لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


25 - اصابع القمر - ريبيكا ستراتون - عبير القديمة ( كاملة )

سلآآآموووو حبايبي أخبــآآركم من زمـــآآن عنكم وربي فقدتكم

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-04-10, 09:01 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Top 25 - اصابع القمر - ريبيكا ستراتون - عبير القديمة ( كاملة )

 

ستراتون




سلآآآموووو حبايبي

أخبــآآركم

من زمـــآآن عنكم وربي فقدتكم ستراتون

علشان كذا ابنزل روآآيـــه ناقلتها من منتدى


(( يعطيهم الف عافيه على الروايه ))

وهذآ الملخص :






كاترين تحملت في شبابها ما لم تتحمله اي فتاة اخرى
والدها عاش بعيدا وتوفيت والدتها باكرا
الا انها احبت زوجة ابيها الثانية ماريا
وبعد وفاتها قامت برعاية اخويها غير الشقيقين
كأم وأب ومربية في وقت واحد
المفاجأة بعد غرق والدها على شاطئ اليونان ان اشقاء
منتديات ليلاس
ماريا زوجة ابيها الثانية ارسلو يطلبون
رعاية الصغيرين بول والكسندر وكان على كاترين ان
تاخذهما الى جزيرة داكوليس وهناك ظهرت في وجهها صعوبات من نوع اخر
فأعجبها الشاب الوسيم نيكولاس لبراعته في الغزل
الا ان شقيقه البكر ستيفان وقف في وجهه مذكرا اياه بخطيبته اثينا
ووجدت كاترين نفسها في مأزق لا تعرف لمن تتجه
خفقات قلبها حتى لامستها ذات ليلة أصابع القمر....
.[/CENTER
]

