أحتـرآق حُلم
[3]
على ضوء سرآج فتك بهِ الزمن وشيئ ممآ رزقهم بهِ الله
حبآت زيتون وقطع خبز مُجمًعه وبعضُ المآء
أجتمع الجد والجده مكلومين مغبونين على حآل أحفآدهم
همست الجده وهي ترى أن زوجهآ همومه قد لآمست الجبآل
[ وش فيك يآ محمد عسى مآشر ؟ ]
آثر الصمت والأنشغآل بالأكل حتى لآ يُشآطرهآ هذآ الهم
همست بأخرى وهي لآ تزآل مُتحليه بصبر نسآء الجنوب على طبيعة زوجهآ القآسيه
[ ابو خآلد وش فيك ؟ ليه مآ تحآكيني حنآن من رجعت وهي متغطيه تحت هالبطآنيه
والحمى هآلكتهآ وانت سآكت ومآترد علي ]
كفت يدهآ عن اللقمه اللى كـآنت تآكلهآ بحزن وبقلق
[ أحمد فيه شي علمني ؟]
رفع نظره وركز عينيه عليهآ لهج بـ [ الحمد لله ]
صآدره من الأعمآق لأن السرآج ذآ نور خفيف يمنع الجده
بأن تكشف دموع الجد المغبون أكمل بعد صمتٍ حكيم
لدقآئق حتى يرتب الكلمآت
[ بخير مآعليه خلآف ويسلم عليك لآ تشيلين هم
وبعدين تعرفين حنآن ذي الحمى عليهآ من اسبوع ]
كف يديه عن الأكل وهو يردد الحمد لله
[ خذيه لحنآن يمكن تآكل ]
وقف وسط ذهول الجده [ أنآ تعبآن من السيآره بروح امدد ظهري شوي ]
أحسآسهآ قوي
كيف وان كـآن بشريك عُمرهآ وأنيس وحدتهآ
نفذت أوآمره بهدوء حملت الصحن الحديدي
بشئ من الصعوبه لـ كبرالسن وأثآر الرومآتزيوم
جثت على ركبتيهآ قرب رأس حنآن
غرفه خآليه تقريباً الا من مرآيه سبق ذكرهآ في الجزء السآبق
وخزآنه بسيطه تحوي قطع من ملآبسهآ وملآبس أحمد وبعض الفرُش للنوم
[ حنآن يُمه قومي كلي ]
زفرت حنآن الآه من صدرهآ بصوت مكتوم تعشق جدتهآ حد الجنون ولآترغب في حزنهآ
رفعت تلك البطآنيه شعرت ببردٍ يتخلل عضآمهآ
تحآملت على ذآتهآ وهي تعتدل في الجلسه وتبتسم ابتسآمه بآهته تخلو من الحيآة
استطآعت الجده المغلوب على امرهآ ان تشعر بحفيدتهآ
مدت لهآ يديهآ واحتضنتهآ علهآ تتشآطر معهآ الهموم
رمت حملهآ الأخرى في حضن جدتهآ وبدت في بكـآء مرير
استمر لأكثر من سآعه
فضلت الجدهخلآلهآ الصمت على ان تسأل حفيدتهآ وتجدد الجروحهآ
بعد هدوء العآصفه اللتي أجتآحت حنآن زفرت حنآن بآآآآآه طويله
علًهآ تُخرج وجع الفقد من دآخلهآ مُستعد ه ان تبدأ الحديث تحتآج ان تتحدث وتحتآج لمن يستمع
ولن يكون هُنآك من هو أفضل من جدتهآ أو بالأحرى أمهآ اللتي قآمت بتربيتهآ بعد وفآة امهآ الحقيقيه..
همست من بين نحيبهآ وتنهيدآتهآ
[ معآد يبيني اروح له يقول خطر علي ]
شعرت الجده بشئٍ من الطمأنينه الأهم ان يكون حفيدهآ بخير ردت عليهآ بحنآن بآلغ
[ وهو صآدق يمه قربتي تولدين والروحآت في الطريق الخآيس ذآ خطر عليك ]
صدرت منهآ شهقآت متوآليه بصوت مبحوح يدل على الم عميييق
[ جده ليه مآتفهميني وربي مآ أقدر ] ضغطت على رآسهآ بيديهآ النآعمتين
همست بألم مع أختفآء الصوت تقريباً
[ أموت من غيره يآجده والله أموت ]
زفرت الجده بـأعترآض
[ استغفري ربك وش هالكلام يآ حنآن الوحده منآ تسمع كلآم رجلهآ حتى لو كآن على قص رقبتهآ
ورجآلك مآ في كلآمٍ عليه رجآل [ن] شقآي تعب وكد علينآ وكآن مصدر رزقنآ ظلمه حظه يوم طآح بهالبلوه
انتي أكثر وحده تدرين أنه بريئ ..]
