المنتدى :
المنتدى الاسلامي
حجاب رقيق
الحياء حجاب غير شفاف ، ولكنه رقيق جدا إلى درجة أن أي لًمسة لطيفة له يمكن أن تهتكه ؛ فإذا هُتك ولو بقدر رأس دبوس فلا تسأل بعد ذلك عما سيحصل للمُجْتَمَعَين : الأسرة والأمة من فساد الأخلاق ، وبوار القلوب والأعمال .
وما ذلك إلا لأنه يحجب المرء عن سيء الأخلاق والأعمال وحتى الأفكار والخطرات .
ومن علم هذه الحساسية المرهفة لخلق الحياء لم يعجب من تأكيد الشريعة على هذا الخلق :
حتى قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : "الحياء كله خير" .
وقال : ".. والحياء شعبة من الإيمان" .
وجعل ترك الحياء قرينا لحال المعتوهين الذين لا يستغرب المرء أن يفعلوا ما يشاءون ؛ حتى قال في ذلك صلى الله عليه وسلم : "إذا لم تستح فاصنع ما شئت" .
وعرفه الحكماء أنه يحفظ الأصل ، ويرعى الجذور ؛ حتى قال قائلهم :
يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العودُ ما بقي اللحاءُ
ولهذا سدت الشريعة ذرائع الفساد الأخلاقي ؛ فشُرع الاستئذان ، وحُرِّم النظر ، ومنعت الخلوة ، وحُظر الاختلاط ، كل ذلك لحماية خلق الحياء .
منذ أكثر من سبعين سنة ثار بعض كتاب الصحف الأمريكية بسبب إظهار التلفزيون لَقْطةً لرجل مسن يُقَبِّل عجوزا قبلة غير جنسية ..
ما الذي حدث لأخلاق أمريكا بعدها بمدة غير طويلة ؟
إنه حجاب الحياء الرقيق الذي بلمسه تتابع المفزعات ؛ كنظام بال قُطِع فتتابعت خرزاتُه في السقوط .
وحين يغفل عن ذلك القادة والآباء والمربون ، ويخضعون معه لضغوط الأتباع يجد الناس أنفسهم بعد برهة يسيرة قد سرت فيهم تحولات عجيبة ما كانوا يتوقعون عشير معشارها .
سوف نحافظ على الحياء بالقدوة الصالحة ؛ فإذا كان هذا الخلق هو سمة الوالدين والمعلم والمربي والمسؤول فإننا نعطي القدوة لسائر الناس بسلوك طرق الحياء ؛ فكيف تكون الحال إذا قل أو ذهب حياء هؤلاء ؟ :
بالملح نصلح ما نخشى تغيره فكيف بالملح إن حلَّت به الغِـيَرُ ؟
سوف نحمي الحياء إذا قمنا بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإذا ناصرنا القائمين عليه ؛ فإن ظهور المعصية سبب لإلفها ؛ فإذا أُلفت رقت في القلوب وسارعت إليها الجوارح ؛ فإذا سكت الناس عن المنكرات لم يستحيوا فيها من خالق ولا مخلوق ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : "الحياء والإيمان قرناء جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر" .
وما هذه التحولات التي حلت بالأمة من التساهل بالحجاب والاختلاط والعلاقات المحرمة إلا من حياء منزوع .
سوف نرعى الحياء إذا قوينا روابطنا الاجتماعية ؛ فإن الرابطة الاجتماعية في الأسرة والقبيلة والحي سبب من أسباب دوام الحياء وحفظه ؛ حيث يصهر بعضا بحسن الخلق ودوام الحياء ، ولعلك تلحظ أن من تخفف من هذه العلاقات فكثيرا ما يخف حياؤه .
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوهُ
وما دان الفتى بتقى ولكن يعلمــه التدين أقربوهُ
منقول للفائدة
|