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس

قديم 22-04-10, 09:05 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

1- الجولة الاولى


القت كاترين غرانجر نظرة اخيرة على الشقة التي كانت تشغلها مع اخويهاالصغيرين طوال السنوات الثلاث والنصف الفائتة واثناء هذه المدة لم يروا والدهم مطلقا بل تعود جورج غرانجر ان يقضي معظم الوقت في الخارج ومهما حدث لأسرته من أزمات كان يتلافى وجوده لحلها ويلقي حمله كله على عاتق أسرته لتتصرف وتحل مشاكلها بنفسها
كان يزعم دائما انه وطني غيور لكنه عاش معظم حياته في بلاد اخرى غير وطنه تمتاز بمناخ أدفأ من انكلترا بعيدا عن أسرته التي كان يقول انه يحبها كثيرا مع انه كان يمضي وقتا قصيرا معها ثم ينصرف عنها غير مبال بأعبائها
منتديات ليلاس
ومنذ عشرة اعوام كان جورج في بلد ما شرق اوروبا عندما علم بوفاة زوجته والدة كاترين فاضطر ان يعود لمدة قصيرة كي ينهي اعمالا لم تقسو كاترين ذات العشرة اعوام على القيام بها لكنه سرعان مااختفى مرة اخرى تاركا كاترين في مدرسة داخلية كانت تكرهها كل الكره وتتمنى ان تعود الى حياة الاسرة ثانية
وبعد عامين فقط عاد الى انكلترا من جديد بصحبة زوجة يونانية شابة اسمها ماريا التي كانت سيدة لطيفة رقيقة وتركت كاترين مدرستها الداخلية وعادت الى دراستها القديمة واقامت مع زوجة ابيها
احتضنتها ماريا وتعاونتا سويا على احتمال غياب جورج غرانجر الطويل منتقلا من بلد الى اخر وراء اعماله العديدة
وكانت ماريا تتقن الانكليزية فلم تشكل لها هذه اللغة اي عائق ولكن كاترين ادركت بعد فترة قصيرة ان مكان ماريا يجب ان يكون وسط اهلها في اليونان بدلا من وجودها في بلد غريب لا تعرف احدا فيه بينما زوجها يتغيب معظم وقته في الخارج لم تكن ماريا ترى زوجها الا نادرا او اكثر قليلا مما تراه زوجته الاولى
وفي خلال خمسة اعوام ونصف من هذا الزواج انجبت ماريا لجورج غرانجر ولدين كانت كاترين تحبهما وترى فيهما عزاءها عن تغيب والدها وتحطم قلب كاترين عندما توفيت ماريا اثناء ولادة الابن الاصغر ولا شك انها افتقدت زوجة ابيها الشابة وحزنت لوفاتها اكثر كثيرا من حزن ابيها نفسه
ومرة ثانية عاد جورج غرانجر لدفن زوجته الثانية ومؤاساة ابنته الحزينة بأسلوبه الذي لا ينم عن اي عاطفة ثم تركها مرة اخرى بعد اسابيع قليلة بل كان اهتمامه بها اقل هذه المرة كانت قد بلغت الثمانة عشرة من عمرها وأظهرت الرغبة والمقدرة على ان تتولى العناية بأخويها الصغيرين
وقبل سفر جورج اعد لهم مسكنا مريحا مع سيدة تشرف على شؤونهم ثم غادر الى جزيرة داكوليس مسقط رأس زوجته الثانية حيث كانت له أعمال ونصيب في شركة ملاحة وتصدير تملكها أسرة ماريا تدر عليه ربحا يجعله في سعة من العيشولم تر كاترين او اخوانها الصغيران والدهم بعدئذ ولم يدهش ذلك كاترين برغم من انها كانت تنتظر ان يهتم بولديه الصغيرين ومنذ ثلاثة اسابيع فوجئت ببرقية موقعة باسم ستيفان ميدو بوليس تخبرها ان والدها قد مات غرقا في حادث وهو يبحر من شاطئ اليونان
ماكذبت كاترين ولا ادعت الحزن على والدها اذ كانت تراه نادرا اثناء حياته وهو غريب بالنسبة لها اما ابناه فلم يعرفا حتى شكله وصممت كاترين على المضي في العناية بأخويها والعتماد على نفسها لمواجهة المستقبل
ولم تحضر جنازة والدها بل اسرعو في تشييعه بدون ان يتركوا لها وقتا كي تترك اخويها في عهدة احد او تقوم باجراءات السفر اليى اليونان في الوقت المناسب
ثم وصلتها رسالة تعزية قصيرة ذات صيغة رسمية ارسلها ستيفان ميدوبوليس يأسف فيها لسرعة تشييع الجنازة ويبلغها تعازيه وكأنه يعرف مدى تقصير غرانجر نحو اسرته
كان ستيفان اكبر اشقاء ماريا ولكن ما ادهش كاترين ان ماريا كانت لا تتحدث كثيرا عن اهلها او وطنها ربما كان ذلك لفرط اشتياقها لهم وبعد وفاة ماريا بفترة قصيرة علمت كاترين من احدى رسائل والدها القصيرة والنادرة ان ستيفان يأمل في ضم اخويها الصغيرين الى رعايته اذ كان راس العائلة ومن واجبه العناية بطفلي شقيقته اليتيمين وكان جورج غرانجر قد رفض هذه الدعوة حينئذ وربما لئلا يبدو انه تخلى عن مسؤولياته ارتاحت كاترين كثيرا لهذا القرار فقد كانت لا تريد فقد الصغيرين لفرط تعلقها بهما ومحبتها لهما فهما في منزلة ابنيها لكنه يبدو انه اعاد النظر في مسألة ترك الطفلين مع اختهما غير الشقيقة ففي يدها الان رسالة قرأتها للمرة المائة من محامي ستيفان ميدوبوليس يخبرها فيها ان والدها قد وافق على ان يكون ستيفان وليا لأمرهماوسبب هذا الخبر صدمة قاسية لكاترين لانها اعتنت بأخويها بعد وفاة والدتهما والان سوف ينتزعان من حضانتها الأمر الذي لن تتحمله ابدا ولن تجد لفقدهما عزاء لها
ولم تجد لديها الشجاعة ان تخبر الصبيان بانهما سوف يرحلان للاقامة في بلد غريب مع خال لم يرياه من قبل وربما لن يقع نظرهما عليها بعد ذلك ابدا الامر الذي لن تتحمله ابدا فقد عاشت لهما وحدهما وليس لأحد ان ينتزعهما منها
وكان عليها ان تصحبهما الى نيقوسيا وتسلمهما الى خالهما وفي الوقت نفسه لا بد ان تجد طريقة لتخبرهما بذلك المصير الذي سوف يصعب على بول الصغير فهمه ويحطم قلبه مجرد علمه بأنه لن يرى حبيبته كاترين ثانية ويعيش بعيدا عنها بين اناس لا يعرفهم
كانت كاترين الام الوحيدة عرفها وكان لا يزال يعتمد عليها في كل شئ بالرغم من انه بلغ السنة الثالثة والنصف من عمره وحتى اخوه الذي بلغ الخامسة مازال يعتمد عليها كثيرا ثم تساءلت كيف يكون الحال عند علمهما بأنها سوف ترجع الى انكلترا وحدها وتتركهما محاطين ياقربائهما الغرباء
تركت كاترين كي شئ في عهدة السيدة هاريسون مشرفة المنزل وكانت هذه السيدة الطيبة قد تأثرت بمصيرهم فمسحت دمعتها لدى وداع الطفلين ونظرت الى كاترين وهزت رأسها في حزن فهي ماتزال في نظرها طفلة صغيرة ايضا برغم تلك المسؤوليات التي حملتها وهي يافعة
وكان الطفلان في قمة سعادتهما وفرط حماسهما لهذا السفر الماجئ وجلست كاترين بين الحقائب تنتظر السيارة لتنقلهم الى المطار وتحاول اخفاء شعورها عن الطفلين وتتركهما ينعمان ببهجة السفر والتطل للذهاب الى بلد جديد
وكانت كاترين رقيقة الملامح يميل وجهها الى الشحوب ذات شعر لونه نحاسي غامق وعينين واسعتين خشراوين وانف دقيق وفم واسع كثير الابتسام وكانت تلفت الانظار اليها دائما لكنها لم تشجع المعجبين بها ابدا لتفانيها في العناية بأخويها الصغيرين اذ كرست حياتها لهما وصممت ان تمضي بقية العمر معهما
