= أمــيــرهـا =
............................
مازالت يدها على سماعة الهاتف التى وضعتها في هدوء غريب ..
وعيناها معلقة في نقطة وهمية ... على الجدار ..
تلون وجهها بكل ألوان القهر و الغضب ..
وودتْ لو كان ذلك الثعبان أمامها ..ستقتله حتما..
ولن تبالي ..
تذكرتْ على الفور ذاك الحبيب ..أسرعتْ للنافذة ..
وعندما وصلتها ..اكتشفتْ ان النور يملأ الغرفة ..
استدارتْ عائدة إلى مفتاح النور وأطفأته ..
رجعت إلى النافذة .. وأزاحت طرف الستارة ..
تحاول أن تملأ عينيها التي لم ولن ترتوي من النظر إليه .. ثم برق في ذهنها سرعة التصرف ..
فذهبتْ إلى دولاب ملابسها .. ولكن ظلام الغرفة ..
منعها من الرؤية السليمة .. ذهبت إلى مفتاح النور ..
وأضاءتْ الغرفة من جديد ..
.....................................
وهو في الأسفل في مكانه المعتاد منذ مدة طويلة ...
لاحظ النور وهو يتعاقب على غرفتها ..
لماذا .. ؟
من أزعجها .. ؟ من سبب لها القلق .. ؟
ابتسم .. كل شيء يتعلق بها يحبه ..
حتى هذا التعاقب في إضاءة الغرفة يسعده ..
يشعر كأن كل حركة تقوم بها هي من أجله ..
لو قال له أحدٌ ما .. أنه سيتعلق بها بهذا الشكل لأتهمه بالجنون ..
تساءل هل كان روميو عندما كان يقف تحت شرفة جولييت .. يشعر بما يعتمل في صدره الآن ..
أما أن ذلك كان فلسفة شكسبيرية ليجلب الأنظار لمسرحيته .
................................
أخرجتْ من بين ملابسها تنورة قديمة ..سرعان ما نشرتها أمامها وأدخلتْ يدها في جيب التنورة وأخرجتْ ورقة قديمة أثقلها التجعد ..
نظرتْ إلى الرقم الحبيب .. كم مر عليه عندها ..
سنتان مدة طويلة بالفعل ..
آن الأوان لاستخدامه ..
في لحظات كتبت رسالتها . ودونت الرقم .. وقبل..
أن تضغط إرسال .. أطفأتْ النور وعادت إلى النافذة ..
ثم بهدوء صامت ضغطتْ إرسال ..
.............................
تفاجأ بنور الغرفة يُطفأ من جديد ..صرف نظره عن النافذة عندما أعلن جواله قدوم رسالة ..
بلا مبالاة فتحها ..
ثم أصابه الذهول ورفع نظره بسرعة إلى النافذة التي سرعان ما أُسدل طرف ستارتها ..
يكاد يقسم أنها تراقبه ..رجع إلى النظر في جواله يلتهم الكلمات القليلة التهاما ...
ثم يعاود النظر إلى النافذة .. ومن ثم إلى الجوال مرة أخرى ..
ثم استوعب الأمر أخيرا ...
وضغط اتصال على نفس الرقم ..
................................
أيقظها من صمتها نور شاشة الجوال الذي أخذ يتعاقب نورة في ومضات ..
تضيء الغرفة ثم تنطفيء ..
حملتْ الجوال .. وأبصرت الرقم فشهقت بعنف ..
رمت ْ الجوال على الأريكة امامها .. ثم احتضنتْ يدها التي أمسكتْ قبل قليل بالجوال ..
شعرتْ كأنه لامسها ..
شهقتْ للمرة الثانية عندما علا رنين هاتف الغرفة ..
شعرت في داخلها انه ذلك الثعبان ..
لقد حانت نهايته وبنظرة كلها تصميم ..
أضاءتْ نور الغرفة مرة أخرى .. وضغطتْ زر الجهاز الموصول بالهاتف ..
ثم رفعت السماعة وأغمضتْ عينيها ألما وعضتْ شفتيها بأسنانها قهرا ..
وهي تسمع تلك الكلمات البغيضة على نفسها .. ،
ألزمتْ نفسها التحمل .. حتى يتم لها ما تريد ..
تقريبا مضتْ خمس دقائق .. ثم فاض بها الكيل ..
لا تستطيع التحمل .. أقفلتْ السماعة في وجهه بكل قهر وعنف ..
أعادتْ تشغيل الجهاز الملحق بالهاتف فتعالى صوته البغيض إلى سمعها ..
أقفلتْ الجهاز وهي تشعر بخوف شديد ..
هذه آخر خطوة ممكن أن تقوم بها ثم أما الموت أو الحياة ..
وحتى يكتمل نجاح خطتها يجب أن ينفذ ذلك ..
