لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


13- ليلة عابرة - سوزان نابير - المركز الدولي ( كاملة )

اخبــآآركم اعضآآئنا ناقلتلكم روآآيـــــــــه من احد المنتديآآت يآآرب تعجبكمـ

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-08-09, 12:34 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Flowers 13- ليلة عابرة - سوزان نابير - المركز الدولي ( كاملة )

 













اخبــآآركم اعضآآئنا

ناقلتلكم روآآيـــــــــه من احد المنتديآآت

يآآرب تعجبكمـ








..{ الملخصـ



مفاجأة العمر


· يبحث عنها منذ خمس سنوات . . . امرأة من نسج احلامه . . ملاك ، دون اسم ، نجح في هدفه الليلة في تبديد ظلام حياته الي الأبد ، حلم الصين .. حلم ليلة . .

و أخيرا وجدها . . مبتسمة و مشرقة ، كانت هنا أمام عينيه . . خطيبة شقيقه



مقدمة


هي !
حملق "هيرمان نايت " في الصورة بينما كان يضغط بكل قوته علي الرسالة التي يمسك بها في يده .
و نسي تماما الجو السيئ ل"مانهاتن " الذي طالما ظل يلعنه و هو يقبع في منزله .
كما نسي الشعور الرهيب بالضيق الذي كان يزرح تحت طائلته اثناء مشاهدته لبرامج التلفزيون و مقدمها الغبي . هكذا راح عن فكره كل ماكان يشغله و يؤرقه منذ ثوان معدودة و لم يبق سوى ذكرى هذا العشاء الذي أسرع لقضائه مع اجمل فتاة في العالم .
هي !
إنه ينتظر هذه الرسالة منذ وقت طويل ! و لآن حل محل السعادة احساس بالحقد و الضيق . . .
حقد ظالم و غير عادل ن و لكن قلما تخضع المشاعر الانسانية لما يمليه عليها العقل و النزاهة .
كان الاحساس بالضيق و المرارة يسيطر عليه ضد سخرية هذا الموقف ، و مع ذلك دلف الي المطبخ الحديث جدا و بدا يعد القهوة بيد غاضبة ن ثم بدأ يتخلص من سترته المبللة بينما ظلت عيناه عالقتين بالصورة التي ثبتها امامه علي التلفزيون .
كان منذ خمسة اعوام لا يتناول سوى المشروبات الكحولية و ليست القهوة ن كان منذ خمسة اعوام يخرج هائجا علي وجهه في الشارع ليهدئ من ثائرته ، او يحطم اى شيئ يجده أمامه و ينثر حطامه في كل مكان كأنه يحاول ان يتحدى قدره القاسي .
وربما فكر في البحث عن أي امراة تؤنس وحدته ، و مع ذلك يجد نفسه دائما وحيدا في النهاية .
و لكن منذ رآها ، منذ ان رأي فتاة الصورة ، لم يعد ، كما كان ن فريسة النزوات المدمرة .
هي الفتاة التي يراها تضحك امامه بين ذراعين رجل آخر . . .
بفضلها ، نجح في السيطرة علي مشاعره السلبية با و حولها الي افكار و افعال ايجابية ، و ها هو ذا الآن يتحسن وجهها بأصابعه ، و لكنه لا يلمس إلا الصورة .
ان مجرد لمسة لصورتها يشعره بالاضطراب ، نعم انها هي ! لقد تغير لون شعرها ، و لم تعد نحيفة و هزيللة كما كانت ، و لكن عينيها ظلتا كما هما . . . بلونها الاخضر و تعبير السعادة و ثقة في الحياة .
لم تضف عليها هذه الاعوام الخمسة اي تغييرات .. و لكن ليس بغريب :فلن تستطيع عوالم الزمن تغير معالم الملائكة ، و لكنها تزيدها روعة و جمالا فقط .
" ملاك في الظلمات " ... هكذا كان يراها ، و كان مجرد لمسها يبدد الظلمات من كابوس او تخلص من عماه .
لم تكن " هونج كونج " الا ميناء يرسو عليه لمدة قليلة و هو في طريقه الذييؤدي به الي المعركة جديدة مسرح جديد للأحداث الدموية التي تذيع شهرته كصحفي ناجح و تجعله يعتلي القمة دائما .
لقد استيقظ في اليوم التالي لوصوله عند الظهيرة و هو يعاني آلما مبرحة في رأسه نتيجة لتناوله المشلاوبات الكحولية طوال طريقه من امريكا الجنوبية .
لم يكن يعرف اين هو و لكنه يشعر بالراحة لسماع دوي طلقات من حوله .
ثم أتي الليل ، عندما ذهب الي هذه الامسية يائسا كأنه يحاول بذلك خنق الاصوات التي تؤرقه في الظلمات و تملأ رأسه بطنين مستمر .
فأينما ذه تلاحقه الدعوات نظرا لشهرته الذائعة الصيت و رذائله التي ارنكبها طوال سنوات عمره كانها درع له ، إنه يدخن و يرتكب المعاصي و يزج نفسه في مغامرات عاطفية لمجرد اللذة الجنسية و يهتم بكتابه القصص المنسوجة بعناية .
و لكن ما الشيء المختلف الذي يجده فيها و لا يجده في غيرها ؟
لقد لاحظها و اختارها من بين الجميع و كانت تجلس وحيدة و لكن ليست منعزلة .
عندما رآها هيرمان شعر في داخله بمزيج غريب من الحاجة و التحدي و الرغبة . . كانت صغيرة و هزيلة . .كان جمالها يحمل طابعا شرقيا و يبدو متناقضا تماما مع لون بشرتها و لون شعرها المتكلف .
و لكنه شعر ان بها طاقة داخلية و قوة اضطرته لأن يسلم لها .
و علي الرغم من تصرافاتها العدوانية ، إلا أنها لم تفقد ابدا رقتها و صفاءها ، و كان دائما و ابدا يغفر لها ويصفح عنها .
وكان أول لقاء بين غريبين فب حجرة منعزلة في احد الفنادق المجهولة ن و علي الرغم من ان اللقاء لا يحمل معني نظيفا إلا انه في نظر هيرمان لقاء حب بكل ما تحمله الكلمة من معان سامية ن حب خلق من العدم . .
لذلك يبدو كل شيء في عينيه مختلفا .. لقد رحلت بدون ان تقول له الوداع و لكنها تركت لديه هذا الانطباع الرائع و هو ... عاد من جديد الي ساحة المعركة و لكنه تخلص من يأسه الكئيب ... و منذ ذلك اليوم ، بدات كتاباته تتسم بالحب و الرحمة و اختفت الكآبة و السخرية من حياته .
لقد كان تحولا عميقا و عسيرا في نفس الوقت و لكنه لم يفقد وحيه و ظل يتذكر .. و ظل يتأمل .
و خلال خمسة اعوام طوال ، ظل مجنونا بحب هذه الفتاة القربية من الخيال ن و لكن ها هي ذي الان اخيرا اصبحت سهلة المنال .. لقد عرف اخيرا اسمها و اين تكون .. و لكن هل ترغب هي ايضا في رؤيته ! و هل يشعر هو انه مستعد لمواجهة نتائج هذا اللقاء ؟
انه سعيد بهذا التحدي ويشعر اخيرا ان جسده و عقله ينعمان بالراحة .
إن هيرمان نايت لن يتغير ابدا . منتديات ليلاس




 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس

قديم 17-08-09, 12:44 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

}..الفصل الآآولـ


- أي !
قفزت العروس من مكانها ن فهمهمت " هانا " و هي تضع في فمها دبابيس الحياكة :
- معذرة يا " هيلين " .
جلست قرفصاء و تنهدت قبل ان تمسك الدبابيس بيدها و قالت :
- من المستحيل ان تبدو قامة الثوب منتصبة و رائعة ، لابد أنني أخطات عند تصميم الاترون ، و الان من المستحيل علاج ذلك الخطأ .. كيف اخرج من هذا المأزق الآن ؟
ابتسمت هلين سميث ابتسامة هادئة لحماتها المقبلة ، إن هانا خياطة لا نظير لها و تتقن عملها بعناية شديدة فينال اعجاب الجميع .
قالت هلين برقة :
- إنه رائع يا هانا ن و يروقني كثيرا .. انه حقا هائل .. و سترين ذلك بعد الانتهاء منه ..
و إلي الان كان الثوب الحريري ذو اللون العاجي مغطي بالدبابيس و علامات الخياطة .. و لكن هلين كان بإمكانها تقدير شكل الثوب علي الرغم من عدم إلمامها بأعمال الحياكة .
قالت هانا :
- الحق أنني بدات اتساءل هل كنا فعلا محقين في اختيار هذا الموديل ؟ ،
فثوب العروس مقترن دائما بالدانتيل و الازياء الفضفاضة ..
انفجرت هيلين في الضحك .
- و لكن هذه الفكرة كانت فكرتنا من البداية يا هانا !
و انت التي اقنعتني باختيار موديل غير عادي و لا يمكن التراجع الان ، لقد تاخر وقت التراجع كثيرا !
هبت هانا واقفة في مكانها بخفة شديدة لا تلائم سيدة في الستين من عمرها ، و عادت قليلا الي الوراء و هي تعقد ذراعيها علي صدرها لتتأمل عملها عن بعد بعين فاحصة ، ثم قالت :
- من المؤكد أن " إيدا " ستدهش كثيرا ، أليس كذلك ؟
فأجابت هيلين :
- بالتاكيد .
لم تكن إيدا شقيقة هانا لتحسد هذه الأخيرة علي مواهبها كخياطة ، فقد زوجت ابنتها من ثلاثة اشهر و كان ثوب العروس رائعا جدا في طرازه التقليدي .
و كان من الواضح جدا ان هناك منافسة دائمة بين الشقيقتين مما جعل هانا تصر علي استبعاد فكرة الثوب العروس التقليدي لتصمم ثوبا غير مألوف و الحق ان هيلين سعدت كثيرا بهذه الفكرة .
و استوحت هانا هذه الفكرة من معرض للملابس اليابانية كان مقاما في الـ " أرت جالاري " بـ " اوكلاند " ، فالتقطت عدة صور لبعض الملابس عرضتها فيما بعد علي هيلين بحماس شديد .
- لماذا لا نستوحي فكرة الثوب من جداتك .. فيكون عبارة عن كيمونو فوق ثوب ملصق بالجسد و تستطيع مدام هاريسون تنفيذ ذيل الثوب بالتطريز و الجواهر .
فعلقت هيلين التي اعجبت بالفكرة قائلة :
- لقد كانت جدتي الولي من الصين و ليست من اليابان .
و الحق ان هيلين لم تكن تشبه سيدات نيو زيلنده بقامتها التي يصل طولها الي 162 سم ، و شعرها الاسود البراق و عينياها اللتين يميل لونهما الاخضر الي الرمادي و بشرتها التي يميل لونها الي العاجي .
و اخيرا استقر رأي الفتاة و حماتها المقبلة علي ثوب ذي كمين من الحرير الرقيق ترتدي فوقه ثوبا آخر يشبه الـ كيمونو أما الظهر ن فكان له ذيل طويل ، مطرز و رسم عليه شكل استوحته المرأة من كتاب رسومات شرقية بينما ثم تطريز نهاية الثوب الذي يلامس الأرض و الحق ان قماش الـ كيمونو الحريري كان باهض الثمن جدا و لكن هيلين لم تعان من هذه المصروفات لأن اسرة جريج اصرت علي القيام بكل تكاليف الفرح .
و هيلين فتاة يتيمة ليس لها سوى اخت وحيدة اكبر منها تدعي سوزان و هي سيدة متزوجة في الخارج و تعيش بصحبة زوجها و اطفالها الثلاثة الصغار و لذلك لم تستطيع سوزان المجيء للمشاركة في تجهيزات الفرح و كان علي هيلين ان تعترف بجميل هذه العائلة الثانية التي تكرمت بمنحها المساندة المعنوية و المادية .
منتديات ليلاس
صاحت هيلين سعيدة :
- لن أضع هذا الثوب الرائع في الصوان ابدا بعد الزواج فهو رائع جدا لأن اقضي به اي امسية أما بالنسبة للـ كيمونو المطرز فيمكنني استخدامه كتابلوه علي الحائط مثل هذه التي رأيتها في المعرض .
قالت هانا بفرح :
- إنها فكرة رائعة يمكنك اذن وضعه علي الحائط الكبير في حجرة استقبال الضيوف الخاصة بـ جريج بدلا من هذا التصميم الحديث المزعج الذي يضعه هو هناك .
قالت هيلين : التي تشارك هانا في رأيها :
- إنه يؤكد ان هذا التصميم يساوي ثروة .
- علي كل حال لحسن الحظ انه لم يفكر في ابداء رأيه بشأن ثوب العروس و في رأيي ان جريج يعاني من الذوق السيء .. و الا لكا كان ترك هذا الديكور الرهيب علي الحائط في منزله ؟ الحق أنني لا احتمل ان يقرر شخص غيري الألوان او الموبيليا التي اعيش بينها 1 و لكن هذا الولد له تصرفات كثيرة لا افهمها ...
ابتسمت هيلين .. ان هذا الولد في السادسة و الثلاثين من عمره اي انه اكبر منها بحوالي ست سنوات .
كما انه رجل مثقف و يعرف كيف يدير مشاريع الاستيراد و التصدير بمهارة شديدة و دائما مسافر في رحلات العمل .
و لو كان قد اضطر للأستعانة بمهندس ديكور لتصميم ديكور منزله ذلك لأن حياته مضطربة لا تسمح له بالقيام بذلك هذا بلأضافة الي انه لا يثق في ذوق والدته البرجوازي .
تقابل جريج مع هيلين لأول مرة في الطائرة بين سيدني و أوكلاند و كان جريج في طريق العودة بعد رحلة الي معارض اليابن اما هيلين فقد كانت تقوم بآخر مرحلة في الرحلة التي دامت عامين ..
و كانت عبارة عن جولة في جميع انحاء اوروبا مع بعض الاصدقاء و كان هناك من يمول الرحلة نظرا لكونها من افضل السيدات اللاتي ينفذن الملابس الصوفية المصنوعة من التريكو و كانت تبيعها في كل مكان تذهب اليه .
و عندما تقابلت مع جريج كانت تنوي القيام برحلة جديدة و لذلك نوت مرافقته في جميع رحلاته الي الخارج و بفضله تعاقدت مع شركات كثيرة و بدأت اعمالا كثيرة لدرجة انها فكرت بفض الشركة المقامة بينها وبين شركين آخرين و كانت عبارة عن محل صغير في فيكتوريا بارك و لكنها عدلت عن فكرتها لرغبتها في الاتصال بالعملاء دائما كما انها كانت تشعر بسعادة شديدة عندما تسمع كلمات الاعجاب بعملها من افواه الجميع حتي من لم يفكر في الشراء .
قالت هانا فجأة بينما كانت تجمع الخيوط و قطع القماش المتناثرة علي ارض الحجرة الصغيرة التي تستخدمها كــ أتيليه :
- انا سعيدة جدا بزواجك من جريج .. فأنا لم أره ابدا بمثل هذه السعادة علي الاقل منذ سنوات بعيدة .. لقد ظننت في يوم ما انه لن يتزوج ابدا .
وقفت هانا و هي مرتبكة بعض الشيء فقالت لها هيلين :
- لا تنزعجي يا هانا .. لقد حكي لي جريج كل شيء و اخبرني انه كان متيما بحب فتاة فيما مضي كما اعرف المشاكل التي سببها هذا الارتباط في العائلة و لذلك اتفقنا ان ننسي الامر تمام و لا نذكره ابدا .. و ما حدث حدث .. و لكن كل ما يضايقني انه تالم في يوم ما ...
- لقد تألمنا كلنا بطريقة او باخرى و لكننا لحسن الحظ مازلنا اسرة متماسكة مع ابني و الحق انه يوجد بعض المنافسة و لكن ذلك يحدث كثيرا بين الاخويين المتقاربين في السن ن غير مهم ، و لكن هذه القصة ،، علي العموم ، ماحدث حدث كما قلت .
و لكن من الواضح ان هناك عواقب اخرى واضحة فقد لاحظت هيلين بوجود تناقض في مشاعر جريج اتجاه اخيه فكان يشعر انه يبدو دائما في الظل بالمقارنة بشقيقه الاكبر الذي تكلل مواهبه و اعماله النجاح و لكنه لم يفكر ابدا في ايذاءه و في النهاية وقع في حب خطيبة شقيقه و هي ايضا نفس الشيء علي الرغم من موحاولاتهما المتسميتة لمنع هذه العاطفة من الاشتعال ... و في النهاية وقف الشقيقان كل منهما في وجه الآخر في مشهد رهيب تبادلا فيه التهم و الكلمات الجارحة و اخيرا هربت الفتاة و تركت الشقيقين لهول الوقف ...
و عندما كان جريج يحكي لهيلين هذه الفترة من حياته كان يبدو حزينا كان الجرح لم يندمل بعد .
استرقت هانا السمع للأصوت التي بدت عالية في الخارج اي في البهو ثم قالت :
- تري مع من يتحدث نيك .. اتمني الا يكون علي وشك استقبال احد الان ... فموعد العشاء قد حان ، هيلين لا داعي لعودتك الي منزلك بعد العشاء و يمكنك ان تقضي الليل في حجرة الضيوف ..
فأجابت هيلين التي كانت لا تفضل العودة الي منزلها :
- نعم افضل ذلك م و اشكرك كثيرا .
و الحق انها كطانت تسكن في منزل مشترك مع فتاة تدعي جين و تعمل ممرضة ليلية و فتاة اخرى تدعي سيرينا و تعمل مربية و الان تعمل لدي رجل دبلوماسي يعيش مع عائلته في اوكلاند .
- ان جريج ينوي الاتصال بي اليوم ن و اعتقد انه اذا لم يجد احدا في المنزل فسيتصل بي هنا .
و كان جريج يتصل بها كل يومين عندما يذهب في رحلة عمل .
كان صوت الزائر الذي حضر لتوه يبدو مألوفا و فجاة صاحت هانا قائلة :
- يا الهي هل هذا جريج ؟ مستحيل ، انه لن يعود قبل يوم الاثنين ، اليس كذلك ؟ و مع ذلك اشعر انه حضر !
و بسرعة شديدة بدات هانا تفك الحزام العريض الخاص بالـ كيمونو و تنزع عنه الدبابيس و هذه الدبابيس كانت موضوعة مكان الازرار العاجية التي ستغلق الثوب من بدايته الي نهايته .
-اتمني الا يكون جريج غبيا حتي يأتي الي هنا ؟ فهو يعرف جيدا اننا نعمل في الثوب ... و الان اصعدي بسرعة و غيري ثوبك ! فمن امؤكد انه سيأتي فورا لو علم بوجودك ...
و فجاة ظهر زوج هانا الرجل الطيب القلب عند مدخل فحاولت هيلين اخقاء الثوب ، عندما قال الرجل بينما كانت عيناه تلمع بفضول شديد :
-معذرة يا سيدتي و لكننا لدينا ضيف و اعتقد انكما ستتوقفان عن عمل اي شيء اذا عرفتما من يكون الضيف !
-هيرمان !
توقفت هانا من هول المفاجاة لثوان معدودة قبل ان تجري عبر الغرفة كانها طفلة صغيرة لترمي بنفسها في احضان الرجل الذي وقف بجانب زوجها عند المدخل .
-مساء الخير يا أمي .
احتضن هيرمان والدته بينما ترسم علي ملامحه ابتسامة هادئة و يبدو من تعبير وجهه كانه لم يبتعد عنهم الا اسبوعا واحد و ليس عاما كاملا .
-هيرمان .. هل ستظل طويلا هكذا ؟