وكان الجو دافئا في ذلك اليوم فارتدت ثوبا اخضر اللون قصيرا رائعا بدت فيه كصبية صغيرة جميلة ولما جاء بول الصغير ليتكئ اليها ابتسمت له فلمعت عيناه السوداوان بالحب والشقاوة مما ذكرها بوالدته فقد كان يشبهها كثيرا وارتاحت كاترين لذلك لأنه سوف يندمج مع عائلته اليونانية التي لم يسمع عنها ابدا
اما الكسندر فكان اقل سمرة من اخيه ولكنه يتمتع بالعينين السوداوين الواسعتين وكانت كاترين تأمل ان يكون ولي امرهما المقبل اكثر عطفا وحنوا بعكس ماتوحي به رسالته
وبدأ بول يمطرها باسئلته عن هذه الرحلة لكنها ارتاحت عندما سمعت جرس الباب يقرع معلنا وصول السيارة التي ستنقلهم للمطار بالرغم من انها كانت تتمنى معجزة تجعل ستيفان ميدو بوليس يغير رأيه ويترك الطفلين في رعايتها ولم تصدق كاترين انهم غادرو مطار هيثرو منذ اقل من خمس ساعات فهم الان يحلقون فوق مطار نيقوسيا التي بدت لها كبلد غريب
ودنيا تختلف عن دنياها بجمالها الرائع الخلاب مما رفع من معنوياتها على الرغم من السبب الذي يكمن وراء هذه الرحلة
فكرت ان تتمتع بعطلة تقضيها في ربوع تلك البلاد قبل عودتها الى الوطن وتكون ذريعة تجعلها قريبة من الطفلين لفترة اطول وبدا لها هذا التفاؤل سخيفا في هذه الظروف ولكن عندما رأت جمال البلاد صممت على البقاء لفترة معهما
كانت الامسية دافئة وبدت لها الشمس قبل غروبها ساطعة براقة لم تر لها مثيلا من قبل وتمنت ان تصحب الولدين لتستكشف الجزيرة لكنهما كانا قد نال منهما التعب ومالا الى النوم بعد رحلتهما الطويلة
الانسة غرانجر؟
سمعت كاترين هذا الصوت الرقيق يناديها فضمت الطفلين اليها بحركة لا شعورية وأومأت بالايجاب بعينيها الخضراوين فوجدت شابا طويلا اسمر ذكرها في تلك اللحظة بماريا فعرفت شخصيته قبل ان يعرفها بنفسه وقال وهو يبتسم ويمد لها يده:انا غريغوري ميدوبوليس
وكانت كاترين تعلم ان هناك اكثر من اخ لماريا لكنها كانت تتوقع ان ينتظرهم في المطار ستيفان ميدو بوليس الاخ الاكبر كان واضحا ان كان واضحا ان هذا احد اخوة ستيفان اذ وجدت كاترين امامها شابا وسيما للغاية يبتسم لها مرحبا بعكس ما كانت تتوقع من لهجة الرسائل التي وصلتها
:يسعدني لقاؤك يا سيد ميدوبوليس
قالت كاترين هذا ثم نظرت الى اليكس وبول اللذين راحا يتفحصانه بنظرة متشككة قاتمة ويقبضان على يديها بشدة
هذان هما الكسندر وبول ايها الصبيان هذا هو خالكما
انحنى غريغوري عليهما ليتقرب منهما واخذ ايديهما في يديه وضغط على يد بول بالذات لانه لاحظ ان شفة الطفل السفلى بدأت ترتعش وبدا في عينيه التعب
:سوف تروق لكما هذه البلاد لدي اطفال مثلكما بنتان وستريان اماكن كثيرة تتمتعان فيها بصحبتهما
سأل بول:وهل ستكون كاترين معنا
شعرت كاترين بخيبة امل عندما نظر اليها غريغوري في تساؤل فردت عليه بهدوء قائلة :لم يتعودا ان يكونا وحدهما
وشعرت انها ستنهار وتستسلم للبكاء اذا طالت وقفتهم وكثرت اسئلة الطفلين لكنها وجدت في عينيه السوداوين اللتين تشبهان عيني ماريا عطفا ومودة وشعرت انها ستواجه صعابا اكثر مما توقعت وودت لو كان الفراق في انكلترا وليس هنا فكلما طال الوقت صعب عليها تفسير الوقف لهما وقالت وهي تتلعثم:انا..لم..... تتح لي فرصة
وهزت رأسها فأخذ غريغوري ذراعها برفق قائلا:سيكون الامر اسهل بعد ايام قليلة والان سنطير توا الى داكوليس هيا بنا
وأشار بيده الى الطائرة خاصة تلمع في الضوء وتقبع في ركن من المطار اثار منظرها كاترين فانتعشت قليلا لكنها توقعت حدوث متاعب ثانية اذا باتت معهما ولو لليلة واحدة في بيتهما الجديد ولذا قالت لغريغوري:لا استطيع الذهاب معك
وامتلأت عيناها بالدموع وضغطت على اليدين الصغيرتين اللتين تشبثتا بأصابعها في شدة ورفضتا تركها مهما حاولت ثم قالت:ليس لي الحق في المجئ معكم
ابتسم غريغوري قائلا:كل شئ حاضر يا انسة غرانجر سوف تقيمين في المنزل الى ان يتعودا على حياتهما الجديدة فهذا ما امر ستيفان به
هذا ما امر به ستيفان! كان هذا القول يعكس تماما شخصية ذلك الرجل الذي ارسل لها تلك الرسائل الجافة وبطريقة لا شعورية رفضت ان تكون تحت اي ضغط فهي لم تنس ابدا انه سبب كل ماتعاني الان من مشاعر مؤلمة لفراق الطفلين ولم تتعود ان يملي اي شخص ارادته عليها طول حياتها ونجحت في ان تدير مجرى حياتها من غير تدخل اي رجل فلم يعجبها ان يجبرها ستيفان على البقاء مع الطفلين الى ان يتعودا الحياة هنا رغم انها بدا لها شيئا بديهيا
فقالت والانفعال يكاد يخنقها :هذا كرم من السيد ستيفان ميدوبوليس الواقع انني لم اكن انوي الحضور معهما وعضت شفتيها لكنها رات في عينيه مرة اخرى نظرة حانية خاطفة واجاب بهدوء:من الطبيعي ان يكون ذلك صعبا عليك ولذلك فكر ستيفان في ....
ثم هز كتفيه العريضتين كانه يعني شيئا واستطرد يقول:انه ليس شخصا قاسيا انسة غرانجر ولو انه يبدو كذلك احيانا فأرجو المجئ معنا
نظرت كاترين الى اخويها لترى اللهفة والدموع في عيونهما كأنهما يفهمان ما يدور حولهما من حديث وشعرت بضغط اصابعهما الصغيرة على يديها فهمست الى غريغوري قائلة:اشكرك
فابتسم في رضى وامتنان
واثبت غريغوريانه طيار ماهر كما تجدد حماس الطفلين لصعودهما في هذه الطائرة الخفيفة بسبب اختلافها عن الطائرة الضخمة التي اقلتهما وامكنهما رؤية المناظر بسهولة والصق كل منهما وجهه بنافذة الطائرة عندما اقلعت من نيقوسيا لتحلق فوق البحر فلم يسبق ان مرا بكل هذه المناظر الخلابة التي بهرتهما ونالت كل اهتمامهما
كان لون السماء ذهبيا براقا تتخلله بعض السحب الصغيرة وكانها قطع حرير ذهبي تسبح فوق البحر الذي بدا بنفسجيا في ضوء الغسق وكان البحر هادئا ناعما وكأنه قطعة كبيرة من العقيق تعكس ضوء الشمس وتتلألأ ناشرة شعاعا خلابا
:كم يبدو هذا المنظر جميلا
قالتها كاترين هامسة وكأنها تتحدث مع نفسها فالتفت اليها غريغوري مبتسما وسألها :الم تزوري اليونان من قبل ؟
لا ابدا لم اسافر الى الخارج قبل اليوم والدي كان يسافر كثيرا ويتركنا في المنزل ونادرا ما يزورنا انه يجوب الاقطار وينتقل بين البلدان
وبدت في عينيه تساؤلات كثيرة فهو كيوناني يقدس الرابطة الاسرية ويعتبرها من صميم التقاليد ولم يفهم سلوك والدهم ابدا حتى انه سألها:هل كنت تعرفين والدك معرفة جيدة؟
هزت رأسها بالنفي قائلة :لم اعرفه جيدا اذ لم نكن نراه الا قليلا حتى ان بول لم يره الا عندما كان عمره بضعة اسابيع


