24-02-10, 03:07 PM
|
المشاركة رقم: 1
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
الادباء والكتاب العرب
عبدالجواد خفاجى , الراقصة والعجوز , دار الرقىّ , 1986
بسم الله الرحمن الرحيم
عبدالجواد خفاجى , الراقصة والعجوز , دار الرقىّ , 1986
المرأة لا تعبأ كثيراً بتجاوز العلاقات الجسدية عندما تكون مجرد عشيقة ، فالعلاقة بينها وبين عشيقها علاقة اقتسام اللذة وليست اقتسام الحياة .. فهى تعرف منذ البداية أنها مجرد كأس يعب عشيقها منه الخمر والعسل ، وقد يكسره فى النهاية ، عندما يشبع ولقد كنت صنفًا جديدًا بالنسبة له ، عليه أن يتذوق طعمه .. كان يملأ غرفته بزجاجات العطور ، وعينات العطارة ، وبعض أدوات "المكياج " استعدادًا للسفر . إنه رجل أعمال أنيق .. يحمل أكياس المال كأنها أكياس تبغ ومحار .. العالم عنده مدينة صغيرة ، مطارات العالم كلها لا يفصله عنها سوى عامل الزمن فقط .. لم يتزوج بعد وكأنه لا يحب شريعة العلاقات ، الحياة عنده صفقات ، صفقة هنا ، وصفقة هناك ، احتمال الربح والخسارة أمر وارد فى العلاقات التجارية ، وعنده أيضا فى العلاقات النسائية ، فالمرأة بالنسبة له صفقة جسد ، قد يكسبها اليوم ، وقد يخسرها غدًا ، وعندما يأتى الغد يأتى بعلاقاته ، وصفقاته وما يخسره اليوم قد يكسبه فى الغد ، كنت أعرف أن علاقتنا لن تدوم ، لكنى كنت أحتاج إليه كثيرًا فى ذلك الوقت .. ولماذا لا أنتفع برجولته وثرائه معاً ..؟ وإنها الفرصة لأرى فيها العالم يترنح تحت قدمىَّ . وكأن عشيقته السابقة لم تتعرف عليه بعد ، نظرت إليه وهو يطوقنى بذراعية نحو الداخل نظرة عتاب لكنها تصنعت الكبرياء واللامبالاة وكتمت أنفاس شيطانها ، ولملمت بقايا ثيابها واتجهت صوب غرفتها التى تفتح على صالة مشتركة مع غرفته ، وأغلقت الباب دونها ، وفى الصباح كانت قصاصة صغيرة ملقاة فوق الطاولة الصغيرة ، كُتِبَ فيها : - " لكأنى كنت عبقرية .. لقد توقعت ذلك يوم عرفتك ، لكن عزائى الوحيد أنها سوف تترك نفس الكلمات فوق قصاصة مثل هذه يومًا ما، ولكن يجب أن تعرف أننى لم أخسر كثيرًا بفقدك ؛ فأنت مجرد رجل يحمل قلبه فوق شفتيه ؛ ليلقيه فوق أجساد النساء طالما يقبلهن ، وعندما يكف عن التقبيل يحمل قلبه راحلاً نحو أرض جديدة " قرأها ونكس رأسه ، ثم ما لبث أن مط شفتيه باستغراب وكأنه يريد أن يقول لماذا تلومنى هذه الوقحة ؟! نظرت إليه والنوم ما يزال بعينىَّ وسألته : - كيف التقيتما ؟ فأجاب ببساطة متناهية: - فى شط العراة بمدينة " كان " بفرنسا . فتابعت التساؤل : - وكم قضيتما معًا ؟ - شهرين ... هنا أحسست بالخطر الذى يهددنى ؛ فإذا ما كنت كسابقتى سوف أغادر أحضانه بعد شهرين فلن أجنى من ثروته شيئًا لهذا كان لابد أن أجد لنفسى الحيلة ، حتى لا يكسر كأسى سريعًا .. الفقر شىء مدمر ، وإذا بقيت هكذا بلا كسب فلا شك أنى ملاقيته يومًا ما 00 وإن كنت امتلك الآن بعض المال ؛ فهى أموال بلا حركة ومصيرها إلى زوال 00وقتها لن أجد سوى أحضان الطرقات ونظرات المتسكعين ، أحسست بالخطر مرة أخرى ، فوضعت يدى سريعاً فوق وجهه أتتحسس خشونته ، وألتمس من عينيه الرضا مضى اليوم سريعًا ، حيث قضيته نائمة استعدادًا لسهرة جديدة قد يعتصر فيها جسدى ، وقد تتعثر فيها خطاى من الثمالة . وكانت ليلتى الأولى معه .. لم يتحسس جسدى كما يفعل بقية الرجال ، ولم ينظر فى عينىَّ .. كأنى لست أنثى أو لكأنه ليس رجلاً ، لست أدرى لماذا تركنى وآثر الخلود إلى نوم عميق. أسلوب لادراية لى به ، يذكرنى بالماضى .. بزوج أمى الذى لم يكن يعاملنى كامرأة ، واكتفى أن يلهو بى كدمية جميله ناعمة . ورغم ذلك أحسُّ بالرهبة ، وأخشى اللقاء الجسدى معه بقدر لهفتى إليه ، وكأنى عروسٌ فى ليلة الزفاف .. شبح الماضى يطاردنى ، وخطاب أمى مازال عالقًا بذهنى ، ولكن الانتقال من الاستقامة إلى الانحراف شىء ، والانتقال من الانحراف إلى انحراف أشد شىء آخر. لقد فقدت عذريتى وفقدت معها كل شىء .. ولأول مرة يومها أدرك أن أولئك الذين يربطون شرف الفتاة فى غشاء بكارتها على حق .. وأن امرأة مثلى امرأة لا تُحَاسَب ؛ ربما لأنها تسير فى طريق لا يعرف الحساب . وإذا كان للتجرد بداية فإنى أذكر ليلتى الثانية معه .. يومها خلعت كل براقع الحياء والضمير وتبرقعت بالنشوة والسكرة، ونسيت العالم. أتذكر أنه همس فى أذنى يومها وهو يداعبها بأطراف أصابعه : ـ إنك شهية كالعسل ، ورائعة كزهرة الفل ودافئة كشرنقة الحرير . كلمات هادئة حالمة من رجل يجيد الكلام .. ويجيد الغزل ، كل شىء فيه يدعونى لأن أقول له صراحة .. وهبت لك نفسى ، لكننى اكتفيت بأن ألتصقَ به حتى الصباح ، أنها ليلة دافئة قضيتها بين أحضانه.
للتحميل
من هنا
او
من هنا
قراءة موفقة للجميع
|
|
|