همس هيرمان كانه يقول نفسه :
-اطول وقت ممكن .
ثم نظر الي يدي هيلين اللتين تمسكان بالثوب الحريري فارتسمت علي شفتيه ابتسامة هادئة و اخيرا قال برقة شديدة عندما لاحظ ارتباك الفتاة :
-مساء الخير .
ثم صاحت هانا :
-يا الهي يان عقلي ؟ تعال لاعرفك علي هيلين و لكن بشرط الا تخبر جريج بأي شيء عن ثوب العروس !
ثم جذبت ابنها نحو هيلين :
-هيلين انه كما تخمنين بالتأكيد ... انه هيرمان .. اشهر رجل في العائلة .. هيرمان اقدم لك هيلين سميث .
-سميث ؟ هل هذا اسمك حقا ؟
شعرت هيلين بالضيق هل يظن انها تخفي حقيقتها وراء اسم مستعار ؟
-بالضبط !
ثم مدت يدها نحوه بخشونة ن و اضافت :
-انا سعيدة بمعرفتك يا سيد نايت .. فانا لم اقابل اي شخص شهير مثلك من قبل .
شدد هرمان نايت قبضته علي يد الفتاة و قال :
-فيما عدا انا يا هيين .
و كان ينطق اسمها بأصرار واضح فشدت هيلين يدها منزعجة :
- انا .. نعم ، و لكننل لم نتقابل من قبل .
-حقا ؟
كان صوته رقيقا و لكن جراته الواضحة و ثبات نظراته كانا يشعرانها بالارتباك قالت هيلين :
-حقا .
-يبدو انك واثقة جدا من نفسك .
-نعم .
بدات هانا و نيك ينظران اليهما باستغراب ربما كان ذلك ما يشد هيرمان نحو خطيبة شقيقه ..
ولكن هل يتعامل دائما بهذه الطريقة مع كل السيدات اللاتي يتقابلن معهن ؟ او ربما يجد فيها شيئا رومانسيا يجذبه ككاتب قصصي ؟
اكدت الفتاة بثبات :
-لو كنت قد رأيتك من قبل اعتقد انني ساتذكر ذلك .
قاطعت هانا :
- انت تظن انك رأيت هيلين من قبل لأنني ارسلت لك صورتها .. هل اتيت من المطار علي الفور ؟ نيك .. هل يمكنك الاهتمام بامر حقائبه ؟
اجاب هيرمكان بعد ان ابتعد اخيرا بنظراته عن وجه هيلين –الذي اكتسي بحمرة الارتباك و الضيق .
-ان حقائبي في الفندق .
ردت هانا بدهشة بينما قطب نيك جبينه :
-في الفندق ؟
-لقد اهتم الناشر الخاص بي بالحجز لي و لم يكن امامي وقت الا لصعود سلالم الطائرة كما انني حاولت بشتي الطرق الهروب من الاستقبال المخصص لي في المطار و لكني تركت الحقائب هناك اما الآن فاعتقد انها في ريجن .. علي كل حال كنت لتساءل فربما يكون لديكم ضيرف ...
-ليس لدينا الا هيلين .. و انت تعرف اننا نرحب بك في اي وقت .
لمع بريق في عيني هيرمان الذي استدار نحو هيلين :
-هل تسكنين هنا ؟
-هذه الليلة فقط و لكني اعتقد انك تريد القضاء هذه الليلة مع اسرتك و انا ..
قاطعتها هانا :
-مستحيل ، كما انم شخص من العائلة يا هيلين ولا يوجد ليدك شك في هذا .
ثم استدارت نحو ابنها :
-فندق يا هيرمان يا لها من فكرة ! .
قال هيرمان بوجه جامد :
-اعرف ان خدمات في ريجن تعتبر سيئة جدا بالمقارنة بك .
-مم لا تعتقد اننا سنبذل قصارى جهدنا من اجلك بحجة سعادتنا بحضورك .. كمان اننا نعرف من خطاباتك انك اتعدت علي الحياة في الفنادق الضخمة .

-اتفق معك في الرأى يا أمي .
نظر هيرمان الي والده نظره لئيمة و لأول مرة شعرت بالعطف نحوه ،ثم قال :
-اعتقد انك ستوافقيني في الرأى ؟
-ربما تكون في حاجة الي ذلك يا طفلي كما يبدو انك متعب للغاية .
-فروق التوقيت يا امي كما ان قصة الكتاب تسيطر علي تفكيري و تؤرقني ليلا .. و صدوره يعد مشقة كبيرة بالنسبة لي الصحافة و النتلفزيون و اخيرا اكون في حاجة الي حنان امي ... سأذهب الي المدينة لأحضر حوائجي فما رأيك ؟
و عند عودتي اتمني ان اجد وجباتك الشهية في انتظاري ..
ربت الب علي كتف ابنه و قال :
-كلا ابق هنا لتتحدث مع والدتك فانت في حاجة الي الحديث معها اما انا فلم افعل شيئا طوال اليوم الا ببعض التمرينات في الحديقة لذلك سأذهب لأحضار امتعتك ... و الآن اتصل بالفندق و اخبرهم بذلك .. فأمامي عشر دقائق فقط للوصول الي هناك .
-اشكرك يا أبي و يمكنك اذن ان تستقل السيارة الموجودة في الممر لقد اجرتها لتوي .. ان جميع تكاليف تنقلاتي علي حساب الناشر دائما و هكذا سأريحهم من تكاليف الاقامة في الفندق .
ابتسم هيرمان بينما حاول الاب التقاط مفاتيح السيارة التي قذفها نحوه ابنه ليكتشف طراز السيارة ن ليقول :
-كنت احلم دائما بقيادة سيارة سريعة مثلها ...
-يمكنني ان اشتري لك واحدة اذا اردت .
تهجم وجه نيكولا حقا يشعر الأب بنجاح ابنه مما يملؤه بالفخر و لكنه لا يؤثر فيه كثيرا .
-لقد قلت احلم بقيادته يا هيرمان و ليس امتلاكها ان وحشا مثلها يسبب ازعاجا دائما .. الي اللقاء يا هانا .
ثم اغلق الباب وراءه و عندما لاحظ هيرمان ارتباك الام قال لها :
-لاتنزعجي يا أمي ، فانت تعرفين انه حذر جدا علي الطريق .
-انه لا يزال مراهقا عندما تعرفت عليهلول مرة كان مغامرا خطيرا .
-وها أنت ذي قمت بإنجاز رهيب في تغيره .
ثم ابتسم لـ هيلين محاولا جذب انتباهها لمشاركتهما الحديث و لكنها كانت لا تزال تشعر باضطراب بدون سبب واضح .
قالت هانا :
-وفي انتظار والدك يمكنك تناول اي شيء يا هيرمان .. و سأذهب لإعداد العشاء .
فأسرعت هيلين بقولها :
-سأتولي انا ذلك بينما تبقين انت مع ابنك لتتحدثي معه .
همس هيرمان :
-في ثوب الزفاف ؟
ثم نظر اليها ليؤكد لها انه فهم انها تحاول الهروب من صحبته فقط .
فقالت هانا :
-هذا صحيح ، اذهبي لتغير ملابسك الآن يا هيلين ثم يمكنك بعد ذلك البقاء مع هيرمان لتتعرفا علي بعضكما ، اما انا فأمامي وقت طويل لتحدث معه طالما نوي الاقامة هنا ، بالمناسة يا هيرمان ، ان التلفيون في البهو الآن و ليس في المطبخ، لقد غيرنا مكانه العام الماضي بعد ان اصبح والدك علي المعاش و اصبح يزعجني بكثرة اتصالاته ..
كانت هانا تخرج من الحجرة و هي تواصل حديثها بينما كانت هيلين تتجه نحو الباب محدثة حفيفا بثةبها الحريري و لكن هيرمان اسرع نحوها كانه قرر الأ يتركها تبرح الغرفة .
ثم قال بتهكم :
-والآن ... يا آنسة سميث ؟
-اتسمح لي هيرمان ؟ اريد تغير هذا الثوب .
وعندئذ كان هيرمان يركز نظراته علي فتحة ما موجودة في ثوب تظهر ساقيها .
ففكرت هيلين انه شخص كريه و لكن ربما ذلك يكون نتيجة للإرهاق الذي يشعر به لفروق التةقيت و حاولت الفتاة ان تتماسك و توجه اليه ابتسامة مضطربة رغما عنها و عندما اقترب منها لاحظت حدقتي عينيه تبدوان صغيرتي جدا بالنسبة لقزحية العين ... ربما يكون ذلك لانه مدمن قد يكون من مدمني كوكايين او اي شيء أخر .
رددت الفتاة بصوت اكثر ثباتا :
-معذرة اتسمح لي ؟

اذن انه الهروب مادامت هانا ليست موجودة لحمايتك و لكنك لن تذهبي بعيدا يا هيلين ..و لا بد ان نتحدث معا .
و اخيرا تنفست الفتاة صعداء عندما ابتعد عن طريقها فقالت لاهثة :
-بالتأكيد الي اللقاء .
ثم ابتعدت عنه و انطلقت مسرعة تصعد السلالم و بينما كانت في طريقها كانت تشعر بنظراته مثبته علي ظهرها ولو طاوعت نفسها لكانت رفعت الثوب و جرت علي السلالم بسرعة شديدة .
و اخيرا ها هي ذي في حجرة الاصدقاء .. وقفت هيلين اما المرآة المثبته علي الحائط و قلبها يكاد يتوقف .. هل هي غبية لدرجة انها ترتبك الي هذا الحد ! انها ليست المرة الولي التي تواجه فيها مثل هذا الموقف و لكن المر يختلف تماما امام هذه الطريقة اللعوب التي يتبعها هيرمان معها .
نزعت الفتاة الـ كيمونو و بدات تنزع بعناية الثوب المثبت بالدبابيس و ذهبت بملابسها الداخلية لتعلق الثوب علي الشماعة و عندما عادت نحو الفراش لترتدي ثوبها و جدت هيرمان في الحجرة و كان يقف مستندا علي الباب بعد ان اغلقه معقود الذراعين ككا يبرز عرض كتفيه فقالت هيلين بضيق :
-اين تظن نفسك انها ليست حجرتك !
ثم امسكت بالثو بسرعة ووصعته علي جسدها .
قال هيرمان ببرود :
-اعرف ، ان حجرتي عند البهو .
-حسنا ماذا تفعل هنا اذن ؟
لم يكن ثوبها مفتوحا من الامام لذا كان عليها ن ترتديه من عند الرأس و بالتأكيد لورفعت يديها لأمكنه عندئذ رؤية جسدها بوضوح ،و عندما تفحص هيرمان الثوب فهم علي الفمر المشكلة التي تعترضها ثم سألها :
-الم تنتظريني ؟
-ما الذي تريد قوله بالضبط ؟
-ألم نتفق علي ان نتحدث معا ؟
-و لكنني ارتدي ملابس االآن .
رفع هيرمان كتفيه قائلا :
- لاتشغلي بالك بوجودي .
اجابت الفتاة بغضب شديد :
-آه ولكنني لا افعل الا ذلك الآن .
و الحق ان مجرد النظر اليه كان يوترها : مزيج غريب من الغربة و الضيق ان جريج لا ينظر اليها بهذه الطريقة ابدا ، و عيناه تشعان بالهدوء و الرقة و الحب دائما .
فكرت الفتاة في ان تؤكد له تجاوزه للحدود كما انها تشعر بالخجل الشديد امام هذه النظرة فقالت لاهثة :
-كيف تجرؤ علي البقاء هنا ...
-هذا يكفي يا هيلين !
استند هيرمان علي الباب و رفع كفتيه بنفاذ صبر فبدا علي الرغم من هيئته العريضة نحيفا جدا كما ان قامته كانت متوسطة الطول ومع ذلك تبدو عليه القوة و الثقة بالنفس مما يجعله مهيبا .
- اننا وحدنا الان فر داعي لذلك اذن ...
- انا لا اعرف عن اي شيء تتحدث !
بدا الضيق في عيني هيرمان .
- انا افهم جيدا ان هذا المر يشعرك بالضيق امام عائلتي ، و لكن لماذا تصرين علي اداء نفس اللعبة معي الآن ؟ هل تخافين ان اخبر جريج ؟
- ما الذي يمكنك ان تخبره به ؟
نظرت اليه الفتاة بريبة مقطبة الجبين و قالت :
- انت تحت تأثير مخدر ما ؟
- انا لا اتناول حتي الأسبرين .
- ربما تكون قد افرطت في تناول الكحوليات في الطائرة ؟
- انا اشرب قليلا و الحق انني كنت مثاليا في هذه الاعوام الاخيرة .
- ماذا ؟ ان والدتك نفسها لن تصدق ذلك !
- الهذا السبب ترفضين التحدث الي ؟ انت تحقدين علي لنك تعتقدين انني نسيتك ؟ و لكن انا الذي يجب ان احقد عليك فلم يكن باستطاعتي العثور عليكي اما انت فكان يمكنك ذلك لأنني –كما تقولين – من المشاهير ... لماذا لم تحاولي ذلك ؟ ... الا اذا كانت خطبتك لشقيقي وسيلة للوصول الي ؟

صاحت هيلين في ضيق :
- لقد وافقت علي الزواج من اخيك لسبب واحد هو انني احبه ككما انني لا اعرف عن اي شيء تتحدث ! هل يمكنك الآن التفضل بتركي وحدي : اريد ارتداء ملابسي !
- انت تعرفين ان ذلك مستحيل ... ليس قبل انو نوضح كل شيء .
- ما الذي تريد توضيحه ؟
- نحن ... قصتنا
- نحن ؟ لا يوجد نحن . لقد تعارفنا من ساعة واحدة .
و فجاة تجاهلت هلين وجوده تماما و بدأت ترتدي ثوبها و بعد ذلك تنفست بعمق و جاهدت لان تتحدث بصوت هادئ :
- سمع يا هيرمان يبدو ان هذه الرحلة ارهقتك كثيرا .. لو تذهب لتستريح قليلا ...
- ارجوك الا تتحدثي معي بهذه الطريقة المتعجرفة يا هيلين .
- انا لا اتحدث بعجرفة .. و لكنك مضطرب ..
- هكذا كان تأثيرك علي دائما .
- تقول ذلك ثانية ! كف عن الحديث معي كأننا تقابلنا من قبل ! فانا لم اراك قبل الآن ... الا علي غلاف كتبك ..
نظر اليها هيرمان بقسوة و تهديد ثم قال :
- هل تنوين الاستمرار في هذه اللعبة طويلا ؟
- و لكنني لا ألعب يا هيرمان ! حقا لا افهم عن اي شيء تلمح !
- هل لك اكثر من عشيق حتي تنسي اول رج اخذك بين ذراعيه ؟
انفجرت هيلين في الضحك بينما كانت في داخلها تحتقر نفسها و تحتقره
- كنت اعتقد ان المراة لا تنسي ابدا اول عشيق لها .
اكتسحت ملامح هيلين بالغضب و صرخت قائلة :
-يبدو انك تهذي تحت تأثير المخدر ! او انك مجنون ! فنحن لم نتقابل ابدا من قبل ، و لم نكن ابدا ...
- تذكري يا هيلين .. "هونج كونج " منذ خمسة اعوام كان شعرك يميل الي اللون الأشقر و لكن ذلك كان متنافرا مع لون بشرتك الطبيعي .
صاحت الفتاة :
- تأكد انني لم افكر في تغيير لون شعري طوالي حياتي !
و هكذا كنت دائما سمراء ! كما اني لم اذهب ابدا الي هونج كونج ! و يمكنني ان اثبت لك ذلك فلدي جواز سفر عمره حوالي ست سنوات ن هل تريد ان تراه ؟
جمد هيرمان في مكانه و ظل مسلطا نظراته علي الفتاة كأنه يريد ان يتأكد ما اذا كانت حقا صادقة ام كاذبة .
و فجاة تغير تعبير وجهه تماما و بدا مذهولا و نفس الشيء بالنسبة لـ هيلين التي كادت تفقد وعيها لشدة غضبها و الحق انه لك يكن يسخر منها و لكنه يعتقد انه رآها من قبل .
و اخيرا سألها بهدوء :
- اذن اين كنت منذ خمس سنوات ؟
استراحت هيلين بعض الشيء و اخذت تفكر قليلا ثم قالت :
- كنت في انجلترا ... نعم كنت هناك لقد وصلت الي انجلترا في بداية شهر اكتوبر (تشرين الآول ) و بقيت هناك مدة شهرين ثم توجهت الي الولايات المتحدة حيث تقيم شقيقتي مع زوجها و اقمت هنناك لمدة عاك كامل قبل ان اعود ثانية الي نيزويلندة .
- كم كان عمرك انذاك ؟
- 24 عاما .
همس هيرمان :
- 29 عاما .
و فجاة ابتعد عن الباب نحوها و لكن هيلين لم تشعر بأي خوف تجاهه .
- هل هذا حقيقي ؟ متأكدة ؟
- بدون شك ... و اكرر لك انني علي استعد لأن استعداد لن اريك جواز سفري و الاختام موجودة عليه كدليل علي صدق كلامي اسمعني انا لا اعرف من هذه الـ سميث و لكنها ليست انا بالتأكيد .
وضع هيرمان يديه في جيبي سترته و توقف امامها و قال :
- انا لا اعرف .. لنقل اسمها مثلا .
ثم اخذ يتامل ملامح وجهها كأنه يقارن بينها و بين الصورة المحفورة في ذاكرته .