والتفتت الى اخويها الصغيرين فوجدتهما يتابعان المناظر :يجب ان يرى كل والد اولاده وهم يكبرون حتى يكون فخورا بهم والدك خسر الكثير لعدم رؤيتكم دائما وترككم تواجهون مصيركم وحدكم
قال ذلك وهو يهز رأسه اسفا لانه لم يتصور ان ابا يترك اولاده مختارا وخصوصا ولدين ممتازين كاخويها
ووافقت كاترين قائلة:نعم انهما ولدان ممتازان
التفت اليهما وبدت كاترين كانها تقرا افكاره انه اب لبنتين وطبيعي ان يحسد زوج شقيقته الراحلة لانجاب صبيين وسالته كاترين:قلت ان لك اسرة يا سيد ميدوبوليس؟
عندي بنتان وللأسف لم انجب صبيا الى الان
وبدا قوله هذا غريبا في نظر كاترين فالرغبة في اجاب الصبية ليست من العدل في شئ وودت لو صارحته بذلك رغم انها لم تعرفه من قبل وما رأته سوى اليوم وسألته:هل يختلف عندك انجاب البنين عن البنات؟اليسو كلهم في حاجة الى الحنان والحب؟
وبدت الدهشة في عيني الرجل الداكنتين ثم ابتسم لها وقال :انك لا تفهمين نظرتنا الى هذا الامر نحن نعتبر انجاب الصبية شيئا يفتخر المرء به لكننا نحب بناتنا ايضا ولا بد ان ماريا اخبرتك بذلك
وهزت كاترين رأسها ببطء وسرحت لحظة ثم قالت ببساطة :كنت احب ماريا كثيرا
وبدا الحزن على غريغوري وقال:ونحن ايضا كنا نحبها لذلك يريد اخي ستيفان ضم طفليها اليه
كان الغسق ما زال منتشرا عندما انزل غريغوري طائرته الصغيرة بمهارة فائقة ثم ساعد الصغيرين اللذين مالا الى النوم تعبا ومد اليها يده لمساعدتها فاغتبطت كاترين لانها لمست فيه فروسية الجيل الماضي التي ندر وجودها في عصرنا هذا
والان امامنا مسافة قصيرة نجتازها في السارة الى منزلنا
قال ذلك وهو يحمل بول بين ذراعيه ويجتاز الحقل الاخضر حيث حطت الطائرة :الصبيان سوف يستغرقان في النوم فور ذهابهما الى الفراش
ولكن كاترين لم تشعر بالتعب بل شعرت بانتعاش ومرح
كأنها تلميذة صغيرة وهي تمسك بيد اليكس وتتبع خاله الى السارة الكبيرة اللامعة التي قادها بنفسه
اجلس غريغوري بول برقة في المقعد في المقعد الخلفي واخذ الكساندر الى جانبه وهو يبتسم لهما ويهز رأسه متعجبا وقال:الولدان يشبهان ماريا الى حد انه شئ لا يصدق ....كنا نخشى...
ثم سكت فجأة ونظر الى كاترين معتذرا وهو يتخذ مكانه الى جانبها في السارة واكملت عي عبارته:ان يشبها والدي؟ انا سعيدة لانهما يبدوان كاليونانيين وليس كالانكليز وخصوصا في الظروف الراهنة حيث سيصبحان من اليونان ويعيشان بين اهلها واعتذر غريغوري قائلا:لم اقصد اي اساءة
فابتسمت كاترين وهي تفكر ان الرجال من عائلة ميدوبوليس لا يعتذرون عادة عن اي شئ يقولونه او يفعلونه وبالرغم من جاذبية غريغوري وسلوكه الذي لا غبار عليه هناك بعض القسوة فيه جعلتها تخشى اقامتها لدى اخيه ستيفان والبقاء تحت سيطرته اذ لعله يكون في مثل قسوته وبدون جاذبيته
وكانت عائلة ميدوبوليس واسعة الثراء فهي تملك جزيرة داكوليس وجزيرة اخرى تجاورها اصغر حجما ولهم شركات للملاحة واسعة تدر عليهم ربحا وفيرا فاذا كان ستيفان ميدوبوليس على رأس هذه الامبراطورية لا يحتمل ان يكون اقل غطرسة وصلفا من اخيه غريغوري ومن الارجح انه سيكون اكثر غطرسة خاصة بعد تلك الرسائل القصيرة الجافة التي تبادلها معها والتي دلت على مدى جبروته وسيطرته حتى على الاغراب
وكان الطريق الذي سلكاه في السيارة وعرا صخريا لكن المناظر المحيطة به تكشف البحر وهي مناظر خلابة بالرغم من صعوبة الرؤية مع حلول الظلام وكان الشاطئ صخريا متعرجا تتخلله خلجان رملية صغيرة تدخل فيها مياه البحر الزرقاء بهدوء اما الاشجار فكانت كثيرة متعددة الانواع عرفت كاترين منها النخيل والبرتقال والتين وكاد عبيرها وجمالها ينسيانها السبب المحزن الذي جاءت من اجله
هذه المناظر جميلة جدا
قالت هامسة وهم ينزلون من التل ويلتفون حول منعطف اخر في الطريق المتعرج :تبدو كالخيال
:ستروق لك الاقامة هنا
قالها غريغوري بجدية فالتفتت اليه وفي نفسها ريبة غامضة لانها لا تنوي البقاء في هذه الجزيرة فردت بصوت هامس حتى لا يسمعها الطفلان اللذان يغلب عليهما النعاس في مقعد السيارة الخلفي:ستروق لي حتما لو كنت مقيمة هنا
ورد غريغوري عليها بالصوت الهامس نفسه:ولكنك سوف تقيمين هنا لفترة بأي حال
وبدأت بالرد عليه ولكنه اسكتها بحركة من يده بدا فيها التسلط:يمكنك الاحتجاج لدى ستيفان يا انسة غرانجر فهو رأس العائلة وبذلك يمكنه ان يوضح لك رغباته
رغباته ...وضغى عليها شعور عارم بالمهانة لمجرد ان يملي شخص عليها رغباته ثم التفت السيارة حول منحنى ثان ودخلت بين صفين من اشجار السرو العالية وامكنها رؤية ملامح المنزل من خلال اوراق الاشجار كانت كافية لتجعلها تجزم بأنها لم تر في حياتها شيئا اجمل منه....
وكان المنزل مبنيا على الطرف الضيق من الجزيرة مياه البحر تحيطه وتظهر من كل نوافذه الحدائق الواسعة بأشجارها الكثيفة وزهورها المتعددة تمتد حتى الشاطئ وتظلل جوانب المنزل ويطوق ذلك كله شاطئ رملي متعرج وكان المنزل كبيرا لم تر كاترين له مثيلا من قبل فجعلها تحملق فيه بنظرات لا تصدق ماترى
اوقف غريغوري السيارة وترجل ثم دار حولها ليساعد كاترين في النزول كانت تصرفاته لا غبار عليها وقد راقت لكاترين كثيرا وارتاحت لها واذا كان منظر المنزل الخارجي مهيبا فداخله يفوق ذلك كثيرا حتى ان كاترين ودت لو انها لم توافق على الحضور ولو كان السبب بقائها مع الولدين فترة اطول

