المنتدى :
التاريخ والاساطير
فاتنات الدنيا
فاتنات الدنيا أم أفاعي الزمان تسمية جذبت انتباهي حول تسمية كتاب للكاتب لأحمد الشنواني وكما يشير الناشر لأمر مهم ما الذي دعا هذا الكاتب ليخرج بكتاب عن النساء ليقول :
كيد النساء ....... أنا منه هارب
يتلفحوا بالحية ..... ويتعصبوا بالعقارب....
وذات مرة وعلى غفلة نابليون بونابرت الذي عشق زوجته جوزفين كثيراً رآها بحضن رجل آخر فماذا فعل بكى أمام ركبتيها وقال : أي سحر وأي جبروت هذا .........
(الصور مارضت تنزل سوووووري)
• وكليوباترا عندما أيقنت مصيرها المحتوم أحضرت أجود أنواع الأفاعي السامة لتختار بنفسها أشدها سماً وتضعها أمام رقبتها لتهديها قبلة الموت .
• وهيلين التي من أجل جمالها الفاتن نشبت حرب طروادة التي استمرت 40 عاما......
هؤلاء نساء فاتنات وأفاعي قلبن صفحات التاريخ وغيرن خارطة الأزمان وتركن بصمة على التاريخ ومن هنا تبدأ قصة هؤلاء الفاتنات وسأذكر في هذه المساحة أبرز هؤلاء الفاتنات ..
نبدا من البدايه .
. الفاتنة تيودورا
امرأة وصفت بأنها أغرب شخصية بالتاريخ ارتقت على عرش القسطنطينية ، حيث ارتقت من كونها خادمة ومن ثم راقصة في سيرك ، حيث نشأت نشأة دنيئة ، حيث كانت وهي في عمر العاشرة ترافق أختها الكبرى إلى أماكن الدعارة ولكن فاتنتنا لم تكن تدخل هذه البيوت في هذا العمر فاكتفت بانتظار أختها أمام باب الدعارة وعندما بلغت سن الثالثة عشر شاركت أختها المهنة ذاتها بل تفوقت عليها في بيع جسدها فقد كان همها هو جمع المال ، و أرخصت جسدها للنبلاء والأمراء ، وبلغت وقاحتها أنها تعرض جسدها كسلعة في مزاد فإذا كان لديها عميل وعرض غيره مالاً أكثر طردت الأول ورحبت بالثاني .
استمرت حياة هذه الفتاة بالتجوال فشاء القدر أن تتعرف على بعض المسئولين على مسارح المدينة واستطاعت أن تحقق نجاحاً باهراً فكان لديها قدرة عجيبة في تغيير ملامح وجهها بمهارة تدعو للضحك وفي ذلك يذكر المؤرخ " بروكويباس " أنها في إحدى المآدب سامرت عشرة ضيوف وثلاثين عبداً حتى أوشك الفجر على الشروق وكان الجميع مرهق عكسها تماماً كانت بكامل نشاطها "
و كان الحظ دائماً لجانبها وذات مرة دعاها النبيل "هيكيبولس " بعد تعينه حاكماً على إقليم بنى غازي فاستدعاها ورقصت حتى الصباح وفرح النبيل بوجودها حتى أنه دعاها لقصره وهمست له بمكر وخبث: " سأذهب القصر بصفة زوجة لك ".
فأجابها : " كلا فالقانون هنا يمنع زواج الحاكم من راقصة "
فعرضت عليه أن تكون عشيقته ، فوافق ولكن ومع مرور الأيام تسرب الملل والضجر إليها فقد كانت أفريقيا موحشة في ذلك العصر وهي معتادة على حياة اللهو والرجال وكان النبيل كثير الانشغال بأمور الولاية وكانت وحيدة بالقصر ولم يكن هناك من يؤنسها سوى جاريتها، وفي إحدى المرات قامت برشوة الجارية على أن تحضر الرجال في غياب الحاكم فوافقت ، وفي إحدى الليالي رآها الحاكم على خيانتها ورمى بها بالصحراء وبقيت تمشي على أقدامها على تلك الأرض القاحلة إلى أن وصلت الإسكندرية ولم يسمح لها الحارس بدخول البوابة وسحرته بابتسامة خبيثة فدخلت الإسكندرية بائعة هوى كالسابق وفي إحدى المرات تم القبض عليها بسبب مشاجرة على الطريق العام وتم وسم ظهرها بقضيب من الحديد ظل منقوشاً ودليلاً على ماضيها الحقير .
وجرى الزمان وما تزال فتاة الهوى تجوب البلدان ما بين إنطاكية وبيروت وحمص وغيرها من البلدان لتمارس الرذيلة ولما نزلت مصر كانت مصر تعيش صراعاً دينياً بسبب الإمبراطور أوجستين الجالس على عرش بيزنطة ومصر آنذاك الذي أراد فك الصراع ما بين الكنسية الغربية و الشرقية بجعل الأخيرة تنقاد لروما لفك الخلافات فرفض رؤساء الكنيسة الشرقية فقام باضطهادهم ، هم وبعض الأثرياء والنبلاء الذي تمردوا عليه وفي هذه الأثناء اتصلت تيودورا بالبطريك تيموثاوس وقام بتغيير مجرى حياتها وتصليح سلوكها وكانت تدعوه " أبي الروحي "
ولكن لم تبقى هنا طويلاً فذهبت لإنطاكية وكان بها ملعب القسطنطينية وكما وجدت دور للتمثيل والفجور والفسق وهنا بدأت تنسى تيودورا ما تعلمته من الرهبان وعادت لسيرتها الأولى تزور أماكن المقامر وقراءة الكف ، وشاء القدر أن تلتقي بالغانية " ماسيدوينا "
التي تدّعي بقراءة الغيب وقرأت كف تيودورا وتنبأت بأنها سترتقي لمناصب المجد والشهرة .