- لقد اخبرتني انها تسمي سميث و لكنني كنت اعتقد ان ذلك مجرد مزاح ...
- ربما لا فهناك عدد كبير جدا من الناس يحمل لقب سمث .
نظقت هيلين بهذه الجملة الاخيرة و هي تحاول بكل جهدها السيطرة علي نفسها حتي لا تفقد توازنها امام حدة نظراته .
- انت تشبيهنها كثيرا ... ربما يكون لديك اخت توأم ؟
هزت الفتاة رأسها بالنفي، فقال هيرمان :
- شبيهة لك ؟ يا الهي كنت متأكدا ان ...
بدا تائها وسط افكاره و كأنه يتحدث الي نفسه .
قالت هيلين :
- هل ... كان بها شيئ مميز ؟
و الحق انها كانت تشعر بالفضول لمعرفة هذه الفتاة التي اتثرت في مثل هذا الرجل كل هذا التأثير .
- نعم .. شيء مميز جدا .. لقد ادركت ذلك لتوي .
- هل كنت تحبها ؟
فجاة بدا لها هذا السؤال غير معقول .
- كلا بالتأكيد لا يمكن ان تكون قد احببتها فأنت لا تعرف حتي اسمها .
- لم يكن ليدنا الوقت لنتعارف .
فهمت الفتاة مغزى كلامه فشعرت بالارتباك و تمتمت :
- حسب فهمي كنت انت و هي ...
- مجرد مغامرة عابرة ... ليلة .
فوجئت الفتاة بالأجابة ثم قال هيرمان :
- و يا لها من ليلة !
- و هل تظن انني من طراز هؤلاء الفتيات ... من النوع الذي يغامر بقضاء ليلة مع رجل لا اعرفه ؟
اكتسي وجه الفتاة بالضيق و اضافت :
- كيف تجرؤ علي ان تراني مثل الغانية ؟
- لم اكن اقصد ذلك ! كما و انني لو ارد اقول اي شيء يخصك و لكن الآنسة سميث لم تكن ابدا غانية فقد كانت عذراء و كانت في غاية الخجل هي الاخرى و اعتقد انها لن تفقد حياءها ابدا مهما اقتربت منها ...
قاطعته هيلين :
- لا داعي لذكر التفاصيل فهذا شيء لا يعنيني .
كان هيرمان قد نسي تماما الي من يتحدث و الحق انه بمجرد ان ينظر اليها كانت تشتغل رغباتها
- هيرمان ارجوك .
- ماذا ؟
كان لا يزال ينظر اليها بنفس الطريقة .
- معذره يا هيلين .. و لكنك قرينتها و اخشي ان اسبب لك ازعاجا دائما بسبب ذلك ..
سألته الفتاة بعصبية :
- ماذا كنت تفعل لو كنت انا هي .. اقصد الآنتسة سميث ؟
- و لماذا هذا الؤال ؟
شعرت الفتاة بالشك في عينيه و لاحظت انه لم يقتنع تماما بانه لم يتقابل معها من قبل ، فتمتمت قائلة بينما كان ينظر اليها هامسا :
- لأن ... جريج ...
- أه فهمت اذن لقد حكي لك جريج ما حدث بيني و بينه ؟
- بالتاكيد فنحن لا نخفي شيئا عن بعضنا .
رفع هيرمان حاجبيه متشككا .
- و هل انت متأكدة انك لم تخفي عنه شيئا ؟ اذن حسب ما فهمت انت تعتقدين انني افكر في ازعاجكما فأحاول الثأر منع باءدعاء هذا اللقاء بيننا للمرة الثانية يا هيلين . هل انت هي ؟
- كلا !
فجاة ظهر صوت هانا علي السلالم و كانت تنادي :
- هيرمان !
زال التوتر عنه و ابتسم قائلا :

- للأمهات دائما طريقة معينة في نداء ابنائهن الا ترين ذلك ؟ و مهما كان ما يردنه من ابنائهن فنحن نتساءل دائما ما السبب في طلبنا !
قالت هيلين :
- و لكنها طريقة تبعث في انفسنا الطمأنينة مهما تقدم العمر بنا فأنا افتقد والدتي دائما و ظللت حتي اخر لحظة في عمرها ابنتها الصغيرة في حين انني كنت في الثامنة عشرة من عمري و كنت اعيش بعيدا عنها انذاك .
ابتسمت الفتاة بدفء و اضافت :
- والآن تحل هانا محل أمي ... فعندما تناديني اتذكر والدتي علي الفور .
- يبدو انها تحبك كثيرا فلم تتوان عن المدح فيك في رسالتها الي عندما بعثت الي بصورتك و الآن اعذريني علي نا سببته لك من ازعاج يا هيلين ، كما انه افضل للجميع ان اكون مخطئا في ظنوني .
ثم انحني نحوها ووضع شفتيه علي خدها فشعرت الفتاة بالقشعريرة تسري في جسدها ثم ابتعد عنها مترددا و قطب جبينه بينما كان ينظر الي شفتيها ففهمت الفتاة علي الفور فيم يفكر ..
تري هل كان لشفتيها نفس المذاق الرائع لشفتي الفتاة التي تشبهها .
صاحت هيلين :
- هيرمان ، كلا .
فنظر اليها و قال لها :
- فنظر اليها و قال لها :
- اعتقد اننا نفهم بعضنا بسهولة جدا ..
ثم اضاف ببطء :
- فانا لم انطق بكلمة واحدة ... و مع .. ذلك ..
علا صوت هانا ثانية :
- هيرمان لقد اعددت لك الطعام !
تماسكت هيلين و قالت بصوت ضعيف :
- من الافضل ان تذهب .. ان هانا تتحرق شوقا للحديث معك كما انني سألحق بكما في الحال بعد ان اقوم ببعض الاعمال .
جاهد هيرمان في تهدئة نفسه ثم قال :
- اتفقنا .. لن تفوتنا الفرصة لنتعارف مادمت سأبقي هنا عدة اسابيع اخري ..
ثم ابتسم لها ابتسامة جعلتها ترتجف .. ان ذلك حقا ما تخاف منه !
قطبت الفتاة جبينها فرفع هيرمان يديه نحو السماء و قال و هو يرجع ال الوراء :
- سأتركك ! الي اللقاء !
- و كانت ابتسامته مشوبة بسخرية واضحة .
- فانا لا اريد لأمي ان تصعد الي هنا فتجدني في حجرتاك فتظن بك السوء ! .
- لا يمكن لأي شخص ان يظن بي السوء كما انني لا اسمح بذلك !
همس قائلا و هو يبتسم :
- سأتذكر ذلك .
ربما يكون ذلك وعدا مكنه ! .
بعد ان غادر هيرمان الحجرة اخذت هيلين تقطع المكان جيئة ذهابا يعصبية شديدة و شعرت انها متورطة في شيء ما بطريقة غير واضحة تري ما الذي يملكه هيرمان ليوصلها الي حد الشك في نفسها ؟

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 17-08-09, 04:04 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 38965
المشاركات: 357
الجنس أنثى
معدل التقييم: مجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامجهولة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 552

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مجهولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

يسلمووووووووووووووووووووو بانتظار التكمله

 
 

 

عرض البوم صور مجهولة   رد مع اقتباس
قديم 18-08-09, 11:26 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

}.. الفصل الثآآني

كان الجو متوترا اثناء تانول العشاء والحق ان هانا و نيكولا كانا سعيدين جدا بعودة ابنهما و لكن ما ان راح اثر المفاجاة حتي لاحظت هانا ان علاقتهم ببعضهم يشوبها بعض التحفظ و في البداية لم تستطيع تعليل ذلك و لكنها ادركت بعد قليل انهم يتحاشون التحدث عن الابن الاصغر خاصة ان خطيبته تشاركهم الجلسة و لم يذكره احد الا عندما اخبرا هيرمان ان جريج يقيم حاليا في سيدني و لن يعود قبل يومين تري هل ستتسبب زيارة هيرمان المفاجئة في توتر عائلي الآن ؟
و لم يفكر هيرمان في طمانتهم كما انه لم يذكر عن كتابه الجديد الا القليل فقال :
- انها مجرد فكرة غير مؤكدة و لا اعرف حتي الآن ما اذا كنت سأفعل فيه شيئا ام لا الحقيقة اني حضرت الي هنا خصيصا بحثا عن العزلة و كان زواج هيلين و جريج حجة لي .
ثم ركز نظراته علي هيلين التي اخفضت نظرها و نظرت الي الطبق الموجود امامها و أضاف :
- انني في حاجة الي بعض الهدوء ...
ثم سألته والدته بقلق :
- الا تعاني اي شيء ؟ الست مريضا ؟
- كلا ، كوني مطمئنة يا امي .. و كما قلت لك كل ما احتاج اليه هو القليل من الراحة .
تقبل نيكولا و هانا حديث ابنهما بنظرة شك و الحق ان هانا لم تقتنع بما قاله و كان هيرمان علي الرغم من ارهاق السفر يتألق حيوية و من الواضح انه ليس من طراز الرجال الذين يفضلون البطالة ولو كانت مؤقته .
ظلت هيين تراقبه طوال الوقت خلسة محاولة تذكر كل ما قيل عنه من قبل ، ففي السادسة و الثلاثين من عمره وصل هيرمان نايت الي قمة مجده و لكن النقاد لم يستطيعو ايدا ان يؤكدوا ما اذا كان ينوي الاستمرار في مجال كتابة القصة أم لا .
و قبل ذلك بعشر سنوات كان هيرمان من افضل الصحفيين في نيوزلنده و بعد فشله في تجربة زواجه رحل تاركا بلاده ليعمل كمراسل صحفي لجريدة استرالية ثم حدث ان تم اختطاف الطائرة التي كان يسافر علي متنها مما أثار ضجة عالمية و بعد عدة اعوام من هذه الحادثة اصبح لتوقيع هيرمان نايت علي بعض مقالاته الصحفية شهرة تخترق الآفاق .
لم تكن اي حادثة تقع او اي معركة تدور الا و يزج هيرمان بنفسه في خضم احداثها و خلال فترة التي يكرسها لكتابة هذه المقالات الشهيرة بدأ يكتب ايضا سلسلة من القصص التي لاقت رواجا لا مثيل له و الحق ان قصصه كانت حافلة بمشاهد العنف و اليأس مما كان يؤثر في هيلين كثيرا .
و بعد ان أفل نجم هيرمان لفترة ما و جرت الشائعات التي تؤكد قيامه بتحقيق ما حول عملية سرية و خطيرة و مع ذلك رجع من جديد بخفي حنين فاعتبره البعض انتهي ككاتب و صحفي و يبدو و انه كان غير سعيد بمهنته كمراسل صحفي خارج البلاد و اكتفي بعد ذلك بإنفاق الثروة التي جمعها خلال هذه الفترة و كان يرفض تماما الاجابة عن الاسئلة التي وجهت اليه بصدد الاشهر الستة الاخيرة التي قضاها بعيدا .
و بعد عدة اسابيع بدأ اسم مؤلف جديد يدعي ستيفان ايرانت يجوب الافاق و من المدهش ان قصته التي ظهر بها نالت اعجاب الجميع و لاقت رواجا فائقا و كانت قصة عاطفية تدور حول رجل انتقل فجأة من حياة بائسة الي مستقبل مشرق و حر ، فأعجب الجميع بحبكة الرواية و اسلوبها الابطال الذي جذب انتباه الآف القراء و كانت قصة ملاك في الظلمات هكذا كان عنوانها تدور في جو غريب يتأرجح بين الحقيقة و الخيال و بعد قراءة القصة كان القارئ يعجز عن التأكيد ما اذا كانت البطلة هذه ثمرة خيال البطل ام انها حقيقة و اقعة .
و بعد فترة عرف الجميع حقيقة شخصية المؤلف و كان :
هيرمان نايت فقوبل بترحاب عظيم و علقت الجرائد علي هذه القصة بل ووصل بعضها ان اعتبرت نايت ما هو الا بطل القصة الحقيقي .
ثم ظهرت قصة ثانية تحت اسمه الحقيقي بعد عام واحد فوضعت حدا لهذه الشائعات حيث كانت تختلف تماما عن قصة ملاك في الظلمات و لكنها احدثت دويا عظيما في عالم الادبي ايضا .
و نالت هاتان القصتان جوائز عديدة و بعد عام اخر ظهرت له قصة ثالثة حققت الرقم القياسي في المبيعات .
شعرت هيلين بالاستغراب كثيرا عندما وجدت نفسها جالسة امام الرجل الذي اشتهر بأنه عملاق الأدب فعلي الرغم من الحياة التي كان يعيشها الا انها لم تلاحظ عليه اي شيء غير مألوف و كان قميصه الابيض يعكس لون بشرته و ذبولها و كانت حركاته غاية في المرونة و الحق انه كان رائعا في كل شيء .
ثم وجدت هيلين نفسها معجبة جدا بمظهره القوي البرونزي الذي يظهر من خلال فتحة قميصه و فجاة لاحظت انه يلاحظ نظراتها نحوه فلم تستطيع تحويل نظراتها عنه و خاصة وان الريق الغريب الذي كان يشع من عينيه كان يجعلها ترتجف بشدة .
- الست جائعة ؟
فوجئت هيلين بصوت هيرمان الدافيء و المسترسل .
و لاحظت انها ابعدت الطعام الموجود امامها بدون ان تعي ذلك .
- ليس بالضبط .
-ان الوقت يبدو لك طويلا بدون جريج ...
هل كان يسخر منها ؟ لقد تركت له هيلين فرصة الريبة في تصرفاتها ، فأجابت بلطف :
- لست من النوع الذي يشعر بالملل .
- عين الحكمة ! عدم التفكير في المصير و الاستفادة من الحياة هذا صحيح !

