المنتدى :
الارشيف
رجل الثلج
هاهو فصل الخريف يعود من جديد بأحزان الأشجار و هي تتعرى بانتظار عودة البرد و الرياح و الأمطار.
عاد الخريف ليضيف لعزت و غدير رصيداً آخر من ذكريات الحزن و الانتظار و الأمل و آهات الفراق.
لقد كانت غدير تنتظر فارسها الذي باع فنه من أجل الريالات
لقد كان لها بمثابة الهواء الذي تتنفس, لقد كان ملاكها الطاهر, لقد كان لها الدنيا بما فيها و هي كانت له الأمل و النقاء المفقود في زمن التلوث و عصر المادة و الأقنعة.
كانت كل يوم قبل سفره يخالجها إحساس بأنه مسافر لا محالة و سوف يقبل على الرحيل مهما دام بقائه بقربها و كأن قدرها أن تعشق رجل الثلج و أن تبكي قدوم فصل الرحيل فصل الصيف.
لم يعد لرزمانة التقويم بنسبة لها سوى أيام تتلوى فيها أغنيات الشوق و آهات الحنين و ذكريات الأمس.
لقد بحثت غدير طويلاً عن معنى العذوبة و الإنسانية و الشفافية , و أخيراً وجدت حلمها وجدت عزت الذي بكى كثيراً قبلها و بكى فرحاً عندما أضأت ظلام أيامه بشموع الحب و الأمل فاستحالت حياته ألحاناً و قصائد عشق.
و أضحت غدير معه جداول فرح و تغريد بلابل و تموز سنابل.
ففي كل صباح تستيقظ لتتفقد ذاتها لأنه أصبح ذاتها , غدا إشراقة كل صباح و قمر كل مساء و كل أحلامها تحولت ترنيمة ذكرى تحاكي عزت .
تمر عليها الليالي و هي تلوك أحزانها و قلقها عليه تبثه قبل نومها شوقها و وحدتها و عذاباتها بدونه, وتسأل الله بكل منوناتها و جوارحها أن تجمعها به الأيام .
فيصل الشوق بها حتى البكاء و ينتابها في لحظات الوحدة رغبة جامحة بأن تصرخ اسمه بأعلى صوتها و أن تجهش بالبكاء على صدره حتى تجف دموعها و لن تجف دموعها و لن تجف دموعها.
كل يوم تحلم بعرسها مع ليالي القمر كل يوم عيونها تحاكي الطرقات تناجي السماء , تستأنس ببقايا الصور و الأوراق و الرسائل و الألحان و الأغاني و كأنها تخدر أوجاع روحها المتعبة من الآلام الانتظار, فتستظل بأشجار الأمل في كلماته بإخلاصه لها بوعوده لها.
و عندها تتأكد عبر إحساسها بأن الربيع قادم لا محالة, فلتستعدي يا غدير لأوان تفتح الأزهار.
|