المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
قصاصيص ورق الحب الاول والاخير
• قَصاقيص وَرَق (2)
الحُبُّ الأوَّلْ.. والأخيرْ..!!
لا أدري من قائلُ هذه العبارة: الحُبُّ الأوَّلْ.. هو الحُبُّ الأخيرْ. بِمَعْنى أنَّ آخِرَ حُبٍّ يَسْكُنُ قلوبنا هو حُبُّنا الحقيقي الذي يَجُبُّ كُلَّ ما قَبْله ويَنْسَخُ ما عداه. أنا شَخْصِيّاً لَسْتُ من المُصَدِّقين بهذا القَوْل. ذلكَ أنَّ لِكُلِّ عُمْرٍ ولِكُلٍّ زمانٍ مشاعِرَه الخاصَّة وذَوْقَه الأثيرْ. ولَيْسَ هناك مِيزانٌ يُفَرِّقُ بين حُبٍّ وآخر. فَكُلُّ تَجْرِبَةِ حُبٍّ نَعيشُها هي خُلاصَةُ تاريخٍ وميراثٍ تشَكَّلَ من خلالِهما ذَوْقُنا ونوازعنا ورَغَباتنا وعواملُ انْجِذابِنا إلى الآخَرينَ وتناغُمِنا مَعَهم أو تنافُرنا عنهم. تلتقي وجْهاً ما لمُمَثِّلٍ أو مُمَثِّلَةٍ أو مُذيعَةٍ بالتِّلْفاز أو زَميلِ دراسَةٍ أو عابِرِ سَبيل فتشْعُرُ ـ للوَهْلَة الأولى ـ بأنَّكَ مَشْدودٌ إلى هذا الوَجْه بتقاطيعه وقسماته وملامحه وانفعالاته، وأنَّكَ مُتآلِفٌ معه براحَةٍ وطُمَأنينَةٍ لا تَمْلِكُ لهما تَفسيراً أو تَبْريراً. وتَسْمَعُ صَوْتَ مُطْربٍ أو مُطْرِبَةٍ أو حَتَّى صَوْتاً مَجْهولاً يأتيك عَبْرَ الأثيرِ فيروقُ لَكَ دونَ غَيْره وتأسِرُكَ نَبَراتُه وتوثِقُكَ إليْه بِوثاقٍ لا تُدْرِكُ كُنْهه. وتَقْرأ لِكاتبٍ أو قاصٍّ أو شاعرٍ فتُلامسُ كلماتُه أحاسيسك وتأخُذك إلى دَوَّامَةٍ سِحْرٍ لا تَمْلِكُ منها فِكاكاً. إنها كيمياءُ الخَلْق التي تَمْتَزِجُ أو لا تَمْتَزِجُ وتتفاعلُ أو لا تتفاعَلُ مع ما حَوْلَنا ومَنْ حَوْلَنا من أشياء ومخلوقاتْ. لذا فمقولة الحُبّ من النَّظْرَةِ الأولى صَحيحَةٌ. وصَحيحٌ أيْضاً أنَّ مِرْآةَ الحُبِّ عَمْياءْ. لأنَّنا في كلا الحَالَيْن نكونُ مَسوقين بِوَحْيِ هاتِفٍ لا رادَّ لِقَضائه ولا مُعَقِّبَ لِحُكْمِه. فأحاسيسُنا ومشاعِرُنا وأذْواقُنا تَشَكَّلَتْ عَبْرَ تاريخٍ طويلٍ وتُراثٍ عميق الجذورِ في عقولنا ووجْداناتِنا ومَخايِلِنا. وما يَحْدثُ في اللَّحْظَةِ الرّاهنة ما هو إلاَّ تَحْصيلُ حاصِلٍ ونتيجةٌ لِمُقَدِّماتٍ تراكَمَتْ وتَرَسَّبَتْ في مناطِقِ الحسِّ مِنّا عَبْرَ سِنين عُمْرنا كُلّه، وفي شعورِنا الجَمْعي ورُبَّما في لا شعورنا وجيناتنا الوراثية. لذا فَنَحْنُ نُحِبُّ ونَكْرَه بتاريخنا كُلّه، وحِسِّنا وذَوْقِنا الجَماليّ كُلّه. ولَيْسَ هناك في الحُبِّ فاتِحَةُ كتابٍ ولا كَلَمَةٌ أخيرة، بلْ نَهْرٌ دائم الجَرَيانِ من المَنْبَعِ إلى المَصَبِّ بِنَفْسِ الأمواجِ والتَّقَلُّباتِ والمَدِّ والجَزْرِ والفيضاناتِ التي تُغْرقُ وتُحْرِقُ أحياناً. في عِبارَةٍ موجَزة: تَعَدَّدت الأسبابْ والحُبُّ واحدْ.
|