رفع هيرمان حاجبيه ساخرا و لاحظت هيلين انه فهم انها تقصده بحديثها هذا .
قاطعتها هانا قائلة :
- يبدو ان طعامي دسم جدا بالنسبة لـ هيلين فهي ترفض تناول المواد الدهنية ..
فاعترضت هيلين بصدق :
- انت طباخة ماهرة با هانا ان طعم الدجاج رائع ! و لكنني لا اتناول ابدا كمية كبيرة من الطعام .
قال هيرمان و هو يشير الي الكوب الفارغ امام هيلين :
- و لكنك لن ترفضي قليلا من العصير علي ما اعتقد !
اجابت هيلين :
- انا لا ارفض شيئا كما انني اعتقد انني معتدلة في كل شيء .
- الاعتدال في كل شيء ، اليس كذلك ؟ اذن لقد وجد جريج نموذجا للفضيلة فيك ! .
- الحقيقة انا التي وجدت جريج في الوقت الذي كنت اطمح فيه لشيء اقل من ذلك !
كانت هيلين تقول الحقيقة فقد كانت تفكر في عدة مشاريع انذاك و اكن الزواج احدها و لكنها تعرف ايضا ايضا ان الانسان قد يشعر بالندم علي اشياء لم يفعلها لذلك لم تترد لحظة واحدة عند\ما وقعت في حب جريج ولا داعي اذن لأن تدعي انها لم تكن تنوي الزواج بسرعة .
تدخلت هانا قائلة :
- هيرمان هل اخبرتك في رسالتي ان هيلين تصمم البلوفرات ؟ وقد كانت مجموعتها الاخيرة تحتل المكانة الاولي لأزياء مجلة فوج في الطبعة الاسترالية انها تصمم فعلا بلوفرات رائعة ! كما نجحت في تصميم بلوفر رائع يحمل رسومات بعض الاشجار و الفواكه لوالدك و انت تعرف والدك في البداية رفض ارتداءه ثم بدأ يبحث عنه بعد ذلك ليرتديه اليس كذلك يا نيك ؟
فقال نيكولا :
- لقد فعلت ذلك لسبب ملموس و هو انك قمت بتبرع بكل ملابسي الصوفية .
فابتسمت هيلين بخبث لـ نيكولا فقد اهدته هانا هذا البلوفر في عيد ميلاده و هي تجهل تماما ان هيلين اتفقت معه مسبقا علي الموديل فقد خشيت هيلين ان تنفذ البوفر بدون الاستعانة برأي نيك حتي لا يرفضه و الحق انه كان مولعا بالأزهار لذلك سعد كثيرا بالفكرة هيلين كما انه ابدي استيائه في البداية لهذا العمل حتي لا يضيع علي هانا سعادتها بالمفاجاة التي اعدتها من اجله .
ففهم هيرمان مغزي النظرات التي تبادلتها هيلين مع والده و قال :
- ربما احتج انا ايضا الي بلوفر جديد .
فاقترحت هانا :
- لماذا لا تطلب من هيلين تصمم لك واحدا اثناء اقامتك هنا ؟ ما رأيك يا هيلين ؟ انها دعاية رائعة لك عندما يرتدي هيرمان نايت بلوفر من تصميمك !
اجابت هيلين :
- ان وقتي مزدحم بأعمال كثيرة .
قال هيرمان كأنه يرجوها لقبول العرض :
- ان الشتاء في نيويورك غاية في الربودة .
- هل تقضي الشتاء في نيويورك ؟ كنت اعتقد انك تقضيه دائما مع .. اقصد في البلاد الحارة .
- كاتنك تحاوين دائما معرفة اشياء كثيرة عني فانت ملمة بمعلومات كثيرة !
صاحت هانا :
- كف عن مضايقة هيلين ... ان حياتك الخاصة لا تخفي علي احد .
اشار هيرمان نحو رأسه قائلا :
- كلا ! ان تفاصيل حياتي الخاصة هنا و ما هو معروف عني يخص حياتي العامة مادام ذلك يرفع عدد مبيعات قصصي ...
رفع هيرمان كتفيه ثم استدار نحو هيليت التي بدأت تشعر ببعض الهدوء و قال :
- اقسم ان حياتي خالية من اي مساوئ و افعال خارجة كما يقال يا هيلين ... و الآن هل توافقين علي حمايتي من عناء البرد القارس خلال الشتاء القادم ؟
جاهدت الفتاة لكي تبتسم و هي تقول :
- ما الشكل الذي تفضله بالضبط ؟
- ما رأيك في هالة ؟ نعم ... هالة وسط خلفية سوداء ... فكرة تلائم الظروف اليس كذلك ؟ كما لو كنت ابحث عن .. الملاك الذي يتنمي الي هذه الهالة حجة رائعة لاحتضن بها الفتيات .
نظرت اليه هيلين في غضب فانفجر هيرمان في الضحك .
- لنحاول اذن ، عديني بذلك فقط ! و اذا لم تعجب السيدات بهذه الهالة فسأبعدهن عنها فورا !

- و لكني احذرك ان اسعاري باهضة جدا .
قال هيرمان بصوت هادئ :
- لا اهمية للمال نهائيا .
تدخل نيكولا قائلا :
- ليس بالنسبة لهيلين فهي تدخر اموالها من اجل تمويل رحلاتها ..انها متعة حقيقة يا هيلين ، اليس كذلك ؟ لقد سافرت كثيرا ... اروبا .. اسيا ..
فقال هيرمان موجها حديثه لاسرته كأنه يحاول ضبطها متلبسة بالكذب :
- هونج كونج ؟
فاجابت هيلين بصوت حاد مما ادهش هانا :
- كلا لم اذهب الي هونج كونج .
و هنا قالت هانا :
- ليس بعد و لكن من المؤكد انك ستذهبين هناك لزيارة شقيقتك .
- شقيقتك ؟
قفز هيرمان من مكانه و اضاف :
- لقد اخبرتني ان شقيقتك تقيم في الولايات المتحدة .. ربما كان لك شقيقة اخري ..
- كلا ان سوزان شقيقتي الوحيدة و زوجها يعمل في شركة د\ولية للمنتجات الكميائية و لذلك ينتقلان كثيرا و الآن هما في هونج كونج .
- هل هي هناك لأول مرة في حياتها ؟
اجابت هيلين بجفاء :
- نعم ..
فهي تعرف جيدا ما الذي يردي الوصول اليه ..
قالت هانا و هي تنهض لتنظيف المكان :
- فيما عدا الفترة القصيرة التي قضتها هناك عندما كانت مريضة .
ساد صمت رهيب بعد حديث هانا البريء و هنا جاهدت هيلين لتقول :
- اه نعم ... هذا حقيقي !
و الحق ان هيلين نسيت فعلا هذه الفترة و لكن هيرمان لن يصدق ذلك بالتأكيد .
همس هيرمان قائلا :
- مريضة في هونج كونج ؟ لابد ان ذلك كلفها كثيرا .
- لقد تكفلت الشركة بكل مصارف العلاج لقد رحل جاك و سوزان الي المانيا و منها الي الولايات المتحدة ثم سنغافورة و اخيرا هونج كونج و هناك اصيبت سو يالتهاب في الاذن و لم تستطيع بالتاكيد استقلال اي طائرة فاضطرت للبقاء هناك ثلاثة اسابيع .
سأل هيرمان بتحفظ :
- متي كان ذلك ؟
رفعت هيلين كتفيها ..
- منذ عدة اعوام ..
فأكدت هانا :
- و لكنك قلت لي ان ذلك حدث عندما كنت في انجلترا .. اي منذ حوالي خمس سنوات ..
قال هيرمان بنفاذ صبر :
- كم عمر اختك ؟ و هل هي تشبهك ؟
اجابت هيلين :
- ليس بلضبط و لكنها اكبر مني بأربع سنوت و منذ خمس سنوات كانت حاملا في طفلها الاول !
هكذا وضعت هيلين نهاية لشكوكه .
- كانت في اي شهر من الحمل ؟
هل تكذب عليه ؟ و لكنها اجابت رغما عنها :
- لا اعرف .. و لكنني اعتقد انها كانت في بداية الحمل .
رفع هيرمان حاجبيه و هو ينظر اليها بحنق و كانت هانا تاخذ الطبق الموجود امام هيلين و تقول لها :
- لقد اعددت الحلو خصيصا لك يا هيلين .. طبق سطلة فواكه الطازجة لا تتحركي من مكانك .. سأدبر اموري بنفسي ...
سأل نيكولا عندما ذهبت زوجته الي المطبخ :
- لم كل الاهتمام بامر سوزان ؟

- لأنها لو كانت تشبه هيلين ، فربما اكون قد تقابلت معها في هونج كونج منذ خمسة اعوام .
اكتست ملامح الفتاة بالغضب ... و لكنه لن يحكي اي شيء بشأن هذه القصة !
و أكد هيرمان :
- عندما رأيت هيلين ظننت انني اعرفها و خيل الي لنني رأيتها هناك و لكنها اخبرتني انني مخطيء .
قال والده بفضول :
- آه .. و اين تقابلت معها ؟
- خلال امسية ..
اكدت هيلين بصوت هاديء :
- لم تكن شقيقتي .
رفع هيرمان كتفيه قائلا :
- اتعتقدين ذلك ؟
- انا متأكدة من ذلك فشقيقتي تعشق زوجها و كانت سعيدة جدا بأمر حملها و لا اعتقد انها كانت ستقضي ليلة واحدة بعيدة عنه ..
قال هيرمان في ضحكة سيئة جدا :
- قد نعتقد اننا نعرف هؤلاء القربين منا ، و لكنهم يكونون اول ما يخدعنا .
- هيرمان !
- عندك حق يا أبي لا داعي لتذكر القديم .
ثم استدار نحو هيلين بطريقة مرعبة و قال :
- اذن تعشقين السفر فهل ذهبت الي اليونان خلال فترة اقامتك في اوروبا ؟
دار الحديث بعد ذلك حول المغامرات و الاحداث التي تقع للأشخاص في الغربة ثم اتجه الجميع الي حجرة استقبال الضيوف لتناول الشاي و القهوة دار الحديث حول برنامج هيرمان .. احاديثه الصحفية و مقابلاته خلال الاسبوعين القادمين ثم تحدثو بشأن الإعداد لحفل الزفاف ثم سأل هيرمان عن الشخص الذي اختاره جريج ليقوم بدور الوصيف خلال الحفل و هنا تبادلت الاسرة النظرات و الارتباك واضح .
منتديات ليلاس
فتمتمت هانا قائلة :
- حسن ، فهو لم يتخذ قراره بعد ... و عندما علم بقدومك ... فكر في .. كان يتساءل ..
اخيرا قال نيكولا :
- كان يفكر هل ستقبل ذلك ؟
تمتم هيرمان بصوت اجش :
- ولم لا ... لقد قام بدور الوصيف لي بمهارة .
دهشت هيلين عندما سمعت هذا الحديث فلم يكن جريج قد تحدث معها بهذا الشأن لذلك التزمت الصمت ،
ثم تابع هيرمان حديثه :
- اعتقد انه طلب منك جس نبضي اولا .. هكذا هو دائما ... يحاول القاء المسؤولية علي عاتق الآخرين .
ثم نظر الي هيلين بحدة كأنه يتحداها أن تفكر في الدفاع عن خطبيها ، و لكنها التزمت الصمت دائما .. فعندما يتطرق الموضوع لشؤون عائلية فإن تدخلها قد يزيد الامور تعقيدا ... ومهما قالت هانا ، فهي لم تصبح بعد عضوا في العائلة .
قالت هانا :
- لك يكن يعرف كيف ستقبل الأمر .
- لو كان يريد ان يعرف فيم افكر ، لكان يكفيه مجرد سؤالي بنفسه .
- ولكن ...
فقاطعها نيكولا :
- هيرمان محق في قوله يا هانا ن و لم يكن من حقنا ان نتحدث في هذا الشأن فالأمر يخصهما وحدهما .
نهضت هيلين لتساعد هانا في غسل الصحون و غابت في المطبخ اكثر من اللزم و لأنها لم تجد الحجة المناسبة لعدم قضاء الامسية معهم ، فكرت في الاهتمام بعملها في هذا الوقت و توجهت الي حجرة الاستقبال الضيوف حيث جلست علي الكرسي الضخم المكسو بالقماش المملوء برسومات الازهار بينما جلس هيرمان مع والته يتحدثان علي الاريكة في حين جلس نيكولا يدخن الغليون علي الكرسي الهزاز .
و بعد قليل توجهت هانا الي المطبخ عندما دق جرس التلفون فأمسكت بالسماعة ثم قالت :
- مكالمة لك يا هيلين .. انه جريج من سيدني .

جرت هيلين لتمسك السماعة و هي تتنفس الصعداء تتحدث بسرعة سعيدة بشعورها بحب هذا الصوت الذي اعتادت سماعه فقالت بحماس :
- انني افتقدك كثييييييييييرا .
اجابها جريج ضاحكا :
- و انا ايضا .
ثم صمت قليلا للضوضاء التي علا صوتها علي الخط و اخيرا قال جريج :
- لقد اخبرتني امي ان هيرمان حضر الي المنزل .
- نعم كنت هنا عندما حضر لقد اتي مباشرة من نيويورك و كان من المؤكد انه متعب و لكنه لم يظهر ذلك .
- ان هيرمان كان يظهر حيوية دائمة .
كان جريج يتحدث بجفاء مما جعل هيلين تتساءل ما اذا كان ذلك اطراء ام نقدا
- هل قال شيئا عني ؟
- - كلا .. كلا ليس بالضبط .
هل تخبره بما قاله عن هونج كونج ؟ و لكنها قررت انه لا داعي لذكر ذلك في التلفون .
ثم اضافت :
- اغنا ... لقد سألته والدتك اذا كان يوافق علي ان يقوم بدور الوصيف لك ..
- حسن ... رائع ... لقد فكرت في ان ذلك سيمون حركة لطيفة ، اتفهمين .. و بماذا أجاب ؟
- بأنه كان يجب عليك اخباره ذلك بنفسك .
ساد صمت من جديد .
- حسن سنتحدث عن ذلك لدي عودتي ...سأعود غدا في المساء و ليس يوم الاثنين صباحا .. هل يمكننا ان نذهب لتناول العشاء معا في أي مكان ؟
- انا كلي لك !
- سنتحدث عن ذلك عندما اعود ، والآن الي اللقاء يا عزيزتي ... أحبك .
- انا ايا احبك يا جريج .
وضعت هيلين السماعة بينما كانت ترتسم علي شفتيها ابتسامة حالمة .
- هل تحبينه ؟
كان الصوت هامسا ومع ذلك قفزت هيلين من مكانها و نظرت حولها فوجدت هيرمان واقفا في ظل السلالم ...
فقالت بفخر :
- كثيرا .
- يا له من شخص سعيد جريد ! وهو هل يحبك كثيرا ؟
- بالتأكيد والا كا كنا اتفقنا علي الزواج !
- و لم هذه السرعة ؟ فقد علمت من والدتي انكما لم تتعارفا الا منذ شهرين اثنين .
- و لم الانتظار ؟ فلا انا ولا هو نري ضرورة لذلك !
تقدم هيرمان نحو النور و قال :
- هناك ألف سبب للزواج غير الحب ..
دهشت هيلين لهذه الملاحظة و قالت :
- حسن ... ما هي ؟
- قد تكونين حاملا !
- ليس هو الامر
- ربما تجذب ثروته انتباهك ..
- ان المال لا يمثل قيمة كبيرة كما قلت منذ قليل ، و جريج يملك مزايا عديدة في نظري فهو جذاب ذكي .. كما انه ليس في حاجة الي ان يدعي انه تقابل مع شخص ما قبل حتي ان يتعرف عليه ..
اكتفي هيرمان بابتسامة سريعة ثم قال :
- و من ناحية المظهر ؟
- ماذا تقصد بالمظهر ؟
- يبدو انكما متحمسان ، و قد يجذبكما المظهر و الناحية الجسدية لشيء اخر اعمق ان ذلك يحدث كثيرا .
- اشكرك علي كل حال و لكننا ناضجان بالدرجة التي تسمح لنا بتقدير مشاعرنا بدون مساعدة احد .
هيلين ...

و عندما دلفت الي حجرة استقبال الضيوف وضع هيرمان يده علي ذراعها و قال :
- انا اعتذر عما بدر مني .
ثم تركها نادما ووضع يده علي شعره كأنه يحاول تصفيفه .
- لا تحقدي علي كثيرا ... اتعرفين انه بعد فشلي في الزواج ، اصبحت متشككا من وجود اي عقبة في طريقي ، فلأن يشعر الانسان بالحب يوما بعد يوم .. فذلك لا يمثل لي ايه اهمية !
- فلا ترتكبي نفس الخطأ مثلي !
و الحق أن فشله في الزواج لم يكن السبب الوحيد في موقفه هذا ، اقتنعت هيلين بحديثه و شعرت بأن غضبها يتلاشي شيئا فشيئا و عندما نظرت اليه في النور لاحظت انه مرهق و مضطرب كما شعرت انه يعاني الوحدة و انها ترغب في مواساته و لكنها و لكنها تخاف من ذلك .
بعد قليل ن توجهت الفتاة الي حجرتها و ارتدت قميصا من القطن المزهر كانت هانا ق\د اعدته لابنة اختها ثم فتحت النوافذ الصغيرة للحجرة ذات سقف المنحني ليتسلل منها الهواء الربيع المنعش لمدة دقائق قبل ان تخلد الي النوم و ما ان قررت التوجه نحو فراشها حتي سمعت صوت طرقات خفيفة علي باب الحجرة .
لابد انها هانا لتستفسر عن رأي هيلين في ابنها .. فكيف تخبرها بذلك بدون ان تسبب لها الضيق ؟
و لكن الطارق لم يكن هانا ن بل كان هيرمان الذي وقف مستندا علي الباب حتي كاد يقع عندما فتحت له هيلين .
القت الفتاة نظرة الي الخارج فلم تجد احدا و عندئذ تمتمت قائلة :
- ماذا تريد يا هيرمان ؟
- اريد ان اقول لك تصبحين علي خير !
كانت عيناه تشعان ببريق رقيق و كان هيرمان ينظر اولا الي وجهها ثم الي كتفيها ثم الي جميع اجزاء جسدها و كان يرتدي برنسا من النسيج الابيض و قد احكم غلق ازراره حتي النهاية .. ربما علي سبيل الحياء و لكنه كان يعكس لون جسده البرونزي واضحا .
قالت هيين بجفاء :
- حسن ، تصبح علي خير !
و ما ان حاولت إغلاق الباب حتي وضع هيرمان يده علي المقبض ليحول دون غلقه فقالت هيلين :
- هيرمان ...
- هل كانت شقيقتك ذات شعر اشقر منذ خمس سنوات ؟
- كلا ! ألن تكف ابدا عن ذلك ؟ لماذا تتشبت برأيك الي هذا الحد ؟
- هل كانت عيناها خضراوين مثلك ؟
- ان عينيها تميلان الي اللون الرمادي اكثر من اللون الاخضر .لكن ...
- وهل كانت بها شامة غريبة الشكل اعلي فخذيها من الناحية اليسري .. اليس كذلك ؟
- كلا !
و بغضب شديد ابعدت هيلين يده بعنف عندما حاول ان يشير له اين توجد الشامة التي يتحدث عنها ثم قالت بصوت مختنق :
- - لم يكن لديها شامة في اي مكان من جسدها و الآن كف عن مضايقتي يا هيرمان و الا انادي من في المنزل ، تصبح علي خير !
و حاولت ان تركله في قصبة ساقه و لكنه ارتد الي اتلوراء متفاديا الضربة ، و اخيراا اغلقت الباب في وجهه ثم اغلقت المزلاج ايضا و استندت بظهرها علي الباب بينما قلبها يكاد يتوقف عن الحركة و عندما سمعت وقع خطواته يبتعد جاهدت الفتاة لكي تبتعد قليلا و عندئذ لاحت لها صورتها عبر مرآة الحجرة فشعرت بخوف شديد عندما لاحظت شحوبها و فجاة اصبحت ملامح وجهها اكثر قساوة و لمعت عيناها و شعرت بأنها ترتجف و انها فقدت كل قوتها ثم بدات ترفع ببطء قميص نومها وتجمدت في مكانها عندما لاحظت اعلي الفخدين لديها ... شامة علي شكل هلال .

