كاتب الموضوع :
mefayed
المنتدى :
ملف المستقبل
صاح صبحي في غضب :
- هل تظن أنني توهمت ذلك ؟ يا للسخافة !! إنني أعمل في دوريات الشرطة منذ عشرة أعوام ولقد قطعت هذا الطريق أكثر من ألف مرة في كل أوقات النهار والليل ..
ابتسم شوقي قائلا :
- ربما أنك ...
قاطعه صبحي صائحا في غضب :
- ليس هناك ربما .. لقد رأيت هذا الأراجوز وسأحضره إلى هنا مكبلا بالاغلال .
قال عبارته وغادر السيارة في إصرار ولما أدرك شوقي أنه لن يستطيع منعه أسرع يلحق به وهو متبرم من تلك المهمة الروهمية التي حرمته لذة النوم .
سار الاثنان بخطوات حذرة بطيئة نحو الأطلال الفرعونية القديمة وأشعل صبحي مصباحه الذري فغمر المكان ضوءه الساطع مسقطا مزيدا من الظلال في مزيج زاد من جو الرهبة الذي يسود المكان وتقدم الاثنان يتفحصان المكان بعيون خبيرة مدربة ..
وفجأة برز من بين الأطلال رجل ضخم الجثة مفتول العضلات أسمر البشرة خفيف شعر الرأس بدرجة كبيرة إلا من منطقة جلدية تغطي وسطه وأعلا ساقيه موشاه بنقوش فرعونية مميزة انقرضت منذ آلاف السنين ..
برز هذا الرجل بغتة وهو يطلق صيحة مرعبة ارتجفت لها أجساد الشرطيين ثم قفز نحوهما في جشارة مذهلة وهو يحمل في قبضته خنجرا بدائيا ضخما ..
تفادى صبحي خنجر الرجل الضخم في اللحظة الأخيرة ثم هوى بقبضته على مؤخرة عنقه بضربة ساحقة سقط الرجل على أثرها أرضا وهو يطلق من بين شفتيه حشرجة مؤلمة فقد بعدها الوعي تماما ...
ظل الشرطيان في ذهولهما فترة من الزمن ثم قال شوقي بصوت يملؤه الذهول :
- هذا مستحيل !! إن الرجل يبدو وكأنه قد مر عبر الزمن .. اجتاز آلاف السنين ليهبط فوق رءوسنا .
تلفت صبحي حوله يتأمل المكان الذي لم يتبدل مطلقا منذ مئات السنين , ثم قال بصوت مرتجف قلق :
- من يدري ؟ .. ربما عدنا نحن آلاف السنين وغصنا في أغوار الماضي.
رحلة إلى الماضي ....
هبط المصعد البللوري الاسطواني بالرائد نور إلى الطابق العاشر تحت مستوى سطح الأرض من إدارة المخابرات العلمية المصرية وهو يشع بضوئه البنفسجي الهادئ حتى توقف أمام البوابة المعدنية المستديرة التي تحمل شعار القائد الأعلى للمخابرات وأسرع نور يبسط يده أمام مربع زجاجي صغير بجوار البوابة فتحول المربع إلى لون أزرق براق وانطبعت فوقه صورة واضحة لكف نور باللون الأحمر وظلت كذلك برهة ثم تحولت إلى اللون الأخضر ثم الزيتوني وسرعان ما تلاشت وسط الضوء الأزرق وتحرك جانبا البوابة في هدوء مفسحين الطريق أمام نور الذي تحرك في خطوات عسكرية ثابتة وعيناه مركزتان على وجه القائد الأعلى حتى أصبح على بعد متر واحد من مكتبه فرفع يده بالتحية العسكرية وقال في صوت رزين واضح :
- الرائد نور في خدمتك يا سيدي .
رفع القائد الأعلى يده في تحية سريعة ثم قال :
- يسعدني أنك تمكنت من القدوم بهذه السرعة أيها الرائد .
وقبل أن يتفوه نور بالعبارة التي دارت في خلده استطرد القائد الأعلى :
- منذ خمس ساعات بالضبط حدثت واقعة غاية في العجب .
