المنتدى :
المنتدى الاسلامي
تأملات من سورة الحج ( 1)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
"وفيها – أي سورة الحج – من التوحيد والحكم والمواعظ على اختصارها ما هو
بين لمن تدبره، وفيها ذكر الواجبات والمستحبات كلها: توحيدا وصلاة وزكاة
وصيام؛ قد تضمن ذلك قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا
ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}، فهذه الآية والتي بعدها لم تترك خيرا إلا جمعته
ولا شرا إلا نفته" [ابن تيمية)
"عند التأمل في آيتي: {فمن فرض فيهن الحج}، {وأتموا الحج والعمرة لله} مع أن
الحج قد يكون تطوعا؛ لكنه أوجبه على نفسه بمجرد دخوله فيه، ففي هذا درس في
تعظيم شأن الالتزام بإتمام أي عمل إيجابي يشرع فيه المسلم، وعدم الخروج منه إلا
بمسوغ معتبر عقلا وشرعا، وفي الصحيح: (أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل)"
[أ.د.ناصر العمر]
وصف الله المسجد الحرام بقوله: {الذي جعلناه للناس [الحج: 52]} "للإيماء إلى
علة مؤاخذة المشركين بصدهم عنه؛ لأجل أنهم خالفوا ما أراد الله منه, فإنه جعله
للناس كلهم يستوي في أحقية التعبد به العاكف فيه - أي: المستقر في المسجد –
والبادي - أي: البعيد عنه إذا دخله -" [ابن عاشور]
"{وتزودوا فإن خير الزاد التقوى [البقرة:197]} أمر الحجاج بأن يتزودوا لسفرهم
ولا يسافروا بغير زاد, ثم نبههم على زاد سفر الآخرة وهو التقوى, فكما أنه لا يصل
المسافر إلى مقصده إلا بزاد يبلغه إياه, فكذلك المسافر إلى الله تعالى والدار الآخرة لا
يصل إلا بزاد من التقوى, فجمع بين الزادين, فذكر الزاد الظاهر والزاد الباطن"
[ابن القيم]
"جاء لفظ القرآن في بيان الرخصة بالأسهل فالأسهل: {ففدية من صيام أو صدقة أو
نسك [البقرة:196]} ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن عجرة بذلك أرشده
إلى الأفضل فالأفضل فقال: (انسك شاة، أو أطعم ستة مساكين, أو صم ثلاثة أيام)
متفق عليه, فكل شيء حسن في مقامه" [ابن كثير]
بعد أن ذكر الله المناسك - في سورة الحج - قال: {ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو
خير له عند ربه [الحج:30]} ففيه إشارة إلى أن الحج ليس أقوالا وأعمالا جوفاء،
وأن الخير الكثير إنما هو لمن تنسك؛ معظما لحرمات الله، متقيا معصيته، ولعل في
افتتاح السورة بالأمر بالتقوى، واختتامها بالجهاد في الله حق المجاهدة تأكيدا على
ذلك. [د.عبدالله الغفيلي]
"قال تعالى: {ولا تحلقوا رؤوسكم [البقرة:196]} ولم يقل: ولا تقصروا، ففيه دلالة
على أن الحلق أفضل, وهو مقتضى دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم للمحلقين
ثلاثا, وللمقصرين مرة" [القرطبي]
"لما نهى الله عباده عن إتيان القبيح قولا وفعلا: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في
الحج [البقرة: 197]} حثهم على فعل الجميل، وأخبرهم أنه عالم به، وسيجزيهم عليه
أوفر الجزاء يوم القيامة: {وما تفعلوا من خير يعلمه الله}" [ابن كثير]
قال تعالى في سياق آيات الحج: {وبشر المخبتين[الحج:34]} "ثم ذكر للمخبتين أربع علامات:
وجل قلوبهم عند ذكره - والوجل خوف مقرون بهيبة ومحبة -.
وصبرهم على أقداره.
وإتيانهم بالصلاة قائمة الأركان ظاهرا وباطنا.
وإحسانهم إلى عباده بالإنفاق مما آتاهم" [ابن القيم]
فما أجمل أن ترى الجاج وقد جمل ظاهره وباطنه بهذه العلامات)
قال تعالى: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم [الحج: 37]}
"فالعبادات إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله، كانت كالقشور الذي لا لب فيه،
والجسد الذي لا روح فيه" [ابن سعدي]
|