المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
اسمي تيزر . قصة قصيرة
تيرز هي واحة في الجنوب الشرقي لليبيا تسمى بالكفرة مثل - الكفر - بالمصرية . كانت تشبه الأساطير بحث عنها الغربيون بشكل محموم و كتب عنها البكري في رحلاته كالواحة السحرية التي تظهر و تختفي . كان يسكنها التبو - التيدا : قبائل ليبيا قديمة ذكرهم هيردوث في روايته الكبرى التاريخ .
هي ليست قصتي الأولى و أهديها لليلاس التي اهدتني الكتب الرائعة هدية صغيرة
:
في الماضي قالوا بأني اسمي " كبابو " أنا لا أعرف معنى هذه التسمية ، ثم أسموني بـ " ص . برو " و لا أشعر بأني أفهم هذه التسمية أيضاً ، كل التسميات لم تكن تعطيني حقي من الجمال . فقد بقيت لسنوات طويلة مراحاً للعابرين ، كنت أغيب لقرون و عندما أشعر بجسدي الرملي يتوق للارتواء أعرض ذاتي على أول قافلة ، لست بشرية و لا تهمني تلك الآراء التي كنت أسمعهم يهذون بها و هم يمتطونني ، كانوا يرتعشون في أحلامهم البعيدة و يذكرون أسماء نساءهم بألم ، كانوا يحتاجون للشفقة و كنت أشفق عليهم و أطعمهم من ثماري . ثماري أشهى الثمار و ظلالي تصل للسماء ، فأنا أعرف العالم ، رحلاتي كانت دائماً عبر الصحراء تصل بي لدنيا من الدماء و الدمار ، كانوا مثل الوحوش التي كنت أعبر الصحراء بجوارهم ، الشياطين المشتعلة على سبيل الدعابة ، الدعابات المميتة ، امتهنها الكثيرون لأجل الموت ، لطالما كنت الأغنى و الأكثر روعة من بين الواحات ، فأنا كما وصفني أحد عشاقي : " فتاة بخصر رشيق يدور العالم حوله " جاذبيتي أسطورية و أحلامي دائماً تصل النجوم ، العالم عرفني و لكني كنت دائماً الممتنعة الجبارة ، جسدي أروع من أجساد العارضات و الموديل في الأغاني التي يستمع إليها شبابي . أصابعي الطويلة المرتوية كانت نخيلي العالي ، بطني و ظهري كمال جسدي : الرمال الناعمة الممتدة بامتداد الأجساد ، أي شخص يستطيع مجاراتي في انحناءاتي ، كما أستطيع مجاراة كل الأساليب . جبلان عظيمان يرتكزان في أعلى صدري ، لم يكتشفهما الكثيرون ، كانوا مسحورين بساقاي و ذراعي فأنا حتى بداية القرن كنت ساحرة في الأحلام البريئة ، أتى الأوروبيون بحثاً عني ، كانوا مسحورين بي و بعظم جمالي . " هل كنت من أساطير أوليمب في الزمن السحيق ؟ " ، أنا أقول لكم : " كنت أكثر من أساطير أوليمب ، أولئك المتبطرين الرقعاء ، لم يكونوا يعرفون معنى الجمال ، أنا الابنة الوسطى و القصية الأكثر روعة ، كنت في الخفاء لسنوات ، كنت أقضي وقتي خلف والدتي البهية " ليبيا " ألعب كما أشاء وحيدة ، و في عزلتي أتخيل الأبطال ، " ألي ألماى " كان في الزمن السحيق يطارد انتشاءاتي على ظهري ، كانت معه فتاة تدعى " تيزر " ، لم يكن اسمها تيزر ، مثلي ، و لكني لم اعد اذكر اسمها الأخر ، و كنت أعرفها جيداً ، كانت من أولئك الفتيات اللائي تعرف بأنهن يعتمد عليهن ، جسد مروي و بشرة هادئة و حنونة ، فرحت لنزواتهما قربي ، الأفراح و الليالي المضيئة بنيران نباتي ، و أعواد غابي ، اغترافا من أحزاني ، شربا بحيرة دموعي الحلوة و وحدتي ، قالت له : " بأنها هاربة من شياطين جبارة " . فقال لها : " لا تخافي فأنت بأمان معي في تيزر " . قالت له : " ما معنى تيزر ؟ " . كانت قد تفاجأت بالكلمة مثلي : سألتْ من صميم روحي ، شعرتُ بأنها أنا البشرية . نظر إليها بعينين مشتعلتين و تحادثا بلغة أفهمها جيداً إنها لغتي : التدغاء . " أنتِ ، قال ، أنتِ تيزر و سأسمي هذه الواحة الساحرة ذات الاسم " إنها أنا البشرية هكذا فكرتُ في نفسي ، سبحا عميقاً في أحزاني ، كنت دموعي تبلل جسديهما في وحدة هائلة في أعماق صحرائي ، موجة و موجتين أرسلتهما بأنفاسي حركت في شعورهما نيران الحب اللاهبة ، توقفا عن السباحة و اتكأ عاريين على نخيلي ، أصابعي المرتوية ، كانت الحياة أئنذاك مثل الحلم ، كانت أنفاسهما تتلاحق من فرط انتشاءهما ، ألقيت حبات التمر عليهما فأكلاها بهدوء ، سرى طعم السكر و الحلاوة العظيمة في عروقهما ، أغمض ألماى عينيه و قال : " قبل سفرتي الأخيرة حلمت بهذا المكان " ابتسمت و قالت " لوحدك ؟ " لا أدري لم بدا حزينا و هو يقول " لم أكن يوماً لوحدي " شعرتُ في أعماق روحي بالغصة و قالت الفتاة " مع من كنت ؟ " كانت الغيرة تأكلني فتح عينيه و نظر إلى نهدي المكشوفان في أعلى صدري ، الجبليين العظيمين أحسست به يغزوني حتى الأعماق و يهزني بقوة ألف فارس ، قال : " كنت دائماً مع أوهامي ، الأشباح تترصدني على الدوام ، لم اشعر أبداً بهذه الحرية إلا معكِ هنا " نظرتْ إليه للحظات ثم قفزتْ فوقه ، فالتقطتها بمهارة و غاصا عميقاًً ، كانا شابين و عظيمين في الروعة ، ليلتي لم تكن طويلة ، شعرت بروحي تتشرب متعة عظيمة ، لذة هائلة جعلتني أفقد أعصابي و صرخت حتى طبقت البلاد صرختي كنت أشعر بهما يحركان أعمق متعي الغائبة منذ قرون ، في تلك الليلة قررت أن استقر هنا أن أكبر و أهرم و أموت في مكاني ، تركت رحلاتي السرمدية و غيابي الدائم ، قلت في نفسي : لقد وجدت ذاتي ، فأنا تيزر " .
|