قآطعتهآ حنآن بصوت مبحوح
[ ادري يآجده والله العظيم ادري بس ابيه معآد اتحمل فرقآه ]
اكملت الجده المُعتآده على حآل حنآن هذآ من سبع شهور
[ قومي كلي اذآ مو عشآنك عشآن اللي في بطنك لآتنسين
انه ظنآه وبيفرح لو أهتميتي بقطعه منه ]
مدت يدهآ للصحن الحديدي وبدت تأكل بصمت
ودموعهآ لآزآلت تنسآب على خدودهآ بهدوء
.
.
.
.
في أبهآ
وكأن أروآح العآشقين تتلآقى في ذآت الموعد في غير المكآن
جآلس جسد بلآ روح ثلآث أيآم أو أكثر لم يمس بطنه غير المآء
خشي أن يموت دون أن يعود للحيآة ويتنفس أُكسجينه المُسمى حنآن
كف يده عن الطعآم بعد أن سد رمق جوعه ليحيآ فقط لهآ ومن أجلهآ
ليصآرع الموت ثمآنُ سنين ويعود ليكون سنداً لهم من جديد
كيف لعجوزٍ تجآوز عُمره السبعين أن يحمل عبئ زوجه مكلومه وحفيده موجوعه
مع طفلتهآ ذآت الأب الغآئب الحآضر
تجرع غصآت الألم لآ يرغب بأن تحيآ بذرتهُ الأولى بعيداً عنه
لطآلمآ سكنت نفس المأسآه ذآته وأقسم مئآت المرآت أن لآ يلقي بأبنآئه كمآ فعل بهِ أبيه
أقسم ان يُذيقهم معنى الأبوه اللذي افتقده
ولآ يُجرعهم علقماً تجرعه
تأبى الأقدآر أن تهب المرء كلً مآيريد وتأبى عجلة الحيآه ان
تتقدم للأمآم دفعةً وآحده ثمآن مرآت
لآزآل صوت نحيبهآ عآلقاً بمسآمعه
ولآ زآلت شهقآتهآ خنآجر في صدره
توسد الطآبق الثآني من السرير البآلي وبدأ
بسرد شريط مآضي مٌشرق علهُ يتنآسى بهِ مُستقبلاً مُظلم
..........
,, لم يُكمل أحمد الثآنوي لـطبيعة الحيآة القآسيه عمل
أعمآل مُتفرقه ابرزهآ انهُ يجمع الحطب يُنظفه ويرتبه من ثمً يبيعه
لبيوت القريه ....
حنآن ابنة عمته والمُجآوره لهُ في
ذآت البيت اللذي شهد أسمى معآني الجمآل
كآنت عضده في هذآ الأمر هوَ يجمع الحطب
وهي تصفصفه وترتبه بعنآيه فآئقه
من هُنآ نمى العشق وترعرع الحب الأصيل
ومن ثم تربع حنآيآ القلب وأفترش الذآكره والوجدآن
ومن هُنآ فقط عَرف معنى الجمآل معنى الحيآة معآنى ان تبذل لأجل من أحببت
في كلٍ مره يرى في عينيهآ أنوثه طآغيه وطفوله مُفعمه بالحيآة
ترفل تحت جنآح جديهآ رآضيةً غير سآخطه سعيده غير مُتذمره
عصفت بهِ ذكرى مريره بودهِ أن يعيد عجلة الحيآة للورآء ويمحي هذآ الجزء فقط
يؤرقه يُحزنه بل ويهدي لهُ كوآبيس تعيسه وأشبآح تلآحِقه في كلٍ حين وبكلٍ آن.
.
.
.
قبل سبعة شهور في عآم 2001 م...
.....
ليلةٍ حآلمه وكأنهآ بمثآبة الف ليله وليله
التقى بهآ العشيقآن بعد زوآجِهمآ بشهرين فقط
تحت أنوآر السرآج ذآته اللذي سبق وصفه
حلقوآ عآلياً ترآقصت هي على أطرآف النجوم
وتوسد هوَ الغيمْ مُتأملاً لرقصآتهآ
لآمست هي أرض القمر وأرتقى هو لهآ
[ رجآل الجنوب ذو طِبآع قآسيه وتجلد وآضح
نتيجه لطبيعة المعيشه وصعوبة التنقل وكثرة الجبآل
أنتشر بهآ جُلً الرجآل الأقويآء والأشدآء
فكآن للحنآنهم مَذآقٌ خآص لآ تُدركهُ الآ من عآيشته
و لعشقهم موسيقآ تختلف عن غيرهآ لأنه العشق المجنون ]
.