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 18-08-09, 11:32 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثالث



- انت كثيرة السكوت !
- مم ؟
افاقت هيلين من احلامها و نظرت الي الرجل الذي يقود السيارة بجانبها .
- آه كنت افكر فقط ..
- في اي شيء ؟
ابتسم جريج و هو يثبت نظراته علي الطريق امامه و كان سعيدا حقا بسماع صوت رفيقته بجانبه و لكنها قالت :
- آه في اشياء ليس لها اهمية ، مثلا الي اي درجة أحبك .
اوقف جريج السيارة بعنف محاولا التظاهر بالدهشة لسماعه هذا الاعتراف و لكنهما انفجرا في الضحك فاستراحت هيلين قليلا .
و لكنها قررت الا تخبر جريج بتصرفات هيرمان و احتقاره لأن خوض مثل هذا الحديث العقيم اصبح متأخرا جدا فمنذ عودة جريج من استراليا من حوالي ثلاثة ايام و هناك جو من التفاهم و الهدوء بينه و بين اخيه و لا تريد هيلين تعكير هذا الجو بلأضافة الي ان هيرمان يبدو كما لو كان قد نسي سوء التفاهم هذا .. من اؤكد انها تلقت صدمة رهيبة عندما حدثها عن هذه الشامة و لكنها تماسكت بسرعة و لم تكن ابدا تعتقد انها رفيقة غير منسية في حياة هيرمان نايت .. انها مجرد صدفة ولو انها غريبة حقا .
قال جريج :
- أخشي ان تكوني قلقة بعض الشيء بشأن دعوة هيرمان هذا المساء
- و لم ذلك ؟ اتمني يا جريج الا تكون منزعجا لفكرة ان تطلب منن اخيك ان يكون وصيفك ! اعتقد انك تحدثت اليه في ذلك في الليلة السابقة و ان كل شيء اصبح علي ما يرام .
- لقد تحدثنا عن اشياء كثيرة و الحق انني كنت اريد ان اعرف هل مازال يحقد علي بسب ما حدث بيننا فيما مضي و لكنه اخبرني انها حخكاية قديمة و كان مجرد تفكيري فيها يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة اليه لقد قال لي بالحرف الواحد يجب ان تكتشف ذلك بعينيك ماذا يعني بذلك ؟ انا لا افهم !
- اعتقد ان الأمر اصبح ايجابيا ، اليس كذلك ؟ و ربما يريد ان يؤكد لك انه لم يعد يحقد عليك .. و انه فعلا قادر علي نسيان هذه القصة و عدم الاهتمام بها .. لماذا لا تفعل انت ايضا ؟
- لأنها لم تكن ابدا عديمة الاهمية !
فوجيء جريج بثورته هذه اكثر من مفاجأة هيلين نفسها و لكنه سرعان ما هدأ ثانية و ابتسم معتذرا ، فقال :
- اعتذر يا عزيزتي و لكن ذلك السبب الاضطراب الذي يسود حياتنا ! و لم اكن ابدا اتخيل انه سينسي ذلك و لكن لو كان ذلك حقيقيا فلماذا لا يتحدث الي بصراحة ؟ انه يعلم ان حديثه معي سيريحني كثيرا .. فأنا اشعر دائما بالاضطراب في وجوده .. الم تلاحظي الطريقة التي ينظر بها الينا ؟ كم ذلك مزعج !
- يقال ان المؤلفين اكثر الناس تأملا و ملاحظة و لابد انه هو الامر بالنسبة له و ان كان يشوب ذلك بعض التشويه للمهنة .. و مهما كان لم يكن هيرمان ليدعونا علي العشاء هذه الليلة لو كان مازال يحقد عليك كما انني اشعر انه صريح جدا .
ولابد انه يفكر في جذب انتباه هذه الــ ... التي دعاها معنا .
اضافت هيلين هذه الجملة الاخيرة و هي تبتسم و كان هيرمان ينوي مقابلتهما بصبحة صديقة قديمة تقابل معها صدفة اثناء الحديث الاذاعي قال جريج :
- لم يكن هناك داعي لأن يعذب نفسه هكذا ! ان سيان كانت دائما مغرمة به لقد عملا في الصحافة معا ، و عندما تزوج لم تكف ابدا عن ملاحقته حتي أن اليس ظنت في وقت ما انه علي علاقة بها ..
توقف جريج عن الحديث فجاة لقد قال الكثير ان اليس هذه هي زوجة اخيه السابقة و لم يعد احد يستطيع ذكر اسمها في العائلة و لم يكن هناك صورة واحدة لها في البوم الصور التي اعطته هانا لـ هيلين لتتفحصه .. تري اي نوع من السيدات هذه المرأة لكي تنال اعجاب هيرمان لدرجة انه يتزوجها ؟
و ماذا كانت اسباب الانفصال ؟
قال جريج :
- ها نحن اولاء قد وصلنا !
اوقف جريج السيارة الـ جاجوار الزرقاء اللون علي الريصيف ثم اوقف المحرك و فك حزام الامان ثم انحني نحو هيلين لكي يقبلها فاستجابت له بحرارة فجذبها جريج نحوه بشدة .
و الحق انه عندما تقابل معها لأول مرة كاد الامر ينتهي بهما الي فراش جريج و لكنها اخبرته انها عذراء فتراجع جريج و تعامل معها باحترام ولم يكن يريد منها ان تقدم علي اي عمل مالم تكن ****ة عنه ، كما انه كان يريد ان يتاكد من صدق مشاعرها نحوه و الحق ان طريقة تعامله معها اثرت فيها مثيرا ! كان هيرمان و صديقته يجلسان معا و كانت صديقته سيان ميلر ترتدي ثوبا ابيض اللون يكشف عن كتفيها و صدرها و كان شعرها يبدو كهالة رائعة حول وجهها الوضوعه عليه مساحيق التجميل بعناية لافتة جدا و عندما راتهما هيلين علي شعرت علي الفور بالحقد تجاه سيان .. شعرت بمزيج من الحسد و العجرفة في آن واحد و ان كانت بعد ان تعرفت عليه زاد عندها الاحساس بالحسد توالت الاطباق الشهية تلو الآخر و كانت هيلين تشعر دائما بالضيق و كان هيرمان يتذكر بعض الاحداث التي مرت بينه و بين سيان في بداية حياتهما الصحفية ، و كانت هيلين تجلس بجانبه هيرمان و تشعر مع الوقت بالقلق فقد كان هيرمان يتعامل معها كشقيق زوج غاية في اللطف و الأدب و بعد الانتهاء من تناول الطعام تأكدت مخاوفها عندما وضع جريج يده في جيب سترته و هو يوقول :

- حقا هيلين لقد اتيت بجاوي سفرنا من القنصلية و حصلنا علي التأشيرة و كنت اريد ان اعطيك جواز سفرك و لكنني نسيت .
قالت سيان :
- هل سترحلون الي الخارج ؟
- نعم الي البرازيل لقضاء رحلة شهر العسل .
قالت هيلين مازحة :
- شهر العسل تخيم عليه سحابة من العمل فعلي جورج الذهاب الي البرازيل لقضاء بعض اعماله و لم أكن اريد ان يرحل جرؤيج هكذا سريعا فور زوجنا وحيد .
و ما ان مدت هيلين يدها لتناول جواز السفر من جريج حتي اسرع هيرمان و استولي عليه قبلها و عندما همت بالأعتراض رفع حاجبيه قائلا :
- هل هناك ما تريدين اخفاءه عنا يا هيلين ؟
خفف هدوء صوته من حدة الموقف و ما كان منه الا تناول الكتيب الازرق و بدأ يتفحصه .
- ربما كان هناك رحلة الي كولمبيا او الي مثلث الذهبي تريدن الاحتفاظ بها سرا ؟
- كلا بالتأكيد !
ما الذي يمكنها عمله حتي لا يبدو رد فعلها غريبا الي هذا الحد ؟
اتتحجج بأنها لا تريده ان يري صورتها الموجودة في جواز سفرها عندما كانت في الثامنة عشر من عمرها ؟ و كان ذلك قبل سفرها الي المانيا لدي سوزان و جاك عندما كانت وجنتيها غائرتين و كان شعرها طويلا و مقصفا الحق انها كانت تبدو كالشبح في هذه الصورة ! فقد كانت مريضة في ذلك الوقت .
قالت هيلين و هي تراه يتفحص العلامات الموجودة بجانب الصورة :
- ليس هناك اي علامة مميزة .. لو كان ذلك ما تبحث عنه .
لحسن الحظ لم يكن من الممكن ان تظهر الشامة في الصورة !
بدأ هيرمان يتفحص جواز السفر المملوء بالأختام و هو يبتسم و فجاة ارتجف و اعاد صفحتين الي الوراء بيد مرتعشه و هنا تجمدت ابتسامته .
- كنت اعتقد انك لم تذهبي ابدا الي هونج كونج ..
- هذا حقيقي .
و بدون ان تنبس ببنت شفة مد هيرمان جواز السفر نحو هيلين و كان هناك ختمان لوازرة الهجرة التاعبة لهونج كونج .. شعرت هيلين فجأة بتقلص في معدتها و قالت :
- أنا ... لكن ذلك مستحيل ، انا لا افهم ..
علق هيرمان و هو يركز نظراته الكئيبة و المتهمة علي وجه الفاتاة :
- ربما يكون قد قام شخص بسرقة جواز السفر و استخدمه قبل ان يعيده اليك ثانية .
شعرت الفتاة برأسها يحترق و كادت تفقد الوعي .
ثم تمتمت قائلة و هي تنظر الي خطيبها مستعطفة :
- لا بد ان هناك سوء تفاهم ...
ثم اضافت :
- انا لم اذهب ابدا الي هناك يا جريج ، اليس كذلك ؟
و قبل ان يفتح جريج فمه قاطعه هريمان :
- و كيف له ان يعرف ذلك ؟ انظري الي تاريخ الختمين ...
لم تكوني قد تعتلافت علي جريج في هذه الفترة ! اظري الي التاريخ يا هيلين .
ازدادت دقات قلبها سرعة حتي كاد يتوقف فوفقا للتاريخ كانت هيلين قد ذهبت الي هونج كونج منذ خمس سنوات اي في التاريخ الذي اكده لها هيرمان عندما تقايل مع هذه الغريبة الغامضة .. كانت الفتاة تفقد وعيها تماما و كانت تحرك شفتيها بدون ان تنطق بكلمة واحدة .
منتديات ليلاس
رمي جريج شقيقه بنظرة غاضبة و قال :
- دعيني أري ذلك يا عزيزتي .
ثم تناول جواز السفر من يدي هيلين الجامديت و بعد ان تفحص الختمين بسرعة رفع رأسه مبتسما و قال :
- نعم لقد قضيت يومين في هونج كونج دون ان تتذكري ذلك و ليس هذا غريبا وفقا للظروف .
قال هيرمان متسائلا :
- اية ظريف ؟
قال جريج بلهجة جافة :
- ما هذا ؟ بأي حق توجه هذه الاسئلة الي هيلين كما لو كانت متهمة ؟
- أري فقط انه شيء غريب ان ينسي شخص ما قيامه بمثل هذه الرحلة !
قاطعته سيان و هي تنظر الي هييلين بحرارة :
- آه ليس ذلك بالشيء الغريب .. لقد كانت اقامتها هناك قصيرة ! فأنا نفسي لا اتذكر بعض الاماكن التي ذهبت اليها ... خاصة عندما افرط في تناول الكحوليات ...
فشلت محاولتها لتهدئة الجو رغم ذلك و لكن هيرمان قال بصوت جاف و هو ينظر اليها بعنين حادتين :
- فقدان الذاكرة يا هيلين ؟ هل حدث ذلك بسبب تناول الكحوليات ؟
لم تستطيع هيلين الدفاع عن نفسها و لكن جريج قال بغضب بارد :
- لو كنت تريد الحقيقة يا هيرمان فقد كانت هيلين مريضة جدا اثناء قيامها بهذه الرحلة .. ولو دققت النظر في الختم الثاني لفهمت انها ذهبت الي هونج كونج و هي في طريقها الي انجلترا لقد كانت في طريقها الي لندن لاجراء عملية جراحية انقذت حياتها .
- جريج !
لم يهتم جريج باعتراض هيين و كان سعيدا بوقف شقيقه عند حده .
- كلا يا هيلين .. فلا دخل لـهريمان بهذه القصة كما انه يتردد عن متابعة هذا الحديث مهما كان يضايقك ...
ثم وجه حديثه الي أخيه قائلا :
- نعم كانت هيلين مريضة بورم في المخ و قد أكد الاطباء انه لا علاج لهذا الورم بالتدخل الجراحي و في هذه الحالة كان العلاج كيميائي غير مجد ايضا و لحسن الحظ ظهرت انذاك طريقة اخري للعلاج بالليزر في لندن و كان هذا العلاج يلائم مرض هيلين كثيرا .. بالإضافة الي ان هذا الورم كان يسبب لها فقدانا في الذاكرة أرايت يا هيرمان ان نسيان هيلين لهذه الرحلة له مبرره .
ساد صمت رهيب بعد ذلك و شعرت هيلين بضيق فظيع كما انها كانت غاضبة جدا من جريج الذي يشعر بالإنتصار فقد كان كل ما يشغله هو مهاجمة هيرمان كثر من فكرة دفاعه عنها و لم يكن فعلا يهتم بها لدرجة انه لم يهتم بما ستسببه لها هذه الذكريات الأليمة عندما يتحدث عنها حول مائدة طعام في مطعم ما .

