من أنا؟
ها أنتِ قد أستيقظتي مجدداً سيدتي...... أنتِ على هذه الحاله منذ ثلاثة شهور, مصابه بالحمى و فاقدة الوعي طيلة الوقت, تستيقظين كل يوم دقائق معدودة و تسأليني نفس السؤال ثم تفقدين الوعي بعد ذلك حتى اليوم الآخر, لكن سأجيبكِ مثل كل مرة.
أنتِ فتاة في عمر الزهور و ريعان الصبا, تدعى راتيشيا.... أكتشف والداكِ عندما كنتِ طفلة صغيرة أنكِ تحملين دماءٍ شيطانية و قوة غامضة لا يعلمان مصدرها , فأحتفظا بذلك السر و لم يخبرا به أحدا, و مؤخراً علم سحرة العين السوداء بسركِ عن طريق العرافة العجوز شانتا التي تنبئت قديماً بمولدكِ و التي كانت دوماً تحث سحرة العين السوداء على أكتشاف هويتكِ.
و بعد أن علم سحرة العين السوداء بهويتك قاموا بأختطافكِ بعد أن قتلوا والداكِ, ثم قاموا بجلبكِ إلى معبدهم السري الذي يدعى عين الظلام.
و لثلاث ليالياً متتالية, كنتي مقيدة في المعبد معرضة للجوع و الهوان, تنتظرين المصير المجهول الذي يخبئه لكِ سحرة العين السوداء الأشرار, حتى أتت تلك الليلة البغضية, و تم اقتيادك إلى القاعة السفلية من المعبد, الطقوس المحرمة عمت أرجاء المعبد, الجميع يترنم بتعويذات شيطانية وقد أتشحوّا بالسواد, يتوسطهم الساحر الأعظم جارثوث.
و هناك, سيدتي...... كبلكِ حفنه من الأوغاد على ظهر المذبح المقدس, الجميع يريد تقديمك كقربان لإرضاء آلهتهم الضالة , شارعين أيديهم إلى السماء يتقدمهم كبيرهم جارثوث و الشر يقدح من مقلتاه, يداه كشفتا عن خنجراً ضخماً , لوهلة ترى الشر يحلق في أرجاء المعبد , روحاً بريئة ستغادر هذه الحياة, من غير ذنب أرتكبته ولكن بهتان شياطين الأناس.
و هناك, سيدتي..... حدث مالم يكن في الحسبان, مقيدة إلى المذبح مطلقة صرخة جلجلت المكان, معجزة تفجرت و تصدعت لها جدران المحراب, السحرة أندثروا تحت أنقاض الأطلال, الكؤوس تكسرت و سالت منها الدماء , رائحة الموت فاحت في السماء, لوحات الأثم تحطمت تحت سيل من الأحجار.
و هناك, سيدتي..... ألتقيتكِ للمرة الأولى, غريب من بلاد النبلاء, شاهدتكِ فتاة ترتجف من هول الأحداث, رأسك مدفون بين ذراعيك تندبي حظ التعساء, نزلت من صهوه جوادي و الدهشة تعلّو محياي, وضعت يدي على كتفك و سألتكِ ما خطبكِ يا فتاة؟ الشمس قد غابت و السباع ترتع في الجوار.
و هناك, سيدتي..... ساد الرعب في نفس هذا الغريب المحتار, شاهدت عينا الشيطان في وجه ملاك تشعان بلون أحمر قان, يداي تنتفضان في ذعر و هول المفاجأة قد ألجمت فاي, هل هذا من وحي الخيال؟ أم هل أنا قد فارقت الحياة؟ هذا المنظر لن ينمحي من الذاكرة مدى الحياة.
و هناك, سيدتي.... أستسلمتِ إلى نوم عميق بعد أن أستكانت روحكِ, فحملتكِ على ظهر الجواد حتى بلغت مشارف الديار, أتخذت ملجأ و لازلت أضرب أخماساً في أسداس, أحمل سيفي خشية أنقضاضة مجهول في غيهاب الظلام, أو نهوض أظلال متمايلة في وقت الأسحار.
بعد ذلك, سيدتي.... أخبرتني بماضيكِ , و ما فعله السحرة الأشرار, و قد عادت عيناكِ إلى طبيعتهما, و عدتِ فتاة مثل أي فتاة في البلاد, و لكن سرعان ما بدأ المرض و الوهن بالسيطرة على جسدكِ , و أصبحتِ طريحه الفراش, الحمى تلازمكِ و تفقدكِ الصواب, جسدكِ بات هزيلاً و روحكِ تنزف شبابكِ رويداً رويداً.
و أنا أقف كالعاجز لا أعلم ماذا يحل بكِ يا سيدتي, حتى أتت الأنباء, و علمت أن الساحر الأكبر جارثوث نجا من الحطام , و ياللعجاب..... الحقد و الكراهية يجرشان فؤاده و يعميان بصراه, ألقى تعاويذة و حلت بكِ لعنه سلطان الظلام, سيدتي أضحت مسلوبة الحياة, تترنح بين واقع الأنام وبين عالم الأموات.
و هكذا , سيدتي..... أنتِ على هذه الحالة لمدة من الزمان, و أنا في بحثي عن كبير السحرة جارثوث, حتى أدق عنقه بنصل سيفي و أحرركِ من لعنه شيطان...........
ها أنتي قد فقدتي الوعي مجدداً, حسناً حتى نلتقي غداً مرة أخرى, سيدتي..... سأواصل بحثي عن الساحر جارثوث, و أنقضكِ من براثن لعنته و أنهي سلسه الأهوال, حتى تعود روحكِ إلى جسدكِ و تستقر هاهناك, أقسم لكِ إني لن أهنأ حتى أنهي هذا العذاب!
ملاحظة: هذا عمل مشترك بيني و بين شخص آخر