ثم امسكت بايديهما وقادتهما عبر البهو الفخم وكانت عيونهما مثقلة بالنوم بول على وشك البكاء ترتجف شفته السفلى لغرابة ما يحيط به من مناظر ورغم لهفة غريغوري على تسليم الطفلين لاخيه انحنى عليه وربت على وجهه الحزين وهو ينظر اليه بحنو عينيه بعينيه الداكنتين ويقول :لن يطول الوقت حتى تشعر انك في بيتك ياصغيري انك بحاجة الى النوم
فرد الصبي قائلا وهو يخفي وجهه في ثوب كاترين:انني مجهد واريد العودة الى منزلي
رفعته كاترين بين ذراعيها قائلة ودموعها تكاد تتساقط وهي ترى فمه يرتجف:ياحبيبي ستشعر ان هذا المنزل صار مثل منزلك تماما
وضع الطفل رأسه على كتفها واغمض عينيه وودت لو استقبلهم صاحب المنزل قبل ان يستغرق الطفل في النوم ولم تكن تبدو في اجمل مظهر وهي تحمل طفلا صغيرا نائما على كتفها بينما الاخر يتشبث بطرف ثوبها وقد اتسعت عيناه الداكنتان المتسائلتان وصممتا على عدم البكاء
وكأن الله استجاب صلاتها فانفتح احد الابواب الموصلة الى البهو الضخم فجأة وخرج منه رجل تمهل قليلا قليلا عند رؤيتهم وغشت ملامحه نظرة تعجب غريبة ما لبثت ان زالت توا اعقبتها نظرة قاسية صارمة جعلت قلب كاترين يغوص في صدرها لا بد انه ستيفان صاحب تلك الرسالة الجافة التي مازالت في حقيبة يدها والتي تعكس شخصيته وتدل على مدى كبريائه وصلفه:انسة غرانجر؟
ومد يده وهو يقترب منها لكن وجهه كان خاليا من اي ابتسامة مرحبة كالتي رأتها على وجه اخيه في المطار وكانت ملامح وجهه اقل وسامة من وجه اخيه ويبدو اكبر سنا منه بكثير وقدرت ان يكون في اواخر الثلاثين من عمره كان هناك شئ مألوف في مظهره ولو انه من غير الممكن ان تكون رأته من قبل ولو صح ذلك لا يمكن حتما ان تنساه
كان ستيفان اطول قامة من غريغوري كتفاه عريضتان وله سمة الرياضيين وملامح الصقر شعره اسود وعيناه سوداوين نظرته القاسية لم تقنع كاترين بأنه سيكون وليا صالحا لأمر اخويها الصغيرين
اما وجهه الداكن فكان صارما ولم يكن كاخيه عندما نظر الى الطفلين ثم قال ببرود بعدما تبادل مع كاترين تحية مختصرة رسمية صارمة :لابد ان يأوى الطفلان الى فراشهما توا فلابد انهما يشعران بالتعب
وفي الحال ظهرت امرأة سمراء من باب خلفي خفي بعض الشئ واقتربت منهم بينما احتجت كاترين قائلة :ولكني دائما ...
ولم تكمل عبارتها بل اسكتتها اشارة من يده وساء كاترين ان تطيعه وتكف عن الكلام ولم يكن في وسعها الا الطاعة في هذه الاثناء كان اليكس ينظر الى السيدة في رعب ثم خبأ وجهه في ثوب كاترين وأطبق بشدة عليه اما بول فكان مستغرقا في سبات عميق على كتفها مما جعلها تقول:يستحسن ان اذهب معهما فقد تعودت ان اصحبهما الى الفراش
وكانت مصممة هذه المرة الا تخضع لاوامر احد
لا داعي لذلك كاسيا قديرة ان تضعهما في الفراش تدربت على ذلك كثيرا
وهكذا رد ستيفان بلهجة آمرة
وكانت كاسيا اقل قسوة مما بدت لها نظرت الى كاترين نظرة توحي بالتفاهم والحنو ثم انحنت ولمست ذراع اليكس برفق وهمست له ببعض كلمات يونانية فنظر اليها الطفل متعجبا لهذه اللغة الغربية لكنه بدا متشبثا بثوب كاترين وهز رأسه محتجا ...ومرة اخرى تحدثت السيدة باليونانية وبعد لحظة رفع اليكس وجهه الى كاترين وقال:لا اريد الذهاب معهما تعالي انت ايضا يا كاترين
وارتعشت شفتاه فنظرت كاترين الى وجه ستيفان الصارم وتساءلت هل سيمارس سلطته كولي امر للطفلين الآن فورا ام انه سوف يجعلها تعودهما على طاعته بالتدريج
ورأت في ملامحه وعينيه السوداوين نفاذ الصبر واطبق على فمه المستقيم بصرامة مما افقدها الامل ولكنها قالت راجية وقد اتسعت عينيها :لن يحدث ضرر لتكن هذه المرة الاخيرة يا سيد ميدوبوليس
ورد عليها قائلا:لكن ليس لدينا وقت قبل العشاء حتى يمكنك الاستحمام وتغيير الملابس دعي كاسيا تأخذهما يا انسة غرانجر
وشعرت بيد اليكس تقبض على يدها بشدة اما بول فاستغرق في النوم على كتفها وقفت كاترين مترددة لان الطفلين اصبحا الان في كنف خالهما
ولكن بعد ذلك اليوم الطويل المجهد لن يضير احد ان تصحبهما هذه المرة الى الفراش كعادتها دائما وأوحت اليها غريزتها ان تتوسل اليه بدلا من ان تتحداه:ارجوك لن أتأخر وسيكون ذلك في صالح الجميع

ولم ترق لستيفان توسلاتها كما رأت نظرة تعجب على وجه كاسيا لمجرد محاولتها تغيير رأيه كان هذا غير وارد على الاطلاق ولذلك دهشت عندما هز رأسه موافقا وقال:انها ليلتهما الاولى هنا ويجب مراعاة شعورهما بالغربة والتعب اذهبي معهما بصحبة كاسيا ولكن لا تضيعي وقتا طويلا لأني اريد مناقشتك في بعض الامور بعد العشاء يا انسة غرانجر
ثم استدار وعاد من حيث اتى وكان واضحا انه لم يحب ضعفه والخضوع لها بينما وقفت كاترين تنظر وراءه وتتعجب من الشعور الذي ينتابها بأنها رأته من قبل فوجهه مألوف لديها رغم انها لا يمكن ان تكون رأته ونسيته
وامتدت يد غريغوري تنبهها برفق وابتسم لها مشجعا وقال :سنتقابل ثانية على العشاء
وضغط على اصابع يدها برفق وتبع اخاه عبر البهو
وبدا على وجه كاسيا التعجب والدهشة فهذه هي المرة الاولى ترى فيها من يتحدى سيدها....
ثم سارت كاترين وراء كاسيا حاملة بول وساحبة اليكس القابض على يدها بشدة وابتسمت لانها كسبت الجولة الاولى مع ستيفان فهذا شئ خطير بالنسبة لرجل مثله

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 22-04-10, 09:10 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

2- قمر و ليل


كل شيء يبدو لها فخما علي نحو لا يصدق . بالرغم من تعودها رغد العيش كانت ثروة عائلة ميدوبوليس الواسعة فوق كل تصور و اكبر من اية ثروة عرفها ابوها نفسه ، و كانو يتغمسون في كل ترف تحققه لهم تلك الثروة . اعدو للطفلين جناحا خاصا ، ولا شك ان حياتهما الجديدة بما فيها من اثارة و غرابة انستهما وجودهما في مكان غريب ، فلم يتأثرو كما توقعت كاترين بل بدا كل منهما كأنه في محيط مألوف لديه .
ثم قابلتها خادمة سمراء ابتسمت لها و قادتها الي غرفتها ، حيث امضت كاترين وقتا سعيدا تنظر حولها وهي تستحم وترتدي ملابسها ، و بالرغم من ان ستيفان افهمها بشكل او بأخر ان تسرع ، الا انها امضت وقتا لتلمس بإعجاب رخام الحمام الجميل و اقمشة الحرير و القطيفة مما اضفي علي الغرفة لمسة الثراء الشرقي الذي اعتبرته قمة الفخامة و الذوق السليم .
منتديات ليلاس
و اكتشفت ان حقائبها سبقتها الي الغرفة ، وان ملابسها رتبت في الخزائن الواسعة فبدت هزيلة قليلة في تلك الخزائن المعدة لما يفوق ملابسها اناقة .
واختارت كاترين ثوبا اصفر باكمام واسعة و فتحة عريضة تكشف عنقها المرمري و كتفيها العاجتين فبدت حسناء جميلة .
ولما غادرت غرفتها واستعدت لنزول شعرت بحرج شديد مرة اخري . لم تكن تدري عدد افراد الاسرة و اذا كانو يستضفون احدا . وتمنت لو وجدت من يصطحبها و يأخد بيدها ولو شكليا الي مضيفها و عائلته .
وكان السلم واسعا فخما من المرمر المطعم بالذهب ، فخيل اليها انها تدخل الي مسرح ، ام البهو فبدا كالمعبد خاليا و ساكنا . لكنها سمعت همهمة فشعرت بالارتباك . ولم تقو علي اكمال النزول اذ لم تدر ما تفعل عندما تصل الي النهاية السلم واين تذهب فالابواب كلها موصدة امامها
وكان شعر كاترين الاحمر يلمع كالنحاس تحت الانوار التي تضيء البهو ، وعيناها الخضروان فيها نظرة شاردة تنساب بين اهدابها الكثيفة . لكنها شعرت كأنها سبب لها النزول عن ذلك السلم الفخم ،وسألت نفسها لماذا ينتابها هذا الشعور .
ثم سمعت كلمة ترحيب ترن في اذنها و كان الصوت ناعما و عميقا قطع عليها تيار افكارها . فتلتفتت بسرعة و ارتباك . لم تدر مين اين جاء ... كان شابا صغير السن لا يكبرها الا بسنة او سنتين ودلت قسماته علي انه احد افراد ميدوبوليس ، لعله الاخ الثالث ، كانت له قامة نفسها . طويل معتدل مثل غريغوري ، وستيفان ، و العينان السوداوان . وابتسم لها ابتسامة كشفت اسنانه البيضاء المتساوية التي تضيء وجهه الاسمر الوسيم ، ابتسامة تدل علي شقواة كامنة و اعجاب ظاهر بها .
وتقدم بسرعة و قابلها عند نهاية السلم و اخذ يدها ليلثمها و كلمها بصوت خفيض فيه بعض النبرات مغرية . ثم قال وهو يحاول التأثير عليها .
انا نيكولاس ميدوبوليس وانت كاترين غرانجر ، اليس كذلك ؟
فردت عليه قائلة وقد تأكدت ظنها بأنه اصغر الاشقاء .
- نعم انا كاترين ..
وفجاة زال عنها الخوف و شعرت انه اخذ بيدها كما تمنت فعلا و تأكدت ايضا انه لا يتأثر بسلطة اخيه الاكبر فارتحت له و قالت وهي تبتسم بارتياح :
- يسعدني لقاوئك يا سيد ميدويوليس .
ثم نظر اليها باعجاب من خلال عينيه السوادوين ، وطافت نظراته بكل قسماتها وتسلطت علي فمها وهو مازال ممسكا بيدها ثم قال برقة :
- ستجدين نفسك في تخبط اذا ناديت كل واحد منا ، يا سيد ميدوبوليس لذلك يجب ان تناديني نيكولاس ، ايهما تختارين .
قال ذلك وهو يدعي الجدية التي لم تبد علي نظراته
فارتحت كاترين له وشعرت ان عبئا ثقيلا انزاح عن قلبها اذ وجدت الشخص الذي يمكنه التحدث اليه وتفتح قلبها له :
- اشكرك يا سيد نيكولاس .
ثم لثم اصابعها ثانية قائلا :-
كم كنت اود ان احضر لمقابلتلك و اقلك بالطائرة الي جزيرتنا .
بدا كأنه لا يتعجل لانضمام الي باقي العائلة ثم اكمل حديثه قائلا :-
ولكن ستيفان رفض ومنعني من ان احظي بذلك الشرف .
وشعرت كاترين ان لا حق لها في الوقوف في البهو و التحدث الي نيكولاس ، لاسيما ان ستيفان اكد عليها سرعة النزول للعشاء مع الاسرة . لكنها ارتاحت الي نيكولاس بعفويتها اذ كان شهما لطيفا يبشر بلقاؤه بقضاء وقت سعيد معا ينعمان بصحبة طيبة ، ومن ناحية اخري لم تكن في عجلة للقاء اخيه البكر مرة اخري .
ثم استطرد يقول وهو يتصنع الجدية و عينياه تنمنان عن عكس ذلك :- انا نقمة علي كل من في الارض ومن في السماء ، هذا ما يقوله ستيفان دائما . وقد نهاني عن قيادة الطائرة حتي اتعلم المزيد من ضبط النفس .
قال ذلك وهو يشير بيديهما بما يدل عليه كلامه .
فابتسمت كاترين مؤاسية له ، كانت تستطيع ان تتخيل السبب الرئيسي لهذه المحاضرة التي القاها عليه اخوه ، لكنها تساءلت اذا كان يخضع نيكولاس لأخيه الاكبر مثل غريغوري ؟ ان ستيفان ميدوبوليس لن يتردد فقط في القبض علي مقبض السوط بل لن يترددايضا في استعمالهو الضرب به اذا لزم الامر .
وسألته كاترين تلقائيا :-
هل تطيع الاوامر دائما ؟
لكنها عجبت كيف تجرأت و القت هذا السؤال الشخصي عليه وهو شخص غريب لم تره من قبل ولم تقابلع الا في هذه الليلة .
اما نيكولاس فلم يهتم لذلك بل هز كتفيه العرضيت بلا اكتراث وقال :- من الاوفق اطاعة اوامر ستيفان كما ستتعلمين في المستقبل .
فقطبت حاجبيها واجابت :- ليس لدي النية ان اتعلم مثل ذلك .
قالتها بحدة ، فاقتراحه هذا فاجأها وكان صدمة قاسية لها جعلتها تتساءل ، لماذا يتصرف الجميع كأنها جاءت الي هذه الجزيرة للبقاء ؟
ونظر الي شعرها النحاسي اللامع وضحك ضحكة هادئة وقال برقة :-
انت شعلة نار وربما امكنك السيطرة علي ستيفان ولكن ليس هذا سهلا فهو رأس العائلة وسيد الجزيرة ، ولن يجرؤ احد ان يتحداه حتي انت ايتها المتمردة الحسناء .
ثم افاقا الي نفسيهما عند سماع صوت الباب يفتح و يخرج منه ستيفان الذي وقف برهة عابسا عندما رآهما معا ، مما جعل نبض كاترين يسرع خوفا ، الأمر الذي اعتبرته شيئا بالغ الغرابة ثم قال غاضبا :-
اننا ننتظركما للعشاء . وانت تعرف هذا جيدا يا نيكولاس .
فرد نيكولاس بلهجة التحدي قائلا و عيناه تبرقان بخبث الي كاترينا :- نقوم باجراء التعارف ولم نقصد تأجيل العشاء .
ورد عليه ستيفان :- اذا تم هذا التعارف فالحقا بنا اود ان اقدم الانسة غرانجر الي باقي العائلة قبل الطعام .
اجابت كاترين معتذرة قائلة :-
اسفة لأنني جعلتكم تنتظرون .
ولكن ساءها ان تعتذر له بلهجة الخضوع ، ذلك لأن هذا الرجل يملي علي غيره طاعته فيطاع . وعندما التقي نظرها بنظر نيكولاس تذكرت انها تعهدت الا تخضع لأوامر هذا الرجل كالآخرين .
- هيا ..
قال ستيفان و تقدمهماالي القاعة كانت هذه الكلمة كافية لأن تجعل كاترين تتبعه وخلفهما نيكولاس وحين تفتح الباب لمحت كاترين السيدات الثلاث في ملابس سهرة الطويلة ، يتحلين بأغلي المجوهرات وهن في قمة الاناقة .
وادهشها منظر الغرفة كما دهشت لمنظر البهو من قبل ، فالغرفة مستطيله و شقفها عال و تنيرها مصابيح كبيرة مشغولة من الذهب المتموج . مما يضفي عليها تلك اللمسة الشرقية التي وجدتها في غرفة نومها من قبل و حازت اعجابها .
شعرت كاترين كأنها لا تنتمي الي كل هذه الفخامة ، فالاثاث الثمين وملابس النساء الرسمية جعلتها تبدو بثوبها الاصفر البسيط كأنها عصفور كنار في مكان مليء بالطواويس .
نظرت السيدات اليا باهتمام وهي تتبع ستفيان فودت من كل قلبها لو انها ارتدت ثوبا رسميا مناسب ، وبدا ستيفان نفسه مهيبا بملابس السهرة السوداء و القميص الابيض المزكرش و كان بنطلونه الاسود انيقا اظهر عضلات ساقيه الطويلتين بقوة و تناسق .
ووقف ستيفان يقدم كاترين الي والدته .
كانت كاترين قد سمعت من ماريا ان السيدة ميدوبوليس تركية الاصل ولاحظت انها سمراء يفوق لونها سمرة اولادها ما عدا ستيفان الذي ورث عن والدته تلك السمات الشرقية ولاحظت كاترين ان شيئا ما في السيدة ميدوبوليس يذكرها بماريا . وان عينيها السوداوين النفاذتين تكسر فيهما نظرة عطف هادئة ارتاحت كاترين كثيرا . وكانت تتمتع بهدوء البال و لطمأنينة بخلاف بية افراد اسرتها الذين يتصفون بالعصبية وحدة الطباع .
احنت السيدة رأسها لكاترين مرحبة وامسكت بيدها لفترة بينما راحت تتفحصها ثم قالت :- اشكر لك اصطحاب حفيديي .
قالت ذلك بصوت حاد ولكنة اجنبية واضحة.
وعضت كاترين شفتيها فالاول مرة تصدمها حقيقة قلدها بول و اليكس و سالت نفسها هل يمكنها في التفكير في تركهما بدون ان تذرف الدموع وردت قائلة :- اتمني ان يكونا سعيدين هنا كما كانا معي يا سيدة ميدوبوليس .

