المنتدى :
المنتدى العام
كتبه / عبد الله بن محمد بن زقيل (خنفشار والمفتي الماجن !!)
قد تعجبُ أخي من عنوان المقال ، ولكن عجبك سيزول إن شاء الله بعد قراءة المقال كاملا ، ويبقى السؤال الأهم عن سبب اختيار الموضوع ؟!
بدايةً لا يخلو مؤلفٌ في أصولِ الفقهِ سواء المطول ، أو المتوسط ، أو المختصر منها إلا ويفرد بابا عن الفتوى ، ويعرج على شروط المفتي وصفاته وآدابه ، وأنه موقع عن رب العالمين ، قال ابن القيم في " إعلام الموقعين " (1/36) : " وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا يُنكرُ فضله ، ولا يُجهلُ قدره ، وهو من أعلى المراتب السَّنِيَّات ، فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسماوات ؟ " .ا.هـ.
السؤال : مَنْ هو المفتي الماجن ؟
تُعرفُه بعضُ كُتب الفقه في مذهب الأحناف : الْمُفْتِي الْمَاجِنُ : هُوَ مَنْ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْحِيَلَ الْبَاطِلَةَ أَيْ : الْحِيَلَ الْمُؤَدِّيَةَ إلَى الضَّرَرِ وَاَلَّذِي يُفْتِي عَنْ جَهْلٍ وَلَا يُبَالِي بِتَحْلِيلِ الْحَرَامِ وَتَحْرِيمِ الْحَلَالِ " .ا.هـ.
لننظر حولنا ، ونُنزل هذا التعريف على أناسٍ قاموا بحيلٍ ، وطرحوا شبهاتٍ طبلت لها وسائل الإعلام ، ونفخت فيها ، وكالت لهم المدائح كما هي عادة الإعلام ، وقدمتهم على أنهم فلتات زمانهم ! ، وكانت الصدمة والصفعة أنه عند مناقشتهم اتضح أنهم لا يملكون أبسط آليات وأصول الاستدلال ، بل وصل الحال بأحدهم أن طعن في أحاديث في أصح كتب أهل السنة ، إلى جانب لغة التعالم ، والتشبع بما لم يعط ، وصدق بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم : " المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور " . متفق عليه ، وقال قتادة : " من حدّث قبل حينه ، افتضح في حينه " .
في تراثنا الفقهي تفردُ كتب الفقه في المذاهب الفقهية المعتبرة كتابا أو بابا أو فصلا يطلق عليه " الحَجْر " ، وكتب الأحناف أشارت إلى الموقف من " المفتي الماجن " من جهة الحَجْر عليه للمصلحة العامة .
جاء في " الموسوعة الفقهية " تحت مادة " حَجْر " (17/101) : " الْحَجْرُ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ : ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى فَرْضِ الْحَجْرِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَهُمْ : الْمُفْتِي الْمَاجِنُ ، وَالطَّبِيبُ الْجَاهِلُ , وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسُ . أ
- الْمُفْتِي الْمَاجِنُ :
هُوَ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْحِيَلَ الْبَاطِلَةَ ، كَتَعْلِيمِ الزَّوْجَةِ الرِّدَّةَ لِتَبِينَ مِنْ زَوْجِهَا ، أَوْ تَعْلِيمِ الْحِيَلِ بِقَصْدِ إسْقَاطِ الزَّكَاةِ ، وَمِثْلُهُ الَّذِي يُفْتِي عَنْ جَهْلٍ ... وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَجْرِ عَلَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ حَقِيقَةُ الْحَجْرِ وَهُوَ الْمَنْعُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي يَمْنَعُ نُفُوذَ التَّصَرُّفِ ، لِأَنَّ الْمُفْتِيَ لَوْ أَفْتَى بَعْدَ الْحَجْرِ وَأَصَابَ جَازَ ، وَكَذَا الطَّبِيبُ لَوْ بَاعَ الْأَدْوِيَةَ نَفَذَ ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْمَنْعُ الْحِسِّيُّ ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُفْسِدٌ لِلْأَدْيَانِ ، وَالثَّانِيَ مُفْسِدٌ لَلْأَبَدَانِ ، وَالثَّالِثَ مُفْسِدٌ لِلْأَمْوَالِ . فَمَنْعُ هَؤُلَاءِ الْمُفْسِدِينَ دَفْعُ ضَرَرٍ لَاحِقٍ بِالْخَاصِّ وَالْعَامِّ ، وَهُوَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ " .ا.هـ.
بل ابن عابدين في حاشيته (6/401) أشار إلى كف ولي الأمر للمفتي الماجن قائلا : " ... عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَامَ يَرَى الْحَجْرَ إذْ عَمَّ الضَّرَرُ كَمَا فِي الْمُفْتِي الْمَاجِنِ ، وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسِ ، وَالطَّبِيبِ الْجَاهِلِ ... " .ا.هـ.
ولذلك من مهام ولي أمر المسلمين تنصيب المفتين المؤهلين ، فلا يصدر من ليس أهلا كما هو حال من لمعه الإعلام وأضفوا عليهم ألقابا لم ولن يحلموا بها .
قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ : يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَصَفَّحَ أَحْوَالَ الْمُفْتِينَ ، فَمَنْ صَلَحَ لِلْفُتْيَا أَقَرَّهُ ، وَمَنْ لَا يَصْلُحُ مَنَعَهُ وَنَهَاهُ وَتَوَاعَدَهُ بِالْعُقُوبَةِ إنْ عَادَ ، قَالَ : وَطَرِيقُ الْإِمَامِ إلَى مَعْرِفَةِ مَنْ يَصْلُحُ لِلْفُتْيَا أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ عُلَمَاءَ وَقْتِهِ ، وَيَعْتَمِدَ إخْبَارَ الْمَوْثُوقِ بِهِمْ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ : مَنْ أَفْتَى وَلَيْسَ بِأَهْلٍ فَهُوَ آثِمٌ عَاصٍ ، وَمَنْ أَقَرَّهُمْ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ فَهُوَ آثِمٌ أَيْضًا ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْجَوْزِيِّ قَوْلُهُ : يَلْزَمُ وَلِيَّ الْأَمْرِ مَنْعُهُمْ , فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَدُلُّ الرَّكْبَ وَلَا يَعْلَمُ الطَّرِيقَ ، وَبِمَنْزِلَةِ مَنْ يُرْشِدُ النَّاسَ إلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ أَعْمَى ، بَلْ أَسْوَأُ حَالًا ، وَإِذَا تَعَيَّنَ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ مَنْعُ مَنْ لَمْ يُحْسِنْ الطِّبَّ مِنْ مُدَاوَاةِ الْمَرْضَى فَكَيْفَ بِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ فِي الدِّينِ ؟
إن من أعجب ما سمعتُ وقرأتُ لأحدهم أنه استدل بحديثٍ ثم تناقض قائلا إن العرف عندنا يمنعه ، فلا يجوز ذلك لوجود العرف ، فعدّ العرف قاضيا على النص ، وهذا لم يقل به أحد من أهل العلم ، فالنص له قدسيته ومكانته فلا يقدم العُرف عليه .
وقد فصل الإمام الشاطبي في " الموافقات " (2/283 – 284) بطلان جعل العرف قاضيا على النص قائلا : " العوائد المستمرة ضربان : أحدهما : العوائد الشرعية التي أقرها الدليل الشرعي أو نفاها، ومعنى ذلك أن يكون الشرع أمر بها إيجابًا أو ندبًا أو نهى عنها كراهةً أو تحريمًا ، أو أذن فيها فعلاً وتركًا .
والضرب الثاني : هي العوائد الجارية بين الخلق بما ليس في نفيه ولا إثباته دليل شرعي..
فأما الأول فثابت أبدًا كسائر الأمور الشرعية ، كما قالوا في سلب العبد أهلية الشهادة وفى الأمر بإزالة النجاسات .. وما أشبه ذلك من العوائد الجارية في الناس إما حسنة عند الشارع أو قبيحة ، فإنها من جملة الأمور الداخلة تحت أحكام الشرع فلا تبديل لها وإن اختلفت آراء المكلفين بها ؛ فلا يصح أن ينقلب الحسن فيها قبيحًا ، ولا القبيح حسنًا ، حتى يقال مثلاً : إن قبول شهادة العبد لا تأباه محاسن العادات الآن فلنجزه !
أو إن كشف العورة الآن ليس بعيب ولا قبيح فلنجزه ! .. أو غير ذلك؛ إذ لو صح مثل هذا لكان نَسخا للأحكام المستقرة المستمرة، والنسخ بعد موت النبي (صلى الله عليه وسلم) باطل " .ا.هـ.
ختاما ينبغي أن نحذر ونحذِّر من المتعالمين الذين يحاول الإعلام تلميعهم ، وفرضهم بالقوة على المجتمع على حساب العلماء الراسخين ، والمرجعية الشرعية التي عينها ولي الأمر .
المتعالمون الذين يلمعهم الإعلام ذكروني بقصة يحكى أن رجلا كان مولعا بحب التعالم، فكان لا يُسأل سؤالا إلا أجاب عنه، ولا يُثار موضوع إلا دلا فيه بدلوه. فقال أصحابه يوما : والله إن هذا الرجل إما عالم حقا أو أنه يستغل جهلنا، فاتفقوا أن يذكر كلٌّ منهم حرفا ويسألوه عن معنى الكلمة الناتجة، فنتجت كلمة
"خنفشار".
فلمّا قدم عليهم قالوا : يا أبا فلان، بحثنا عن معنى الخنفشار فلم نجد جوابا، قال : وصلتم، الخنفشار نبات يزرع في أرض اليمن يدهن به
ضرع الناقة فيحبس اللبن، قال الشاعر:
لقد عقدت محبتكم فؤادي كما عقد الحليبَ الخنفشارُ
وقال صلى الله عليه وسلم.. فهبَّ إليه أصحابه وأسكتوه وقالوا : يا عدوّ نفسه، كذبت على لسان العرب وتريد أن تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نقلته لكم نصا للامانه
با ترى هل هناك ازمات في الافتاء ؟
وخاصه ان مانراة اليوم من كثرة للمفتين وقد ينقض الثاني فتوى الاول ؟
وهل المرجعيه الصحيحه لا تأتي الا بتعيين من ولي الامر ؟
شكرا لكم جميعا برعاية الله وحفظه
التعديل الأخير تم بواسطة المجنون ; 21-05-10 الساعة 02:13 PM
|