.
ظهرت شمس تلك الليله مُعلنه عن مغيب القمر وبدآية يومٍ شآق بالعمل
لكسبِ العيش من ثم ليآلٍ حآلمه وغسلُ ذآك التعب وهكذآ دوآليت
تُجهد هي نهآراً لتُسعد ليلاً
ويشقى هو نهآراً ليحيآ ليلاً
أقترب الغُروب ولُبدت كبد سمآء الجنوب بالغيوم
[ تشتهر الجنوب بالأمطآر والمنآظر الخلآبه ]
وتمتلأ الأجوآء بالضبآب لتهطُل أمطآر الخير والبركه
هرول مُسرعاً وسط تلك العُتمه القآتمه من قمة ذآك الجبل القريب من القريه
لتُجهد يديه من حمل الحطب لآ يُريد أن يخسره فقد بذل جُل يومه في التقآطه
أستمآعه لصرآخآت انثى قريبه منه أحمى نخوته وثآر غريزته
ليرمي بالحطب جآهداً ويلهث خلف الصوت ولم يكن يعلم ان نهآيته هُنآ
.
.
شآب لم تكُن الرؤيآ وآضحه فلم يُقدر عُمره
يعتصر رقبة انثى بين يديه وعجوز يقف بالقرب منهم
أن تُرفرف تلكـ الانثى الكسيره تحت يدين ذآك المجنون يثير أي شخصٍ كآن
أشآرَ بسلآحه وقآم بتهديد الشآب بصوتٍ عآلٍ
لفعلِ ضجيج المطر ولكن الشآب لم يأبه حتى سقطت تلك الفتآه ميته
انقض العجوز على أحمد في غفلةٍ منه وهو بين مُصدق لمآ رأته عينيه ومكذب
ودآرت معركه بين العجوز وأحمد حتى أطلق أحمد النآر على العجوز دون قصدٍ منه
مآت العجوز ....
في ذآت اللحضه هرول الشآب الى سيآرته المركونه تحت الشجره وهرب ""
..............
أعتصر عينيه بيده على أسوء ذكرى في عآلمه
وبين غفوةٍ وصحوه كوآبيس وأشبآح حنآن وصرخآت آهآت وعبرآت
وكآنت ليلة أحمد مثل ليآليه السآبقه بآرده مُخزيه
.
.
.
.
قرية السيل ..
فتحت الرسآله بيدين مرتجفتين لتلتهم عينيهآ
حروفه وتتعآلى أنفآسهآ نتيجة الانهيآر القريب
.
.
[ كل عآم وانتي حبيبتي وروحي وعمري تدرين فيني
أكره الكلام المنمق والمرصوص في كل السنين اللي
رآحت ومن كآن عمرك عشر ..
كنت اهديك بذآ اليوم اي هديه وكآنت فرحتك سبب لأفرآحي
أكره يديني اللي مآ تقدر تطوقك بالفرح
اكره بُعدي عنك أكره عجزي وأكره اليوم اللي بعدت عنك فيه
حنآني ...
كوني مكآني انتبهي لجده وجدي انتبهي لنفسك لأني ابيهآ لآ تبكيني حي يآ حنآن
اذكري كل مآ تعبتِ ان لكـ من يعشق ترآبك
انتبهي لولدنآ طمنيني عنك مع جدي اذآ ولدتي
تمنيت أكون معآك بهاللحظه تمنيت امسح تعبك بعد مآتولدين واحضنك
بس ربي مآ آرآد قسمه ونصيب يآبنت العمه قسمه ونصيب ]
تعآلت شهقآتهآ وارتفعت آهآتهآ بحسره
ضمت تلك الورقه اللتي أختلط الحبر فيهآ بالدموع
حتى بآتت زرقآء لثمتهآ بجنون بوجع بآلغ
وكــآنت ليلتهآ بآرده تصحب معهآ ذآت الكوآبيس اللتي لآزمت عشيقهآ
دون ملجأ دون قلب يحتضنهآ ...
.
.
وللحديث بقيه
كونوآ بقربـي لنحلق في سمآء الجنوب
.
.