ومدت السيدة يديها فجأة بيديها و قبضت علي يدي كاترين بجنان و قالت :- لا داعي للشعور بالحزن لمجرد تغيير وطنك يا طفلتي الصغيرة .انا متأكدة انك سوف تشعرين بالسعادة هنا .
واعقب ذلك صمت كاد يكون ملموسا نظرت كاترين بعده الي ستيفان فلمحته يهز رأسه لوالدته وقد بدت عليه الاسي لا الغضب ثم عادت تنظر الي الوالدة فوجدتها غضت نظرها وقالت كاترين :- سيدتي لا اظن انك ...
ولكن ستيفان قال لها لكي يغير مجري الحديث .
- تفضلي
وامسك بذراعها يقودها بعيدا عن امه لكن كاترينا قاومته للحظة ونظرت اليه عاسة ثم قالت :- لا افهم ذلك ...

لكنه قاطعها قائلا ببرود :- لقد اخبرتك من قبل ان هناك اشياء يجب مناقشتها معك . والآن تعالي لأعرفك بباقي افراد الاسرة و لنترك المناقشة لحينها .
ولم يكن بوسعها عمل اي شيء امام هذا الاصرار ، فهي لا تريد ان تسب اشكالا . وفجأة رأت نفسها تواجه امراة جميلة طويلة القامة سمراء لها عينيان سوداوين حزينتان بالرغم من الابتسامة التي تداعب شفتيها و سمعت ستيفان يقول :- هيلين ! انها الانسة كاترين غرانجر ، وهيلين زوجة اخي غريغوري ، كانت تعرف والدك .
شعرت كاترين ان هناك معني وراء تلك العبارة الاخيرة ، فردت عليه كاترين وهي ترثي لحال هيلين :- ظنتت اكم جميعا كنتم تعرفون والدي .
وشعرت بالعطف علي تلك المراة لسبب لا تعرفه ، فهي جميلة و غنية و متزوجة بذلك الشاب الشهم اللطيف ، غريغوري . ولم يكن هناك ما يدعوها لأن تعطف عليها الا انها زوجة اخ ستيفان ميدوبوليس الذي قال :-
نعم كنا نعرفه جميعا .
وابعدها عم زوجة اخيه بالقوة التي ابعدها بها عن امه . يد ستيفان التي كانت تقود كاترين الي افراد العائلة للتعرف عليهم اقلقتها وودت لو ابعدتها عنها ووضعت صاحبها عند حده لكن القول و الشيء و الفعل شيء اخر عند التعامل مع شخص مثل ستيفان .
وجاء دور غريغوري فابتسمت له ثم واجهت المرأة التي كانت تجاوره فوجدتها تحمل كأسا نصفها ممتليء بالمشروب الوطني و تبرق عيناها كلما نظرت الي ستيفان وبدت لكاتين متوترة تعسة الي حد ما و تنم قسماتها عن معاناة جعلت كاترين ترثي لحالها .
وقدمها ستيفان بصوت بارد ورنة رسمية قائلا :- ابنة عمنا .. الينا اندرياس
ورجعت ذاكرة كاترين الي الوراء عند سماعها ذلك الاسم فتذكرت ان ماريا اخبرتها مرة بأن احد ابناء عمومتهم كان يطمع ان يري ابنته زوجة لستيفان ، وذلك بالرغم من ان ماريا كانت لا تطلع احدا علي اخبار اسرتها لكن يبدو ان تلطعات والد الينا لم تتحقق, فلم تجد في اصبعها خاتم الزواج ولاحظت الينا افرطت في الشراب الشيء الذي دهشها . فهي تدرك صرامة تقاليد بالنسبة الي العائلات اليونانية نحو نسائها . ولاحظت كاترين ان نظراتها كانت تتجه دائما الي ستيفان و ان اليد التي اخدت يد كاترين كانت ترتعش
كان علي كاترين ان تهي هذا التعارف بسرعو و مرة ثانية كانت يد ستيفان توجهها نحو الباب وهي تتبع بقية افراد الاسرة و عندما جاء دور نيكولاس استوقفه ستيفان قائلا :- نيكولاس اصطحب كاترين معك وارجو ان تتذكر انها ضيفة علينا .
فرد نيكولاس وقد بدا وميض ضحكة في عينيه :- بكل تأكيد .
وابتسم نيكولاس لها ثم غمز ومد ذراعه فتأبطته وهو يقول هامسا :- هل ندخل الي العشاء ؟

ولولا وجود نيكولاس بجانبها لما امنكنها احتمال فترة الطعام فقد ارهقها كل ما كان يحيط بها من فخامة و ترف حتي انها تنفست الصعداء عند انتهاء الطعام بالفاكهة الطازجة اللذيذة .
وبينما كانت تبتلع ثمرة الفاكهة الاخيرة شعرت كاترين بيد نيكولاس السمراء تضغط علي يدها ووجهه يقترب من وجهها و يبتسم لها ابتسامة غامضة تنم عن شقاوة كامنة ورح محببة الي النفس وهو يقول لها هامسا في اذنها :- هل تتنزهين معي في الحديقة بعد العشاء ؟
وبحركة لا شعورية نظرت الي اخيه البكر الذي سبق ان حذره اانها ضيفة عندهم .
ولكن نيكولاس لم يكن متحفظا مثل ستيفان ولم يحاول اخفاء المعاني الكامنة وراء اقواله فدعوته لها تفصح عما يكنه لها من اعجاب فقال لها :- ضوء القمر جميل جدا في الخارج .
لكنها ردت عليه قائلة :- بكل تأكيد ولكني لن اذهب لمجرد النزهة ، ستيفان قلا ان هناك اشياء يود مناقشتها معي بعد العشاء .
هز نيكولاس كتفيه بحركة تدل علي عدم الاهتمام باخيه الصارم وقال :- لا تهتمي بستيفان فهو يعرف اين يجدك عندما يريد ذلك ؟
غادر الجميع المائدة ووقفو يتحدثون بلغتهم اليونانية تاركين كاترين لينكولاس فابتسمت له قائلة :- ربما امكنني الخروج معك قليلا الي الحديقة و التنزه بضوء القمر .
كانت ابتسامته دليلا علي انه كان يتوقع منها ذلك اذ تعود ان يملي ارادته علي الجنس الاخر فيطاع .
تأبط ذراعها وقرب وجهه الاسمر من وجهها ، كلما مال عليها ليكلمها برقة . ولم تر كاترين جمالا مثل جمال تلك الليلة . توسط السماء قمر اصفر كبير يطل علي بحر لونه بنفسجي غامق وبدت الاشجار الداكنة وكأنها دانتيل تشف السماء المضيئة من ورائها وكان عبير الياسمين وغيره من الزهور يعبق في الجو الساكن كل ذلك جعل الجو مشحونا بالخطورة في صحبة ذلك الشاب الساحر نيكولاس ميدوبوليس . وسارا خلال الاشجار الكثيفة حيث سادت الظلمة . وكان القمر يطل عليهما من كل ثغرة بين الاغصان المتشابكة . البحر يحيط بها و تتنهد امواجه الهادئة عند لمسها الشاطيء الذي كان يصل الي حافة الاشجار .
وكان جمال الحديقة رائعا جعل كاترين ترغب في البكاء لكن لم يكن وحده السبب اذ كانت تشعر بالتعب و بالعواطف المتابينة بعد كل ما مرت به من خلال ذلك اليوم الطويل المشحون بالتغير الشامل .
وكانت فرصو وجودها في هذا المكان الجميل وبصحبة ذلك الشاب الجذاب شيئا تمتن له ، لكن في الوقت نفسه كان تسيم اخويها اليكس و بول الي ولي مرهما الجديد شيئا لن تقوي علي احتماله :- هل انت حزينة ؟ .
سألها نيكولاس هامسا فهزت رأسها نافية مع انه كان يعلم مدي تألمها للافتراق عن اخويها ثم قالت وهي تبتسم :- كيف اكون حزينة و انا محاطة بكل هذا الجمال الذي لم احلم بمثله .
فابتسم ولمعت اسنانه البيضاء وقال يطمئنها :- ستطيب لك الحياة هنا .
عبست كاترين لسماعها لهجة التاكيد هذه ، كأنه اعتبر بقاءها معهم مثل الطفلين قضية مسلما بها فقالت :- لا افهم لماذا تفكر انت و السيدة ميدوبوليس انني سوف ابقي هنا ؟
ونطرت الي و شعرت بتوتر ذراعه التي كانت تسندها
- نيكولاس .
وسمعت كاترين صوتا معروفا جعل قلبها يخفق خوفا لوصول صاحبه فجأة فالتفت نيكولاس و قد بدا منزعجا لأنه ادرك ان احتكاره لها وصل الي النهاية ثم قال وهو يضحك ! :- ارايت سبق ان قلت لك انه سوف يجدك عندما يريد ذلك .
- اغرب في محادثة الانسة غرانجر علي انفراد .
قال ستيفان من غير ان يري مبررا لمشاورة كاترين في الامر ، فضغط نيكولاس علي ذراعها و ابتسم و قال لها :- سوف اراك ثانية يا كاترين .
نظرت كاترين اليه وهو يأخذ طريقه عائدا الي المنزل ، وشعرت بالاسف ليس فقط لأنها حرمت من صحبته اللطيفة ولكن لأنها ايضا كانت تخاف ستيفان و البقاء معه بمفردها ، ولم تفكر لحظة انه قد يتقرب منها كما كان يفعل نيكولاس لكنه كان يشعرها بالضالة وعدم الارتياح معه و كانت عواطفها هذه تقلقها و سمعته يسألها بهدوء :- هل تفضلين الرجوع الي المنزل للتحدث هناك ؟ .
و استغربت كاترين ان يشاورها في الامر فردت عليه وقدبست انفاسها وهي لا تصدق اذنيها !
- لا لا هذا شي لا يهم اطلاقا.
وظل لحظة ينظر اليها بعينه السوداوين اللامعتين في الضوء الاصفر ثم سألها في صوت هادئ :- هل تعدي اخي حدود اللياقة معك ؟
فهزت كاترين رأسها نفي قائلة :- طبعا لا ، لا .ارتسمت علي فمه الواسع المستقيم وكأنه وجد ردها السريع مضحكا ثم قال :- لأنك لا تعرفين نيكولاس جيدا والا ما نفيت هذا الاتهام بشدة .
ونظرت كاترين الي الجهة الاخري و بدا شعرها في ضوء القمر غامقا كشعره و قالت برقة :-
نيكولاس يروق لي ، فهو رقيق معي دائما .
ورد بهدوء :- نعم ... لأنك امرأة شابة وجميلة جدا والآن لتبدأ في مناقشة الماسئل التي يجب البث فيها ! .
و استدرات كاترين ونظرت اليه مرة اخري وهي تأمل لو تماسكت ولم تبك لبقاء الطفلين في كنف ذلك الرجل ثم قالت :- ليس هناك ما تناقشه يا سيد ميدوبوليس
- بل اظن العكس .
ثم ادارها حتي تواجه البحر الذي راح يهمس الي الشاطيء بأمواجه المتدفقة بهدوء علي الرمال . وغشتها لحظة شعرت فيها بسحر المكان الذي هدأ من نفسها ولكنه اثارها في الوقت نفسه ثم قالت له :- اذن نبقي هنا . اذا كان هذا لا يضايقك و اذا شعرت ...
الواقع ان التعب الذي نالها وفكرة تسليم الولدين لهذا الغريب القاسي كان اقوي مما تتحمله . فعضت علي شفتيها و غطت نظرها سحابة من الدموع فسألها ستيفان :- بماذا شعرت انسة غرانجر ؟
ولم يبد في صوته نفاذ الصبر الذي كانت تتوقعه فمسحت كاترين عينيها و رافعت رأسها . كانت قد اقسمت الا تبدي اي تأثير عندما يحين الوقت لتسليم الصبيين . وكان في وسعها ان تحفظ ذلك القسم لولا اصرار ستيفان علي مناقشة الموضوع باسهاب وبكل تفاصيله .
- هل تبكين انسة غرانجر ؟ .
سألها ستيفان هذا السؤال بصوت هامس و نظر في عينيها و رأي الدموع تملأهما و شعرت بأنفاسه الحارة تلهب خديها و فقالت له :- اقسمت الا ابكي ابدا . ويحسن ان احزم حقائبي و ارحل دون ان انظر خلفي .
فرد عليها بهدوء قائلا :- كل هذا لا ضرورة له .
نظرت اليه كاترين بسرعة ووجدت قسماته اكثر قسوة في ضوء القمر الاصفر الكبير و عينيه السوداوين العمقيتين بلا قاع كالليل نفسه فهو رجل لن يفهم عواطفها . وحتما سوف يحتقرها اذا ضعفت و بكت و اظهرت اي نوع من العواطف .
ثم قالت له بصوت ضعيف ينم عن مدي تأثرها وفرط انفعالها :- اني احب اليكس و بول و ليس كأخوين فقط بل لأنني ربيتهما خلال السنوات الاخيرة و اشعر انهما طفلاي . انهما قطعة من نفسي ولا يمكنني الانفصال عنهما .
- اذن لماذا تفكرين في تركهما ؟
وطرقت عينا كاترين لحظة و تساءلت .. تري هل تحلم او انها لم تسمع كلماته جيدا فهو حتما لا يعني ما قاله لها ! و قالت بصوت مختلج :- لا افهم شيئا .
- اظن ان عائلتي اوضحت لك ذلك بما فيه الكفاية .
وشعرت ان صبره ينفذ ، ثم ابتعد عنها و استند علي احدي اشجار السرو النحيلة التي بدت داكنة تحت سماء الليل . وقال : قررت ان تبقي ايضا معهما هنا حتي - حتي يتعودا علي الحياة .
وكانت كاترين تعلم في قرارة نفسها انه يعني شيئا اخر ولكنها لم تجرؤ علي الجهر به . فخفق قلبها ولم تدر تفسير لذلك . هل هو امل ام توتر او مخاوف من اشياء اخري و سمعته يقول بططريقة واقعيه هادئة :- اعلم انك وحيدة في الحياة لا اهل لك ، وانت صغيرة لا يليق بك ان تعيشي بمفردك في العالم ولذلك سوف تعيشين هنا مع اخويك .
وهزت كاترين راسها ولمعت عيناها الخضروان الوسعتان وهي تنظر اليه وتقول في صوت هامس :- ولكن هل تقصد ان تكون ولي امري ايضا ! هذا لا معني له .
و بعد لحظة وافق قائلا :- طبعا هذا لا معني له . ولكنك تحاتجين الي منزل يؤويك وعلي حد قولك انك مثل الام لأخويك . فان ابسط حل هو ان تبقي معهما وسوف تعني بك مما يجعل الطفلين يسعدان ، رتبت الامر لأحضار باقي امتعتك ، وسوف تجدين الحياة هنا طبية كحياتك في لندن وربما اسعد منها .
فنظرت اليه كاترين وهي لا تقوي عي تصور مدي التغير الذي سيطرأ علي حياتها اذا عاشت بين افراد عائلة ميدوبوليس ، ولماذا فكر ستيفان اانها بحاجة الي من يعتني ها كأنها طفلة صغيرة مثل الصبين ، ثم هزت رأسها وقالت :- لست متأكدة من قبول هذا الوضع .
فقطب حاجبيه و قال :- لا اري اية مشكلة في ذلك
وسارت قليلا علي الشاطيء و تسرب الرمل الناعم الي حذائها المفتوح نعم سوف تواجه مشاكل كثيرة اولها نيكولاس اذ سبق ان حذره ستيفان و نصحه بالاحترام في معاملتها ، وكان واضحا انه لن يسمح بأي تطور في علاقتهما . الامر الذي يكاد يكون مستحيلا اذا بقيت معهم .
ثم التفتت اليه مرة اخري وهو ما زال مرتكزا علي شجرة السرو و بقامته الطويلة النحيلة ، فبدا متزنا متنبها مثيرا هناك في ضوء القمر كتمثال اسمر عملاق . مما جعلها تظن انه هو التخر سوف يكون سببا يمنعها من البقاء معهم و العيش في كنفهم ثم قالت وهي تتنهد وترفع يديها الي وجهها :- يسعدني ان ابقي هنا مع الصبين .
ولاحظت ابتسامة خاطفة علي وجهه كشفت عن اسنانه البيضاء عند اعترافها بهذا التسليم و قال لها :- اذن ليس هناك ما نناقشه بعد ذلك .
ثم ترك الشجرة ووقف منتصبا و قد بدا اطول بكثير في الظلال المتحركة ، و عيناه تبرقان كالفحم في ضوء القمر ، وكانت تفترض ان ينتظرها لترافقه الي المنزل ، ولكنها شعرت فجأة في تلك اللحظة بذلك الاحساس الغريب بأنها قد سبق لها رؤيته من قبل فسألته :- اين رأيتك قبل اليوم ؟ .
قالت ذلك بصوت هامس حائر وهي مترقبة رده فلم يرد لتوه بل وضع يده في جيبه واخرج سيكارخ اخذ يشعلها بتمهل ثم رد عليها قائلا :- لم اتوقع انك سوف تتذكرينني ، ففي العام الفائت كنت في صحبة بعض الزائرين لمتحف الاثار الاغريقية في برمنغهام . اليس كذلك ؟
- نعم بكل تأكيد .
وفجأة انجلت لها الحقيقة ولكن عجبت كيف ظل يذكرها الي الآن .ذهبت مع صديقة لي الي المتحف تاركة اخوي في رعاية والدتهما .
- كنت قد اعرت المتحغ بعضا من قطعي الفنية و اذكر ان قدمك زلت و كدت تسقطين علي السلم .
واومات كاترين براسها و تذكرت تلك السواعد القوية التي اسرعت و منعتها من السقوط علي سلم المتحف الرخامي و تلك السمات السمراء القوية للرجل الذي يمسك بها الي ان استعادت توازنها و تذكرت مداعبة صديقيتها لها بأنها لم تستغل تلك الفرصة و نظرت كاترين اليه و تضاربت مئات الاحاسيس المختلفة في رأسها ثم قالت :- لم اكن اعرفك وقتئذ .
وقال برقة :- ولا انا .
وخفق قلب كاترين وهي تتذكر نظرة التردد و التساؤل التي استقبلها بها في اول لقاء لهما في بهو منزله ثم جازفت بسؤاله :- هل تذكرتني عند وصولي ؟ .
وأومأ ققائلا :- لي ذاكرة قوية لكل الوجوه التي رااها . كما ان لون شعرك شيء يميزك ذائما .
فابتسمت و قالت :- انكلترا مليئة باعداد هائلة من ذوات الشعر الاحمر .
- ربما كان ذلك صحيحا .
ثم امسك بذراعها ليصطحبها الي المنزل مخترقا الاشجار الكثيفة وشعرت بأطراف اصابعه تلمس جلدها برقة و استطرد :- ولكن ليس شعرك الاحمر فقط هو الذي يميزك يا انسة غرانجر .
لكن كاترين لم تحاول الوصول الي ما يعنيه فلمسة اصابعه علي ذراعها كانت اكث اثارة من ضغط نيكولاس ، ولذلك سألت نفسها مرة اخري هل من الحكمة البقاء معهم دائما .



 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 22-04-10, 09:14 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

ان شاء الله بكرا اكملهــآآ

قراءه ممتعة

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 23-04-10, 02:56 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64726
المشاركات: 961
الجنس أنثى
معدل التقييم: الجبل الاخضر عضو له عدد لاباس به من النقاطالجبل الاخضر عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 127

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الجبل الاخضر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

حماسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ياحلوه ننتظر التكمله

 
 

 

عرض البوم صور الجبل الاخضر   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اصابع القمر, ريبيكا ستراتون, روايات مترجمة, روايات رومانسية, روايات رومانسية مترجمة, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, rebecca stratton, عبير, عبير القديمة, yellow moon
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:34 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية