المنتدى :
الارشيف
وحدك
وَحــــدََك
شعر: محمد حمدي غانم
أهديها إلى الناقد الدمياطي الراحل "مصطفى كامل سعد"، الذي مات وحيدا في شقته ولم تكتشف جثته إلا بعد أيام
وأهديها إلى د. مصطفى محمود، الذي يموت وحيدا معدما وترفض الدولة علاجه أو إكرامه، وهو أحد رموزها
وأهديها إلى كل مبدع هجره وطنه، يعاني وحيدا آلام المرض وسكرات الموت!
وَحــــدََك
كل القوافلِ سافرتْ وصحوتَ وحدَكْ
الليلُ أخرسُ، والنجومُ كفيفةٌ
والبدرُ ماتَ من الأسى
والبردُ يفتِكْ
والريحُ أشباحٌ
تجوبُ شوارعا نسيتْ نعالَ السائرينَ
ترومُ خَطْوَكْ
والرَّوضُ قفرٌ والبيوتُ مقابرٌ
والوقتُ شيخٌ طاعنٌ يحتاجُ كفَّكْ
كلُّ الزمانِ الآنَ أنتَ
خريطةُ البُلدانِ أنتَ
مقاصدُ الأحداثِ أنتَ
الكونُ إنّكْ
هل يعرفونَ الآنَ أنّك؟
***
من دونِ صوتٍ، شاردا تمتمتَ:
- "لا أحدا"
حينا وجاوبكَ الصدى في لهفة:
- "أحدا"!
في لمحةٍ ومضَ
في لمسةٍ ومضى
زرعتْ رؤاه بمقلتيكَ مَدى
أنستكَ أنفاسا كطَعْناتِ المُدى
هدأتْ نُبيضاتٌ كأناتِ الصدى
ورأيتَ، ثُمّ رأيتَ ثَمّ غدا
الآنَ يغمرُكَ الهُدى
الآن ينكشفُ الغطاءُ، سَرمدا
الآنَ تهلكْ!
لا تُستَردَّ الآنَ.. مَهلَكْ
تَستلهمُ النيرانُ ظلَكْ
تستدفئُ النجماتُ وجدَكْ
يستوحشُ الليلُ الدجى إن لم يضمَّكْ
فتآزروا،
ضنوا على الجثمانِ أن يختارَ لَحدَكْ
لا لستَ وحدَكْ
كلُّ القوافلِ في القفارِ، وحيدةٌ في التيه بعدَكْ
كل القوافلِ تحتمي بذئابها، وحللتَ أهلَكْ
كل القوافلِ تستطيبُ هلاكَها، وبلغتَ مجدَكْ
كل القوافلِ آفلاتٌ في الرَّدَى، وعلوتَ خُلدَكْ
لتظلّ وحدَكَ أنتَ وحدَك!
***
محمد حمدي غانم
6/10/2009
|