وبدأت الأحلام تداعب فتاة الهوى ،وفي هذه الأثناء كانت صديقتها قارئة الكف على اتصال بالأمير جستنيان ابن أخ الإمبراطور أوجستين ودخلت صديقتها القصر كما يظن الكثيرين بمساعدتها .
وفي عام 522م تم اللقاء بين الأمير وبين تيودورا وكان وقتها بعمر الأربعين " وكان جميل الطلعة ذو بشرة زاهية وثياب فاخرة ، وكان متديناً ولهذا مال رجال الدين له وكان يختلط بالشعب فأحبه الجميع .
ومع مرور الأيام خفق قلبه للحسناء تيودورا واحتار الناس في ذلك فكيف يرتبط الأمير المثقف الجميل بتلك الممثلة حتى قالوا " إن الغانية عمدت للسحر والشعوذة للتسلط على قلبه "
فقد كانت تيودورا حسناء ، حادة الذكاء ، تأسر القلوب من الرجال .
ولم يعترض الأمير أوجستين على هذا الزواج لأن الإمبراطور نفسه من سلالة الجند لا النبلاء والملوك ولأنه كذلك تزوج جاريه مجهولة الأصل .
ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهيه السفن فقد عارض هذا الزواج عشيقة سابقة للأمير ومن قبل كذلك الإمبراطورة أوفاميا.
ولكن القدر حل المشكلة بوفاة أوفاميا فتم الزواج ، وكانت تيودورا تتمتع بسلطة ونفوذ فاقت زوجها وفي عام 527م أصدر أوجستين مرسوماً يقتضي أن تكون تيودورا شريكة لزوجها بالعرش .
واستمر نفوذ تيودورا حتى باتوا يسمونها زوجة الإمبراطور بعد أن كان زوجها يدعى بزوج الإمبراطورة دليلاً على نفوذ شخصيتها عليه ، وعرفت شخصيتها بالقسوة والطغيان وأشهر ما ذكره التاريخ في ذلك: أنها علمت ذات مرة بأن الحاكم " فيناليان " يريد الاعتداء على إمبراطوريتها العظيمة فطلبت من زوجها أن يقوم بدعوته هو وحاشيته على مأدبة طعام كبيرة فأكرموهم أشد إكرام وترحاب وأقيمت الحفلات والمراقص وحفلاً تكريمي وذلك بإلقاء مائة سجين لخمسين أسداً جائعاً في الساحة .
وفي ليلة الوداع أمرت تيودورا الحاشية بالمتعة وانصرفت وهم يستمتعوا مع الراقصات ، وحين اخترقت خيوط الشمس القصر شهد التاريخ أبشع منظر فقد مزجت دماء الضيوف بالنبيذ والخمور بعد أن أمرت الراقصات أن يفقدوا أصحابهم عن الوعي ومن ثم تذبح صاحبها .
وبعد هذه الحادثة احتقرها الشعب وعاش شعبها في أردى أحواله فانتشرت البطالة والفجور وارتفعت أصوات الشعوب المعترضة أمام باب قصرها يرددون ( تسقط ال***** تسقط السفاحة )
وفي هذه الأثناء كانت تيودورا ممدة على الفراش بعد أن أنهك السرطان قواها وأفاقت على صيحات الشعب أمام قصرها فخرجت بكبرياء وألبستها وصيفتها ثوبها الملكي وأطلت من خلال النافذة تقول للشعب " ما هي مطالبكم "
فاعتلت أصواتهم " الخبز لا شيء سوى الخبز "
وقالت لهم : ستشهدون حفلة لم تشهدها البلاد من قبل ، ففرح الشعب الساذج ولم يدركوا ما يخبأ لهم القدر من وراء هذه الحفلة وفي اليوم الموعود للحفلة بدأت المهرجانات والاستعراضات واستمر الحفل منذ الظهيرة حتى الصباح فأمرت الأميرة لشعبها بتوزيع طعام فاخر مزود بالنبيذ والخمور على حسابها الخاص وتعالت الأصوات " تحيا الإمبراطورة "
و بعد انتهاء هذا المشهد الجميل جاء قائد جيوش الأميرة وظن الجميع أن وجوده ربما لعمل استعراض في الحفل وانطلق صوت القائد " استعدوا اضربوا "وتطايرت السهام تخترق الحشود والجميع يصرخ ويفر للنجاة ولكنهم لم يستطيعوا الفرار حيث تم حصارهم وقتلوا بمذبحة بشعة راح ضحيتها 30000 رجل وجاء القائد يزف البشرى للأميرة بهذا النجاح فهزت رأسها وابتسمت .
ولكن القدر عبس في وجهها أخيراً فقد بقي المرض ينخر جسدها وذبل جمالها الأخاذ وتشوه جسدها الجميل الذي استغلته في الفساد و الطغيان وحاولت إبعاد المرض بمالها ولم تفلح ورحلت في عام 548 م تاركة وصيتها الأخيرة ( اغسلوا جسدي بحمام من زيت الورد وعطروه بأفوح العطور "
الامرأه الثانيه/
كاترين هوارد
أطل القمر في ليلة جميلة أمام نوافذ قصر نورفولك القديم ، وضج المكان بالضيوف وما أن انتصف الليل بدأت الأنوار تنطفئ شيئاً فشيئاً حيث أن ربة هذا القصر امرأة عجوز وكانت لا تسمح لضيوفها أو زوارها بإنارة الأضواء وقت خلودها للنوم فهذا ما تعلمته ولاسيما أن ضيوفها من سلالة الأسر المعروفة المرموقة المستوى ، ولكن ما أن تخلد العجوز للنوم ، حتى يبدأ الفتيان والفتيات كذلك يبدأن بإنارة الأضواء متناسين تلك القوانين وتستمر ليالي السمر في أثناء نوم المرأة العجوز المحافظة على القوانين والقواعد بالنسبة للأسر الكبيرة .
كانت تلك العجوز غريبة الأطوار فقد حولت غرفتها إلى حديقة طيور تغرد داخل أقفاصها في غرفتها لأنها عاجزة عن اللهو فهذه العصافير ترجع ذكريات شبابها الضائعة لها .
في هذا القصر كانت تقيم به الفتاة الفقيرة كاترين ابنة سير أدموند هوارد حيث أن والدها أخو اللورد نورفولك لوالدته الذي يمتلك هذا القصر .
كانت كاترين فتاة فقيرة الحال ، فقد عاشت مع أسرة فقيرة الحال ولم يكن هناك من دلائل أو بشرى تشير على أنها سترتقي يوماً ما لعرش انجلترا فقد كانت فتاة في سن الخامسة عشر ، مرحة ، حسناء ، ذات شعر حريري ، براقة العينين
فقد أغناها ذلك الجمال الرائع عن ارتداء أجمل العقود فلم تكن تعشق ارتداء الحلي أو الخواتم فجمالها غطى عن كل ذلك ، فقد كانت جمال قصر نورفولك ، وفي هذا القصر الذي امتلئ بالفتيان والفتيات كان هناك شاب يعشق كاترين الصغيرة يدعى فرانسوا ديرهام من أقارب أسرة نورفولك ولكنه كان فقير الحال مثلها تماماً ، وكانت الدوقة تستلطف فرانسوا لأنه يمتلك لساناً جميلاً في التحدث مع الآخرين وكان يحب النوادر وكان له دور كبير في القصر من حيث تنظيم الرحلات وابتكاره وسائل جميلة للتسلية وكانت الدوقة تكتفي بالجلوس مع بقية الشبان وتضحك من نوادر فرانسوا رغم أنها لا تعرف ما يقول بسبب سمعها الضعيف .
واعتلت مكانة ديرهام عند رفقائه كثيراً فأثار ذلك الحقد والحسد من قبل المعلم مانوكس الذي طرد من القصر مرة بسبب كاترين حيث كلف بمهمة تدريسها وهي في عمر الثالثة عشرة وكان يحاول التقرب منها بشتى الطرق ومرة تجاوز حدود الأدب بإلصاقه وجهه بوجهها ، ففزعت الصغيرة لتصرفه المجنون وصرخت وعندما جاءت الدوقة اعتبرت الطرفين مذنبان فصفعت الفتاة وطردت الأخير .
ولكنه هذه المرة عاد واستلطف الدوقة وبدأ يحقد على ديرهام لأن امتلك قلب كاترين وقام بوضع مكيدة تمهيداً لطرده من أجل الحصول على كاترين فأخبر الدوقة أن ديرهام وكاترين يتجاوزان في كونهما صديقان وهناك أمور أخرى مخفية عنها تتعدى حدود الأدب مما جعل الدوقة تدخل على كاترين والشاب وهما يتحدثان معاً وكانا على وشك قبلة فانهالت ضرباً عليهما بالعصا
فصاحت كاترين " نحن عازمين على الزواج
"
ولكنها لم تهتم بذلك ، وبعد ذلك قرر الدوق والدوقة إرسال كاترين إلى " لامبت " حتى يتم تأهيلها للعمل كوصيفة في قصر الملوك ، وفي هذا القصر التقت كاترين بابن خالها توماس كولبيبر " وكان شاباً جميل الهيئة ويهتم بأناقته ، فبدأ يتودد لكاترين وبدأ الاثنين دائماً يتنزهان في الغابات والحدائق معاً ورأى أنهما متشابهين في الميول وهنا نسيت كاترين الجميلة " ديرهام" .
وجاء القدر يعصف في وجه كاترين وتوماس فلقد أمر توماس بالتوجه إلى لندن لخدمة الملك هنري الثامن وتصبح كاترين كذلك خادمة للملكة .
وبدأت كاترين تسأل بشغف عن مواصفات ذلك الملك فقام توماس بالتحدث عنه باعتباره رجل غريب الأطوار ، يحب الثقافة ويعشق دراسة كتب اللاهوت ، ضخم الجثة ، له شعر أحمر نابت على وجهه وعينان صغيرتان واحدة مفتوحة وأخرى مغمضة وهو في عمر الخمسين ، ثم أخذا يتحدثان عن الملكة بعد أن سألت" كاترين " توماس عن ذلك فوصفها بأنها قبيحة المظهر أتت من شواطئ نهر الراين وهي بعمر الرابعة والثلاثين ومنذ أن وقع ناظر الملك عليها كرهها ، حيث أن وزيره كرومويل هو من ساهم على إتمام هذا الزواج ولذا ظل الملك حانقاً عليه بسبب هذا الاختيار .
فبدأ الخوف يتسرب لكاترين بعدما سمعته عن الملك والملكة ، ذهب الفتيان و معهن الفتيات للقصر وهناك قام رئيس الأساقفة " ونشستر" بتجهيز وليمة كبيرة للملك هنري الثامن وكان في هذه الوليمة ما لذ وطاب من أصناف الطعام وبدأ الجميع يأكل بشراهة ومن شدة هذه الشراهة إذا أرادوا تنظيف أياديهم من بقايا الطعام لم يكفلوا أنفسهم بغسلها بالماء أو بمناديل ورقية بل كانوا يغسلونها بأغطية المائدة أو برؤوس الكلاب التي أخذت نصيبها من ذلك الطعام الشهي .
وقد تخلل الحفل ، عزف الموسيقى والألعاب ، وفي هذه الأثناء جلس هنري الثامن على كرسيه وهو يداعب لحيته الحمراء وكانت الملكة بجانبه ويقال أن الفتيات ارتفعت ضحكاتهن بسبب شكل الملكة المائل للبلاهة ، وفجأة لفت نظر الملك هنري "كاترين الحسناء" فاقترب الملك من توماس وسأله عن تلك الفتاة ، فقال توماس بفخر : هي ابنة عمتي جاءت لخدمة الملكة منذ أيام .....وبدأ يدقق النظر في كاترين متناسياً وجود زوجته الملكة فلقد أعجبته من النظرة الأولى ، بدأ الملك يتقرب من كاترين بإعطائها الهدايا الثمينة، ومع الأيام صار الملك يناديها " ورد بلا أشواك "
أحست كاترين بالقلق من جراء اهتمام الملك تجاهها ، وشعر توماس بأن كاترين تبتعد عنه ولكنه رضخ للواقع فكيف يعترض وهذا ملك قد يأخذه يوماً لحبل المشنقة لو تدخل ، وبدأت كاترين تعيش صراعاً نفسياً فإذا ما وفت لتوماس الفقير وتزوجته ستتلقى التوبيخ من أسرتها وخاصة أن فرصة اقتران فقيرة بالملك لأمر تتمناه جميع الأسر الكبيرة فكيف بالفقيرة .
وفي هذه الأثناء قرر الملك فسخ عقد زواجه من زوجته آنا كليف وهي رابع زوجه له بعد أن تزوج قبلها كاترين دارجون ذات العينين الغليظتين وبعدها أنابولين النحيلة ومن ثم جان سيمور الفاترة وأخيراً آنا كليف التي لم تكن بشيء من الجمال وقد تزوجها في يناير 1540م .
وقد رأى الملك هنري الثامن أن أول خطوة سيقوم بها هي إرسال وزيره كرومويل لبرج لندن تمهيداُ لإعدامه لأنه خدعه بزوجته آنا وبعد بضعة أشهر قام رئيس الأساقفة الانجليكان بفك العقد ، ورأى الملك أن يرسل الملكة" آن " لأهلها في ألمانيا بدل من إرسالها للمقصلة لقطع رأسها كما كان مصير زوجاته الأخريات حسب القانون وكانت" آنا " سعيدة لأنها لم تقتل كالسابقات .
وفي يوم إعدام الوزير بعد أن فصل رأسه عن جسده تم زواج كاترين من الملك هنري الثامن ذو الخمسين عاماً والذي يشكو من عاهات كثيرة ، فتم الزفاف وسط حفلات ضخمة لم تشهدها بريطانيا قط في ذلك العصر .
شعر الملك بسعادة عارمة لوجوده مع الجميلة كاترين حيث ألبسته ثوب الشباب والنظارة فكان يتمشى معها ويذهب للصيد معها ، وبعد ذلك استطاعت الملكة أن تفرض نفوذها عليه بجلب جميع أفراد أسرتها " أسرة هوارد " للقصر الملكي فأدخلتهم في حاشية الملك وأصبحوا ذو نفوذ ، وبلغ حب الملك لمدللته كاترين أنه في إحدى المرات قرر أحد الأشراف من مقاطعات الشمال الثوار على العرش بالزحف لإخضاع المملكة فطلبت كاترين من زوجها أن تذهب معه فوافق وقال لجيشه " أصغوا للأميرة فإذا رأت أن خوض المعركة ضروري فافعلوا ............... وإذا رأت أن تمتنعوا عن القتال فامتنعوا عنه"
وبذلك أصبحت كاترين "قائد الجيش الأعلى" وفي أثناء سير الجيش كانت تتبادل الرسائل مع توماس الذي كان يسير جنباً إلى جنب أمام الملك وذلك بمساعدة وصيفتها الليدي روشفورد التي كان من المستوجب أن تطيع الملكة في ذلك باعتبارها الوصيفة .
مرت الأيام وبدأت كاترين تقابل توماس خطيبها وحبيبها السابق على خفية عن الملك وبكيا معاً فقالت كاترين له وهي تبكي " يجب ألا تحقد عليّ يا توم العزيز ........ إنك تمزق قلبي وإن الملك ليس خالداً ولكنني أطلب من الله أن يطيل عمر الملك .
فأخذ توم يديها وهو يبكي ويقول : سأنتظر متذرعاً بالصبر ............ مهما طال الانتظار .
ولم يكن الملك يشك في تصرفات توماس فقد كان يصطحبه معه للصيد والقنص ، ولكن جاءت العواصف تلطم كاترين مرة أخرى في الصميم ، حيث كان هناك حقاد يحومون عليها وأولهم رئيس الأساقفة " كرانمر" وهو صديق الوزير المعدوم كرومويل ويعطف على زوجة الملك السابقة جان سيمور التي فصل رأسها عن جسدها كذلك .
فقد جاء رجل من قبل خادماً من قصر نورفولك يخبر الرئيس بأن سلوك كاترين بالقصر فيه العديد من الشوائب وكان هذا الخبر مهماً لينتقم رئيس الأساقفة " كرانمر" من كاترين ولكن كان هناك عائق من سيخبر الملك بذلك ؟ لأن المكلف بهذه المهمة طبعاً سيقتل فالملك يحب كاترين بجنون.
وفي نهاية الأمر قرر رئيس الأساقفة نفسه أداء هذه المهمة "مهمة إخبار الملك بسلوك كاترين في ذلك القصر " وفي إحدى الأيام عاد هنري الثامن من رحلة صيد فأعطي ورقة مطوية تكشف ماضي كاترين ، فما أن قرأها الملك حتى استدعى الأسقف كرانمر وأرسله لبرج لندن وبعدها تم طلبه من قبل الملك فأخبره بما سمع عنها في قصر نورفولك .
وبدأ الملك بالتحقق من الأمر ، وفي تلك الأثناء ذهب كرانمر للملكة وكانت تجهل ما حدث ، فأخبرها بأنها خدعت الملك وخانته فبدأت تنتحب وتبكي مؤكدة أنها منذ اقترانها بالملك لم تفعل أي خطيئة وأقسمت بذلك ثم قال لها : ليس هذا السؤال يا ابنتي ما يهمنا ما حدث في قصر نورفولك ،............ لقد دونت أجوبتكِ ، وقعي هنا ، وهنا ، والآن أضرعي لله أن يشملكِ برحمته "
سقطت الملكة على الأرض وقد غطت عينيها الدموع ، ذهب كرانمر للملك ثم وضع أمامه الورقة التي دون فيها الأسئلة والأجوبة وعليها توقيع الملكة أي أن التهمة ثبتت ووجب إدانتها .
بكى الملك هنري الثامن بشدة وبدأ يصيح : إن هذه المرأة عار على أسرتنا لقد سمعتهم يقولون أنها ترمق ابن خالها توماس بنظرات لها مغزاها أراهن هو أيضاً أحد العاشقين "
بعد ذلك قام الملك بالسؤال عن مكان تواجد الملكة فقيل أنها مسجونة في دير بالقرب من ريشموند وكذلك الدوقة نورفولك هي وأسرتها بعد إحراقها جميع الأدلة التي تهدد ديرهام وكذلك تم اعتقال توماس كوليبير .
وفي ديسمبر 1541 م حوكم الحبيبان السابقان للملكة (توم و ديرهام) بالإعدام شنقاً على أن يتم إنزالهما قبل أن يفقدا حياتهما ويتم تقطيع بطنيهما ويتم إحراق أمعائهما مع قطع رأسيهما أي تم التمثل بهما وقتلا أبشع قتلة .
وفي أواسط يناير عام 1542م عقد مجلس النواب واللوردات جلسة تم توجيه وإدانة التهمة على الملكة وتم إصدار حكم إعدامها ولم تدافع الملكة عن نفسها ، وبقي الملك يفكر بزوجته التي أحبها بصدق وهو عاجز عن الدفاع عنها بعد الإدانة ، ولكن الملكة كانت متيقنة أن هناك شعاع من الأمل سيأتي ليخلصها من الحكم الجائر في حقها ، وفي إحدى الأيام دخل رسول الملك على الملكة يخبرها بأنها ذاهبة للندن ، فصرخت بأعلى صوتها " لا لا لا ، لأنها أدركت أنها ذاهبة لمصيرها الموت .
وفي 6 فبراير أُخذت الملكة الصغيرة لبرج لندن وكانت تقول بصوت خافت :" لقد أخذوا توم هنا لقد قتلوه هنا"
وفي التاسع من فبراير دخل عليها الرسول جون جاج ليخبرها بأن حكم الإعدام سينفذ غداً وتم إحضار الملكة قبل إعدامها إلى منصة الإعدام ليخبروها كيف يجب عليها أن تضع رأسها بعد أن تركع بركبتيها مع إلصاق جبينها بالخشب واكتفت كاترين بعبارة " أشكركم سأذكر هذه النصيحة "
وفي يوم الأثنين العاشر من فبراير ، أعدت منصة الإعدام ومشت الملكة بثوبها الأسود كيومها الحالك آنذاك فهي لم تفارقها طرقات الليل المستمرة حيث كان النجارون يعدون المنصة بإحكام ، مشت خطوات والمحتشدين حولها ، كانت شاحبة الوجه، ألقت نظرة حزينة باكية على المحتشدين وقالت بصوت خافت : أقسم لم ارتكب أي خيانة تجاه الملك ، نعم كنت منذ سنوات أحب توم قبل أن يتخذني الملك زوجته .......... ليتني أخذت بنصيحة توم عندما قال :
أخبري الملك أنكِ مرتبطة بسواه ........فلو فعلت ذلك لما قُتلت يا توم ولكنت زوجتك أفضل على أن أكون ملكة ولكن الجميع أرغمني على ذلك ......... أنا لم أخن هنري ولكن خطيئتي أنني افترقت عن توم وأنا ذاهبة للقائه ارحمني يا رب .
صعدت كاترين الملكة الصغيرة بخطوات متثاقلة منصة الإعدام ، فركع الجلاد أمامها يطلب الغفران لما هو مقدم عليه لأنه عبد مأمور فقالت له كاترين بصلابة : قم بمهمتك واذكرني في صلاتك !
وضعت رأسها في المكان المخصص لذلك كما تعلمته ليلة البارحة ورفع الجلاد فأسه لتنهال على رأسها الناعم وانفصل عنقها عن جسدها وكانت كاترين في عمر العشرين.
.
.
( ليدي هاملتون ) الفاتنة التي أسرت بطل البحار!!
أشرقت الشمس الزاهية الفرحة ، في سماء نابولي ولاحت الخيوط الشقراء تداعب البارجة البحرية " أجاممنون " وهي تقترب إلى أرض نابولي في إحدى أيام شهر أغسطس في سنة 1793 م ، وبدأت قلوب رجال السفينة من ضباط وجنود في التحليق أكثر بعد اقترابهم من نابولي فهنا في نابولي النساء واللهو والخمر ، كان الجميع يفكر في تلك الملذات باستثناء ضابط صغير برتبة كابتن يدعى " هوراشيو نلسون " إذا أن وجوده الدائم في مملكة نابولي من أجل زيارة رسمية لها .......
كان نلسون شاباً في الخامسة والثلاثين من عمره ألتحق بالبحرية البريطانية في عمر صغير عندما ألحقه خاله الضابط على البارجة " ريزونابل " وهو في عمر الثانية عشرة حيث كان خاله ضابطاً عليها وبدأ يظهر مهاراته المتعددة إلى أن وصل لرتبة كابتن بعمر العشرين !واستطاع نلسون بأخلاقه وبأناقته أن يكتسب حب رؤسائه ، بالإضافة إلى ذلك حبه لتثقيف ذاته وبعده عن الملذات .
وفي عام 1787م شاء قدره أن يذهب بالبارجة " بورياس" لجزر الهند الغربية والتقى هناك بأرملة انجليزية شابة تدعى " فرانسيس" توفي زوجها الطبيب مخلفا لها ابناً يتيماً وبدأ يتقرب إليها بعطفه على ابنها وتزوجها وكان مخلصاً لها .
نزل نلسون من البارجة قاصداً " السير وليم هاملتون " وهو في أوائل العقد السادس من عمره الأخ الغير الشرعي لجورج الثالث ملك انجلترا ، ويعد السير وليم كذلك عالماً ومؤلفاً للعديد من كتب البراكين والزلال وقد رحب بالكابتن نلسون أشد ترحيب .
وفي الصباح التالي ومع إشراقه شمس هادئة حالمة ذهب نلسون إلى الوزير في منزله وفوجئ بغيابه لأداء بعض المهام وبقي ينتظره ريثما يأتي ، وقد شغل وقته في مشاهدة اللوح الفنية في منزله وبينما كان يمعن النظر بهذه اللوحات ، رأى حسناء ذات شعر ذهبي ووجه صبوح ، ناصعة البياض ، تقترب منه وظن أنها ابنة للسفير لكونها شابة وبدأت ترحب به فأدرك أنها الليدي هاملتون ، وفي إحدى الليالي أقام السفير مأدبة للكابتن نلسون بحضور زوجته وبدأ يوجه نظراته للزوجة الجميلة ولكن "السير وليم" لم ينهره لذلك فقد أدرك أن زوجته الفاتنة دائماً كانت محل إعجاب وفتنة للجميع ، ومن شدة جمالها رسم لها الرسام المشهور " جورج رومنى" 23 لوحة مختلفة الأشكال والأوضاع ويقول الرسام في ذلك " أنه لو قضي كل عمره في رسم فتنتها الطاغية لما أستطاع أن يلم إلهامه بجميع أوجه فتنتها !
وكانت كذلك ملهمة الشعراء فقد تغنى بها الشاعر الألماني " جيته " في أجمل قصائده الخالدة وحتى أن سحرها تجاوز الرجال فقد أحبها النساء فأحبتها ملكة نابولي " ماريا كارولينا " وقربتها إليها صديقة وأخت أحبتها بشدة ....
تكررت زيارة "ونلسون" إلى "السير وليم" ناسياً زوجته فرانسيس وكان حبه وإعجابه لزوجة السير وليم يزداد أكثر حتى أنه في آخر زيارة له في نابولي وفي اليوم الأخير لموعد رحيله راح يلتمس الأعذار لزوجته حتى يطيل بقاؤه مع الليدي هاملتون مشيراً في رسالته لها إلى أن هذه الأميرة ستقدم الكرم لابنها من زوجها السابق وبدأ يخبر زوجته عن تلك الملكة ولكن بتحفظ دون أن يثير شكها في شيء .....
لم يكن الكابتن ونلسون يتصور أن القدر سيجمعه يوماً بحب تلك الليدي المنحدرة من أصول فقيرة وماضي انغمس في وحل الخطيئة والرذيلة ، حيث فتحت " إيما " عينيها النور في عام 1765م في منزل عامل فحم فقير بمناطق " تشيشاير" يدعى " هنري لايونز" وبدأ جمالها واضح كالشمس منذ طفولتها ، حيث كانت تجر عربة يجرها حمار وهي تجوب بلدة " جريت ينستون "
وعندما أكملت عامها الثالثة عشر عملت " إيما " خادمة ومن ثم بدأت تطمح إلى ما هو أعلى نظراً لجمالها الطاغي ، ففرت لندن تعمل بإحدى الحانات ومحاولة صيد الرجال في مشارب " كوفنت جاردن "
وهناك تعرفت إلى شاباً من الطبقة الراقية يدعى " تشارلس جريفيل " أخذها معه عام 1781م وهي في عمر السادسة عشر لتكون عشيقته وأغدق أمواله عليها على التعليم في الرقص والغناء والتمثيل وأخلصت له ....
وفي إحدى الأيام زاره خاله " السير وليم" الذي توفيت زوجته ورأى عشيقة ابن أخته فأعجبته وهمس له قائلاً : " الآن فهمت سر إلحاحك في طلب المعونة المالية حتى كدت تستنزف مواردي المالية "
ومنذ ذلك اليوم والسير يغدق أمواله على ابن أخته ليغدقها على تلك الشابة الجميلة " إيما".ولكن مع الأيام ومع كثرة إسراف جريفيل المال ازدادت ديونه وبدأ مطالبيه يزدادون ، فلجأ إلى خاله " السير وليم " واقترح عليه اقتراحاً قلب الموازين وهو أنه سيدفع كل ديونه ولكن بشرط أن يهديه الجميلة إيما ، في بادئ الأمر رفض طلبه ومع زيادة ضغط الديون أخبر جريفيل " إيما " بقراره بإهدائها لخاله على أن يسدد ديونه وفاضت عيناها دمعاً قائلة له : " إذا كنت قد مللتني ......فخير لي أن تطردني على أن تبيعني "
فأخبرها خائفاً على مصيرها المجهول معه لكونه حالياً مكبل بالديون ، فطلب منها الذهاب وأن تجرب حظها في نابولي وإذا لم تشعر بالراحة تعهد لها بأنه ذاهب بنفسه إليها ، وسافرت لنابولي ومرت أربعة أشهر على وجودها هناك فشعرت بالراحة ولاسيما أن السير وليم رفعها للمجتمعات الراقية وهناك أعجبت الجميع بفتنتها وبأناقتها وأحبتها الملكة " ماريا كارولينا" كما ذكرنا آنفاً ، وأصبحت ثياب " إيما " ( موضة ) في ذلك العصر وفي حفلاتها يسارع الجميع لحضورها فقد كانت تسلي الضيوف بتمثيلها ...
وفي صيف 1791م أخذها السير وليم لانجلترا في رحلة قائلاً لها " ما رأيكِ يا عزيزتي في اسمي "
أجابته بسرعة وبصدق " إنه أعز الأسماء وأكرمها "
فقال : " وما رأيكَِ أن ألحقه باسمكِ"
ذهلت " إيما" لطلبه المفاجئ لفارق العمر بينهما ، وتم زواجهما في 6 سبتمبر في العام ذاته ، وبقيت إيما وفية لزوجها لأنه رفعها من بيئة وضيعة إلى أرقى المجتمعات الأوروبية، وفي هذه الأثناء كانت مسرح الأحداث السياسية في الاشتعال بعد نشوب الثورة الفرنسية ، وكانت بريطانيا آنذاك عدوة لفرنسا ، وفي هذه الأثناء استطاعت الليدي هاملتون أن تعزز قوتها السياسية بعد اتصالها بصديقتها الملكة " ماريا كارولينا " ولها الفضل في حصول بريطانيا على أسرار مملكة نابولي وما يفعله الملك " فرديناند " عام 1796م.
وبدأ دور الليدي هاملتون في الظهور سياسياً 1798م ...
وفي يوم ما في صباح محموم استيقظ السير " وليم هاملتون " مفزوعاً بعد أن جاء إليه رسوله يحمل رسالة خطيرة مهمة من " نلسون " حيث كان ونلسون وقتها يتتبع أثر الأسطول الفرنسي بقيادة بونابرت يخبره بأن الظروف ألزمته بأن تلجأ سفنه لمياه نابولي وصقلية من أجل الماء والمؤن ....
فسارع هاملتون لعقد اجتماع سريع مع الملك " فرديناند" وكانوا خائفين من الأسطول الفرنسي فقرروا أن يعود نلسون لجبل طارق ولكن العودة كذلك سيجعله يفقد أثر الأسطول الفرنسي ، وهنا تدخلت الليدي هاملتون قاصدة صديقتها الودودة الملكة ماريا باكية أمام قدميها تطلب منها بحق الحب الذي يجمعهما أن تقنع زوجها الملك بدخول أسطول نلسون الميناء ، وفي بادئ الأمر خشيت الملكة من تدخلها في سياسة زوجها ولكنها رضخت لحبيبتها وسمح لأسطول نلسون بدخول الميناء ، ذهبت الليدي هاملتون مع زوجها ترقب ظهور نلسون محمرة الوجه خائفة بعد فراق دام خمس سنوات وعرفت أن " نلسون قاد معارك في أثناء محاولته لاستيلاء " سانتاكروز" أفقدته ذراعه اليمنى وفقد عينه اليسرى في إحدى العمليات البحرية في " كالفى "
اقترب نلسون من الميناء وعلى عينيه اليسرى عصابة سوداء ومقطوع اليد اليمنى ولكنه عاد برتبة " اميرال "
وأدركت " إيما " أنها عندما توسلت الملكة للسماح لنلسون بعبور الميناء ليس بغريزة حب الوطن فقط بل بحب هذا الفارس البطل وبدأ كلاهما يتبادلان نظرات الحب والابتسامات ......
ومن جديد عاد الحبيب نلسون مع الأسطول للمياه المصرية وبدأت تعيش " إيما" حالات قلق عليه وحاولت إخفاء هذا القلق عن زوجها وشعبها متصنعة ابتسامتها وطلتها المعتادة ، وجاءت الأنباء السارة تبشر بانتصار البطل "نلسون" في ( معركة النيل) وتحطيمه الأسطول الفرنسي في " أبي قير " وبدأت الطرقات ترقص فرحاً بهذا الانتصار وبدأت " إيما " تعد المآدب والحفلات لاستقبال البطل نلسون ولم يلحظ أحد هذا الاهتمام سوى صديقتها المقربة الملكة ولكنها أشفقت عليها ..
وفي الثاني والعشرون من شهر سبتمبر عام 1798م بدأ الجميع ينتظر البطل أمام مياه نابولي بلهفة وكانت الليدي هاملتون وزوجها في انتظاره فالرسميات تمنعها من الركض كالبقية لاستقباله بدون قيود ومن شدة لهفتها لبطلها زاد وجهها تورداً وفرحاً وظن الجميع أن ذلك بسبب نسيم البر ، وحاولت اصطناع الرسميات بوجودها بجانب زوجها ولكن ما أن اقترب جسد نلسون من البر صرخت وعيناها يشع منهما بريقاً وهاجاً " يا ألهي ..... أهذه حقيقة ؟!
وتجاوزت الرسميات بتلك الصرخة ومن شدة هول الموقف أغمي عليها فحملها حبيبها " البارون نلسون أوف نيل " بذراعه الوحيدة وبادلها نظراته البراقة بعينه الوحيدة ...
أحس نلسون بشعور غريب لم يكن يشعر به تجاه زوجته فرانسيس قط ، ونسيت " إيما" الرسميات وبدأ الحبيبان يلتقيان وقال لها بإحدى المرات وهي بحضنه : " ما يحزنني أنني لا أستطيع أن اتخذكِ زوجة "قالت له : سأقنع أن أكون زوجتك أمام الله !!
وفي هذه الأثناء ما زالت الأحداث السياسية تشتعل فقد اشتغلت انجلترا بتكوين حلف أوروبي ضد نابليون ، وقدم نلسون اقتراح أن يوجه الجيش للشمال لمجابهة القوة الفرنسية ونفذت الخطة حيث استطاع الأسطول البريطاني قطع خطوط الاتصال الفرنسية ولكن حدث تخاذل من جيش نابولي فعم بالجيش الفوضى واشتعلت ثورة الثوار الجمهورين على الملك وهنا لجأت الملكة ماريا لحبيبتها " إيما " حتى ترد لها جميلها السابق مع نلسون فاستطاع نلسون من إنقاذ الأسرة المالكة من الثوار وأخذهم إلى بالريمو التي جعلت عاصمة لفترة وجيزة للحكم في ظل تلك الظروف ...
واستطاع نلسون على أن يحاصر الجيش الفرنسي في مالطة وحاصر الثوار الجمهوريين من جهة أخرى على خليج نابولي وفي ذلك هناك رأيان حيث يرى المؤرخون : " أنه اتخذ هذه الوسيلة ليجنب أسطوله الخسائر " بينما رأى الأدباء" أنه اتخذ هذه وسيلة للبقاء على البر ليبقى مع الحبيبة إيما "
ولكن الملك " فرديناند وزوجته ازدادا ضجراً من الحصار الطويل وطلبا من كردينالاً يدعى " فابريزيورفو" أن يساعدهما مع المخلصين لهما فكون جيشاً من المتطوعين استطاع من خلاله أن يجعل الفرنسيين والثوار للجوء لقلاع نابولي وهنا بدأت الليدي هاملتون تهمس لصديقتها الملكة بهواجس خطيرة بأن هذا الكردينال رفو سيشكل خطراً على الملك إذا نجحت مهمته وهنا طلب الملك من نلسون أن يزحف على نابولي ويمسك زمام الأمور بيده ، وذهب الأسطول وعلى ظهره الليدي هاملتون وزوجها .
وفي 24 يونيو عام 1799م وصل الأسطول نابولي متعجبين من وجود الأعلام البيضاء ترفرف على القلاع أي أن رفو وقع صلح بين الفرنسيين والثوار ولكن نلسون رفض هذا القرار لأن الفرنسيين كانوا سيهزمون بدون هذا الصلح .
، ووجد نلسون أمتعة الثوار الجمهوريين على متن مراكبهم للخروج بحراً من البلاد بطلب من رفو حيث كان ذلك جزء من الصلح أن يؤمن حياة هؤلاء ولكن نلسون اعتقل عدداً كبيراً منهم وأعدم رؤساءهم وعارضه الحساد في ذلك ......
وفي تلك الأثناء بلغ السير وليم هاملتون سن السبعين وأعفي من مصبه وهنا قرر الثلاثي نلسون والليدي هاملتون وزوجها ترك نابولي ليجوبوا الدول الأوروبية ورضي الزوج في ذهاب نلسون معه لأنه يمجده وقد أثر هذا الوداع على الملكة ماريا لرحيل صديقتها المقربة وقدمت لها قبل رحيلها من زوجها الملك وسام صليب مالطة فهي أول امرأة تنال هذا الوسام .
عبر الثلاثي في طريقهما " فيينا" و"همبورج" و"درسدن"وغيرها من البلدان ولقوا ترحيباً وحفاوة في تلك المدن وعاش العاشقين هناك أجمل لحظات عمرهما ....
وفي أثناء وجودهم بانجلترا طلب نلسون من زوجته فرانسيس أن تبقى الليدي وزوجها بنفس المنزل ، وبدأ يذل زوجته ويهتم بحبيبته أكثر وبدأ الزوجان يتشاجران وعندما يشتد شجارهما يخرج نلسون ليلاً للطرقات ، وفي نهاية الأمر هجرت فرانسيس زوجها وبعد عام بدأت تشعر بشوق إليه وكتبت له رسالة تخبره بشوقها له وأن عليه نسيان ما حدث ........
ولكن نلسون اعتبرها فرصة للبقاء مع حبيبته " إيما" وانفصل عن زوجته وطلبت " إيما" من زوجها أن يسمح لنلسون بالبقاء معهم تحت سقف واحد ، وافق الزوج المسكين على ذلك ، وشربا كلاهما كأس السعادة وازدادا جرأة واستهتاراً في انغماس الحبيبان بالملذات ووقعا بالمحظور وأنجبت له " إيما" " هوراشيا" ابنته الوحيدة وأدعى أنه تبناها وفي ولادة ابنته كان نلسون يخوض معركة " كوبنهاجن" فانتصر بها وأقيمت الاحتفالات الكبرى في ذلك واشترت " إيما" لحبيبها منزلاً في مرتون مطلة على حديقة غناء وبقي العاشقان هناك وفي عام 1802م وجد الزوج سير وليم بأنه بلا وجود في حياة زوجته ففارق الحياة وهو يوصي نلسون بالعزيزة " إيما"
وكان موت الزوج فرصة لهما ليخلا الجو لهما ولكنهما لم يستمتعا طويلاً بعد أن قرر نابليون العودة والانتقام والحرب على انجلترا وبدأت " إيما" تدفع حبيبها لخوض هذه المعركة في سبيل المجد وفي 1803 ذهب لخوض معركة " الطرف الأغر" وأحس قبل بدأ المعركة باقتراب منيته حتى أنه جهز تابوتاً له وكتب رسالته الأخيرة "لأيما " قائلاً دعائه " ليكلل آلة المعارك جهودي بالنجاح "
وأصيب نلسون بالحرب إصابة بالغة خطيرة وأوصى صديقه الكابتن "هاردي" بتأمين حياة كريمة لحبيبته ولابنته قائلاً قبل أن يلفظ أنفاسه " أعطوا كل متاعي لعزيزتي .......ارع عزيزتي الليدي هاملتون...... الآن أموت راضياً .... فقد أديت واجبي والحمد لله "
ورثت الليدي هاملتون عن حبيبها ضيعة " مرتون " وأرباح قدرها 4000 جنيه لابنته الوحيدة ، مع وجود مكافأة سنوية لها قدرها 500 جنيه تكريماً لذكراه ولكنها مع الأيام أسرفت وأغرقت نفسها بالديون وبدأ الدائنون يطاردونها فألقيت في السجن عاماً كاملاً.
وبعد انتهاء مدة حبسها خرجت من السجن شبحاً ضائعاً بلا حيوية أو بريق ،فقيرة ، تجوب الطرقات ، جائعة تريد ولو فتات من الخبز ليسكت جوعها فاحتست أرخص أنواع الخمور وفي مساء صاخب عام 1815م أخذت تتجول في مدينة " كاليه" المدينة التي احتضنت نهايتها المؤلمة وكانت قاصدة الحانات لعلها تجد رجلاً طالباً للهوى يأخذها من الفقر ، ويهديها فتات الخبز و استمرت في التجوال بين الحانات وقد أغرقت جسدها بالخمر ، ثملة وفي صباح اليوم التالي أشرقت الشمس من جديد لتنطفئ حياة " إيما" سقطت ورقتها الأخيرة وهي فقيرة ، مشردة ، ثملة ، جائعة
دمــــــتـــــــ,,,,,,ـــــــم بـــــــ,,,,,,,ـــــــود,,,,,,,
|