قال هيرمان اخيرا :
- اعتذر يا هيلين ... لم اكن اعرف ..
- لا تعتذر يا هيرمان ..ز فلم يكن بوسعك ان تعرف ذلك .
تدخل جريج قائلا :
- في المرة القادمة حاول معرفة الحقائق اولا قبل الحكم علي الاشياء .
و لكن هيرمان تجاهله تماما و قال لـ هيلين :
- لكن تسمحين لي .. هل دام هذا الفقدان للذاكرة طويلا ؟
كانت هذه الاسئلة تزعجها و لكنها لن تستطيع قول ذلك و الا اعطت لجريج فرصة مهاجمة اخية ثانية ، فتماسكت قليلا حتي قالت :
- انه يخص بعض أطلال الماضي .
ثم ابتسمت و تحاشت نظرات هيرمان الثاقبة لتوجه حديثها الي سيان :
- انه شيء محير جدا لدرجة انني اجهل ماذا حدث خلال هذه الفترة .. و لكنني اعتقد انه ليس هناك اشياء مهمة ..
و فجأة ظهرت الحقيقة جلية امام عينيها و جف فمها تماما و لم تستطيع النطق بكلمة واحدة ... هي و هذا الرجل ..
حاول جريج تصليح موقفه امام خطيبته فقال في خجل :
- الحقيقة وفقا لما قاله الاطباء لم تنس هيلين كل ذكرياتها فهناك طرق كثيرة تؤدي الي ذلك و في كلمات علمية فإن الكروموسومات التي تقترن بالخلايا العصبية تجمع هذه الذكريات و لكي تتذكرها لا بد من اعادة تفريغ هذا الجزء من المخ عن طريق كروموسومات جديدة .. اليس كذلك يا هيلين ؟
وافقته هيلين بابتسامة شاحبة ، فقال هيرمان :
- و كيف يتم ذلك ؟
- عن طريق تجميع افكارها مثلا لاحظت هيلين انها نسيت تماما فترة المدرسة الابتدائية كما لو كانت لم تمر بها اساسا ، و لكن بعض الذكريات كالبالطو الواقي من المطر و بعض الملابس الصوفية الخاصة بها اعادت الي ذكرياتها قليلا من الافكار فتذكرت فترة وجودها في الفتاء اثناء تنالها لسندويش جبنة ثم تذكرت مدرسا قديما لها عندما سمعت صوتا يشبه صوته و في النهاية عادت اليها ذكريات هذه المرحلة كاملة ..
قالت سيان مازحة :
- مم .. علي كل حال .. هناك بعض الاحداث في حياتي التي افضل الا اتذكرها نهائيا ..
قال هيرمان بهدوء :
- هذا اذا لم تكن تلك الذكريات محفورة في ذاكرة شخص اخر ربما يكون ذلك مزعجا اذن ..
فانفجرت سيان في الصحك و بدات بعض ذكريات المرحلة التي كان هيرمان خلالها مجرد صحفي مبتدئ فأعجبت هيلين بهذا الحديث و ان كانت لم تعد تريد الا العودة الي المنزل لتبدأ في التذكر و التفكير و لكن هيرمان و جريج و سيان كانو يريدون استكمال السهرة في هذا المكان و عندما ذهب هيرمان لدفع الحساب و ذهبت سيان الي دورة المياه استغلت الفتاة الفرصة لتقول لجريج انها مرهقة و لكنه لم يتفهم الموقف و قال لها :
- و لكنني لم اطلب منه بعد ان يوقم بدور الوصيف في حفل زفافي كما .. انني لم أجد الفرصة سانحة بعد ان هاجمته بشدة بسبب موضوع الجواز السفر هذا !
اعذريني لحديثي معه يا عزيزتي ولكنه يملك موهبة دائما ليضغط علي اعصابي .. كما اعدك الا ننتظر طويلا لو كنت حقا مرهقة .
لم تتوان سيان عن دعوتهم لقضاء السهرة في ملهي ليلي ممتاز و الحق ان مهنتها كصحفية سابة قد منحتها فرصة للذهاب الي افضل الناطق في اوكلاند لذلك اختارت ملهي روستيز حيث يذهب عليه القوم و اكثرهم تعقلا كما ان اسعار المشروبات هناك كانت باهضة جدا .
و ما ان جلس الجميع حتي نهضت سيان طالبة من هيرمان مشاركتها في الرقص و بعد قليل تبعها جريج و هيلين .
كان جريج راقصا ماهرا و كانت خطواته مع هيلين متناسقة جدا حتي هدات الفتاة و سعدت لكونها مرتبطة بهذا الرجل الذي تتفق معه في اشياء كثيرة ! و لكن هناك شيء واحد يشعرها بالضيق و هو انها كانت تتمني ان تكون حبيبة له و ان تكون منتمية اليه ... كما انتمت الي شقيقه في ليلة ما ..و لكنها سرعان ما استبعدت هذه الفكرة من رأسها ..
كما انه لا يوجد اي شيء يثبت ذلك و فجاة اعادها صوت هريمان الي الوقاع .
- هل يمكنني اختطاف رفيقتك ؟
و بعد قليل كانت هيلين بين ذراعي هيرمان و علي الرغم من تغير رفيق الرقصة الا انها سرعان ما شعرت بالإنسجام مع خطواته مما جعلها تشعر بخيبة الأمل .
و ما ان لف هيرمان ذراعه حول خصرها حتي ابتعجت قليلا فلم يحاول ان يقربها منه ثانية و عندما نظرت في عينيه لم تر يفهما هذا التعبير بالإنتصار و لكنها وجدت تعبيرا بالحزن مشوبا بالحنان لا حد له .
و فجاة قال لها :
- هل هناك خطورة لعودة المرض ثانية اليك ؟
لا داعي للهروب منه .. كما ان هذه الاسئلة من اهم مميزاته كصحفي ناجح فاجابته بصوت ملموء بالإحساس :
- اعتقد انني شفيت تمام .
فأغمض عينيه و لاحظت الفتاة ارتعاش جفونه ذات الرموش الشقراء الكثيفة و عندما لاحظت ضعفه الي هذا الحد ارتعدت و قالت هامسة :
- هيرمان !
- لقد اخبرني جريج انك فقدت والديك قبل سن السابعة عشرة فهل كان هناك من يتولي رعايتك اثناء هذه الفترة الصعبة من حياتك ؟ و هل جاءت شقيقتك لمد يد العون لك ؟
هزت رأسها قائلة :
- لم اطلب منها ذلك ، فقد كانت تعيش انذاك مع زوجها في المانيا و كانت متعبة جدا في بداية حملها و لك يكن باستطاعتها مجرد نغاردة الفراش خوفا من فقدان الجنين .
- اذن انت لم تخبريها بشيء ... و اخفيت عنها نبأ مرضك حتي .. اخبريني حتي متي ؟
لم تستطيع هيلين مقاومة اصراره اكثر من ذلك و سردت عليه كل شيء :
الآم رأسها التي اعادها الاخصائي الي وجو\د فيروس في جسمها و سلسلة من الفحوصات الطويلة التي لم يؤكد اي شيء و ظهور الورم اخيرا و محاولة العلاج الكيميائي و محاولة الاخصائي للحصول علي دعم من الدولة لتغطية تكاليف علاجها و رحلتها الي انجلترا و محاولتها الاتصال بـ جاك لتطلب منه اخبار شقيقتها سوزان بمرضها بدون ان يزعجها كثيرا .
و كان هيرمان يستمع اليها كما لو كان يعيش نفس الآمها و أحزانها من جديد لدرجة انها بدات تشعر بالفزع ثانية و اخيرا همس قائلا :
- كنت صغيرة و وحيدة ...

- و لكني كنت محاطة بالأصدقاء يا هيرمان كما انني لم اكن طفلة ! و هذه التجربة جعلتني قوية فلأحساس بدنو الموت جعلني ابدو متماسكة و جعلني ما احدد ما اريده بالضبط من الحياة فبدات اقيم الاشياء من الجديد كالحب مثلا .
- و لكنك لم تجدي من يحبك و يساعدك في هذه الفترة حيث كنت بحاجة شديدة الي المساعدة اليس كذلك ؟ كما ان العلاج الكيميائي قاس جدا ...
- الشعور بالغثيان و الهزال فقط لا غير كما انني لم اضطر باللشعة و لم افقد شعري .. كل ما حدث انه اصبح فقط ...
اختنقت الكلمات في حلق هيلين و لكن هيرمان قال :
- اصبح لونه اشقر
قالت بصوت خفيض :
- لقد نسيت ذلك تماما او ربما اردت نسيانه .
- كنت متأكدا ان لونه لا يلائم لون بشرتك .. كما انني لم اتصور انك تفضلين الظهور بشعر اشقر ...
اكتسي وجهها بحمرة الخجل فاخذ ينظر اليها مبتسما و فجاة قال لها :
- هل تنوين إخبار جريج ؟
- اخباره بماذا ؟
- بما حدث في هونج كونج ؟
- و لم ذلك ؟ فانا اجهل ما حدث و لا اعرف الا ما اخبرتني به لماذا فكرت في ذلك ؟
- يمكنك اخباره بالتفاصيل ، الا تريدين ذلك ؟ انت لا تتذكرين شيئا الان و لكن من يعرف فيما بعد ؟ فقد ذهبت في هذه الليلة الي ..
قاطعته هيلين :
- هيرمان ... انا اقدر معاونتك لي ، و لكن لا داعي لذلك انها مجرد صدفة فقد تلقيت تربية صارمة و لم اكن ابدا من النوع الذي يفكر في قضاء ليلة مع شخص غريب .
- و لكنها ليست مغامرة ، كما ان ذلك لا يعد خرقا لعادتك و تقاليدك ، مجرد فتاة استغلت الفرصة لتصبح امرأة ...
- و لكنها ليست انا ! مستحيل ! فأنا ما ازال عذراء .
تعثر هيرمان في وقفته و اعتذر ثم نظر الي رفيقته بثبات في عينيها .
- هيلين ، هل تظنين انك مازلت عذراء ، هذا مستحيل !
سكتت الفتاة و هي تهز رأسها غير مصدقة ثم قال ثانية في لطف :
- هذا يعني انه لم يقترب منك اي رجل غيري .
تقلص وجه الفتاة في ذعر شديد .
- لا تتشبتي بهذه الفكرة يا هيلين حتي لا تصابي انت و جريج بخيبة امل اذا تخيلت ...
- كفى يا هيرمان ! كيف تجرؤ ؟
- اجرؤ لأن ذلك ضروري يجب ان تواجهي الحقيقة لقد كنا حبيبين يا هيلين و لم يقتصر الامر علي مجرد ليلة عابرة ...
- هل قرأت قصة ملاك في الظلمات ؟
انفجرت اسارير الفتاة بعض الشيء و تجابت :
- كلا لم اجد الوقت المناسب !
- حسن يجب ان تقرئيها ! فبطلة القصة هي أنت !
- ماذا ؟
جذبت صرخة هيلين الفزعة انتباه الراقصين من حولهم .
تابع هيرمان حديثه :
- انها قصة لقائنا لقد نجحت ان تجعليني افهم خلال هذه الليلة كل معاني الحياة و الحب و الخلق انني كتبت هذه القصة تكريما لأمرأة لم تسعفني الظروف لن اشكرها بنفسي ...
حتي ذلك اليوم .
لم تصدق هيلين ما تسمعه و تمتمت :
- لماذا تتصرف معي بهذه الطريقة ؟ ماذا تريد مني في النهاية ؟
هكذا تتحدث دائما عن ماض لم اكن ابدا مسؤلة عنه بل و لا ازال غريبة عنه !
اخيرا تماسكت الفتاة و لكن هيرمان كان ينظر اليها بابتسامة غريبة علي شفتيه ثم قالت هيلين بحماس :
- ارجوك لا تحاول اتعاس جريج بهذا الحديث !

انت تريد ان تجعله يدفع الثمن و لك ما تريد و لكن لا تفعل ذلك من خلالي ! و حسب ما أعلم فهو لم يدمر حياتك تماما ... فقد تزوجت من اخري بعد رحيل خطيبتك ، اليس كذلك ؟ و انت لا تتصور ايادا ان جريج اراد تعذيبك عن عمد .. و ربما لم تخلق انت و خطيبتك لبعضكما ... ؟
رمي هيرمان رأسه الي الوراء كأنها لكمة في وجهه و قال :
- اهذا ما اخبرك به ؟
- لم يكن يقصد اي شيء مما حدث اتعتقد انه وقع في حب المرأة التي اختارها شقيقه عن عمد ؟
اجاب هيرمان ببطء :
- كلا ! لا يمكن ان يفعل احد ذلك عن عمد .
فوجئت الفتاة بتعبير وجهه و شعرت انها فهمت ما يريد هيرمان قوله و قرأت في عينيه تأكيدا هادئا و كأن الاحساس رغما عنه ... تصريح هادئ بالحرب .
قالت الفتاة بصوت مختنق :
- انا اجهل اللعبة التي تنوي القيام بها و لكنها لن تتم بواسطتي .
و كأن هيرمان و هيلين في هذه اللحظة في الطرف الآخر من القاعة بعيدا عن سيان و جريج الجالسين علي المائدة و فجأة جذبها هيرمان وراء احد الاعمدة منذ متي و هما يرقصان ؟ ان هيلين لا تستطيع تحديد هذه المدة ...
وربما كان امد الدهر .
- هيرمان ...
و لكنه اسكتها بقبلة علي شفتيها بينما تلتف يداه حول خصرها كان يقبلها بحرارة غريبة و عندما ابتعد عنها كانت وجنتاها مخضبتين باللون الاحمر و الانفاس تكاد تكون متقطعة .
و فجاة لمعت عيناها ببريق الغضب علي الرغم من نظرات هيرمان التي تشتعل برغية عارمة و قالت :
- لماذا فعلت ذلك يا هيرمان ؟
- لكي اعيد الذاكرة اليك ... لكي افتح الطريق امام ذاكرتك ...
هل تذكرت اي شيء ؟
شعرت الفتاة بسخونة و برودة في نفس الوقت .
- كلا لم اتذكر شيئا و لا اريد ان اتذكر شيئا ! و للمرة الثانية ارجوك دعني و شأني يا هيرمان دعنا و شأننا انا و هو .
فاجابها بحدة جعلتها ترتبك :
- لا استطيع يا هيلين ، لا استطيع ان اتركك ترتكبين مثل هذا الخطأ .
انهت بقية الامسية كأنها كابوس و في النهاية عندما حاولت هيلين ترتيب الاحداث في مخيلتها تذكرت انها لدى عودتها الي المائدة مع هيرمان كان جريج هادئا جدا و اخذ ينظر اليهما باستغراب شديد كانه يشك في امرهما .
و ازدادت الامور تعقيدا عندما عرض جريج علي اخيه ان يقوم بدور الوصيف في حفل الزفاف و كأنه القي بقنبلة في وجهه و كأن هيرمان كان ينتظر هذا العرض لينفجر فقال له :
- لقد قمت قبل بدور ما في قصة زواج فاشلة يا جريج ولا اريد تكرار ذلك ثانية !
صمت جريج تماما و بعد ثلاث دقائق كان قد اصطحب هيلين و خرجا من الملهي .
و عندما عادت هيلين الي المنزل جلست مع نفسها و شعرت بتوتر شديد كما ان جريج رفض ان يتحدث معها ثانية في هذا الشأن و ظل طوال الطريق شاحب الوجه مقطب الجبين و لم ينطق بكلمة واحدة حتي وصلا الي المنزل .
لقد تسببت له هيلين في الألم و تركته يعتقد ان هيرمان سيقبل عرضه و لكنها لن تتركه يتعذب هكذا بدون كلمة واحدة .
كما من حقه معرفة الحقيقة ، و لكن اي حقيقية ؟

الفصل الرابع
تنهدت هيلين و هي مقطبة الجبين بينما كانت تجلس امام المائدة الخشبية الصغيرة و قد وضعت عليها قطعا من الأقمشة المختلفة الألوان و كان ما يشغلها هو صنع بلوفر من هذه الاقمشة و لكنها لم تنجح حتي هذا الوقت .
- يا لها من ليلة سيئة !
ثم رفعت عينيها لتري الوجه البرئ الجالس امامها كانت جيني فتاة شقراء مرحة و الحق ان هيلين كانت تعشق العمل معها .
- لنقل انها كانا ليلة متعبة .
رفعت جيني حاجبيها و قالت :
- مع شخص من ظراز جريج أظن الليلة الهادئة تصيب بخيبة أمل اليس كذلك ؟
كانت ابتسامة جيني تدل علي حيوية و سعادة مما جعل هيلين تشعر اكثر ارهاقا و عندئذ سمعت الفتاتان ضوضاء في الناحية الاخري من المحل اي من وراء الستاءة التي تفصل بين الـ اتيليه و المحل فنهضت جيني و قالت و هي تتجه بحماس نحو الطرف الآخر من المحل :
- ستحكين لي كل ما حدث بالتفصيل اثناء تناول الغداء .
كانت تقصد الاحداث التي جرت لها و التي جعلتها تظل طوال الليل ساهرة بلا نوم ارتعدت هيلين بمجرد تذكرها ذلك .
لقد فكرت في حوالي منتصف الليل ان تتصل بشقيقتها في هونج كونج و فعلا اتصلت بها و لكنها عرفت ان سوزان تنوي الخروج مع زوجها لقضاء السهرة في الخارج بعد ان اطمأنت علي اولادها .
و علي الرغم من سعادة سوزان لسماع صوت شقيقتها الا انها ارادت الحديث بسرعة و كان ذلك واضحا و مع ذلك نجحت هيلين في الحصول علي بعض المعلومات من شقيقتها بشأن ماضيها .. و عرفت انها بقيت في فندق هيلتون في هونج كونج لمدة يومين مع شقيقتها قبل السفر الي انجلترا لإجراء العملية ..
و كان جاك انذاك في طوكيو يعمل في احد فروع هونج كونج المؤقتة حتي تستطيع سوزان السفر معه عائدين الي الولايات المتحدة .
و قالت لها سوزان :
- اتتذكرين عندما تكفلت الشركة بكل المصاريفك .. فقد كنت انذاك في حالة سيئة و كنت قلقة جدا بشن الجنين و بشأنك ..
ثم وصلت انت و فوجئت عندئذ بهدوئك و شجاعتك ... و كنت غاية في الضعف و كان شعرك ... ما حدث انك التي طمأنتيني و ليس العكس كما كان مفروضا ... و لكن لماذا تريدين معرفة كل ذلك ؟
اجابت هيلين :
- حسن ... لقد تعرفت علي شخص يدعي انه تقابل معي هناك في العيد ... و انا لا اتذكر ذلك .
- - آه تريدين ان تقولي انك نسيا ذلك ! و انا التي اعتقدت انك تريدين تكتم امر حماقتك هذه ...
- حماقتي ؟
- ممم ... اي ! اعذريني كنت احاول وضع دبوس في شعري بيد واحدة ... و الآن ... نعم ... لم أكن اجرؤ علي الابتعاد عن الفندق حيث كنت اعاني الغثيان ، كما كنت اخشي ان اسبب لك ضيقا و كان يبدو عليك انك تريدين قضاء وقتك كيفما تتمنين ! لذلك اععدت لك بعض النزهات و في اليوم التالي ذهبت لقضاء العيد في الخارج .. و لم تعودي قبل حلول الليل و كان الوقت عندئذ يسمح لك بالكاد باستقلال الطائرة في الصباح .
- سوزان ! لماذا لم تخبريني بذلك ؟
- لانني كنت اعتقد انك تعرفين كل ذلك ! و ما قيمة كل هذا الآن ؟ انها قصة قديمة !
- و لكن ... ربما كنت قلقة ...
- لقد قلت لي يا عزيزتي في المطار قبل سفرك مباشرة : ان العلاج الكيميائي يجعلك عاجزة عن استيعاب بعض التصرفات بصفة مؤقتة .. كانت هذه كلماتك بالحرف الواحد .
- آه !
- و انه لا داعي ان اقلق نفسي في هذه الامور و في نتائجها الصغيرة .
- انا لا اصدق انني قلت كل هذا .
- ارجوك لا تكوني غبية ! لقد كنت تضحكين و قلت لي : انك قضيت اروع ليلة في حياتك ... و كنت سعيدة اثناء ذهابك فقد كنت في الرابعة و العشرين من عمرك و لكنك ناضجة جدا ... و اعتقدت عندئذ انه من حقك ان تستغلي كل لحظة في حياتك قبل استقبال كل ما كان ينتظرك ... لو كنت اعرف وقتها من فتي الاحلام هذا لأعطيته نيشانا و لتذهب توصيات امي الي الجحيم !
اخبريني يا هلين ...
ثم اضافت بجدية :
- هيلين لا تخبري جريج بكل هذا ن فذلك خطأ كبير و نصيحة لا تحاولي ان تعرفي اي شيء عنه او عن ماضيه فلابد ان له بعض المغامرات كأي شاب اخر في مثل سنه و الزواج يا عزيزتي رحلة طويلة يجب ان تبدئيها بصدر رحب !
و علي كل حال بما انك لا تتذكرين اي شيء مما مضي لا داعي إذن لأن تعذبي نفسك بهذه القصة .
بعد انتهاء المكالمة لم تستطيع هيلين ان تهدأ او ان تتخذ قرارا يحدد تصرفاتها المقبلة .. لو تستطيع تذكر ما حدث بينها و بين هيرمان فقط خلال هذا اللقاء القصير ... ربما تتمكن بعد ذلك من نسيانه و لكن فكرة

عدم تذكرها و عدم معرفتها تزعجها امثر و تسبب لها عذابا دائما لدرجة انها اصبحت تشعر انها انسانة غريبة عن نفسها .
و في وقت متأخر من الليل سمعت هيلين جرس الباب فسعدت لعودة صديقتها جيني مبكرة من عملها لابد انها نسيت مفاتيح الثقة و لكنها عندما فتحت الباب وجدت امامها هيرمان و في يده نسخة من قصة ملاك في الظلمات ثم قال لها بسرعة شديدة قبل ان يرحل حتي لا يترك لها الفرصة لأن تعبر عن ضيقها لهذه الزيارة المتأخرة :
- اقرئيها يا هيلين فقد تفهمينني جيدا !
بدأت هيلين تجمع قطع القماش المتناثرة و تشبكها ببعضها بواسطة ابرة الحياكة و كان ذلك عبارة عن بلوفر صوف طبيعي تنفذه من اجل عميل حسب طلبه و عندئذ غرقت في افكارها .و عندما فتحت القصة بعد ذلك بطريقة تلقائية و قعت عينياهاعلي الاهدااء :
الي ملاكي الحارس ... في انتظار لقائنا .
ثم بدأت القصة بينما تعد القهوة و تأثرت كثيرا بكل كلمة لدرجة انها بكت كثيرا .. فقد كانت البطلة تشبهها الي حد كبير و كانت كأنها تؤامها في ادق التفاصيل حتي في اثر الحرق القديم الموجود في باطن قدمها اليسري .
انتهت هيلين من قراءة القصة و هي تتناول فطورها و الغريب انها لم تشعر بالارهاق علي الرغم من هذه الليلة قضتها دون النوم و لكنها كانت تشعر ببعض الارتباك فقط .
و عندئذ ظهرت جيني امامها و هي تقول :
- هناك عميل معجب بأعمالك ... رجل كندي علي ما اعتقد وفقا للهجته هل تقابلينه ام اتولي انا ذلك ؟ انه حقا شاب وسيم جدا .
فانفجرت هيلين في الضحك قائلة :
- تولي انت ذلك فانا مخطوبة ز
خطيبها نعم لا بد ان تتحدث اليه كانت عندما وت الي المحل في الصباح اتصلت بجريج و طلبت منه الحضور لتناول العشاء معها في نفس اليوم ووافق جريج علي الدعوة بعد ان تردد قليلا و لكنه تحدث اليها بصوت جاد و حزين .. من يعرف ربمل\ا يكون قد توصل الي بعض النتائج عقب لقائهما مع هيرمان في الملعي الليلي ؟
- هيلين ؟
ظهر رأس جيني من بين طيلت الستارة و قالت :
- انه يوم حظك فهو يصر علي مقابلة المصممة ن هيا اسرعي !
وضعت هيلين ادوات الحياكة و قامت لتدلف الي المحل في ابتسامة مهذبة و عندئذ قال هيرمان :
- صباح الخير يا هيلين لم اكن اعرف انك تملكين هذه الموهبة .. انها فعلا لوحات حقيقة للفن الحديث .. الم تفكري في اقامة معرض ؟
- هيرمان !
كان صوت هيلين يعبر عن اليأس اكثر من تقبل الامر الواقع .
فقالت جيني بأسف :
- آه .. انت تعرفيه ؟
- ان هيرمان هو شقيق زوجي المقبل ..
- اذن انت هيرمان نايت ؟ الكاتب القصصي ؟ لقد قرأت كل قصصك و اعجبت بها .. هل يمكنك ان تهديني واحدة ؟
- بالتأكيد ، و يمكنك طلب ذلك من هيلين ن فسنتقابل كثيرا خلال الاسابيع المقبلة ..
قالت هيلين :
- يقصد خلال السنوات المقبلة ... كما انك تعرف اننا نرحب بك دائما لزيارتنا ...
- آه ... و لكني اشك في ذلك ..
شعرت هيلين ان صديقتها تتحرق شوقا لمعرفة المزيد ..
إذن فاتغير مجري الحديث بسرعة ..
و اسرعت بقةلها :
- ما الذي أتي بك الي هنا يا هيرمان ؟
- حسن .. لقد جئت لأتحدث معك بشأن البلةفر الذي وعدتني بتصميمه .. ويمكننا التحدث عن هذا بالتاكيد اثناء تناول الغداء معا .
- معذرة لقد احضرت معي طعاما خفيفا لاتناوله هنا فكما قلت لك لدي اعمال كثيرة في هذه الفترة .

- و لكن يجب ان تتناولي طعامك ايضا .. و ليكن ذلك في نزهة في الحديقة الموجودة علي الجانب الآخر من الشارع .. لو كان يضايق جيني ان تتولي مسؤولية المحل وحدها خلال هذه المدة بالتأكيد ..
اسرعت جيني بالأجابة :
- كلا بالتاكيد ! كما انه لا يوجد عملاء كثيرون اليوم .. وسأتناول غذائي فيما بعد هيا اذهبا هيا !
قال هيرمان ساخرا و هو ينظر الي هيلين ك
- سيقينا الشرف من كل شيء !
حاولت هيلين عبثا البحث عن اي حجة تمنعها من الذهاب معه و لكن رفضها سيزيد فضول جيني بالتأكيد ..
و كان هيرمان يستغل هذا الوقت ليراقب الفتاة بعناية و لاحظ ثوبها المصنوع من القطن و كان عاديا جدا و بدون اكمام و لكنه ذو لون اصفر صارخ يلائمها كثيرا و يبرز لون بشرتها الاسمر .
و بعد دقائق قليلة كان الاثناء في طريقهما الي الحديقة بينما كانت هيلين تشغل نفسها بمشاهدة التصميمات الموجودة في المحلات المجاورة و كان هناك الملابس الباهضة الثمن المصممة علي الموضة و الملابس الرخيصة الشعبية .
كان شارع فيكتوريا بارك من الشوارع المميزة بوجود مبان قديمة مع وجود محلات كثيرة و متعددة بجانب الباعة الجوالين الذين يملئون المكان ببضاعتهم .
و اكثر ما كان يشد الانتباه في هذا الشارع محلات الاطعمة المختلفة فكان هناك منتجات مكسيكية و الصينية و الايطالية و عندئذ بدأت معدة هيلين تعترض علي الطعام الخفيف الذي احضرته نعها و المكون من الزبادي و التنفاح . و في النهاية دخل هيرمان محلا لبيع الخبز فاشتري خبزا فرنسيا ثم محلا اخر لبيع الجبن و الفطئر و اثناء لهتمامه بدفع الحساب طلب من هيلين شراء سكين .
و عندما وصلا الي الحديقة وضع هيرمان حقيبة الطعام و كان يحمل في احدى يديه مفرشا من الكتان الاصفر فنظرت هيلين باستغراب فقال لها :
- لقد سقطت الامطار صباح امس و من المحتمل ان يكون العشب مبرر في هذه المنطقة .
- و لكنها مصاريف كثيرة لنزهة صغيرة ن اليس كذلك ؟
و بدون ان تنتظر الاجابة دخلت هيلين الي الحديقة و تبعها هيرمان و االحق ان المفرش كان مهما جدا فقد كان الجو حارا جدا و لاشمس ساطعة لذلك لابد لهما من الجلوس بعيدة عن الشمس و كانت بالتأكيد مبللة و عندما اخرج الطعام من الحقيبة دهشت هيلين كثيرا و لاحظت انه احضر كل شيء فقد احضر دجاجا محمرا و زيتونا اخضر محشو بالفلفل الاحمر و بعض عناقيد النعب االطازجة ,
فقالت عاتبة :
- كأنك احضرت طعاما لكتيبة كاملة .
- انا جوعان ولا اعرف هل لاحظت ذلك ام لا ... فانا لم اكل جديا مساء امس .
- و هل تنوي تناول كل ذلك ؟
و كانت تنظر الي الخبز الرائع الذي يقطعه بيده بعين نهمة ن فقال لها :
- اتجربين معي . اري ذلك في عينيك .
ثم ناولها السكين فلم تتوان عن الموافقة بدون ان تندم علي الزبادي و التفاح اللذين احضرتهما معها .
و دهشت كثيرا عندما شعرت بالسعادة اثناء تناول الطعام في ةوجود هيرمان الذي بدا لها فجاة قريبا منها و لطيفا جدا .
و بينما كانت تنظف يديها بعد الانتهاء من تناول قطعة دجاج قال لها ك
- يبدو انك مرهقة ربما لم تتمكني من النوم جيدا بعد زيارتي المتاخرة لك ؟
- لقد قرأت قصتك .
- طوال الليل ؟
- طوال الليل .
- انت تتملقينني !
- انتظر اولا حتي تعرف رأيي .
- انا متأكد انها اعجبتك .
ثم ناولها كوبا من العصير .
- و لكنني لم اعجب في النهاية لقد انتهت القصة بطريقة غامضة جدا .
- ذلك لأنه لم ينجح في معرفة ما اذا كان هذا الملاك حقيقة ام خيالا ؟ اهذا ما تقصدين ؟
- كن امثر جدية ! ان كل هذا كان من صنع خيال البطل .
- اتعتقدين ذلك ؟
قال لها هيرمان هذه الجملة الاخيرة بابتسامة متعجرفة مما جعلها تدخل في مناقشة حول القصة و السؤال الذي تطرحه هو ك هل الامل و الخيال افض من الاستسلام للمصير ؟
نسيت هيلين تماما انها تتحدث مع المؤلف و بدأت تدافع عن وجهة نظرها بشدة كما لو كانت تعرف طبيعة الشخصيات اكثر منه .
و فجاة قال لها هيرمان :
- انت تتحدثين بجدية و اهتمام شديدين يا هيلين
كان هيرمان مستلقيا علي ظهره فاتحا ازرار قميصه كأنه يريد الاستفادة من اشعة الشمس و كان يبدو من خلال فتحة القميص صدره البرونزي المغطي بشعر اشقر و عندئذ جلست هيلين بجانبه و قالت :
- هذا ما كنت تريده ، اليس كذلك ؟
- و هل تعرفت علي نفسك ؟
- من الناحية المادية نعم ن و لكن البقية كانت من صنع الخيال اعتقد ان هذا البطل المعذب ما هو في الحقيقة الا انت ؟
- لقد طرح هذا السؤال علي كثيرا و لكنني لم اجب عنه اما انت فيمكنني تلاعتراف لك بالحقيقة .. ان كل كتبي تحمل عناصر من حياتي الذاتية و لكن هذا الكتاب حافل بهذه العناصر اكثر من اي كتاب اخر و كما تعرفين لقد كتبته بناء علي حادثة حقيقية و كل ما كنت تشعر به الشخصيات الحقيقية ذكرته في الكتاب اما البقية فقد تكقل الخيال بها ، لقد كان هذا الكتاب اسلوبا جديدا تماما في حياتي لذلك خشيت من فشله و لجأت الي .. الاسم المستعار و الحق انني وضعت عصارة روحي و امالي في هذا الكتاب يا هيلين .. لقد تعبت كثيرا في مواجهة هذه المهمة القاسية لدرجة انني فضلت وجودي في خضم الاحداث المعارك و القنابل تقذف من حولي ! صدقيني يا هيلين عندما يفتش المرء بداخل نفسه يجد وحوشا ضاربة .. و لو كان في النهاية في نظرك غامضة ذلك لأن الحياة نفسها غامضة .. و لن يتوصل الانسان ابدا لفك رموز هذا الغموض و معرفة نفسه علي حقيقتها .

قالت هيلين ساخرة :
- علي الاقل في حالتك كان ذلك مفيدا .. فقد جعلك هذا الكتاب ثريا و شهيرا !
- هل هذه مطالبة مستترة لنصف حقوق مؤلف باعتبارك الوحي الحقيقي للقصة ؟ خذي هذا العنب انه رائع !
كان يتحدث اليها بابتسامة عذبة فأخذت منه هيلين عنقود العنب لتلتهمه في هدوء .
- الم تشعري انك رأيت من قبل بعض فصول هذا الكتاب ؟
- كلا .
- حتي الفصل الخامس ؟
- كلا بالتأكيد !
شعرت فجاة بالدم يتدفق الي وجهها فاخذت تنظف المكان بسرعة .
قال هيرمان :
- انه الفصل الوحيد الذي لم يتدخل فيه الخيال ... و لم الجأ في كتابته الا الذكريات .. التي ظلت محفورة في عقلي .
حاولت هيلين تجنب نظراته و اخذت تضع بقية الطعام في الحقبية فقد كانت احداث الفصل الخامس تجري في احدي حجرات فندق في هونج كونج و كانت مملوءة بالمشاهد الجنسية التي لم تقرأ مثلها ابدا .
و فجأة
بدأت نحلة تطن حولهما و كانت هيلين غارقة في افكارها ثم حطت النحلة علي صدر هيرمان بينما كانت الفتاة تتابعها بنظراتها و عندما نهض هيرمان ليبعد النحلة قفزت الفتاة من مكانها .
- يبدو انك مهتمة بملاحظة الحشرات .. لنتحدث عن الكتاب ثانية ..
- افضل ان نكف عن هذا الحديث .
- تقصدين الفصل الخامس ؟ هل فوجئت بمقدرتي علي كتابة تفاصيل هذه النجربة الخاصة في الكتاب ؟ و لكنني لم اكن استطيع ان افعل غير ذلك حتي لا اخون حقيقة ما كنت اشعر به ! لقد غيرتني هذه التجربة تماما و شعرت بها بداخلي .. عندما اكتشف الحب وز كم كنت سعيدا بهذا الاكتشاف لدرجة انني تمنيت ان يشاركني العالم كله فيه !
نظرت اليه هيلين و كأنها تنظر الي انسان فاقد للأمل نهائيا و عندئذ فهمت السبب لرفضه هذا الوضع الحالي فالعلاقة القائمة بينه و بين اخيه لا تفسر كل شيء لقد صدق بالفعل في كلمة كتها في صفحات الكتاب و خلع علي هيلين صورة الملاك الخاص به .. المرأة المثالية التي صنعها من نسيج خياله و اضفي عليها كل فضائل المرأة .
فوجيء هيرمان بتعبير وجه الفتاة فانفجر ضاحكا و قال :
- اتعتقدين انني مجنون ؟ ضعي نفسك مكاني فقط ! لقد ظللت محبا لامرأة لم تعد ابدا لي لمدة خمسة اعوام .. و بعد كل هذه المدة وجدتها تعطي نفسها للشخص الذي لن يستطيع ابدا منحها الحب الكافي ! ولو كان هو الشخص اخر يا هيلين .. شخصا قادرا علي منحك الحب الذي تحتاجين اليه لكنت تركتك و شأنك .
- اشك في ذلك فأنا اثق بجريج و هو مثله كمثل اي شاب كان صغيرا في السن و من حقه ان يرتكب اي خطأ ..
- ان كلمة خطأ لا تلائم ما ارتكبه جريج .. فالخطأ نرتكبه دون قصد و لكن جريج كان يعرف ما هو مقدم عليه بالضبط و يعرف انه خطأ رهيب و لكنه لا يهتم كثيرا بما فعله في الماضي لذلك كذب عليك .
- كذب علي ؟ ما الذي تريد قوله ؟
- اريد ان اقول يا هيلين ان جريج لم يقع في حب خطيبتي و لكن زوجتي ... و لم يكتف بحبه لها فقط بل اقام معها علاقة دامت طويلا .