ثم قص عليه حادث الشرطيين شوقي وصبحي ولم يكد ينتهي حتى قال نور :
- هل تم استجواب الرجل يا سيدي ؟
أومأ القائد الأعلى برأسه علامة الايجاب وقال :
- هذا هو مبعث الغموض في الأمر أيها الرائد فلم يكد هذا الرجل العجيب يفيق من غيبوبته حتى شرع رجالنا في استجوابه لمعرفة سبب هذا الهجوم العجيب وتلك الملابس التي ظنوا أنها مزيفة ولكن ...
صمت القائد الأعلى لحظة تملك فيها الفضول من نور تماما ثم استطرد :
- ولكن اللغة التي تحدث بها في ذعر واضح لم تكن مفهومة على الاطلاق ... ولقد حاول الجميع تفسير ألفاظها ومخارجها ولكنهم فشلوا تماما في تحديد اللغة التي يتحدث بها الرجل برغم أن برنامجه يضم كل اللغات المستخدمة في جميع أنحاء العالم حتى النادرة منها , وكان الرجل الغامض طوال هذا الوقت يتطلع إلى الجميع في حيرة وخوف وقلق ...
عاد القائد الأعلى إلى صمته فقال نور :
- هل تأكدتم من حالته العقلية يا سيدي ؟
ابتسم القائد الأعلى وقال :
- إن عقلك يعمل بصورة منظمة أيها الرائد .
ثم اعتدل في مجلسه وقال :
- نعم .. لقد فحصنا عقله بصورة روتينية فأنت تعلم أنه منذ كشف علاقة الهرمونات بالحالة العقلية لم تسجل حالة جنون
واحدة عجز الطب عن علاجها حتى أن كل المصحات العقلية أغلقت أبوابها , عموما لقد فحصنا عقله ووجدنا أنه يتمتع بقواه العقلية الكاملة .
تردد نور لحظة ثم قال :
- أخشى أن أصرح بما يدور في خاطري يا سيدي .
مط القائد الأعلى شفتيه وقال :
- أعلم ما يدورفي عقلك أيها الرائد ... إنك تخشى القول إنه من المحتمل أن يكون هذا الرجل فعلا واحدا من قدماء المصريين وصل إلى عصرنا بصورة غامضة ...
وصمت لحظة ثم قال :
- لقد فحصنا هذا الاحتمال أيها الرائد وأعتقد أن ما وصلنا إليه سيكون بمثابة القنبلة ... لقد لجأنا إلى واحد من أعظم علماء اللغات الميتة وهو الدكتور شريف حافظ ولقد أكد هذا العالم الموثوق به أن الرجل يتحدث باللغة الهيروغليفية القديمة التي كان يتحدث بها قدماء المصريين منذ آلاف السنين ... كام أكد عالم آخر من علماء الأجناس وأقصد الدكتور محمد فادي , أن الرجل يمتلك نفس الملامح المميزة للجنس المصري القديم .. الشفاه الغليظة والأنف الممتلئ والبشرة السمراء والعيون السوداء الواسعة .. نفس الملامح التي تراها في النقوش الفرعونية على جدران المعابد الأثرية , كما أنه يرتدي نفس الزي وحتى الخنجر الذي كان يحمله من نفس النوع وطريقة الصنع التي كان يتبعها المصريون القدماء .
كان عقل نور خلال حديث القائد الأعلى يعمل بصورة خرافية وسرعة خارقة محاولا إيجاد تفسير مقنع لكل ذلك حتى سمع قائده يقول :
- لا يوجد حتى الآن تفسير منطقي لوجود هذا الرجل في القرن الحادي والعشرين بعد آلاف السنين من الزمن المفروض تواجده به ...
هز نور كتفيه وقال :
- إن لي رأيا غير مشجع بالنسبة للسفر عبر الزمن يا سيدي .
هز القائد الأعلى رأسه بدوره وقال :
- هل تقصد ان الرجل سافر بوسيلة ما عبر الزمن ؟ ... لا أعتقد أن هذا الاحتمال مستبعد تماما أيها الرائد فنحن في عصرنا هذا لم نحل كثيرا من غموض لعبة الزمن , كما ان الظروف لم تتح بعد لإثبات نظريات ألبرت أينشتين في هذا الشان .
مط نور شفتيه وقال :
- ربما كان هناك تفسير آخر يا سيدي .
صمت القائد العلى لحظة ثم قال في هدوء
|