الأمير القابع في الأسفل ما طليتْه منه ..
ابتسمت .. لمسمى أمير .. فهي فعلا تعتبره أمير قلبها ..
لا حضت ان الجوال الموضوع على الصامت مازال رقمه يضي شاشته ..
تعرف ان لن ينفذ ما طلبته .. حتى يفهم ..
المشكلة أن سبب ما يعانون منه أنهما لم يفهما ولا يريدان أن يفهما القانون الذي فُرض عليهما ..
وللمرة الثالثة يُطفا نور الغرفة ..
ثم رفعت الجوال بيدهها و كبستْ على الزر الأخضر .
...............................
ابتسم وهو مازال يضع الجوال على أذنه عندما رأى نور الغرفة يُطفأ ..
لكن حل محل الابتسامة دهشة وذهول عندما سمع صوتها ..
ولو بعد مليون سنة لم يكن يظن مثقال ذرة انه ممكن ان يسمع صوتها ..
حتى وإن اتصل عليها فوق العشر مرات...
كان متأكد أنها لن ترد..
ولكن توقع على الأقل رسالة..
ـ أرجوك ..
ذلك كان همسها ثم انقطع الخط .. ظل مبحلقا في الشاشة ..
فترة ثم رفع رأسه بحزن إلى النافذة ..
ظل كذلك كأنه يودعها .. ثم أعطى النافذة ظهره ومضى ..
................
راقبت ذهابه بألم ..
وشعور قابض يعتصر قلبها ويفتته ..
ولاح لها بارق أمل عندما سمعتْ صوت أخيها الغالي يسأل عنها ..
تصرفتْ بسرعة ..
مزقتْ الرقم ومسحت الرسالة والمكالمات .
ونزعت الجهاز من الهاتف ..
ثم اتجهت إلى باب الغرفة وفتحته ..
رأتْ أخاها في الممر بين الغرف نادته بوجع .. التفت وهو يضيق نظره على الجهاز ..
عرفه فهو الذي جلبه لها عندما اشتكت له من ذلك الثعبان الذي جرح أنوثتها وخدش بل مزق حياءها ..
بصمت مدتْ له بالجهاز ..
ودمعت عيناها ألما أطالتْ كبته ..
ربتْ أخوها على كتفها ..
وهو يقول .. سينتهي كل شيء غدا إن شاء الله ..
..
تركته عائدة إلى غرفتها ..
وقضتْ فيها أطول ليلة مضت عليها في تاريخ حياتها كله .. لم يغمض لها جفن البتة ..
بعد ان صلتْ الفجر ...بمدة ..
رأتْ أباها يقتحم عليها باب الغرفة .. سألها أسئلة كثيرة أجابتْ بعضها كلاما وبعضها دموعا ونظرات ..
وبلا مقدمات ضمها أبوها وقال ..
ـ لن تكوني لهذا الكلب أبدا ..
أغمضت عينيها وهي تسند رأسها إلى وسادتها ، تشعر براحة بعد جهد سنتين وأكثر وهي تقاوم عبثا قبليا ان الفتاة لولد عمها ..
ولأنه مجرد من كبرياء الرجولة ومعانيها ..
حيرها فهي أما له وإلا لن تكون لغيره ..
ولا يقصد بغيره الا ذاك الحبيب الذي يبغضه غيرةً وحسدا ..
.........................
استيقظت بعد الظهر على طرقات الخادمة تنبهها للغداء ..
وبعد ما مضتْ نصف ساعة ..
فتحت أمها باب الغرفة ..
وانهالت عليها توبيخا وتقريعا أنها ستفرق العائلة ..
..........
كانت الأحداث تتابع عليها كفيلم سينمائي هي المتفرجة الوحيدة والبقية هم الأبطال ..
جاءها أخوها الحبيب وقال ..
ـ فك تحييره لك بعد ما أعطاه أبي خمسين ألف وأعطاه عمي الكبير ابنته ..
والملاك سيحضر بعد المغرب و يملك له ..
( بقدر ما حزنت لما تكبله أبوها من أجلها ..بقدر ما فرحتْ باجتماع ذلك الثعبان بتلك الأفعى ..)
...........
قطع الحديث صوت الهاتف .. كانت أخت أميرها
تخبرها ان ذلك الثعبان قد تهجم على بيتهم يسب ويشتم ولكن أباها طرده من المنزل ..
............
في اليوم العاشر من هذه الأحداث ..
دخل عليها أخوها مبتسما ويقول هل ستوقعين ..
أم أرجع بالدفتر ..
شلتها النشوة .. فلم تنطق حرفا ..
أمسكت بالقلم الذي ارتعش بين يديها ووقعت على سعادتها .. ( مع أميرها الحبيب )