الفصل الخامس
- علاقة ... مع اليس ...
كان صوت هيلين مسموعا بصعوبة و فجأة اصبح الجو ثقيلا جدا حولها
ردد هيرمان :
- مع اليس .
- انا ...
لم تجد ما تقوله .. اليس .. لقد فهمت الآن السبب في انه مامن مرة يذكر اسمها الا و يتعكر الجو و السبب عدم ذكر هانا و نيكولا لاسم جريج امام هيرمان و السبب في ان جريج يبدو دائما منزعجا و مقتنعا ان هيرمان لن يسامحه ابدا .
اخرجها صوت هيرمان من افكارها :
- و الآن الا تحاولين الدفاع عن خطيبك ؟
جلس هيرمان و احاط ساقيه بأحدى ذراعيه و اخذ ينظف بقايا الطعام الموجودة علي سرواله بالذراع الاخري و اضاف :
- كنت حتي مساء امس اعتقد انك تعرفين ذلك لقد افترضت ان هنك صراحة متناهية بينك و بين خطيبك !
تمتمت هيلين بوهن :
- نعم .. نعم لو كنت طلبت منه ذلك لكان اخبرني بكل شيء .
- بالتأكيد و كان سيستغل ذلك ليتخلص من احساسه بالذنب و لكن هل تصدقينه بعد ان عرفت انه كذب عليك فيما مضي ؟
- لابد ان قصتك تتسم بالموضوعية و عدم التحيز .
- نعم ذلك لاني نسيت الماضي اما هو فلا و بذلك لا يبحث عن مسامحتي له بل عن مسامحته لنفسه .. و كم دهشت عندما سمعت بقرار زواجه ، فقد كنت اعتقد انه سيحرم نفسه السعادة طوال عمره .
- لم يتوان جريج ابدا عن اتخاذ القرارات الحازمة !
- في مجال الاعمال ، نعم او علي الاقل عندما يعطيه احد ما الدفعة الاولي .
صمت هيلين و ادارت ؤاسها كانت هي و ليس جريج التي اتخذت الخطوة الاولي في بداية علاقتهما .
- هل تريدين معرفة كل القصة يا هيلين ؟
جاهدت لتقول و هي تحول دون الفضول الذي يكاد يلتهمها :
- علي جريج ان يحكي لي القصة بنفسه .
- قد يحاول البعض حماية الاخرين من حقيقة قاسية و جارحة بأي ثمن و لكن الحق ان هذه الحماية تكون اكثر قسوة من الحقيقة نفسها اليس كذلك يا هيلين ؟
سألته الفتاة بصوت مرتعش :
- و هل هذا ما حدث لك ؟
لماذا نطقت بهذه الكلمات ؟ لقد وافقت علي سماعه ، علي سماع ما يعتبره حقيقة .
بدأ هيرمان يتحدث باسلوب يجذب الانتباه فعاد بذاكرته عدة اعوام الي الوراء و كان يجذبها اليه شيئا فشيئا بطريقة اخطر من محاوته استمالتها .
- عندما تزوجت اليس كنا صغيرين في السن و نفيض بالأمل و التفاؤل .. فبدأنا معا في نفس الجريدة و كان بيننا اشياء كثيرة مشتركة .. نفس الذوق ، نفس االطموح ثم تفرق طريقانا و لم تكن اليس قادرة علي القيام بالربورتاجات الضخمة و مع الوقت تحولت الي العمل في الاخبار المثيرة بينما اصررت علي متابعة هذا الطريق الوعر لأعداد الريبورتاجات و في هذه الفترة عرض علي القيام ببعض المهمات الشيقة في الخارج مما جعل شهرتي تخترق الآفاق و عندئذ كنت اتخيل ان زوجنا ناجح جدا .. حيث كانت اليس تبدو سعيدة بإقامتها في اوكلاند و في كل مرة كنت أعود كانت ترحب بي جدا و لم تتبرم ابدا من كثرة غيابي و الحق انني كنت سعيدا بذلك ..
- و كيف اكتشفت الحقيقة ؟ ربما شعرت ببعض الشكوك تجاه جريج و زوجتك ؟
- للأسف لم أحظ بذلك و كنت اعرف ان جريج يهتم بامور اليس في غيابي و في احد الايام عدت علي حين غرة اثر تغير ما في مواعيد رحلات الطيران و عندئذ فهمت الحقيقة .. اذ وجدتها معا في الفراش .. في فراشي .

- آه .. هيرمان ..
- الحق كان ذلك رهيبا و عندما قررت اخيرا ان افكر في الموضوع ثانية بعد هذه الاعوام التي قضيتها هائما علي وجهي حتي انسي .. بدأت اسأل نفسي ماذا لو .. بأختصار ربما ارادا اخباري بالحقيقة بهذه الطريقة ، ربما فكرا في ارغامي علي التصرف بدون ان يتخذ الخطوة الاولي .. فقد كانا يحبان بعضهما منذ عدة اشهر و لكنهما لم يستطيعا البوح لي بذلك و حاولا كثيرا قطع علاقتهما و لكنهما فشلا .
- ثم بعد ؟
- عادت اليس الي عائلتها في سيدني و لم يحاول جريج ان يمنعها من الرحيل .. ولو لمجرد محاولة .
- و انت الم تحاول منعها ؟ اعتقد انك كنت لا تزال تحبها ..
- لقد احببت المرأة التي تزوجتها و لكن اليس لم تكن هذه امرأة و قبل ان ترحل قالت لي : انا تمقت كل ما افعله و انها تشعر بان لا قيمة لها في حياتي و انني جعلتها تصاب بخيبة امل تماما مثلما فعلت معها الصحافة ..
- و مع ذلك ، انها لا تزال تعمل في الصحافة ..
ابتسم هيرمان بضعف و شعرت هيلين بخجل من فضولها .
- هذه قصة اخري يا عزيزتي هيلين .. ان الخيانة لا تقل فظاعة عن محاولة الكذب لأخفائها و اليس عاشت كذبة كبيرة لمدة شهور طويلة لأنها لم تكن تملك الشجاعة للاعتراف بخطئها عندما تزوجتني و سمحت لنفسها ان تتصرف بهذه الطريقة فوافقت علي مبادلة جريج الحب ولو بصفة مؤقتة ولو كانا ولو كانا يريدان تحمل المسؤولية لواجهاني بالحقيقة بدلا من اخفائها و ربما في هذه الحالة لم تكن النهاية لتصل الي هذه المرحلة المأساوية حتي والدي كانا يعرفان الحقيقة و يخفيانها عني لقد اقسمت الا أخذ بالمظاهر بعد ذلك فكانت اليس تبدو محبة جدا لي و كلما اتخيل انها كانت تمارس الحب معب بينما كانت تفكر في شقيقي !
- هيرمان ، انا ...
وضعت هيلين يدها عليه في عطف و لكنها سرعان ما سحبتها بينما انفجر هيرمان في الضحك قائلا :
- انا لست في حاجة الي شفقة احد يا هيلين حتي انا لا ابالي بهذه القصة مطلقا لقد خدعتني اليس و خدعت جريج و خدعت نفسها كما انني كنت اقل منهما معاناة فنسيت كل ذلك و اطلقت العنان لطموحي و بذلك اصبحت بسرعة شديدة ثريا و شهيرا و لكنني تركت الفراغ يضع بصمته في حياتي و نسيت نفسي في هضم امالي و حماسي لدرجة انني خشيت ان افقد احساساتي حتي اصل الي مرحلة العجز عن الكتابة و كنت الجأ انذاك الي الكحوليات لكي استرد حيوتي و فجأة بينما كنت اظن انني فقدت كل شيء وجدت من جديد سعادتي و براءتي ..
شعرت هيلين بالدوار نتيجة جلوسها في الشمس كل هذا الوقت .. من المؤكد ان ذلك بسبب حرارة الشمس و ربما كان بسبب نظراته الثاقبة التي تتسلل الي قلبها و الس اسرارها التي تجهلها بنفسها ..
- لقد منحتني الحياة من جديد يا هيلين في هذه الليلة و شعرت انني مازلت انبض بالأحاسيس .. فهل ترين حبي لك غريبا بعد كل هذا ؟
ثم لمس رأسها بخفة و رقة .
- ان شعرك يكاد يحترق .. انت ايضا تشعرين بشيء ما اليس كذلك يا هيلين ؟ شيء ما يربطك بي .
- نعم ..
هزت الفتاة راسها لتعبد يد هيرمان عنها و لكن هيهات بينما اغرورقت عيناها بالدموع .
- كلا ، كلا ، لا تبكي يا حبيبتي .
ثم ابعد يده عنها و لاحظت هيلين انها تتمني لو يبدو لها اكثر حنانا .. او حتي يجذبها بين ذراعيه ان ينتصر علي الخوف الذي يسيطر عليها .. شعور غريب بالرغبة يملأ تفكيرها .
قفزت هيلين و نهضت من مكانها و هي ترتعش و تشعر بالخجل فسألها هيرمان و هو ينهض بدوره :
- ماذا بك ؟
- انا ... لا تلمسني ! ان ذلك يضايقني .
اشرق وجه هيرمان بابتسامة اضاعت تعبير القلق الذي كان يرتسم علي وجهه .
- و ربما العكس ! و لكن ماذا حدث ؟ هل تذكرت اي شيء فجأة ؟
- انت انسان جذاب يا هيرمان بكل تأكيد و لكن هل تعرف ما اكثر شيء يجذبني فيك ؟ انك تششبه الشخص الوحيد الذي احبه ، ربما كانت لي معك مغامرة في الماضي ... و لكن مستقبلي مع جريج .
غادرت هيلين المكان بسرعة و تركته وحيدا ثم ندمت علي قسوتها هذه و فكرت في العودة اليه لتقديم اعتذارها و لكنها عجزت عن ذلك و بدت لها فترة ما بعد الظهر طويلة جدا ..
فكيف ستقابل جريج ؟ و كيف تتحدث اليه ؟ هل تبدأ حديثها معه باعترافها هي ام اعتراف جريج بنفسه ؟
حان الوقت المنتظر ولا داعي اذن لطرح هذه الاسئلة علي نفسها .
و عندما وصل جريج لديها رأي علي الفور بعد ان قبلها قصة ملاك في الظلمات موضوعة علي المنضدة فقال لها دهشا وهو يتقدم ليمسك بالقصة :
- لقد قلت لي انك لم تقرئي قصة هيرمان ؟
شعرت هيلين ان الارض تميد تحت قدميها ن فلو قرأ الاهداء قبل ان تشرح له الامر بنفسها ..
- انها الحقيقة ، لقد احصر لي هيرمان هذه القصة مساء امس و ..
- مساء امس ؟
تجمد جريج في مكانه بينما لمعت عيناه بالشك و الريبة .
- لقد حضر الي .. بعد عودتي بقليل ... و طل مني ان اقرا هذه القصة لأن .. لا بد ...
لم يتركها جريج تواصل حديثها .
- لقد اخبرك بكل شيء اليس كذلك ؟ كنت اعرف انه لن يقاوم ... لقد اخبرك بأمر اليس ؟
- بما انك كنت تظن انه سيخبرني بكل شيء لماذا لم تأخذ انت الخطوة الاولي ؟ علي الاقل كنت اخذت استعدادي لذلك .
- كنت انوي ذلك .. ولو انني كنت في حيرة كيف اخبرك بهذا ؟

فكرت هيلين حزينة للمرة الثانية يبدو عاجزا عن عمل اي شيء و لكنها فهمت انه ليس مطالبا بتوضيح الأمر لها زز الم تخف عنه هي ايضا ما حدث بينها و بين هيرمان ؟
ثم استدارت نحوه خاضعة و عندئذ قال لها :
- كنت اعرف انني لابد ان اخبرك بكل شيء عاجلا ام اجلا و لكنني اعتقدت ان الانتظار افضل و فضلت اولا الحديث مع هيرمان فلا احد يعرف بهذه القصة و بسبب الانفصال هيرمان و زوجته عدا والدينا .. كان اتفاقا صامتا بيننا و ربما كان هيرمان ينزعج بخرق الاتفاق ..
اعترضت هيلين :
- لم اكن انوي الصياح بهذا الاعتراف .
- لم ارد قول هذا ، و لكن .. الحقيقة خشيت ان يؤثر ذلك علي علاقتنا كما ان هيرمان كان يبدو كأنه لا يعلق اية اهمية علي هذا الموضوع لذلك فضلت الانتظار .. و لا اعرف ما السبب في انفجار غضبه فجأة مساء امس .. ان كل ما كان يعنيه في الامر هو : الكذب .
شعرت هيلين ان وقت الاعتلااف قد حان و فتحت فمها لتتحدث و لكنه بادرها بقوله :
- ربما تحتقرينني .. تحتقرين الانسان الذي ينتظر عقابه و الذي يبدو قويا في الخارج و ضعيفا في الداخل .
فجأة شعرت هيلين بالشفقة نحوه يا له من شخص مسكين جريج انه لن يسامح نفسه ! فهل تفعل هي ذلك بدلا منه ؟
- اعتقد ان الامر كان رهيبا بالنسبة لكم جميعا ، و حقا انا حزينة لذلك يا جريج ..
- انت لا تريدين الزواج مني يا هيلين ؟
- كلا بالتأكيد يا جريج فأنا لست حزينة علي ذلك .
ثم تقدمت نحوه و احاطت كتفيه بذراعيها .
- انا حزينة علي الالم الذي شعرت به .. كما انني لن افكر ابدا في إلغاء فكرة زواجنا لشيء ما حدث في الماضي عندما كنت انا نفسي صغيرة !
فجذبها نحوه بشدة و قال لها :
- اشكرك يا عزيزتي اعتقد ان هيرمان جعلني ابو سيئا جدا ..
- لقد قال لي في الحقيقة انه لا يبالي بهذه القصة مطلقا .
ثم اخبرته بكل ما قاله لها هيرمان و بعد ان انتهت من حديثها شعر جريج بالهدوء و بدا مذهولا جدا .
- اتعرفين ان اليس وحدها هي التي تحتاج الي الشفقة والرحمة لقد كانت تتمني ان تترك عملها لتتفرغ لبناء اسرتها و لكن هيرمان لم يكن يريد الاستماع اليها و اكن سعيدا بتجواله في جميع انحاء العالم و بينما كان ينتقل بين القطبين كانت اليس مريضة بالقلق و لم أكن في البداية سوى مجرد صديق بالنسبة لها شخص تعتمد عليه ، ثم تطورت علاقتنا بدون ان ندري و في يوم فقدنا عقلنا ..
- و لماذا لم تطلب الانفصال عنه مادامت الأمور قد تأزمت بينهما ؟
- كانت اليس لا تزال تحبه و لكن ليس كزوج بالتأكيد و في البداية شعرت انها ممزقة و كانت تتمني ان تصل معه الي حل لمشكلاتها ، و بينما كان في الخارج كانت قد قررت ان تنهي حياتها معه و تضع حدا لمأساتها و لكن بمجرد عودته غرقت في الحزن من جديد و تمنت لو امكنها انقاذ اي شيء في علاقتهما .
شعرت هيلين ان اليس كانت مذنبة و مسؤولة عن كل هذا و ربما لو كانت تصرفت بشجاعة لاستطاع جريج ان يتخلص من تردده .
ثم قال لها :
- أحمد الله انك لست من هذا الطراز و الحق انني كنت افتقد النضج في هذه الفترة حتي ازج بنفسي في قصة كهذه و لا اعرف ما الذي يمكنني عمله لو فقدتك يا هيلين ؟
لقد ملأت علي حياتي و جعلتني افهم ما كنت حقا في حاجة اليه ... الحب ، المنزل الاطفال و عندما عاد هيرمان شعرت ان كل الشياطين القديمة قد ظهرت في حياتي من جديد و لكنه لن يفرق بيننا و سنمنعه من ذلك اليس كذلك يا عزيزتي ؟
- بلي بالتأكيد !
شعلات هيلين بالضيق لرؤيته ضعيفا بهذه الصورة و لكنها لن تعيب عليه احساسه المرهف و عليها هي ايضا ان تريح ضميرها و لكنها علي الرغم من حزنها لتأجيل اعترافها الا انها لا تستطيع مفاجاة جريج بضربة ثانية الآن .
ان هيرمان نايت شبح لابد لها من التخلص منه نهائيا و لكن سيتم في وقته و علي طريقتها .
و هيلين ليست الملاك الذي يبحث عنه و يجب علي هيرمان فهم ذلك اراد او لم يرد .

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلة عابرة, another time, المركز الدولي, روايات, روايات مكتوبة, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير الجديدة, شلالات القمر, سوزان نابيير, susan napier, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:02 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية