الاسراء وأطفال الحجارة
وهَا قدْ هلَّت الذكرى
عبيرًا فاحَ ريَّاه...
فأصْبحَ جدْبُها رَوْضًا
وشادِي النورِ ضَوَّاهُ
محمدُ يا رُبَي يَسْرِي
تَمَلَّى مِنْ مُحَيَّاهُ
فسبحانَ الذي أَسْرى
به في ظِلِّ نُعْمَاه
فما زاغَتْ له رُؤْيا
وما كَذَبَتْه عَيْنَاه
بمعراج حداه النَّور
فيَّاضا.. وَمسْراه
فيغشى السِّدْرَة الشمَّاءَ
ما يغْشى لمرآهُ
وآياتٍ له كُبْرَى
تُحققُ ما.. تمنَّاه
وصوْتُ الله يحدوُهُ
ويأمرُهُ.. وينْهاه
فكانتْ شِرْعَةُ المحرابِ
خَمسًا مِنْ عَطايَاهُ
لتنهَى العبدَ عن خَطَلٍ
فيبعدَ عنْ خطاياه
***
لقد هَلَّتْ رُؤَى الذكْرى
ومِلءُ قلوبِنَا الآهُ
وقد نزَّتْ جراحُ القلْب
مما قدْ لَقينَاهُ
فَطِرْتُ على جناحِ الشوقِ
للأقْصى لأحْياهُ
وها قد جئت يا محراب
اسْتَدْفِي بذكرَاه
ودمْعُ الحُزْنِ في الصلوات
رَوَّائِي وَرَوَّاه
أنا لن أبْرَحَ المِحْرابَ
حتى يأذنَ اللهُ
هنا قد خَرَّ للأذْقانِ
رُسْلُ الله: ربَّاهُ!!
وأَمَّهُمُو رسولُ اللهِ
يا أعْظِمْ بِتقْواه!!
ففاض الأْفقُ بالأنْوارِ
من نورٍ تجَلاَّه
وسبَّحَ في جبين القدْسِ
من أطيابِ لُقْيَاهُ:
جبالٌ هَشَّ شامِخُها
وزيتونٌ وأمْوَاهُ
أنا في المسْجِد الأقْصى
وقلبي الحُبُّ أضْناه
ذرُوني أَرْتوي منْهُ
وأَشْبَعُ مِنْ نَجَاواهُ
ولكنَّ الأيادِي السودَ
شدَّتُني.. فوا آهُ
وقالوا: لَمْ يعُدْ لَكُمُو
ولا حتى بقاياه
هنا قد كانَ هيكُلنا
بنَيناهُ.. وشِدْنَاهُ
سنبْنيهِ ونُعليهِ
ليرْضَى ربُّنا (ياهو)(1)
***
صرختُ بقلبِيَ الباكِي
وعمْقُ الجرْح أدْمَاهُ
صرختُ بقلبِيَ الباكِي
وعمْقُ الجرْح أدْمَاهُ
ولكنْ جاءنِي صوتٌ
ينيرُ الحقُّ أَصْدَاهُ:
فلسطينٌ قد ابتُلِيَتْ
بقاداتٍ ألا شاهُوا!!
رجالاتٍ إِذا نَطَقُوا
وإنْ فعلُوا فأشبَاهُ
لهم صيتٌ وأصواتٌ
وأرْصِدةٌ لَها جاهُ
فكَلٌ قدْ هوى الدنيا
وحبُّ البنْكِ أغْراه
وإنَّ كبيرَهم فيها
«هِرقْلٌ» أَوع «شَهِنْشَاه»
يُهَددُ شعبَهَ المسكينَ
إذ هبَّتْ سَرَاياهُ
تقودُ حماسُ فِتْيتَها
وغايتُهمْ هي الله
يقولُ بأنهم «زُولو»(2)
تهدد صفو دنياه
وإنَّ رصاصَه عُقْبَى
لِمنْ ضَلُّوا وَمَنْ تاهُوا
وسارُوا في جهادِ هُمُو
ونَادَوْا: يالَقُدْسَاهُ
وقالُوا لا «لمْدريدٍ»
ومَنْ «بسلامها» بَاهُوا
و«أوسلُو» الذلِّ قد رفضوا
فيا للعارِ يا شْاهُ
وسِرْتُ بقلبَي الدامِي
كَمَنْ في القيد رِجْلاَه
فصوتُ «القائدِ الأعلى»
رماهُ، بل.. وأخْزَاه
وقلتُ: «أهكذا يُطْوَى
كفاحٌ قد بدأْنَاهُ
ومجدٌ من حُشاشَتِنَا
وماءِ القلْبِ صُغْنَاهُ
وقدوتُنَا رسولُ اللهِ
في نهْجِ رضِيناه؟
فكيفَ نعودُ موكوسينَ
والماضي أضعْناه
يسودُ حياتَنا قهرٌ
وإذلالٌ وإكراهُ؟
ولكنى بدرْبِ الحزْ
نِ والظلمات تغشاه
هناك رأيته طفلا
تُشِعُّ النـورَ عينـاه
يثورُ بكفه حَجَرٌ
سعيرُ الثأْرِ لَظَّاهُ
يهابُ يهودُ لسْعَتَهُ
وتُرْعِبُهُم شظاياه
يُكبِّرُ حينما يَرْمي
وجندُ يهود مَرْمَاهُ
فيا عجبًا لهذا الطفْلِ
كالصاروخِ يُمْنَاهُ
تسوقُ الموتَ في حجرٍ
يمزِّقُ مَنْ تحدَّاهُ
ويرمى حَيْثُما يَبْغى
كأنَّ الحربَ مَهْواه
وما طفلٌ هُوَ الرامي
بل الرامي هُوَ اللهُ
ويا عَجَبًا لهذا الطفْلِ
فما جرْحٌ بعائقه
ولا التعذيبُ بَكَّاه
ولا سِجْنٌ يُرَوَّعُهُ
ولا التشْريدُ يَخْشَاهُ!
فقمْ لقيادةٍ ضَلَّت
ومَنْ أعمَتُهُ دُنْياهُ
وعَلَّمْهُم أيا طفلا
هُدَى الإسلامِ رَبَّاه
وعلمهم أيا بَطَلا
هَوَى الإسلامِ رَبَّاه
وعلمهم أيا أَمَلاً
يصوغُ المجْدَ كفَّاه
بأن الحقَّ منتصرٌ
وناصرُهُ هو الله
وقل للقائدِ المغوارِ
مَنْ أعنيه.. «إياه»..
بأنَّ القدْسَ لَنْ يُعنو
بصخرتِه وأقصاهُ
وأن السلْمَ كالتسليمِ
إنَّا قدْ رفضناه
فَسِلْمٌ قدْ عَدَاهُ العدْلُ
وهذى الأرضُ للإسلامِ
قلعتُهُ ومأْواه
وسلْ عُمَرًا وسَلْ عَمْرًا
ومَن ذا التُرْبُ واراه
سِجِلَّ شهادةٍ في الله
كَفُ المجْدِ أمْضَاهُ
***
أيا أطفالُ.. يا أملاً
وأنتمْ قوةٌ.. جاه
محمدُ لم يَمُتْ. فيكمْ
عزيمتُهُ وذكْرَاهُ
خُذُوني أَنْضَوِي مَعَكُمْ
بدربٍ قدْ عشقْنَاهُ
فأرْمي مثلما ترْمُون
صَخْرًا قد شحذُنَاهُ
ومِنْ لْهَبٍ سقْيناه
وبالإصْرارِ سُقْنَاه
فإمَّا يَهْو في الميدانِ
جسْمَي البَغْيُ أرْدَاه
ومَزَّقَهُ لأشْلاءٍ
فَصَلوا فوْقَ أشْلاهُ
وخَلُّوا أَعْظَمي حَجَرًا
بوجْهٍ قدْ لعَنَّاه
وسيروا في طريقكُمُو
فعينُ الله ترْعاهُ
فهذا النصْرُ مؤتلق
وأنتَمْ بعضُ بُشْراه
وواعِدُنا هَوَ اللهُ
ومَوْعِدُنا هوَ اللَّهُ
اخوكم بالله ابو عبيدة