدك .
هل قلت ما اعتقد انك تقوله؟
اجل. في تلك الليلة عندما علقنا في العاصفة و حدث ما حدث علمت حين استيقظت اننا لم نكن متاهبين لذلك . فكرت ان كوني طيارا سيقلب حياتك و لذا السبب فقدت كل فرصة للفرح.
ظننت انك تركتني لانك كنت غاضبا و مشمئزا مني و تمنيت لو لم يحصل شيء بيننا.
و انا فكرت انك كنت باردة جدا معي لنفس السبب.
نظر اليها و قال :
في اليوم الذي اخبرتني فيه انك حامل كان يجب علي ان اتعلق بك بشدة قبل ان يدفعك غرورك الاحمق الى مواجهة الامر وحدك .لم تغادري افكاري منذ اللحظة التي التقيتك بها الين .
حدقت به غير مصدقة و قالت :
لمَ لم تخبرني؟
لاني كنت خائفا ان أخبرك. انت فتاة متفوقة و لديك احلامك الين لم اشأ ان اتطفل عليك .
جلست الى جانبه و قالت :
هناك دائما مكان لك في قلبي لكن ..
اجاب بحزن بدلا عنها :
لا يمكنك البقاء متزوجة مني لاني عسكري فقط و لن تعيشي حياة جيدة.
حدقت به و قالت :
لا اريد ان اجرحك اليكس لكن اجد صعوبة في التاقلم .
قال :
و لهذا السبب قدمت استقالتي.
ماذا ؟ صرخت و اضافت :
لا يمكنك ان تفعل ذلك و تهدم حياتك المهنية من اجلي اليكس .
لا تهم حياتي المهنية .
لكنك تحبها و لا يمكنك التخلي عنها الان. اذا استمريت في النجاح ستكون وزيرا للدفاع في غضون سنتين.
امسك بيدها و قال :
لكني احبك اكثر منها و لا اريدك ان تدفعي دائما ثمن العمليات التي اقوم بها .
لم تتخيل يوما ان يقول لها اليكس " احبك" ليس هذه الكلمة بالذات لذا سالت غير مصدقة :
هل قلت انك تحبني ؟
اجل. اجاب بكل ثقة و أضاف :
احبك بجنون يا الين .
عانقته و قالت :
لطالما انتظرت ان تقول لي هذه الكلمة اليكس.
ابتسم وهمس في اذنها قائلا:
ساقولها دائما حتى تملي منها و بكل لغة اعرفها .
نظرت اليه و قالت:
لن امل مهما فعلت .
حدق بها قليلا و قبلها بشغف, اغمضت عينيها ببطء و اطلقت من حنجرتها اهة انفعال ثم طوقت ذراعيها حول عنقه وبادلته قبلاته . ابتعد عنها و نهض ثم مد يده لها . قامت و امسكت بيده و اخذها خارج المنزل فسالته :
الى اين ستاخذني ؟
لدي مفاجأة لك.
ادخلها الى السيارة ثم قادها بسرعة جنونية الى غابة مجهولة , سألته مجددا عن المكان الذي سيذهبان اليه لكنه لم يجبها بعد دقائق توقف عند حديقة صغيرة. نزل من السيارة و ربط عيني الينا بعصابة قطنية .بعد ذلك انزلها و قادها حتى دخلا الى مكان ما عندئذ نزع عنها العصابة وقال لها :
افتحي عينيك الان.
فتحت عينيها و صدمت حين رات المكان من حولها:
الكوخ اليكس..
ضحك و قال و هو يقف خلفها :
اجل . لقد اشتريته من اجلك. لم اشا ان تبقى تلك الذكرى أليمة ثم اعدت ترتيب المكان . طوق ذراعيه حول خصرها و همس لها :
أرجوك ابقي معي . لنتزوج من جديد الين .
أسندت ظهرها على جسده و قالت :
انت تعلم أني لا استطيع .
لقد استقلت و انا اريدك واعدك بان تكوني اسعد فتاة في البلاد .
شعرت بسعادة لم تشعر بمثلها من قبل , التفتت اليه و قالت :
فقط في البلاد اليكس . اريد ان اكون اسعد فتاة في العالم .
حسنا . ضحك و اضاف :
اطلبي ماشئت و سانفذ .
هزت راسها ضاحكة و قالت :
حتى لو لم تستقل لما كنت رفضت الزواج بك اليكس . كنت امزح فحسب .
قال من بين اسنانه :
أيتها المخادعة.
ضحكت ثم شدها اليه اكثر و قبلها.
توقفت عن تقبيله للحظات ثم قالت :
لست احتاج شيئا اكثر من وجودك الى جانبي اليكس . يكفي انك لي .
قبلها مجددا و حملها صاعدا الى الاعلى .. الى غرفة النوم التي جمعتهما اول مرة..:*